• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

خيارة نقاوة الصفوة

أ. حسام الحفناوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/4/2011 ميلادي - 8/5/1432 هجري

الزيارات: 8336

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خيارة نقاوة الصفوة

 

بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

وبعد:

فقد تعاضدت النصوص الشرعية على بيان اصطفاء الله تعالى لهذه الأمة المباركة الخَيِّرة، وسَبْقها لما سواها من الأمم في إحراز عظيم الفضائل، وحيازة كريم الخِصال، والاستئثار بالصَّدارة في جميل الخِلال.

 

قال تعالى: ﴿ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ ﴾ [الحج: 78] والاجتباء هو الاصطفاء والاختيار.

وقال سبحانه: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ﴾ [البقرة: 143] والوسط: هم الخيار العُدول.

وقال تبارك وتعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110].

قال أبو هريرة رضي الله عنه في تفسيرها: "خير الناس للناس" أخرجه البخاري في صحيحه (رقم 4281).

قال الحسن، ومجاهد، وجماعة: الخطاب لجميع الأمة بأنهم خير الأمم.

و﴿ خَيْرَ ﴾ صيغة تفضيل، والآية نص صريح في أنهم خير من جميع الأمم، فهم أفضل وأَبْرَك أمة وُجدت على الأرض.

 

وقال سبحانه: ﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ﴾ [فاطر: 32].

فوصف اللهُ تَعَالى القَائِمِينَ بالقُرآنِ العَظيمِ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بأنهُمُ الذِينَ اصْطَفَاهُمْ مِنْ عِبَادِهِ، وَأَوْرَثَهُمُ الكِتَابَ، وَجَعَلَهُمْ أقسَاماً ثَلاَثَةً: مِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ، مُفَرِّطٌ فِي فِعْلِ بَعْضِ الوَاجِبَاتِ، مُرْتَكِبٌ بَعْضَ المُحَرَّمَاتِ، وَمِنْهُمْ مُقَتَصِدٌ، وَهُوَ القَائِمُ بِالوَاجِبَاتِ، التَّارِكُ لِلْمُحَرَّمَاتِ، وَقَدْ يُقَصِّرُ في فِعْلِ بَعْضِ المُسْتَحَبَّاتِ، وَيَفْعَلُ بَعْضَ المَكْرُوهَاتِ، وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالخَيْرَاتِ، وَهُوَ الفَاعِلُ لِلْوَاجِبَاتِ وَالمُسْتَحَبَّاتِ التَّارِكُ لِلْمُحَرَّماتِ والمَكْرُوهَاتِ.[1]

 

وأما قوله تعالى في سورة البقرة: ﴿ يا بَنِي إِسْرائيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [البقرة: 47] وقوله سبحانه في سورة الدخان: ﴿ وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [الدخان: 32]، وقوله عز وجل في سورة الأعراف: ﴿ قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 140]، فلا تعارض بينه وبين الآيات المذكورات آنفاً في تفضيل أمة محمد صلى الله عليه وسلم على ما سواها من الأمم؛ لأن التفضيل الوارد في بني إسرائيل إنما ذُكر فيهم حال عدم وجود أمة محمد صلى الله عليه وسلم، والمعدوم في حال عدمه ليس بشيء حتى يُفَضَّل أو يُفَضَّل عليه كما قال الشنقيطي رحمه الله تعالى.

 

ثم إن الله تبارك تعالى قد نَصَّ بالبيان الواضح الصريح أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم صارت بعد وجودها خير الأمم، أما بنو إسرائيل فقد كان حالهم بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 89].

وقد قال الحسن، ومجاهد، وقتادة، وابن جريج، وابن زيد، وغيرهم في قوله تعالى: ﴿ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾: أي عالمي زمانهم.

وقد ثبت في سُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم ما يزيد هذا المعنى جلاء ورسوخًا؛ ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "نحن الآخرون السابقون يوم القيامة ، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا"(رقم 263).

 

وروى أحمد في مسنده، والترمذي في جامعه - واللفظ له - وابن ماجه في سننه، وغيرهم من حديث معاوية بن حيدة القشيري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أنتم تُتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله" وحَسَّنه الترمذي، وابن حجر في فتح الباري، والألباني في صحيح الترمذي وغيره.

وروى أحمد في مسنده من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " وَجُعِلَتْ أُمَّتِي خَيْرَ الْأُمَمِ " وحَسَّن إسناده الحافظ ابن كثير في تفسيره، والحافظ ابن حجر في فتح الباري.ط

وروى مسلم من حديث حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فُضلنا على الناس بثلاث: جُعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجُعلت لنا الأرض كلها مسجدًا، وجُعلت تربتها لنا طهورًا إذا لم نجد الماء"، إلى غير ذلك من نصوص الوحيين الشريفين الدَّالَّة على ما صَدَّرنا به المقال من معانٍ مقطوع بها، ومعدودة في المُسَلَّمات.

 

فمهما وُجد في أفراد الأمة الإسلامية من مساوئ ومعايب، ففي غيرهم من أفراد الأمم الأخرى أضعاف أضعافه، ولا يُقارن مُنْصِفٌ مُطالعٌ لأحوال الأمم والشعوب أمةَ الإسلام بغيرها من الأمم في حيازة محاسن الأخلاق وكرام السجايا، والنفور عن مساوئ الخلال ومراذل الطباع.

 

وإذا كانت الأمة الإسلامية هي صفوة الأمم؛ فإن أهل السنة والجماعة هم نقاوة تلك الصفوة، وأَخْيَر الطوائف المُنْضَوية تحت راية المِلَّة الغَرَّاء، ولا عجب؛ فهم الورثة الشرعيون لجيل الصحابة رضي الله عنهم فهمًا وتطبيقًا، وهم الصورة المثلى لشريعة الإسلام علمًا وعملًا، حفظوا بَيْضَته، وحرسوا قلعته، ولم يخلطوه بفكر فاسد، ولا لَوَّثوه بما ليس منه من حُثالة أذهان أهل اليونان، ولا شابوه بسقيم أفهام الأحبار والبطاركة، ولا أقحموا فيه دخيلًا من نُسُك رهبان النصارى، وعُبَّاد المجوس، وزُهَّاد البوذيين، فكانوا خير خَلَف لخير سَلَف، وأنعم بهم من ورثة أمناء.

 

روى ابن ماجه في سننه من حديث عوف بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة، وسبعون في النار، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، فإحدى وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، والذي نفس محمد بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنة، وثنتان وسبعون في النار" قيل: يا رسول الله، من هم؟ قال: "الجماعة".

قال ابن كثير في البداية والنهاية: إسناده لا بأس به، وقال العراقي في الباعث على الخلاص: إسناده جيد، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه.

وروى الترمذي في جامعه من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك، وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة، كلهم في النار إلا ملة واحدة" قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: "ما أنا عليه وأصحابي".

حَسَّنه الترمذي في بعض نسخ السنن، والألباني في السلسلة الصحيحة بشواهده.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية عن حديث افترق الأمة: صحيح مشهور في السنن والمسانيد.

 

ولا غَرو أن يكون المُتَّصِفون بالصفات آنفة الذِّكر أحسن الناس أخلاقًا، وأطيبهم مَعْشرًا، وأَسْلَمهم فطرة؛ فلا يخفى وثيق الصلة بين صحة الاعتقاد وحسن الخلق، ووطيد الوَشيجة بين سلامة التصور وطيب المَعْشَر، ومتانة الرابطة بين صفاء الفكر وطهارة القلب، وقوة تَعَلُّق جميل الشِّيَم بسليقية النفوس.

 

بل ما ذكرناه من الخِلال الكريمة هو لازم من لوازم صيانتهم للموروث النبوي من كل دخيل عليه، ومُحَصَّل بدهي لحيازتهم قَصَب السبق في معرفة لسان العرب، وامتيازهم عمن سواهم بإدراك أساليبهم في التعبير، وطرائقهم في الإفصاح، ونتيجة منطقية لرفعة منزلة العمل من الإيمان عندهم، وعلو شأنه.

ولا يعيب أحدٌ من أهل الطوائف الأخرى المنتسبة للإسلام أهلَ السنة بتَلَبُّس بعضهم بفعل مقبوح، أو قول مرذول، إلا وفي طائفته ما يربو على ذلك، ويزيد.

وبقدر اقتراب الطائفة من الحق وأهله يكون قربها من كريم الخصال، وجميل الشمائل، والضد بالضد.

وإذا كان أهل السنة هم نقاوة الفِرَق المُنْضَوية تحت مظلة الإسلام؛ فإن حَمَلة العلم الشرعي - العاملين به - وأصحاب النُّسُك هم خيار تلك النقاوة ولا ريب؛ فمن جمعوا بين صحة المعتقد، وتحصيل العلم الشرعي المُصَفَّى من الكتاب والسنة، والعمل به، فهم خيار من خيار من خيار.

 

ويلتحق بأولئك الخيار أيضا المُتَنَسِّكون من أهل السنة من غير حَمَلة العلم الشرعي، وإن كانوا لا يبلغون شأو من حمل العلم وعمل به؛ فلا يخفى أن الدعوة إلى الله تعالى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والاجتهاد في العبادة، والحرص على هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الأقوال، والأفعال، والأحوال من العمل بالعلم.

 

وكل هذه الصفات مما يؤهلهم للتشرف بوراثة الأنبياء، ويمنحهم صحة الانتساب لأهل الحديث عن جدارة واستحقاق؛ فلم يزل المُصَنِّفون في بيان عقيدة أهل السنة وشعار أصحاب الحديث يوردون في تصانيفهم تلك من أنواع الأخلاق، وأصناف العبادات ما يعدونه من سمات الفرقة الناجية والطائفة المنصورة؛ إذ التشرف بالانتساب إلى أهل السنة لا يكون بعريض الدعاوى من المُتاجرين بهذه النسبة الشريفة، المُتَبَجِّحين بالتزيي بزِي أهلها، من غير تطبيق عملي يُثبت صحة الدعوى، وصدق الانتساب.

 

وقد غالط المتربصون بأهل الديانة الدوائر، الباغون لهم العَنَت، في مُسَلَّمة من المُسَلَّمات الشرعية، وبدهية من البدهيات العقلية حين راموا انتقاص العاملين بعلمهم من حَمَلة العلم الشرعي من أهل السنة، والمتنسكين المقتفين آثارهم، ببعض ما يقع منهم - على سبيل النُّدْرة - من التفريط والتقصير، وما قد يبدر من بعضهم أحيانًا من مخالفة العمل للعلم، ومُباينة الفعل للقول، متغافلين - كما عهدنا منهم - عن طبيعة إنسانية مُقَرَّرة لدى جميع عقلاء بني آدم، وتكرر ذِكْرُها في العديد من آيات القرآن، كما في قوله تعالى: ﴿ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى ﴾ [طه: 121-122].

وقوله تعالى في وصف المتقين ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 135].

وقوله سبحانه في بيان تلك الجبلة البشرية: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً ﴾ [النساء: 24].

 

وثبتت تلك الطبيعة أيضًا في غير ما حديث من السنة النبوية المطهرة[2]، كما في الحديث القدسي الذي رواه مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه مرفوعًا أن الله تعالى قال: "يا عبادي، إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعًا، فاستغفروني أغفر لكم".

وروى مسلم في صحيحه أيضًا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، لو لم تذنبوا، لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله فيغفر لهم".

وروى مسلم في صحيحه كذلك من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "كُتب على ابن آدم نصيبه من الزنا، مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخُطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه".

 

ومُعْرِضين - كما هو دَيْدَنهم - عن حقيقة شرعية ثابتة، نَصَّ الله تعالى عليها في كتابه الكريم بقوله: ﴿ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً ﴾ [الأنفال: 2]، وقوله سبحانه: ﴿ وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ [التوبة: 124]، وقوله عز وجل: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ ﴾ الآية [الفتح: 4]، وقوله تبارك وتعالى: ﴿ لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً ﴾ الآية [المدثر: 31]، وقوله: ﴿ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً ﴾ الآية [محمد: 17].

ففي هذه الآيات الكريمات التصريح بزيادة الإيمان.

قال الشنقيطي رحمه الله تعالى في أضواء البيان: وتدل هذه الآيات بدلالة الالتزام على أنه ينقص أيضًا؛ لأن كل ما يزيد ينقص، وجاء مصرحًا به في أحاديث الشفاعة الصحيحة كقوله: "يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه مثقال حبة من إيمان"، ونحو ذلك، انتهى.

والأدلة على زيادة الإيمان ونقصانه من الكتاب والسنة، وإجماعات السلف كثيرة جدًا.

والحاصل أن كل غَمْز في خيار أهل السنة من قِبَل المتربصين بهم، ففي الغامز المُتَرَبِّص العشرات من أشباهه ونظائره، ولكن الإنصاف عزيز.

 

وسوف أُفْرِد بإذن الله تعالى مقالًا عن ظاهرة تَصَيُّد الأخطاء لأهل الديانة، وعِلَلها، وسبل علاجها، وإنما عَرَضْتُ في هذا المقال لصورة من صور ذلكم التَّصَيُّد، مع دَمْغ لحُجَج أهلها، ودَحْض لباطلهم المفترى، شَرَّفنا الله بخدمة دينه، والذَّب عن شريعته، والذَّود عن حَمَلتها، إنه جواد كريم، وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

 


[1] انظر تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى (6/ 546).

[2] وقد ورد ذلك المعنى في حديث أخرجه الترمذي - واللفظ له - وابن ماجه، وأحمد، والحاكم، وغيرهما من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل ابن آدم خَطَّاء، وخير الخَطَّائين التوابون". وإنما أعرضت عن ذكره فيما حشدته لإثبات المعنى المراد مع كونه في صلب المعنى المستشهد له؛ لاختلاف المحدثين في دخوله في حيز الأخبار المقبولة من عدمه، وأكثر الأئمة المتقدمين على غير ذلك، كالترمذي الذي استغربه، وأحمد الذي استنكره، وابن عدي الذي عَدَّه غير محفوظ، وأبي أحمد الحاكم، وابن حبان، وتبعهم على تضعيفه الذهبي، والعراقي. وصححه الحاكم، وابن القطان الفاسي، وقوى سنده الحافظ ابن حجر، وحسنه الألباني. ولا يحتمل المقام سرد استدلالاتهم على ما ذهبوا إليه من ترجيحات، وتعليلاتهم لما مالوا إليه من أحكام، من حيث طبيعة المقال، وحجمه، وإن كان كاتب المقال أكثر اطمئنانًا لأقوال الأولين. وإنما أشرت إلى الحديث، وعلة التوقف عن الاستشهاد به؛ لوثوق ارتباطه بالمعنى، وشهرة الاستشهاد به عليه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ثلاثية الخيرية والسيادة
  • أمة أخرجت للناس
  • مثالب الصفوة
  • تحذير الصفوة من أدران الغفلة

مختارات من الشبكة

  • صفوة الصفوة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فقه سنن الصفوة وعلاقتها بالحضارة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من تمام النعيم في الجنة مرافقة الصفوة من الخلق في الجنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة صفة الصفوة (ج7)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة صفة الصفوة (ج1) (النسخة 3)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة صفة الصفوة (ج3) (النسخة 3)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة صفة الصفوة (النسخة 2)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة صفة الصفوة (ج8)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة صفة الصفوة(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة أحاسن المحاسن مختصر لصفة الصفوة(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب