• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

شبهة مخطوطات القرآن وتفنيدها

شبهة مخطوطات القرآن وتفنيدها
د. محمد أحمد صبري النبتيتي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/9/2024 ميلادي - 6/3/1446 هجري

الزيارات: 2167

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شبهة مخطوطات القرآن وتفنيدها


بداية القصة:

جيرد روديجر بوين (ولد عام 1940) هو متخصص ألماني والمستشار الأهم في العالم في مجال المخطوطات القرآنية القديمة.

 

كان جيرد بوين Gerd Puin رئيسًا لمشروع ترميم موكل من قبل الحكومة اليمنية وقد قضى وقتًا طويلًا في فحص المخطوطات القرآنية القديمة المكتشفة في صنعاء في اليمن في عام 1972. وقد كشف فحصه عن تسلسل غير شرعي للآيات القرآنية واختلافات في النص وضرب من الإملاء يفترق عن النسخ الشرعية اللاحقة، وهذا يتعارض بكل تأكيد مع كون النسخة الحالية من القرآن.. والتي يقرؤها المسلمون ويحفظونها هي بالفعل القرآن الذي نزل على محمد منذ 1400 عام!

 

يدعي القرآن لنفسه أنه مُبِين؛ أي: واضح، ولكنك إن نظرت إليه ستجد أن بعد كل عبارة رابعة تقريبًا، عبارة خامسة لا معنى لها.

 

نرد ونقول: كانت بداية الحكاية عام 1972م حينما عثر العُمَّال على مخبأ سري بالجامع الكبير بصنعاء، كان يحتوي على مجموعة هائلة من القصائص البالية التي أكلها الفئران ونهشتها الرطوبة، وتبيَّن بعد ذلك أن ما عُثِر عليه يمثل مكتبة قرآنية قديمة ترجع في تدوينها إلى القرون الأولى للهجرة، اتفقت بعدها الحكومة اليمنية مع نظيرتها الألمانية بتمويل مشروع يهدف إلى إعادة ترميم هذه المخطوطات التي بلغ عددها نحو 40 ألف مخطوطة، بينها 12 ألف رقٍّ جلدي قرآني، جرى فتحها وتنظيفها ومعالجتها وتصنيفها وتجميعها.

 

هذه المخطوطات المتناثرة تحتوي على بعض أجزاء من القرآن يختلف عن النص القرآني الحالي.

 

صارت هذه المخطوطات محل جدل ونزاعات ومناظرات بين علماء المسلمين وغيرهم من المشكِّكين، حتى أتى الردُّ الحاسم، لقد خضعت هذه المخطوطات لأدقِّ أنواع الدراسات الإسلامية فلم يتبين بها أقل خطأ أو حتى هفوة عن حرف واحد.

 

لقد أعلنت الدكتورة أسماء الهلالي الباحثة في مركز الاستشراق الألماني عرضًا حول دراسة مخطوطات صنعاء النادرة للقرآن الكريم مؤخرًا بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس العاصمة، وأوضحت الباحثة أنَّ مخطوطها يتطابق مع نصِّ المصحف الأصليِّ؛ إذًا فمن أين أتى الإشكال الذي حدث؟!

 

كان وقت كتابة هذه المخطوطات لا توجد آلات كاتبة، ولا توجد أقلام تمدك بالمداد المتواصل، ولا أوراق سهلة التصنيع، فكان الواحد من أجدادنا يجاهد وهو يكتب نسخة القرآن محاولًا أن يتجنب الخطأ في آية أو الإنقاص منها أو الزيادة؛ لأنه لو حدث ذلك فسيضطر إلى أن يعيد كل ما كتب، ولم يكن هذا بالأمر السهل كما هو الآن وكما أسلفنا.

 

ثم ما تلبث يداه إلا أن تقع في الخطأ - كأي بشر - فينسى حرفًا، فما يكون الحل إلا أن يكتب الحرف الذي نسيه فوق ما كتب، أو يزيد حرفًا، فيشطب عليه بالقلم بخط مائل كما نرى في المثال الذي أوردناه في الصورة، فالآية القرآنية تقول: ﴿ فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ ﴾ [الأعراف: 73]، فنسي الكاتب وزاد عليها ألفًا ولامًا وكتب: (فذروها تأكل في الأرض الله) ثم عاد ووضع علامة مائلة على الألف واللام كما نرى، بل في بعض الأحيان كان ينسى آية بالكامل، فيرجع ويكتبها فوق الآية التي تليها كما رأينا في بعض الصفحات، وباقي المخطوطات، أثبت بالفعل وضع إضافات إليها على المواقع النصرانية ليبارزوا المسلمين بالباطل، ولما تمَّ كشف أباطيلهم بإخراج النُّسَخ الأصلية تم التعتيم على الموضوع وانتهت المناظرات بهزيمتهم هزيمة ساحقة[1].

 

عرض آخر للقصة:

أثار المستشرق الدكتور جيرد بوين جدلًا واسعًا تفاوتت أنواع ردود الأفعال عليه حينما أعلن عن فرضية تطور النص القرآني وعدم ثبوته بناءً على بضعة اختلافات وجدها بعد تحليله للطرس أو ال palimpsest الصنعاني للكتابة القرآنية التي تم محوها وكتابة نص قرآني فوقها.

 

لمحة عن مخطوطات صنعاء:

في عام 1972 تم العثور في الجدار الغربي للجامع الكبير بصنعاء، أحد أقدم المساجد في العالم، على 20 كيسًا فيها مخطوطات قديمة تم تخزينها قبل قرون. هذا الاكتشاف دفع الحكومة اليمنية للاستعانة بخبراء ألمان لترميم تلك المخطوطات للاستفادة من قيمتها التاريخية.

 

ما وجده خبراء الترميم هو بقايا ل 940 مصحفًا مكتوبة على رقع جلدية وعلى أوراق، حوالي 25 مصحفًا تم تأريخها للقرن الأول الهجري؛ لأنها مكتوبة بالخط الحجازي القديم الذي كان مستعملًا في عصر الرسول حتى بداية العصر العباسي حين تم استبداله بالخط الكوفي، كل تلك المصاحف مطابقة لما بين أيدينا اليوم. بوين لم يذكر أي اختلافات في تلك المصاحف مع أنه درسها بدقة لعدة سنوات.

 

من عام 1981 إلى عام 1985 كان المسؤول عن الترميم هو المستشرق الألماني جيرد بوين. وجد هذا المستشرق عددًا من الطرس أو ال palimpsest والمقصود بالطرس هي المخطوطات الجلدية التي تحتوي على آثار كتابة ممحوة (سفلية) تحت الكتابة الرسمية (الفوقية). وهذا النوع من المخطوطات الطرسية شائع؛ وذلك لندرة وعلو تكاليف الرقع الجلدية آنذاك بحيث يتم إعادة استعمال الرقع تلك أكثر من مرة. وهذه الممارسة شائعة في كافة أنحاء العالم القديم وليس فقط في الشرق الأوسط. قام بوين بتحليل تلك المخطوطة باستعمال الأشعة فوق البنفسجية كما يتضح لنا في الصورة المرفقة أدناه.

 

والجدير بالذكر أن من ال 25 مصحفًا القديمة من القرن الأول الهجري- وهي باعتراف بوين مطابقة لنسخ القرآن الحالية- كانت هذه المخطوطة التي تمثل بقايا وأجزاء غير كاملة للقرآن هي الوحيدة التي احتوت على خط سفلي تم محوه، أما الكتابة الرسمية الفوقية الواضحة التي تعود للقرن الأول الهجري أيضًا فهي مطابقة لما بين أيدينا من قرآن.

 

وبالرغم من عدم موافقة السلطات اليمنية على إعطاء أي تصريحات للصحافة حتى يتم الانتهاء من أعمال الترميم والدراسة، قام بوين بعمل مقابلة مع مجلة The Atlantic الأمريكية وصرح فيها بأن الخط السفلي للطرس الصنعاني دليل على أن قرآن المسلمين ليس ثابت النص كما يعتقدون. هذا التصريح سَبَّب انتقادات كبيرة من الوسط الأكاديمي العالمي والأوروبي والأمريكي - مثل: آلان جونز، كريستيان روبنز، جيفري لانغ، طريف الخالدي، عبدالمجيد الشرفي.. إلخ - ودفع السلطات اليمنية إلى أن تعلق التعاون معه وتستمر بالعمل مع زملائه الآخرين - أورسولا دريبهولتز استمرت بالعمل واستطاعت أن تدرس جميع المخطوطات بحُريَّة أكبر- وذلك بالرغم من اتهامه السلطات اليمنية أنها أوقفت كل الأبحاث الموجهة لدراسة المخطوطات. محسن جودارزي من جامعة هارفارد وبيهنام ساديغي من جامعة ستانفورد نشرا بحثًا متكاملًا عام 2012 عن الطرس الصنعانية التي أثارت الجدل وقلَّلا من شأن مزاعم بوين الذي لم ينشر بحثًا علميًّا في مجلة علمية بالرغم من احتفاظه بصور المخطوطة.

 

في عام 2015 قام جيرد بوين بعمل مقابلة مع الأخ رشيد - مغربي من عائلة مسلمة سلفية ترك الإسلام ليعتنق المسيحية مكرسًا عمله للهجوم على الإسلام - على قناة الحياة المسيحية اليمينية المتخصصة بالدعاية ضد الإسلام.

 

وقام بوين بإعادة ذكره لما سماه "تخمينًا" لمسألة تطوُّر النص القرآني عبر الزمن[2].

 

الرد والتفنيد:

أولًا: يعترف بوين أن تاريخ الخط الأصلي الفوقي قريب أو مطابق لتاريخ الخط السفلي الذي تم محوه، بمعنى أن فترة الكتابة الزمنية واحدة. هذا بحد ذاته يدحض "تخمينه" بأن النص القرآني قد تطوَّر مع الزمن؛ لأن أي نص مقدس، لكي يتطوَّر (الكلمة الألطف من كلمة التحريف)، يجب أن يتم ذلك عبر فترات متفاوتة.

 

ثانيًا: بوين لم ينشر أي بحث علمي طوال أكثر من عشرين سنة من احتفاظه بصور الرقعات الثلاث ونصف التي بنى عليها تخميناته.

 

ثالثًا: التناقضات الأكاديمية في كتابات وتصريحات بوين؛ فمن ناحية أنه يوافق على مقابلة قناة معادية للإسلام وبذلك يُعرِّض نزاهته العلمية للتشكيك؛ ومن ثم يكتب رسالة موجهة للمهتمين بالموضوع بأن الفروق في الكتابة بين النص الرسمي الفوقي والنص الممحوِّ هي فروق لا تُذكَر ولا تؤثر في بنية النص القرآني! كيف إذن تبني تخميناتك عليها؟ الجدير بالذكر أن إليزابيث بوين، زوجة جيرد بوين وهي غير متخصصة في الدراسات الإسلامية، نشرت ثلاث مقالات كان آخرها عام 2010 ذكرت فيها أن الطرس الصنعاني لا يقوي فرضية التطوير (التحريف) على النص القرآني.

 

رابعًا: الباحثة أسماء الهلالي في مركز الاستشراق الألماني في ميونخ، نشرت بحثًا علميًّا بعنوان "مصحف صنعاء مجرد كراسة تعليمية" تشرح فيه أن الطرس الصنعاني لا يعدو كونه رقعًا استعملها طلاب الكتاتيب اليمنيين لتعلُّم كتابة القرآن وحفظه، وقد أيَّدَها في ذلك عدد من الباحثين العرب والأوروبيين على رأسهم د. عبدالمجيد الشرفي الباحث في الأدب والتاريخ الإسلامي.

 

خامسًا: الباحث التونسي شوقي بوعناني صرح بأن "الانتقال من نصٍّ مُحيت معالمه إلى نصٍّ مقروء هي عمليَّة تأويليَّة تضفي النسبيَّة على نتائج التحقيق". بمعنى أننا لا نستطيع أن نبني فرضيات على نص تم محوه؛ ومن ثم لم يكن له أي أهمية لكاتبيه.

 

سادسًا: وجود أخطاء إملائية ولغوية في الكتابة السفلية التي تم محوها مثل:

"حتا" بدلًا من "حتى"، "فاعدوا" بدلًا "فاعتدوا"، "ليحكموا بين الناس" بدلًا من "ليحكم بين الناس"، "البساء" بدلًا من "البأساء"، "أولا يروا" بدلًا من "أولا يرون"، "وقل ربي إني وهن العظم مني" بدلًا من "قال ربي إني وهن..."، "ولم تك شاي بدلًا من "ولم تك شيئًا"...إلخ؛ وهذا يؤكد أن الطرس تم استعماله للتدريس والتدريب على القراءة والكتابة للقرآن.

 

سابعًا: عدم وجود أي آيات أو سور إضافية في الطرس، ولو كان فعلًا زعم التحريف مبررًا، لوجدنا إضافات أو حشوات في المخطوطات؛ مما يشكل بحد ذاته تفنيدًا للزعم بأن القرآن الذي معنا ليس القرآن الأصلي وتأكيدًا على أن هذا الطرس عبارة عن كراريس استعملها طلاب المسجد الكبير في صنعاء لتعَلُّم كتابة وحفظ القرآن.

 

وهكذا نستنتج أن مزاعم أو تخمينات بوين ومن هم على رأيه لا أساس لها ومبنية على طرس تم محوه لعدم أهميته، وذلك يكمن في كون هذا الطرس استُعمِل لأغراض تعليمية يؤكد على ذلك وجود أخطاء إملائية ولغوية لا يقع فيها إلَّا الطلاب، وبعد ذلك تم استخدامه وبنفس الفترة الزمنية لكتابة النص الثابت من قبل أشخاص مُلِمِّين بالقرآن بشكله الحالي.

 

وبعد أكثر من 1400 سنة من المكتشفات الأثرية، لا زالت المكتشفات العلمية تؤكد سلامة النص القرآني وثباته بالرغم من المحاولات غير المبنية على دليل للتشكيك في ذلك، ويكفينا القول إنه وعلى الرغم من وجود طوائف كثيرة في الإسلام، تباعدت وتحاربت، إلا أنها تقرأ كتابًا واحدًا بنسخة موحدة[3].

 

ثامنًا:

ما أوجزه الشيخ العلَّامة أبو إسحاق الحويني حينما عرضوا عليه شبهة تحريف القرآن هذه فضحك وقال: إذا وقف أحد الزنادقة اليوم وحرَّف آية من كتاب الله، لخرج إليه الآلاف من صبيان المسلمين الحافظين لكتاب الله يردُّون كيده إلى نحره، فكيف بمن يحرف كتاب الله في سلفنا الصالح الذين كان منهم مَن شاهَدَ رسولَ الله ودافَعَ عنه بالمال والنفس!

 

تاسعًا: على فرض أن هذه المخطوطات التي اكتُشِفَتْ تخالف مصحفنا، فهذه المخطوطات كانت عِبارة عن ألواح لأطفال الكَتاتِيب يكتبون عليها ما يحفظونه من القرآن الكريم.

 

وأي عاقل يعلم أن مِثْل هذه الألواح ليست مَصْدَرًا مُعْتمدًا لمعارضة القرآن المنقول بتواتُر الملايين عن الملايين.

 

عاشرًا: نقل القرآن الكريم يعتمد على طريقتين:

1- الحِفْظ والتلقِّي؛ لقوله تعالى لنبيِّه عليه الصلاة والسلام: ﴿ وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ ﴾ [النمل: 6]، فكان جبريل يقرؤه على النبي صلى الله عليه وسلم، فيسمعه الرسول عليه الصلاة، ويحفظه في قلبه، ويُعلِّمه للصحابة.

 

2- الكتابة، فكان الرسول صلى الله عليه وسلم حينما تنزل عليه آية أو سورة يأمر أحد الصحابة بكتابتها مثل زيد بن ثابت، ومعاوية بن أبي سفيان وغيرهما من كَتَبة الوحي.

 

حادي عشر: لو كانت مخطوطات صنعاء تعارض القرآن الذي بين أيدينا فلماذا لم نجد واحدًا من المسلمين يقرأ بهذه المعارضة؟!

 

كيف يُعقل أن القرآن الذي يُصلِّي به المسلمون منذ زمان النبي صلى الله عليه وسلم في صلواتهم ويختمونه في كل عام مرة أو عدة مرات يندثر ويتغيَّر؟! هذا مستحيل من الناحية العقلية!

 

ثاني عشر: الذين كانوا يحفظون القرآن الكريم كامِلًا كانوا بمئات الآلاف خارج صنعاء وخارج اليمن كلها، أين ذهبوا؟ ألم يكونوا يقومون بتحفيظ غيرهم من الطلبة كما يحدث اليوم؟! وأين ذهبوا وأين مصاحفهم المكتوبة؟!

 

ثالث عشر: اضرب لنفسك مثالًا عمليًّا واقعيًّا وسَلْ نفسك: لماذا لم يستطع أحد البشر أن يأتي بسورة مثل سور القرآن الكريم إلى الآن؟! حتى الفلاسفة والأدباء والنحاة وجهابذة اللغة العربية عجزوا عن ذلك.

 

قال ابن حجر العسقلاني في ترجمة يعقوب بن إسحاق بن الصباح بن عمران بن إسماعيل بن محمد الأشعث الكندي، فيلسوف العرب: "عَن أبي بكر بن خزيمة قال: قال أصحاب الكندي له: اعمل لنا مثل القرآن، فقال: نعم، فغاب عنهم طويلًا ثم خرج عليهم فقال: والله، لا يقدر على ذلك أحد"؛ لسان الميزان (8/ 527).

 

تخيَّل هذا الرجل كان يُسمَّى فيلسوف العرب، ومع ذلك عجز عن الإتيان بمثل القرآن الكريم.

 

سَلْ نفسك: لماذا إذا أخطأ الإمام وهو يصلي بالناس في الصلاة يرد عليه المصلون خلفه؟!

 

سل نفسك: إذا ضاعت كل الكتب الموجودة على وجه الأرض، فهل يستطيع أي قوم أن يعيدوا كتابهم مرة أخرى دون أدنى شك إلا المسلمون؟!

 

القرآن الكريم كتاب يستحيل تحريفه ولو اجتمع كل الكفَّار لأجل ذلك، فلا ينبغي أبدًا أن يتخبَّط رجل مسلم يؤمن بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم لأجل رجل كافِرٍ كذَّاب قال كلامًا مكذوبًا، والله سبحانه وتعالى يقول عن الكافرين: ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾ [البقرة: 120]، وقال جل جلاله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 36]، وقال تبارك وتعالى عن الكافرين: ﴿ وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ﴾ [النساء: 89].

 

روى الإمام القرطبي في تفسيره عن يحيى بن أكثم قال: كان للمأمون - وهو أمير إذ ذاك - مجلس نظر، فدخل في جملة الناس رجل يهودي حسن الثوب، حسن الوجه، طيب الرائحة، قال: فتكَلَّم فأحْسَنَ الكلامَ والعبارةَ، قال: فلما تقوض المجلس دعاه المأمون فقال له: إسرائيلي؟ قال نعم، قال له: أسلم حتى أفعل بك وأصنع، ووعده، فقال: ديني ودين آبائي! وانصرف، قال: فلما كان بعد سنة جاءنا مسلمًا، قال: فتكَلَّم على الفقه فأحسن الكلام، فلما تقوض المجلس دعاه المأمون وقال: ألستَ صاحبَنا بالأمس؟ قال له: بلى، قال: فما كان سبب إسلامِك؟ قال: انصرفتُ من حَضرتِك فأحببتُ أن أمتحنَ هذه الأديانَ، وأنت تراني حَسَنَ الخط، فعمدتُ إلى التوراة فكتبتُ ثلاثَ نُسَخٍ فزدْتُ فيها ونقصت، وأدخلتها البيعة فاشتُريت مني، وعمدت إلى الإنجيل فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت، وأدخلتها الكنيسة فاشتُرِيَتْ مني، وعمدتُ إلى القرآن فعملتُ ثلاثَ نُسَخٍ وزِدْتُ فيها ونقصت، وأدخلتُها الورَّاقين فتصفَّحوها، فلما أنْ وجدوا فيها الزيادةَ والنقصانَ رموا بها فلم يشتروها؛ فعلمتُ أن هذا كتاب محفوظ، فكان هذا سبب إسلامي. قال يحيى بن أكثم: فحججت تلك السنة فلقيت سفيان بن عيينة، فذكرت له الخبر، فقال لي: مصداق هذا في كتاب الله عز وجل، قال: قلت: في أي موضع؟ قال: في قول الله تبارك وتعالى في التوراة والإنجيل: ﴿ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ﴾ [المائدة: 44]، فجعل حفظه إليهم فضاع، وقال عز وجل: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]، فحفظه الله عز وجل علينا فلم يضع[4].

 

فصل في أن الاعتماد في نقل القرآن على الصدور وليس السطور[5]:

قال ابن كثير: فأما تلقين القرآن؛ فمن فم الملقن أحسن؛ لأن الكتابة لا تدل على الأداء، كما أن المشاهد من كثير ممن يحفظ من الكتابة فقط يكثر تصحيفه وغلطه؛ فضائل القرآن 211.

 

قال ابن الجزري: إن الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور لا على خط المصاحف والكتب، وهذه أشرف خصيصة من اﷲ تعالى لهذه الأمة؛ مناهل العرفان: 205/1.

 

قال الزرقاني: إن المعول عليه في القرآن الكريم إنما هو التلقي والأخذ ثقة عن ثقة وإمامًا عن إمام إلى النبي صلى ﷲ عليه وسلم، وإن المصاحف لم تكن ولن تكون هي العمدة في هذا الباب، إنما هي مرجع جامع للمسلمين على كتاب ربهم ولكن في حدود ما تدل عليه وتعينه دون ما لا تدل عليه ولا تعينه؛ (مناهل العرفان: 243/1).

 

وفي الحديث: عن عياض بن حمار المجاشعي أن رسول اﷲ صلى اﷲ عليه وسلم قال: "وإن اﷲ نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب، وقال: إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك وأنزلت عليك كتابًا لا يغسله الماء تقرؤه نائمًا ويقظان"؛ رواه مسلم 2865.

 

قال القرطبي: أي يسَّرت تلاوته وحفظه، فخفَّ على الألسنة، ووعته القلوب، فلو غسلت المصحف لما انغسل من الصدور، ولما ذهب من الوجود، ويشهد لذلك قوله تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]؛ المفهم 163.

 

وقال ابن تيمية: والاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب لا على المصاحف، كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى اﷲ عليه أنه قال: إذ يثلغوا رأسي؛ أي: يشدخوا، فقال: إني مبتليك ومبتل بك، ومنزل عليك كتابًا لا يغسله الماء تقرؤه نائمًا ويقظانًا، فابعث جندًا ابعث مثليهم، وقاتل بمن أطاعك من عصاك، وأنفق أنفق عليك، فأخبر أن كتابه لا يحتاج في حفظه إلى صحيفة تغسل بالماء، بل يقرؤه في كل حال، كما جاء في نعت أمته (أناجيلهم في صدورهم)، بخلاف أهل الكتاب الذين لا يحفظونه إلا في الكتب، ولا يقرؤونه كله إلا نظرًا لا عن ظهر قلب؛ فتاوى ابن تيمية (31 / 521).



[1] الرد المفحم على اكتشاف مخطوطات بصنعاء تثبت أن القرآن الذي نقرؤه اليوم ليس الذي نزل على محمد، إعداد: حازم فتحي، صفحة روائع الإعجاز العلمي والبياني في القرآن والسنة.

[2] جدلية مخطوطات صنعاء القرآنية بين الحقيقة العلمية والمبالغة المفتعلة لفادي السويطي.

[3] الرد المفحم على اكتشاف مخطوطات بصنعاء تثبت أن القرآن الذي نقرؤه اليوم ليس الذي نزل على محمد، إعداد: حازم فتحي، صفحة روائع الإعجاز العلمي والبياني في القرآن والسنة.

[4] خاطرة حول مخطوطات صنعاء لمكافح الشبهات أبي عمر الباحث.

[5] الطعن في القرآن الكريم من خلال مخطوطات صنعاء وغيرها، شبكة الفرقان الإسلامية للحوار الإسلامي المسيحي www.elorkan. com /7ewar وقد ذكر فيها نماذج ثمانية فند الشبهات تفنيدًا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حوار مع برانون ويلر حول مخطوطات القرآن الكريم
  • أنابيل غالوب وعبدالرحمن أبو المجد حول مخطوطات القرآن في الغرب

مختارات من الشبكة

  • شبهات حول القرآن (2) شبهات علمية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شبهة دليل الأعراض (حلول الحوادث) والرد على الشبهات المتعلقة بذلك (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كشف شبه أهل الكتاب عن الإسلام (13 شبهة) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ضابط: التعزير يثبت مع الشبهة - شبهة الإثبات (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ندوة علمية حول تاريخ الإسلام في شبه جزيرة القرم(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الشبهات الدارئة للحدود عند الشافعية(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • شبهة: نحن لا نشرك بالله بل نعتقد أنه لا يخلق ولا يرزق إلا الله وحده(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي والرد على ذلك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحقيق في مسألة إرضاع الكبير وتفنيد الشبهات حولها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شبهات المستشرقين حول السيرة النبوية (القائلين بها، أدلتهم، تفنيدها) دراسة نقدية(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب