• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / أخلاق ودعوة
علامة باركود

حديث رمضان ونظرات في الجد واللهو

محمد بن كمال الخطيب

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/7/2014 ميلادي - 16/9/1435 هجري

الزيارات: 10101

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حديث رمضان

ونظرات في الجد واللهو


تمهيد:

حديث رمضان حديث القرآن والإيمان: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [البقرة: 185]؛ فهو على ما يتوقع القارئ الكريم لأول وهلة يجب أن يتناول حديث وعظ وتنسك، لما بينهما وبين شهر الصوم والعبادة من صلة، ولكنني أردت غير هذا لصلة أوثقَ وأعمق، وغاية أبعد وأرفق، أردته حديث الحياة ووجودها بجدها ولهوها، والبقاء وخلوده بسمته ونوره، فالجِد واللهو كلمتان نطلقهما كثيرًا على أعمالنا في حياتنا ولكن ونحن أبعدُ ما نكون عن الجِد حين نطلق كلمة الجد، وأبعد ما نكون عن اللهو حين نقصد اللهو، لاضطراب في مجتمعنا، ونقص في تربيتنا، وضعف في أخلاقنا وتفكيرنا، فإذا عمَدنا إلى الجِد واللهو نتدبرهما ونضع نصب أعيننا حدودهما كان ذلك أفضل حديث نستفيده في رمضان، فنقول: إنه حديث رمضان، وقد ضربت كشحًا عن الهزل وإن كان لغة يقابل الجد؛ لِما فيه من هزال قد تمجه الطباع السليمة، بينما نرى في اللهو متعة ومعنى من معاني الجِد في وقت واحد، تميل النفس إليهما، وتستقيم الحياةُ بهما.

•    •    •


نظرات في الجِد واللهو:

(الجِد) و(اللهو) صفتان نصِفُ فيهما (أعمالنا) حين نقيسها بمقياس (المنفعة) غالبًا، المنفعة المباشرة القريبة؛ فالطفل يلهو بلعبه فنزجره حين يركض أو يصرخ أو يتناول شيئًا بيده؛ لأننا نريد الجِد لِما فيه من نفع قريب عاجل، بل قد نتهمه فنقول - إذ لا يكفينا حركته ما دمنا لا نرى فيها نفعًا -: إنه مُؤْذٍ مضرٌّ إذا حطم ما تناوله، ونحن في غفلة عن تكوينه الحيوي، وشعوره النفسي، وطَوره العقلي، وما في أعماله تلك من معاني هي معاني الرجل الذي سيكون من بعدِ طفولته، بحسب موهبته الطبيعية التي تطاوع بيئتها، فتدرسها وتتعرف إليها لتعرفها وتعرف نفسها فتتمم بذلك تكوينها، فصراخ التعجُّب والفرح من كسر الطفل شيئًا أراد معرفته مثلاً تفوتنا منه غايته وتقديراته، فلا نقدر الأمور بتقديره، ونتهمه وننتهره، وكذلك نفعل، فيا رب نبوغ شاب وأَدَتْه (السخرية) لعدم تقديرها، ويارب محامد طفولة قضي عليها، وأفاعيل بطولة كانت منتظرة فأفسد تعهدها، فانقلبت مآثم وشرورًا؛ لجهلنا معنى الجِد واللهو وحدودهما، وبالنتيجة طبعًا ضرورتهما، هذا في شؤون التربية، وثمة في مراحل الحياة لا يقل عنها؛ لذلك كانت لمعرفة (الجِد واللهو) بحدودهما ضرورة بالغة.

 

الجِد واللهو في الحياة:

الجِد واللهو هما الحياة بحدودها وغايتها؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ﴾ [الأنعام: 32]؛ فهي: ﴿ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ﴾ [الحديد: 20]، تروي ظمأ الحب والمال والسلطان وما إليها مما تلتقي عنده مطامع الناس أفرادًا وجماعات، هذا إن اعتبر الناظر الحياةَ بما هي عليه، متدبِّرًا حوادثها، غيرَ ناظر في أُولاها ومبدأ وجودها، ولا في أخراها والغاية منها، بله البحث عن مصدرها وموجب وجودها؛ فهي بهذا الاعتبار على حدِّ قوله تعالى: ﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ﴾ [الأنعام: 32]، جِدُّها كلَهْوِها عبث باطل، ولكن المتأمل في الحياة وما هي عليه، حين يرى حوادثها متباينة في حالاتها ومقاصدها، فيرى نعمة الحياة وبلاءها، وسرورها وحزنها، وخيرها وشرها، ويرى (الموت) قرين (الولادة)، فيمتد نظره بين (السبب) و(الغاية)، كما يرى أن الحياة لا تقوم على الرغبات والأهواء، بغير اتقاء، يدرك حينئذ وجهًا من وجوه ضرورات الآخرة، فيؤمن بها بمنزلتها من الحياة، وحينئذ يدرك قوله تعالى: ﴿ وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [العنكبوت: 64]، ويدرك هذه الصلة التي جعلت شطر آية الأنعام الآنفة: ﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ﴾ [الأنعام: 32] متصلاً بقوله تعالى: ﴿ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 32]، (فيجتنبون ما حرم عليهم مما فيه مضرتهم في حياتهم مضرة تمتد إلى أخراهم)، ﴿ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنعام: 32] (فترَوْن سرَّ الحياة ونظامها قائمين على أساس من نظام الآخرة وتقواها؟!).

 

إن الجِد واللهو في الحياة من أولى مقاييس أعمال الإنسان فيها بنظر شعوره ونشاطه، ونفعه وضره، بل أكثر مقاييسه الباقية ترد إليه، ولكن هذا المقياس بنظر العقل ولغته، والمجتمع ونظرته يسمى خيرًا وشرًّا، بل قل: حقًّا وباطلاً، فتدور بهذا الاعتبار من حول هذه الأعمال أحكام الشريعة، وأنظمة كل أمة، فتصل بذلك بين الفرد والجماعة، وتربط بين الأنانية وميولها وبين الغيرية ووجائيها، هذا ما ندركه إن نظرنا إلى الحياة كما هي عليه، أو نظرنا إليها بما هي صائرة إليه، مما تحفل به الشرائع الدينية، وأشار إليه القرآن الكريم بآيات كثيرة؛ كقوله تعالى ذاكرًا مصير الحياة: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ﴾ [آل عمران: 185]، (فليست الحياة غاية بذاتها) ونبلوكم بالشرِّ والخير (فيها) فتنة، (وهي فتنة اختبار لا اضطرار؛ ليُجزَى كلُّ امرئ بما اكتسب لنفسه، ﴿ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ [الأنبياء: 35] (فيجد ﴿ كُلُّ امْرِئٍ ﴾ (نفسه) ﴿ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ﴾ [الطور: 21]، ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7، 8]، وكقوله تعالى ذاكرًا تكوين الحياة: ﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [هود: 7]، وكقوله ذاكرًا ما هي عليه الحياة، بتعاقب أُمَمها واختلاف طبقاتها مما تدور عليه أنظمةُ المجتمعات بالنظر إلى غيرها وذاتها في آنٍ معًا: ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ ﴾ [الأنعام: 165] (أممًا تتعاقب، تحكم نظام المجتمعات بما تنتظم به شؤون الحياة، بإقامة العدل والحق، فتكون بذلك متممة لنظام الكائنات فيما فوضه خالقها إلى الإنسان بما ترك له في حياته من مجال الحرية والإرادة..)، ﴿ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ ﴾ [الأنعام: 165] (كما تجدون كل أمة، بل كل مجتمع يمكن تصوُّره ووجوده) ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ﴾ [الأنعام: 165] (من نفع أو ضر، وشر أو خير، أتصبِرون وتشكرون، أم تكفرون وتسيئون؟) ﴿ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنعام: 165]، فانظروا في حياتكم ما تفعلون ﴿ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [التغابن: 15].

 

هذه هي فتنةُ الحياة وابتلاؤها من حيث النظرُ إلى ما يجري فيها ﴿ الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ [العنكبوت: 1 - 3].

 

وإن في هذا مدار الخير والشر في أعمالها، بل هو مدارُ الحق والباطل بالنظر لأصل وجودها، والغاية منها؛ كما قال تعالى:

﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ ﴾ (تريهم ذلك) ﴿ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ﴾ [الحجر: 85] (يا محمدُ عما تلاقيه ممن يصدون دعوتك التي تبصرهم بالحياة وغايتها والحق فيها)، ورددَتْ آيات كثيرة، أن الكائناتِ ما خُلِقت إلا بالحق، لا باطلاً ولا لعبًا ولا لهوًا؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ﴾ [ص: 27]، وقال سبحانه: ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ * مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الدخان: 38، 39]، وقال عز من قائل: ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ * لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا ﴾ (بما يناسب مقام ألوهيتنا) ﴿ إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾ (ولكن هذا مما نتنزه عنه)، ﴿ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ﴾ (أنبياء: 16 - 18).

 

إن الجِد واللهو قرينُ الخير والشر، والحق والباطل، وكلها تدور حول أعمال الإنسان في حياته، ثم مصيره من بعدها، وغاية وجوده فيها؛ لذلك فإن حديث الجِد واللهو حديث الدين والدنيا معًا.

 

جدٌّ ولهوٌ كل عيشك، فانعم بجدك أو بلهوك.. وانظر إلى ما ترتضيه غدًا بقبرك.. هذا مصيرك إن أردت مهِّد لنفسك.

 

أسباب اللهو الداعية إليه:

إن الجِد طبيعة في الإنسان ما دام يجد في الحياة نظامها وهو منها، كما يجد نفسه مدفوعًا بعصا (الحاجة) الحيوية والجسمانية والنفسية في الوقت الذي يجد في نفسه قدرةً يمتطيها إليها؛ ولذلك كان (العبث) بعيدًا عن طبيعته، غيرَ أن الإنسان كما قال ابن هانئ الأندلسي:

إنا وفي آمال أنفسنا
طولٌ وفي أعمارنا قِصَر

 

بل وفي قدرتنا تقصير، نجدُّ فنبذل جهدًا نشعر معه بتعب وفتور فمَلَل وكَلَل، بل قد ينتهي ذلك إلى العجز واليأس، فتضيع الآمال، وتفقد الغايات، ويصبح الحي ميتًا، بل دون الأموات.

ليس مَن مات فاستراح بميت
إنما الميتُ ميتُ الأحياء

 

لذلك كان الإنسانُ بحاجة إلى راحة تمتد من جسمه إلى نفسه، ومن نشاط نفسي يبعث في الجسم قوته، أضِفْ إلى ذلك أن الحاجة بحد ذاتها نقص لا تطيب معه النفس لِما يحدث فيها من شعور لا يلائمها، فلا بد للحاجة مما يحملها في نظر الإنسان فيندفع إليها بعاطفته، وهذا لا سبيل إليه إلا أن يفيض المرء من نفسه على ما يحتاج إليه ثوبًا من أثواب خياله بما يوافق ميوله، فيؤخذ به، ويخدع بذلك نفسه بنفسه بما تتطلع إليه نفسه من آمالٍ برَّاقة هازئة، حتى صح فيه قول الشاعر:

وكلُّ النَّاس مجنونٌ ولكن
على قدر الهوى اختلف الجنون

 

فالضَّعف والعجز الملازمانِ لحركة الإنسان جسمانيًّا ونفسيًّا، والخيال والآمال التي تزين حركته، لتطيب بها نفسه، لِما فُطِرت عليه من حب للقدرة والحرية، ونفرة من الضعف وعبودية الاضطرار، مما يتلازم مع نظام الحياة وحاجته فيها، كل ذلك مما يصرف الإنسان عن الجِد ليلهو، وأقل ما في لهوه أن يطلب الكماليات عبثًا بالحاجة الضرورية، والعبث انتقام العجز في كثير من الأحيان، بصورةٍ تُرضي غرور النفس، ويا ربَّ لهو كان من حيث نتيجته وجزيل نفعه جدًّا، بل خيرًا من الجد، ولكن في آجل الأمر لا في عاجله، شأن لعب الطفل الذي يتم به تكوين شخصيته وبناء رجولته.

 

الراحة جسمانية ونفسية:

إن اللهو نشاط وراحة، جسمانية ونفسية، تستجد معهما القوة وتتضاعف، كأنما هو مولد لكهرباء الحيوية ومدخرها؛ فهو لذلك من الجِد بمكان الري من التربة، أو النَّضرة من الخضرة؛ ولهذا قال عليه السلام: (روِّحوا القلوب ساعة بعد ساعة؛ فإن القلوبَ إذا كلَّتْ عمِيَتْ)، وإن الترويح عن القلب بصرف المرء نفسه عن شاغله الذي جد فيه، مما يكون بسكون الجسم؛ كالنوم والاضطجاع من تعبٍ حلَّ فيه، أو بحركة تشيع النشاط فيه؛ كالرياضة البدنية بأنواعها المنوعة، وإن كان الشاغل ذهنيًّا وجبت راحة الذهن بتشاغله بغير ما هو فيه، كالمزاح، وكلا الأمرين دعا إليهما الرسولُ الأعظم بكلمته الجامعة المدركة لسر من أسرار الحياة، وإنه لجد مستغرب أن تقع عليه نفسية تعلقت آمالها بغير هذه الحياة، حتى قال عليه السلام: ((لغَدْوة في سبيل الله أو رَوْحة خير من الدنيا وما فيها))، وقال: ((يا أمَّة محمد، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا))، ولكن هي الفطرة وتكوين النفس، وهو نبيٌّ دِينه ﴿ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ﴾ [الروم: 30]، يجري على سنن الحياة التي أنزل عليه فيها قوله تعالى: ﴿ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ﴾ [الأحزاب: 62]، روي أن صحابيًّا يدعى حنظلة الكاتب ضحك مع أهله بعد أن كان في مجلس لرسول الله ذكَر فيه الجنة والنار، فحسب نفسَه أنه نافَق، فأتى أبا بكر مخبرًا مضطربًا يريد استغفارًا، فقال له أبو بكر: إنا لنفعل ذلك، فلم يشفِ غليله، فأتى الرسول عليه السلام فقال له: ((يا حنظلة، لو كنتم عند أهليكم كما تكونون عندي، لصافحَتْكم الملائكة على فُرُشكم وفي الطريق، يا حنظلة، ساعة وساعة))، نعم هذا نظام الحياة ساعة وساعة، وقد مارس عليه السلام ما دعا إليه شأنه في كل أمر، ليكون القدوة العملية الحسنة، فعُرِف عنه أنه سابَق زوجه عائشة، وهي الطفلة اللعوب، مجاراةً لنفسيتها، وإدخالاً للسرور على قلبها، وإعدادًا لما يسرت له حتى كانت بمنزلتها التي عرفت بها، فتمكن الوضَّاعون للحديث معها أن يقولوا: (خُذوا شَطْر دينكم عن هذه الحميراء)، قالت: سابقني رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبقته، فلما حملت اللحم سابقني فسبقني فقال: ((هذه بتلك))، كما أنه عليه السلام كان يمزح بلسانه، ولكن المزح الذي يليق بمكانه كداعية للحق، وكان أسلوبه في ذلك على حد قوله: ((إني لأمزح ولا أقول إلا الحق))، فمزاحه أشبه بالمعاريض التي فيها مندوحة عن الكذب، من باب انصراف ذهنِ سامعه إلى ما يوهمه غير ما في حقيقة القول؛ كقوله عليه السلام لرجل استحمله: ((إني حاملُك على ولد ناقة))، فتوهم أنه فصيل لا يستطيع حمله، حتى أبان له عليه السلام بقوله: ((وهل تلِدُ الإبلَ إلا النوقُ))، وكقوله لأم أيمن قد جاءت في حاجة لزوجها وسألها عنه فذكرته: ((الذي في عينه بياض))، فراجعته في ذلك، فتوهمت غير البياض الطبيعي الذي يحدق بالعين، وانصرفت عجلانة تتأمل عينَيْ زوجها فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخبرني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن في عينك بياضًا، فقال لها: أما ترين بياض عيني أكثرَ من سوادها؟ فأدركت أنه المزاح، وكان له عليه السلام من ضروبه ما تأنس به النفس، وتسلو، فيفيض النشاط؛ قال عليه السلام: ((روِّحوا القلوب ساعة بعد ساعة))؛ ذلك لأن (هذه القلوب - كما قال سيدنا علي - تمل كما تملُّ الأبدان، فابتغوا لها طرائفَ الحكمة)، وهي المُلَح المستطرَفة، والدعابة المستظرفة، والمزاح اللاهي، وإن من تمام شرطها ألا تتناول محرَّمًا، أو تهتك حرمة، مع اعتدال يبقى على المساهاة في العِشرة، فلا يغيظ أو يصرف إلى جد وهزء ومغالبة، فيكدِّره إن لم ينقلب إلى خصومة.

 

أنواع اللهو:

1- إن قدرة الإنسان محدودة، غير أنها منوعة، تختلف باختلاف قواه النفسية والجسمانية، فما كان في حاجة إليه انصرف إليه بقواه على اختلافها، شأن الطفل، حاجته بالاكتشاف والدربة مع فيض حيويته، فهو لا يفتأ لاهيًا، ولا يجيبك إلى جِدٍّ تريده ما لم تُضِف عليه ثوب الألهية، ملائمةً لفِطرته.

 

قيل: إن رجلاً أراد أن يخرج حجارة كانت في ساحة بيته، فوجد صِبْية استعان بهم فسخِروا ولم يجيبوه، فاحتال عليهم بأن مالأ رغبتهم، وألقى حجرًا فحجرًا كأنه يصطاد شيئًا، فاندفعوا إليه ولم يبقوا على حجرٍ في الساحة.

 

2- وما كان المرء في غنًى به كان لهوه من فيضه (كقوة الشباب الجسمانية، وقوة الكهول الذهنية)؛ ولهذا فإن الرياضة على اختلاف أشكالها ألهية الشباب، تروح عن نفوسهم، وتشيع القوة والسرور فيهم، وتصرِفُهم عن الضعفِ والخمول، أو الاشتغال بالفضول مما ينصرف الذهنُ إليه من يأسٍ مميت، أو عبث مضرٍّ، حتى رد بعض الإنجليز عظمتهم القومية إلى فضائل أندية الرياضة، ملاحظًا إلى جانب ما ذكرناه ما تبثه وتثبته من أخلاق اجتماعية تعاونية، بينما نجد الكهول ينصرفون إلى الألاهي الهادئة المتفقة مع ما في طبيعتهم من رصانة، وما في حركتهم من اتِّزان، وما هم صائرون إليه من ضعف واستقرار، فتجد ألعابهم: الألعاب التي تستخدم الذهن واللسان وما إليهما مما لا يحتاج إلى حركة الشباب أو خفة الأطفال، وقد يستعيضون عما هم فيه بما يلازمهم، فيكون مظهر شخصيتهم التي تسرهم، كالغِنى والثراء، بإقامة الولائم والحفلات، والإنفاق ببذل وكرم يشعرون معهما بغِبطة القدرة وفيض النعمة.

 

اللهو والنشاط وضرورتهما:

إن في اللهو نشاطًا وقدرة يُحسُّ معهما المرء بشخصيته إحساسًا يرضيه عن نفسه وحياته، لما يجد في ذلك من لذة الحرية، لانفلاته من قيد الحاجة وعنَت الجِد وضيقهما، فينطلق بإحساسه ويتسع أفق الآمال لعينيه، فيتضاعف جده، ويأنَس بعيشه، فاللهو بذلك كالجِد في غايته من حيث نفعه، فمن الواجب أن يفكر المرء به تفكيره بالجِد من أمره، سيما في هذا الزمن الذي وهنت فيه الأعصاب من شواغل الحياة وهمومها وتعقُّد مشاكلها، فضلاً عن ضجيج آلاتها، وما أحدثته السرعة في النفوس من طمع بكل ما يستمتع به، حتى أصبح الكمالي بمنزلة الضرورة الملحة، فقد ارتبطت الدنيا بمصالحها ارتباطًا جعل المذياع لتدارك الأخبار من الضرورات الأساسية، بينما كانت قراءة الصحف وأخبارها من الكماليات أو اللغو والفضول، وأصبحت كذلك السيارات لتواشج المصالح في الأماكن البعيدة، بينما كان مطمح المرء قديمًا على الأغلب سياحة قصيرة لا تتجاوز بلدان حكومته!

 

وسترينا الأيام من الحاجات ما كان معدودًا من الكماليات، بل من أوهام أرباب الخرافات، وبنتيجة ذلك يتطور الجِد واللهو بحدودهما، ويكاد يختلط اللهو بالجِد حتى كدت أقول: إن الحياة لهوٌ بلهو ولا جد فيها، كجِد الطفل في لهوه؛ لأنه منبعث عن فطرة طبيعية نقية خالصة، وليس بين الجِد واللهو إلا شعورنا بضرورة الأول لقرب نفعه الذي نتوقعه، شعور الحاجة أو ما يتصل بها فنتعمدها ونعد الأسباب لها بمنزلتها من نفوسنا، فيكون في ذلك زج النفس في قالبها الضيق الذي يستنفد القوة، ولا ينشط الخيال معه نشاط انطلاق وحرية، بينما يغلب على اللهو الراحة، وبالنتيجة المنفعة التي تنجم عنه وكأننا لا نقصدها، فتكون النفس منشرحة تجري على سجية، والخيال منطلقًا ينتقل بخطواته العابثة، في ميادين الآمال المنتشرة.

 

طبيعة الجِد واللهو وتداخلهما:

إن الجِد نسبي، واللهو كذلك، فهما يختلفان باختلاف الدوافع والمقاصد، فما يسرنا من أناشيد المنشدين ونعتد به لهوًا قد يكون منهكًا مضنيًا بالنظر لمن يعتبرون ذلك مهنة لهم يستدرون بها معاشهم؛ فالفرق بذلك فرق ليس بالعمل ونوعه، بل بالشعور النفسي فقط حياله، وإن من الناس من يغلب السرور على طبعهم، والنشاط على نفوسهم، فتراهم في جدهم بل في المواقف التي تحزبهم باسِمين كأن لا شيء يزعجهم أو يثقل عليهم، وهذا ما يكون من فطرة قد تساعدها التربيةُ والنظرة إلى الحياة إلى حد بعيد.

 

وإن اللهو في موقف يعتبر جدًّا أو ما به أشبه حينما تدعو إليه الضرورة، كصراخ العرس ولعبه، بينما يعتبر ذلك بحد ذاته سفهًا وجنونًا لو صور بنوعه ولم يذكر أنه جرى في مجلس أُنس بل في عرس بله أن يعتبر لهوًا، ومن الجِد ما انقلب لهوًا حين ترضى النفس عنه، وتُقبِل عليه، كأنه لا يستدعي تعبًا.

 

المميز بين الجِد واللهو:

إن الجِد واللهو كالحسن والقبح، والخير والشر، من الأمور الاعتبارية التي تبنى على الأسباب والغايات، وما يتصل بهما من شعور نفسي، ولعل المقياس بينهما صرف قوى المرء عما تتجهُ إليه عادة حين يقصد نفعًا لذاته؛ فالمزاح وأماليح القول ونوادره تكون بصرف اللفظ أو المعنى عما تتجه الخواطرُ عادة إليه، كأنه نوع من العبث الذي يُشعِرُك بفضل القوة والإنفاق لغير ما حاجة مقصودة، فيكون من ذلك نشاط النفس وشعورها بالقدرة، بله الحرية مما تصبو إليه، فيحمل القول على غير وجهه، والأمر على غير سببه، ولغير مقصده، أو بما يخالف نسبته وزمانه ومكانه، إلى آخر ما هنالك مما يقتضيه القول عادة بمنطقه فيما يقصد إليه مجدًا، وكذلك شأن اللعب الذي تتجه فيه حركات الجسم بنظام، كأنواع اللعب الرياضية، أو بغير نظام كاللعب العادي المألوف في مجالس العامة مما يرضي بعض الغرائز، كالفلج بالضرب والمغالبة، بحيث يحملان معنى اللعب لا معنى العمد والخصومة.

 

اللهو والغرائز المكبوتة:

وإن أكثر الغرائز المكبوتة تظهر طويتها في اللعب، لانطلاق النفس حينئذ مع سجيتها ودخائلها دون أن تتنبه إلى ما يلزمها من كبح الجماح، وإخفاء ما تنطوي عليه، شأنها في ذلك شأنها في مواقف السفر والعسر واليسر عند تبدلهما خلافًا لمألوف العادة مما تباغت فيه الطوية في غفلة من رقابة العادة وسلطانها فتُرى على حقيقتها كما هي عليه عريانة!

 

العناية باللهو ثقافيًّا:

إن اللهو من الجِد كالظل من الحقيقة يدل على طوية وقدرة، أو أمل وحاجة، وإن الطبيعة كما أرتنا الجِد بصورته في الإنسان الطبيعي فقد أرَتْنا من اللهو صنوفًا بمن عبثت بخلقهم أو أخلاقهم عبثًا خفيفًا لا يثقل على النفس مرآه وسمعه، كبعض المجانين والحمقى والمغفلين والبخلاء والطفيليين ممن تنبه إلى نوادرهم بعض أدبائنا ورجال العلم في أمتنا، كالجاحظ صاحب الكتب الطريفة، ولا سيما كتاب البخلاء، المتوفى 255هـ، وكأبي الفرج عبدالرحمن بن الجوزي صاحب كتاب أخبار الحمقى والمغفلين، المتوفى 597هـ، وكأبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي صاحب كتاب الطفيليين، ممن عرفوا مكانة اللهو من الجد، فطلبوه على جلال أقدارهم، فكان دليلَ تمكُّن روح الثقافة النفسية والعِلمية والخلقية فيهم..

 

حدود اللهو المطلوبة:

إن اللهو مطلوبٌ ولكن بقدر ما يبتعث في الجسم والنفس من قوة ونشاط، تكون معهما قدرة الإنسان على الجِد فيما خُلق له؛ ولهذا وجب تنظيمه فيكون في الطرافة والظُّرف والأماليح والتندر والفكاهة والمزاح والهزل والدعاية والعبث والتعلل وما يتصل بذلك بقدر ما يستثير راحة النفس برضا بعض الغرائز بشكل لا يخرج عن معنى اللهو ونشاطه بالصورة التي تألفها النفس في مناسبة محكَمة.

 

إن اللهو إن لم يقصد لذاته - فيكون مجونًا فيه معنى صلابة الوجه أولاً، أو سخرية وهزءًا فيكون فيه معنى الاستعلاء باستجهال الغير مما هو أشبه بالغرور والضعف ثانيًا، أو يتجاوز حد الاعتدال فتنقلب نتائجه ويترك في نفس الغير سوء آثاره ثالثًا - فإنه يدل على الكياسة والذكاء وطيب النفس، فيبتعث الراحة والروح، ويشيع السرور، ويطرد الفتور فضلاً عن الملل واليأس، وإن تجاوز ذلك كان غثاثة وبرودةً، بتبذُّله وخرقه، بل انقلب إلى شر من ذلك فكان قحة؛ لذلك كان من الضروري أن يعنى باللهو فتوضع له حدوده.

 

ما يقصد من اللهو:

ينفق المرء لاهيًا ما يفيض من قواه الحيوية، ويلهو بما تتجدد به قواه المتعبة، وإن للهو في ذلك لذائذَ جسمانية بالراحة والرياضة، ونفسية أنواعها منوعة، منها لذة كلذة المعرفة التي ترمي إليها فطرة الطفل في لعبه، وكم في الحياة من جديد لا نخرج معه عن حدود الطفل في كسب المعرفة بصورة لاهية منشطة، ومنها لذة الراحة العقلية بالتلهِّي بالأمور الفارغة السطحية لمن كانت شواغله عقلية حتى يستعيد العقل نشاطه، أو بالتلهي بما يناسبه من حالة عقلية على سموها غير متعبة كالفنون الجميلة، ومنها لذة الخيال التي تخفف آلام الحاضر كالعبيد المستذَلِّين الذين يمثلون دور أسيادهم في تصرفاتهم الشاذة، وتحكم بعضهم ببعض في مجالس أُنسهم، فيرضوا بذلك بعض الغرائز المكبوتة، وكالشيوخ الذين يشعرون بضعف القوة والغريزة الجنسية فيكون لهم في حدود هذه الغريزة مزاح مقبول لما يلازمه من براءة القصد المحقق بما هم فيه من ضعف.

 

وكذلك شأن الناس على اختلاف طبقاتهم حين يتعزَّون بالأحلام عن حقائق الحياة الواقعية المُرة، لا سيما ذوي الثقافة فيهم، يتلهون بالفنون الجميلة، فعلى هذه الأسس يجب أن ننظم لهوَنا وأنواع لعبنا.

 

تنظيم جدنا ولهونا تربويًّا على أساسٍ من مبدئنا في الحياة:

وما دام لهو الإنسان يصرف ما كان فيه فيض من قواه الجسمانية أو النفسية أو بتقويتها أو بتعديل الجو النفسي في لذاته وآلامه وفتوره ونشاطه، كما نجد اللعب في الطفل صراخًا وركضًا وحركة، وفي الأمم الفاتحة صيدًا وفروسية إلى ما يتصل بما ينجم عن حياة الفتوح من رخاء وثراء يتصل بهما إرضاءُ النفس وتلهيها بالبذل والكرم، فإن من واجبنا حيال ذلك أن نصرف قوانا الفائضة، وأن نقوي ما يستلزم التقوية، وأن نغري النفس بخيالات مثلية فنية، على أساس من مقاصد رفيعة، نجعلها هدفنا في التربية القومية، بصورة تربط مستقبلنا برائع ماضينا، فنكون في التاريخ العربي المسلم حلقة ذهبية متينة، نجعل نصب أعيننا الهدف الذي ننشده في الحياة الإنسانية الرفيعة المهيبة العزيزة على مبدأ من مبادئ الحياة المثلية التي ذكرها القرآن الكريم بقوله: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [المنافقون: 8]، ونسير على نهجه الذي دعا إليه رسولنا الأعظم بقوله الإلهي الذي أرشده إليه ربه: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴾ [يوسف: 108]، فنأخذ يا قوم ما في الحياة حيثما كانت في شرق الأرض ومغربها، جريًا مع هذا السنن الإلهي المحكَم بقوله تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [الإسراء: 9] التقاطًا للحكمة التي قال فيها عليه السلام كلمته: (الحكمة ضالة المؤمن).

 

اللهوُ في زمننا:

إن النهضة الحاضرة لم تتمكن من الجِد فنكون في فسحة فنبحث في اللهو، ولكننا في زمن غلب فيه اللهو على كل شيء؛ إذ جاءنا قبل أن ندرك حاجته، والنفس ميالة بالفطرة إلى الدَّعَة والراحة والأُنس والمسرَّة، فكان الإقبال بالغًا، وأصبح الجِد مقصورًا على النفع القريب، بل طغَتْ فكرة النفع بحد ذاتها مع طغيان الماديات، وضعف النفوس، وجموح الهوى، ونقص الخلق، ووهن الدِّين، فما يبالي امرؤ بغير نفعه العاجل ولذَّته الحاضرة، فقصر على ذلك جده ولهوه؛ لذلك كان علينا أن نمسك بزمام النفوس من حيثما استلمت بعد جماح، نأخذها من لهوها لنردَّها إلى جدها برِفْق يقوي فيها النفس بتقوية الهمة والعزيمة.

 

إننا أخذنا من لهو الغربيين ما لا يتفق مع جدنا في حاجتنا وأخلاقنا، وما كان متصلاً بسبب من ذلك كالكشفية (وهي عندهم أسلوب من أساليب التربية)، لم ندرك غايته، واكتفينا بالمظاهر كالبزة والموسيقا والرحلات، شأن البلهاء والطبقة الابتدائية من بني الإنسان ممن لا يدرك غايةً ولا يفقه معنًى، فهو مأخوذ بما يراه ويلمسه على ألا يتعدى شكله الظاهري، مع أن الغربيين قد جعلوا للأطفال ألاعيب تستولي عليهم بغبطة ومسرة توجههم بقواهم العقلية والنفسية (مع عناية بصحتهم ونشاط جسمهم) إلى ما يجب أن يكونوا عليه في حياتهم العملية، وكذلك تجد للشباب عندهم ما يناسبهم مما يتفق مع حيويتهم وحب المغامرة، اتفاقه مع ما يقبلون عليه من طور عقلي، فترى أندية الرياضة، وترى الرحلات والاكتشافات فيها قائمة على قدم وساق، كما ترى الأندية العلمية والجمعيات الخيرية والمشاريع العامة تجتذبهم إليها، فتستفيد من حيويتهم، وتوجِّههم إلى ما فيه خيرُ وطنهم في ساعات فراغهم، هذا فضلاً عن الجندية وما تبثه من رُوح الجِد والنشاط والمغامرة والتضحية والبطولة، وترى للرجال مثل ذلك فضلاً عما يتخذه كل واحد من مهنة غواية في أوقات فراغه وترويحًا عن نفسه بصورة تتناسب مع نشاطه.

 

وترى إلى جانب ذلك جمعيات الفنون الجميلة، ودور الآثار والمتاحف، كلها حافلة بما يوحي في نفوسهم معانيه، ويثير فيهم النشاط الحيوي الكامن..

 

أما نحن ففيم يتلهَّى أطفالُنا وشبابنا ورجالنا ونساؤنا؟ اللهم إني لا أرى لهم ما يتناسب مع ما فطروا عليه فضلاً عما يجب أن يتجهوا إليه، فلا تجد غير الشارع والمقهى والسينما والمرقص والحانة، ولا تجد فيها ما يتناسب مع كرامة، فضلاً عن آمالٍ في حياة حرة عزيزة طيبة.

 

إننا لو أخذنا السينما مثلاً ورأينا أنها مما يتفق مع رغبات الطبقات على اختلافها من حيث هي سينما، فإننا لا نجد أن الرواية الواحدة فيها تتفق معهم جميعًا أو تكون أعجوبة في تكويننا النفسي بين الناس، فالطفل يجب أن تكون له دور سينما، وكذلك الشاب والكهل والمرأة، وهلم جرًّا...

 

إننا قوم لنا تكويننا النفسي شأن كل أمة، فيجب أن تكون أخلاقُنا متناسبة معها في جدنا ولهوها، لتكون بالنتيجة متصلة بهدف نرمي إليه، ونسير جميعًا متجهين إليه، في مختلف أمورنا الرُّوحية والثقافية، التربوية والعلمية، والفنية والدِّينية، وجميع أمورنا المادية بتجارتنا وزراعتنا وصناعتنا وما إلى ذلك، على أسس تتناسب مع زمننا وسَعَته، فتكون السرعة كما يكون الاختصاص فيه قاعدة، شأن الأعمال في جميع البلاد المعاصرة ذات المكانة، فيمثل كل امرئ دوره الذي خُلِق له، ويكون له جده ولهوه.

 

إن الإصلاح المنشود في هذه النقطة التي تربط ضعفنا بنقطة القوة فتوجهنا في وجهتها، ويكون الجِد والهزل حاديينِ يسوقان إليها، وهذا واجب التربية القومية الناهضة التي ننشد، مما يعتبر من الإنسان: هذه الآلة العاطفية التي تستجيب لغرائزها وميولها الكامنة، بمنزلة مِحورها أو مقودها، تدور بدورانه وتتَّجِه في متجهه.

 

إن جد الأمم ولهوها متصلانِ بحيويتها ومعنى فهمها للحياة وما تنشده فيها، مما يعبر عنه بأخلاقها.

وإنما الأممُ الأخلاقُ ما بقيت
فإن همُ ذهبت أخلاقُهم ذهبوا[1]

 

فأخلاق الأمم التي تستنيم للراحة والدَّعة أو الهوان والمذلة، غير أخلاق الأمم التي تهوى العظمة وتبتغي السيادة، فتثبت على ظهر الأرض قدمها بصورة تثبت فيها لنفسها وجودها، فتُحسُّ بإحساس الغبطة والقدرة والفخار، وهذا وجه من وجوه القول في معنى الحديث الشريف الذي أوجز فيه الرسول الأعظم وصفه لتعاليم شريعته الغراء بقوله: ((إنما بُعِثْتُ لأتمم مكارم الأخلاق))، وقد هيأت الشريعة لهذا المطلب الغالي أسبابه، فعمدت إلى النفس بإصلاحها عن طريق النية فقال عليه السلام: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى))؛ لِما للنية من أثر عميق في النفس، وهي مصدرُ كل ما تأتي أو تدَع، ونبهت إلى مبدأ نفسي عظيم الأهمية، ذاكرة أن لكل شيء في النفس أثرَه، حتى كأنها المرآة، ترتسم عليها ظلال ما تراه وتزيد على ذلك بادخاره، وابتناء كيانها النفسي من مجموعة ما تدَّخِره، بقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11]؛ إذ ربَط بهذا القول الكريم نتائجَ نياتهم وما يتصل بها من أعمالهم بتغيير وجهتهم في الحياة، فتتبدل أحوالُهم وأطوارهم من يُسر إلى عُسر، ومن سعادة إلى شقاء، ومن عِلم إلى جهل، ومن قوة إلى ضَعف، ومن سيادة إلى هوان، إلى آخر هذه السلسلة التي تجري طردًا وعكسًا، وامتدت الشريعة إلى ما تقتضيه حكمتها، فطلبت اليسر في الأعمال؛ كما قال عليه السلام: ((إن الدِّين يُسر، ولن يشادَّ الدِّين أحدٌ إلا غلبه، فسدِّدوا وقارِبوا، وأبشروا، واستعينوا بالغَدوة والرَّوحة، وشيء من الدلجة))، وطلبت المداومة على المبرات لتكون وليدةَ شعور نفسي راسخ، فقال عليه السلام: ((خُذوا من العمل ما تُطيقون؛ فإنَّ اللهَ لا يمَلُّ حتى تملُّوا))، وورد في الأثر: (أحب الصلاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما دُووم عليها وإن قلَّت، وكان إذا صلى صلاةً داوَم عليها)، وأراد أن يكون ذلك قرينَ نشاط النفس بنشاط الجسد؛ لِما بينهما من ارتباط الملازمة، بل السبب بالغاية بصورة متقابلة، فقال عليه السلام لعبدالله بن عمرو وقد بلغه أنه يقوم الليل ويصوم النهار: ((قُمْ ونَمْ وصُمْ وأفطِرْ، فإن لجسدك عليك حقًّا، وإن لعينِك عليك حقًّا، وإن لزَوْرِك عليك حقًّا، وإن لزوجك عليك حقًّا، وإنك عسى أن يطول بك عُمُرٌ، وإن حَسْبَك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام، فإن بكل حسنة عشر أمثالها، فذلك الدهر كله))، قال ابن عمرو: فشدَّدْتُ فشُدِّد علي، فقلت: إني أطيق غير ذلك، قال: ((فصم من كل جمعة ثلاثة أيام))، قال: فشددت فشُدِّد عليَّ، قلت: إني أطيق غير ذلك، قال: ((فصُمْ صوم نبي الله داود، نصف الدهر)) يعني يومًا يصوم ويومًا يفطر، وكان من تتمة هذه التربية القويمة الصحيحة ما كان من تقدير للحاجة والضرورة بقدرهما، وتغاضٍ عما كان من نسيان أو خطأ كما علَّمنا ربُّنا أن ندعوَه: ﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ [البقرة: 286] مع فتحٍ لباب التوبة والاستغفار: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة: 222] ممن يدعونه مستغفرين لارتباط ذلك بالنية المستحمة من أوضارها، وتطهرها من ذنوبها ومآثمها، وكان من ذلك ما كان من حكمة التدرج في التشريع الإسلامي بصورة تتناسب مع تطوُّر الأمة ومراعاة حكم الزمن فيها، ما دامت النفوس لا ترتجل ارتجالاً، وكل أمرها أن تفعل التربية فيها فعلها، بتنبيه الفطرة الكامنة وتكوين عادة طيبة لتحل محل عادة سيئة.

 

وإن من نتائج هذه التربية الإسلامية خَلْق أمة من أمة تتباعد النسبة بينهما تباعدها بين حالة العرب قبل الإسلام وبعده، حتى اختلطت الحدود بين الإسلام والعروبة بهذا التمازج القريب الحبيب، وأصبحنا لا نستطيع التعبير عن عروبة هذه الأمة الجديدة إلا بأن نقول: عروبة مسلمة، استبدلت بالجهل والشقائق والأنانية، عِلمًا ووحدةً وغيريةً، جعلت المجتمع العربي بعد الإسلام ينقلب إلى فاتح في ميادين العلوم والفنون فتحه في ميادين الحروب، حتى استعرب كل بلد وطئه اللهم إلا أقله، لأسباب ننزلها منزلة الشذوذ من القاعدة!

 

إن التربية الإسلامية فسحت المجال للهو البريء الذي يبتعث نشاط النفوس فتجد في الحياة جدها، وأحل الله الطيبات وحرم الخبائث، وجعلت الآخرة مرتبطة بالدنيا وأعمالها، ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ﴾ [فصلت: 46]، و﴿ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الطور: 16]، وتركت الميدان بعد ذلك فسيحًا فلم تحرم مطلبًا، لكل نفس وما فطرت عليه، تتجه في وجهته، على أن تراقب نفسها قبل أن تقف بين يدي ربِّها، فلا تقدم ولا تؤخر إلا بما يرضيه مما فيه سعادتها في دُنياها وأخراها، وحسب الإسلام من تربية أن يبلغ هذه الغاية، وحسبه من فناء النفس والاستغراق في الله، أن تكون بعيدة عما تطمع به النفس الأمارة بالسوء، سائرة في الطريق الفسيح الذي يرضي ربها.

 

إن الجِد واللهو والإقبال على الدنيا والعزوف عنها على هذا السنن الإسلامي، إنما هو وضع للأمور في نصابها، وهذا ما ننشد، سيما إذ فسد أمرنا، وتقهقرت أحوالُنا، وتغيَّرت مصائرنا.

 

إننا في أشد الحاجة إلى تربية إسلامية جديدة، ترينا الزاهد سلطانًا كعمرَ، فلا يجد في الزهد والسلطان بونًا مباعدًا، وترينا المجد ممن تعلق بالله قلبه وبالآخرة مطلبه، ضاحك السن، فكه المحضر، يمزح وهو يقول حقًّا، كمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لنكون أمة محمد الرسول وعمر الفاتح!

 

هذا حديث رمضان: ﴿ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [البقرة: 185]، حديث الجِد واللهو بحدودهما، حديث الدنيا والآخرة، حديث التربية المسلمة، والحمدُ لله ربِّ العالَمين.

 

المصدر: مجلة التمدن الإسلامي، السنة الخامسة، العدد السابع والثامن، 1358هـ - 1939م



[1] لشوقي.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • رمضان قد حضركم
  • حديث: ذاكر الله في رمضان مغفور له
  • حدث في 1 رمضان
  • حدث في 2 رمضان
  • الشوق للهو والذنوب

مختارات من الشبكة

  • علمني رمضان(مقالة - ملفات خاصة)
  • الأحاديث الضعيفة والموضوعة في رمضان وفضله (6)(مقالة - ملفات خاصة)
  • الأحاديث الضعيفة والموضوعة في رمضان وفضله (3)(مقالة - ملفات خاصة)
  • الأحاديث الضعيفة والموضوعة في رمضان وفضله (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة جزء من حديث أبي نصر العكبري ومن حديث أبي بكر النصيبي ومن حديث خيثمة الطرابلسي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • نقد النقد الحديثي المتجه إلى أحاديث صحيح الإمام البخاري: دراسة تأصيلية لعلم (نقد النقد الحديثي) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شرح الحديث الخامس من أحاديث الأربعين النووية (حديث النهي عن البدع)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • تخريج ودراسة تسعة أحاديث من جامع الترمذي من الحديث (2995) إلى الحديث (3005) (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة حديث عيسى ابن مريم وحديث الطير مع أبي بكر وحديث الضب مع النبي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • من سلسلة أحاديث رمضان حديث: حمزة سيد الشهداء عند الله يوم القيامة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب