• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآيات 73 : 77)

تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآيات 73 : 79 )
الشيخ محمد حامد الفقي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/6/2013 ميلادي - 11/8/1434 هجري

الزيارات: 7974

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير القرآن الحكيم

سورة الحجر (الآيات 73 : 77)


قول الله - تعالى ذِكْره -: ﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ * فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ * إِنَّ في ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ * وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ * إِنَّ في ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الحجر73: 77].


﴿ الصَّيْحَةُ ﴾ الصَّوت الهائل المُفْزِع الذي تنشقُّ منه القلوب هلعًا وفزعًا، وصوت الغارة إذا فوجِئَ الحيُّ بها، وأصله: من "الانصياح" وهو تشقُّق الأرض ونَحْوِها من اليبس والجفاف تشقُّقًا واضحًا، وفي الحديث: ((اللهم صاحت جبالنا))[1]؛ أيْ: تشقَّقَت وجفَّت، ومنه تصيَّحَت الأرض تغطَّى بعضها بالنَّبات وبقي بعضها عاريًا منه، فكانت كالثوب المتشقِّق.

 

فتكون ﴿ الصَّيْحَةُ ﴾ هنا: الغارة التي جاءَتْهم بأصوات مهولة تشقِّق الجبال، وتجفُّ لها حلوقُهم، وتقف بِها حركة الْحَياة في عروقهم، وتتمزَّق القلوب هلعًا وفزعًا.


و﴿ مُشْرِقِينَ ﴾؛ أيْ: حين دخولِهم في وقت شروق الشمس، يُقال: شرقت الشمس شُروقًا: طلعت، وأشرقَتْ: أضاءت وانتشر ضوءها، وشرقت الشمس أيضًا: اصفرَّت للغروب، ومنه قيل: أحمر شارق: شديد الحمرة.


و﴿ سِجِّيلٍ ﴾ "السَّْل" الصَّب المتتابع بكثرة؛ يُقال: سجلت الماء سجلاً: إذا صببته صبًّا متصلاً، ومنه "السَّجْل" للدَّلْو العظيمة، قد تتابع صَبُّ الماء فيها حتَّى امتلأَتْ، ولا يُقال لها ذلك إلاَّ وهي ممتلئة ماء، ودلو سجيلة وسجيل: ضخمة، ويقولون: سجل القاضي لفلان بِماله؛ أي: استوثق به، وأحكم أمره وضبَطَه على خصمه، وأثبته؛ حتَّى لا يضيع، ومنه "السِّجل".


قال صاحب "اللسان" في مادة "سجل": " السِّجِّيل هو حجر من طين، دخيل، معرَّب، وهو: "سَنْكِ رَكِل"؛ أي: حجارة وطين، وقال أبو إسحاق: للناس في السجيل أقوال، وفي التفسير: أنَّها من جِلٍّ وطين، وقيل: من جلٍّ وحجارة، وقال أهل اللغة: هذا فارسي، والعرَبُ لا تعرف هذا، قال الأزهريُّ: والذي عندنا - والله أعلم - أنه إذا كان التفسير صحيحًا: فهو فارسي أُعْرِب؛ لأن الله تعالى قد ذكر هذه الحجارة، وفي قصة قوم لوط: ﴿ لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ ﴾ [الذاريات: 33]، فقد بيَّن للعرب ما عَنَى بسجِّيل، ومن كلام الفُرْس ما لا يُحصى مما قد أعربَتْه العرب، نحو: جاموس، وديباج، فلا أُنْكِر أن يكون هذا مما أُعْرب، قال أبو عبيدة: ﴿ مِنْ سِجِّيلٍ ﴾: تأويله كثيرة شديدة، وقال: إنَّ مثل ذلك قول ابن مقبل:

وَرَجْلَةٍ يَضْرِبُونَ البَيْضَ عَنْ عُرُضٍ
ضَرْبًا تَوَاصَتْ بِهِ الأَبْطَالُ سِجِّينَا

 

قال: وسجِّينٌ وسجِّيل بِمَعنى واحد، وقال بعضهم: سجِّيل مِن أسجَلْته أيْ: أرسلته، فكأنَّها مرسلة عليهم، قال أبو إسحاق: قال بعضُهم: سجيل مِن أسجَلْت: إذا أعطَيْت وأخَذْت، وجعلَه من السِّجْل. وأنشد بيت اللهبِي:

مَنْ يُسَاجِلْنِي يُسَاجِلْ مَاجِدًا


وقيل: ﴿ مِنْ سِجِّيلٍ ﴾ كقولك: من سِجِلٍّ؛ أيْ: ما كُتِب لهم، قال: وهذا القول إذا فُسِّر فهو أبْيَنُها؛ لأنَّ من كتاب الله دليلاً عليه، قال الله تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفي سِجِّينٍ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ ﴾ [المطففين: 7 - 8]؛ المعنى: أنَّها حجارة مِمَّا كتب الله تعالى أن يعذِّبَهم بها، قال: وهذا أحسن ما مرَّ فيها عندي، وقال الجوهري: هي حجارة من طينٍ طُبِخَت بنار جهنَّم، مكتوبٌ فيها أسماء القوم؛ لقوله تعالى: ﴿ لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفينَ ﴾ [الذاريات: 33 - 34]، وسجَّلَه بالشيء رماه من فَوْق؛ اهـ.


فالمعنى: أرسلنا عليهم مِن فَوْقِهم حجارةً من طين، مطبوخة بنار جهنَّم إرسالاً متتاليًا، كأنَّها سجال تَنْصبُّ من فوق رؤوسهم متتابعة متَّصلة، قد كانت هذه الحجارة معدَّة لَهم ومسجَّلة باسم كلِّ واحد منهم، يأتيه منها نصيبُه الذي كُتِب باسمه لا يُخْطِئه إلى غيره، وقد وصف الله هذه الحجارة المرسلة على قوم لوطٍ في سورة هود بأنَّها: ﴿ مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ ﴾ [هود: 82 - 83] و"المنضود " الذي يشبه حبَّات العِقْد المسلوكة بجوار بعضها، متناسقة، ووصفَها في سورة القمر بأنَّها حاصب: ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ ﴾ [القمر: 34] و"الحاصب " الحجارة الدقيقة، كأنَّها حبُّ الحِمَّص يرمى بها، ووصفها الله بأنَّها في كثرتها وتتابعها كالمطر، قال في سورة النمل: ﴿ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ ﴾ [الشعراء: 173] ووصفها بأنها رجز، فقال في سورة العنكبوت: ﴿ إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾ [العنكبوت: 34] ووصفها بأنَّها مسوَّمة؛ أيْ؛ معلَّمة، مِن السِّمة وهي العلامة، ومن التسويم وهو الإرسال والانطلاق بدون توقُّف ولا مانع يَمنعها، فقال في الذاريات: ﴿ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفينَ ﴾ [الذريات: 34] ولَم يَذْكر الله في كتابه الكريم أنه أرسل هذه الحجارة وأمطرها رجزًا وعذابًا مهلكًا إلاَّ على قوم لوط، وعلى أصحاب الفيل: ﴿ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ﴾ [الفيل: 1 - 5].


و"المتوسِّمون" هم المتفرِّسون الذين يعرفون الناس والأمور بالسِّيما، وهي العلامة، يقال: توسَّمْتُ فيك كذا؛ أيْ: تفرَّسْته، كأنَّك أخذْتَ من "السيماء" فعلاً من السمة.


وقال الراغب: "المتوسِّمون: المعتبرون العارفون المتَّعِظون، وهذا التوسُّم هو الذي سَمَّاه قومٌ: الزَّكانة، وقوم: الفراسة، وقوم: الفطنة، قال -صلى الله عليه وسلم-: ((اتَّقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله))[2]؛ رواه الترمذي بسند فيه ضعف"؛ اهـ.


أقول: كأن المتوسِّم بجلاء بصيرته من مداومتِه لاستحضار نِعَم الله فيه وفي الآفاق، ويقظته في تلقِّي آثار أسماء الله وصفاته ونِعَمِه، والتفكُّر في آيات الله وسُنَّتِه، والاعتبار بذلك، أوجدَتْ له حاسَّة جديدة، هي التوسُّم، يرى بها من العلامات والأدلَّة ما جعله كأنَّه كسب الأشخاص والأمور - بذكائه وبإيمانه اليقظ - سِمَات وعلامات لم تكن لَها؛ لأنَّها غير موجودة في حقِّ الكثرة من المقلدين السفهاء الغاوين الغافلين الساهين اللاهين، الذين يتَّخِذون آيات الله هزُوًا ولعبًا، فهم أضَلُّ من الأنعام سبيلاً.


و"السبيل المقيم" هو الصِّراط المستقيم في خلقه وربوبيَّته العادلة العَدْل المطلق، الحكيمة البالغة، وسُنَنه وآياته التي لا تتبدَّل بغفلة الغافلين، ولا تتحوَّل عن طريقها الثابت المطَّرِد بأماني اللاَّهين المخدوعين، ولا تَمِيل بأهواء المغرورين الجاهلين، الذين خسروا أنفسهم بِسَفهِهم وغيِّهم، فكانوا بآيات الله وسننه وحكمته من الكافرين.


يعني ربُّنا سبحانه: أنَّ هذه العقوبة التي أحلَّها الربُّ العليم الحكيم بقوم لوط: إنَّما بلغوا إليها، وحلَّت بِهم؛ بما سلكوا لَها من سبيل السَّفَه والغيِّ، والعمى عن الآيات والسُّنَن، فجرَّهم ذلك إلى الكفر والفسوق والعصيان، وهي نتيجة حتميَّة لكلِّ مَن أخذ هذه السبيل إليها، كما أخذها قومُ لوط المسرفون المجرمون.


فما كان عقابُهم لزمانٍ، ولا لمكان، ولا لِنَسب؛ وإنَّما كان عقابُهم لأحوالٍ وصفات، وعقائدَ زائفة، أدَّت بِهم إلى هذه العقوبة الأليمة، وهي كذلك تؤدِّي بكل من اتَّصَف بِها واعتقدها في أيِّ زمان، وأيِّ مكان، وبأي اسْمٍ تسمَّى، وإلى أيِّ نسَبٍ انتسب - إلى ما حلَّ بقوم لوطٍ المُجرمين، وكذلك نفهم أيضًا من "السبيل المقيم" أنَّ تلك الأحوال والصِّفات الإجراميَّة الخبيثة من الكفر الشَّنيع والفسوق القذر بإتيان الذُّاكران من العالمين: إنَّما كان بِمُقدِّمات تبدأ صغيرة، ثم يتولَّد منها نتائج تكون لغيرها مقدِّمات كبيرة، ثم يكون منها نتائِجُ تكون مقدِّمات لغيرها، وهكذا: الجهل الصَّغير يلد جهلاً كبيرًا ثم جهلاً أكبر، والسَّفه الصَّغير يلد سفهًا كبيرًا ثم سفهًا أكْبَر، والفسق الصغير يلد فسقًا كبيرًا ثُمَّ فسقًا أكبر، والفساد الصغير يلد فسادًا كبيرًا ثم فسادًا أكبَر، وهكذا مَن أخذ هذا السبيل وسار فيه على عمًى وغفلة، فهو ينتهي حتمًا إلى ما انتهى إليه قومُ لوطٍ وغيرهم من الكافرين المُجرمين، ولن تجد لسنة الله تبديلاً ولا تحويلاً؛ ولذلك قال ربُّنا بعدها: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الحجر: 77]؛ أيْ: آيةً أوضح آية، وأظهرها للمؤمنين بالله ربًّا حكيمًا، عليمًا خبيرًا، عادلاً العدل المطلق، ما خلق شيئًا لعبًا ولا عبثًا، وما يَتْرك الإنسانَ سُدًى، ولا يحابي ولا ينظر إلى الأسماء والصُّوَر، وإنَّما ينظر إلى القلوب والأعمال، وما يظلم ربُّك أحدًا: ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ﴾ [المؤمنون: 115 - 116] ﴿ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ﴾ [الأنعام: 73] ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ * أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ في الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ * كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 27 - 29]، ﴿ هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ * أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ * وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ﴾ [الجاثـية: 20 - 22].


وقال ربُّنا في تعريفنا بسبيله المقيم الخالد الذي لا يتحوَّل أبدًا: ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ في أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ ﴾ [القصص: 59]، وقال: ﴿ أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا في أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ * أَوَلَمْ يَسِيرُوا في الْأَرْضِ فينْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ * ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ ﴾ [الروم: 8 - 10]، ﴿ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الروم: 47].


وأمثال ذلك في القرآن لا يُحصى؛ ليُعَرِّفهم الله سبحانه السبيل المقيم؛ ليكونوا على علم وبيِّنة، فيسلكوه ويحرصوا على الثبات عليه؛ ليسعدوا في حياتهم الدُّنيا والآخرة، ويا حسرةً على العباد، إنَّهم ما وقعوا في شباك الشيطان - فمزَّقهم شرَّ مُمزَّق؛ بالشِّرك والكفر والفسوق والعصيان، والاستهتار بكلِّ دينٍ وخُلُق وأدب وكرامة، ثم ألقاهم لقمة سائغة هيِّنة لعدوِّهم من اليهود والنَّصارى والوثنيِّين والملحدين - إلاَّ مِن عماهم عن سبيل الله المقيم، وسخريتهم بآيات الله المُحكمة، ولعبهم بسُنَّتِه التي لا تتبدَّل، وتقليدِهم الأعمى للآباء والشُّيوخ، فحَفَّتْهم بشتَّى المخدرات من الأمانِيِّ الكاذبة: النَّسَب إلى بيت النبوة يمنع لحوق أيِّ جريمة، التسمِّي باسم الإسلام كفيلٌ بكلِّ نجاح وعزٍّ في الدُّنيا والآخرة، الانتماء إلى المذهب الفلاني، أو الشيخ الفلاني، أو المحسوبيَّة للولِيِّ الفلاني: ضمينٌ بالفوز التامِّ والسعادة والفلاح في الدنيا والآخرة، والْمُوالاة لذئاب البشرية من الدُّول الكافرة الملحدة، والتلاشي في دينهم الإلحاديِّ وأخلاقهم الفاجرة، والتديُّن من صميم القلوب بِمَدنيَّتِهم، بل بوحشيَّتِهم وهجميَّتِهم الخاسرة - هو وحده الذي تكون به العزة والنَّصر، والقوة والرِّفعة في الحياة.


يا حسرةً على العباد! إنَّهم وقعوا في كلِّ ذلك الذي مزَّقهم شر مُمزَّق، وأذلَّهم أخسَّ ذلة، وألقاهم تحت أقدام الظالمين، حتَّى زادوا عليهم بغيًا، ولهم ظُلْمًا؛ بِعَماهم عن سبيل الله الْمُقيم في كل سُنَّتِه في أنفسهم وفي الآفاق: تتوالى عليهم لِتُوقظهم من غفلتهم، ولتجلو غشاوات الجهالة والعمه عن بصائرهم، وآيات الذِّكر الحكيم يَسْلكها الله في قلوبهم بالتِّلاوة والسَّماع، فلا يزدادون مع كلِّ ذلك إلا نُفورًا وكفورًا، ولا تزداد مَخالب الأعداء في أعناقهم إلاَّ تغلغلاً وإصرًا، ولا يرون من الله إلا غضبًا وسخطًا.


فيا ويلتا! متَى يفيقون؟ ويا حسرتا! متى يُبْصِرون السبيلَ المقيم فيُنِيبون إليه، ويأخذون سَمْتَهم في الحياة كلِّها عليه؟ ﴿ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ﴾ [الأنبياء: 2 - 3] ﴿ وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ * فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾ [الشعراء: 5، 6].


اللهم اهْدِ قومي إلى صراطك المستقيم، وخُذْ بقلوبهم ونواصيهم إلى سبيلك المقيم، إنَّك يا ربِّ الرَّحْمنُ الرحيم، بيدك الخير وأنت على كل شيءٍ قدير.



[1] "كَنْز العُمَّال"، برقم [21600] وبرقم [21601].

[2] ضعيفٌ: أخرجه الترمذي برقم [3127].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر (الآيات 51 : 56)
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر (الآيات 57 : 60)
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر (الآيات 61 : 62)
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر (الآيات 63 : 66)
  • تفسير القرآن الحكيم.. سورة الحجر ( الآيات 67 : 72)
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر (الآيات 78 )
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآيات 80 : 84 )
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآيات 85 : 86 ) [1]
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآيات 85 : 86 ) [2]

مختارات من الشبكة

  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآيات: 97 - 98 )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآيات 90 : 93 )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآيات 88 : 89 )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر (الآيات 45 : 50)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر (الآيات 41 : 44)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر (الآيات 36 : 40)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر (الآيات 32 : 35)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر (الآيات 22 : 25)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر الآيات (19 : 21)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر (الآيات 16 : 18)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب