• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

الشجاعة الأدبية في الإيمان بالله

الشجاعة الأدبية في الإيمان بالله
د. هاني الشتلة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/12/2022 ميلادي - 13/5/1444 هجري

الزيارات: 3854

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الشجاعة الأدبية في الإيمان بالله

 

لو أن في القلب يقظةً، لَما دار بالذهن اعتراض، ولو أن به حظًّا من شهود، لَما طاف بالخاطر شك ولا امتعاض، لو أن بالقلب ومضة من نور، لَما غشِيَتْه ظلمة اليأس والإسخاط والإحباط، لو أن به نصيبًا من أدب مع الله، لَما اعتوره كفر ولا إلحاد، ولو أن به عقلًا مستنيرًا، لَما زاد في التمادي، ولو أن به شيئًا من ضمير، لَما كان عن طريق الإيمان حاد، فما أصعب أن يبقى الإنسان حائرًا ما بين قلبه وعقله وضميره إلى أن يمر العمر وينفلت، فلا العقل يقنعه، ولا القلب ينصفه، ولا الضمير يريحه، فيغرق في دوامة الكفر والإلحاد.

 

فلو نظرت في ملكوت الربوبية، وفي سلطان القدرة والوحدانية والوجودية، وفي جبروت الخلق والأمر، وفي قيومية السيادة والهيمنة، وفي التصرف بلا قيود ولا حدود، وفي نهائية القدرة في كل شيء معهود وغير معهود، وعلى كل شيء؛ حيث لا شيء مما تواضع عليه الخلق؛ لأن القدرة غير القدرة، والقوة غير القوة، فهناك أوامر تصدر فتُطاع، وأقدار تُبرم فتمضي ولا حساب، وأرزاق تُقدَّر ولا اعتراض، وآجال تُحدَّد ولا امتعاض، وأوضاع تُشـكَّل فلا سؤال ولا جواب؛ إذ الأمر كله موكول إلى الله رب العباد.

 

ولقد فطر الله الناس بحكمته ورحمته على فطرة سوية، ودين قيِّمٍ لحمتُهُ الإيمان بالله، الخالق المقتدر، ومداه العبودية الخالصة له، والاستعداد التام لعبادته، ثم زادهم كذلك إلى جوار هذه الفطرة، عقلًا يهدي إلى الحق، يتبين به الرشد من الغي، هذا الحق يبلغه نبيٌّ، ويصد عنه بغي، بيد أنه مهما كان من استواء الفطرة، ووفرة حظ العقل من الاستقامة والرشاد، فإن جميع ذلك لا يمكن بحال أن يكفي للإحاطة بجميع ما يصلح عليه أمر البشر في معاشهم، فضلًا عن معادهم، وإنما أقصى غاية يمكن أن تبلغها أعظم الفِطَرِ سلامة، وأكبـر أمـل يتصور أن يطمـح إلى منـاله أفضـل العـقول اسـتقامة، هـو إدراك وجوده تعالى وكماله، ثم إدراك طرف يسير من المصالح، لا يكفي أصلًا لقيام نظام عالم الإنسان، فضلًا عن غيره.

 

فما ظنك ومعظم الناس قد ضلوا عن سلامة الفطرة، وارتكسوا في ظلمات الجهالة والضلالة، وحادوا عن منطق الحق والعقل والعدل، حتى بددوا ثورة في بحرٍ لجيٍّ، يغشاه موج من فوقه موج، من فوقه سحاب من الهوى الذميم والتعصب المقيت، حتى صار المنكر عندهم معروفًا، والمعروف عندهم منكرًا؟ لهذا كله شاءت حكمة الله تعالى ورحمته، أن يصطفي للناس رسلًا من خيرة خلقه، يرسلهم إليهم مبشرين ومنذرين، يبيِّنون لهم ما يستقيم عليه أمر دينهم ودنياهم؛ قال تعالى: ﴿ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 165].

 

وأيَّد الله هؤلاء الرسلَ بآيات بينات، ومعجزات خارقات، تقوم كل واحدة منها مقام مشاهدة الإله تعالى، وسماعه يقول: صدق عبدي في كل ما بلغ عني؛ فجاء محمد بمعجزة القرآن، زيادة في الإيمان بالله، وأوضح الله فيه خير الأمثلة عن الشجاعة الأدبية في الإيمان به؛ لنتحلى بها، ونتعظ منها في ذلك الخلق الحميد.

 

ومن النماذج الرفيعة والرائعة في القرآن الكريم، والتي تبيِّن مدى التحلي بهذا الخُلُق القويم في اتباع الحق كذلك، سحرة فرعون الذين جمعهم لإبطال معجزة موسى عليه السلام، والتي هي سحر في زعمه، فحين يكثر الظلم، ويشتد القهر، وتشتعل الأرض، ويُداهِن العالم، وينتفش الظالم، وتأخذه العزة بالإثم، وتُفْرِحه كثرة الظلم والطغيان، وتُسْكِره لذة القتل والعصيان، وعندما تتلاشى أسباب الحياة، وتغلق أبواب الأرض في وجوه عباده المناضلين، عند ذلك تتدخل عناية الله رب العالمين، وتتجلى عنايته ورعايته، ويتنزل حفظه لعباده المؤمنين الصادقين، ويوجه البوصلة لإرشاد الضالين.

 

كما أن في الأمر هداية الله لأناس، هم في ظاهر الحياة أبعد ما يكون الواحد منهم عن الهداية، ومع ذلك يمنُّ الله عليهم، فينتقلون من الضلالة إلى الهدى، ومن الشقاء إلى السعادة، ومن البعد إلى القرب، فلم يبالِ السحرة، حين عاينوا الحق الذي جاء به موسى على يديه من عند الله، من انقلاب عصاه حية حقيقية، تسعى وتلقف جميع ما يأفكون، فلما عرفوا الحق، ورأوه رأي العين، لم يبالوا حينئذٍ بوعود فرعون البرَّاقة لهم إن هم غلبوا موسى، ولما تجلَّت عظمة الله، وعلموا أن ما جاء به موسى ليس سحرًا، لم يبالوا بعروض الإله المزعوم، وما ينطوي عليه من ثروة وجاه، وعزة وسلطان، ولا بغضبة الفرعون وبطشته الهائلة إن هم خذلوه، وواتَتْهم الشجاعة الأدبية؛ فاتبعوا الحق الذي جاء به موسى؛ فآمنوا بالله.

 

قال تعالى: ﴿ فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ * وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ * لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ * فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ * فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ * فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ * قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ * قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ * إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 38 - 51].


وفي موضع آخر قال تعالى: ﴿ قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [طه: 72، 73].


عندئذٍ لا يملك السحرة أنفسهم من الإذعان للحق الواضح، الذي لا يقبل جدلًا، وهم أعرف الناس بأنه الحق، فيقعوا ساجدين، يقولون في شجاعة أدبية: ﴿ آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 121]، وقد كانوا منذ لحظة مأجورين، ينتظرون الجزاء من فرعون على مهارتهم، ولم يكونوا أصحاب عقيدة ولا قضية ولا فضيلة، اللهم إلا براعتهم في سحر أعين الناس، ولكن الحق الذي لامس قلوبهم قد حولهم تحويلًا، لقد كانت هزة رجتهم رجًّا، ووصلت إلى أعماق نفوسهم وقرارة قلوبهم، فأزالت عنها ركام الضلال، وجعلتها صافية رائقة حية خاشعة للحق، عامرة بالإيمان في لحظات قصار، فإذا هم يجدون أنفسهم ملقين سجَّدًا، بغير إرادة منهم، تتحرك ألسنتهم، فتنطلق بكلمة الإيمان، في نصاعة وبيان، وحب وإذعان لإرادة الرحمن، فقد شاهدوا كل بيان، واستيقنوا كل الاستيقان، وإن القلب هنا لَعجيب غاية العجب، فإن لمسة واحدة تصادف مكانها لَتبدِّله تبديلًا.

 

فقد روت أم سلمة رضي الله عنها، عن رسول الله أنه كان يقول في دعائه: ((اللهم يا مقلب القلوب، ثبِّت قلبي على دينك، قالت: فقلت يا رسول الله، وإن القلوب لتتقلب؟ قال: نعم، ما من خلق لله من بني آدم، إلا وقلبه بين أصبعين من أصابع الرحمن، فإن شاء أقامه، وإن شاء أزاغه))[1].

 

وهكذا انقلب السحرة المأجورون، يمتلكون الشجاعة الأدبية في الإيمان بالله، مؤمنين من خيار المؤمنين، على مرأى ومسمع من الجماهير الحاشدة، ومن فرعون وملئه، لا يفكرون في عاقبة شجاعتهم الأدبية في إيمانهم بالله عن قناعة وتروٍّ وتدبر، ولا ما يعقب جهرهم بالإيمان في وجه الطاغية من عواقبَ ونتائج، ولا يعنِيهم ماذا يفعل أو ماذا يقول؟ فماذا يبقى لعرش الفرعون من سند إلا القوة؟ والقوة وحدها بدون عقيدة لا تقيم عرشًا ولا تحمي حكمًا، إن لنا أن نقدِّر ذعر الفرعون لهذه المفاجأة، وذعر الملأ من حوله، إذا نحن تصورنا هذه الحقيقة؛ وهي إيمان السحرة الكهنة هذا الإيمان الصريح الواضح القاهر، الذي لا يملكون معه إلا أن يلقوا سجدًا معترفين منيبين.

 

إنها الحماقة التي يرتكبها كل طاغية، أعيت من يداويها، حينما يحس بالخطر على عرشه أو شخصه، يرتكبها في عنف وغلظة وبشاعة، بلا تحرُّج من قلب أو ضمير، فما تكون كلمة الفئة المؤمنة التي رأت النور؛ إنها كلمة القلب الذي وجد الله، فلم يعد يحفِل ما يفقد بعد هذا الوجدان، القلب الذي اتصل بالله، فذاق طعم العزة، فلم يعد يحفل بالطغيان، القلب الذي يرجو الآخرة، فلا يهمه من أمر هذه الدنيا قليل ولا كثير، فتتملكهم الشجاعة الأدبية، قائلين: ﴿ لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ * إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 50، 51]، يا ألله! يا لروعة الإيمان إذ يشرق في الضمائر والقلوب، وإذ يفيض على الأرواح، وإذ يسكب الطمأنينة في النفوس، وإذ يرتفع بسلالة الطين إلى أعلى عليين، وإذ يملأ القلوب بالغِنى والذخر والوفر، فإذا كل ما في الأرض تافهٌ حقير زهيد، فمن تعلق قلبه بطيب الخصال، وأثمرت روحه بجمال الكمال، استشعر حلاوة الإيمان بالله على كل حال.

 

هنا يُسدل الستار على هذه الروعة الغامرة، لا يزيد شيئًا؛ ليبقى للمشهد جلاله الباهر، وإيقاعه العميق، وهو يربي به النفوس في مكة، وهي تواجه الأذى والكرب والضيق، ويربي به كل صاحب عقيدة يواجه بها الطغيان والعسف والتعذيب.

 

ومن السياق القرآني الكريم وقفات بينات واضحات؛ نبينها فيما يلي:

• قصة موسى عليه السلام - وكذلك قصص الأنبياء غيره - تدعو كل مسلم إلى المداومة على ذكر الله تعالى، في كل موطن بقوَّةٍ لا ضعفَ معها، وبعزيمة لا فتور فيها.

 

• إن الأخيار من الناس هم الذين يقفون إلى جانب المظلوم بالتأييد والعون، ويقفون في وجه الظالم حتى ينتهي عن ظلمه، وينهضون لمساعدة كل محتاج، ويقفون إلى جانب الحق والعدل، ومكارم الأخلاق في كل المواطن والأحداث.

 

• إن الله إذا أراد أمرًا هيَّأ أسبابه، ويسَّر له وسائله، وأن رعايته إذا أحاطت بعبدٍ من عباده صانته من كل أعدائه، مهما بلغ مكر هؤلاء الأعداء وبطشهم؛ فرعاية الله لموسى جعلته يعيش بين قوى الشر والطغيان آمنًا مطمئنًا.

 

• إن سُنَّةَ الله اقتضت أن يجعل نصره وثوابه للأخيار من عباده، وأن يجعل خِذلانه وعقابه للأشرار، وأن النصر يحتاج إلى تأييد من الله تعالى لعباده، وإلى توكُّلٍ عليه وحده، وإلى عزيمة صادقة ومباشرة للأسباب توصل إليه.

 

• مكر خصوم الدعوة بالداعية أمر واضح وصريح في كل زمان ومكان وضوحَ الشمس فـي السماء الصافية.

 

• على الدعاة إلى الله أن يعتمدوا في دعوتهم أسلوب اللين والملاطفة، وأن يتجنبوا أسلوب الشدة والغلظة، فإن الله أمر موسى ألَّا يخاطب الفرعون إلا بالملاطفة واللين.

 

• إن موقف الدعاة إلى الحق في كل العهـود دائمًا أنهم لا يلقون بالًا لتهديد الظالمين، ولا يقيمون وزنًا لوعيد المعاندين، بل يمضون في الطريق غير هيَّابين ولا وجِلين، مستعينين بالله رب العالمين، ومسلِّمين قيادَهم لأمره وقدره ومشيئته.

 

• من ابتغى العزة في غير الله أذلَّه الله، فالسحرة يعتدون ويعتزون بعزة العبد الآبق، فكانت بداية النهاية في السقوط؛ وذاك قوله تعالى: ﴿ فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ ﴾ [الشعراء: 44].


• دولة الظلم ساعة، ودولة الحق إلى أن تقوم الساعة.

 

• الإيمان بمعجزات نبي الله موسى عليه السلام، فكل نبي جاء بمعجزة من الله تناسب قومه، مصدقة له في كل ما جاء به عن ربه، كأمور خارقة للعادة، مخالِفة للسنن والنواميس التي أجراها الله في الكون، التي ما وجد أحد لها تبديلًا ولا تحويلًا، إلا في تلك المرات، التي شاء الله أن يغير هذه السنن والنواميس فيها، والقوم أصحاب مهارة عالية في السحر؛ فكانت معجزة موسى عصا يدفع بها سحر سحرة الفرعون؛ وذلك قوله: ﴿ فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ﴾ [الشعراء: 45].


• قول الله تعالى: ﴿ تَلْقَفُ ﴾، فيه قراءتان؛ الأولى ما سبقت، والثانية: تلقَّف، وقد جاءت الكلمة بحذف إحدى التاءين من الأصل؛ إذ الأصل تَتَلَقَّف؛ أي: تلتقم التقامًا حقيقيًّا شديدًا وسريعًا، بما دل عليه حذف التاء، على إحدى القراءتين، فتدبر المعنى الكريم.

 

• فيه دليل على كثرة ما صنع سحرة الفرعون من السحر، وتجديدهم فيه، حين ألقَوا في تزويره وقلبه عن وجهه؛ لقوله تعالى: ﴿ مَا يَأْفِكُونَ ﴾.

 

• التأكيد على أن كل طاغية يحاول دائمًا وأبدًا تشويه صورة المصلحين الصالحين، وذلك كمحاولة يائسة منه للحفاظ على عرشه، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه؛ وذلك قوله: ﴿ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ [الشعراء: 49].


• التأكيد على أن كل طاغية إذا ما انفضَّ أتباعه من حوله، باتباع الحق، وتركه وحده يصارع الأهوال، يتهددهم بالويل والثُّبور، وعظائم الأمور، مؤكدين على ذلك بقوله تعالى: ﴿ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ﴾ [الشعراء: 49].


• التأكيد على مبدأ العودة والرجوع إلى الله بعد الموت، وأن الليل مهما طال فلا بـد من طـلوع الفجر، والعمـر مهما طال فلا بد من دخـول القبـر، والبـرزخ مهما كان فيه الحال، فلا بد من الرجوع والعودة إلى الله؛ وذلك قوله تعالى: ﴿ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ ﴾ [الشعراء: 50].


• إن النفس البشرية حين تستعلن فيها حقيقة الإيمان، تستعلي على قوة الأرض، وتستهين ببأس الطغاة، وتنتصر فيها العقيدة على الحياة، وتحتقر الفناء الزائل إلى جوار الخلود المقيم.

 

• قولهم: ﴿ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ ﴾ [الشعراء: 50] استئناف مسوق للجواب عن سؤال ينساق إليه الذهن، كأنه قيل: فماذا قال السحرة عندما سمعوا وعيد الفرعون؟ هل تأثروا به، أم تصلبوا فيما هم فيه من الدين؟ فقيل: قالوا: ﴿ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ ﴾ [الشعراء: 50].


• التأكيد على أن من يمتلك الشجاعة الأدبية في الإيمان بالله، مهما كانت الأحداث والنوازل، وأنه إذا ما مسَّ هذا الإيمان شغف القلوب، هان على النفس ما عداه، كما أن مقام الإحسان على هذه الصورة الكريمة من الشجاعة الأدبية في الإيمان بالله، لَخَلِيق بهم طلب المغفرة من الذنوب؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 51].


• إن الإيمان بالله إذا ما خالطت بشاشته القلوب، واحتوته الدروب، ضحى الإنسان في سبيله بكل شيء، وأثر الإيمان عندما تخالط بشاشته القلوب الواعية يصنع المعجزات؛ وذلك قوله تعالى: ﴿ فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الشعراء: 46، 47]؛ قال الزمخشري: "سبحان الله! ما أعجب أمرهم! قد ألقوا حبالهم وعصيهم للكفر والجحود، ثم ألقوا رؤوسهم بعد ساعة للشكر والسجود، فما أعظم الفرق بين الإلقاءين! إلقاء للفرعون، وإلقاء لخالق الفرعون".

 

• فيه دليل على أن ظهور الآية موجِب للإيمان عند من ظهرت له تلك الآية، وذلك للقول السابق أيضًا.

 

• إذا قيل: لماذا خص الله موسى وهارون في قوله تعالى: ﴿ قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ﴾ [الشعراء: 47، 48]، وهما يدخلان في جملة العالمين؟ للعلماء في ذلك عدة وجوه: الأول: خصهما الله بالذكر بعد دخولهما في جملة العالمين؛ لأن فيه معنى أن الذي دعا إلى الإيمان بالله موسى وهارون.

 

الثاني: أنه خصهما بالذكر تشريفًا وتكريمًا وتفضيلًا؛ كقوله تعالى: ﴿ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ ﴾ [البقرة: 98]، فخصَّ الله جبريل وميكال رغم كونهما من الملائكة؛ لزيادة فضلهما.

 

الثالث: أن السحرة لم يكتفوا بقول: ﴿ آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الشعراء: 47]، حتى قالوا: ﴿ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ﴾ [الشعراء: 48]؛ لئلا يتوهم متوهِّم من قوم فرعون المقرين بألوهيته أن السجود له.

 

الرابع: تخصيصهما بإضافة ربوبية الله تعالى لهما؛ لأن ربوبية موسى وهارون لها اختصاص زائد على الربوبية العامة للخلق، فإن من أعطاه الله من الكمال أكثر مما أعطى غيره، فقد ربَّه ربوبيةً، ورباه تربيةً أكمل من غيره.

 

• فيه دليل على أن الدين عند الله الإيمان أو الإسلام، وذلك في كل زمان ومكان؛ لقوله تعالى: ﴿ أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 51].


• من لطائف الآيات في القرآن الكريم كله في قصة موسى الفرق بين قوله تعالى: ﴿ آمَنْتُمْ بِهِ ﴾ [الأعراف: 123]، ﴿ آمَنْتُمْ لَهُ ﴾ [الشعراء: 49] أن الإيمان إذا كان معدًّى بالباء، فهو إيمان بالله رب العالمين، أما إذا كان معدًّى باللام، فهو إيمان بموسى عليه السلام؛ أي صدقتم وآمنتم به وله، والسياق في كل آي القرآن الكريم يوضح ذلك.

 

المراجع:

• أ.د. هاني الشتلة، الشجاعة الأدبية في القرآن والسنة النبوية، الطبعة الثانية، مطبعة الشروق، المنوفية، جمهورية مصر العربية، 2020.



[1] رواه أم سلمة، المحدث ابن خزيمة، المصدر: التوحيد، رقم 191 /1، خلاصة حكم المحدث: أشار في المقدمة أنه صح وثبت بالإسناد الثابت الصحيح.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الشجاعة الأدبية في القرآن والسنة
  • الشجاعة الأدبية في عرض الزواج
  • الشجاعة الأدبية في عفَّة النفس
  • الشجاعة الأدبية في النصيحة الابنية
  • الشجاعة الأدبية في قول الصدق
  • الشجاعة الأدبية عند العلماء
  • الشجاعة الأدبية للفاروق
  • نداء للإيمان بالله والرجوع إليه
  • صفة الإيمان بالله على وجْه التفصيل

مختارات من الشبكة

  • الشجاعة الأدبية عند النساء(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الشجاعة الأدبية عند معاوية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الشجاعة الأدبية عند القضاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشجاعة الأدبية فى تطييب النفس الإنسانية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشجاعة الأدبية في الاحتراز من الوقوع في أعراض المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشجاعة الأدبية في التحدي بإعجاز القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشجاعة الأدبية لرسول الإنسانية(مقالة - ملفات خاصة)
  • الشجاعة الأدبية في الصدع بالحق(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الشجاعة الأدبية عند الأطفال(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الشجاعة الأدبية في الحفاظ علي اللغة العربية(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب