• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

تفسير الربع الرابع من سورة النساء بأسلوب بسيط

رامي حنفي محمود

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/2/2015 ميلادي - 24/4/1436 هجري

الزيارات: 22557

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سلسلة كيف نفهم القرآن؟[1]

الربع الرابع من سورة النساء


الآية 36: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ ﴾ وحده، وانقادوا له في جميع أوامره، واعلم أنّ العبادة قد عرَّفها ابن تَيْمِيَة رحمه الله بأنها: (هي اسمٌ جامع لكل ما يُحبه اللهُ ويَرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة)، وعَرَّفها ابن القَيِّم رحمه الله بأنها: (هي كمال الحب مع كمال الذل)، وحتى تحقق ذلك بإذن الله تعالى: لا بد أن تتذكر نعم الله عليك حتى تحب اللهَ تعالى، ثم تتذكر أنك تقابل هذه النعم بالمعاصي، فتكره نفسك الأمَّارة بالسوء، فحينها تذِلّ لله تعالى وتنكسر بين يديه قائلاً: (أبوءُ لك بنعمتك عليَّ وأبوءُ بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت)، هذه هي بداية الطريق إلى الله، لأنّ رؤية النعم ورؤية الذنوب تستوجبُ الذلَّ والانكسار والفقر التام بين يدي الله تعالى، والتوبة إليه سبحانه في كل وقت، فلا ترى نفسك إلا مٌفلساً، وأنه لو تخلى عنك سبحانه طرفة عين: لهَلَكْتَ وخَسِرتَ خسارةً لا تُجبَرُ إلا أن يَتداركك الله برحمته.


• هذا، وقد جَمَعَ النبي صلى الله عليه وسلم بين رؤية النعم ورؤية الذنوب حينما كان يقول: (سبحان الله وبِحَمدِه أستغفرُ اللهَ وأتوبُ إليه)، عِلماً بأن (سبحان الله وبحمده) تعادل في المعنى (سبحان الله والحمد لله)، وقد كان أحد السلف دائماً يقول: (الحمد لله أستغفر الله)، فقال له أحد جُلَسائِه: (ألاَ تُحسِنُ غيرَ هذا؟)، فقال له: (بل أُحسِنُ الكثير، ولكنني رأيتُني أتقلبُ بين نعمةٍ وذنب)، فهو بذلك يُعِدُّ حمداً كثيراً ليساعده في سؤال النعم، كما يُعِدُّ استغفاراً كثيراً ليساعده في سؤال الذنوب.


﴿ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ﴾ لا شِركاً أصغر (كالرياء والحلف بغير الله)، ولا شركاً أكبر (كَشِرك العبادة)، فلا يُشركون معه مَلَكاً ولا نبياً ولا ولياً ولا غيرهم من المخلوقين الذين لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، ولا موتاً ولا حياةً ولا نُشوراً (والنشور هو البعث بعد الموت)، واعلم أن الله لا يَغفر أن يُشرَكَ به (إلا إذا تاب العبد من الشرك قبلَ موتِه).


﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾: يعني: وعليكم بتأدية حقوق الوالدين (وذلك بالقول الكريم اللَيِّن، وبطاعة أمْرهما - في غير معصية الله - وبالإنفاق عليهما، وإكرام صديقهما ومَن له تعلق بهما، وصلة رَحِمِهما، والدعاء لهما، وطلب رِضاهما)، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رضا الرب في رضا الوالدين، وسخطه في سخطهما) (والحديث في صحيح الجامع برقم: 3507)، فاعلم أنه لن يَرضى عنك الله سبحانه وتعالى حتى يَرضى عنك والداك (ولو كنتَ أعبَد أهل الأرض)، ﴿ وَبِذِي الْقُرْبَى ﴾ إِحْسَانًا ﴿ وَالْيَتَامَى ﴾ ﴿ وَالْمَسَاكِينِ ﴾وهم مَن لا مالَ لهم ولا كَسْب، وكذلك مَن لهم مالٌ وَكَسْب (ولكنهم لا يَسُدُّون كفايتهم وكفاية مَن يَعُولُونهُم)، ﴿ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى ﴾ وهو الجار القريب منكم، واعلم أن الجار إذا كان من الأقارب، فإن له حق الجُوار، وحق القرابة، ﴿ وَالْجَارِ الْجُنُبِ ﴾ وهو الجار البعيد عنكم، وكذلك الجار الذي ليس له قرابة، واعلم أنه كلما كان الجار أقربُ بابًا، كلما كان أأكد حقًّاً، فينبغي للمسلم أن يتعاهد جاره بالهدية والدعوة، واللطف في الأقوال والأفعال، وعدم أذيَّتِه بقولٍ أو فِعل، ﴿ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ ﴾ وهو الصاحب المُلازم الذي لا يُفارَق؛ كالزوجة، والمرافق في السفر والحَضَر والعمل وطلب العلم، ﴿ وَابْنِ السَّبِيلِ ﴾ وهو المسافر المحتاج، ﴿ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾ وهم المماليك من فِتيانكم وفَتياتكم.


• فمن قام بهذه المأمورات فهو الخاضع لأمر ربه، المتواضع لعباد الله، الذي يحبه الله، ومَن لم يقم بذلك فإنه عبدٌ مُعرضٌ عن ربه، غيرُ متواضعٍ للخَلق، ولهذا قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا ﴾: أي مُعجَباً بنفسه متكبرًا على الخلق ﴿ فَخُورًا ﴾: أي يمدح نفسه على سبيل الفخر، فهذا الكِبر والفخر يمنع هؤلاء من القيام بحقوق الله وحقوق الآخرين، ولهذا قال تعالى بعدها: ﴿ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾: أي من المال والعِلم وغير ذلك.

الآية 41، والآية 42: ﴿ فَكَيْفَ ﴾ يكون حال الناس يوم القيامة ﴿ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ ﴾ وهو رسولها ليشهدعليها بما عملتْ، ﴿ وَجِئْنَا بِكَ ﴾ أيها الرسول لتكونَ ﴿ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾ أنك قد أبلغتَهم رسالة ربِّك، فـ ﴿ يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ ﴾: يعني يتمنون لو أنّ اللهَ يجعلهم والأرض سواء، فيَصيرون ترابًا، حتى لا يُبعَثوا ﴿ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا ﴾: يعني وهم لا يستطيعون أن يُخفوا عن الله شيئًا مما في أنفسهم، إذ ختم اللهُ على أفواههم، وشَهِدَتْ عليهم جوارحهم بما كانوا يعملون.


• واعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بكى عندما قرأ عليه عبد الله بن مسعود هذه الآية، ولِذا يَحضرني هنا قول أحد الدُعاة: (فإذا كان الشاهدُ قد بَكى، فما بالُ المشهودِ عليهِ لا يَبكي؟).


الآية 44: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ ﴾ وهم اليهود الذين أُعطاهم الله علماً من التوراة ﴿ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ ﴾: يعني يستبدلون الضلالة بالهدى، ويتركون ما لديهم من الحجج والبراهين الدالة على صِدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، ﴿ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ ﴾: يعني ويتمنون لكم - أيها المؤمنون المهتدون - أن تنحرفوا عن الطريق المستقيم; لتكونوا ضالين مثلهم.


الآية 46: ﴿ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا ﴾: يعني: من اليهود فريقٌ ﴿ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ﴾: يعني اعتادوا على تبديل كلام الله وتغييره عمَّا هو عليه (افتراءً على الله)، ﴿ وَيَقُولُونَ ﴾ للرسول صلى الله عليه وسلم: ﴿ سَمِعْنَا ﴾ قولك ﴿ وَعَصَيْنَا ﴾ أمرك ﴿ وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ ﴾: يعني واسمع منَّا لا استطعتَ السماع، ﴿ وَرَاعِنَا ﴾ سَمْعَك، أي: افهم عنا وأفهِمنا، ولكنهم يقولونها ﴿ لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّين ﴾:ِ يعني يَلوون ألسنتهم بذلك، وهم يريدون الدعاء عليه بالرُعُونة (وهي الحُمق والطَيش)، ويريدون بذلك الطعن في دين الإسلام مِن خلال شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم.


﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ﴾ بدلاً من "سمعنا عصينا"، وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا: ﴿ وَاسْمَعْ ﴾ دونَ "غير مُسمَع"، وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا: ﴿ وَانْظُرْنَا ﴾ بدلاً من "راعنا" ﴿ لَكَانَ ﴾ ذلك ﴿ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ ﴾: يعني وأعدل قولاً ﴿ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ ﴾: أي ولكنَّ اللهَ طردهم من رحمته، بسبب جحودهم بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، ﴿ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا ﴾ إيماناً ﴿ قَلِيلًا ﴾ لا ينفعهم (كإيمانهم بموسى وهارون، والتوراة (التي أنزِلَت على موسى)، والزَبور (الذي أنزِل على داوود))، ولكنَّ كفرَهم بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم أضاع هذا الإيمان، لأنّ مَن كفر برسولٍ من الرسل فقد كفر بسائر الرُسُل، كما قال تعالى: ﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ ﴾، ولم يقل: ﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ رسولهم ﴾.


الآية 47: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ﴾ وهذه صِفةُ مَن كان عالما بجميع التوراة ﴿ آَمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا ﴾ من القرآن ﴿ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ ﴾ من الكتب، لأنه يجب عليكم أن تكونوا مُبادرين إليه قبلَ غيركم، بسبب ما أنعم الله به عليكم من العلم والكتاب، ولهذا تَوَعَّدَهم اللهُ على عدم الإيمان فقال: ﴿ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا ﴾: يعني من قبل أن نمحو وجوهكم، ثم نجعل الوجه مكان القَفا، والقَفا مكان الوجه، ﴿ أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ ﴾: يعني أو نلعنهم - بِمَسخِهِم قِردَةً وخنازير - كما لعنَّا اليهود مِن أصحاب السبت، الذين نُهُوا عن الصيد فيه فلم ينتهوا، ﴿ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا ﴾: يعني نافذًا في كل حال، وهذا مثل قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾.


• واعلم أنَّ قولَه تعالى: ﴿ من قبل أن نطمسَ وجوهاً ﴾ فيه إشارة إلى أنه متى وقع منهم إيمانٌ قبل الطَمْس: أخَّرَهُ عنهم، وقد آمَنَ بعضهم كَعَبدِ الله بن سَلَام وأصحابه، فرُفِعَتْ عنهم هذه العقوبة بسبب إيمانِ بعض علمائهم.


الآية 49: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ ﴾ وهم اليهود يُثنون على أنفسهم وأعمالهم،ويَصفونها بالطُهر والبعد عن السُوء؟ ﴿ بَلِ اللَّهُ ﴾ تعالى هو الذي ﴿ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ ﴾ مِن عباده، لِعِلمِهِ بحقيقة أعمالهم، ﴿ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴾: يعني ولا يُنقَصون من أعمالهم شيئًا، ولو كان مقدار الخيط الذي يكون في شق نَواة التمرة.


الآية 51: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ ﴾ وهم اليهود، فإنهم ﴿ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ ﴾: يعني يُصدقون ويُقِرُّون بصِحة عبادة كل ما يُعبَدُ من دون الله - من الأصنام والكَهَنة والسَّحَرة وشياطين الإنس والجن - تصديقاً يَحمِلهم على تحكيم غير شرع الله، ﴿ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ﴾: يعني وهؤلاء اليهود يقولون لِمُشرِكي العرب (الذين لم ينزل عليهم أيّ كتاب): ﴿ هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا سَبِيلًا ﴾: يعني دينكم - يا مُشرِكي العرب - خيرٌ من دين محمد، وأنتم أفضلُ طريقاً وأكثر هِداية - في سلوككم وحياتكم والاجتماعية - من أولئك الذين آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم.


• مع أنَّ في كتابهم إبطالَ الشِرك وَهَدْمه، ولكنْ ما حَمَلهم على ذلك القول إلا الكفر والحسد وبُغض النبي محمد، فما أشدّ عنادهم وأقلّ عقولهم! فهل يُفَضَّلُ دينٌ قام على (عبادة الأصنام، وتحريم الطيِّبات، وإباحة الخبائث، وإقامة الظلم بين الخلق، وتسوية الخالق بالمخلوقين)، على دينٍ قام على (عبادة الرحمن وحده لا شريك له، وعلى صلة الأرحام والإحسان إلى جميع الخلق، حتى البهائم، وإقامة العدل بين الناس، وتحريم الظلم والخبائث، والصدق في جميع الأقوال والأعمال)؟


• ويُلاحَظ هنا أن الله تعالى قال: ﴿ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا سَبِيلًا ﴾، رَغمَ أنه كانَ مِن المُتوَقَّع أن يقول: ﴿ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا أنتم أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا سَبِيلًا ﴾، أي بصيغة الخطاب، اتفاقاً مع سِياق الآية، ولكنه سبحانه أراد أن يُوضح أن اليهود يقولون ذلك القول أمام مشركي العرب وفي غيبتهم، وهو ما يُسَمَّى: (حكايةً لِمعنى القوْل)، فكأنه تعالى حكى أن اليهود - حين تناجَوا فيما بينهم - قال بعضهم لبعض في شأن أهل مكة: (هؤلاء العابدون للأصنام أهدَى مِنمحمدٍ وأصحابه).


الآية 52: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ ﴾: يعني طردهم من رحمته ﴿ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا ﴾ ينصره، ويدفع عنه سوء العذاب.


• واعلم أنه لا يجوز أن يقول الرجل لأخيه: (يا ملعون)، أو: (اللهم العن فلاناً) - طالما أنه مسلم ناطقٌ بالشهادتين -، لأن اللعن هو الطرد من رحمة الله، وأنت - بِقوْلك هذا - قد حَكمتَ عليه بالطرْد من الرحمة، فاحذر أن تقول ذلك حتى لا تُرَدّ الكلمة عليك فتُطرَد أنت من الرحمة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا خرجتْ اللعنة مِن فِي - (يعني مِن فم) - صاحبها: نظرتْ، فإن وَجَدَتْ مَسلكاً في الذي وُجِّهَتْ إليه، وإلاَّ عادت إلى الذي خرجتْ منه) (والحديث في صحيح الجامع برقم: 502)، وهذه هي عقيدة أهل السنة والجماعة: ألاَّ نلعنَ شخصاً بعينه، وألاَّ نَحكم عليه بالرحمة أو الشهادة أو الجنة أو النار، إلا مَن شهد له الله ورسوله بذلك.


الآية 53: ﴿ أَمْ لَهُمْ ﴾: يعني أم لهؤلاء اليهود ﴿ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ ﴾؟ فيفضِّلون مَن شاءوا على مَن شاءوا بمجرد أهوائهم؟ وهذا استفهام استنكاري (يعني ليس لهم ذلك) ﴿ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا ﴾: يعني ولو أنه قُدِّرَ أنَّ لهم نصيباً من المُلك لَمَا أعطوا أحدًا منه شيئًا، ولو كان مقدارالنُّقرةالتي تكون في ظهر نَواة التمرة، (وهي عبارة عن ثقب صغير يُضرَب به المثل في صِغَرِه)، وذلك لِشدة بُخلهم.


الآية 54، والآية 55: ﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾: يعني أم يحسدون محمدًا صلى الله عليه وسلم على ما أعطاه الله من نعمة النُبُوَّة والرسالة، ويحسدون أصحابه على نعمة التوفيق إلى الإيمان،واتِّباع الرسول، والتمكين في الأرض، ويتمنون زوال هذا الفضل عنهم؟، بلِ اللهُ يَختص برحمته من يشاء، وذلك ليس بغريبٍ على فضل الله تعالى ﴿ فَقَدْ آَتَيْنَا آَلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآَتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ﴾: يعني فقد أعطينا إبراهيم وذريته الكتاب (كَصُحُف إبراهيم والتوراة والزبور والإنجيل)، وأعطيناهم الحكمة (وهي السُنَّة التي كانت لأولئك الأنبياء يَتلقونها وَحياً من الله تعالى، وكلها عِلمٌ نافع وحُكمٌ صائبٌ سديد)، وكذلك أعطينا المُلك الواسع لبعضهم (كَداوودَ وسليمانَ عليهما السلام)، فإنعامُهُ تعالى لم يَزَلْ مستمرًا على عباده المؤمنين، كل هذا يَعرفه اليهود، فكيف يُنكِرون إنعامَهُ تعالى بالنُبُوَّة والنصر والمُلك لمحمد صلى الله عليه وسلم (أفضل الخلق، وأعظمهم مَعرفةً بالله وأخشاهم له)، ويحسدونه على ذلك؟، ﴿ فَمِنْهُمْ ﴾: أي فمِن هؤلاء اليهود ﴿ مَنْ آَمَنَ بِهِ ﴾: أي آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، وعمل بشرعه، كعبد الله بن سلام وأصحابه، ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ ﴾: يعني ومنهم مَن أعرض عنه ولم يستجب لدعوته، ومَنَعَ الناس مِن اتِّباعِه، ﴿ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا ﴾: يعني وحسبكم - أيها المكذبون - نار جهنم تُسَعَّر بكم (يعني تُوقَدُ عليكم وتفورُ بكم) يوم القيامة.



[1] وهي سلسلة تفسير للآيات التي يَصعُبُ فهمُها في القرآن الكريم (وليس كل الآيات)، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي"، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبو بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو شرحُ الكلمة الصعبة في الآية.

• واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير الربع الأول من سورة النساء بأسلوب بسيط
  • تفسير الربع الثاني من سورة النساء بأسلوب بسيط
  • تفسير الربع الثالث من سورة النساء بأسلوب بسيط
  • تفسير الربع الخامس من سورة النساء بأسلوب بسيط
  • تفسير الربع السادس من سورة النساء بأسلوب بسيط
  • تفسير الربع السابع من سورة النساء بأسلوب بسيط
  • تفسير الربع الثامن من سورة النساء بأسلوب بسيط
  • تفسير الربع العاشر من سورة النساء
  • ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم

مختارات من الشبكة

  • تفسير الربع الأخير من سورة النساء بأسلوب بسيط(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير الربع الحادي عشر من سورة النساء بأسلوب بسيط(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير الربع التاسع من سورة النساء بأسلوب بسيط(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: يسألونك عن الخمر والميسر (الربع الرابع عشر من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: واذكروا الله في أيام معدودات (الربع الثالث عشر من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: يسألونك عن الأهلة (الربع الثاني عشر من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب (الربع الحادي عشر من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: إن الصفا والمروة من شعائر الله (الربع العاشر من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: سيقول السفهاء من الناس (الربع التاسع من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير ربع: يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم (الربع الثامن من سورة البقرة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
4- مشاركة بسيطة
omar - Egypt 15-02-2015 12:56 PM

هذا الذكر: (سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه) كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر منه قبل موته، وذلك بعد نزول قول الله تعالى: (فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً)، وكأنه كان يستعد للقاء الله تعالى بكثرة الحمد والاستغفار

3- جميلة جداً هذه الجملة
جلال - مصر 14-02-2015 05:24 PM

السلام عليكم جزاك الله خيراً في توضيح هذه الجملة: (وهذه هي عقيدة أهل السنة والجماعة: ألاَّ نلعنَ شخصاً بعينه، وألاَّ نَحكم عليه بالرحمة أو الشهادة أو الجنة أو النار، إلا مَن شهد له الله ورسوله بذلك).

2- هذه طريقة مفيدة جداً في تذكر النعم والذنوب
sayed - Egypt 14-02-2015 04:52 PM

السلام عليكم
لقد كان الشيخ محمد حسين يعقوب ينصح طلبة العلم بأن يكتبوا نعم الله عليهم في ورقة ثم يكتب في ظهر هذه الورقة ذنوبه (منذ بلغ إلى الآن)، ولكن يكتبها بِلُغَةٍ لا يفهمها إلا هو (من أجل ستر الذنوب)، ثم في النهاية يقطع الورقة أو يحرقها، وكان يُذَّكِرهم بقول الله تعالى: (ومن أظلم ممن ذُكِّرَ بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه)
هذه مشاركة بسيطة عن تجربة مع الشكر لمجهودكم

1- أاسهل تفسير
إسلام محمد جمعة - مصر 14-02-2015 03:44 PM

أولا أود أن أشكر من ساهم فى هذا التفسير السهل
لقد ساهم معي في فهم بعض الآيات وتوضيحها لي
بارك الله فيكم.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب