• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / سيرة
علامة باركود

غزوة حنين (2)

غزوة حنين (2)
د. أمين بن عبدالله الشقاوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/11/2018 ميلادي - 7/3/1440 هجري

الزيارات: 19422

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

غزوة حنين (2)

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد:

فاستكمالًا للحديث عن غزوة حنين: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه العباس رضي الله عنه، وكان رجلًا صيِّتًا[1]: «يَا عَبَّاسُ! نَادِ أَصْحَابَ السَّمُرَةِ»[2].

 

وفي رواية أخرى قال أنس رضي الله عنه: فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا لَلْمُهَاجِرِينَ! يَا لَلْمُهَاجِرِينَ»، ثم قال: «يَا لَلأَنْصَارِ! يَا لَلأَنْصَارِ»[3].

 

فلما سمع المسلمون نداء العباس رضي الله عنه أقبلوا، وهم يقولون: لبيك لبيك.

 

ويذهب الرجل ليُثني بعيره، فلا يقدر على ذلك، فيأخذ درعه، فيقذفها في عنقه، ويأخذ سيفه وتُرسه، ويقتحم عن بعيره، ويُخلِّي سبيله، فيؤم[4] الصوت حتى ينتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم[5].

 

قال العباس رضي الله عنه: «فوالله لكأن عطفتهم[6]، حين سمعوا صوتي، عطفة البقر على أولادها»[7].

 

وتجالد الناس مجالدة شديدة، وأشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من على بغلته كالمتطاول عليها ينظر إلى قتالهم، ثم قال: «الآنَ حَمِيَ الْوَطِيسُ»[8]. ثم أخذ حصيات[9] فرمى بهن وجوه الكفار، وقال: «شَاهَتِ الْوُجُوهُ»، فلم يبق منهم أحدٌ إلا امتلأت عيناه وفمه ترابًا[10].

 

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انْهَزَمُوا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، انْهَزَمُوا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ»[11].

 

ثم أيد الله چ رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بأن أنزل ملائكته لإرهاب الكفار، فقال تعالى: ﴿ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ * ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة:25 - 27].

 

روى الإمام الذهبي بسند جيد عن عبدالرحمن مولى أم برثن، عمن شهد حنينًا كافرًا، قال: لما التقيا والمسلمون لم يقوموا لنا حلب شاةٍ، فجئنا نهش سيوفنا بين يدي رسول الله، حتى إذا غشيناه إذا بيننا وبينه رجال حسان الوجوه، فقال: شاهت الوجوه، فارجعوا، فهُزمنا من ذلك الكلام[12].

 

وروى الإمام أحمد في مسنده عن يعلى بن عطاء قال: فحدثني أبناؤهم، عن آبائهم، أنهم قالوا: «وَسَمعْنِا صَلْصَلَةً[13] بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ كَإِمْرَارِ الْحَدِيدِ عَلَى الطِّسْتِ الْجَدِيدِ، فَهَزمَهُمُ اللهُ»[14].

 

روى ابن إسحاق في السيرة عن ابن عباس رضي الله عنه قال: ولم تقاتل الملائكة في يوم سوى بدر من الأيام، وكانوا يكونون فيما سواه من الأيام عددًا ومددًا لا يضربون[15].

 

متابعة الكفار:

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال يومئذ: «مَنْ قَتَلَ كَافِرًا[16]، فَلَهُ سَلَبُهُ»، فقتل أبو طلحة الأنصاري رضي الله عنه يومئذ عشرين رجلًا، وأخذ أسلابهم[17].

 

شجاعة أم سليم رضي الله عنها:

وكانت أم سليم رضي الله عنها - والدة أنس بن مالك رضي الله عنه، وزوج أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه - قد خرجت مع زوجها، وكان معها خنجر، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أنس رضي الله عنه قال: أن أم سليم اتخذت يوم حنين خنجرًا، فكان معها، فرآها أبو طلحة، فقال: يا رسول الله! هذه أم سليم معها خنجر، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا هَذَا الْخِنْجَرُ؟».

 

قالت: اتخذته، إن دنا مني أحد من المشركين بقرت[18] به بطنه، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك، ثم قالت رضي الله عنها: يا رسول الله! اقتل من بعدنا من الطلقاء انهزموا بك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ كَفَى وَأَحْسَنَ»[19].

 

قصة صاحب الجمل الأحمر:

قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: «... وكان أمام هوازن رجل ضخم على جمل أحمر، في يده راية سوداء في رأس رمح طويل له أمام الناس، وهوازن خلفه، فإذا أدرك طعن برمحه، وإذا فاته الناس رفع لمن وراءه فاتبعوه، فرصد[20] له علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ورجل من الأنصار، كلاهما يريده، فضرب علي رضي الله عنه عرقوبي[21] الجمل، فوقع على عجزه[22]، وضرب الأنصاري ساقه، فطرح قدمه بنصف ساقه، فوقع، واقتتل الناس حتى كانت الهزيمة[23].

 

أبو قتادة رضي الله عنه وقتيله:

ونفَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ أبا قتادة الحارث بن ربعي رضي الله عنه، سلب رجل قتله، فقد أخرج الشيخان في صحيحيهما عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ حُنَيْنٍ فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ، قَالَ: فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عَلَا[24] رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَدَرْتُ إِليهِ حَتَّى أَتَيْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ فَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ، وَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَأَرْسَلَنِي، فَلَحِقْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَقَالَ: مَا للنَّاسِ؟ قُلتُ: أَمْرُ اللهِ ﮎ، ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ رَجَعُوا[25]، وَجَلَسَ النَّبِيُ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلْبُهُ»، فَقُمْتُ، فَقُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي؟ ثُمَّ جَلَسْتُ، ثُمَّ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقُمْتُ فَقُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي؟ ثُمَّ جَلَسْتُ، ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ الثَّالِثَةَ، فَقُمْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا لَكَ يَا أَبَا قَتَادَةَ؟» فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْم: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللهِ، وَسَلْبُ ذَلِكَ الْقَتِيلِ عِنْدِي فَأَرْضِهِ مِنْ حَقِّهِ».

 

فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: لاها الله![26] إذًا لا يعمد[27] إلى أسد من أُسد الله، يقاتل عن الله، وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، فيعطيك سلبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صَدَقَ فَأَعْطِهِ إِيَّاهُ».

 

قال أبو قتادة: فأعطاني، فبعت الدرع، فابتعت[28] به مخرفًا[29] في بني سلمة[30]، فإنه لأول مالٍ تأثلته[31] في الإسلام[32].

 

قال الإمام البغوي في شرح السنة: «وفي الحديث دليل على أن كل مسلم قتل مشركًا في القتال يستحق سلبه من بين سائر الغانمين، وأن السلب لا يُخمس قل ذلك أم كثر، روى مسلم في صحيحه أن سلمة بن الأكوع قتل مشركًا، فجاء بجمله يقوده عليه رحله وسلاحه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَتَلَ الرَّجُلَ؟»، قالوا: ابن الأكوع، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَهُ سَلَبُهُ أَجْمَعُ»[33]. وسواء نادى الإمام بذلك أو لم يناد، وسواء كان القاتل بارز المقتول، أو لم يبارزه؛ لأن أبا قتادة قتل القتيل قبل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلا فَلَهُ سَلْبُهُ»، ولم يكن بينهما مبارزة، ثم جعل النبي صلى الله عليه وسلم جميع سلبه له، فكان ذلك القول من الرسول صلى الله عليه وسلم شرع حُكْمٍ، وهذا قول جماعة من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم، وإليه ذهب الأوزاعي والشافعي[34].

 

شدة سلمة بن الأكوع رضي الله عنه:

روى الإمام مسلم في صحيحه عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هوازن، فبينا نحن نتضحى[35] مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل على جمل أحمر، فأناخه[36]، ثم انتزع طلقًا[37] من حقبه[38] فقيد به الجمل، ثم تقدم يتغدى مع القوم، وجعل ينظر، وفينا ضعفة ورقة في الظهر[39]، وبعضنا مشاة، إذ خرج يشتد، فأتى جمله، فأطلق قيده، ثم أناخه وقعد عليه، فأثاره، فاشتد به الجمل، [وهو طليعة[40] للكفار]، فاتَّبعه رجل على ناقة ورقاء[41]، قال سلمة رضي الله عنها: وخرجت أشتدُّ، فكنت عند ورك[42] الناقة، ثم تقدمت حتى كنت عند ورك الجمل، ثم تقدمت حتى أخذت بخطام[43] الجمل فأنخته، فلما وضع ركبته في الأرض اخترطت[44] سيفي، فضربت رأس الرجل، فندر[45]، ثم جئت بالجمل أقوده، عليه رحله وسلاحه، فاستقبلني رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس معه، فقال: «مَنْ قَتَلَ الرَّجُلَ؟».

 

قالوا: ابن الأكوع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَهُ سَلَبُهُ أَجْمَعُ»[46].

 

الرسول صلى الله عليه وسلم يبحث عن خالد بن الوليد رضي الله عنه:

تقدم في بداية أمر حنين هزيمة المسلمين، وأن هوازن استطاعت من خلال الكمائن أن تضرب مقدمة المسلمين مما أدى إلى فرارهم، ومن بين الذين جُرحوا وسقطوا من شدة الجراح خالد بن الوليد رضي الله عنه، فلما أنزل الله نصره على المؤمنين، وفرت هوازن، أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن خالد بن الوليد رضي الله عنه، فقد روى ابن حبان في صحيحه بسند صحيح عن عبدالرحمٰن بن أزهر رضي الله عنه قال: أن خالد بن الوليد رضي الله عنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، فكان على خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: «مَنْ يَدُلُّ عَلَى رَحْلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ؟».

 

قال ابن الأزهر: فمشيت، أو قال: سعيت بين يديه، وأنا محتلم أقول: من يدل على رحل خالد بن الوليد؟

حتى دُللنا على رحله، فإذا هو قاعد مستند إلى مؤخر رحله، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر إلى جرحه، قال الزهري: وحسبت أنه قال: ونفث فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم[47].

 

وظل المسلمون يتبعون الكفار حتى تفرقوا في كل وجه، لا يلوي أحد على أحد، وأسلم عند ذلك ناس كثير من أهل مكة - وهم الطلقاء - لما رأوا من نصر الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم، وأنزل الله تعالى في يوم حنين قوله تعالى: ﴿ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ * ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 25 - 26].

 

وهكذا انهزم الكفار هزيمة منكرة، وغَنِمَ المسلمون نساءهم وذراريهم وأنعامهم.

 

مطاردة الكفار وسرية أبي عامر رضي الله عنه إلى أوطاس:

وكان سببها أن هوازن لما انهزمت ذهبت فرقة منهم فيهم رئيسهم مالك بن عوف النصري، فلجؤوا إلى الطائف، فتحصنوا بها، وسارت فرقة فعسكروا بمكان يقال له أوطاس، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم سرية من أصحابه بقيادة أبي عامر الأشعري رضي الله عنه، وهو عم[48] أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، فقد أخرج الشيخان في صحيحيهما عن أبي موسى رضي الله عنه أنه قال: لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين، بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس، فلقي دُريد بن الصمة فقتل[49] دريد، وهزم الله أصحابه، قال أبو موسى رضي الله عنه: وبعثني مع أبي عامر فرُمي أبو عامر في ركبته، رماه جُشمي[50] بسهم فأثبته في ركبته، فانتهيت إليه، فقلت: يا عم من رماك؟

 

فأشار أبو عامر إلى أبي موسى، فقال: إن ذاك قاتلي تراه ذلك الذي رماني، فقصدت له فاعتمدته فلحقته، فلما رآني ولى عني ذاهبًا فاتبعته، وجعلت أقول له: ألا تستحي؟ ألست عربيًا؟ ألا تثبت؟ فكف، فاختلفنا ضربتين بالسيف فقتلته، ثم رجعت إلى أبي عامر، فقلت: إن الله قد قتل صاحبك، قال: فانزع هذا السهم، فنزعته فنزا[51] منه الماء، فقال: يا ابن أخي، انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقرئه مني السلام، وقل له: يقول لك أبو عامر: استغفر لي.

 

قال أبو موسى رضي الله عنه: واستعملني أبو عامر على الناس، ومكث يسيرًا، ثم إنه مات، فلما مات رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فدخلت عليه، وهو في بيت على سرير مرمل[52]، وعليه فراش، وقد أثر رمال السرير بظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وجنبيه، فأخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر، وقلت له: قال: قل له يستغفر لي، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فتوضأ منه، ثم رفع يديه، ثم قال: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِر»، حتى رأيت بياض إبطيه، ثم قال: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ مِنَ النَّاسِ»، فقلت: ولي يا رسول الله! فاستغفر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ، وَأَدْخِلْهُ مُدْخَلًا كَرِيمًا»[53].

 

جمع الغنائم:

وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغنائم، فجمعت، وكان السبي ستة آلاف من النساء والأطفال، والإبل أربعة وعشرون ألفًا، والغنم أكثر من أربعين ألف شاة، وأربعة آلاف أوقية فضة، فجعل عليها مسعود بن عمرو الغفاري رضي الله عنه، ثم أمر بها فحُبست بالجعرانة، ولم يقسمها حتى انصرف من غزوة الطائف[54].

 

شهداء المسلمين في غزوة حنين:

كانت خسارة المسلمين طفيفة جدًّا، فقد استشهد من المسلمين يوم حنين أربعة نفر، وهم: أيمن بن عبيد ابن أم أيمن، ويزيد بن زمعة الأسدي، وسراقة بن الحارث الأنصاري، وأبو عامر الأشعري أمير سرية أوطاس رضي الله عنهم جميعًا[55].

 

وجُرح منهم: عبد الله بن أبي أوفى، فقد روى الإمام البخاري في صحيحه عن إسماعيل قال: رأيت بيد ابن أبي أوفى ضربة، قال: ضُربتها مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين[56].

 

وجُرح كذلك خالد بن الوليد رضي الله عنه كما تقدم[57].

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



[1] صيِّتًا: أي شديد الصوت عاليه. انظر النهاية (3/ 60).

[2] أخرج ذلك مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب في غزوة حنين برقم 1775، قال النووي في شرح مسلم (12/ 98): السمرة: بفتح السين وضم الميم: هي الشجرة التي بايعوا تحتها بيعة الرضوان، ومعناه: ناد أهل بيعة الرضوان يوم الحديبية.

[3] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام برقم 1059 / 136.

[4] أم: بفتح الهمزة: أي قصد. انظر النهاية (1/ 70).

[5] انظر سيرة ابن هشام (4/ 95).

[6] عطف عليه: رجع عليه. انظر لسان العرب (9/ 268).

[7] أخرج ذلك مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب في غزوة حنين برقم 1775.

[8] حميَ الوطيس: أي حمي الضراب وجدّت الحرب، واشتدت، انظر لسان العرب (15/ 336).

[9] وفي رواية أخرى في صحيح مسلم برقم 1777: ثم قبض قبضة من تراب الأرض.

[10] أخرج ذلك الإمام مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب في غزوة حنين برقم 1775، 1776، 1777، وأحمد في مسنده برقم 22467.

[11] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب في غزوة حنين، برقم 1775.

[12] أورد ذلك الإمام الذهبي في تاريخ الإسلام (1/ 354) وجَوّد إسناده.

[13] الصلصلة: صوت الحديد إذا حُرِّك. انظر النهاية (3/ 43).

[14] أخرجه الإمام أحمد في مسنده برقم 22467، وقال محققوه: حسن لغيره.

[15] انظر سيرة ابن هشام (2/ 245)، تفسير البغوي (1/ 412).

[16] في رواية الطحاوي في شرح مشكل الآثار: «مشتركًا».

[17] أخرج ذلك ابن حبان في صحيحه، كتاب السير، باب الغنائم برقم 4836، وأحمد في مسنده (19/ 266) برقم 12236، وقال محققوه: إسناده صحيح على شرط مسلم.

[18] البَقْرُ: بفتح الباب وسكون القاف: الشق، انظر النهاية (1/ 143).

[19] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد السير، باب غزوة النساء مع الرجال برقم 1809.

[20] رصده: راقبه، انظر لسان العرب (5/ 223).

[21] العُرقوب: هو الوتر الذي خلف الكعبين بين مفصل القدم والساق، انظر النهاية (3/ 200).

[22] العجز: بفتح العين وضم الجيم: هو مؤخر الشيء، انظر النهاية (3/ 168).

[23] أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده برقم 15027، وقال محققوه: إسناده حسن.

[24] قال الحافظ في الفتح (8/ 37) علا: ظهر.

[25] قال الحافظ في الفتح (8/ 37): في السياق حذف، بينته الرواة الثانية حيث قال: فتحلل ودفعته، ثم قتلته، وانهزم المسلمون، وانهزمت معهم، فإذا عمر بن الخطاب.

[26] قال الحافظ في الفتح (8/ 38): المعنى: لا والله.

[27] قال الحافظ في الفتح (8/ 39): أي لا يقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل كأنه أسدٌ في الشجاعة يقاتل عن دين الله ورسوله فيأخذ حقه ويعطيكه بغير طيبة من نفسه.

[28] ابتاع الشيء: اشتراه، انظر لسان العرب (1/ 557).

[29] قال الحافظ في الفتح (8/ 40)، المخرف: بفتح الميم والراء: أي بستانًا.

[30] قال الحافظ في الفتح (8/ 41)، سلمة: بكسر اللام: وهم بطن من الأنصار، وهم قوم أبي قتادة.

[31] تأثلته: أي جمعته. انظر النهاية (1/ 27).

[32] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب قول الله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ ﴾ [التوبة: 25] برقم 4321، 4322، ومسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب استحقاق القاتل سلب القتيل برقم 1751.

[33] أخرج هذا الحديث الإمام مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب استحقاق القاتل سلب القتيل برقم 1754.

[34] انظر شرح السنة (11/ 107).

[35] نتضحى: أي نتغدى، انظر النهاية (3/ 70).

[36] أناخ الإبل: أبركها فبركت، انظر لسان العرب (14/ 321).

[37] الطلق: بالتحريك: الحبل من جلود، انظر النهاية (3/ 122).

[38] حقبه: أي الحبل المشدود على حقو البعير، أو من حقيبته، وهي الزيادة التي تجعل في مؤخر القتب، والوعاء الذي يجمع الرجل فيه زاده، انظر النهاية (1/ 395).

[39] الظهر: الإبل التي يحمل عليها وتركب، انظر النهاية (3/ 151).

[40] الطليعة: الجاسوس، انظر النهاية (3/ 121).

[41] ورقاء: أي سمراء، انظر النهاية (5/ 153).

[42] الورك: ما فوق الفخذ، انظر النهاية (5/ 153).

[43] خطام الناقة: أن يؤخذ حبل من ليف أو شعر أو كتان، فيجعل في أحد طرفيه حلقة، ثم يشد فيه الطرف الآخر حتى يصير كالحلقة، ثم تقاد الناقة، انظر النهاية (2/ 48).

[44] اخترط سيفه: أي سله من غمده، انظر النهاية (2/ 23).

[45] ندر: سقط ووقع، انظر النهاية (5/ 30).

[46] أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب استحقاق القاتل سلب القتيل برقم 1754.

[47] أخرجه ابن حبان في صحيحه، كتاب إخباره صلى الله عليه وسلم عن مناقب الصحابة، باب ذكر خالد بن الوليد رضي الله عنه برقم 7048، وقال محققوه: صحيح لغيره.

[48] وقع عند ابن إسحاق في السيرة (4/ 105): ابن عمه، قال الحافظ في الفتح (8/ 42): والأول - أي رواية الشيخين في صحيحيهما - أشهر.

[49] اختلف في قاتل دريد بن الصمة: فعند ابن إسحاق في السيرة (4/ 103): أنه ربيعة بن رفيع السلمي. وأورد الحافظ في الفتح (8/ 42): بأن قاتله هو الزبير بن العوام رضي الله عنه، وساق الحديث، وقد رواه البزار بإسناد حسن.

[50] قال الحافظ في الفتح (8/ 43): جُشمي: بضم الجيم وفتح الشين: أي رجل من جُشم.

[51] قال الحافظ في الفتح (8/ 43): فنزا: أي انصب.

[52] مُرمل: أي معمول بالرمال، وهي حبال الحصر، ولم يكن على السرير وطاء سوى الحصير. انظر فتح الباري (8/ 43)، النهاية (2/ 241).

[53] أخرج ذلك البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب غزوة أوطاس برقم 4323، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي موسى وأبي عامر الأشعري رضي الله عنه برقم 2498.

[54] انظر سيرة ابن هشام (4/ 110)، الطبقات الكبرى لابن سعد (2/ 326).

[55] البداية والنهاية لابن كثير رحمه الله (7/ 50).

[56] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب قول الله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ ﴾ [التوبة: 25]، برقم 4314.

[57] أحداث هذه الغزوة مستفادة من كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون للشيخ موسى العازمي (4/ 123-137) مع حذف واختصار.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • غزوة حنين (1)
  • فوائد ومسائل فقهية من غزوة حنين (1)
  • غزوة حمراء الأسد: أحداث ودلالات
  • دروس غزوة حنين والطائف وتبوك
  • القرآن يذكر غزوة حنين
  • قسمة غنائم حنين

مختارات من الشبكة

  • غزوة تبوك أو العسرة(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • غزوة حمراء الأسد والرجيع ورعل وذكوان وبئر معونة وغزوة بني المصطلق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غزوة ذات السلاسل وغزوة الخبط(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • غزوة السويق وغزوة ذي أمر(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • موسوعة المتسابقين في السيرة النبوية (7)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خاتم النبيين (21) بعض الأحداث بين أحد والخندق (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خاتم النبيين (18) غزوة أحد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دروس غزوة أحد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غزوة مؤتة (1)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • موسوعة المتسابقين في السيرة النبوية (8)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب