• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

شذرات الذهب في نصائح من ذهب

بلال بوساحة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/5/2011 ميلادي - 18/6/1432 هجري

الزيارات: 16371

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شذرات الذهب في نصائح من ذهب

 

بسم الله الرحمن الرحيم

إنَّ الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستهدِيه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفُسِنا ومن سيِّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضْلِلْ فلا هاديَ له، وأشهد أنْ لا إله إلاَّ الله، وحده لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70 - 71].

 

أمّا بعد:

فإنَّ أحسن الكلام كلامُ الله تعالى، وخيْرَ الهَدْيِ هَدْيُ محمّدٍ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وشرَّ الأمور محُدثاتُها، وكلَّ محدثَةٍ بِدْعَة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النَّار[1].

 

أمَّا بعد:

فقد "اتَّفق علماء الاجتماع والسِّياسة والمؤرِّخون من الأمم المختلفة على أنَّ العرب ما نَهضوا نهضتهم الأخيرة بالمدنيَّة والعمران إلا بتأثير الإسلام في جمع كلمتِهم، وإصلاح شؤونهم النفسيَّة والعمَلية، ولكن اضطرب كثيرٌ من الناس في سبب ضعف المسلمين بعد قوَّتِهم، وذهاب ملكِهم وحضارتهم؛ فنسَب بعضُهم كلَّ ذلك إلى دينهم، ومن يتكلَّم في ذلك على بصيرة، يُثبت أنَّ الدِّين الذي كان سببَ الصلاح والإصلاح، لا يمكن أن يكون سببَ الفساد والاختلال؛ لأنَّ العلّة واحدة، لا يصدر عنها معلولاتٌ متناقضة، فإذا كان لدين المسلمين تأثيرٌ في سوء حال خلَفِهم، فلا بدَّ أن يكون ذلك من جهة غير الجهة التي صلحَتْ بها حال سلَفِهم، ما هي إلاَّ البِدَعُ والمُحْدَثات التي فرَّقت جماعتَهم، وزحزحتهم عن الصِّراط المستقيم"[2].

 

كن متبِعًا ولا تكن مبتدعًا:

1 - البدعةُ لغةً: بدَع الشيءَ يَبْدَعُه بَدْعًا وابْتَدَعَه: أَنشأَه وبدأَه، وبَدَعَ الرَّكِيَّة: اسْتَنْبَطَها وأَحدَثها، ورَكِيٌّ بَدِيعٌ: حَدِيثةُ الحَفْر، والبَدِيعُ والبِدْعُ: الشيء الذي يكون أَوّلاً، وفي التَّنْزيل: ﴿ قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ ﴾ [الأحقاف: 9]؛ أيْ: ما كنت أَوّلَ من أُرْسِلَ؛ قد أُرسل قبلي رُسُلٌ كثير[3].

وقال الرازيُّ: "ب د ع: أبْدَعَ الشيءَ: اخترعه لا على مثالٍ، والله بديعُ السَّماوات والأرض؛ أي: مُبْدِعهُما، والبديعُ: المبتدِع، والمُبْتَدَعُ أيضًا، والبديعُ أيضًا الزِّقُّ، وفي الحديث: ((إن تهامة كبديع العسل؛ حلوٌ أوَّله، حلو آخره))؛ شبَّهها بزِقِّ العسل؛ لأنَّه لا يتغيَّر، بخلاف اللَّبَن، وأبْدَعَ الشاعرُ: جاء بالبديع، وشيءٌ بِدْعٌ - بالكسر -: أيْ: مُبتدَع، وفلان بِدْعٌ في هذا الأمر: أيْ بديع، ومنه قوله تعالى: ﴿ قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ ﴾ [الأحقاف: 9]، والبِدْعةُ: الحدَثُ في الدِّين بعد الإكمال، واستَبْدَعَهُ: عدَّه بديعًا، وبَدَّعَهُ تبْدِيعًا: نسبه إلى البدعة"[4].

قال الأصفهانيُّ: "الإبداع: إنشاءُ صنعة بلا احتذاءٍ واقتداء...."[5].

 

2 - البدعة شرعًا: قال الشاطبِيُّ - رحمه الله -: "البدعة طريقة في الدِّين مخترَعة، تُضاهي الشرعيَّة، يُقصَد بالسُّلوك عليها ما يُقصَد بالطريقة الشرعيَّة"[6].

قال الشيخ أحمد الوصابي - حفظه الله -: "البدعة هي كلُّ اعتقادٍ أو عمل أو لفظ أُحْدِثَ بعد موت النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بنيَّة التعبُّد والتقرُّب لله، ولم يدلَّ عليها دليلٌ في الكتاب والسُّنة، ولا من فِعْل السَّلف الصالح"[7].

 

أقسام البدعة خمسة - وكلُّها ضلال - وبعضها أصلٌ من بعض:

أ- بدعة اعتقاديَّة: وهي كلُّ اعتقادٍ يُخالف الكتاب والسنَّة، كمن يعتقد أنَّ الأقطابَ[8]، والأَبْدَال[9]، والأغواث[10] يتصرَّفون في الكون، أو يَعْلمون الغيب.

ب- بدعة عمليَّة: وهي كلُّ عمل يقوم به الشخص تعبُّدًا، وهو مُخالف للكتاب والسُّنة كمن يرقص عند الذِّكر.

ج- بدعة ماليَّة: وهي صَرْف كلِّ مال تعبُّدًا في شيءٍ مُخالف للكتاب، كبناء القباب على القبور، وجَعْل التَّوابيت[11] عليها.

د- بدعة تَرْكيَّة: وهي تَرْكُ الشيء من الدِّين أو المباح؛ تعبُّدًا، كمن ترك النِّكاح أو أكْل اللَّحم تقرُّبًا.

هـ- بدعة لفظيَّة: وهي كلُّ لفظ يَتَلفَّظ به الشخص تعبدًا، وهو مخالف للكتاب والسُّنة، كمن يذكر الله بالاسم المُفْرَد: "الله"، أو بالضَّمير: "هو"[12].

 

قال الشيخ حافظ الحكَميُّ - رحمه الله -: "ثُمَّ البدع - بحسب إخلالِها بالدِّين - قسمان: مكفِّرة لمنتحِلها، وغير مكفِّرة، فضابط البِدعة المكفِّرة: مَن أنكر أمرًا مُجمَعًا عليه، متواتِرًا من الشَّرع، معلومًا من الدِّين بالضرورة؛ من جحودِ مفروضٍ من الفرائض، أو فَرْض ما لم يُفرض، أو تحليل مُحرَّم، أو تحريم حلال، أو اعتقاد ثبوت ما تنَزَّه الله ورسولُه وكتابه عنه.

والبدعة غير المُكَفِّرَة هي ما لم يَلْزم منه تكذيبٌ بالكتاب ولا بشيءٍ مِمَّا أَرسل الله به رسُلَه، مثل "بدع المروانيَّة"؛ أيْ: بِدَع حكَّام الدولة الأمويَّة مِن بني مروان، التي أنكرها عليهم فُضَلاء الصَّحابة، ولم يُقِرُّوهم عليها، ومع ذلك لم يكفِّروهم بشيءٍ منها، ولم يَنْزِعوا يدًا من بيعتهم لأجلها؛ كتأخيرِهم بعض الصَّلوات عن وقتها، وتقديمهم الخُطبة قبل صلاة العيد"[13].

 

تحذير النبي - صلى الله عليه وسلم - من البدع:

• عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من عَمِل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ))[14].

• وفي "الصَّحيحين" عن عائشة أيضًا: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مَن أحدَث في أمرِنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ))[15]، وقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن رغب عن سُنَّتي فليس منِّي))[16]، وقال أيضًا: ((تركتُ فيكم ما إن تمسَّكتم به لن تضلُّوا أبدًا: كتاب الله وسُنَّتي))[17]، وقال: ((أوصيكم بتقوى الله، وإن تأمَّر عليكم عبدٌ، وإنَّه من يَعِشْ منكم من بعدي فسيَرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بِسُنَّتي وسُنَّة الخلفاء الراشدين المهديِّين من بعدي؛ عَضُّوا عليها بالنَّواجذ، وإيَّاكم ومُحْدَثات الأمور؛ فإن كلَّ بدعةٍ ضلالةٌ))[18]، وعن أبي هُرَيرة - رضي الله عنه - أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مَن دعا إلى هُدًى كان له من الأجر مثلُ أجورِ مَن تبِعَه، لا ينقص من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالةٍ كان عليه من الإثم مثلُ آثام من تَبِعَه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا))[19].

• وعند الإمام مسلمٍ أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يخطب النَّاس على المنبر، ويقول: ((أمَّا بعدُ، فإنَّ أصدق الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هدي محمدٍ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وشرَّ الأمور محدثاتها، وكلَّ مُحْدَثَةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة))؛ وزاد النسائي بسندٍ صحيح: ((وكلَّ ضلالةٍ في النَّار)).

• قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((خيرُ النَّاس قرني، ثم الذين يَلُونَهُمْ، ثم الذين يلُونَهُمْ، ثُمَّ يجيء قومٌ تسبق شهادةُ أحدِهم يمينَه، ويمينُه شهادتَه))[20].

• وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ اليهود افترقَتْ على إحدى وسبعين فرقةً، والنَّصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وأنَّ هذه الأُمَّة ستفترق على ثلاثٍ وسبعين فرقة، كلُّها في النَّار إلاَّ واحدة))، قالوا: ما هي يا رسول الله، قال: ((الجماعة))، وفي روايةٍ قال: ((ما أنا عليه وأصحابي))، وفي رواية أخرى: ((السَّواد الأعظم))[21].

• قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لعن الله مَن لعن والِدَيه، ولعن الله من ذبَح لغير الله، ولعن الله مَن آوى مُحْدِثًا، ولعن الله من غيَّرَ منار الأرض))[22].

 

هذا فيمن آوى مُحدِثًا فكيف فيمن أحدَث؟

• وعن أنس بن مالكٍ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ الله حجب التَّوبة عن كلِّ صاحب بدعة حتَّى يدَع بدعته))[23].

• عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما بعث الله نبيًّا إلا كان حقًّا عليه أن يدلَّ أُمَّتَه على خيرِ ما يعلمه لهم، ويُنذِرَهم شَرَّ ما يعلمه لهم))[24]، والبدعة سَمَّاها النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((شَرُّ الأُمُور)).

• وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أنا فرَطُكم[25] على الحوض، وليَخْتَلِجنَّ[26] رجالٌ دوني، فأقول: يا ربِّ أصحابي! فيُقال: إنَّك لا تدري ما أحدثوا بعدك؛ إنَّهم غيَّروا وبدَّلوا))، فيقول النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((سُحقًا[27] سُحقًا لمن غيَّر وبدَّل)).

• قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لكلِّ عمَلٍ شِرَّةٌ[28]، ولكلِّ شرَّةٍ فَتْرَة[29]، فمن كانت فَتْرتُه إلى سُنَّتي فقد اهتدى، ومن كانت فترتُه لغير ذلك هلك))[30].

• قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما مِن رجل يحفظ علمًا فيكتمه، إلاَّ أُتيَ به يوم القيامة ملجمًا بلجامٍ من النَّار))[31].

 

من مواقف الصحابة - رضوان الله عليهم - في إنكار البدعة:

قصة مفيدة حدثَتْ للصحابي الجليل عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه -:

قال الشاطبيُّ[32] - رحمه الله تعالى -: وكالَّذي حكى ابنُ وضَّاح عن الأعمش عن بعض أصحابه، قال: مرَّ عبدالله - ابن مسعود - رضي الله عنه - برجلٍ يقصُّ في المسجد على أصحابه وهو يقول: سبِّحوا عشرًا، وهلِّلوا عشرًا، فقال عبدالله: "إنَّكم لأَهْدى من أصحاب محمَّدٍ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أو أضَلُّ، بل هذه"؛ يعني: أضَلّ.

وفي روايةٍ عنه: أنَّ رجلاً كان يَجْمع الناس فيقول: رحم الله مَن قال كذا وكذا مرَّة: سبحان الله، قال: فيقول القوم، ويقول: رحم الله من قال: كذا وكذا مرة: الحمد لله، قال: فيقول القوم، قال: فمرَّ بهم عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - فقال لهم: لقد هُديتم لِما لم يُهدَ له نبيُّكم! وإنَّكم لَتُمْسِكون بذَنَب ضلالة، وذُكر له أنَّ أناسًا بالكوفة يسبِّحون بالحصى في المسجد، فأتاهم وقد كوَّم كلُّ واحد بين يديه كومًا من حصى، قال: فلم يزل يحصُبُهم[33] بالحصى حتى أخرجهم من المسجد، ويقول: لقد أحدثتم بدعةً وظُلمًا، وقد فضَلْتُم أصحاب محمَّدٍ - صلَّى الله عليه وسلَّم - عِلمًا.

 

• انظر يا أخي المسلم - رحمك الله - كيف أنكر عليهم الصحابِيُّ الجليل رغم أنَّ الذِّكر الوارد فيها مشروعٌ، لكن هَدْيَها كان مخالِفًا لِهَدي النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - من حيث تخصيصُ العدد والزَّمن والمكان دون أيِّ دليل، فماذا لو اطَّلَع هذا الصحابيُّ على مساجد المسلمين اليوم، ورأى ما يحدث فيها من قراءة جماعيَّة للقرآن، وتسبيحٍ بالمسبحة، وحِلَقٍ قبل الجُمُعات...؟

قال الشاطبيُّ [34] - رحمه الله -: "وخرَّجَ أيضًا - أي: ابن وضِّاح - عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنَّه قال: اتَّبعوا آثارنا، ولا تبتَدِعوا؛ فقد كُفيتم"[35]، وخرَّج عنه ابن وهب أيضًا قال: "عليكم بالعلم قبل أن يُقبض، وقَبْضُه بذهاب أهله، عليكم بالعلم؛ فإنَّ أحدكم لا يدري متى يَفتقر أو يُفتقَر إلى ما عنده، وستجدون أقوامًا يزعمون أنَّهم يَدْعون إلى كتاب الله وقد نبذوه وراء ظهورهم، فعليكم بالعلم وإياكم والتبدُّع والتنطُّع[36] والتعمُّق[37]، وعليكم بالعتيق"[38].

وقد أنكر الصَّحابةُ - رضوان الله عليهم - على مَن يزيد في الذِّكر المأثور عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لِما له سبَبٌ، فقد روى التِّرمذيُّ في "سننه" (رقم 2738) أنَّ رجلاً عطس عند ابن عمر - رضي الله عنهما - فقال: الحمد لله والسَّلام على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال ابنُ عمر - رضي الله عنهما -: "ليس هكذا علَّمَنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولكن علَّمَنا أن نقول: الحمد لله على كل حال".

وهذا من حِرْص السَّلَف - رحمهم الله - على لزوم السنَّة، واقتفاء هَدْي وأثر خير هذه الأمة، ألحقَنا الله بهِم، ووفَّقنا لاتِّباعهم.

 

• أخرج البيهقي في "السنن الكبرى" (3/ 363) وغيرُه أثَرًا عن ابن مسعود قوَّى طرُقَه الحافظُ في "الفتح" (13/ 21، 20) عنه - رضي الله عنه - قال: "ليس عامٌ إلاَّ الذي بعده شر، لا أقول: عام أمطر من عام، ولا: عامٌ أخصبُ من عام، ولا: أميرٌ خير من أمير، ولكن ذهاب علمائكم وخياركم، ثُمَّ يَحدُثُ قومٌ يقيسون الأمور بآرائهم، فيُهدم الإسلام ويُثلم".

 

• أخرج الآجريُّ في "الشريعة" أنَّ عمر بن عبدالعزيز بلغه أن غيلان القدريَّ يقول في القدَر، فبعث إليه، فحجبه أيامًا، ثم أدخلَه عليه، فقال: "يا غيلان، ما هذا الذي بلغَني عنك؟" فقال: نعَم، يا أمير المؤمنين، إنَّ الله - عزَّ وجلَّ - يقول: ﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا * إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾ [الإنسان: 1 - 3].

فقال عمر: واقرأ آخر السورة: ﴿ وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا * يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [الإنسان: 30 - 31]، ثُمَّ قال: "ما تقول يا غَيْلان؟"، قال: أقُولُ: أعمى فبصَّرتني، وأصَمَّ فأسمعتني، وضالاًّ فهديتني، فقال عمر: "اللّهم إن كان عبدك غيلان صادقًا، وإلاَّ فاصلبه"، قال: فأمسك عن الكلام في القدَر، فولاَّه عمر دار الضرب بدمشق، فلمَّا مات عمرُ بن عبدالعزيز، وأفضت الخلافة إلى هشام، تَكَلم في القدر، فبعث إليه هشامٌ فقطع يده، فمرَّ به رجُلٌ والذُّباب على يده، فقال: يا غيْلان هذا قضاءٌ وقَدَر، فقال: كَذبت - لَعَمرُ الله - ما هذا قضاءٌٌ ولا قدر، فبعث إليه هشامٌ فصلبَه"!

 

التقيُّد بالسُّنة واجب:

• حديث البَرَاء بن عازب - رضي الله عنه - قال: قال لي رسولُ الله: ((إذا أتيتَ مضجعك، فتوضَّأ وُضوءك للصلاة، ثمَّ اضطَجِع على شقِّك الأيمن، ثُم قل: اللّهم إنِّي أسلمت نفسي إليك، ووجَّهتُ وجهي إليك، وفوَّضت أمري إليك، وألجأتُ ظهري إليك؛ رغبةً ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلاَّ إليك، آمنتُ بكتابك الذي نزَّلت، وبنبيِّك الذي أرسلت، فإن مِتَّ من ليلتك متَّ وأنت على الفطرة، واجعَلْهن من آخر كلامك))، قال: فرددْتُهن لأستذكرهنَّ، فقلتُ: آمنت برسولك الذي أرسلت، قال: ((لا، بنبيِّكَ الذي أرسلتَ))[39].

قال الشيخ عبدالرزَّاق البدر[40]: "وفي قول النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - للبراء بن عازب لمَّا ردَّد الدعاء أمامه من أَجْل استذكاره: ((وبنبيِّك الذي أرسلت))، دليلٌ على أهمية التقيُّد بهذه الأذكار حسب ألفاظها الواردة؛ لكمالها في مَبْناها ومعناها".

 

• عن أنسٍ - رضي الله عنه - قال: جاء ثلاثة رهط إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يسألون عن عبادته، فلمَّا أُخبِروا بها كأنَّهم تقالُّوها، فقالوا: أين نحن من النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقد غفَر الله له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر؟

فقال أحدهم: أمَّا أنا فأقوم الَّليل ولا أنام، وقال الآخر: أمّا أنا فأصوم ولا أُفطِر، وقال الآخر: أمّا أنا فأعتزل النِّساء، فجاء النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: ((أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إنِّي أخشاكم لله، وأتقاكم له، لكنِّي أصوم وأفطر، وأُصلِّي وأرقُد، وأتزوَّجُ النِّساء، فمن رَغِبَ عن سُنَّتي فليس منِّي))[41].


فلْيَحذر الذين يُخالفون عن أمره:

• عن سعيد بن المسيب أنه رأى رجلاً يصلِّي بعد طلوع الفجر أكثرَ من ركعتَيْن، يُكْثِر فيها الرُّكوع، فنهاه عن ذلك، فقال الرَّجلُ: "يا أبا محمَّد، يعذِّبُني الله على صلاة؟ قال: لا، ولكن يعذِّبُك على خلاف السُّنَّة"[42].

 

• وفي رواية عن عثمان بن عمر قال: سمعتُ مالك بن أنس أتاه رجل، فقال: يا أبا عبدالله، مِن أين أُحرم؟ قال: مِن ذي الحُلَيفة؛ من حيثُ أحرم رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال الرجل: إنِّي أريد أن أُحرم من عند القبر - يعني مسجدَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم - قال مالكٌ: لا تفعل؛ فإنِّي أخشى عليك الفتنة، قال: وأي فتنةٍ في هذه؟ إنَّما هي أميال أَزِيدها، قال: وأيُّ فتنة أعظَمُ من أن ترى أنَّك سبَقْتَ إلى فضيلةٍ قَصر عنها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إنِّي سمعت الله - عزَّ وجلَّ - يقول: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63][43].

 

جزاء من استهزأ بالسُّنة:

• ذكَرَ الحافظ ابن حجر[44]: "أن بعض المُحدِّثين رحل إلى دمشق؛ لأخذ الحديث عن شيخٍ مشهور بها، فقرأ عليه جملةً، لكنَّه كان يجعل بينه وبينه حِجابًا، ولم يرَ وجهه، فلمَّا طالت مُلازمتُه له، ورأى حِرْصَه على الحديث كشف له السِّتر، فرأى وجهه وجه حمار! فقال له: احذر يا بُنَيَّ أن تسبق الإمام؛ فإنَّه لَمَّا مَرَّ الحديث استبعدتُّ وقوعه، فسبقتُ الإمامَ فصار وجهي كما ترى".

 

• قال الحافظ بن كثير: "وحكى ابن خَلِّكان فيما نقل من خطِّ الشيخ قطب الدين اليونينيِّ قال: بلغَنا أن رجلاً بدير أبي سلامة مِن ناحية بُصرى، كان فيه مُجون واستهتار، فذُكِر عنده السِّواك وما فيه من الفضيلة، فقال: والله، لا أستاكُ إلاَّ المَخْرَج، يعني دُبُرَهُ، فأخذ سواكًا فوضعه في مخرجه ثُم أخرجه، فمكث بعده بضعة أشهر، فوضع ولدًا على صِفة الجُرذان، له أربعة قوائم، ورأسه كرَأس السمكة، وله دُبُرٌ كدُبُر الأرنب، ولمّا وضعه صاح ثلاث صيحات، فقامت ابنة ذلك الرجل، فرضخت رأسه، فمات، وعاش ذلك الرجل بعد وضعه له بيومين، ومات في الثالث، وكان يقول: هذا الحيوان قتلني وقطَّع أمعائي، وقد شاهد جماعةٌ من أهل تلك الناحية وخُطَباء ذلك المكان، ومنهم مَن رَأى ذلك الحيوان حيًّا قبل أن يموت، ومنهم مَن رآه بعد موته"[45].

 

مُجمَل أقوال السلف في البدعة:

• قال ابن عبَّاس - رضي الله عنهما -: "عليك بتقوى الله والاستقامة؛ اتَّبِعْ، ولا تَبتدع".

• قال ابنُ مسعود - رضي الله عنه -: "اتَّبِعوا، ولا تبتَدِعوا؛ فقد كُفيتم، وكلُّ بدعة ضلالة"[46].

• قال ابن عمر - رضي الله عنهما -: "كُلُّ بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة".

• قال حذيفة - رضي الله عنه -: "كلُّ عبادةٍ لا يتعبَّدها أصحابُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فلا تَعَبَّدوها؛ فإنَّ الأوَّل لم يدَعْ للآخِرِ مَقالاً".

• قال أبو بكرٍ الصدِّيق - رضي الله عنه -: "إنَّما أنا مِثْلُكم، وإنِّي لا أدري لعلَّكم ستُكَلِّفُونِي ما كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يطيقه، إنَّ الله اصطفى محمدًا على العالَمين، وعصَمه من الآفات، وإنَّما أنا متَّبِعٌ، ولست مبتدعًا، فإن استقمت فاتبعوني وإن زِغتُ فقوموني".

• قال عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه -: "إنَّ الله نظر إلى قلوب العباد، فوجد قلبَ محمَّدٍ - صلَّى الله عليه وسلَّم - خيرَ قلوب العباد، فاصطفاه لِنَفسه، فابتعَثه برسالته، ثُمَّ نظر في قلوب العباد بعد قلب محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - فوجد قلوبَ أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وُزَراء نبيِّه، يقاتلون عن دينه، فما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، وما رأوه سيِّئًا فهو عند الله سيِّئ"[47].

• وقال أيضًا: "من كان مُستنًّا فَليَستَنَّ بمن قد مات؛ فإنَّ الحيَّ لا تُؤمَنُ عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمَّدٍ - صلَّى الله عليه وسلَّم - كانوا أفضل هذه الأمَّةِ، وأَبرَّها قلوبًا، وأعمقَها عِلمًا، وأقلَّها تكلُّفًا، قومٌ اختارهم الله لِصُحبة نبِيِّه وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتَّبعوهم في آثارهم، وتمَسَّكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم؛ فإنَّهم كانوا على الهَدْيِ المستقيم"[48].

• قال سعيد بن جُبير - رضي الله عنه -: "لأنْ يصحَب ابني فاسقًا شاطرًا[49] سُنِّيًّا أحبُّ إليَّ من أن يَصْحَب عابدًا مبتدِعًا"[50].

• ونقل أبو نُعَيم عن سفيان الثوريِّ - رحمه الله - قوله: "وذلك لأنَّ البدعة أحبُّ إلى إبليس من المعصية؛ فإنَّ المعصية يُتاب منها، والبدعة لا يُتاب منها"[51].

• قال وهب بن مُنَبِّه - رحمه الله -: كنتُ عند مالكٍ، فذكرت السُّنَّة، فقال مالك - رحمه الله -: "السُّنَّة سفينةُ نوحٍ؛ مَن رَكِبَها نجا، ومن تخلَّف عنها غَرِق".

• يُنقل عن ابن الماجشون - رحمه الله - أنه قال: سمعت مالكًا - رحمه الله - يقول: "مَن ابتدع في الإسلام بدعةً حسنة، فقد زعم أن محمَّدًا - صلَّى الله عليه وسلَّم - خان الرِّسالة؛ لأنَّ الله - عزَّ وجلَّ - يقول: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ [المائدة: 3]، فما لم يكن يومئذٍ دينًا فلا يكون اليوم دينًا".

• يُنقلُ عن الحسن البصريُّ - رحمه الله - قَوله: "لا تُجالِس صاحبَ هوًى، فيَقْذِف في قلبك ما تتبعه عليه، فتهلك، أو تُخالف، فيمرض قلبك".

• ويُنقلُ عن أبي حنيفة - رحمه الله - قوله: "عليك بالأثَر وطريق السَّلَف، وإيَّاك وكلَّ مُحدثة؛ فإنَّها بدعة".

• يُنقلُ عن اللَّيثِ بن سعد - رحمه الله - قوله: "لو رأيتُ صاحب بدعة يمشي على الماء ما قَبِلتُه".

• ويُؤثَر عن الشافعيِّ - رحمه الله - قوله لَمّا سمع مقالة اللَّيث: "أمَا إنَّه ما قصَّر، لو رأيتُه يمشي على الهواء ما قبَِلتُه".

• عن أبي قلابة - رحمه الله - قال: "ما ابتَدَع رجُلٌ بدعةً إلاَّ استحلَّ السيف"[52].

• يُنقلُ عن أيُّوب السَّخْتياني - رحمه الله - قوله: "ما ازداد صاحبُ بدعة اجتهادًا إلاَّ ازداد من الله بُعدًا".

• ويُنقلُ أيضًا عن يحيى بن كثير - رحمه الله - قوله: "إذا لقيتَ صاحبَ بدعةٍ في طريق فخُذ في طريقًا آخر".

• يُنقلُ عن الإمام أحمد - رحمه الله - أنَّه قال: "أصول السُّنَّة عندنا التمسُّكُ بما كان عليه أصحابُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - والاقتداء، وتَرْك البدع، وكلُّ بِدعة ضلالة".

• ويُنقل عن عمر بن عبدالعزيز - رحمه الله - قوله: "أوصيكم بتقوى الله - عزَّ وجلَّ - والاقتصادِ في أمره، واتِّباعِ سُنَّة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وتَرْك ما أحدث المُحْدِثون بعده".

• ويُنقلُ عن أحد التابعين الفُضَلاء "حسَّان بن عطيَّة" - رحمه الله - أنَّه قال: "ما ابتدع قومٌ بدعةً في دينهم إلاَّ نزع الله - عزَّ وجلَّ - مِن سُنَّتهم مثلها، ثُمَّ لا يعيدها إليهم إلى يوم القيامة".

• قال الشوكانِيُّ - رحمه الله -: "فإذا كان الله أكمل دينَه قبل أن يَقبض نبِيَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - فما هذا الرَّأيُ الذي أحدثَه أهلُه - أيْ: هذا الرأي - بعد أن أكمل الله دينَه؟"[53].

• يُنقل أيضًا عن الشاطبِيِّ - رحمه الله - قولُه: "فإذا كان كذلك فالمبتدِع إنَّما محصولُ قولِه بلسان حاله أو مقاله: إنَّ الشريعة لم تَتِم، وإنَّه بقيَ منها أشياء يجب استدراكُها؛ لأنَّه لو كان معتَقِدًا لكمالها وتمامها من كُلِّ وجه لَم يبتَدِع وما استَدرك عليها، وقائل هذا ضالٌّ عن الصِّراط المستقيم".

 

أخي المسلم:

بعدما قرأتَ هذه الكلمات التي كتبها سلَفُنا الصالح في قلوبِهم بِماء الذَّهَب، والتي يؤمن بها المسلم على أنَّها قواعد واضحة كالشمس في رابعة النهار، لا يزيغ عنها إلاَّ هالك؛ فأنصح نفسي وإيَّاك أن تلتزم بها إذا أردتَ أن تنجوَ من غثائيَّة الباطل، وتركب سفينة الصالحين؛ لتصل إلى برِّ النجاة، وتحفظ دينك من كل الفِتَن والشهوات، وتثبت عند مفَرِّق الجماعات، وهادم اللَّذَّات، ويشفع لك خاتم الرِّسالات؛ لتشرب من الحوض، وتدخل الجنَّات، وتفوز برضوان فاطر السَّماوات.

 

انتهى بفضل الله تعالى ومنِّه.

سدراتة: في 05 جمادى الأولى 1432هـ

الموافق لـ 09 أبريل 2011م.



[1] خطبة الحاجة التي كان يفتتح بها رسول الله - صلّى الله عليه وسلَّم - خُطَبه، رواها ستة من الصحابة وأخرجها جمعٌ من الأئمّة في مصنفاتهم، مثل: مسلم في "الصحيح"، وأبو داود في "السنن"، والنَّسائي في "المُجتبى"، وغيرهم .

[2] مقدِّمة اقتبسها مشهور حسن آل سلمان - حفظه الله - من مقدِّمة السيد محمد رشيد رضا لكتاب "الاعتصام" (1/ 3 - 4).

[3] "لسان العرب" لابن مَنْظور (مادة ب د ع).

[4] "مختار الصحاح".

[5] "مُفرَدات غريب القرآن".

[6] "الاعتصام" - تحقيق مشهور حسن.

[7] "القول المفيد في أدلَّة التوحيد".

[8] الأقطاب: الأسياد (سيِّد القوم أو الكواكب والنُّجوم)؛ "القاموس المُحيط".

[9] الأبدال: قومٌ من الصَّالحين، لا تَخْلو الدُّنيا منهم؛ إذا مات واحدٌ منهم أبدل الله تعالى مكانَه آخر، قال ابن دُرَيد: الواحد بديلٌ؛ الرازي - "مختار الصحاح".

[10] الأغواث: ما يُستغاث به.

[11] التَّابوت فيما بيننا معروف؛ ﴿ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ ﴾ [البقرة: 248]، قيل: كان شيئًا منحوتًا من الخشب فيه حكمة، وقيل: عبارةٌ عن القلب، والسَّكينة عمَّا فيه من العلم، وسُمِّي القلب سفط العلم، وبيت الحكمة، وتابوته، ووِعاءه، وصندوقُه؛ "مفردات غريب القرآن" - الأصفهاني.

[12] "مجموع الفتاوى"، ابن تيميَّة (ج10/ ص 224 - 226).

[13] "معارج القبول" (2/ 503 - 504).

[14] رواه مسلم.

[15] متفق عليه.

[16] "صحيح الجامع"، حديث رقم 4946.

[17] أخرجه الحاكم، وصحَّحه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" برقم 40.

[18] رواه أبو داود والترمذيُّ وابن ماجه، وصححه الألباني في "الصحيحة" برقم 2735.

[19] رواه مسلم.

[20] رواه أحمد، وصححه الألباني.

[21] "الصحيحة"، 1492.

[22] "صحيح الجامع"، 5112.

[23] رواه الطبراني بإسناد حسنٍ، وصحَّحه الألباني.

[24] "صحيح الجامع".

[25] فرَطَ القومَ: سبقَهم إلى الماء؛ "مختار الصحاح" مادة ف ر ط.

[26] يُجْتَذَبونَ ويُقْتَطَعُون؛ "لسان العرب" مادة خ ل ج.

[27] سُحقًا بوزن بُعْدًا، فهو سَحِيقٌ؛ أي: بعيد، وأسْحَقَهُ الله: أبعده؛ "مختار الصحاح".

[28] في لسان العرب (4/ 401): الشِّرَّةُ: النَّشَاطُ وَالرَّغْبَةُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الآخَرُ: ((لِكُلِّ عَابِدٍ شِرَّةٌ))، وشِرَّةُ الشَّبَابِ: حِرْصُه ونَشاطه.

[29] الفَتْرَةُ: الانكسار والضعف، وفَتَر الشيءُ والحرّ وفلان، يَفْتُر ويَفْتِر، فُتُورًا وفُتارًا: سكن بعد حدَّة، ولانَ بعد شِدَّة.

[30] أخرجه أحمد، وصححه الألباني في "الصحيحة"، حديث رقم 2850.

[31] حسنه الألبانِيُّ؛ حسن التعليق الرغيب 073/ 01.

[32] "الاعتصام" - بتحقق مشهور حسن آل سلمان (ج2/ ص323).

[33] يحصُبُهم: رماهم بالحَصْباءِ (الحصى)؛ "لسان العرب".

[34] المصدر السابق.

[35] قال مشهور حسن آل سلمان تعليقاً: "لكن الأثَر صحيح؛ أخرجه بنحوِه وكيعٌ في "الزهد" (315)، وعنه أحمد في "الزهد"، وأبو خيثمة في "العلم"، رقم (54)، وابن نصر في "السُّنَّة" (81)، والطبراني في "الكبير" (9/ 168/ 8770)، وابن وضَّاح في "البدع"، (رقم 14)، والدارمي في "السنن" (1/ 69، 68)، وبَحْشَل في "تاريخ واسط" (ص 199، 198)، وابن بطَّة في "الإبانة" (رقم 175) والتَّيْمي في "الترغيب" (1/ 218 بعد 460)، والبيهقي في "المدخل" (204، 203)، واللاَّلكائي في "السُّنة" (رقم 104)، وابن الجوزي في "تلبيس إبليس" (ص 18، 16) من طُرقٍ عنه، وهو صحيح، وانظر "المجمع" (1/ 181).

[36] التَّنَطُّعُ في الكلام: التَّعَمُّقُ فيه؛ "لسان العرب". مادة ن ط ع.

[37] المُتَعَمِّقُ: المُبالغ في الأَمر المتشدِّد فيه الذي يطلب أَقصى غايته؛ المصدر السابق.

[38] قال مشهور حسن: "رواه عن ابن مسعود أبو إدريس الخولانيُّ عند البيهقيِّ في "المدخل" (رقم388) وإسناده صحيح".

[39] البخاري ومسلم.

[40] "فقه الأدعية والأذكار".

[41] البخاري ومسلم.

[42] رواه البيهقي في "السُّنن الكبرى".

[43] "الاعتصام"، الشاطبي (2/ 53، 52)، والونشريسي في "المعيار المُعرب" (11/ 116).

[44] "فتح الملهم شرح صحيح مسلم" (2/ 64).

[45] "البداية والنِّهاية"، ابن كثير الدِّمشقي، تحقيق محمود بن الجميل، طبعة دار الإمام مالك (7/ 467).

[46] سبق تخريجه.

[47] حسَّنه الألباني.

[48] أخرجه بِنَحوه ابنُ عبدالبَرِّ في "جامع البيان"، (2/ 97).

[49] الشَّاطِرُ: الذي أعيا أهلَه خُبثًا؛ "مختار الصحاح".

[50] ابن بطة "الإبانة الصغرى" (ص132).

[51] "الحِلْية"، (7/ 26).

[52] "الاعتصام" للشاطبي، (1/ 83).

[53] الوصَّابي، "القول المفيد في أدلة التوحيد" (ص 38).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التحذير من البدع والمحدثات
  • ضابط البدعة وما تدخله
  • البدعة وأثرها في الإسلام
  • خطر البدع والتحذير منها ومن أهلها
  • موارد اصطلاح البدعة وبيان الاختلاف في تحديده
  • الفتاوى البهية في توجيه استعمال الجرائد والمجلات العربية والأجنبية
  • شذرة قصصية
  • شذرات
  • شذرات في فقد الولد (1)
  • شذرات (1)

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة شذرات الذهب في اخبار من ذهب(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • شذرات من دلائل نبوته في تكثير الماء ببركته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شذرات من دلائل نبوته في تكثير القليل من الطعام ببركته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شذرات من دلائل نبوته في شفاء المرضى على يديه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شذرات من دلائل نبوته في إخباره بتغير أخلاق الأمة الإسلامية في آخر الزمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شذرات من دلائل نبوته في إخباره بضعف الأمة الإسلامية في آخر الزمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شذرات من دلائل نبوته في انقلاب الأعيان على يديه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شذرات من دلائل نبوته في إخباره بالغيبيات المستقبلة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شذرات من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم في إخباره بالغيبيات الماضية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شذرات في علوم القرآن (1) جواب القسم في القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب