• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

إن شانئك هو الأبتر

إن شانئك هو الأبتر
فواز بن علي بن عباس السليماني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/4/2021 ميلادي - 20/8/1442 هجري

الزيارات: 7125

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إن شانئك هو الأبتر

قال الله تبارك وتعالى: ﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾ [الكوثر: 3].

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فهذه كلمات في سطور مشتملة على حُرمة سبِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبيان حكم الشرع فيه، مع ذكر صور من دفاع الله عز وجل عن نبيه صلى الله عليه وسلم:

تحريم سبِّ رسول صلى الله عليه وسلم من الكتاب والسنة والإجماع:

أمَّا دلالة الكتاب، فقول الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ * أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 61 - 63].


قال الإمام الشوكاني في "تفسيره" (3/ 276): قوله: ﴿ والذين يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ ﴾، بما تقدَّم من قولهم: هو أُذُنْ، ونحو ذلك مما يَصدُقُ عليه أنه أذية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾؛ اهـ.


وقال الله تعالى: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ﴾ [التوبة: 65 - 66]، وقال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا ﴾ [الأحزاب: 57].


قال العلامة السعدي في "تفسيره" (ص671): لَما أمر تعالى بتعظيم رسوله صلى الله عليه وسلم، والصلاة والسلام عليه، نهى عن أذيته، وتوعَّد عليها، فقال: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ ﴾، وهذا يشمل كل أذية، قولية أو فعلية، من سب وشتم، أو تنقُّص له، أو لدينه، أو ما يعود إليه بالأذى، وقوله: ﴿ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا ﴾؛ أي: أبعدهم وطردهم، ومِنْ لَعْنِهِم في الدنيا أنه يُحتَّم قتلُ مَن شتم الرسول وآذاه، ﴿ وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا ﴾ جزاءً له على أذاه أن يُؤذَى بالعذاب الأليم، فأذيَّة الرسول ليست كأذية غيره؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لا يُؤمن العبد بالله، حتى يُؤمن برسوله صلى الله عليه وسلم، وله من التعظيم الذي هو من لوازم الإيمان، ما يقتضي ذلك ألا يكون مثل غيره؛ اهـ.


وقال الله تعالى: ﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾ [الكوثر: 3].

قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (8/ 504): قوله: ﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾؛ أي: إن مبغضك يا محمد، ومبغض ما جئت به من الهدى والحق، والبرهان الساطع والنور المبين، هو الأبتر الأقل الأذل المنقطع ذكرُه؛ اهـ.


وأما دلالة السنة، فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من لكعب بن الأشرف، فإنه قد آذى الله ورسوله)، فقام محمد بن مسلمة، فقال: أنا يا رسول الله، أتحب أن أقتُله؟ قال: (نعم)، فقتله؛ رواه البخاري برقم (2510)، ومسلم (1801).

 

وعن عبدالله بن عباس رضي الله عنه أن أعمى كانت له أُمُّ ولدٍ تشتم النبي صلى الله عليه وسلم، وتقع فيه، فينهاها فلا تنتهي، ويزجرها فلا تنزجر، فلما كان ذات ليلة جَعَلَتْ تقع في النبي صلى الله عليه وسلم وتشتمه، فأخذ المغول فوضعه في بطنها واتكأ عليها، فقتلها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا اشهدوا أن دمها هدرٌ»، رواه أبو داود برقم (4361)، والنسائي في "الكبرى" (7/ 60)[1].

 

ويأتي بعضًا منها - إن شاء الله تعالى - في: (فصلٌ: في ذكر بعض أدلة قتل سابِّ الرسول الله صلى الله عليه وسلم).


وأمَّا دلالة الإجماع، فقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الصارم المسلول في شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم" (ص9): (المسألة الأولى: أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم من مسلم أو كافر، فإنه يجب قتله): هذا ما ذهب إليه عامة أهل العلم، ثم ساق ما يلي:

قال الإمام ابن المنذر: أجمع عوام أهل العلم على أَنَّ حَدَّ من سب النبي صلى الله عليه وسلم القتلُ، وممن قاله: مالك، والليث، وأحمد، وإسحاق، وهو مذهب الشافعي.


وحكى أبو بكر الفارسي - من أصحاب الشافعي - إجماع المسلمين على أن حد من سب النبي صلى الله عليه وسلم القتل، كما أن حدَّ مَن سبَّ غيره الجلد.


وقال القاضي عياض: أجمعت الأمة على قتل متنقصه من المسلمين وسابه، وكذلك حكى عن غير واحد الإجماع على قتله وتكفيره.


وقال الإمام إسحاق بن راهويه - أحد الأئمة الأعلام -: أجمع المسلمون على أن من سب رسوله الله صلى الله عليه وسلم، أو دفع شيئًا مما أنزل الله تعالى، أو قتل نبيًّا من أنبياء الله تعالى، أنه كافر بذلك، وإن كان مقرًّا بكل ما أنزل الله.


وقال الإمام الخطابي: لا أعلم أحدًا من المسلمين اختلف في وجوب قتله.


وقال ابن سحنون: أجمع العلماء على أن شاتم النبي صلى الله عليه وسلم، والمتنقص له كافر، والوعيد جار عليه بعذاب الله له، وحكمه عند الأمة القتل، ومن شك في كفره وعذابه كَفَرَ؛ ا هـ.


فصل: هل يُستتاب سَابُّ الرسول صلى الله عليه وسلم أم لا؟:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الصارم المسلول" (ص10): وتحرير القول فيه: أن الساب إن كان مسلمًا، فإنه يكفر ويُقتَل بغير خلاف، وهو مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم، وقد تقدم ممن حكى الإجماع على ذلك إسحاق بن راهويه وغيره.


وإن كان ذميًّا، فإنه يُقتل أيضًا في مذهب مالك وأهل المدينة، وهو مذهب أحمد وفقهاء الحديث، وقد نص أحمد على ذلك في مواضع متعددة:

قال حنبل: سمعت أبا عبدالله يقول: كل من شتم النبي صلى الله عليه وسلم، أو تنقَّصه مسلمًا كان أو كافرًا، فعليه القتل، وأرى أن يُقتل، ولا يُستتاب، قال: وسمعت أبا عبدالله يقول: كل من نقض العهد وأحدث في الإسلام حدثًا مثل هذا، رأيت عليه القتل، ليس على هذا أعطوا العهد والذمة، وكذلك قال أبو الصفراء: سألت أبا عبدالله عن رجل من أهل الذمة شتم النبي صلى الله عليه وسلم، ماذا عليه؟ قال: إذا قامت البينة عليه يُقتل من شتم النبي صلى الله عليه وسلم مسلمًا كان أو كافرًا، رواهما الخلال.


وقال في رواية عبدالله وأبي طالب، وقد سُئل عن شتم النبي صلى الله عليه وسلم قال: يُقتل قيل له: فيه أحاديث؟ قال: نعم، أحاديث؛ منها: حديث الأعمى الذي قتل المرأة، قال: سمعتها تشتم النبي صلى الله عليه وسلم، وحديث حصين أن ابن عمر قال: من شتم النبي صلى الله عليه وسلم قتل، وكان عمر بن عبدالعزيز يقول: يُقتل، وذلك أنه من شتم النبي صلى الله عليه وسلم فهو مرتد عن الإسلام، ولا يَشتُم مسلم النبي صلى الله عليه وسلم، زاد عبدالله: سألت أبي عمن شتم النبي صلى الله عليه وسلم يستتاب؟ قال: قد وجب عليه القتل ولا يستتاب؛ لأن خالد بن الوليد قتل رجلًا شتم النبي صلى الله عليه وسلم ولم يَستتبه؛ رواهما أبو بكر في «الشافي»؛ اهـ.


فصل: في الحكمة من قتل ساب الرسول صلى الله عليه وسلم ولو تاب، وعدم قتل ساب الله تبارك وتعالى إن تاب:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في المصادر السابق وعقب كلامه الأول: وأما من استتاب الساب لله جل وعلا، ولرسوله صلى الله عليه وسلم، فَمَأْخَذُه أن ذلك من أنواع الردة، ومن فرَّق بين سب الله، وسب الرسول، قالوا: سب الله كفر مَحض، وهو حق لله، وتوبة من لم يصدر منه إلَّا مجرد الكفر الأصلي، أو الطارئ مقبولة مُسقطة للقتل بالإجماع.


ويدل على ذلك أن النصارى يسبون الله بقولهم: هو ثالث ثلاثة، وبقولهم: إن له ولدًا كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام، عن الله تعالى أنه قال: (شتمني ابن آدم، وما ينبغي له ذلك، وكذبني ابن آدم، وما ينبغي له ذلك، فأما شتمه إياي، فقوله: إن لي ولدًا، وأنا الأحد الصمد)؛ رواه البخاري برقم (4482)، وقال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة: 73 -74].


وهو سبحانه قد عُلم منه أنه يُسقط حقه عن التائب، فإن الرجل لو أتى من الكفر والمعاصي بملء الأرض، ثم تاب تاب الله عليه، وهو سبحانه لا تلحقه بالسبِّ غضاضة، ولا معرَّة، إنما يعود ضرر السب على قائله، وحرمته في قلوب العباد أعظم من أن ينتهكها جُرأة الساب.


وبهذا يظهر الفرق بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن السَّبَّ هناك قد تعلق به حق آدمي، والعقوبة الواجبة لآدمي لا تسقط بالتوبة، والرسول تلحقه المعرة، والغضاضة بالسب، فلا تقوم حرمته، ولا تثبت في القلوب مكانته إلا باصطلام سابه لِما أَنَّ هَجْوَه وشتمه ينقص من حُرمته عند كثير من الناس، ويقدح في مكانه في قلوبٍ كثيرة، فإن لم يُحفظ هذا الحمى بعقوبة المنتهك، وإلا أفضى الأمر إلى الفساد.


وهذا الفرق يتوجه بالنظر إلى أن حدَّ سَبِّ الرسول صلى الله عليه وسلم حق لآدمي، كما يذكره كثير من الأصحاب، وبالنظر إلى أنه حق لله أيضًا، فإن ما انتهكه من حرمة الله لا ينجبر إلَّا بإقامة الحد، فأشبه الزاني، والسارق، والشارب، إذا تابوا بعد القدرة عليهم؛ اهـ.


فصل: في ذكر بعض أدلة قتل سابِّ الرسول الله صلى الله عليه وسلم:

الدليل الأول:

حديث علي رضي الله عنه: أن يهودية كانت تشتم النبي صلى الله عليه وسلم، وتقع فيه، فخنقها رجل حتى ماتت، فأظل رسول الله صلى الله عليه وسلم دمها؛ رواه أبو داود برقم (4362)[2].

 

الدليل الثاني:

حديث أبي برزة رضي الله عنه: قال: أغلظ رجل لأبي بكر الصديق، فقلت: أقتله؟ فانتهرني وقال: ليس هذا لأحدٍ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ رواه أبو داود (4363)، والنسائي (7/ 109)[3].

 

الدليل الثالث:

قصة عبدالله بن سعد بن أبي سرح: قال سعد بن أبي وقاص صلى الله عليه وسلم: لَما كان يوم فتح مكة، أمَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر، وامرأتين - سماهم ومنهم: ابن أبي سرح - ثم قال: وأما ابن أبي سرح، فإنه اختبأ عند عثمان بن عفان، فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة، جاء به عثمان رضي الله عنه حتى أوقفه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبي الله، بايع عبدالله، فرفع رأسه، فنظر إليه ثلاثًا، كل ذلك يأبى، فبايعه بعد ثلاث، ثم أقبل صلى الله عليه وسلم على أصحابه، فقال: «أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته، فيقتله؟»، فقالوا: ما ندري يا رسول الله، ما في نفسك ألا أومأت إلينا بعينك، قال: «إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين»؛ رواه أبو داود برقم (4359)[4].

 

الدليل الرابع والخامس:

حديث القينتين المغنيتين: كانتا تغنيان بهجاء النبي صلى الله عليه وسلم، وكذا مولاة بني هاشم، قال شيخ الإسلام: وذلك مشهور مستفيض عند أهل السِّير... إلى أن قال: وحادثة القينتين مما اتفق عليه علماء السير، واستفاض نقله استفاضة يُستغنى بها عن رواية الواحد.


وحديث مولاة بني هاشم، ذكره عامة أهل المغازي، ومن له مزيد خبره واطلاع، وبعضهم لم يذكره، ثم ساقها مطوَّلة في «الصارم» (ص249).


الدليل السادس:

قصة ابن خطل، ففي ـ «البخاري» برقم (1846)، و«مسلم» (1357) ـ عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح، وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه جاء رجل، فقال: ابن خطل متعلق بأستار الكعبة، فقال: «اقتلوه»[5].

 

وسبق في أدلة تحريم سبه حديثَي جابر وابن عباس رضي الله عنه، والله أعلم.


فصل: في ذكر بعض القصص والأحداث الصحيحة والمشهورة التي توضح ما أخزى الله بها سابَّ نبيه صلى الله عليه وسلم، أو تنقُّصه أو طعن فيه، أو اتَّهمه بشيء:

القصة الأولى: قصة النصراني الذي قال: ما يدري محمد إلى ما كتبت له:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رجل نصرانيًّا فأسلم، وقرأ البقرة وآل عمران، فكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم، فعاد نصرانيًّا، فكان يقول: ما يدري محمد إلا ما كتبت له، فأماته الله فدفنوه، فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فِعلُ محمد وأصحابه لَمَّا هرب منهم، نبشوا عن صاحبنا فألقوه، فحفروا له فأعمقوا، فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فعل محمد وأصحابه، نبشوا عن صاحبنا لما هرب منهم، فألقوه، فحفروا له وأعمقوا له في الأرض ما استطاعوا، فأصبح وقد لفظته الأرض، فعلموا: أنه ليس من الناس، فألقوه؛ رواه البخاري برقم (3617)، ومسلم (2731).


القصة الثانية: تمزيق كسرى لكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم:

عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بكتابه إلى كـسرى مع عبدالله بن حذافة السهمي رضي الله عنه بكتاب، فأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين، فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى، فلما قرأه مزَّقه، قال ابن المسيب: فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُمزَّقوا كلَّ ممزق؛ رواه البخاري برقم (4424)، ومسلم (1773).


ذكر الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" (6/ 490): قال الشافعي: ولَما أُتي كسرى بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مزَّقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تمزَّقَ ملكه)، وحفُّظنا أن قيصر أكرم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووضعه في مسك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثبت ملكه).


وقال الشافعي وغيره من العلماء: ولما كانت العرب تأتي الشام والعراق للتجارة، فأسلم من أسلم منهم، شكوا خوفهم من مَلِكَيْ العراق والشام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم: (إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده). قال: فباد مُلك الأكاسرة بالكلية، وزال مُلك قيصر عن الشام بالكلية، وإن ثبت لهم ملك في الجملة ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم حين عظموا كتابه، والله أعلم؛ اهـ.


القصة الثالثة: في ابن حاتم الذي استخف برسول الله صلى الله عليه وسلم وانحراف الخشبة به عن القبلة:

قال الإمام القاضي عياض في كتابه "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" (2/ 218): أفتى فقهاء القيروان وأصحاب سحنون: بقتل إبراهيم الفزاري، وكان شاعرًا متفنِّنًا في كثير من العلوم، وكان ممن يحضر مجلس القاضي أبي العباس بن طالب للمناظرة، فرفعت عليه أمور منكرة، من هذا الباب في الاستهزاء بالله وأنبيائه ونبينا صلى الله عليه وسلم، فأحضر له القاضي يحيى بن عمر وغيره من الفقهاء، وأمر بقتله وصلبه، فطعن بالسكين، وصلب مُنكَّسًا، ثم أُنزل وأُحرق بالنار.


قال القاضي: وحكى بعض المؤرخين أنه لما رُفعت خشبتُه، وزالت عنها الأيدي، استدارت وحوَّلته عن القبلة، فكان آية للجميع، وكبَّر الناس؛ اهـ.


القصة الرابعة: في النصراني الذي وثب عليه الكلب فقتَله:

قال الحافظ ابن حجر في "الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة" (4/ 152): عن علي بن مرزوق بن أبي الحسن الرَّبعِي عن جمال الدين إبراهيم بن محمد الطيِّبِي - أن بعض أمراء المغل - أي: المغول - تنصَّر فحضر عنده جماعة من كبار النصارى والمغل، فجعل واحد منهم ينتقص النبي صلى الله عليه وسلم، وهناك كلب صيد مربوط، فلما أكثر من ذلك، وثب عليه الكلب فخمشه فخلصوه منه، وقال بعض من حضر هذا بكلامك في محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: كلَّا، بل هذا الكلب عزيز النفس، وأنا أشير بيدي، فظن أني أريد أن أضربه، ثم عاد إلى ما كان فيه، فأطال فوثب الكلب مرة أخرى، فقبض على زردمته ـ أي عنقه ـ فقلعها فمات من حينه، فأسلم بسبب ذلك نحو أربعين ألفًا من المغل؛ اهـ.


خير طريقةٍ لنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي تبليغ سنته والعمل بها:

قال العلامة ابن القيم في "جَلاء الأفهام" (ص415): وقد أَمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتبليغ عنه ولو آيَة، ودعا لمن بلغ عنهُ ولو حَدِيثًا، وتبليغ سنته إِلَى الْأمة أفضل من تَبْلِيغ السِّهَام إِلَى نحور الْعَدو؛ لِأَن ذَلِك التَّبْلِيغ يَفْعَله كثير من النَّاس، وَأما تَبْلِيغ السُّنَن فَلَا يقوم بِهِ إِلَّا وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاء وخلفاؤهم فِي أممهم، جعلنَا الله تعالى منهم بمنِّه وَكَرمه؛ اهـ.


وفي الختام: الطَّعن في أنبياء الله ورسله - عليهم الصلاة والسلام - علامة على سقوط دول الكفر والفتح على المسلمين:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الصارم المسلول على شاتم الرسول" (ص117): وإن الله منتقمٌ لرسوله ممن طعن عليه وسبَّه، ومظهر لدينه ولكذب الكاذب، إذا لم يُمْكِن الناس أن يقيموا عليه الحد، ونظير هذا:

ما حدثناه أعداد من المسلمين العدول ـ أهل الفقه والخبرة ـ عما جربوه مرات متعددة، في حصر الحصون والمدائن التي بالسواحل الشامية، لما حصر المسلمون فيها بني الأصفر في زماننا، قالوا: كنا نحن نحاصر الحصن أو المدينة الشهر أو أكثر من الشهر، وهو ممتنع علينا، حتى نكاد نيئَس منه، حتى إذ تعرَّض أهله لسبِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، والوقيعة في عرضه، تعجَّلنا فتحة وتيسَّر، ولم يكد يتأخر إلا يومًا أو يومين، أو نحو ذلك، ثم يُفتح المكان عَنوةً، ويكون فيهم ملحمة عظيمة، قالوا: حتى إن كنا لنتباشر بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه مع امتلاء القلوب غيظًا عليهم بما قالوا فيه؛ اهـ.


وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.



[1] وهو في "صحيح النسائي" برقم (4070)، وفي "الصحيح المسند" برقم (605).

[2] قال شيخ الإسلام في "الصارم" (ص136) ـ عقب ذكره له ـ: هذا الحديث جيد؛ اهـ، وقال العلامة الألباني في "الإرواء" (5/ 91): إسناده صحيح على شرط الشيخين؛ اهـ.

[3] قال شيخ الإسلام في "الصارم" (ص191) ـ عقب ذكره له ـ: رواه أبو داود بإسناد صحيح؛ اهـ، وقال العلامة الألباني في "صحيح النسائي" برقم (3795): صحيح الإسناد؛ اهـ.

[4] قال شيخ الإسلام في "الصارم" (ص219) - عقب ذكره لها -: وهي مما اتفق عليه أهل العلم، واستفاضت عندهم استفاضة تستغني عن رواية الآحاد كذلك، وذلك أثبت وأقوى مما رواه الواحد العدل، رواها أبو داود بإسناد صحيح؛ا هـ، وقال العلامة الألباني في "صحيح أبي داود" برقم (3663): حديث صحيح؛ اهـ.

[5] ومن طلب المزيد، فَلْيَرْجع إلى كتابَيْ "الشفا في حقوق المصطفى"؛ للقاضي عياض، و"الصارم المسلول في شاتم الرسول"؛ لشيخ الإسلام، فقد ساقَا جملة كثيرة، من أفتى العلماء بقتلهم، لسبهم واستهزائهم وتنقصهم وسخريتهم للنبي الكريم، وإنما اكتفيت بما مضى؛ لأنها مرفوعة وفي حكم المرفوع، والله المستعان، وهو أعلم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • إن شانئك - يا رسول الله - هو الأبتر
  • إن شانئك هو الأبتر
  • إن شانئك هو الأبتر (خطبة)
  • كل ابن لأنثى أب ثان لها
  • معاني (الأب) في القرآن أربعة (الوالد، العم، الجد، ما تأكله وترعاه الماشية)

مختارات من الشبكة

  • إن شانئك هو الأبتر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • متفرقات (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم)
  • (إن شانئك هو الأبتر) ضمان رباني بنصر رسوله محمد عليه الصلاة والسلام وقطع من عاداه (بطاقة دعوية)(كتاب - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 32 ) تفسير سورة الكوثر ( إن شانئك هو الأبتر - الجزء الرابع )(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • اندحار الشانئين الهاربين (قصيدة تفعيلة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أما الله فقد برأها، فماذا يريد شانئها؟!(مقالة - ملفات خاصة)
  • إن شانئك هو الأبتر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة تخريج أحاديث الروض المربع [كتاب الطهارة] (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • محل إشكال عند منتقدي الدعوة النجدية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة إن شانئك هو الأبتر(محاضرة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب