• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

الحكم بغير ما أنزل الله

د. أمين بن عبدالله الشقاوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/1/2018 ميلادي - 6/5/1439 هجري

الزيارات: 81660

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الحكم بغير ما أنزل الله


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد:

قال تعالى: ﴿ يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ﴾ [ص: 26].


"هذه وصية من الله لولاة الأمور، أن يحكموا بين الناس بالحق المنزل من عنده تبارك وتعالى، ولا يعدلوا عنه فيضلوا عن سبيله، وقد توعد تعالى من ضل عن سبيله، وتناسى يوم الحساب بالوعيد الأكيد والعذاب الشديد"[1].


روى ابن أبي حاتم بسنده إلى إبراهيم بن أبي زرعة - وكان قد قرأ الكتاب - أن الوليد بن عبدالملك قال له: أيحاسب الخليفة، فإنك قد قرأت الكتاب الأول، وقرأت القرآن وفقهت؟ فقلت: يا أمير المؤمنين! أقول؟ قال: قل في أمان، قلت: يا أمير المؤمنين، أنت أكرم على الله أو داود؟ إن الله - عز وجل - جمع له النبوة، والخلافة، ثم توعده في كتابه فقال: ﴿ يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ﴾ [ص: 26] [2].


وقال تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44].


روى مسلم في صحيحه من حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَهُودِيٍّ مُحَمَّمًا [3]مَجْلُودًا، فَدَعَاهُمْ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: "هَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُمْ؟"، قَالُوا: نَعَمْ، فَدَعَا رَجُلًا مِنْ عُلَمَائِهِمْ، فَقَالَ: "أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، أَهَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُمْ" قَالَ: لَا، وَلَوْلَا أَنَّكَ نَشَدْتَنِي بِهَذَا لَمْ أُخْبِرْكَ، نَجِدُهُ الرَّجْمَ، وَلَكِنَّهُ كَثُرَ فِي أَشْرَافِنَا، فَكُنَّا إِذَا أَخَذْنَا الشَّرِيفَ تَرَكْنَاهُ، وَإِذَا أَخَذْنَا الضَّعِيفَ أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدَّ، قُلْنَا: تَعَالَوْا فَلْنَجْتَمِعْ عَلَى شَيْءٍ نُقِيمُهُ عَلَى الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ، فَجَعَلْنَا التَّحْمِيمَ وَالْجَلْدَ مَكَانَ الرَّجْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اللهُمَّ إِنِّي أَوَّلُ مَنْ أَحْيَا أَمْرَكَ إِذْ أَمَاتُوهُ". فأمر به فرُجم، فأنزل الله - عز وجل -: ﴿ يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ﴾ [المائدة: 41]، إلى قوله: ﴿ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ ﴾ [المائدة: 41]، يقول: ائتوا محمدًا صلى الله عليه وسلم، فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا، فأنزل الله تعالى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44]، ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [المائدة: 45]، ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [المائدة: 47] في الكفار كلها[4].


وقال تعالى: ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة: 50]، "في هذه الآية الكريمة ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير، الناهي عن كل شر، وعدل إلى ما سواه من الآراء، والأهواء، والاصطلاحات التي وضعها الرجال، بلا مستند من شريعة الله. كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكيز خان الذي وضع لهم الياسق: وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها من شرائع شتى؛ من اليهودية، والنصرانية، والملة الإسلامية.. وغيرها، وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه، فصارت في بنيه شرعًا متبعًا يقدمونه على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فمن فعل ذلك فهو كافر يجب قتاله، حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله، فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير"[5].


وقال تعالى: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65]. "في هذه الآية الكريمة يقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدسة، أنه لا يؤمن أحد حتى يُحكم الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور، فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد له باطنًا، وظاهرًا، ولهذا قال: ﴿ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65] أي: إذا حكموك يطيعونك في بواطنهم، فلا يجدون في أنفسهم حرجًا مما حكمت به، وينقادون له في الظاهر والباطن فيسلموا لذلك تسليمًا كليًّا من غير ممانعة، ولا مدافعة، ولا منازعة"[6].


روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث ابن شهاب أن عروة بن الزبير حدثه: أن رجلًا من الأنصار خاصم الزبير في شراج من الحرة، لِيَسْقِيَ بِهِ النَّخْلَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اسْقِ يَا زُبَيْرُ - فَأَمَرَهُ بِالْمَعْرُوفِ - ثُمَّ أَرْسِلْهُ إِلَى جَارِكَ"، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ: "اسْقِ، ثُمَّ احْبِسْ، حَتَّى يَرْجِعَ المَاءُ إِلَى الجَدْرِ"، وَاسْتَوْعَى لَهُ حَقَّهُ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: وَاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ أُنْزِلَتْ فِي ذَلِكَ: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ [النساء: 65][7].


قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في تعليقه على قوله تعالى: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65]: "فلا تستغرب إذا قلنا: إن من استبدل شريعة الله بغيرها من القوانين، فإنه يكفر ولو صام وصلى؛ لأن الكفر ببعض الكتاب كفرٌ بالكتاب كله، فالشرع لا يتبعض، إما أن تؤمن به جميعًا، وإما أن تكفر به جميعًا، وإذا آمنت ببعض وكفرت ببعض، فأنت كافرٌ بالجميع؛ لأن حالك تقول: إنك لا تؤمن إلا بما لا يخالف هواك. وأما ما خالف هواك فلا تؤمن به، هذا هو الكفر، فأنت بذلك اتبعت الهوى، واتخذت هواك إلهًا من دون الله.


فالحاصل أن المسألة خطيرة جدًّا، من أخطر ما يكون بالنسبة لحكام المسلمين اليوم، فإنهم قد وضعوا قوانين تخالف الشريعة وهم يعرفون الشريعة، ولكن وضعوها – والعياذ بالله – تبعًا لأعداء الله من الكفرة الذين سنوا هذه القوانين ومشى الناس عليها، والعجب أنه لقصور علم هؤلاء وضعف دينهم، أنهم يعلمون أن واضع القانون هو فلان بن فلان من الكفار، في عصرٍ قد اختلفت العصور عنه من مئات السنين، ثم هو في مكان يختلف عن مكان الأمة الإسلامية، ثم هو في شعب يختلف عن شعوب الأمة الإسلامية، ومع ذلك يفرضون هذه القوانين على الأمة الإسلامية، ولا يرجعون إلى كتاب الله ولا إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأين الإسلام؟ وأين الإيمان؟ وأين التصديق برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه رسول إلى الناس كافة؟ وأين التصديق بعموم رسالته، وأنها عامة في كل شيء؟


كثيرٌ من الجهلة يظنون أن الشريعة خاصة بالعبادة التي بينك وبين اللهﮎ فقط، أو في الأحوال الشخصية من نكاح وميراث وشبهه، ولكنهم أخطئوا في هذا الظن، فالشريعة عامة في كل شيء، وإذا شئت أن يتبين لك هذا؛ فاسأل ما هي أطول آية في كتاب الله؟ سيُقال لك: إن أطول آية هي آية الدَّين: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ... ﴾ [البقرة: 282]، كلها في المعاملات، فكيف نقول إن الشرع الإسلامي خاص بالعبادة، أو بالأحوال الشخصية، هذا جهل، وضلال، إن كان عن عمد فهو ضلال، واستكبار، وإن كان عن جهل فهو قصور، والواجب أن يتعلم الإنسان ويعرف. نسأل الله لنا ولهم الهداية"[8].


"والمراد بالحكم بغير ما أنزل الله: يعني تحكيم القوانين الطاغوتية، وتنزيل القانون اللعين منزلة ما نزل به الروح الأمين على قلب محمد صلى الله عليه وسلم في الحكم بين العالمين، والرد إليه عند التنازع"[9].


قال الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله -: "من الممتنع أن يُسمي الله سبحانه الحاكم بغير ما أنزل الله كافرًا، ولا يكون كافرًا، بل هو كافرٌ مطلقًا، إما كفر عمل، وإما كفر اعتقاد، وما جاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في تفسير هذه الآية من رواية طاوس وغيره يدل أن الحاكم بغير ما أنزل الله كافر، إما كفر اعتقاد ناقل عن الملة، وإما كفر عمل لا ينقل عن الملة.


أما القسم الأول وهو كفر الاعتقاد فهو أنواع:

أحدها: أن يجحد الحاكم بغير ما أنزل الله أحقية حُكم الله ورسوله، وهو معنى ما روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، واختاره ابن جرير: أن ذلك هو جحود ما أنزل الله من الحكم الشرعي، وهذا ما لا نزاع فيه بين أهل العلم.


الثاني: أن لا يجحد الحاكم بغير ما أنزل الله كون حكم الله ورسوله حقًّا، لكن اعتقد أن حكم غير الرسول صلى الله عليه وسلم أحسن من حكمه، وأتم وأشمل لما يحتاجه الناس من الحكم بينهم عند التنازع، إما مطلقًا أو بالنسبة إلى ما استجد من الحوادث التي نشأت عن تطور الزمان، وتغير الأحوال، وهذا أيضًا لا ريب أنه كُفرٌ؛ لتفضيله أحكام المخلوقين على حكم الحكيم الحميد.


الثالث: أنه لا يعتقد كونه أحسن من حكم الله ورسوله، لكن اعتقد أنه مثله، فهذا كالنوعين اللذين قبله، في كونه كافرًا الكفر الناقل عن الملة، لما يقتضيه ذلك من تسوية المخلوق بالخالق، والمناقضة والمعاندة لقوله - عز وجل -: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ [الشورى: 11].


الرابع: أن لا يعتقد كون حكم الحاكم بغير ما أنزل الله مماثلًا لحكم الله ورسوله، فضلًا عن أن يعتقد كونه أحسن منه، لكن اعتقد جواز الحكم بما يُخالف حكم الله ورسوله، فهذا كالذي قبله يصدق عليه ما يصدق عليه، لاعتقاده جواز ما عُلم بالنصوص الصحيحة الصريحة القاطعة تحريمه.


الخامس: وهو أعظمها وأشملها وأظهرها معاندة للشرع ومكابرة لأحكامه، ومشاقة لله ولرسوله، ومضاهاة بالمحاكم الشرعية إعدادًا، وإمدادًا وإرصادًا، وتأصيلًا، وتفريقًا، وتشكيلًا، وتنويعًا، وحكمًا، وإلزامًا، ومراجع، ومستندات، فكما أن للمحاكم الشرعية مراجع مستمدات مرجعها كلها إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فلهذه المحاكم مراجع هي القانون الملفق من شرائع شتى، وقوانين كثيرة، كالقانون الفرنسي، والقانون الأمريكي، والقانون البريطاني، وغيرها من القوانين.


السادس: ما يحكم به كثير من رؤساء العشائر، والقبائل من البوادي ونحوهم من حكايات آبائهم، وأجدادهم، وعاداتهم التي يسمونها سلموهم يتوارثون ذلك منهم، ويحكمون به، ويحملون على التحاكم إليه عند النزاع بقاء على أحكام الجاهلية، وإعراضًا ورغبة عن حكم الله ورسوله، فلا حول ولا قوة إلا بالله.


وأما القسم الثاني من قسمي الحكم بغير ما أنزل اللَّه:

فهو مروي عن ابن عباس وذلك في قوله - رضي الله عنه - في الآية: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44] كفر دون الكفر، وقوله أيضًا: ليس بالكفر الذي تذهبون إليه؛ وذلك أن تحمله شهوته وهواه على الحكم في القضية بغيرها ومجانبة الهدى.


وهذا، وإن لم يخرجه كفره من الملة، فإنه معصية عظمى أكبر من الكبائر، كالزنا، وشرب الخمر، والسرقة، واليمين الغموس... وغيرها، فإنها معصية لم يسمها كفرًا، نسأل الله أن يجمع المسلمين على التحاكم إلى كتابه، انقيادًا ورضاءً، فإنه ولي ذلك والقادر عليه"[10].


من مفاسد الحكم بغير ما أنزل اللَّه:

• استحقاق غضب الله وسخطه، وحلول عقابه بمن خالف أمره ونهيه، وتحاكم إلى غيره.


• إذا عاش الناس في ظل الدساتير، والقوانين الوضعية، فإن الحوادث والجرائم تكثر بشكل مذهل وبنسبة عظيمة متزايدة عامًا بعد عام، وهذا ما يلمس واضحًا من واقع أرقام الإحصائيات الرسمية للجرائم والجنايات في الأقطار والبلاد العاملة بتلك الأنظمة والقوانين.


• انعدام الأمن، والفوضى في تلك المجتمعات المطبقة للقوانين الوضعية، فالسارق لا تقطع يده، والقاتل لا يقتل، وشارب الخمر لا يجلد، وفي الحديث: "يَا مَعْشَرَ المُهَاجِرِينَ! خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ - ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِهِ: وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ، إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ"[11] [12].


• انتشار الفقر، وغلاء الأسعار، ونزع البركات، فتحكيم الشريعة الإسلامية أمن للناس في أوطانهم، وبركة في أرزاقهم، قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ ﴾ [الأعراف: 96].


والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



[1] تفسير ابن كثير - رحمه الله - (12/ 86).

[2] تاريخ الخلفاء للسيوطي ص168، وعزاه لابن أبي حاتم في تفسيره.

[3] أي مسود الوجه من الحممة، وهي الفحمة.

[4] برقم 1700.

[5] المصباح المنير في تهذيب تفسير ابن كثير - رحمه الله - ص384.

[6] المصباح المنير في تهذيب تفسير ابن كثير ص305.

[7] صحيح البخاري برقم 2362، وصحيح مسلم برقم 2357.

[8] شرح رياض الصالحين، للشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - (2/ 261-263).

[9] انظر: رسالة تحكيم القوانين، للشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية سابقًا ص1.

[10] انظر: رسالة تحكيم القوانين، للشيخ محمد بن إبراهيم ص1 وما بعدها باختصار، بشرح الشيخ سفر الحوالي.

[11] سنن ابن ماجة برقم 4019، وحسنه الألباني - رحمه الله - في صحيح سنن ابن ماجة (2/ 370) برقم 3246.

[12] نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، لجماعة من المختصين (10/ 4447-4448).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الحكم بغير ما أنزل الله
  • الفرق بين الحكم بغير ما أنزل الله في قضية معينة وبين تبديل شرع الله بقانون وضعي
  • حكم قول: باسم الشعب، باسم العروبة، باسم الوطن
  • الحكم بغير ما أنزل الله كفر

مختارات من الشبكة

  • الحكم التكليفي والحكم الوضعي والفرق بينهما(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحكم الوضعي والفرق بينه وبين الحكم التكليفي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة رسالة في الحكم بالموجب والحكم بالصحة(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • معنى الحكم وأقسامه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة الحكم المستطاب بحكم القراءة في صلاة الجنازة بأم الكتاب(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • التحذير من الحكم بغير ما أنزل الرحمن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التفسير الصحيح لآيات الحكم بغير ما أنزل الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم من لم يكفر الكافر وحكم تكفير المعين وغيره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نسخ الحكم الشرعي إلى بدل مساوٍ أو أخف أو أثقل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سورة المائدة (1) وجوب الحكم بما أنزل الله تعالى(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب