• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

إعلام الناس أجمعين بأن الله لا يقبل غير الإسلام دين

لا يقبل الله غير الإسلام دينا
رمزي صالح محمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/7/2019 ميلادي - 27/10/1440 هجري

الزيارات: 40935

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إعلام الناس أجمعين بأنَّ الله لا يقبل غير الإسلام دينًا


الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد خاتم النبيين، وعلى آله وأصحابه أجمعين؛ أما بعد:

فإن الله عز وجل - وهو الحكيم سبحانه - ما خلق السماوات والأرض، وما خلق الإنس والجن، إلا لحِكَمٍ عظيمة، وقد ذكر لنا في كتابه ذلك؛ فقال سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ * مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الدخان: 38، 39].

 

وقال سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ * أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ﴾ [ص: 27، 28].

 

وقال: ﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [هود: 7].

 

وقال: ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴾ [الملك: 2].

 

وقال سبحانه: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56].

 

وقال سبحانه وتعالى: ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾ [المؤمنون: 115].

 

ولذلك فقد أرسل إلينا الرسل، وأنزل إلينا الكتب، ولم يتركنا هَمَلًا ولا سُدًى، ووعدنا سبحانه وتعالى أن من اتبع هداه الذي جاءت به رسله، وأنزل به كتبه، فلا يضل ولا يشقى، بل له الحياة الطيبة في الدنيا، والسعادة الأبدية في الجنة، وأن من أعرض عن ذكره وعن شريعته التي أنزل بها كتبه وأرسل بها رسله، فإن له المعيشة الضنك في الدنيا والعذاب الشديد في الآخرة؛ فقال سبحانه وتعالى: ﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ ‌اتَّبَعَ ‌هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى ﴾ [طه: 123 - 127].

 

وقال سبحانه: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ ‌حَيَاةً ‌طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].

 

وما أرسل رسولًا إلا دعا قومه إلى عبادة الله وحده وعدم الإشراك به، ودعاهم إلى طاعته باعتباره مبلِّغًا عن الله شريعته وأوامره ونواهيه؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا ‌نُوحِي ‌إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 25].

 

وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ‌وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 36]، وقال نوح لقومه: ﴿ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ‌وَأَطِيعُونِ ﴾ [نوح: 3]، وقال هود لقومه: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ ‌وَأَطِيعُونِ ﴾ [الشعراء: 108]، وهكذا كل الرسل والأنبياء كما ورد في قصصهم في القرآن الكريم يدعون أقوامهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وإلى طاعتهم باعتبارهم مبلغين عن الله ما يأمر به وما ينهى عنه، وهذا هو معنى أن دين الإسلام هو دينُ الأنبياء جميعًا، فالإسلام بمعناه العام هو إسلام الوجه لله والخضوع والإذعان له سبحانه وتعالى، وذلك يكون بعبادته وحده لا شريك له، وباتباع شرعه الذي أرسل به رسله وأنزل به كتبه.

 

قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ ‌دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ﴾ [النساء: 125].

 

وقال تعالى: ﴿ بَلَى مَنْ ‌أَسْلَمَ ‌وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 112].

 

وقد ذكر الله عز وجل عن الأنبياء وأتباعهم أنهم كانوا مسلمين؛ قال تعالى عن نوح أنه قال لقومه: ﴿ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ ‌مِنَ ‌الْمُسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 72].

 

وقال تعالى عن إبراهيم وأولاده: ﴿ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ ‌سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 130 - 133].

 

وقال تعالى عن يوسف: ﴿ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ‌تَوَفَّنِي ‌مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [يوسف: 101].

 

وقال تعالى عن موسى أنه قال لقومه: ﴿ وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ ‌فَعَلَيْهِ ‌تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 84].

 

وأخبر تعالى عن السحرة أنهم قالوا لفرعون: ﴿ ‌وَمَا ‌تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ ﴾ [الأعراف: 126].

 

وقال تعالى عن أنبياء بني إسرائيل: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ ‌أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ﴾ [المائدة: 44].

 

وقال تعالى عن بِلْقِيس ملكة اليمن: ﴿ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ ‌مَعَ ‌سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [النمل: 44].

 

وقال تعالى عن عيسى بن مريم وأصحابه الحواريين: ﴿ فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ ‌الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 52].

 

وقال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى ‌الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ ﴾ [المائدة: 111].

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الأنبياءُ إخوةٌ من ‌عَلَّاتٍ، أمهاتُهم شَتَّى، ودينُهم واحدٌ))؛ [رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما][1].

 

قال العلماء في شرح هذا الحديث: "عَلَّات" جمع عَلَّة وهي الضَّرَّة - بفتح الضاد - والضَرَّة كما هو معلوم هي الزوجة الأخرى للرجل، وجمعها ضَرائِر، فالإخوة من ‌عَلَّاتٍ هم الإخوة من ضَرائِر؛ أي: إن أمهاتِهم مختلفة وأباهم واحد، فمعنى الحديث أنه كما أن الإخوة من عَلَّاتٍ أمهاتهم شَتَّى وأبوهم واحد، فكذلك الأنبياء أزمنتهم وشرائعهم مختلفة، ولكن دينهم واحد وهو الإسلام والتوحيد[2].

 

ومن هنا نعلم أن قول الله عز وجل: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ ‌الْإِسْلَامُ ﴾ [آل عمران: 19]، وقوله: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا ‌فَلَنْ ‌يُقْبَلَ ‌مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85] - هاتان الآيتان - كما قال أهل العلم - لا تختصان بأمة محمد صلى الله عليه وسلم، بل هو حكم عام في الأولين والآخرين، فكل من عبَدَ الله وحده ولم يشرك به شيئًا وأطاع رسوله الذي أرسله الله إليه، فدينه هو الإسلام، فموسى عليه السلام وأتباعه من اليهود الذين آمنوا به وبالتوراة التي أنزلها الله عليه، ولم يشركوا بالله شيئًا، هم مسلمون ودينهم هو دين الإسلام، وكذلك النصارى الذين آمنوا بعيسى عليه السلام، بأنه عبدُالله ورسوله، وآمنوا بكتابه الإنجيل، ولم يشركوا بالله شيئًا فهؤلاء مسلمون ودينهم هو دين الإسلام، وقد مر معنا ذكر الآيات في ذلك؛ من ذلك قول موسى عليه السلام وهو يخاطب قومه من اليهود: ﴿ وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا ‌إِنْ ‌كُنْتُمْ ‌مُسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 84]، وكذلك قوله تعالى: ﴿ فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ ‌الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 52].

 

ولا مانعَ من تسميتهم باليهود أو النصارى وكونهم مسلمين في نفس الوقت، فقد قيل في سبب تسميتهم باليهود: إن ذلك نسبة إلى يهوذا بن يعقوب، الذي ينتمي إليه بنو إسرائيل الذين بُعث فيهم موسى عليه السلام فقلبت العرب الذال دالًا، وقيل: إن ذلك نسبة إلى التهوُّد، ومعناه في اللغة العربية التوبة والرجوع إلى الحق؛ ومن ذلك قول موسى عليه السلام داعيًا ربه عز وجل: ﴿ وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ ﴾ [الأعراف: 156]، وأما النصارى، فقيل في سبب تسميتهم بهذا الاسم: إنه نسبة إلى بلدة الناصرة في فلسطين، وهي التي وُلد فيها المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام، وقيل: إنهم سُمُّوا بهذا لقيامهم بنصرة عيسى عليه السلام، وهذا يخص المؤمنين منهم في أول الأمر، ثم أطلق عليهم كلهم على وجه التغليب، ويشهد لذلك قوله تعالى: ﴿ فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ ‌مَنْ ‌أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 52].

 

فالحاصل أنه لا مانع من كون أتباع موسى عليه السلام يُطلَق عليهم اليهود وكونهم مسلمين في نفس الوقت، وكذلك أتباع عيسى عليه السلام يطلق عليهم النصارى وهم مسلمون في الوقت ذاته، طالما كانوا يعبدون الله وحده لا شريك له، ويؤمنون برسوله الذي أرسله الله إليهم وكتابه الذي جاءهم به من عند الله، وذلك بخلاف اليهود والنصارى المتأخرين، ولا سيما بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء ليسوا مسلمين قطعًا، وهذا يدعونا للإجابة على السؤال المهم، والذي من أجله كتبت هذه الرسالة؛ وهو: هل اليهود والنصارى بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم لا يزالون على الحق الذي كان عليه أوائلهم من أصحاب موسى وعيسى عليهما السلام؟ وهل يُقبَل منهم عدم إيمانهم بخاتم الأنبياء والرسل محمد صلى الله عليه وسلم، وبالكتاب الذي أنزله الله عليه؛ وهو القرآن الكريم؟

 

والجواب قطعًا وبلا ريب: لا؛ فاليهود الأوائل أتباع موسى عليه السلام كانوا يعبدون الله وحده، ويؤمنون بموسى عبدًا لله ورسولًا، ويؤمنون بالتوراة التي أنزلها الله عليه، ثم بعد ذلك غيَّر اليهود وبدَّلوا في دينهم، وحرَّفوا كتاب ربهم، وعبدوا الطواغيت من دون الله، فلما فعلوا ذلك أرسل الله عز وجل إليهم عبده ورسوله المسيحَ عيسى ابن مريم عليه وسلم ليصحح لهم ما أفسدوا من دينهم ومن شريعة ربهم، فقاموا بتكذيبه أيضًا ورمَوه وأمَّه بالعظائم، فصار كفرهم وضلالهم كما قال أهل العلم من هذين الوجهين: تبديل دين الرسول الأول، وتكذيب الرسول الثاني، ثم بعد ذلك جاء النصارى وكان أوائلهم على الحق فنصروا عيسى عليه السلام وآمنوا به كعبدٍ لله ورسوله وآمنوا بكتابه الإنجيل، وكانوا يعبدون الله وحده ولا يشركون به شيئًا، ثم بعد ذلك وبعد رفع عيسى عليه السلام غيَّروا وبدَّلوا في دينهم وادَّعوا في عيسى الألوهية وأنه كان ابنًا لله - تعالى الله عما يقولون - وحرَّفوا كتاب ربهم، وصاروا فِرقًا وأحزابًا وشِيَعًا، فلما أرسل الله عز وجل خاتم أنبيائه ورسله؛ محمدًا صلى الله عليه وسلم؛ ليعيدهم إلى الدين الحق الذي كان عليه عيسى عليه السلام، كفروا به وكذبوه، فصار كفرهم وضلالهم من هذين الوجهين أيضًا: تبديل دين الرسول الأول، وتكذيب الرسول الثاني، كما كان كفر اليهود بتبديلهم أحكام التوراة قبل مَبْعَثِ المسيح، ثم تكذيبهم المسيح عليه السلام؛ وفي ذلك يقول الله عز وجل: ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ ‌مَثْوًى ‌لِلْكَافِرِينَ ﴾ [الزمر: 32].

 

فاليهود والنصارى بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إذ لم يؤمنوا به وبكتابه القرآن العظيم، فلا شك ولا ريب في كفرهم، وهذا من المعلوم من الدين بالضرورة، والأدلة على ذلك أكثر من أن تُحصَر وتُعَدُّ من كتاب الله عز وجل ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ثم إجماع أهل العلم على ذلك، فمن أصرَّ بعد علمه بها على عدم كفرهم، وقال: إنه لا فرق بيننا وبينهم وإنَّ كلنا على خير وعلى حق، فهو كافر مثلهم سواء بسواء؛ لأنه مكذب لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ولِما أجمع عليه المسلمون، وها أنا أسوق شيئًا من ذلك؛ لعلها تكون تذكرة للغافلين.

 

أولًا: ما جاء في كتاب الله عز وجل:

قال تعالى: ﴿ إِنَّ الدِّينَ ‌عِنْدَ ‌اللَّهِ ‌الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ * فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 19، 20].

 

وقال: ﴿ قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا ‌فَلَنْ ‌يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 84، 85].

 

وقال: ﴿ ‌لَقَدْ ‌كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [المائدة: 17].

 

وقال: ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ﴾ [المائدة: 72 - 77].

 

وقال: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ * يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 70، 71].

 

وقال: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ * قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ ﴾ [آل عمران: 98 - 100].

 

وقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ ‌نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا ﴾ [النساء: 47].

 

وقال: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ ‌يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا * وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 150 - 152].

 

وقال: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ ‌لَا ‌تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا * لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا ﴾ [النساء: 171، 172].

 

وقال: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ ‌عَلَى ‌فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [المائدة: 19].

 

وقال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ ‌قُلْتَ ‌لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [المائدة: 116، 117].

 

وقال: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ ‌عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 30، 31].

 

وقال: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ ‌بَيْنَنَا ‌وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 64].

 

وقال: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ‌مِنْ ‌أَهْلِ ‌الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ﴾ [البينة: 6].

 

ثانيًا: ما جاء في سنة النبي صلى الله عليه وسلم:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((والذي نفسُ محمدٍ بِيَدِهِ، ‌لَا ‌يَسْمَعُ ‌بِي ‌أَحَدٌ ‌من هذه الأُمَّةِ وَلَا يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ، وماتَ ولم يؤمنْ بالذي أُرسلتُ به، إلا كان من أصحابِ النارِ))؛ [رواه مسلم في صحيحه وأحمد في مسنده][3].

 

قال ابن هُبَيْرَة رحمه الله: "في هذا الحديث من الفقه وجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم، ونسخ جميع الشرائع بشرعه، فمن كفر به لم ينفعه إيمانه بغيره من الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين"[4].

 

وقال النووي رحمه الله: "وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا ‌يسمع ‌بي ‌أحد ‌من ‌هذه الأمة))؛ أي: من هو موجود في زمني وبعدي إلى يوم القيامة، فكلهم يجب عليهم الدخول في طاعته، وإنما ذكر اليهودي والنصراني تنبيهًا على من سواهما؛ وذلك لأن اليهود النصارى لهم كتاب، فإذا كان هذا شأنهم مع أن لهم كتابًا، فغيرهم ممن لا كتاب له أولى"[5].

 

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((‌كان ‌غلامٌ ‌يهوديٌّ يَخْدُمُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فمرِضَ، فأتاه النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عند رأسه، فقال له: أسلِمْ، فنظر الغلامُ إلى أبيه وهو عنده فقال له أبوه: أطِعْ أبا القاسم، فأسْلَمَ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه بي من النار))؛ [رواه البخاري في صحيحه][6].

 

ومن المعروف المشهور في كتب السنة والمغازي والسير رسائلُ وكُتُبُ النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملوك الأرض يدعوهم إلى الإسلام؛ منهم هِرَقْل ملك الروم، والنجاشيُّ ملك الحبشة، والـمُقَوقِس ملك القبط، وثلاثتهم كانوا على دين النصرانية.

 

وهذا نصُّ رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى هِرَقْل: ((بسم الله الرحمن الرحيم، من محمدٍ عبدِالله ورسولِه إلى هِرَقْلَ ‌عظيمِ الروم: سلامٌ على من اتبع الهدى؛ أما بعد، فإني أدعوك بدِعاية الإسلام، ‌أَسْلِمْ ‌تَسْلَمْ، يؤتِكَ الله أجرك مرتين، فإن توليتَ فإن عليك إثمَ الأَرِيسيِّين، و﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 64]))؛ [رواها البخاري ومسلم في صحيحيهما][7].

 

قال أهل العلم: (الأَرِيسيُّون) هم الفلاحون، والمراد أتباعه ورعاياه الذين يتبعونه وينقادون له، ونبَّه بهؤلاء على جميع الرعايا لأنهم الأغلب، ولأنهم أسرع انقيادًا، فإذا أسلم أسلموا، وإذا امتنع امتنعوا،ومثلها رسالته صلى الله عليه وسلم إلى الـمُقَوقِس، وهذا نصها: ((بسم الله الرحمن الرحيم، من محمدٍ عبدِالله ورسوله إلى الـمُقَوقِس عظيمِ القِبْط، سلام على من اتبع الهدى؛ أما بعد: فإني أدعوك بدِعاية الإسلام، ‌أَسْلِمْ ‌تَسْلَمْ، وأسلم يؤتِك الله أجرك مرتين، فإن توليتَ؛ فإن عليك إثم القبط، ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 64])).

 

وذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بها مع حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه، فلما دخل حاطب على المقوقس، قال له: إنه كان قبلك رجل يزعم أنه الرب الأعلى فأخذه الله نكال الآخرة والأولى، فانتقَم به، ثم انتقَم منه، فاعتبِرْ بغيرك، ولا يعتبر غيرُك بك، فقال: إن لنا دينًا لن نَدَعَهُ إلا لِما هو خيرٌ منه، فقال حاطب: ندعوك إلى دين الله وهو الإسلام الكافي به اللهُ فَقْدَ ما سواه، إن هذا النبيَّ دعا الناسَ فكان أشدَّهم عليه قريشٌ، وأعداهم له يهود، وأقربهم منه النصارى، ولَعَمْري ما بشارة موسى بعيسى إلا كبشارة عيسى بمحمد، وما دعاؤنا إياك إلى القرآن إلا كدعائك أهل التوراة إلى الإنجيل، وكلُّ نبيٍّ أدرك قومًا فهُم من أُمَّتِه، فالحقُّ عليهم أن يطيعوه، فأنت ممن أدركه هذا النبي، ولسنا ننهاك عن دين المسيح ولكنَّا نأمُرك به؛ [انتهى، ذَكَرها أبو الربيع الحِمْيَرِي في الاكتفاء وابن القيم في زاد المعاد وغيرهما][8].

 

وكذلك كتب صلى الله عليه وسلم أيضًا إلى النجاشي يدعوه إلى الإسلام؛ كما روى ذلك مسلم في صحيحه، وغيره من كتب السنة[9].

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه: ((قال بينما نحن في المسجد، إذ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: انطلقوا إلى يهود، فخرجنا معه حتى جئنا بيت ‌المِدْرَاس، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فناداهم فقال: يا معشر يهود، أَسْلِمُوا ‌تَسْلَمُوا، فقالوا: قد بَلَّغْتَ يا أبا القاسم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك أريد، أَسْلِمُوا ‌تَسْلَمُوا، فقالوا. ‌قد ‌بلغتَ يا أبا القاسم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك أريد، ثم قالها الثالثة، فقال: اعلموا أنما الأرض لله ورسوله، وأني أريد أن أُجْلِيكم من هذه الأرض، فمن وجد منكم بماله شيئًا فَلْيَبِعْهُ، وإلا فاعلموا أنما الأرض لله ورسوله))؛ [رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما][10].

 

قال العلماء: (بيت المِدراس) بكسر الميم هو البيت الذي كان يجتمع فيه أحبار اليهود لقراءة كتبهم ودراستها، وقد ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم بنفسه ليدعوهم إلى الإسلام، وقوله صلى الله عليه وسلم: (ذلك أريد)؛ أي: أن تعترفوا بأني قد أبلغتكم رسالة ربي لكي أخرج عن العهدة بأداء ما ألزمني الله من الإبلاغ، ولتقوم الحجة عليكم بذلك[11].

 

وكذلك قصة قدوم وفد نصارى نجران على النبي صلى الله عليه وسلم، ودعوته لهم إلى الإسلام معروفة مشهورة، ذكرها أهل المغازي والسير كابن هشام وابن كثير وغيرهما، وروى طرفًا منها البخاري في صحيحه[12].

 

وهذا غَيْضٌ من فَيْضٍ، وإلا فدعوةُ النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الكتاب للإيمان به والدخول في الإسلام أشهر من أن تخفى على أحد.


ثالثًا: إجماع أهل العلم على كفر اليهود والنصارى وكل من لم يدِنْ بدين الله الإسلامِ، بل وإجماعهم على كفر من لم يكفرهم.

 

فممن نقل الإجماع ابن حزم الأندلسي، وابن القطان الفاسي، والقاضي عياض، والنووي، وأبو حامد الغزالي، وأبو العباس القرطبي، وابن تيمية، وغيرهم.

 

قال ابن حزم رحمه الله في كتابه مراتب الإجماع وهو يذكر المسائل التي أجمع عليها علماء الأمة؛ قال: "واتفقوا على تسمية اليهود والنصارى كفارًا"[13].

 

وكذلك قال ابن القطان الفاسي رحمه الله مثله نصًّا في كتابه الإقناع في مسائل الإجماع[14].

 

وقال ابن حزم أيضًا في كتابه الفصل في الملل والأهواء والنِّحَلِ: "اليهود والنصارى كفار بلا خلاف من أحد من الأمة، ومن أنكر كفرهم فلا خلاف من أحد من الأمة في كفره وخروجه عن الإسلام"[15].

 

وقال القاضي عياض رحمه الله في كتابه الشفا بتعريف حقوق المصطفى: "الإجماع على كفر من لم يكفِّر أحدًا من النصارى واليهود وكل من فارق دين المسلمين، أو وقف في تكفيرهم، أو شك"[16].

 

وقال أيضًا: "ولهذا نكفر من لم يكفر من دان بغير ملة المسلمين من الملل، أو وقف فيهم، ‌أو ‌شك، أو صحح مذهبهم، وإن أظهر مع ذلك الإسلام واعتقده واعتقد إبطال كل مذهب سواه، فهو كافر بإظهاره ما أظهر من خلاف ذلك"[17].

 

ونقل النووي رحمه الله كلام القاضي عياض السابق في كتابه روضة الطالبين وعمدة المفتين، وأقره عليه[18].

 

وقال أبو العباس القرطبي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم: "من وحَّد الله تعالى ولم يؤمن بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم، لم ينفعهُ إيمانُهُ بالله تعالى ولا توحيدُهُ، وكان من الكافرين بالإجماعِ القطعيِّ"[19].

 

وقال أبو حامد الغزالي رحمه الله في الاقتصاد في الاعتقاد: "وكذلك كون الشخص كافرًا إما أن يدرك بأصل أو بقياس على ذلك الأصل، والأصل المقطوع به أن كل من كذَّب محمدًا صلى الله عليه وسلم فهو كافر، إلا أن التكذيب على مراتب؛ الرتبة الأولى: تكذيب ‌اليهود ‌والنصارى وأهل الملل كلهم من المجوس وعبدة الأوثان وغيرهم، فتكفيرهم منصوص عليه في الكتاب ومجمَع عليه بين الأمة، وهو الأصل وما عداه كالملحق به"[20].

 

وقال ابن تيمية رحمه الله في الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح: "وذلك أن ‌دين ‌النصارى ‌الباطل إنما هو دين مبتدع، ابتدعوه بعد المسيح عليه السلام، وغيَّروا به دين المسيح، فَضَلَّ منهم من عدل عن شريعة المسيح إلى ما ابتدعوه، ثم لما بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم كفروا به، فصار كفرهم وضلالهم من هذين الوجهين: تبديل دين الرسول الأول، وتكذيب الرسول الثاني، كما كان كفر اليهود بتبديلهم أحكام التوراة قبل مبعث المسيح، ثم تكذيبهم المسيح عليه السلام، ونبين إن شاء الله أن ما عليه النصارى من التثليث والاتحاد، لم يدل عليه شيء من كُتُبِ الله؛ لا الإنجيل ولا غيره، بل دلت على نقيض ذلك، ولا دل على ذلك عقلٌ، بل العقل الصريح مع نصوص الأنبياء تدل على نقيض ذلك، بل وكذلك عامة شرائع دينهم محدَثة مبتدَعة، لم يشرعها المسيح عليه السلام، ثم التكذيب لمحمد صلى الله عليه وسلم هو كفرهم المعلوم لكل مسلم، مثل كفر اليهود بالمسيح عليه السلام وأبلغ"[21].

 

وقال ابن تيمية أيضًا: "وهذا كما أن الفلاسفة ومن سلك سبيلهم من القرامطة والاتحادية ونحوهم يجوز عندهم أن يتدين الرجل بدين المسلمين واليهود والنصارى، ومعلوم أن هذا كله كفر باتفاق المسلمين، فمن لم يقر باطنًا وظاهرًا بأن الله لا يقبل دينًا سوى الإسلام فليس بمسلم"[22].

 

فصل: بيان معنى الإسلام، والفرق بين معناه العام والخاص:

قال أهل العلم: إن كلمة الإسلام عندما تُطلَق قد يُراد بها أحد معنيين:

المعنى الأول: هو الإسلام بالمعنى العام للكلمة؛ وهو إسلام الوجه لله تعالى، والانقياد والخضوع له سبحانه وتعالى، وذلك بعبادته وحده لا شريك له وطاعة أنبيائه ورسله، وبذلك المعنى نقول: إن الإسلام هو دين الأنبياء وأتباعهم جميعًا، وقد سبق أن شرحنا هذا وبيناه ولله الحمد والمنة.

 

والمعنى الثاني: هو الإسلام بمعناه الخاص، وهو الدين الذي بُعِثَ به محمدٌ صلى الله عليه وسلم المتضمن لشريعة القرآن، وهو الذي يقول فيه صلى الله عليه وسلم: ((بُنِيَ ‌الإسلامُ على خَمْسٍ: شهادةِ أن لا إله إلا اللهُ، وأن محمدًا عبده ورسوله، وإقامِ الصلاة، وإيتاءِ الزكاة، وحجِّ البيت، وصومِ رمضانَ))؛ [رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما][23].

 

قال ابن تيمية رحمه الله: "فإن الإسلام الخاص الذي بعث الله به محمدًا صلى الله عليه وسلم، المتضمن لشريعة القرآن ليس عليه إلا أمة محمد صلى الله عليه وسلم، والإسلام اليوم عند الإطلاق يتناول هذا، وأما الإسلام العام، المتناول لكل شريعة بعث الله بها نبيًّا من الأنبياء فإنه يتناول إسلام كل أمة متبعة لنبي من الأنبياء، ورأس الإسلام مطلقًا شهادة أن لا إله إلا الله، وبها بعث الله جميع الرسل؛ كما قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 36]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 25][24].

 

فصل: الرد على أشهر الشبهات:

قالوا: إن القرآن الكريم قد ساوى بين المسلمين واليهود والنصارى؛ وذلك في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى ‌وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 62].

 

ومثلها قوله تعالى في موضع آخر: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا ‌وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [المائدة: 69].

 

فأقول ابتداءً: إن الله عز وجل قد ذكر في كتابه الكريم علامة لأهل الزَّيغ والضلال لنَعرفَهم ولنحذَرهم، وهي أنهم يتركون الآيات المحكمات الواضحات المعنى والدلالة، ويذهبون إلى الآيات المتشابهات التي تحتمل أكثر من معنى، فيفسرونها وفق أهوائهم ورغباتهم؛ قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ ‌مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ﴾ [آل عمران: 7].

 

قال ابن كثير رحمه الله في بيان معنى هذه الآية الكريمة: "يخبر تعالى أن في القرآن آياتٍ محكمات هنَّ أم الكتاب؛ أي: بيِّنات واضحات الدلالة، لا التباس فيها على أحد من الناس، ومنه آيات أُخر فيها اشتباهٌ في الدلالة على كثير من الناس أو بعضهم، فمن ردَّ ما اشتبه عليه إلى الواضح منه، وحَكَّم مُحْكَمَه على متشابَهِه عنده، فقد اهتدى، ومن عكس انعكس"[25].

 

قال العلماء: وهذا ما فعلوه ها هنا، ففي القرآن الكريم آيات كثيرة واضحة وصريحة في أن الله لا يقبل دينًا غير الإسلام، وأن النصارى الذين حرَّفوا دينهم وادَّعوا أن عيسى ابن الله، واعتقدوا فيه الألوهية، وكذبوا بالقرآن العظيم وبمحمد صلى الله عليه وسلم، وأنهم كفار لا شك في ذلك، وأنهم من أهل النار، وأن الله عز وجل قد حرم عليهم الجنة، وقد سبق ذكرُ كثيرٍ من هذه الآيات، وفي القرآن أيضًا آيات متشابهة عن النصارى ليست واضحة الدلالة، قد تحتمل أكثر من معنى، فأما أهل الزيغ والضلال، فيتركون الآيات المحكمات، ويذهبون إلى المتشابهات ويؤوِّلونها ويفسرونها وَفْق أهوائهم، وأما أهل العلم والإيمان، فيردون المتشابه إلى المحكم، بمعنى أنهم يفسرون المتشابه بما لا يتعارض مع المحكم، بل بما يوافقه؛ لأنه ليس في القرآن تعارض، ولْنَأْتِ إلى هذه الآية الكريمة، فبمعرفة سبب نزولها يتبيَّن المراد منها، فقد ذكر المفسرون أن هذه الآية نزلت في أصحاب سلمان الفارسي رضي الله عنه، وذلك أن سلمان الفارسي رضي الله عنه قبل أن يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مصاحبًا لبعض علماء النصارى ممن كانوا على دين عيسى عليه السلام الصحيح بدون تحريف، وكان كلما مات منهم أحد أوصى به إلى صاحب له، إلى أن انتقل إلى آخر من صاحبه منهم، فلما حَضَرَهُ الموتُ أخبره أن هذا الزمان سوف يُبعَث فيه نبي في جزيرة العرب، وأوصاه بالذهاب إليه والإيمان به، فلما لقِي سلمان رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وآمَن به، سأل سلمانُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن حال هؤلاء العلماء الصالحين من النصارى الذين صاحبهم، الذين كانوا على دين عيسى الحق، وقال له: يا رسول الله، كانوا يصلون ويصومون ويؤمنون بك ويشهدون أنك ستبعث نبيًّا؛ فأنزل الله عز وجل هذه الآية: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى ‌وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 62]، فهؤلاء العلماء من النصارى كانوا على دين عيسى عليه السلام الحق وهو الإسلام والتوحيد، وكانوا يؤمنون أن عيسى عبدُالله ورسوله، ولم يعتقدوا فيه الألوهية، ولم يحرِّفوا دينهم، ويدل على ذلك قول سلمان للرسول صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يصلون ويصومون ويؤمنون به ويشهدون أنه سيبعث نبيًّا، وكذلك أن آخر مَن صاحبه سلمان الفارسي منهم قد أرشده قبل موته إلى الذهاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والإيمان به، إذًا؛ فمعنى الآية ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾؛ أي: برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وكتابه القرآن واتَّبعوه، ﴿ وَالَّذِينَ هَادُوا ﴾ هم اليهود أصحاب موسى وأتباعه من الذين آمنوا به وبكتابه التوراة ولم يحرفوا دينهم ولا كتابهم، ﴿ وَالنَّصَارَى ﴾ هم أصحاب عيسى وأتباعه من الذين عبدوا الله وحده، وآمنوا بعيسى عليه السلام كعبدٍ ورسول لله، وآمنوا بكتابه الإنجيل، ولم يحرفوا دينهم ولا كتابهم، وذلك قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، كل هؤلاء طالَما آمنوا بالله واليوم الآخر وعملوا صالحًا، فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فهذا معنى الآية وهو واضح وموافق لما قلناه من قبل من أن كل أمة أرسل الله إليهم رسولًا فآمنوا به وصدقوه، وآمنوا بكتابه الذي أُرسل به، وعبدوا الله وحده لا شريك له فهي أمة مسلمة ناجية، وذلك بالمعنى العام لكلمة الإسلام؛ وهو إسلام الوجه لله والانقياد له سبحانه.

 

وأما اليهود الذين حرَّفوا دينهم وكتابهم التوراة، ثم لما أرسل الله إليهم عيسى عليه السلام ليصحِّح لهم ما حرَّفوه كذبوا به أيضًا ورمَوه وأمه بالعظائم، وكذلك النصارى الذين حرَّفوا دين عيسى عليه السلام وكتابه الإنجيل، وادَّعوا فيه الألوهية، ثم لما أرسل الله إليهم محمدًا صلى الله عليه وسلم ليصحِّح لهم دينهم كذبوا به أيضًا، فهؤلاء لا يدخلون في هذه الآية قطعًا، بل وفي الآية نفسها ما يدل على ذلك، فإن الله عز وجل يقول: ﴿ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا ﴾، ومن اعتقد أن عيسى هو الله أو ابن الله أو اعتقد بالثالوث المقدس (الأب والابن والروح القدس) - تعالى الله عن ذلك - فهذا لم يؤمن بالله الواحد الأحد.

 

وهذه الشبهة شبهة قديمة، وقد رد عليها أهل العلم من قبل كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه القيم: "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح"، وغيره من أهل العلم.

 

فصل: انقسام الكفار إلى معاهدَين ومحاربين وبيان حكم كلٍّ منهما:

قال تعالى: ﴿ ‌لَا ‌يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الممتحنة: 8، 9].

 

وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا))؛ [رواه البخاري في صحيحه][26].

 

قال العلماء: (الـمُعَاهَد) وهو بفتح الهاء على الأشهر؛ أي: الذي عاهده المسلمون، أي: أعطَوه عهدًا وموثقًا ألَّا يتعرضوا له، وقيل بكسر الهاء؛ أي: الذي عاهد هو المسلمين، أي: أخذ منهم عهدًا وموثقًا بالأمان، وقوله (لم يَرَح) بفتح الياء والراء؛ أي: لم يجد ريح[27].

 

قال الحافظ ابن حجر في شرحه لهذا الحديث:

"والمراد بالمعاهَد من له عهد مع المسلمين سواء كان بعقد جزية، أو هدنة من سلطان، أو أمان من مسلم"[28].

 

وروى أبو داود في سننه أن رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلم قال: ((ألا مَن ظَلم مُعاهدًا، أو انتَقصَهُ، أو كلَّفَهُ فوقَ طاقَتِه، أو أخَذ منهُ شيئًا بِغيرِ طِيبِ نَفس، فأنا حَجِيجُهُ يوم القيامةِ))[29]، ومعنى (حَجِيجُه): أي: مخاصِمه ومغالِبه بإقامة الحجة عليه.

 

فالحاصل أن الكفار المعاهَدين غير المحاربين، كالذين يعيشون في بلاد المسلمين، أو السائحين الذين يأتون إلى بلادنا، أو الدول التي بيننا وبينها اتفاقيات ومعاهدات وصلح، كل هؤلاء لا يجوز الاعتداء على أحد منهم أبدًا، أو ظُلْمُه، أو أخذ ماله، فضلًا عن قتله، بل ذكر أهل العلم أنه حتى الكفار المحاربين لنا إن أعطَوك أمانًا لدخول بلادهم، فلا يحل لك أن تغدر بهم بأن تقتل أحدًا منهم، أو تأخذ مالًا لهم، وممن نص على ذلك الإمام الشافعي في الأم، وابن قدامة في المغني، وابن الهُمام في فتح القدير وغيرهم[30]؛ قال ابن قدامة: "وذلك لأنهم إنما أعطَوه الأمان مشروطًا بتركه خيانتَهم وأمنِه إياهم من نفسه، وإن لم يكن ذلك مذكورًا في اللفظ، فهو معلوم في المعنى، ولذلك من جاءنا منهم بأمان فخاننا كان ناقضًا لعهده، فإذا ثبت هذا، لم تحل له خيانتهم؛ لأنه غدرٌ، ولا يصلح في ديننا الغدر؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((المسلمون عند شروطهم))، فإن خانهم أو سرق منهم أو اقترض شيئًا، وجب عليه ردُّ ما أخذ إلى أربابه، فإن جاء أربابه إلى دار الإسلام بأمان أو إيمان رده عليهم، وإلا بعث به إليهم؛ لأنه أخذه على وجه محرَّم عليه أخذُهُ، فلزِمه ردُّه، كما لو أخذه من مال مسلم"؛ [انتهى كلام ابن قدامة رحمه الله]، فهل هناك عدل وإنصاف في دين مثل هذا الدين؟!

 

فصل: وسطية النبي صلى الله عليه وسلم في تعامله مع أهل الكتاب:

قال الله عز وجل: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً ‌وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة: 143].

 

وقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا ‌بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 58].

 

وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا ‌يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 8].

 

قال ابن كثير رحمه الله في معنى قوله تعالى: ﴿ وَلَا ‌يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا ﴾؛ أي: لا يحملنكم بغضُ قوم على ترك العدل فيهم، بل استعملوا العدل في كل أحد، صديقًا كان أو عدوًّا[31].

 

وإن خير مَن عمِل بهذه الآيات الكريمة وغيرها من آيات القرآن هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان خُلُقُهُ القرآنَ، كما قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وقال العلماء: معنى (كان خلقه القرآن)؛ أي: إنه كان يتأدب بآدابه، ويأتمر بما أمره الله تعالى فيه، وينتهي عما نهى الله عنه، قالوا: ومن تخلَّق بآداب القرآن، وفَعَلَ أوامره، وتَرَكَ نواهيه، كان أحسن الناس خُلُقًا، ولذلك فقد كان صلى الله وسلم وسطًا في تعامله مع أهل الكتاب، فلا إفراط ولا تفريط، فهو يعاملهم بالعدل والإنصاف ولا يظلمهم، ويُحسن إليهم، ويعاملهم بالبيع والشراء، ويقبل هديتهم، ويقبل دعوتهم إلى الطعام، ويأكل ذبائحهم، إلا أنه صلى الله عليه وسلم مع ذلك لم يهنئهم بعيد لهم قط من أعيادهم الدينية، فضلًا عن أن يحتفل معهم به، ولم يغُشَّهم أو يخدعهم ويقل لهم: أنتم على خير ولا فرق بيننا وبينكم! بل كان يدعوهم إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، كلما وجد فرصة سانحة لذلك؛ لينقذهم من النار، وقد مرَّ معنا منذ قليل حديث الغلام اليهودي الذي زاره الرسول صلى الله عليه وسلم في مرضه وعرض عليه الإسلام، فلما أسلم، قال رسول الله بأبي هو وأمي: ((الحمد لله الذي أنقذه بي من النار))، وذهب إلى أحبار اليهود في بيت عبادتهم ودعاهم إلى الإسلام، ودعا وفد نصارى نجران إلى الإسلام، وأرسل الرسائل إلى ملوك النصارى: هِرَقْل والـمُقَوْقِس والنجاشي يدعوهم إلى الإسلام، كما مر معنا منذ قليل؛ فهذه هي الوسطية الحق، وهي ما كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام.

 


[1] صحيح البخاري (3443)، وصحيح مسلم (2365).

[2] المُفْهِم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم؛ للقرطبي (6/ 176)، وفتح الباري شرح صحيح البخاري؛ للحافظ ابن حجر العسقلاني (6/ 489)، وغيرهما.

[3] رواه مسلم في صحيحه (153)، وأحمد في مسنده ط. الرسالة (8203) واللفظ له، بإسناد صحيح على شرط الشيخين.

[4] الإفصاح عن معاني الصحاح (8/192).

[5] شرح النووي على مسلم (2/188).

[6] رواه البخاري في صحيحه (1356)، وأبو داود في سننه (3095).

[7] رواها البخاري في صحيحه (7)، ومسلم في صحيحه (1773).

[8] الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله والثلاثة الخلفاء لأبي الربيع الحميري (2/14)، وزاد المعاد في هدي خير العباد لابن قيم الجوزية (3/874)، وعيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير لابن سيد الناس (2/332).

[9] صحيح مسلم (1774)، وسنن الترمذي (2716).

[10] صحيح البخاري (6944) و(7348)، وصحيح مسلم (1765).

[11] فتح الباري في شرح صحيح البخاري (12/ 318) و(13/ 315)، ومطالع الأنوار على صحاح الآثار (1/ 246).

[12] صحيح البخاري (4380)، وسيرة ابن هشام (1/ 573)، ودلائل النبوة للبيهقي (5/ 382)، والسيرة النبوية لابن كثير (4/ 100).

[13] مراتب الإجماع (ص119).

[14] الإقناع في مسائل الإجماع (1/ 352).

[15] الفصل في الملل والأهواء والنحل (3/ 111).

[16] الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/ 281).

[17] الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/ 286).

[18] روضة الطالبين وعمدة المفتين (10/ 70).

[19] الـمُفْهِم لما أَشْكَلَ من تلخيص كتاب مسلم (1/291).

[20] الاقتصاد في الاعتقاد (ص134) باختصار.

[21] الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (1/109).

[22] مجموع الفتاوى (27/463).

[23] صحيح البخاري (8)، وصحيح مسلم (16).

[24] كما في رسالته إلى أهل مدينة تَدْمُر الشامية ص 173.

[25] تفسير ابن كثير - ت: السلامة (2/ 6).

[26] صحيح البخاري (3166).

[27] فتح الباري (6/270)، والنهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 325)، وشرح مختصر خليل للخرشي (5/ 80).

[28] فتح الباري (12/ 259).

[29] سنن أبي داود ط. الرسالة (3052)، وقال الحافظ العراقي: إسناده جيد، كما في التقييد والإيضاح ص264، وحسنه الألباني والأرنؤوط.

[30] الأم للشافعي (4/ 261)، والمُغْني في شرح مختصر الِخرَقي لابن قدامة (13/ 152)، وفتح القدير في شرح الهداية للكمال ابن الهمام (6/ 17).

[31] تفسير ابن كثير (3/ 62).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ألا ترضون بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيًّا ورسولاً؟!!
  • تفسير قول الله تعالى: (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)
  • الإسلام دين الأنبياء جميعا (خطبة)
  • تحقيق مختصر لحديث إغماء أحد الصحابة عندما سمع النبي صلى الله عليه وسلم يتلو آية من القرآن

مختارات من الشبكة

  • إعلام الناس أجمعين بأن الله لا يقبل غير الإسلام دين (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • المداراة مع الناس وقول النبي عليه الصلاة والسلام شر الناس من تركه الناس اتقاء شره(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • لو امتثلنا أمر ربنا لسعدنا بنشر العدل وسعد الناس أجمعين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تقديم محبة النبي صلى الله عليه وسلم على الناس أجمعين(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • أكل أموال الناس بالباطل مهنة يمتهنها كثير من الناس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من سلسلة أحاديث رمضان حديث: يأتي على الناس زمان، فيغزو فئام من الناس(مقالة - ملفات خاصة)
  • من سلسلة أحاديث رمضان حديث: يأتي على الناس زمان، فيغزو فئام من الناس(مقالة - ملفات خاصة)
  • حديث: الفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحي الناس(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون (بطاقة)(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب