• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

ألا تريحني من ذي الخلصة؟

ألا تريحني من ذي الخلصة؟
محمد السيد حسن محمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/1/2022 ميلادي - 4/6/1443 هجري

الزيارات: 7270

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

«ألا تريحني من ذي الخلصة؟»


هذا حضُّ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم للصحابي الكريم جرير بن عبدالله البجلي رضي الله تعالى عنه، وهذه إجابة جرير ودونما تأخير، وهذا بذل هذا الجيل الكريم الأبي الفريد، وهذا عمل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ حماية للعقيدة، وتثبيتًا للتوحيد، وإشاعة له، وبثًّا له في أرجاء الجزيرة، وها هو يتجشم للخروج إلى اليمن، ولتكون للإسلام هناك اليد الطولى، ومن بعد كنيسة القليس، وحين يتحطم ذو الخلصة على أعتاب الحق والعدل، واللذين جاء بهما هذا الحنيف الخالد الدين الجديد.

 

وأعالجه في مسائل عشر هي:

المسألة الأولى: ﴿ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا ﴾ [الزمر: 29].

 

ومناسبته أن بيتًا كان في اليمن يقال له ذو الخلصة، وكانت فيه أصنام من حجر، وإذ كان الناس يعبدونها من دون الله تعالى، وإنما كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قد أرسله ربه تعالى؛ لتحطيم الأصنام صورة ومعنى، ومن القلوب ومن الجوارح والأبدان معًا، ولأن الإسلام له جولات ناجحة فاعلة في هذا الجانب، وأنه وحينما يكسر صنمًا، ولا يدفع عن نفسه، فذلكم هو البرهان على البطلان المطلق، لا النسبي، لهذا عفن عقدي، كان معششًا في أدمغة القوم يومهم هذا، وهذا الذي جاء الإسلام لتحرير الإنسان كل الإنسان من ربقته، وألا يعبد إلا مولاه الله تعالى الخالق البارئ المصور، وإزالة كل عوالق الشرك من طريق الناس، وكيما ينتقل الناس من رين العبودية المقيتة لحجر أو صنم أو معبود آخر اتخذ صفة الألوهية من دون الله تعالى، وإلى عبوديتهم لربهم الرحمن وحده، وفي هذا تكريم أيما تكريم لهذا الإنسان، وحين جعل معبوده واحدًا هو الله تعالى العظيم الجبار المتكبر، سبحانه وتعالى عما يصفون، ولأن الإنسان وحين تتجاذبه الآلهة المدَّعاة، ومن حين إلى آخر، تراه منكسًا حزينًا أليمًا مهينًا مهمومًا، مكسورًا خاطره، مطأطأً رأسه، وحين تتقاذفه هذه الآلهة مرة إلى هؤلاء، ومرة أخرى إلى هؤلاء، وليمزقوه هو ذلكم الإنسان كل ممزق.

 

وألم تر كيف كان قول ربنا الرحمن سبحانه، وفي هذا الشأن ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الزمر:29]؟!

 

وهذا الذي نراه، وكل آن، وحين يكون العبد أسيرًا لأولاء آلهة أخرى، قد سلكت به سبل المهالك، وقد أردته أسير أهوائها، وحبيس ضلالها.

 

المسألة الثانية: لطف العبارة وبراعة الإشارة:

ولكن الذي نستشرفه هو ذلكم الخلق الحميد لهذا النبي العربي الأمي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم؛ وهو ذلكم أسلوبه البارع، المتميز، المبدع، في توجيه العبد الصحابي جرير بن عبد الله البجلي، وحين جاء على صيغة الحض، لا الأمر المباشر، وهذا بيان كيف يمكن استدعاء طاقات المبادرة، والمشاركة، والمسارعة، إلى البذل، وبعبارات الحض، وحين قولنا (أَلَا)، أو العرض، وحين قولنا(هَلاَّ)، ودون أوامر الحسم، وغير قوالب الجزم، الإلزاميين.

 

المسألة الثالثة: من أعمال السيادة:

ولكن الذي نستشرفه أيضًا هو ذلكم الفقه في التغيير، وأن إزالة ذي الخلصة، وإنما يكون بقرار سيادي، وتحسب له حساباته جيدًا، ولأن الله تعالى يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن الكريم.

 

ولكن الذي نهتديه أيضًا ونسترشده، هو ذلكم الواجب في دكِّ قلاع الكفران، وهو ذلكم العزم في خلع الأنداد والشُّركاء والنُّظراء، وبتحطيم فلول الشرك ورؤوسه، وجعل ذلكم آية وعبرة، واسألوهم إن كان ينطقون! وحين قص الله تعالى سيرة من وليِّه ونبيه أبينا إبراهيم عليه السلام، سننًا حسنًا، وهديًا مجيدًا، فقال تعالى: ﴿ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ ﴾ [الأنبياء:63].

 

وذلكم هو فعل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم نفسه، ويوم كان الفتح المبين، فتح مكة المكرمة البلد الأمين، وحين دخل الكعبة المشرفة، وإذ أخذ يكسر أصنام قريش صنمًا، ومن بعده صنم آخر، وهو إذ كان يتلو قول الله تعالى الحق المبين: ﴿ وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ﴾ [الإسراء:81].

 

ولكن هديا نترسمه، وذلكم سبيل ندعو إليه، ولأنه يحقق الآيات، وبوسائلها المقتدرة على الحل المنتهض، والجامع للخير أبدًا، والمانع للشر أبدًا.

 

وذلك لأن استجماع الراعي لما استرعاء مولاه، ولما نصبه خليفته في أرضه، وإنما تكون أولى مهامه، هي اتخاذ الوسائل الممكنة شرعًا، في تعبيد الناس لله تعالى ربهم الحق، وليس يكون ذلكم وعلى وجهه، وإلا بتحطيم الآلهة الأخرى المدعاة، وتطهير الشارع الإسلامي من هكذا رين غطى على القلوب، وليحل نور الهدى، ودين الحق، وليشرق ومن بعد ظلام حل، ومن إثر ضلال طم، وهذا الذي جاء به خليفة الله تعالى في الأرض، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولتكون أول مهامه، ومن بعدها تسهل مهام أُخَر.

 

ولكن قيام الراعي بهذه المهمة الأصيلة يمنع أيضًا من التعدي، وجعل الناس يعارك بعضهم بعضًا، ولربما حدثت فتنة، يتكاثر على الجميع شرارها، ومن هنا كان هذا التغيير أصالة، ومن عمل الولي، ونيابة ومن عمل جرير بن عبد الله البجلي رضي الله تعالى عنه.

 

المسألة الرابعة: حسن الاختيار وبراعة التكليف:

ولكن اختيار نبينا محمد صلى الله عليه وسلم جرير بن عبد الله البجلي لهكذا مهمة، كان موجب تأمل، وحين كان منتسبًا إلى أولاء قوم، كانوا يعبدون ذا الخلصة! وهذا برهان اختيار الموظف العام لأداء مهماته، وحين أمكن أن يكون من بين ظهراني قومه، أو على الأقل منتسبًا إليهم، وليفعل فعله، وعن قبول، أو أقله، ودون خسار، أو أدناه!

 

وهذا فن إداري، ولطالَما كان عهدًا لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ومن حيث كان سننًا لرسول محمد صلى الله عليه وسلم أيضًا.

 

ومنه قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [إبراهيم:4].

 

المسألة الخامسة: القوة التنفيذية المساندة:

ولكن الذي نستدعيه أيضًا، هو ذلكم الاستعداد لأداء هذه المهمة، وحين أرسل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم جريرًا بن عبد الله البجلي، صحبة جيش فرسانًا، ولم يكن فيهم راجل واحدٌ، برهان إعداد القوة التنفيذية الملائمة للحدث، ولعلاج الحدث، بأمهر الوسائل، وبأدق الفنون التنفيذية الممكنة، وحين جعل احتمال المواجهة قائمًا، ولوأدها من مهدها، فيستيقظ الناس على هدم أصنامهم، ومن ثم يوقظون من غفلة كفرهم، إلى شروق يوم إسلامهم لله تعالى ربهم، وهذا فن إداري ممتاز.

 

المسألة السادسة:﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾ [القصص: 26]:

وإذ كَانُوا أصْحَابَ خَيْلٍ، وهذا الذي نقف عليه، ومن أداء المهمات، وعلى وجهها، فلابد من إيقاع الاختيار على ثلة مؤمنة واعية لمهامها، ومدركة لوظائفها، ولإمكان تأديتها عملها، وعلى وجهها الحسن.

 

وإن ما أصاب الجهة الإدارية من خلل، هو ذلكم إيكال مهامها إلى غير قدير، وهو ذلكم إسناد وظائفها إلى غير جدير!

 

وهذا الذي أشار إليه القرآن المجيد، وهو الذي وجَّه إليه الذكر الحكيم، وحين جعل القوة، وهي الثقة بإمكان أداء العمل، وعلى وجهه، ومن أمانة وهي إمكان أدائه، مستفرغًا جهده، ما أمكنه ذلكم، وعلى وسعه أيضًا، وكل ذلكم مما قاله الله تعالى ربنا الرحمن سبحانه: ﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾ [القصص:26].

 

المسألة السابعة: قيمة المرأة في هذا الدين:

ولكن هذا قول امرأة من نساء المسلمين! وحين بلغت من الرشد إن كان قولها صوابًا، وإن لم يكن فيه حرف واحد معابًا! ولما كان رأيها سدادًا، ولما بلغت من الحكمة قَعْرَها، ومن الفطنة غَورَها، وحين أنزله الحكيم في القرآن الحكيم، وعن لسانها، وكما قالت!

 

وهذا برهان الإعداد الجيد للمرأة المسلمة، وفي مَحضن تربيتها الأولى، وهو ذلكم البيت المسلم الرشيد الهني الأبي، وليخرج هكذا جيلًا نسائيًّا قادرًا على معرفة المتناقضات وتمييزها، ومن ثم يكون ماهرًا في إدراك المتآلفات، فيقعدها ويبسطها، وليخرجها لنا، وهكذا في ثوب الحكمة الباهر، المختصر، المبسط، والناطق بأصول العمل الفذ، الكريم، النجيب، الأريب، الأديب، ومرة أخرى، وكما أنزله الله تعالى في كتابه المجيد، وكما قالت هي، ودونما تغيير أو تبديل أو تعديل.

 

وهذا الذي أرتئيه، ومن صدق ربي الرحمن سبحانه، ولأنه تعالى قوله الصدق، ولكنه تعالى أيضًا، وإذ كان الصدق قوله أيضًا سبحانه، ولَما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلًا ﴾ [النساء:122]، وقال تعالى أيضًا: ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ﴾ [النساء:87].

 

وبه دل على أنه تعالى أنزل قولها في قالب آية من آياته، وكما هو معهود من سيرة هذا الكتاب المجيد، وحين سطَّر لنا أمجاد فريق من نساء العالمين مدحًا وثناءً، وكما هو حال امرأة فرعون، ومريم ابنة عمران، وعليهما السلام، وحين قال الله تعالى: ﴿ وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا لِلذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَب ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ التِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ﴾[التحريم: 11و12].

 

وهذا مرة أخرى أيضًا هو جامعة تخريج نسائنا، ولما كانت إحداهما تخاطب والدها بأسلوب الأدب الجم الرفيع الحسن الحميد، وحين اقشعرَّت الأبدان، ومن أدبها، وحين عجز اللسان، وعن وصفها وخلقها، وأدبها، وحكمتها، وبيانها، وفي قرآن يتلى إلى يوم الدين!

 

وأما عن استفراغ الجهد وسعه وطاقته، وهو كما قال الله تعالى: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة:286]، وقال تعالى أيضًا: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [التغابن:16].

 

المسألة الثامنة: علم النبوة في إعداد القادة:

ولكن جريرًا وإذ كان لا يحسن الفروسية، وحين دعا له النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ثم ليثبت على ظهر فرسه، ويصبح فارسًا مغوارًا، وإلى أبد دهره، وكامل عمره.

 

وهذه بركات النبوة، وهذه دلالات الرسالة، وهذه منح الولاية، وحين يجعل الله تعالى عبدًا مباركًا، يكون مستجاب الدعوة فيهم، ويثبت، ويطمئن، ويركن، ويزداد إيمانًا مع إيمانه.

 

وهذا برهان إسناد العمل الإداري، ولمن يستشرف منه أداؤه من حسن، أول الأمر، ومن ثم متابعته، ومساعدته، وتأهيله، وكيما يتخرج، وعن قريب، عمادًا للجهة الإدارية، وإذ كان هو المحرك الأساس لها، وحين كانت لديه مقومات العمل الباهر، والأداء الماهر، ومن نظرات قائده، ومن اختيارات رئيسه، ومن مساعدة زملاء العمل الوظيفي، والحقل المهني، ولما يمنحه من التفويض، ما يساعد على تخريج قاعدة متينة لقيادة العمل، ومن بعده، أو في وجوده معًا.

 

وإذ لم يولد أحد خبيرًا!

 

ودوننا تاريخنا كله، وحين كانت مدارس الخريجين، وفي كل فن على يديه، وحتى بلغ صيتها الآفاق، وحين سمع بصداها كل ناد.

 

المسألة التاسعة: ﴿ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ﴾ [فاطر: 14]:

ولكن جريرًا كان ماهرُا أيضُا، وحين حطم ذا الخلصة، وها هو حطام، وهشيم، وها هو مخلى من قوة حسية! وأخرى معنوية! وليظهر للناس ذلكم التطهير العقدي، وبإزالة هذا الوحل الجاهلي، وحين رأوا بأنفسهم لا نقلًا عن أحد، وأن الذين يعبدهم الناس من دون الله تعالى ربهم الحق ما يملكون من قطمير، وأنهم لا يسمعون دعاءهم، وأنهم ولو سمعوا ما استجابوا لهم، وأنهم ويوم القيامة يكفرون بشركهم، ولا ينبئك مثل خبير، وهذا هو قول الله تعالى ربنا الرحمن سبحانه: ﴿ إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾ [فاطر:14].

 

المسألة العاشرة: السلطة التقديرية للموظف:

ولكن جريرًا بن عبد ألله البجلي قد توسع في صلاحياته، وحين وجد رجلًا متخذًا أزلامه وأمامه! وليأخذه في طريقه تهديدًا، وإما أن يكسر أزلامه، ويسلم، وإما أن يقتله، وفيه جواز إعمال السلطة التقديرية للموظف العام، وليس في هذا تعد للأوامر الصادرة من جهة الإدارة، وليس فيه تعسف في استخدام السلطات المخولة.

 

ويكأنها مناسبة لبيان بعض من ذلكم، وحين أُصيب دولاب العمل الإداري بالشلل، أو قريبًا منه، وحين يتعسف قائده، وبإلزام مرؤوسيه، بالتزام قرار الجهة الإدارية، وكأنما هو القول الفصل وحده، أو كأنما وقد أحاط به كله، أو كأنما كان في الميدان، يعرف شماله، وجنوبه، وشرقه، وغربه، وإحداثيات مواقعه شبرًا شبرًا، ومنه وجبت طاعته، وبحذافيرها!

 

ولكن هذا الاتجاه هو الذي ليس يقيم للمؤسسة صُلبًا، وإذ تظل دائرة حول نفسها، وكدوران الرحى! لا تطحن بُرًّا، ولا تعجن خبزًا! ولربما أصابها الشلل، أو لربما قد سقط بنيانها، وانهار عمادها، ويوم أن كانت قرارات قيادتها جامدة، لا روح فيها! وإذ تزداد المهلكة، وحين كانت، ولا سند لها!

 

إن الذي يمهر ويؤذن الجهة الإدارية بقرب سقوطها، هو ذلكم المسار الجامد المتهرئ، وحين تظل قراراتها جامدة خالية من سلطات تقديرية للموظف، وإذ كانت محلاة بمرونة تُمكنه من الأداء العالي السامق الرفيع، ولأنه أداة الجهة الإدارية، وسلاحها النافذ، وحين منح من صلاحيات، ولما أطلق عنانه للابتكار والتميز والمبادرة.

 

ولكن متخذ أزلامه أسلم، وتحت تهديد جرير، وإما إسلامه، وإما قتله.

 

ولكن جريرًا وحين حطم ذا الخلصة هذا، أرسل بشيرًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليبشِّره بأداء مهمته، ونجاح سريته، وفيما أوكل إليها من مهام، جواز البشرى بعمل صالح.

 

ودلك على صحة مذهبنا هذا ما رواه الإمام البخاري رحمه الله تعالى عن جرير بن عبد الله البجلي قال: قال لي رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ألَا تُرِيحُنِي مِن ذِي الخَلَصَةِ؟ فَقُلتُ: بَلَى، فَانْطَلَقْتُ في خَمْسِينَ ومِئَةِ فَارِسٍ مِن أحْمَسَ، وكَانُوا أصْحَابَ خَيْلٍ، وكُنْتُ لا أثْبُتُ علَى الخَيْلِ، فَذَكَرْتُ ذلكَ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَضَرَبَ يَدَهُ علَى صَدْرِي حتَّى رَأَيْتُ أثَرَ يَدِهِ في صَدْرِي، وقالَ: اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، واجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا، قالَ: فَما وقَعْتُ عن فَرَسٍ بَعْدُ، قالَ: وكانَ ذُو الخَلَصَةِ بَيْتًا باليَمَنِ لِخَثْعَمَ وبَجِيلَةَ، فيه نُصُبٌ تُعْبَدُ، يُقَالُ له: الكَعْبَةُ، قالَ: فأتَاهَا فَحَرَّقَهَا بالنَّارِ وكَسَرَهَا، قالَ: ولَمَّا قَدِمَ جَرِيرٌ اليَمَنَ، كانَ بهَا رَجُلٌ يَسْتَقْسِمُ بالأزْلَامِ، فقِيلَ له: إنَّ رَسولَ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هَاهُنَا، فإنْ قَدَرَ عَلَيْكَ ضَرَبَ عُنُقَكَ، قالَ: فَبيْنَما هو يَضْرِبُ بهَا إذْ وقَفَ عليه جَرِيرٌ، فَقالَ: لَتَكْسِرَنَّهَا ولَتَشْهَدَنَّ: أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أوْ لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ؟ قالَ: فَكَسَرَهَا وشَهِدَ، ثُمَّ بَعَثَ جَرِيرٌ رَجُلًا مِن أحْمَسَ يُكْنَى أبَا أرْطَاةَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُبَشِّرُهُ بذلكَ، فَلَمَّا أتَى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ، ما جِئْتُ حتَّى تَرَكْتُهَا كَأنَّهَا جَمَلٌ أجْرَبُ، قالَ: فَبَرَّكَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى خَيْلِ أحْمَسَ ورِجَالِهَا، خَمْسَ مَرَّاتٍ[1].



[1] [صحيح البخاري: 4357].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ألا تشتاق إلى سكينة قلبك؟ تأمل وتدبر

مختارات من الشبكة

  • من كمال الأدب مع الله تعالى ألا ينسب له إلا كل جميل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث: لا يرد القدر إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • معنى لا إله إلا الله (لا معبود بحق إلا الله)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: { ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير آية: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك..}(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • تخريج حديث: صلو خلف من قال: لا إلا إلا الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: من السنة ألا يصلي الرجل بالتيمم إلا صلاة واحدة(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • تفسير: (وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب