• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

فضائل ومعاني آية الكرسي

فضائل ومعاني آية الكرسي
الشيخ صلاح نجيب الدق

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/7/2023 ميلادي - 13/1/1445 هجري

الزيارات: 21493

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فضائل ومعاني آية الكرسي

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ، وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لَـهُمْ بِإِحْسَانٍ إلى يَوْمِ الدِّينِ.


آية الكرسي المباركة لها فضائل كثيرة، وسوف نتحدَّث عن بعض فضائلها ومعانيها، فأقــول وبالله تَعَالَى التوفيق:

 

منزلة آية الكرسي عند سلفنا الصالح:

سوف نذكر بعض أقوال السلف الصالح في آية الكرسي:

(1) قَالَ عَلِيُّ بن أبي طالب، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا أَرَى أَحَدًا يَعْقِلُ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ؛ (مصنف ابن أبي شيبة - جـ6 - صـ 40 - رقم: 29315).


(2) قَالَ عبدالله بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَشْرَفُ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ آيَةُ الْكُرْسِيِّ.


قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: لِأَنَّهُ يُكَرَّرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى بَيْنَ مُضْمَرٍ وَظَاهِرٍ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ مَرَّةً؛ (تفسير القرطبي - جـ3 - صـ271).


(3) قَالَ عبدالله بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْر (رَحِمَهُ اللهُ): كَانَ عبدالرحمن بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِذَا دَخَلَ مَنْزِلَهُ قَرَأَ فِي زَوَايَاهُ آيَةَ الْكُرْسِيِّ؛ (مصنف ابن أبي شيبة - جـ6 - صـ 127 - رقم: 30026).


(4) قَالَ عبدالله بْنُ مَرْوَانَ (رَحِمَهُ اللهُ): إِنَّ اللَّهَ اخْتَارَ الْكَلَامَ، فَاخْتَارَ الْقُرْآنَ، فَاخْتَارَ مِنْهُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، وَاخْتَارَ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ آيَةَ الْكُرْسِيِّ، وَاخْتَارَ الْبِلَادَ فَاخْتَارَ الْحَرَمَ، وَاخْتَارَ الْحَرَمَ فَاخْتَارَ الْمَسْجِدَ، وَاخْتَارَ الْمَسْجِدَ فَاخْتَارَ مَوْضِعَ الْبَيْتِ؛ (مصنف عبدالرزاق - جـ3 - صـ 367).

 

آية الكرسي أعظم آية في القرآن:

رَوَى مسلمٌ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟ قَالَ: قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟ قَالَ: قُلْتُ: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [البقرة: 255]، قَالَ: فَضَرَبَ فِي صَدْرِي، وَقَالَ: وَاللهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ؛ (مسلم - حديث 810).


• قَوْلُهُ: (لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ) يعني: هَنيئًا لكَ العِلْم.


• قال الإمام النووي (رَحِمَهُ اللهُ): قَالَ الْعُلَمَاءُ: إِنَّمَا تَمَيَّزَتْ آيَةُ الْكُرْسِيِّ بِكَوْنِهَا أَعْظَمَ لِمَا جَمَعَتْ مِنْ أُصُولِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ مِنَ الْإِلَهِيَّةِ والوحدانية وَالْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ وَالْمُلْكِ وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ، وَهَذِهِ السَّبْعَةُ أُصُولُ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ؛ (صحيح مسلم بشرح النووي - جـ6 - صـ94).

 

آية الكرسي من أسباب دخول الجنة:

رَوَى النَّسَائيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ"؛ (حديث صحيح) (صحيح الجامع للألباني - حديث 6464).


• قال الشيخ: عبدالحق الدهلوي (رَحِمَهُ اللهُ): لولا وجوب الـموت وذَوْقِ كلِّ نَفْسٍ إيَّاه لدخل تالي آية الكرسي الـجَنَّة الآن مُعَجَّلًا؛ (لمعات التنقيح - عبدالحق الدهلوي - جـ3ـ صـ 104).

 

آية الكرسي تحفظ المسلم عند نومه:

رَوَى البخاريُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ، وَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَأَرْفَعَنَّكَ إلى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: إِنِّي مُحْتَاجٌ، وَعَلَيَّ عِيَالٌ، وَلِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ، قَالَ: فَخَلَّيْتُ عَنْهُ، فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ البَارِحَةَ؟"، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً، وَعِيَالًا، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ: "أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ، وَسَيَعُودُ"، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّهُ سَيَعُودُ، فَرَصَدْتُهُ، فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ، فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إلى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاجٌ، وَعَلَيَّ عِيَالٌ، لا أَعُودُ، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ؟"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً، وَعِيَالًا، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ: "أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ"، فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ، فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ، فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إلى رَسُولِ اللَّهِ، وَهَذَا آخِرُ ثَلاثِ مَرَّاتٍ، أَنَّكَ تَزْعُمُ لا تَعُودُ، ثُمَّ تَعُودُ، قَالَ: دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا، قُلْتُ: مَا هُنَّ؟ قَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إلى فِرَاشِكَ، فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلا يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ البَارِحَةَ؟"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ: "مَا هِيَ؟" قُلْتُ: قَالَ لِي: إِذَا أَوَيْتَ إلى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾، وَقَالَ لِي: لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلا يَقْرَبكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ -وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الخَيْرِ- فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلاثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟"، قَالَ: لا، قَالَ: "ذَاكَ شَيْطَانٌ"؛ (البخاري - حديث: 2311).


• قَوْلُهُ: (وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ)؛ أَيْ: وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِجَمْعِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ لِيُفَرِّقَهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ.


• قَوْلُهُ: (فَأَتَانِي آتٍ)؛ أَيْ: فَجَاءَنِي شخصٌ لا أعرفه.


• قَوْلُهُ: (فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ)؛ أيْ: يأخُذُ بِكَفَّيْه مِنَ الطَّعَامِ، وَيَجْعَلُهُ فِي وِعَائِهِ.


• قَوْلُهُ: (وَاللَّهِ لَأَرْفَعَنَّكَ إلى رَسُولِ اللَّهِ)؛ أَيْ: وَاللَّهِ لَأَذْهَبَنَّ بِكَ إلى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ أَيْ: لِيَقْطَعَ يَدَكَ؛ فَإِنَّكَ سَارِقٌ.


• قَوْلُهُ: (إِنِّي مُحْتَاجٌ)؛ أَيْ: أنا رَجُلٌ فَقِيرٌ.


• قَوْلُهُ: (وَعَلَيَّ عِيَالٌ)؛ أَيْ: لي زوجة وأولاد أنفقُ عليهم.


• قَوْلُهُ: (وَلِي حَاجَةٌ)؛ أَيْ: أصَابتني حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ جَعَلتني أَسْرِقُ مِن هذا الطعام.


• قَوْلُهُ: (فَخَلَّيْتُ عَنْهُ)؛ أَيْ: تَرَكْتُهُ ينصرف.


• قَوْلُهُ: (فَرَصَدْتُهُ)؛ أَيِ: انْتَظَرْتُهُ وَرَاقَبْتُهُ.


• قَوْلُهُ: (لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ)؛ أيْ: اللهُ تَعَالَى يـجعلُ لكَ مَلَكًا يـَحْفَظُكَ ويَـحْرُسكَ مِن شرور الجِنِّ والإِنْسِ مِن الليل حَتَّى تَدْخُل فِي الصَّبَاحِ؛ (مرقاة المفاتيح - علي الهروي - جـ4 - صـ1462).

 

شرح بعض معاني آية الكرسي:

• قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255].


فائدة مهمة: عَدَدُ كلمات آية الكرسي خمسون كلمةً، وَعَدَدُ حروفها مائة وثمانون حرفًا، وثواب تلاوتها ألف وثماني مائة حسنةً، وتشتمل عَلَى عَشْرِ جُمَلٍ مُسْتَقِلَّةٍ، كل جملة لها معنى عظيم، واشتملت هذه الآية المباركة على خمسة أسماء مِن أسماء الله الحسنى، وهي: (اللهُ ـــ الْحَيُّ ـــ الْقَيُّومُ ـــ الْعَلِيُّ ـــ الْعَظِيمُ).


• قَوْلُهُ: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾؛ أيْ: لَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إِلَّا اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.


قال الإمام الطبري (رَحِمَهُ اللهُ): قَوْلُهُ: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾: خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ، أَخْبَرَ عِبَادَهُ أَنَّ الْأُلُوهِيَّةَ خَاصَّةٌ بِهِ دُونَ مَا سِوَاهُ مِنَ الْآلِهَةِ وَالْأَنْدَادِ، وَأَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تَصْلُحُ وَلَا تَجُوزُ إِلَّا لَهُ؛ لِانْفِرَادِهِ بِالرُّبُوبِيَّةِ، وَتَوَحُّدِهِ بِالْأُلُوهِيَّةِ، وَأَنَّ كُلَّ مَا دُونَهُ فَمِلْكُهُ، وَأَنَّ كُلَّ مَا سِوَاهُ فَخَلْقُهُ، لَا شَرِيكَ لَهُ فِي سُلْطَانِهِ وَمُلْكِهِ؛ احْتِجَاجًا مِنْهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ ذَلِكَ إِذْ كَانَ كَذَلِكَ، فَغَيْرُ جَائِزَةٍ لَهُمْ عِبَادَةُ غَيْرِهِ، وَلَا إِشْرَاكُ أَحَدٍ مَعَهُ فِي سُلْطَانِهِ؛ إِذْ كَانَ كُلُّ مَعَبُودٍ سِوَاهُ فَمِلْكُهُ، وَكُلُّ مُعَظَّمٍ غَيْرهُ فَخَلْقُهُ، وَعَلَى الْمَمْلُوكِ إِفْرَادُ الطَّاعَةِ لِمَالِكِهِ، وَصَرْفُ خِدْمَتِهِ إلى مَوْلَاهِ وَرَازِقِهِ؛ (تفسير الطبري - جـ5 - صـ 170).


• قَوْلُهُ:﴿ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾:

﴿ الْحَيُّ ﴾؛ أي: الَّذِي لَهُ الْحَيَاةُ الدَّائِمَةُ وَالْبَقَاءُ الَّذِي لَا أَوَّلَ لَهُ، وَلَا آخِرُ لَهُ، كُلُّ مَا سِوَاهُ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ حَيًّا فَلِحَيَاتِهِ أَوَّلٌ وَآخِرٌ، يَنْقَطِعُ بِانْقِطَاعِ أَمَدِهَا وَيَنْقَضِي بِانْقِضَاءِ غَايَتِهَا؛ (تفسير الطبري - جـ4 - صـ 527).


• ﴿ الْقَيُّومُ ﴾؛ أيْ: الْقَائِمُ بِرِزْقِ مَا خَلَقَ وَحِفْظِهِ؛ (تفسير الطبري - جـ4 - صـ 528).


• قال الشيخ السعدي (رَحِمَهُ اللهُ): قَوْلُهُ: ﴿ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾: هذان الاسمان الكريمان يدلان على سائر الأسماء الحسنى دلالة مطابقة وتضمنًا ولزومًا، فالحي مَن له الحياة الكاملة المستلزمة لجميع صفات الذات؛ كالسمع والبصر والعِلْم والقدرة، ونحو ذلك، والقيوم: هو الذي قام بنفسه وقام بغيره، وذلك مستلزم لجميع الأفعال التي اتصف بها رب العالمين مِن فعله ما يشاء مِن الاستواء والنزول والكلام والقول والخلق والرزق والإماتة والإحياء، وسائر أنواع التدبير، كل ذلك داخل في قيوميَّة الباري؛ (تفسير السعدي - صـ110).


• رَوَى الترمذيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَرَبَهُ أَمْرٌ، قَالَ: يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ؛ (حديث حسن) (صحيح الترمذي للألباني - حديث: 2796).

 

أسماء الله الحسنى كثيرة:

أسماءُ الله الحسنى ليست محصورة في عَدَدٍ مُعَيَّنٍ، ولا يَعلمُ عَدَدها إلا اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

• رَوَى أحمدُ عَنْ عبدالله بنِ مسعودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا قَالَ عَبْدٌ قَطُّ إِذَا أَصَابَهُ هَمٌّ وَحَزَنٌ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، وَابْنُ عَبْدِكَ، وَابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي، إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّهُ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَ حُزْنِهِ فَرَحًا"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَعَلَّمَ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، قَالَ: "أَجَلْ يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهُنَّ أَنْ يَتَعَلَّمَهُنَّ"؛ (حديث صحيح) (السلسلة الصحيحة للألباني - جـ1 - حديث 199).

 

موقف المسلم من صفات الله تعالى:

عَقيدة أهل السُّنَّةِ والجماعة هي الإيمان بأن الله تعالى موصوف بصفات الكمال والجلال، فأهل السُّنَّةِ يؤمنون بما وَصَفَ اللهُ تَعَالَى به نفسه في القرآن الكريم، وبما وصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم في سُنَّته، مِن غير تحريف، ولا تعطيل، ومِن غير تكييف، ولا تشبيه، فالله عـز وجل ليس كمثله شيء، لا في ذاته ولا في صفاته، ولا في أفعاله، وهو كما قال سُبْحَانهُ: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11]؛ ولذلك يجب علينا أن نثبت كل ما أثبته اللهُ تَعَالَى لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، مِن غير تأويل، فنثبت على سبيل المثال صفة الحياة الدائمة؛ قال جَلَّ شَأْنُهُ: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ﴾ [البقرة: 255]؛ (شرح العقيدة الواسطية - محمد خليل الهراس - صـ16).


• قَوْلُهُ: ﴿ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ﴾؛ أيْ: لَا يَأْخُذُهُ نُعَاسٌ فَيَنْعَسُ، وَلَا نَوْمٌ فَيُسْتَثْقَلُ نَوْمًا؛ (تفسير الطبري - جـ4 - صـ 530).


• قال الإمام ابن كثير (رَحِمَهُ اللهُ): قَوْلُهُ: ﴿ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ﴾؛ أَيْ: لَا يَعْتَرِيهِ نَقْصٌ وَلَا غَفْلَةٌ وَلَا ذُهُولٌ عَنْ خَلْقِهِ بَلْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ، شَهِيدٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، لَا يَغِيبُ عَنْهُ شَيْءٌ، وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ، وَمِنْ تَمَامِ الْقَيُّومِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَعْتَرِيهِ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ، فَقَوْلُهُ: ﴿ لَا تَأْخُذُهُ ﴾؛ أَيْ: لَا تَغْلِبُهُ سِنَةٌ؛ وَهِيَ الْوَسَنُ وَالنُّعَاسُ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿ وَلا نَوْمٌ ﴾؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنَ السِّنَةِ؛ (تفسير ابن كثير - جـ1 - صـ 678).


• رَوَى مسلمٌ عَنْ أَبِي مُوسَى الأشْعَرِي، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ، فَقَالَ: "إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّورُ -وَفِي رِوَايَةِ: النَّارُ- لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ؛ (مسلم - حديث: 293).


• قَوْلُهُ: (وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ): مَعْنَاهُ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يَنَامُ، وَأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ فِي حَقِّهِ النَّوْمُ، فَإِنَّ النَّوْمَ انْغِمَارٌ وَغَلَبَةٌ عَلَى الْعَقْلِ يَسْقُطُ بِهِ الْإِحْسَاسُ، وَاللَّهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ، وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ في حَقِّهِ جَلَّ وَعَلا.


• قَوْلُهُ: (يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ):

قَالَ الإمام ابن قتيبة (رَحِمَهُ اللهُ): الْقِسْطُ: الْـمِيزَانُ، وَسُمِّيَ قِسْطًا؛ لِأَنَّ الْقِسْطَ الْعَدْلُ، وَبِالْمِيزَانِ يَقَعُ الْعَدْلُ، قَالَ: وَالْـمُرَادُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَـخْفِضُ الْـمِيزَانَ وَيَرْفَعُهُ بِمَا يُوزَنُ مِنْ أَعْمَالِ الْعِبَادِ الْـمُرْتَفِعَةِ، وَيُوزَنُ مِنْ أَرْزَاقِهِم النَّازِلَةِ، وَهَذَا تَمْثِيلٌ لِمَا يُقَدَّرُ تَنْزِيلُهُ، فَشُبِّهَ بِوَزْنِ الْمِيزَانِ.


وَقِيلَ: الْـمُرَادُ بِالْقِسْطِ الرِّزْقُ الَّذِي هُوَ قِسْطُ كُلِّ مَـخْلُوقٍ يَخْفِضُهُ فَيُقَتِّرُهُ وَيَرْفَعُهُ فَيُوَسِّعُهُ.


• قَوْلُهُ: (حِجَابُهُ النُّورُ) الْحِجَابُ: أَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ الْمَنْعُ وَالسَّتْرُ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْمَانِعُ مِنْ رُؤْيَتِهِ، وَسُمِّيَ ذَلِكَ الْمَانِعُ نُورًا أَوْ نَارًا؛ لِأَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ مِنَ الْإِدْرَاكِ فِي الْعَادَةِ لِشُعَاعِهِمَا.


• قَوْلُهُ: (سُبُحَاتُ وَجْهِهِ)؛ أيْ: نُورُهُ وَجَلَالُهُ وَبَهَاؤُهُ.


• قَوْلُهُ: (مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ) الْـمُرَادُ: جَمِيعُ الْـمَخْلُوقَاتِ؛ لِأَنَّ بَصَرَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُحِيطٌ بِجَمِيعِ الْكَائِنَاتِ، وَالتَّقْدِيرُ: لَوْ أَزَالَ الْمَانِعَ مِنْ رُؤْيَتِهِ وَهُوَ الْحِجَابُ الْـمُسَمَّى نُورًا أَوْ نَارًا وَتَـجَلَّى لِـخَلْقِهِ؛ لَأَحْرَقَ جَلَالُ ذَاتِهِ جَمِيعَ مَـخْلُوقَاتِهِ؛ (صحيح مسلم بشرح النووي - جـ3 - صـ13:14).


• قَوْلُهُ: ﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ﴾ دَلِيلٌ عَلَى إِحَاطَةِ عِلْمِهِ بِجَمِيعِ الْكَائِنَاتِ: مَاضِيهَا وَحَاضِرِهَا وَمُسْتَقْبَلِهَا؛ كَقَوْلِهِ إِخْبَارًا عَنِ الْمَلَائِكَةِ: ﴿ وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ﴾ [مريم: 64]؛ (تفسير ابن كثير - جـ1 - صـ679).


• قَوْلُهُ: ﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ﴾ [البقرة: 255]؛ أَيْ: لَا يَطَّلِعُ أَحَدٌ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَى شَيْءٍ إلا بِمَا أَعْلَمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَطْلَعَهُ عَلَيْهِ؛ (تفسير ابن كثير - جـ1 - صـ679).


• قَوْلُهُ: ﴿ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ﴾؛ أيْ: مَالِكُ جَمِيعِ ذَلِكَ بِغَيْرِ شَرِيكٍ وَلَا نَدِيدٍ، وَخَالِقُ جَمِيعِهِ دُونَ كُلِّ آلِهَةٍ وَمَعْبُودٍ وَإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا تَنْبَغِي الْعِبَادَةُ لِشَيْءٍ سِوَاهُ؛ لِأَنَّ الْمَمْلُوكَ إِنَّمَا هُوَ طَوْعُ يَدِ مَالِكِهِ، وَلَيْسَ لَهُ خِدْمَةُ غَيْرِهِ إِلَّا بِأَمْرِهِ، يَقُولُ: فَجَمِيعُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مُلْكِي وَخَلْقِي، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْبَدَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِي غَيْرِي وَأَنَا مَالِكُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يَعْبُدَ غَيْرَ مَالِكِهِ، وَلَا يُطِيع سِوَى مَوْلَاهُ؛ (تفسير الطبري - جـ4 - صـ 534).


• قَوْلُهُ: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾ يَعْنِي بِذَلِكَ: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ لَمَمَالِيكِهِ إِنْ أَرَادَ عُقُوبَتَهُمْ إِلَّا أَنْ يَخْلِيَهُ، وَيَأْذَنَ لَهُ بِالشَّفَاعَةِ لَهُمْ، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ تَعَالَى ذِكْرُهُ؛ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا: مَا نَعْبُدُ أَوْثَانَنَا هَذِهِ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إلى اللَّهِ زُلْفَى، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لَهُمْ: لِي مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ، مَعَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مُلْكٌ، فَلَا تَنْبَغِي الْعِبَادَةُ لِغَيْرِي، فَلَا تَعْبُدُوا الْأَوْثَانَ الَّتِي تَزْعُمُونَ أَنَّهَا تُقَرِّبُكُمْ مِنِّي زُلْفَى، فَإِنَّهَا لَا تَنْفَعُكُمْ عِنْدِي وَلَا تُغْنِي عَنْكُمْ شَيْئًا، وَلَا يَشْفَعُ عِنْدِي أَحَدٌ لِأَحَدٍ إِلَّا بِتَخْلِيَتِي إِيَّاهُ وَالشَّفَاعَةِ لِمَنْ يَشْفَعُ لَهُ مِنْ رُسُلِي وَأَوْلِيَائِي وَأَهْلِ طَاعَتِي؛ (تفسير الطبري - جـ4 - صـ 535).


معنى الشفاعة: هي التوسط للغير بجلب منفعةٍ مشروعةٍ له، أو دفع مضرة عنه.

 

شروط الشفاعة المقبولة عند الله تعالى:

الشفاعة المقبولة عند الله تعالى لا بُدَّ أن تتوفر فيها ثلاثةُ شروطٍ؛ هي:

أولًا: إسلام المشفوع له؛ قال اللهُ تعالى: ﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴾ [غافر: 18].


ثانيًا: رضا الله تعالى عن الشافع والمشفوع له؛ قال تعالى: ﴿ وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى ﴾ [النجم: 26].


ثالثًا: إذن الله تعالى بالشفاعة؛ قال تعالى: ﴿ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [يونس: 3]؛ (الشفاعة لمقبل الوادعي - صـ13:12).


• قَوْلُهُ: ﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ﴾ دَلِيلٌ عَلَى إِحَاطَةِ عِلْمِهِ بِجَمِيعِ الْكَائِنَاتِ: مَاضِيهَا وَحَاضِرِهَا وَمُسْتَقْبَلِهَا؛ كَقَوْلِهِ إِخْبَارًا عَنِ الْمَلَائِكَةِ: ﴿ وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ﴾ [مريم: 64]؛ (تفسير ابن كثير - جـ1 - صـ679).


• قَوْلُهُ: ﴿ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ ﴾؛ أَيْ: لَا يَطَّلِعُ أَحَدٌ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَى شَيْءٍ إلا بِمَا أَعْلَمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَطْلَعَهُ عَلَيْهِ؛ (تفسير ابن كثير - جـ1 - صـ679).


• قَوْلُهُ: ﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ﴾: رَوَى ابن خزيمة عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: الْكُرْسِيُّ: مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ، وَالْعَرْشُ لَا يُقْدَرُ قَدْرُهُ؛ (صحيح)، (التوحيد لابن خزيمة - جـ12 - صـ 248)، (مختصر العلو - الألباني - صـ 102 - رقم: 45).


• رَوَى أبو الشيخ عَنْ أَبِي ذَرّ الْغِفَارِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ آيَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَيْكَ أَعْظَمُ؟ قَالَ: "آيَةُ الْكُرْسِيِّ"، ثُمَّ قَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ، مَا السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ فِي الْكُرْسِيِّ إِلَّا كَحَلَقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي أَرْضٍ فَلَاةٍ، وَفَضْلُ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ الْفَلَاةِ عَلَى تِلْكَ الْحَلَقَةِ"؛ (حديث صحيح) (كتاب العظمة - أبو الشيخ الأصبهاني - جـ2 - صـ 569)، (مختصر العلو - الألباني - صـ 130 - رقم: 105).


• قال الإمام الألباني (رَحِمَهُ اللهُ): هذا الحديث خَرَجَ مَخْرَجَ التفسير لقوله تعالى: ﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ﴾، وهو صريح في كون الكرسي أعظم المخلوقات بعد العرش، وأنه جرْمٌ قائم بنفسه، وليس شيئًا معنويًّا، ففيه ردٌّ على من يتأوَّله بمعنى المُلك، وسعة السلطان، كما جاء في بعض التفاسير، وما رُوِي عن ابن عباس أنه العِلم، فلا يصح إسناده إليه؛ (السلسلة الصحيحة للألباني - جـ1 - صـ 226).


• قَوْلُهُ: ﴿ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ﴾؛ أيْ: لَا يَثْقُلُ عَلَى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حِفْظُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ؛ (تفسير الطبري - جـ4 - صـ 544).


• قَوْلُهُ: ﴿ وَهُوَ الْعَلِيُّ ﴾؛ أيْ: وَهُوَ ذُو عُلُوٍّ وَارْتِفَاعٍ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَالْأَشْيَاءُ كُلُّهَا دُونَهُ؛ لِأَنَّهُمْ فِي سُلْطَانِهِ، جَارِيَةٌ عَلَيْهِمْ قُدْرَتُهُ، مَاضِيَةٌ فِيهِمْ مَشِيئَتُهُ.


• قَوْلُهُ: ﴿ الْعَظِيمُ ﴾؛ أيْ: الَّذِي لَهُ الْعَظَمَةُ وَالْكِبْرِيَاءُ؛ (تفسير الطبري - جـ20 - صـ 466).


• قال الإمام ابن كثير (رَحِمَهُ اللهُ): قَوْلُهُ: ﴿ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ كَقَوْلِهِ: ﴿ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾ [سبأ: 23]، وَكَقَوْلِهِ: ﴿ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ ﴾ [الرعد: 9]، وَهَذِهِ الْآيَاتُ وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِنَ الْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ الْأَجْوَدُ فِيهَا طَرِيقَةُ السَّلَفِ الصَّالِح إِمْرَارُهَا كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَشْبِيهٍ؛ (تفسير ابن كثير - جـ1 - صـ 682).


وَآخِــرُ دَعْوَانَا أَنِ الْـحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَالتَّابِعِينَ لَـهُمْ بِإِحْسَانٍ إلى يَوْمِ الدِّينِ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وقفات مع آية الكرسي (4)
  • وقفات مع آية الكرسي (5)
  • وقفات مع آية الكرسي (6)
  • وقفات مع آية الكرسي (7)
  • آية الكرسي
  • حديث: من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة
  • آية الكرسي مفتاح كنز ومشكاة نور
  • تفسير آية الكرسي
  • قراءة آية الكرسي قبل النوم سبب لطرد الشيطان
  • تدبر آية الكرسي

مختارات من الشبكة

  • الدرس الثاني: فضائل آية الكرسي(مقالة - ملفات خاصة)
  • المؤلفون في تفسير آية الكرسي وخواصها وفضائلها(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من فضائل النبي: منزلة الفضيلة ومعجزة القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • محضر سماع (الأربعون في فضائل الأعمال) على مؤلفها فضيلة الشيخ محمد بن لطفي الصباغ(مقالة - موقع د. محمد بن لطفي الصباغ)
  • 45 فضيلة من فضائل أذكار الصلاة(كتاب - آفاق الشريعة)
  • 30 فضيلة من فضائل أذكار الصباح والمساء(كتاب - آفاق الشريعة)
  • 23 فضيلة من فضائل أذكار النوم والاستيقاظ (WORD)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • فضائل سورة البقرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأربعون في فضائل السور والآيات (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الأربعون الربانية من فضائل السور والآيات القرآنية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب