• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الثبات عند الابتلاء بالمعصية (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    اللسان بين النعمة والنقمة (خطبة)
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    فخ استعجال النتائج
    سمر سمير
  •  
    من مائدة الحديث: خيرية المؤمن القوي
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    وفاء القرآن الكريم بقواعد الأخلاق والآداب
    عمرو عبدالله ناصر
  •  
    خطبة: كيف أتعامل مع ولدي المعاق؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    تذكير (للأحياء) مِن الأحياء بحقوق الأموات عليهم!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    الوسيلة والفضيلة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حقوق الطريق (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    حديث: حسابكما على الله، أحدكما كاذب لا سبيل لك ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    حديث: «نقصان عقل المرأة ودينها» بين نصوص السنة ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    تحبيب الله إلى عباده
    عبدالرحيم بن عادل الوادعي
  •  
    خطبة: المصافحة
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    دور السنة النبوية في وحدة الأمة وتماسكها (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    خطبة عن الافتراء والبهتان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    خطبة: الشهوات والملذات بين الثواب والحسرة
    عبدالعزيز أبو يوسف
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن / تفسير القرآن الكريم
علامة باركود

تفسير: (ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني)

تفسير القرآن الكريم


تاريخ الإضافة: 20/8/2017 ميلادي - 28/11/1438 هجري

الزيارات: 185035

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير: (ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني)


♦ الآية: ﴿ وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾.

♦ السورة ورقم الآية: الأعراف (143).

♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا ﴾ أَيْ: في الوقت الذي وقَّتنا له﴿ وكلمه ربُّه ﴾ فلمَّا سمع كلام الله ﴿ قال ربِّ أرني ﴾ نفسك ﴿ أنظر إليك ﴾ والمعنى: إنَّي قد سمعتُ كلامك فأنا أحبُّ أن أراك ﴿ قال لن تراني ﴾ في الدُّنيا ﴿ ولكن ﴾ اجعل بيني وبينك ما هو أقوى منك وهو الجبل ﴿ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ ﴾ أَيْ: سكن وثبت ﴿ فسوف تراني ﴾ وإن لم يستقرَّ مكانه فإنَّك لا تطيق رؤيتي كما أنَّ الجبل لا يطيق رؤيتي ﴿ فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ ﴾ أَيْ: ظهر وبان ﴿ جعله دكاً ﴾ أَيْ: مدقوقاً مع الأرض كِسَراً تراباً ﴿ وخرَّ ﴾ وسقط ﴿ موسى صعقاً ﴾ مغشياً عليه ﴿ فلما أفاق قال سبحانك ﴾ تنزيهاً لك من السُّوء ﴿ تبتُ إليك ﴾ من مسألتي الرُّؤية في الدُّنيا ﴿ وأنا أول المؤمنين ﴾ أوَّل قومي إيماناً.

♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ ﴾، أَيْ: لِلْوَقْتِ الَّذِي ضَرَبْنَا لَهُ أَنْ نُكَلِّمَهُ فِيهِ. قَالَ أَهْلُ التفسير: إن موسى تَطَهَّرَ وَطَهَّرَ ثِيَابَهُ لِمِيعَادِ رَبِّهِ فلما أَتَى طُورَ سَيْنَاءَ. وَفِي الْقِصَّةِ: أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْزَلَ ظلة على أربعة فَرَاسِخَ وَطَرَدَ عَنْهُ الشَّيْطَانَ وَطَرَدَ عَنْهُ هَوَامَّ الْأَرْضِ وَنَحَّى عَنْهُ الملكين وكشط له السماء، فرأى الْمَلَائِكَةَ قِيَامًا فِي الْهَوَاءِ وَرَأَى الْعَرْشَ بَارِزًا وَكَلَّمَهُ اللَّهُ وَنَاجَاهُ حَتَّى أَسْمَعَهُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَهُ فَلَمْ يَسْمَعْ مَا كلّمه به رَبُّهُ وَأَدْنَاهُ حَتَّى سَمِعَ صَرِيرَ الْقَلَمِ فَاسْتَحْلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَلَامَ رَبِّهِ وَاشْتَاقَ إِلَى رُؤْيَتِهِ، ﴿ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ﴾، قَالَ الزَّجَّاجُ: فِيهِ اخْتِصَارٌ تَقْدِيرُهُ أَرِنِي نَفْسَكَ أَنْظُرْ إِلَيْكَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَعْطِنِي النَّظَرَ إِلَيْكَ. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ سَأَلَ الرُّؤْيَةَ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُرَى فِي الدُّنْيَا؟ قَالَ الْحَسَنُ: هَاجَ بِهِ الشَّوْقُ فَسَأَلَ الرُّؤْيَةَ. وَقِيلَ: سَأَلَ الرُّؤْيَةَ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُرَى فِي الدُّنْيَا قالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ لَنْ تَرانِي ﴾، وَلَيْسَ لِبَشَرٍ أَنْ يُطِيقَ النَّظَرَ إِلَيَّ فِي الدُّنْيَا مَنْ نَظَرَ إِلَيَّ فِي الدُّنْيَا مَاتَ، فَقَالَ: إِلَهِي سَمِعْتُ كَلَامَكَ فَاشْتَقْتُ إِلَى النَّظَرِ إِلَيْكَ وَلَأَنْ أَنْظُرَ إِلَيْكَ ثُمَّ أَمُوتُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعِيشَ وَلَا أَرَاكَ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَنْ تَرانِي ﴿ وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ ﴾، وَهُوَ أَعْظَمُ جَبَلٍ بِمَدْيَنَ يُقَالُ لَهُ زُبَيْرٌ. قَالَ السُّدِّيُّ: لَمَّا كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى غَاصَ الْخَبِيثُ إِبْلِيسُ فِي الْأَرْضِ حَتَّى خرج من بين قدمي موسى، فوسوس إليه وقال: إنّ من كلّمك شَيْطَانٌ فَعِنْدَ ذَلِكَ سَأَلَ مُوسَى الرُّؤْيَةَ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَنْ تَرانِي، وَتَعَلَّقَتْ نُفَاةُ الرُّؤْيَةِ بِظَاهِرِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَقَالُوا: قَالَ الله لَنْ تَرانِي، وَلَنْ تَكُونُ لِلتَّأْبِيدِ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهَا، وَمَعْنَى الْآيَةِ: لَنْ تَرَانِي فِي الدُّنْيَا أَوْ فِي الْحَالِ، لِأَنَّهُ كَانَ يسأل الرؤية في الحال ولن لَا تَكُونُ لِلتَّأْبِيدِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً ﴾ [الْبَقَرَةُ: 95]، إِخْبَارًا عَنِ الْيَهُودِ، ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يَتَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ فِي الْآخِرَةِ كما قال الله تعالى: ﴿ وَنادَوْا يَا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ ﴾ [الزخرف: 77]، ﴿ ويا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ ﴾ (27) [الْحَاقَّةُ: 27]، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَنْسِبْهُ إِلَى الجهل بسؤال الرؤية وأنه لم يَقُلْ إِنِّي لَا أَرَى حَتَّى تَكُونَ لَهُمْ حُجَّةٌ بَلْ عَلَّقَ الرُّؤْيَةَ عَلَى اسْتِقْرَارِ الْجَبَلِ وَاسْتِقْرَارُ الجبل عند التَّجَلِّي غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ إِذَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ تِلْكَ الْقُوَّةَ، وَالْمُعَلَّقَ بِمَا لَا يَسْتَحِيلُ لَا يَكُونُ مُحَالًا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي ﴾، قَالَ وَهْبٌ وَابْنُ إِسْحَاقَ: لَمَّا سَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ الرُّؤْيَةَ أَرْسَلَ اللَّهُ الضَّبَابَ وَالصَّوَاعِقَ وَالظُّلْمَةَ وَالرَّعْدَ وَالْبَرْقَ وأحاط بِالْجَبَلِ الَّذِي عَلَيْهِ مُوسَى أَرْبَعَةَ فَرَاسِخَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَأَمَرَ الله ملائكة السماء أن يعرضوا عَلَى مُوسَى فَمَرَّتْ بِهِ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا كَثِيرَانِ الْبَقَرِ تَنْبُعُ أَفْوَاهُهُمْ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّقْدِيسِ بِأَصْوَاتٍ عَظِيمَةٍ كَصَوْتِ الرَّعْدِ الشَّدِيدِ، ثُمَّ أَمَرَ اللَّهِ مَلَائِكَةَ السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ أَنِ اهْبِطُوا عَلَى مُوسَى، فَاعْتَرَضُوا عَلَيْهِ فَهَبَطُوا عَلَيْهِ أَمْثَالَ الْأُسُودِ لَهُمْ لَجَبٌ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّقْدِيسِ، فَفَزِعَ الْعَبْدُ الضَّعِيفُ ابْنُ عِمْرَانَ مِمَّا رَأَى وَسَمِعَ وَاقْشَعَرَّتْ كُلُّ شَعْرَةٍ فِي رَأْسِهِ وَجَسَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ نَدِمْتُ عَلَى مَسْأَلَتِي فَهَلْ يُنْجِينِي مِنْ مَكَانِي الَّذِي أَنَا فِيهِ شَيْءٌ؟ فَقَالَ لَهُ خَيْرُ الْمَلَائِكَةِ ورأسهم: يا موسى اصْبِرْ لِمَا سَأَلْتَ، فَقَلِيلٌ مِنْ كَثِيرٍ مَا رَأَيْتَ. ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ مَلَائِكَةَ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ أَنِ اهْبِطُوا عَلَى مُوسَى فَاعْتَرَضُوا عَلَيْهِ، فَهَبَطُوا أَمْثَالَ النُّسُورِ لَهُمْ قَصْفٌ ورجف ولجب شَدِيدٌ، وَأَفْوَاهُهُمْ تَنْبُعُ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّقْدِيسِ لهم جلب كَجَلَبِ الْجَيْشِ الْعَظِيمِ أَلْوَانُهُمْ كَلَهَبِ النار، ففزع موسى واشتدّ فزعه وَأَيِسَ مِنَ الْحَيَاةِ، فَقَالَ لَهُ خير الملائكة: يَا ابْنَ عِمْرَانَ مَكَانَكَ حَتَّى تَرَى مَا لَا تَصْبِرُ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمَرَ اللَّهِ مَلَائِكَةَ السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ أَنِ اهْبِطُوا فَاعْتَرِضُوا عَلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ، فَهَبَطُوا عَلَيْهِ لا يشبههم شيء من الملائكة الَّذِينَ مَرُّوا بِهِ قَبْلَهُمْ أَلْوَانُهُمْ كَلَهَبِ النَّارِ، وَسَائِرُ خَلْقِهِمْ كَالثَّلْجِ الأبيض أصواتهم عالية بِالتَّقْدِيسِ وَالتَّسْبِيحِ لَا يُقَارِبُهُمْ شَيْءٌ مِنْ أَصْوَاتِ الَّذِينَ مَرُّوا بِهِ قبلهم، فاصطكّت ركبتاه وارتعد قَلْبُهُ وَاشْتَدَّ بُكَاؤُهُ، فَقَالَ لَهُ خَيْرُ الْمَلَائِكَةِ وَرَأْسُهُمْ: يَا ابْنَ عِمْرَانَ اصْبِرْ لِمَا سَأَلْتَ فَقَلِيلٌ مِنْ كَثِيرٍ مَا رَأَيْتَ، ثُمَّ أمر الله مَلَائِكَةَ السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ أَنِ اهْبِطُوا فَاعْتَرِضُوا عَلَى مُوسَى فَهَبَطُوا عَلَيْهِ لَهُمْ سَبْعَةُ أَلْوَانٍ فَلَمْ يَسْتَطِعْ مُوسَى أَنْ يُتْبِعَهُمْ بَصَرَهُ، لَمْ يَرَ مِثْلَهُمْ وَلَمْ يَسْمَعْ مِثْلَ أَصْوَاتِهِمْ فَامْتَلَأَ جَوْفُهُ خَوْفًا وَاشْتَدَّ حُزْنُهُ وَكَثُرَ بُكَاؤُهُ، فَقَالَ لَهُ خَيْرُ الْمَلَائِكَةِ وَرَأْسُهُمْ: يَا ابْنَ عِمْرَانَ مَكَانَكَ حَتَّى تَرَى بَعْضَ مَا لَا تَصْبِرُ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ مَلَائِكَةَ السَّمَاءِ السَّادِسَةِ أَنِ اهْبِطُوا عَلَى عَبْدِي الَّذِي طلب أن يراني فَهَبَطُوا عَلَيْهِ فِي يَدِ كُلِّ ملك منهم عمود مثل النخلة الطويلة نار أَشَدَّ ضَوْءًا مِنَ الشَّمْسِ، وَلِبَاسُهُمْ كَلَهَبِ النَّارِ إِذَا سَبَّحُوا وَقَدَّسُوا جَاوَبَهُمْ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ مِنْ ملائكة السموات، كُلُّهُمْ يَقُولُونَ بِشِدَّةِ أَصْوَاتِهِمْ: سُبُّوحٌ قدّوس ربّ الملائكة والروح، رَبُّ الْعِزَّةِ أَبَدًا لَا يَمُوتُ، وفي رَأْسِ كُلِّ مَلَكٍ مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ، فَلَمَّا رَآهُمْ مُوسَى رَفَعَ صَوْتَهُ يُسَبِّحُ مَعَهُمْ حِينَ سَبَّحُوا وَهُوَ يَبْكِي وَيَقُولُ: رَبِّ اذْكُرْنِي وَلَا تَنْسَ عَبْدَكَ لَا أَدْرِي أَأَنْفَلِتُ مِمَّا أَنَا فِيهِ أَمْ لا؟ إن خرجت احْتَرَقْتُ وَإِنْ مَكَثْتُ مِتُّ، فَقَالَ لَهُ كَبِيرُ الْمَلَائِكَةِ وَرَأَسُهُمْ: قَدْ أَوْشَكْتَ يَا ابْنَ عِمْرَانَ أَنْ يَشْتَدَّ خَوْفُكَ وَيَنْخَلِعَ قَلْبُكَ فَاصْبِرْ لِلَّذِي سَأَلْتَ، ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ أن يحمل عرشه مَلَائِكَةِ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَلَمَّا بَدَا نُورُ الْعَرْشِ انْفَرَجَ الْجَبَلُ مِنْ عَظَمَةِ الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ، وَرَفَعَتْ ملائكة السموات أصواتهم جميعا يقولون: سبحان الملك الْقُدُّوسِ رَبِّ الْعِزَّةِ أَبَدًا لَا يَمُوتُ بِشِدَّةِ أَصْوَاتِهِمْ، فَارْتَجَّ الْجَبَلُ وَانْدَكَّتْ كُلُّ شَجَرَةٍ كَانَتْ فِيهِ وَخَرَّ الْعَبْدُ الضَّعِيفُ مُوسَى صَعِقًا عَلَى وَجْهِهِ لَيْسَ مَعَهُ رَوْحُهُ، فأرسل الله برحمته الروح فيغشاه، وَقَلَبَ عَلَيْهِ الْحَجَرَ الَّذِي كَانَ موسى عليه وَجَعَلَهُ كَهَيْئَةِ الْقُبَّةِ لِئَلَّا يَحْتَرِقَ مُوسَى، فَأَقَامَهُ الرُّوحُ مِثْلَ اللَّامَةِ، فقام موسى يسبّح الله وَيَقُولُ: آمَنْتُ بِكَ رَبِّي وَصَدَّقْتُ أَنَّهُ لَا يَرَاكَ أَحَدٌ فَيَحْيَا، مَنْ نَظَرَ إِلَى مَلَائِكَتِكَ انْخَلَعَ قَلْبُهُ فَمَا أَعْظَمَكَ وَأَعْظَمَ مَلَائِكَتَكَ أَنْتَ رَبُّ الْأَرْبَابِ وَإِلَهُ الْآلِهَةِ وَمَلِكُ الْمُلُوكِ، وَلَا يَعْدِلُكَ شَيْءٌ وَلَا يَقُومُ لَكَ شَيْءٌ، رَبِّ تُبْتُ إِلَيْكَ الْحَمْدُ لَكَ لَا شريك لك ما أعظمك ما أَجَلَّكَ رَبَّ الْعَالَمِينَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا ﴾، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ظَهَرَ نُورُ رَبِّهِ لِلْجَبَلِ جَبَلِ زُبَيْرٍ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: أَظْهَرَ اللَّهُ مِنْ نُورِ الْحُجُبِ مِثْلَ مَنْخَرِ ثَوْرٍ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَكَعْبُ الْأَحْبَارِ: مَا تَجَلَّى مِنْ عَظَمَةِ اللَّهِ لِلْجَبَلِ إِلَّا مَثَّلُ سَمِّ الْخِيَاطِ حَتَّى صَارَ دَكًّا. وَقَالَ السُّدِّيُّ: مَا تَجَلَّى إِلَّا قَدَرَ الْخِنْصَرِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا: رَوَى ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ وَقَالَ «هَكَذَا» وَوَضَعَ الْإِبْهَامَ عَلَى الْمَفْصِلِ الْأَعْلَى مِنَ الْخِنْصَرِ، «فَسَاخَ الْجَبَلُ». وَحُكِيَ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَظْهَرَ مِنْ سَبْعِينَ أَلْفِ حِجَابٍ نُورًا قَدَرَ الدِّرْهَمِ، فَجَعَلَ الْجَبَلَ دَكًّا. أَيْ: مُسْتَوِيًا بِالْأَرْضِ. قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ دَكَّاءَ مَمْدُودًا غَيْرَ مُنَوَّنٍ هَاهُنَا وَفِي سُورَةِ الْكَهْفِ، وَافَقَ عَاصِمٌ فِي الْكَهْفِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ دَكًّا مقصورا منوّنا، فمن قصر فَمَعْنَاهُ جَعَلَهُ مَدْقُوقًا: وَالدَّكُّ وَالدَّقُّ وَاحِدٌ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ دَكَّهُ اللَّهُ دكا فتقه كما قال: ﴿ إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا ﴾ [الْفَجْرُ: 21]، وَمَنْ قَرَأَ بِالْمَدِّ أَيْ جَعَلَهُ مُسْتَوِيًا أَرْضًا دَكَّاءَ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ جَعَلَهُ مِثْلَ دَكَّاءَ وَهِيَ النَّاقَةُ الَّتِي لَا سَنَامَ لَهَا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: جَعَلَهُ تُرَابًا. وَقَالَ سُفْيَانُ: سَاخَ الْجَبَلُ فِي الْأَرْضِ حَتَّى وَقَعَ فِي الْبَحْرِ فَهُوَ يَذْهَبُ فِيهِ. وَقَالَ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ: صَارَ رَمْلًا هَائِلًا. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: جَعَلَهُ دَكًّا أَيْ كسرا جبالا صغارا. ووقع في بعض التفاسير: طارت لِعَظَمَتِهِ سِتَّةَ أَجْبُلٍ وَقَعَتْ ثَلَاثَةٌ بِالْمَدِينَةِ أَحَدٌ وَوَرِقَانَ وَرَضْوَى، وَوَقَعَتْ ثَلَاثَةٌ بِمَكَّةَ ثَوْرٌ وَثَبِيرٌ وَحِرَاءٌ. قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحُسْنُ: مَغْشِيًّا عَلَيْهِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: مَيِّتًا. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: خَرَّ مُوسَى صَعِقًا يَوْمَ الْخَمِيسَ يَوْمَ عَرَفَةَ وَأُعْطِي التَّوْرَاةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَوْمَ النَّحْرِ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: لَمَّا ﴿ خَرَّ مُوسَى صعقا ﴾قالت ملائكة السموات: مَا لِابْنِ عِمْرَانَ وَسُؤَالِ الرُّؤْيَةِ؟ وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ: أَنَّ مَلَائِكَةَ السموات أَتَوْا مُوسَى وَهُوَ مَغْشِيٌّ عَلَيْهِ فَجَعَلُوا يَرْكَلُونَهُ بِأَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُونَ: يَا ابْنَ النِّسَاءِ الْحُيَّضِ أَطْمِعْتَ فِي رُؤْيَةِ رَبِّ الْعِزَّةِ؟. ﴿ فَلَمَّا أَفاقَ ﴾، مُوسَى مِنْ صَعْقَتِهِ وَثَابَ إِلَيْهِ عقله وعرف أَنَّهُ قَدْ سَأَلَ أَمْرًا لَا يَنْبَغِي لَهُ، ﴿ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ ﴾، عَنْ سُؤَالِ الرُّؤْيَةِ ﴿ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾، بِأَنَّكَ لَا تُرَى فِي الدُّنْيَا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ: وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِكَ من بني إسرائيل.

تفسير القرآن الكريم





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • غرائب وعجائب التأليف في علوم القرآن (13)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قل أروني الذين ألحقتم به شركاء كلا بل هو الله العزيز الحكيم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تخريج ودراسة أحاديث مواهب الرحمن في تفسير القرآن للشيخ عبد الكريم المدرس (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • تفسير: (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفسر وتفسير: ناصر الدين ابن المنير وتفسيره البحر الكبير في بحث التفسير (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة الثالثة: علاقة التفسير التحليلي بأنواع التفسير الأخرى)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مخيمات صيفية تعليمية لأطفال المسلمين في مساجد بختشيساراي
  • المؤتمر السنوي الرابع للرابطة العالمية للمدارس الإسلامية
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/2/1447هـ - الساعة: 13:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب