• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

منهج ابن كثير في دعوة أهل الكتاب

منهج ابن كثير في دعوة أهل الكتاب
مبارك بن حمد الحامد الشريف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/4/2021 ميلادي - 16/9/1442 هجري

الزيارات: 7920

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

منهج ابن كثير في دعوة أهل الكتاب

 

أهل الكتاب هم اليهود[1] والنصارى[2]؛ لقوله تعالى: ﴿ أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا ﴾ [الأنعام: 156]، قال ابن كثير[3]: "عن ابن عباس: هم اليهود والنصارى"[4]، و"سُمُّوا أهلَ الكتاب؛ لانتسابهم إلى كتبهم السابقة، وخُصُّوا بهذا الوصف وإنْ وقع كثير منهم في الشِّرك والوثنية؛ باعتبار الأصل"[5].

 

قال ابن حجر رحمه الله: "فأما اليهود والنصارى، فهم المراد بأهل الكتاب بالاتفاق"[6]، ولقد اعتنى ابن كثير رحمه الله بالحديث عن اليهود والنصارى، وكان رحمه الله على علم وثقافة واسعة بمعرفة ديانة أهل الكتاب - خاصة النصارى - فضلًا عن التحريف والتبديل الذي طرأ على كتبهم المقدَّسة، إضافة إلى ذلك فقد كان العصر الذي عاش فيه ابنُ كثير هو امتدادًا للصراع بين المسلمين والنصارى، ومن أبرز ملامح منهج ابن كثير في دعوة أهل الكتاب:

1- دعوة أهل الكتاب إلى الدخول في الإسلام، كما قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ﴾ [البقرة: 208]، يقول ابن كثير: "عن ابن عباس: يعني مؤمني أهل الكتاب؛ فإنهم كانوا مع الإيمان بالله مستمسكين ببعض أمرِ التوراة والشرائع التي أُنزِلت فيهم، فقال: ﴿ ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ﴾، يقول: ادخلوا في شرائع دين محمد صلى الله عليه وسلم ولا تَدَعوا منها شيئًا، وحسْبُكم الإيمان بالتوراة وما فيها"[7].

 

وكذلك دعْوتُهم إلى كلمة سواء، كما قال تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 64]، يقول ابن كثير: "هذا الخطاب يعُمُّ أهلَ الكتاب من اليهود والنصارى وما جرى مجراهم... والكلمة تطلَق على الجملة المفيدة كما قال هاهنا، ثم وصفها بقوله: ﴿ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ﴾؛ أي عدل ونَصَف نستوي نحن وأنتم فيها، ثم فسرها بقوله: ﴿ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا ﴾ ولا وثنًا ولا صنمًا، ولا صليبًا ولا طاغوتًا ولا نارًا ولا شيئًا، بل تُفرَد العبادة لله وحده لا شريك له، وهذه دعوة جميع الرسل... ﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا ﴾ عن هذا النصف وهذه الدعوة، فأَشهِدوهم أنتم على استمراركم على الإسلام الذي شرَعَه الله لكم"[8].

 

وكذلك دعْوتُهم إلى الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، فقد أخَذَ الله الميثاق إنْ جاءهم محمدٌ لَيُؤمنُنَّ به ولَينصُرُنَّه، كما قال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ﴾ [آل عمران: 81]، يقول ابن كثير: "يُخبِر تعالى أنه أخذ ميثاق كل نبيٍّ من لدن آدم عليه السلام إلى عيسى عليه السلام: لَمهما آتى الله أحدَهم من كتاب وحكمة، وبلَغَ أيَّ مَبلغ، ثم جاء رسولٌ من بعده لَيؤمِنَنَّ به ولَينصُرَنَّه، ولا يمنعه ما هو فيه من العلم والنبوة من اتِّباع مَن بُعث بعده ونُصرتِه"[9].

 

وحينما يُدْعى أهل الكتاب إلى الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم؛ فلأن صفته موجودة في التوراة والإنجيل، كما قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ﴾ [الأعراف: 157]، يقول ابن كثير: "وهذه صفة محمد صلى الله عليه وسلم في كتب الأنبياء، بَشَّروا أُمَمَهم ببعثته، وأمَروهم بمتابعته، ولم تَزَلْ صفتُه موجودةً في كتبهم يَعرِفها علماؤهم وأحبارهم"[10].

 

وكذلك حينما يُدعى أهل الكتاب إلى الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم؛ فلأن دِينَه موافق في الأصول لِما جاءت به الأنبياء السابقون، كما قال سبحانه: ﴿ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ﴾ [الشورى: 13]، يقول ابن كثير: "والدِّين الذي جاءت به الرسل كلُّهم هو: عبادة الله وحده لا شريك له، وإن اختلَفتْ شرائعهم ومناهجهم"[11]؛ من أجل هذا أنكَرَ الله عليهم عدم التحاكم إلى ما في التوراة والإنجيل من الدعوة إلى اتِّباع محمد صلى الله عليه وسلم، فقال سبحانه: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [آل عمران: 23]، يقول ابن كثير: "يقول تعالى منكِرًا على اليهود والنصارى المتمسِّكين فيما يزعمون بكتابَيْهم اللذينِ بأيديهم، وهما التوراة والإنجيل: وإذا دُعُوا إلى التحاكم إلى ما فيهما من طاعة الله فيما أمرهم به فيهما من اتِّباع محمد صلى الله عليه وسلم، تَوَلَّوْا وهم معرِضون عنهما، وهذا في غاية ما يكون من ذمِّهم، والتنويه بذكرهم بالمخالفة والعناد"[12].

 

2- أسلوب دعوة أهل الكتاب: من الأساليب التي ذكَرَها ابن كثير في دعوة أهل الكتاب إلى الإسلام: مجادلتُهم بالتي هي أحسن، وكذلك استخدام الترغيب والترهيب، وتذكيرهم بنِعَمِ الله عليهم، ونحو ذلك، يقول رحمه الله عند تفسير الآية: ﴿ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ﴾ [العنكبوت: 46]: "وقال آخرون: بل هي باقية محكَمة لمن أراد الاستبصار منهم في الدِّين، فيجادَل بالتي هي أحسن ليكون أنجَعَ فيه.... وقوله: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ﴾؛ أي: حادوا عن طريق الحق، وعَمُوا عن واضح المحجة، وعانَدوا وكابَروا، فحينئذٍ ينتقل من الجِدال إلى الجِلاد، ويُقاتَلون بما يردعهم ويمنعهم"[13].

 

وأما أسلوب الترغيب، فكما قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ * وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ﴾ [المائدة: 65، 66]، فيقول ابن كثير: "أي لو آمَنوا بالله ورسوله، واتقَوا ما كانوا يتعاطَونه من المحارم والمآثم، ﴿ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ﴾؛ أي: لَأزَلْنا عنهم المحذور، وأَنَلْناهم المقصود، وقوله: ﴿ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ﴾؛ يعني بكثرة الرزق النازل عليهم من السماء، والنابت لهم من الأرض"[14].

 

وأما أسلوب الترهيب، فكما قال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا ﴾ [النساء: 47]، يقول ابن كثير: "يقول الله تعالى آمرًا أهلَ الكتاب بالإيمان بما نزَّلَ على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم من الكتاب العظيم، الذي فيه تصديق الأخبار التي بأيديهم من البشارات، ومتهددًا لهم إن لم يفعلوا بقوله: ﴿ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا ﴾، قال بعضهم: معناه من قبل أن نطمس وجوهًا، فطمسُها هو ردُّها إلى الأدبار، وجعل أبصارهم من ورائهم، ويحتمل أن يكون المراد: من قبل أن نطمس وجوهًا فلا يبقى لها سمعٌ ولا بصر ولا أثر، ويرُدُّها مع ذلك إلى ناحية الأدبار..... ﴿ أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ ﴾؛ يعني الذين اعتدَوا في سَبْتِهم بالحيلة على الاصطياد، وقد مُسِخوا قِردةً وخنازيرَ"[15].

 

وأما التذكير بنِعَمِ الله، فكما قال تعالى: ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ﴾ [البقرة: 40]، يقول ابن كثير: "قال مجاهد: نعمة الله التي أنعم بها عليهم... فجَّر لهم الحجر، وأنزَلَ عليهم المَنَّ والسَّلوى، وأنجاهم من عبودية آل فرعون"[16]، وقال تعالى: ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [البقرة: 47]، يقول ابن كثير: "يُذكِّرهم تعالى سالف نِعَمِه على آبائهم وأسلافهم، وما كان فضَّلَهم به من إرسال الرسل منهم، وإنزال الكتب عليهم، وعلى سائر الأمم من أهل زمانهم"[17].

 

3- النهي عن التشبُّهِ بهم، فقد أكَّد رحمه الله: "أن الله تعالى نهى المؤمنين عن مشابهة الكافرين قولًا وفعلًا، فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 104].... وذلك أن اليهود كانوا يعانون من الكلام ما فيه تورية لما يقصدونه من التنقيص - عليهم لعائن الله - فإذا أرادوا أن يقولوا: اسمَعْ لنا، يقولون: راعِنا، ويورُّون بالرُّعونة"[18].

 

وكذلك النهي عن اتِّباع طرائقهم، كما قال تعالى: ﴿ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾ [البقرة: 120]، يقول ابن كثير: "فيه تهديد ووعيد للأمَّة عن اتباع طرائق اليهود والنصارى بعدما عَلِموا من القرآن والسُّنة، عياذًا بالله من ذلك، فإن الخِطاب مع الرسول، والأمرُ لأُمَّتِه"[19].

 

وابن كثير رحمه الله حينما يُحذِّر المؤمنين بأن الله نهاهم عن اتباع طرائق اليهود والنصارى، فما ذاك إلا لأنهم يحسُدون المؤمنين، فهم أعداء لهم في الظاهر والباطن، كما قال سبحانه: ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ ﴾ [البقرة: 109]، يقول ابن كثير: "يحذِّر تعالى عباده المؤمنين عن سلوك طرائق الكفار من أهل الكتاب، ويُعلِمهم بعداوتهم في الباطن والظاهر، وما هم مشتملون عليه من الحسد للمؤمنين، مع علمهم بفضلهم وفضل نبيِّهم"[20].

 

ويقول أيضًا عند تفسير الآية: ﴿ وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾ [آل عمران: 69]: "يُخبِر تعالى عن حسد اليهود للمؤمنين، وبغيِهم إياهم الإضلالَ، وأخبر أنَّ وَبالَ ذلك إنما يعود على أنفسهم وهم لا يشعرون"[21].

 


 

[1] اليهود هم أمَّة موسى عليه السلام، وسُمُّوا يهودًا نسبة إلى "يهوذا" بن يعقوب، الذي ينتمي إليه بنو إسرائيل الذين بُعث فيهم موسى عليه السلام، فقلَبت العربُ الذال دالًا، وقيل: نسبة إلى الهَوْد، وهو التوبة والرجوع؛ وذلك نسبة إلى قول موسى لربه: ﴿ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ ﴾ [الأعراف: 156]؛ أي: تُبْنا ورجعنا إليك يا ربنا، فسُمُّوا هُودًا، ثم حوِّلت إلى يهود، والله أعلم، انظر الموجز في الأديان والمذاهب المعاصرة للدكتور ناصر القفاري وناصر العقل ص 18 طبعة دار العصيمي للنشر بالرياض ط الأولى 1413هـ.

 

[2] النصارى نسبة إلى بلدة الناصرة في فلسطين، وهي التي وُلِد فيها المسيح، أو إشارة إلى صفة، وهي نصرُهم لعيسى عليه السلام وتناصُرهم فيما بينهم، وهذا يخُص المؤمنين منهم في أول الأمر، ثم أُطلِقَ عليهم كلِّهم على وجه التغليب، ويشهد لذلك قوله تعالى: ﴿ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ ﴾ [الصف: 14]. انظر المرجع نفسه ص 64.

 

[3] وقد تكرر إطلاق أهل الكتاب على اليهود والنصارى عند ابن كثير في أكثر من موضع في تفسيره؛ انظر مثلًا 1/ 456 عند تفسير الآية: 64 من سورة الأنعام. 2/ 42 عند تفسير الآية: 14 من سورة المائدة، 2/ 47 عند تفسير الآية: 19 من سورة المائدة، 2/ 27 عند تفسير الآية: 5 من سورة المائدة.

 

[4] انظر تفسير القرآن العظيم 2/ 245.

 

[5] المدخل إلى علم الدعوة؛ للدكتور محمد أبو الفتح البيانوي ص 179 طبعة مؤسسة الرسالة بيروت الطبعة الأولى 1412هـ.

 

[6] فتح الباري شرح صحيح البخاري؛ لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني 6/ 259، الناشر دار المعرفة، بيروت 1379هـ.

 

[7] انظر تفسير القرآن العظيم 1/ 308.

 

[8] انظر تفسير القرآن العظيم 1/ 456.

 

[9] انظر تفسير القرآن العظيم 1/ 463.

 

[10] المرجع نفسه 2/ 317. وقد ذكر ابن كثير بعضًا من الأدلة على الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، انظر مثلًا: 4/ 424 الصف آية 6، 1/ 160 البقرة آية 95، 1/ 452 آل عمران آية 61، 1/ 157 البقرة 89.

 

[11] المرجع نفسه 4/ 128.

 

[12] انظر تفسير القرآن العظيم 1/ 438.

 

[13] المرجع نفسه 3/ 513.

 

[14] انظر تفسير القرآن العظيم 2/ 99.

 

[15] المرجع نفسه 1/ 620-621.

 

[16] انظر تفسير القرآن العظيم 1/ 106.

 

[17] المرجع نفسه 1/ 114.

 

[18] المرجع نفسه 1/ 186.

 

[19] انظر تفسير القرآن العظيم 1/ 204.

 

[20] المرجع نفسه 1/ 192.

 

[21] المرجع نفسه 1/ 458.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • منهج ابن كثير في الدعوة إلى الإيمان بالله
  • منهج ابن كثير في الدعوة إلى الإيمان بالملائكة
  • منهج ابن كثير في الدعوة إلى الإيمان بالكتب
  • منهج ابن كثير في الدعوة إلى الإيمان بالرسل
  • منهج ابن كثير في الدعوة إلى الإيمان باليوم الآخر
  • منهج ابن كثير في الدعوة إلى الإيمان بالقدر
  • منهج ابن كثير في الدعوة إلى الشريعة
  • منهج ابن كثير في دعوة المشركين
  • منهج ابن كثير في توجيه الدعاة
  • استخدام ابن كثير لوسائل الدعوة وأساليبها
  • دور التدريس والإفتاء في الدعوة إلى الله عند الحافظ ابن كثير
  • الطريقة التي يستفيد منها المدعو المعاصر من منهج ابن كثير
  • الاستفادة من منهج ابن كثير في كيفية الدعوة في العصر الحاضر
  • أحكام خاصة بأهل الكتاب
  • أهل الكتاب وشمولية الانتساب إلى الكتاب

مختارات من الشبكة

  • منهج الزركشي في النكت على ابن الصلاح مقارنة مع منهج ابن حجر في نكته (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة العاشرة: أضواء على المنهج العقدي في وصايا لقمان)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة السادسة: تابع منهج الإمام الطبري في التفسير)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة الثانية: التعريف بالمنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • مدلول المنهج والتواصل والحوار اللغوي والاصطلاحي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أولويات التربية "عقيدة التوحيد"(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • سيد المناهج (المنهج الوصفي)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • لا إله إلا الله: منهج حياة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اعتماد منهج الحافظ ابن كثير الدعوي على الكتاب والسنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحث على لزوم منهج السلف الصالح في طريق الدعوة، والحذر من المناهج البدعية المخالفة (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب