• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

منهج ابن كثير في دعوة عامة الناس

منهج ابن كثير في دعوة عامة الناس
مبارك بن حمد الحامد الشريف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/4/2021 ميلادي - 5/9/1442 هجري

الزيارات: 5453

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

منهج ابن كثير في دعوة عامة الناس

 

توطئة:

رسالة محمد صلى الله عليه وسلم هي الرسالة الخاتمة؛ فلا غرو أن تكون عامَّةً للعالمين، وكافةً للناس أجمعين؛ لأن الله سبحانه وتعالى لن يبعث نبيًّا بعد محمد صلى الله عليه وسلم، كما قال سبحانه: ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ﴾ [الأحزاب: 40]، قال ابن كثير: "فهذه الآية نصٌّ على أنه لا نبي بعده، وإذا كان لا نبي بعده، فلا رسول بعده بطريق الأَولى والأحرى"[1].

 

فإذًا رسالتُه صلى الله عليه وسلم عامة للناس جميعًا، كما قال سبحانه: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ﴾ [الأعراف: 158]، يقول ابن كثير: "وهذا خطاب للأحمر والأسود، والعربيِّ والعَجَمي... وهذا من شرفِه وعظَمتِه أنه خاتم النبيين، وأنه مبعوث إلى الناس كافة"[2].

 

وعلى هذا؛ فالدعاة إلى الله مأمورون بدعوة الناس جميعًا؛ لأن قدوتهم في ذلك نبيُّهم صلى الله عليه وسلم، كما قال ابن كثير: "أمر الله عز وجل رسولَه صلى الله عليه وسلم ألا يخُصَّ بالإنذار أحدًا"[3].

 

وكذلك صحبه الكرام ومن سار على منهجهم، واقتفى أثرهم، من العلماء والدعاة والمصلحين، وابن كثير رحمه الله من أولئك الأئمة الأعلام، والمصلِحين العِظام، الذي تربَّى في مدرسة الإمام ابن تيمية رحمه الله، ثم إن العصر الذي عاش فيه كلٌّ من ابن تيمية وابن كثير مشابهٌ إلى حدٍّ كبير لحال عصرنا اليوم في تفرُّق المسلمين واختلافهم، وتكالُب الأعداء عليهم، وانتشار البدع والمنكَرات بين كثير منهم؛ لذلك فالدعاة إلى الله اليوم هم بأمسِّ الحاجة لمعرفة منهج ابن كثير في دعوته للناس، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، وسواء كانوا من عامة الناس، أو من العلماء والولاة، أو من أهل البدع والمنكرات، وهذا ما سنتحدث عنه في هذا الفصل إن شاء الله.

♦   ♦   ♦

 

مرَّ معنا في خصائص منهج الدعوة إلى الله عند ابن كثير شمولُ منهج ابن كثير في الدعوة إلى الإسلام؛ فقد اعتنى في دعوته بالعقيدة والشريعة والعبادة، وكذا قضايا المجتمع وأحداثه، ودعوة الطوائف والفِرَق، ودعوة المرأة ونحوهم.

 

وفي هذا المبحث سنتعرض لدعوته المسلمين، سواء كانوا من عامة الناس، أو من العلماء والولاة، أو من أهل البدع والمنكَرات والنِّفاق.

 

منهجه في دعوة عامة الناس:

عامَّةُ الناس هم أكثر أصنافِ المدعوِّين من المسلمين؛ فهم الأغلبية من الناس؛ إذ إن منهم الفقراء والضعفاء ونحوهم ممن يعمل في أنواع الحرف وسائر المهن[4].

 

ومنهم - كما يعبِّر عنهم ابن كثير - الهمج والرَّعاع، الذين هم أتْباع كل ناعق[5]، ومنهم الشباب والأطفال والنِّساء[6].

 

ويغلب على هذا الصنفِ من الناس أنهم أسرعُ استجابة من غيرهم للخير وقَبول الحق[7].

 

وهذا راجعٌ إلى سلامة فِطَرِهم، وأصالة الخير في نفوسهم، ويمكن تصنيفهم من حيث قوة التزامهم للإسلام وضعفه، ومن حيث معرفتهم للإسلام وجهله، إلى ثلاثة أقسام:

1- ظالم لنفسه.

2- مُقتصِد.

3- سابق بالخيرات.

 

كما قال سبحانه: ﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ﴾ [فاطر: 32]؛ فالظالم لنفسه هو "المفرِّط في فعل بعض الواجبات، المرتكب لبعض المحرَّمات"[8]، والمقتصِدُ هو "المؤدِّي للواجبات التارك للمحرَّمات، وقد يترك بعض المستحبات ويفعل المكروهات"[9]، والسابق بالخيرات هو "الفاعل للواجبات والمستحبات، التارك للمحرَّمات والمكروهات وبعض المباحات"[10].

 

وعلى ضوء تعريف ابن كثير لهذه الأصناف، فإن منهجه في دعوة عامة الناس تتلخص في النقاط التالية:

1- القيام بدعوة كلِّ صنف حسَبَ حاله وموقفه من الاستجابة إلى الحق والالتزام به؛ فالسابق إلى الخيرات والمستقيم على الطاعة تكون دعوتُه بأن يكثر من الطاعات، ويزداد من الخيرات، كما قال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، يقول ابن كثير: "أي حافِظوا على الإسلام في حال صحتكم وسلامتكم لتموتوا عليه؛ فإن الكريم قد أجرى عادتَه بكَرَمِه أن من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بُعِث عليه، فعياذًا بالله من خلاف ذلك"[11].

 

يقول سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء: 136]، يقول ابن كثير: "يأمر عباده المؤمنين بالدخول في جميع شرائع الإيمان وشُعَبِه وأركانه ودعائمه، وليس هذا من باب تحصيل الحاصل، بل من باب تكميل الكامل وتقريره وتثبيته والاستمرار عليه"[12].

 

والظالم لنفسه بالحرص والمبادرة بالتوبة، والرجوع إلى الله والإنابة إليه، والإقلاع عن المعاصي والآثام، كما قال سبحانه: ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ﴾ [طه: 82]، يقول ابن كثير: "أي كل من تاب إليَّ تُبْتُ عليه من أيِّ ذنب كان... وقوله: ﴿ ثُمَّ اهْتَدَى ﴾؛ أي: لزم الإسلام حتى يموت"[13].

 

وأما المُقتصِدُ، فيكون بدعْوتِه إلى الثبات على الطاعة، وتجنُّبِ المعصية، وأن يترقَّى بحاله إلى حال المتقين السابقين بالخيرات، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ﴾ [الأعراف: 201]، يقول ابن كثير: "يُخبِر تعالى عن المتقين من عباده الذين أطاعوه فيما أمَر، وتركوا ما عنه زجر: أنهم ﴿ إِذَا مَسَّهُمْ ﴾ أي أصابهم، ﴿ طَائِفٌ ﴾ منهم من فسَّره بالهمِّ بالذنب، ومنهم من فسَّره بإصابة الذنب، وقوله: ﴿ تَذَكَّرُوا ﴾؛ أي: عقابَ الله وجزيل ثوابه، ووعده ووعيده، فتابوا وأنابوا، واستعاذوا بالله ورجعوا إليه من قريب، ﴿ فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ﴾؛ أي: قد استقاموا وصحوا مما كانوا فيه"[14].

 

فالدعاة إلى الله عليهم أن يستفيدوا من هذا التصنيف، ومن هذا المنهج العاطفي في الحرص على دعوة الناس، والمنهج العقلي في مراعاة أحوالهم، ودعوة كلِّ صنف حسب حاله.

 

2- من الأمور التي يحرص عليها ابن كثير مع المدعوِّين تذكيرُهم بفائدة صحبة الأخيار، وتحذيرُهم من دعاة السوء والأشرار، فيقول رحمه الله عند تفسير الآية: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنعام: 68]: "والمراد بهذا كلُّ فرد من آحاد الأمَّة أن لا يجلسوا مع المكذِّبين الذين يُحَرِّفون آيات الله ويضَعونها على غير مواضعها، فإذا جلس أحد منهم ناسيًا ﴿ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى ﴾؛ أي: بعد التذكُّر"[15].

 

ويقول عند تفسير الآية: ﴿ قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا ﴾ [الأنعام: 71]: "هذا مَثَلٌ ضرَبَه الله للآلهة ومن يدعو إليها، والدعاة الذين يَدْعون إلى الله عز وجل، كمَثَلِ رجلٍ ضلَّ عن الطريق، إذ ناداه مناد: (يا فلان بن فلان، هلمَّ إلى الطريق)، وله أصحاب يَدْعونه: (يا فلان، هلم إلى الطريق)، فإذا اتبَع الداعيَ الأول انطلَق به حتى يُلقيَه إلى الهلَكة، وإن أجاب من يدعوه إلى الهدى اهتدى إلى الطريق"[16].

 

وقد لفت رحمه الله النظرَ إلى فائدة صُحبة الأخيار في قصة أهل الكهف الذين صَحِبَهم كلبُهم لما خرَجوا إلى الغار، فقال: "وشملت كلبَهم برَكتُهم، فأصابه ما أصابهم من النوم على تلك الحال، وهذه فائدةُ صحبة الأخيار؛ فإنه صار لهذا الكلبِ ذِكْرٌ وخبر وشأن"[17].

 

3- دعوة ابن كثير للمرأة والشباب والأطفال:

فمن أصناف المدعوِّين من عامة الناس: النساءُ والشباب والأطفال، وقد اعتنى ابن كثير بدعوتهم وتوجيههم، فحرَص على بيان طبيعة المرأة وعلاقتها بالرجل، وتكريم الإسلام لها، وإعطائها حقوقها، وصيانتها من التبرج والسفور والاختلاط، ومنع السُّبل المؤدية إلى فتنتها وإيذائها، ونحو ذلك مما ذكرناه مفصلًا عند الحديث عن شمول دعوة ابن كثير للمرأة.

 

وأما الشباب، فهم عند ابن كثير يختلفون عن غيرهم من أصناف المدعوِّين في سرعة الاستجابة للدعوة، وتقبُّل الخير؛ لأن الشباب في نظر ابن كثير "أقبَلُ للحق، وأهدى للسبيل، من الشيوخ الذين عتَوا وعسوا في دين الباطل؛ ولهذا كان أكثر المستجيبين لله ولرسوله شبابًا، وأما المشايخ من قريش، فعامَّتُهم بقُوا على دينهم، ولم يُسْلم منهم إلا القليلُ"[18].

 

ولذلك اعتنى ابن كثير في تفسيره بدعوة الشباب وتوجيههم، وذكر مواقفهم الإيمانية، وسِيَرِهم البطوليَّة، وتفانيهم في البذل والتضحية، كما حرَص على نصحهم وتوجيههم، وبيَّن لهم طبيعة المرحلة التي يعيشونها، وهي مرحلة الشباب، وما فيها من العثرات والزلَّات، وحذَّرهم من ذلك، حيث أورد كلام عمر رضي الله عنه للشابِّ قبيصة بن جابر حينما قال له: "يا قبيصة بن جابر، إني أراك شابَّ السِّنِّ، فسيحَ الصدرِ، بيِّنَ اللسانِ، وإن الشاب يكون فيه تسعةُ أخلاق حسنة وخلُقٌ سيئ، فيُفسِد الخلُقُ السيئ الأخلاقَ الحسنة؛ فإياك وعثراتِ الشباب"[19].

 

ومن المواقف الجميلة التي ذكَرَها ابن كثير في تفسيره عن الشباب: قصة إسماعيل عليه السلام مع أبيه إبراهيم لمَّا أمره الله بذبحه، فلم يتردَّد ولم يتلكأ، بل قال: ﴿ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الصافات: 102][20] ، وكذلك قصة شباب أهل الكهف حينما "توافَقوا كلُّهم على كلمة واحدة، فصاروا يدًا واحدة، وإخوانَ صدق، فاتخَذوا لهم معبدًا يعبُدون الله فيه"[21].

 

وكذلك قصة عبدالله بن عبدالله بن أُبَيٍّ ابن سلولَ، لما وقف عند مدخل المدينة ومنَعَ أباه من الدخول إليها إلا بإذن من الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال له أبوه: ما لك؟ ويلك! فقال: والله لا تَجُوزُ من هاهنا، حتى يأذن لك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنه العزيز وأنت الذليل"[22].

 

وكذلك موقف الغلام الذي قتَلَه مَلِكُ نجرانَ ليرُدَّه عن دينه فأبى، في قصة أصحاب الأخدود[23]، وغيرها من المواقف المتعددة الذي ذكرها ابن كثير في تفسيره، وهناك مواقفُ عملية لابن كثير نفسِه في دعوة الشباب وتعليمهم العلم، وامتحانهم وإجازتهم، وقد ذكرها في كتابه البداية والنهاية[24].

 

وأما الأطفال: فقد ذكر رحمه الله جملةً من الآداب والأساليب المناسبة لتوجيههم، وتربيتهم التربية المناسبة لهم، فمن ذلك مثلًا:

 

♦ تعويدهم على الاستئذان عند الدخول، كما قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ﴾ [النور: 58]، إلى قوله: ﴿ وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾ [النور: 59]، قال ابن كثيـر: "يعني إذا بلغ الأطفال الذين إنما كانوا يَسأذنون في العَوْرات الثلاث، إذا بلَغوا الحُلُمَ وجب عليهم أن يَستأذنوا على كل حال، يعني بالنسبة إلى أجانبهم، وإلى الأحوال التي يكون الرجل فيها مع أهله، وإن لم يكن في الأحوال الثلاث"[25].

 

♦ تعويدُهم على العبادة وتمرينهم عليها، يقول رحمه الله عند تفسير الآية: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6]: "وفي معنى هذه الآية الحديث الذي رواه الإمام أحمد.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مُرُوا الصبيَّ بالصلاة إذا بلغ سبع سنين، فإذا بلغ عشر سنين فاضرِبوه عليها)).. قال الفقهاء: وهكذا في الصوم؛ ليكون ذلك تمرينًا له على العبادة؛ لكي يبلُغ وهو مستمر على العبادة والطاعة، ومجانبة المعصية وترك المنكَر، والله الموفق"[26].

 

♦ منعهم من اللعب والعبث في المساجد، يقول ابن كثير عند تفسير الآية: ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ﴾ [النور: 36]: "وفي الحديث: ((جنِّبوا مساجدَكم صِبيانَكم))؛ وذلك لأنهم يلعبون فيه ولا يناسبهم، وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا رأى صبيانًا يلعبون في المسجد ضرَبَهم بالمِخفَقة، وهي الدِّرَّةُ"[27].

 

وغيرها من الآداب والتوجيهات التربويَّة المناسبة للأطفال[28]، التي ينبغي على الدعاة والمربِّين أن يراعُوها في تربية الأطفال وتنشئتهم تنشئة إسلامية صحيحة[29].

 


 

[1] انظر تفسير القرآن العظيم 3/ 606.

 

[2] المرجع نفسه 2/ 321.

 

[3] المرجع نفسه 4/ 555 عند تفسير الآية: ﴿ أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى ﴾ [عبس: 5، 6].

 

[4] انظر منهج ابن كثير وجهوده في الدعوة إلى الله، إبراهيم بن مرشد المرشد ص 648 رسالة دكتوراه، بحث لم يطبع.

 

[5] انظر البداية والنهاية لابن كثير 18/ 140 في أحداث سنة 714هـ.

 

[6] انظر الدعوة الإسلامية للدكتور محمد زين الهادي العرمابي ص 124.

 

[7] انظر منهج ابن كثير للمرشد ص 648.

 

[8] انظر تفسير القرآن العظيم 3/ 680.

 

[9] المرجع نفسه 3/ 680.

 

[10] المرجع نفسه 3/ 680.

 

[11] المرجع نفسه 1/ 475.

 

[12] انظر تفسير القرآن العظيم 1/ 690.

 

[13] المرجع نفسه 3/ 204.

 

[14] انظر تفسير القرآن العظيم 2/ 350.

 

[15] المرجع نفسه 2/ 184.

 

[16] انظر تفسير القرآن العظيم 2/ 185.

 

[17] المرجع نفسه 3/ 98.

 

[18] المرجع نفسه 3/ 96 عند تفسير الآية: ﴿ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴾ [الكهف: 13].

 

[19] انظر تفسير القرآن العظيم 2/ 128.

 

[20] المرجع نفسه 4/ 20.

 

[21] المرجع نفسه 3/ 95-96.

 

[22] انظر المرجع نفسه 4/ 439.

 

[23] انظر المرجع نفسه 4/ 583.

 

[24] انظر البداية والنهاية 18/ 488، في أحداث سنة 747هـ، 18/ 658 في أحداث 763هـ.

 

[25] انظر تفسير القرآن العظيم 3/ 378.

 

[26] انظر تفسير القرآن العظيم 4/ 461، والحديث أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة رقم (494) والترمذي كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الصبي بالصلاة رقم (407).

 

[27] المرجع نفسه 3/ 365، والحديث أخرجه ابن ماجه، كتاب المساجد والجماعات، باب ما يكره في المساجد رقم (750)

 

[28] انظر المرجع نفسه 3/ 595 عند تفسير الآية: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ ﴾ [الأحزاب: 33]، 4/ 422 عند تفسير الآية: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 2]، 4/ 466 عند تفسير سورة الملك.

 

[29] للاستزادة انظر الدعوة الإسلامية الاستيعاب والشمول، للدكتور محمد زين الهادي العرمابي ص 124 - 135، مرجع سابق، ومنهج تقديم الدعوة للمؤلف نفسه ص 31-43 طبعة مركز الكتاب للنشر - القاهرة 1991م.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مفهوم الدعوة إلى الله وأهميتها عند ابن كثير
  • اعتماد منهج الحافظ ابن كثير الدعوي على الكتاب والسنة
  • نظرة الحافظ ابن كثير إلى العقل
  • إنكار ابن كثير على من عارض النصوص بالرأي
  • طرق المعرفة عند ابن كثير
  • اعتماد ابن كثير اللغة العربية في تفسيره القرآن الكريم
  • رجوع ابن كثير في تفسيره إلى اللغة واحتكامه إليها
  • اهتمام ابن كثير بشتى جوانب اللغة
  • استدلال ابن كثير باللغة في المسائل الخلافية
  • منهج ابن كثير في دعوة الولاة
  • منهج ابن كثير في دعوة أهل النفاق

مختارات من الشبكة

  • منهج الزركشي في النكت على ابن الصلاح مقارنة مع منهج ابن حجر في نكته (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شمول دعوة ابن كثير للطوائف والفرق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مدلول المنهج والتواصل والحوار اللغوي والاصطلاحي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج ابن كثير في الدعوة إلى الله من خلال كتابه: تفسير القرآن العظيم (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • الاستفادة من منهج ابن كثير في كيفية الدعوة في العصر الحاضر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاستفادة من منهج ابن كثير في موضوع الدعوة في العصر الحاضر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج ابن كثير في دعوة المشركين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج ابن كثير في دعوة أهل الكتاب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج ابن كثير في دعوة أهل البدع والمنكرات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج ابن كثير في دعوة العلماء(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب