• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فتاوى الطلاق الصادرة عن سماحة مفتي عام المملكة ...
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    عناية النبي بضبط القرآن وحفظه في صدره الشريف
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    على علم عندي
    عبدالسلام بن محمد الرويحي
  •  
    عظمة الإسلام وتحديات الأعداء - فائدة من كتاب: ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    خطبة: أهمية التعامل مع الأجهزة الإلكترونية
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    نصيحتي إلى كل مسحور باختصار
    سلطان بن سراي الشمري
  •  
    الحج عبادة العمر: كيف يغيرنا من الداخل؟
    محمد أبو عطية
  •  
    تفسير سورة البلد
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    فضل يوم عرفة
    محمد أنور محمد مرسال
  •  
    خطبة: فضل العشر الأول من ذي الحجة
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    خطبة: اغتنام أيام عشر ذي الحجة والتذكير بيوم عرفة
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    حقوق الأم (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    وقفات مع عشر ذي الحجة
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    من مائدة العقيدة: شروط شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    تحريم صرف شيء من مخلوقات الله لغيره سبحانه وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الله يخلف على المنفق في سبيله ويعوضه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

الوتر جل جلاله، وتقدست أسماؤه (1)

(الوتر) جل جلاله، وتقدست أسماؤه
الشيخ وحيد عبدالسلام بالي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/4/2024 ميلادي - 13/10/1445 هجري

الزيارات: 1205

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

(الْوِتْرُ) جَلَّ جَلَالُهُ، وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ

 

الدِّلَالَاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاِسْمِ (الوِتْرِ):

الوِتْرُ فِي اللُّغَةِ هُوَ الفَرْدُ، أَوْ مَا لَمْ يَتَشَفَّعْ مِنَ العَدَدِ.

 

وَالتَّوَاتُرُ: التَّتَابُعُ، وَقِيلَ هُوَ تَتَابُعُ الأَشْيَاءِ وَبَيْنَهَا فَجَوَاتٌ وَفَتَرَاتٌ، وَتَوَاتَرَتِ الإِبِلُ وَالقَطَا وَكُلُّ شَيْءٍ إِذَا جَاءَ بَعْضُهُ فِي إِثْرِ بَعْضٍ غَيْرَ مُصْطَفَّةٍ[1].

 

وَقَوْلُهُ: ﴿ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ﴾ [الفجر: 3]، قِيلَ الوِتْرُ آدَمُ؛ وَالشَّفْعُ أَنَّهُ شُفِعَ بِزَوْجَتِهِ، وَقِيلَ الشَّفْعُ يَوْمُ النَّحْرِ والوِتْرُ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَقِيلَ الأَعْدَادُ كُلُّهَا شَفْعٌ وَوِتْرٌ كَثُرَتْ أَوْ قَلَّتْ، وَقِيلَ الوِتْرُ هُوَ اللهُ الوَاحِدُ، وَالشَّفْعُ جَمِيعُ الخَلْقِ خُلِقُوا أَزْوَاجًا، وَكَانَ القَوْمُ وِتْرًا فَشَفَعْتُهُم وَكَانُوا شَفْعًا فَوَتَرْتُهُمْ[2].

 

وَعِنْدَ البُخَارِيِّ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما؛ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى الِمنْبَرِ: مَا تَرَى فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ؟ قَالَ: «مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ الصُّبْحَ صَلَّى وَاحِدَةً فَأَوْتَرَتْ لَهُ مَا صَلَّى»[3].

 

وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ، وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ، مِنْ حَدِيثِ سَلَمَة بْنِ قَيْسٍ رضي الله عنه؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا تَوَضَّأْتَ فانْتَثِرْ، وَإِذَا اسْتَجْمَرْتَ فَأَوْتِرْ»[4]؛ أَيْ: اجْعَلِ الحِجَارَةَ الَّتِي تَسْتَنْجِي بِهَا فَرْدًا؛ اسْتَنْجِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، أَوْ خَمْسَةٍ، أَوْ سَبْعَةٍ، وَلَا تَسْتَنْجِ بِالشَّفْعِ.

 

وَاللهُ تَعَالَى وِتْرٌ انْفَرَدَ عَنْ خَلْقِهِ فَجَعَلَهُمْ شَفْعًا، وَقَدْ خَلَقَ اللهُ المَخْلُوقَاتِ بِحَيْثُ لَا تَعْتَدِلُ وَلَا تَسْتَقِرُّ إِلَّا بِالزَّوْجِيَّةِ، وَلَا تَهْنَأُ عَلَى الفَرْدِيَّةِ وَالأَحَدِيَّةِ، يَقُولُ تَعَالَى: ﴿ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [الذاريات: 49]، فَالرَّجُلُ لَا يَهْنَأُ إِلَّا بِزَوْجَتِهِ، وَلَا يَشْعُرُ بِالسَّعَادَةِ إِلَّا مَعَ أُسْرَتِهِ، وَالتَّوَافُقِ بَيْنَ مَحَبَّتِهِمْ وَمَحَبَّتِهِ، فَيُرَاعِي فِي قَرَارِهِ ضَرُورِيَّاتِ أَوْلَادِهِ وَزَوْجَتِهِ.

 

وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَسْتَمِرَّ الحَيَاةُ الَّتِي قَدَّرَهَا اللهُ عَلَى خَلْقِهِ بِغَيْرِ الزَّوْجِيَّةِ حَتَّى فِي تَكْوِينِ أَدَقِّ المَوَادِّ الطَّبِيعِيَّةِ، فَالمَادَّةُ تَتَكَوَّنُ مِنْ مَجْمُوعَةٍ مِنَ العَنَاصِرِ وَالمُرَكَّبَاتِ، وَكُلُّ عُنْصُرٍ مُكَوَّنٌ مِنْ مَجْمُوعَةٍ مِنَ الجُزَيْئَاتِ، وَكُلُّ جُزَيْءٍ مُكَوَّنٌ مِنْ مَجْمُوعَةٍ مِنَ الذَّرَّاتِ، وَكُلُّ ذَرَّةٍ لَهَا نِظَامٌ فِي تَرْكِيبِهَا تَتَزَاوَجُ فِيهِ مَعَ أَخْوَاتِهِا، سَوَاءً كَانَتِ الذَّرَّةُ سَالِبَةً أَوْ مُوجَبَةً، فَالعَنَاصِرُ فِي حَقِيقَتِهَا عِبَارَةٌ عَنْ أَخَوَاتٍ مِنَ الذَّرَّاتِ مُتَزَاوِجَاتٌ مُتَفَاهِمَاتٌ مُتَكَاتِفَاتٌ وَمُتَمَاسِكَاتٌ، وَمِنَ المَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يَتَكَوَّنُ جُزَيْءُ المَاءِ إِلَّا إِذَا اتَّحَدَتْ ذَرَّتَانِ مِنَ الهَيِدْرُوجِينِ مَعَ ذَرَّةٍ وَاحِدَةٍ مِنَ الأُكْسُجِينِ، فَالَّذَّرَّاتُ مُتَزَاوِجَاتٌ سَالِبُهَا يَرْتَبِطُ بِمُوجَبِهَا، وَلَا تَهْدَأُ وَلَا تَسْتَقِرُّ إِلَّا بِالتَّزَاوجِ بَيْنَ بَعْضِهَا البَعْضِ، فَهَذِهِ بِنَايَةُ الخَلْقِ بِتَقْدِيرِ الحَقِّ بُنِيَتْ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ والشَّفْعِ.

 

أَمَّا رَبُّنَا عز وجل فَذَاتُهُ صَمَدِيَّةٌ، وَصِفَاتُهُ فَرْدِيَّةٌ، فَهُوَ الُمنْفَرِدُ بِالأَحَدِيَّةِ وَالوِتْرِيَّةِ، وَقَدْ ثَبَتَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مَرْفُوعًا: «إِنَّ اللَه عز وجل وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ»[5].

 

وَقَدْ قِيلَ أَيْضًا فِي مَعْنَى الشَّفْعِ وَالوِتْرِ: إِنَّ الشَّفْعَ تَنَوُّعُ أَوْصَافِ العِبَادِ بَيْنَ عِزٍّ وَذُلٍّ، وَعَجْزٍ وَقُدْرَةٍ، وَضَعْفٍ وَقُوَّةٍ، وَعِلْمٍ وَجَهْلٍ، وَمَوْتٍ وَحَيَاةٍ، وَالوِتْرُ انْفِرَادُ صِفَاتِ اللهِ عز وجل؛ فَهُوَ العَزِيزُ بِلَا ذُلٍّ، وَالقَدِيرُ بِلَا عَجْزٍ، وَالقَوِيُّ بِلَا ضَعِفٍ، وَالعَلِيمُ بِلَا جَهْلٍ، وَهُوَ الحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، القَيُّومُ الَّذِي لَا يَنَامُ.

 

وَمِنْ أَسَاسِيَّاتِ التَّوْحِيدِ وَالوِتْرِيَّةِ إِفْرَادُ اللهِ عَمَّنْ سِوَاهُ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَعُبُودِيَّتِهِ[6].

 

وُرُودُهُ فِي الحَدِيثِ الشَّرِيفِ[7]:

وَرَدَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «للهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا، مَنْ حَفِظَهَا دَخَلَ الجَنَّةَ، وَإِنَّ الَله وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ»[8].

 

المَعْنَى فِي حَقِّ اللهِ تَعَالَى:

قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: «اللهُ جَلَّ وَعَزَّ وِتْرٌ، وَهُوَ وَاحِدٌ»[9].

 

وَقَالَ الخَطَّابِيُّ: «(الوِتْرُ) هُوَ الفَرْدُ الَّذِي لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا نَظِيرَ»[10].

 

وَقَالَ الحُلَيْمِيُّ: «وَمِنْهَا (الوِتْرُ)؛ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ قَدِيمٌ سِوَاهُ، لَا إِلَهَ، وِلَا غَيْرَ إِلَهٍ، لَمْ يَنْبَغِ لِشَيءٍ مِنَ المَوْجُودَاتِ أَنْ يُضَمَّ إِلَيْهِ، فَيُعدَّ مَعَهُ، فَيَكُونَ وَالْمعُدودُ مَعَهُ شَفْعًا، لَكِنَّهُ وَاحِدٌ فَرْدٌ وِتْرٌ»[11].

 

وَقَالَ البَيْهَقِيُّ: «(الوِتْرُ) هُوَ الفَرْدُ الَّذِي لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا نَظِيرَ، (وَهُوَ قَوْلُ الخَطَّابِيِّ)، وَهَذِهِ أَيْضًا صِفَةٌ يَسْتَحِقُّهَا بِذَاتِهِ»[12].

 

وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: «(الوِتْرُ) الفَرْدُ، وَمَعْنَاهُ فِي حَقِّ اللهِ: أَنَّهُ الوَاحِدُ الَّذِي لَا نَظِيرَ لَهُ فِي ذَاتِهِ وَلَا انْقِسَامَ»[13].

 

ثَمَرَاتُ الإِيمَانِ بِهَذَا الاسْمِ:

1- أَنَّ اللهَ تَعَالَى وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا نَظِيرَ، بَلْ هُوَ الإِلَهُ الأَحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ.

 

وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَاحِدٌ فِي ذَاتِهِ وَفِي صِفَاتِهِ وَفِي أَفْعَالِهِ، قَالَ عز وجل: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ [الشورى: 11]، وَقَالَ: ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾ [مريم: 65][14].

 

2- وَهُوَ جَلَّ وَعَلَا يُحِبُّ الوِتْرَ، وَيَأْمُرُ بِهِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَعْمَالِ وَالطَّاعَاتِ، كَمَا فِي الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، وَوِتْرِ اللَّيْلِ، وَأَعْدَادِ الطَّهَارَةِ، وَتَكْفِينِ المَيِّتِ، وَفِي كَثِيرٍ مِنَ المَخْلُوقَاتِ كَالسَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ[15].

 

فَقَدْ رَوَى عَلِيٌّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا أَهْلَ القُرْآنِ أَوْتِرُوا، فَإِنَّ اللهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ»[16].

 

قَالَ القُرْطُبِيُّ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «وَهُوَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ»: «الظَّاهِرُ أَنَّ الوِتْرَ هُنَا لِلجِنْسِ، إِذْ لَا مَعْهُودَ جَرَى ذِكْرُهُ حَتَّى يُحْمَلَ عَلَيْهِ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ: يُحِبُّ كُلَّ وِتْرٍ شَرَعَهُ.

 

وَمَعْنَى مَحَبَّتِهِ لَهُ: أَنَّهُ خَصَّصَهُ بِذَلِكَ لِحكْمَةٍ يَعْلَمُهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ وِتْرًا بِعَيْنِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْرٌ، ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ.

 

فَقِيلَ: المُرَادُ صَلَاةُ الوِتْرِ، وَقِيلَ: يَوْمُ الجُمُعَةِ، وَقِيلَ: يَوْمُ عَرَفَةَ، وَقِيلَ: آدَمُ، وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ».

 

قَالَ: «وَالأَشْبَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى العُمُومِ»[17].

 

قَالَ: «وَيَظْهَرُ لِي وَجْهٌ آخَرُ؛ وَهُوَ: أَنَّ الوِتْرَ يُرَادُ بِهِ التَّوْحِيدُ، فَيَكُونُ المَعْنَى: أَنَّ اللهَ فِي ذَاتِهِ وَكَمَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَاحِدٌ يُحِبُّ التَّوْحِيدَ.

 

أَيْ: أَنْ يُوَحَّدَ وَيُعْتَقَدَ انْفِرَادُهُ بِالأُلُوهِيَّةِ دُونَ خَلْقِهِ، فَيَلْتَئِمُ أَوَّلُ الحَدِيثِ وَآخِرُهُ، واللهُ أَعْلَمُ[18].

 

قَالَ الحَافِظُ مُعَقِّبًا: قُلْتُ: لَعَلَّ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى صَلَاةِ الوِتْرِ اسْتَنَدَ إِلَى حَدِيثِ عَلَيٍّ رضي الله عنه: إِنَّ الوِترَ لَيْسَ بِحَتْمٍ، وَلَا كَصَلَاتِكُمُ المَكْتُوبَةِ، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَوْتَرَ، ثُمَّ قَالَ: «أَوْتِرُوا يَا أَهْلَ القُرْآنِ، فَإِنَّ اللهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ»، أَخْرَجُوهُ فِي السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَاللَّفْظُ لَهُ[19].

 

فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ تَكُونُ اللَّامُ فِي هَذَا الخَبَرِ لِلْعَهْدِ، لِتَقَدُّمِ ذِكْرِ الوِتْرِ المَأْمُورِ بِهِ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُ أَنْ يُحْمَلَ الحَدِيثُ الآخَرُ عَلَى هَذَا، بَلِ العُمُومُ فِيهِ أَظْهَرُ، كَمَا أَنَّ العُمُومَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رضي الله عنه مُحْتَمَلٌ أَيْضًا[20].

 

3- وَقَدَ وَرَدَتْ عَنِ السَّلَفِ آثَارٌ فِي ذَلِكَ:

فَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ﴾ [الفجر: 3]: «كُلُّ خَلْقِ اللهِ شَفْعٌ: السَّمَـاءُ وَالأَرْضُ، وَالبَرُّ وَالبَحْـرُ، وَالجِـنُّ وَالإِنْسُ، وَالشَّـمْسُ وَالقَمَرُ، وَاللهُ الوِتْرُ وَحْدَهُ».

 

وَفِي رِوَايَةٍ عُتْبَةَ عَنْهُ قَالَ: «الخَلْقُ كُلُّهُ شَفْعٌ وَوَتْرٌ، أَقْسَمَ بِالخَلْقِ»[21].

وَعَنْ الحَسَنِ قَالَ: «الخَلْقُ كُلُّهُ شَفْعٌ».

 

﴿ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ﴾، قَالَ: «كَانَ أَبِي يَقُولُ: كُلُّ شَيْءٍ خَلَقَ اللهُ شَفْعٌ وَوِتْرٌ، فَأَقْسَمَ بِمَا خَلَقَ، وَأَقْسَمَ بِمَا تُبْصِرُونَ وَبِمَا لَا تُبْصِرُونَ»[22].

 

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: «وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ ذَلِكَ الصَّلَاةُ المَكْتُوبَةُ، مِنْهَا الشَّفْعُ كَصَلَاةِ الفَجْرِ وَالظُّهْرِ، وَمِنْهَا الوِتْرُ كَصَلَاةِ المَغْرِبِ... ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ...».

 

وَذَكَرَ آثارًا مِنْهَا:

عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ: «﴿ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ﴾: إِنَّ مِنَ الصَّلَاةِ شَفْعًا، وَإِنَّ مِنْهَا وِتْرًا»[23].

 

ثُمَّ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ مُرَجِّحًا: «وَالصَّوَابُ مِنَ القَوْلِ فِي ذَلِكَ: أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَقْسَمَ بِالشَّفْعِ وَالوِتْرِ، وَلَمْ يُخَصِّصْ نَوْعًا مِنَ الشَّفْعِ وَلَا مِنَ الوِتْرِ دُونَ نَوْعٍ بِخَبَرٍ وَلَا عَقْلٍ، وَكُلُّ شَفْعٍ وَوِتْرٍ فَهُوَ مِمَّا أَقْسَمَ بِهِ مِمَّا قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي قَسَمِهِ هَذَا، لِعُمُومِ قَسَمِهِ بِذَلِكَ»[24].

 


[1] لسان العرب (5/ 275).

[2] التبيان في تفسير غريب القرآن (ص: 461)، والتبيان في أقسام القرآن (ص: 20)، وانظر السابق (5/ 273).

[3] البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد (1/ 179) (460).

[4] الترمذي في الطهارة، باب ما جاء في المضمضة (1/ 40) (27)، والسلسلة الصحيحة (3/ 291) (1305).

[5] مسلم (2677).

[6] تفسير القرطبي (20/ 41)، الأسماء والصفات للبيهقي (30).

[7] النهج الأسمى (3/ 47 - 52).

[8] صحيح: رواه البخاري (6410)، ومسلم (2677).

[9] غريب الحديث (1/ 172).

[10] شأن الدُّعاء (ص: 104).

[11] المنهاج (1/ 190)، وذكره في الأسماء التي تتبعُ إثباتَ وحدانيَّتِه، ونقله البيهقي في الأسماء (ص: 15)، لكن عبارته: «... أنْ يضمَّ إليه فيعبد معه، فيكون المعبود معه شفعًا...».

[12] الاعتقاد (ص: 68).

[13] الفتح (11/ 227).

[14] وانظر: آثار الإيمان بـ (الواحد - الأحد).

[15] الفتح (11/ 227) نقلًا عن القاضي عياض.

[16] يأتي تخريجه.

[17] انظر ما ورد عن السلف في تفسير ﴿ الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ﴾: تفسير ابن جرير (30/ 108 - 110)، و الدُّرِّ المنثور للسيوطي (8/ 502 - 504).

[18] الفتح (11/ 227).

[19] حديث صحيح: رواه أبو داود (1416)، والترمذي (453)، والنسائي (3/ 228، 229)، وابن ماجه (1169)، وابن خزيمة (1067)، وغيرهم من حديث أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي؛ به.

[20] الفتح (11/ 227).

[21] تفسير ابن جرير (30/ 109)، وعبد الرزاق (2/ 369) عن ابن أبي نجيح، عنه.

ويَشهَد له: ما أخرجه ابن جرير مِن وجه آخر، عن ابن جريج، عنه قال في قوله: ﴿ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ ﴾ [الذاريات: 49]، قال: «الكفر والإيمان، والسعادة والشقاوة، والهدى والضلالة، والليل والنهار، والسماء والأرض، والجنّ والإنس، والوتر الله».

قال: وقال في الشفع والوتر مثل ذلك.

[22] ابن جرير (30/ 109)، عن ابن ثور، عن معمر، عنه، ورواية معمر عن الحسن منقطعة، قال أحمد: لم يَسمَع مِن الحسَن، ولم يَرَه بينهما رجُل، جامع التحصيل (ص: 350). وأخرجه عبد الرزاق (2/ 370) دون قوله: كان أبي يقول...

[23] المصدر السابق، وسنَدُه حسَن.

[24] المصدر السابق (30/ 110).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المعطي جل جلاله، وتقدست أسماؤه (1)
  • المقيت جل جلاله، وتقدست أسماؤه (1)
  • الكافي جل جلاله، وتقدست أسماؤه (1)
  • المؤمن جل جلاله، وتقدست أسماؤه
  • الوارث جل جلاله، وتقدست أسماؤه
  • المهيمن جل جلاله، وتقدست أسماؤه (1)
  • المصور جل جلاله وتقدست أسماؤه
  • القوي - المتين جل جلاله، وتقدست أسماؤه (1)
  • القهار - القاهر جل جلاله، وتقدست أسماؤه
  • القدوس جل جلاله، وتقدست أسماؤه
  • القيوم جل جلاله وتقدست أسماؤه
  • الوتر جل جلاله، وتقدست أسماؤه (2)

مختارات من الشبكة

  • أيهما أفضل: الوتر بثلاث ركعات متصلة أو الوتر بثلاث منفصلة؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أحكام صلاة الوتر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوتر جل جلاله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مشروعية صلاة الوتر وحكمها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معاني أسماء الله تعالى: الواحد، الأحد، الوتر، الخلاق، الخالق، البارئ، المصور، الصمد، السيد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها (الوتر)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقت صلاة الوتر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صلاة الركعتين بعد الوتر وما يقرأ فيهما(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان)
  • صلاة الوتر: فضائل وأحكام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الذكر بعد الوتر(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/12/1446هـ - الساعة: 0:14
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب