• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

هدايات قرآنية في الآل والذرية

هدايات قرآنية في الآل والذرية
د. محمد بن علي بن جميل المطري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/8/2024 ميلادي - 18/2/1446 هجري

الزيارات: 1148

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

هدايات قرآنية في الآل والذرية

 

الحمدُ لله الذي جعل القرآن هاديًا للتي هي أقوم لكلِّ مَن تدبَّره واتبعه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد الذي شرَّفه وعظَّمه، ووعد من اتبعه بالهداية، وأخبر عن المعرِضين عن سُنته بالضلالة؛ أما بعد:

 

فمعلومٌ أن الله سبحانه يختار ما يشاء، ويفضِّله على غيره، سواء أكان مكانًا كالمسجد الحرام، أم زمانًا كرمضان، أو ذرية كآل إبراهيم وآل عمران، أو شعبًا كتفضيله سابقًا بني إسرائيل على شعوب عالمي زمانهم، والأدلة على ذلك مشهورة؛ كقوله تعالى عن بني إسرائيل: ﴿ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [الجاثية: 16]، وبيَّن الله في قوله سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13] أنه جعل الناس شعوبًا وقبائل ليتعارفوا، لا ليتفاخروا، وبيَّن أن الأفضلية عنده بالإيمان والتقوى والعمل الصالح، لا بالأنساب، ولا تعارُضَ بين هذه الآية والتي قبلها؛ لأن التفضيل من حيث الجملة غير التفضيل من حيث الأفراد؛ فمثلًا جنس الرجال من حيث الجملة أفضل من جنس النساء؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى ﴾ [آل عمران: 36]، وقال عز وجل: ﴿ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ﴾ [البقرة: 228]، ولكن ليس كل رجل أفضل من كل امرأة، فكم من امرأة واحدة أفضل من مائة رجل، بسبب صلاحها وفسادهم! فالعِبرة في تفضيل الأفراد بالتقوى؛ كما هو صريح هذه الآية الكريمة: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13]، وهكذا العرب أفضل من العجم من حيث الجملة؛ لكون خاتم الأنبياء من العرب أنفسهم، وجاء بلغتهم، والقرآن عربيًّا، وهذا لا ينافي أن يوجد رجل صالح أعجمي أفضل من مائة رجل عربي غير صالح؛ لذلك جاء في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد في مسنده (23489): ((لا فضلَ لعربيٍّ على عجمي إلا بالتقوى))، وهكذا تفضيل قبيلة قريش وبني هاشم هو من حيث الجملة، وليس من حيث الأفراد؛ فمثلًا بلال الحبشي رضي الله عنه أفضل من أبي لهب القرشي الهاشمي، فالأول صحابي من أهل الجنة، والثاني كافر من أهل النار؛ فالميزان عند الله في تفضيل الأفراد هو الإيمان والتقوى، وليس الأنساب ولا الأموال، وقد أخبر الله أنه بارك في ذرية إبراهيم وإسحاق عليهما الصلاة والسلام، وأخبر أن مِن ذريتهما مَن هو محسن، ومن هو ظالم؛ فقال سبحانه: ﴿ وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ ﴾ [الصافات: 113]، فجمعت هذه الآية بين مسألة التفضيل من حيث الجملة ومن حيث الأفراد؛ فقد بارك الله في ذرية إبراهيم وإسحاق، ومع هذا بيَّن أن بعض ذريتهما ظالم لنفسه بالكفر والظلم والمعاصي، ومثل هذه الآية قوله تعالى عن نوح وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام: ﴿ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [الحديد: 26]، فمن أساء لا ينفعه نسبه، ولو كان ابنَ نبيٍّ؛ فهذا نوح عليه الصلاة والسلام كان أحد أبنائه كافرًا، وكان من المغرَقين الهالكين؛ وفي صحيح الإمام مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ومن بطَّأ به عملُه، لم يُسرِع به نسبُه))، فلا يجوز في الشرع الفخرُ بالأحساب والأنساب؛ كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن الله أذهب عنكم عُبِّيَّةَ الجاهلية وفخرها بالآباء، إنما هو مؤمن تقيٌّ، وفاجر شقيٌّ، الناس كلهم بنو آدم، وآدمُ خُلق من تراب))؛ [رواه الترمذي (3955) وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه].

 

قال ابن تيمية في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم (1/ 419، 420): "الذي عليه أهل السنة والجماعة: اعتقاد أن جنس العرب أفضل من جنس العجم، وأن قريشًا أفضل العرب، وأن بني هاشم أفضل قريش، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل بني هاشم؛ فهو أفضل الخلق نفسًا، وأفضلهم نسبًا".

 

وقال ابن تيمية أيضًا كما في مجموع الفتاوى (19/ 29، 30): "قد ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((إن الله اصطفى كِنانةَ من بني إسماعيل، واصطفى قريشًا من كِنانة، واصطفى بني هاشم من قريش، واصطفاني من بني هاشم))، وجمهور العلماء على أن جنس العرب خيرٌ من غيرهم، كما أن جنس قريش خير من غيرهم، وجنس بني هاشم خير من غيرهم، وقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام، إذا فقِهوا))، لكن تفضيل الجملة على الجملة لا يستلزم أن يكون كل فرد أفضل من كل فرد"؛ [انتهى كلام ابن تيمية].

 

وتأمل قولَ الله تعالى: ﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 54]، ففي هذه الآية الكريمة بيان أن الله آتى آل إبراهيم ملكًا عظيمًا، وذلك كداود وسليمان عليهما الصلاة والسلام، فهما من ذرية إبراهيم، ومن آل إبراهيم، وإن كان بينهما وبين إبراهيم قرونٌ كثيرة، فليس الآلَ المعاصرين للأب فقط، بل جميع ذريته من آله، وإن نزلوا، وكان بينه وبينهم قرون كثيرة، كما هو ظاهر هذه الآية، حتى ولو كانوا من ذرية بناته؛ كما هو صريح قوله تعالى: ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 84 - 86]، فجعل الله في هذه الآية عيسى من ذرية إبراهيم، ومعلوم أن ذلك من جهة أمه مريم بنت عمران، فعيسى بلا أب، وهو ابن إبراهيم ومن ذريته من جهة أمِّه مريمَ بنت عمران التي نسبها يرجع إلى إسحاق بن إبراهيم، كما هو معلوم عند جميع المؤرخين والمفسرين؛ قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ... ﴾ [آل عمران: 33 - 35]؛ الآيات.

 

وللعلامة الشنقيطي تفصيل مهمٌّ في تسمية ولد البنت ابنًا، أنقله مختصرًا من كتابه أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (7/ 107، 108) تفسير سورة الزخرف آية 28؛ قال الشنقيطي: "الواحد بالشخص له جهتان: جهة خاصة هي معنى كونه خُلِق من ماء هذا الرجل على وجه يلحق فيه نسبه به، وهذا المعنى منفيٌّ عن والد أمه، فلا يُقال له: ابن بهذا الاعتبار، وثابت لأبيه الذي خُلِق من مائه، وجهة أخرى هي كونه خارجًا في الجملة من هذا الشخص، سواء كان بالمباشرة، أو بواسطة ابنه أو بنته وإن سفل، فالبنوة بهذا المعنى ثابتة لولد البنت، وهذا المعنى هو الذي عناه صلى الله عليه وسلم في قوله في الحسن بن علي رضي الله عنهما: ((إن ابني هذا سيد))، وهو المراد في الآيات القرآنية؛ كقوله تعالى: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ ﴾ [النساء: 23]، وقوله تعالى: ﴿ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ ﴾ [النساء: 23]، وكقوله تعالى: ﴿ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ ﴾ [الأحزاب: 55]، فلفظ البنات والأبناء في جميع الآيات المذكورة شامل لجميع أولاد البنين والبنات وإن سفلوا، وإنما شملهم من الجهة المذكورة بالاعتبار المذكور، وهو إطلاق لفظ الابن على كل من خرج من الشخص في الجملة، ولو بواسطة بناته، وإذا عرفت معنى الجهتين المذكورتين، وأنه بالنظر إلى إحداهما تثبُت البُنوَّة لابن البنت، وبالنظر إلى الأخرى تنتفي عنه؛ فاعلم أن قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن ابني هذا سيد))، وقوله تعالى: ﴿ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ ﴾ [النساء: 23] ونحوها من الآيات يُنزَّل على إحدى الجهتين، وقوله تعالى: ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ ﴾ [الأحزاب: 40] يتنزل على الجهة الأخرى".

 

وبما تقدَّم يتبيَّن أن آل إبراهيم ليسوا ذريته المعاصرين له فقط، بل هم جميع ذريته المعاصرين له والذين جاؤوا من بعده ولو من جهة بناته، وكذلك الأمر في آل نبينا محمد صلى الله عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

 

ومما يدل على فضل أهل بيت النبي ورِفعة منزلتهم أن الله سبحانه قال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، وروى الإمامان البخاري (6357) ومسلم (406)، عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: ((قلنا: يا رسول الله، قد عرفنا كيف نسلِّم عليك، فكيف نصلِّي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد))، وقد جاء تفسير معنى الآل في الصلاة الإبراهيمية في حديث رواه البخاري (6360) ومسلم (407)، عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أنهم قالوا: يا رسول الله، كيف نصلي عليك؟ قال: ((قولوا: اللهم صلِّ على محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد)).

 

وقد ردَّ العلَّامة ابن القيم في كتابه جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام (ص: 225 - 228) على من يزعم أن المراد بالآل في الصلاة الإبراهيمية هم الأتباع؛ ومما قال: "أما الصلاة فلم يشرعها إلا عليه وعلى آله فقط، فدلَّ على أن آله هم أهله وأقاربه... والله أمرهم بصلاتهم عليه وسلامهم، مُستفتحًا ذلك الأمر بإخباره بأنه هو وملائكته يصلون عليه، فسأل الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أي صفة يؤدُّون هذا الحق؟ فقال: ((قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد))، فالصلاة على آله هي من تمام الصلاة عليه وتوابعها؛ لأن ذلك مما تقَرُّ به عينه، ويزيده الله به شرفًا وعلوًّا، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا... وأما من زعم أن الآل هم الأتباع فيُقال: لا ريب أن الأتباع يُطلق عليهم لفظ الآل في بعض المواضع بقرينة، ولا يلزم من ذلك أنه حيث وقع لفظ الآل يُراد به الأتباع؛ لِما ذكرنا من النصوص".

 

فاللهَ اللهَ في آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ولنحذر من بغض أهل البيت بسبب بعض الظالمين منهم؛ ولا نغفُل عن قول الله تعالى عن إبراهيم وإسحاق عليهما الصلاة والسلام: ﴿ وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ ﴾ [الصافات: 113]، وقول الله سبحانه: ﴿ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ﴾ [هود: 73]، فقد أخبر الله في هاتين الآيتين أن أهل بيت النبي إبراهيم، ومثلهم أهل بيت النبي محمد، عليهم رحمةُ الله وبركاته، منهم المحسن، ومنهم الظالم لنفسه ظلمًا مبينًا، والواجب على المسلم حبُّ الصالحين من أهل بيت النبي صلى الله وسلم عليه وعلى آله، ولا يجوز بغضهم بسبب بعضهم؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 8].

 

فحب أهل بيت النبي أمرٌ واجب على كل مسلم، وهو مما يثقل ميزان العبد يوم القيامة، وهو أمرٌ ثقيل على بعض الناس؛ روى الإمام مسلم في صحيحه (2408)، من حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أما بعد، ألَا أيها الناس، فإنما أنا بشر يُوشِك أن يأتي رسولُ ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثَقَلَين: أولهما كتاب الله، فيه الهدى والنور، فخُذوا بكتاب الله، واستمسكوا به، فحثَّ على كتاب الله ورغَّب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أُذكِّركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي)).

 

قال البغوي في كتابه شرح السنة (14/ 118): "قيل: سماهما ثقلين، لأن الأخذ بهما، والعمل بهما ثقيل، وقيل في تفسير قوله عز وجل: ﴿ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ﴾ [المزمل: 5]؛ أي: أوامر الله، وفرائضه، ونواهيه، لا تؤدَّى إلا بتكلُّف ما يثقل، وقيل: قولًا ثقيلًا؛ أي: له وزن، وسُمِّيَ الجن والإنس ثَقَلَين، لأنهما فُضِّلا بالتمييز على سائر الحيوان، وكل شيء له وزن وقَدْرٌ يُتنافَس فيه، فهو ثَقَل".

 

وأول من يدخل في أهل بيت النبي بناته: فاطمة وزينب ورقية وأم كلثوم رضي الله عنهن، وأبناؤه: القاسم وعبدالله وإبراهيم، وكذلك: علي بن أبي طالب، وجعفر بن أبي طالب، وحمزة بن عبدالمطلب، والعباس بن عبدالمطلب، وعُبَيدة بن الحارث بن عبدالمطلب، والحسن والحسين ابنا علي، وبقية أولاد علي؛ كمحمدِ بن الحنفية، والعباسِ بن علي، وأبي بكر بن علي، وعمرَ بن علي، وعثمان بن علي، وكذلك: عبدالله بن العباس، وعبدالله بن جعفر، وسائر أولادهم وذريتهم، وكذلك يدخل في أهل بيت النبي: زوجاته أمهات المؤمنين رضي الله عنهن؛ كما قال تعالى: ﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ [الأحزاب: 32، 33].

 

قال الزمخشري في الكشاف (3/ 538): "في هذا دليل بيِّنٌ على أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم من أهل بيته"، وقال ابن عطية في تفسيره (4/ 384): "أهل البيت زوجاته وبنته وبنوها وزوجها، وهذه الآية تقضي أن الزوجات من أهل البيت؛ لأن الآية فيهن والمخاطبة لهن"، وقال ابن كثير في تفسيره (6/ 410، 411، 416): "هذا نصٌّ في دخول أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في أهل البيت ها هنا؛ لأنهن سبب نزول هذه الآية، وسبب النزول داخل فيه قولًا واحدًا... لا يشك فيه من تدبَّر القرآن أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم داخلات في قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾، فإن سياق الكلام معهن... ولكن إذا كان أزواجه من أهل بيته، فقرابته أحق بهذه التسمية".

 

فيجب على كل مسلم أن يحب الصالحين من أهل بيت نبينا محمد بلا غلوٍّ، ولا دعوى لهم بالعصمة، وأن يحذر أشدَّ الحذر من بُغضِهم، وإنكار فضلهم؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، لا يُبغضنا - أهلَ البيت - رجل إلا أدخله الله النار))؛ [رواه ابن حبان في صحيحه (6978)، وحسنه الأرنؤوط في تحقيقه لصحيح ابن حبان، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (2488)].

 

قال المناوي في فيض القدير (2/ 519): "بغضهم يُوجِب النار كما جاء في عدة أخبار، كيف وهم أبناء أئمة الهدى، ومصابيح الدُّجى، الذين احتج الله بهم على عباده، وهم فروع الشجرة المباركة، وبقايا الصفوة الذين أذهب عنهم الرجس وطهَّرهم وبرَّأهم من الآفات، وافترض مودتهم في كثير من الآيات؟".

 

وكما أن بعض الناس يُفتن بسبب بعض أفعال فَسَقَةِ المسلمين المخالفةِ للشرع والأخلاق، فيُبغض بسببهم الإسلام وجميع المسلمين، فكذلك بعض الناس يُفتن بسبب بعض أفعال بعض الظلمة من أهل البيت المخالفة للشرع والعدل والأخلاق، فيُبغض جميع أهل البيت، والله المستعان.

 

روى أحمد بن حنبل في كتابه فضائل الصحابة (1025) عن علي بن أبي طالب قال: "مَثَلي في هذه الأمة كمثل عيسى ابن مريم، أحبَّته طائفة، وأفرطت في حبه فهلَكت، وأبغضته طائفة، وأفرطت في بغضه فهلَكت، وأحبته طائفة فاقتصدت في حبِّه فنَجَت".

 

وروى عبدالله بن أحمد في كتاب السنة (1339) عن أبي مريم قال: سمعت عليًّا رضي الله عنه يقول: "يهلِك فيَّ رجلان: مفرطٌ غالٍ، ومبغضٌ قالٍ".

 

وروى الخلال في كتاب السنة (362)، عن أبي البختري الطائي قال: قال علي بن أبي طالب: "يهلك فيَّ رجلان: عدو مبغض، ومحب مفرط".

 

وقال ابن أبي شيبة في كتابه المصنف (32133): حدثنا وكيع عن شعبة عن أبي التياح عن أبي السوار العدوي قال: قال علي رضي الله عنه: "لَيُحبُّني قوم حتى يدخلوا النار في حبي، وليبغضني قوم حتى يدخلوا النار في بغضي".

 

وروى عبدالله بن أحمد في كتاب السنة (1340) بإسناده عن الشعبي قال: لقيتُ علقمة، فقال: أتدري ما مَثَلُ عليٍّ في هذه الأمة؟ قال: قلت: وما مثله؟ قال: "مثل عيسى ابن مريم عليه السلام، أحبه قوم حتى هلكوا في حبه، وأبغضه قوم حتى هلكوا في بغضه".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • هدايات فاتحة الكتاب
  • من هدايات القرآن الكريم
  • هدايات سورة البقرة (خطبة)
  • هدايات سورة آل عمران (خطبة)
  • هدايات سورة الفاتحة
  • هدايات سورة النساء

مختارات من الشبكة

  • الهدايات القرآنية: أنموذج تطبيقي على الآيتين (190 - 191) من سورة آل عمران (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • هدايات سورة هود (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هدايات الآيات الأواخر من سورة البقرة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • آيات الرضاع في القرآن: هدايات وأحكام (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من هدايات السنة النبوية (22) من خطب النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • الفاتحة: هدايات إيمانية ومحكمات ربانية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • هدايات سورة يوسف (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هدايات آية الكرسي (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • هدايات من قصص السيرة النبوية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: هدايات سورة التوبة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب