• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

العام والخاص والمطلق والمقيد (دراسة أصولية فقهية) (2)

العام والخاص والمطلق والمقيد (دراسة أصولية فقهية) (2)
محمود محمد عراقي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/2/2012 ميلادي - 9/3/1433 هجري

الزيارات: 119406

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العام والخاص والمطلق والمقيد

(دراسة أصولية فقهية)

الفصل الرابع

حكم التخصيص


هذا الفصل يحتوي على:

1- حُكم التخصيص.

2- تعريف الخاص.

3- حُكم الخاص ودلالته.

4- الخِطاب الخاص بالرَّسول، هل يتناول الأمَّة.

وَالخَاصُ لَفْظٌ لاَ يَعُمُّ أَكْثَرَا ♦♦♦ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ عَمَّ مَعْ حَصْرٍ جَرَى

شرَف الدين يحيى بن نور الدين العمريطي.

 

الفصل الرابع

حكم التخصيص

قال ابن الحاجب: التخصيص جائزٌ إلا عند شذوذ.

 

"الأكثر أنه لا بدَّ في التخصيص مِن بقاء جمْع يقرب مِن مدلوله، وقيل: يكفي ثلاثة، وقيل اثنان، وقيل واحد، والمختار: أنَّه بالاستثناء والبَدَل يجوزُ إلى واحد، وبالمتَّصل كالصِّفة يجوز إلى اثنين، وبالمنفصِل في المحصور القليل يجوز إلى اثنين؛ مثل: قتلت كلَّ زنديق، وقد قتَل اثنين، وهم ثلاثة، وبالمنفَصِل في غير المحصور، أو العدَد الكثير.

 

المختار المذهب الأول لنا: أنَّه لو قال: "قتلتُ كلَّ مَن في المدينة"، وقد قتل ثلاثة عُدَّ لاغيًا، وكذلك: أكلت كلَّ رُمانة، وكذلك لو قال: مَن دخَل داري، أو أكَل، وفسَّره بثلاثة".

 

قال الأصبهاني: "القائلون بالعمومِ اختلفوا في جواز التخصيص، فذهَب الأكثرون إلى جوازه[1]، والأقلُّون إلى عدمِه.

 

حُجَّة الأكثرين: التخصيص واقِع في قوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 284]، والوقوع دليلُ الجواز، حُجَّة الأقلين أنَّ التخصيص في الخبر يُوجِب الكذب، وفي الأمْر والنهي يوجِب البداء، والجواب أنَّ مع احتمال التخصيص ووجود المخصِّص لا يوجب.

 

القائلون بجواز التخصيص اختلفوا في الغاية التي يَنتهي إليها التخصيص:

1- فذهب الأكثرون إلى أنَّه يجب أن يكونَ الباقي بعدَ التخصيص قريبًا مِن مدلول العام، وأرادوا بالقريب ما هو أكثر مِن نِصْفه[2].

2- وقيل: يَكْفي أن يكونَ الباقي بعدَ التخصيص ثلاثة، فصاعدًا[3].

 

3- وقيل: يجب أن يكونَ الباقي بعدَ التخصيص اثنين.

 

4- وقيل: يجوز التخصيصُ إلى الواحد[4].

5- والمختار عندَ ابن الحاجب أنَّ التخصيص إنْ كان بالمتَّصل الذي هو الاستثناء نحو: أكرم الناس إلا الجهال، أو البدل نحو: أكْرِم الناس العالِمَ.

 

الخاص

تعريف الخاص: هو كلُّ لفظ وُضِع لمسمًّى معلوم على الانفراد.

 

ينتظم خصوص الجنس والنوع والفرد، ويتناول المخصوصَ قطعًا؛ بحيث لا يحتمل زيادةَ البيان؛ لأنَّه بيِّن في نفسه.

 

ولهذا قال علماؤنا - رحمهم اللَّه -: "الثلاثة" اسم خاص لعددٍ معلوم في قوله تعالى: ﴿ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ ﴾ [البقرة: 228]، ولو حملتْ على الأطهار لانتقصَ عن الثلاثة؛ لأنَّها لا تزاد إجماعًا، فيترك الخاص.

 

والغَسْل والمسح لفظانِ خاصَّان لفِعل معلوم في آية الوضوء، فتعليق جوازه بالنية والتسمية، والترتيب والولاء لا يكون عملاً به[5].

 

ويقول في "تسهيل الطرقات" بعدما أورد نظم متن الورقات:

الخاص:

1- تعريفه لغة: هو اسمُ فاعل مِن خصَّ يخص، بمعنى إفراد شيء بشيء، والاختصاص هو التفرُّد في شيء.

واصطلاحًا: لفْظ وُضِع لمعنًى على الانفراد.

 

يقول الآمدي: "أمَّا التخصيص فقد قال أبو الحسين البصري: هو إخراجُ بعض ما تناوله الخِطاب عنه، وذلك ممَّا لا يمكن حمْلُه على ظاهره على كلِّ مذهب.

 

أمَّا على مذهب أربابالخصوص؛ فلأنَّ الخِطاب عندَهم منزَّل على أقل ما يحتمله اللفظ، فلا يُتصوَّر إخراجُ شيء منه.

 

وأمَّا على مذهب أرباب الاشتراك، فمِن جهة أنَّ العمل باللفظ المشترَك في بعض محامله، لا يكون إخراجًا لبعض ما تناوله الخِطاب عنه، بل غايته استعمالُ اللفظ في بعض محامله دونَ البعض.

 

وأمَّا على مذهب أرباب الوقف فظاهر؛ إذ اللفظ عندَهم موقوفٌ لا يعلم كونه للخصوص أو للعموم، وهو صالِحٌ لاستعماله في كلِّ واحد منهما.

 

فإنْ قام الدليل على أنَّه أريد به العموم، وجَب حمله عليه، وامتنع إخراج شيء منه، وإنْ قام الدليلُ على أنه للخصوص، لم يكن اللفظُ إذ ذاك دليلاً على العموم، ولا متناولاً له؛ فلا يتحقَّق بالحمل على الخاص إخراج بعض ما تناوله اللفظُ على بعضِ محامله الصالِح لها.

 

وأمَّا على مذهب أرباب العموم، فغايته أنَّ اللفظ عندَهم حقيقةٌ في الاستغراق، ومجاز في الخصوص، وعلى هذا، فإنْ لم يقمِ الدليل على مخالفة الحقيقة، وجَب إجراء اللفظ على جميع محامله، مِن غير إخراج شيءٍ منها، وإنْ قام الدليل على مخالفة الحقيقة، وامتناع العمَل باللفظ في الاستغراق، وجَب صرُفه إلى محمله المجازي، وهو الخصوص.

 

وعندَ حمْل اللفظ على المجاز لا يكون اللفظُ متناولاً للحقيقة، وهي الاستغراق، فلا تحقق لإخراج بعضِ ما تناوله الخِطابُ عنه؛ إذ هو - حالة كونه مستعملاً في المجاز - لا يكون مستعملاً في الحقيقة، وعلى هذا، فإطلاقُ القول بتخصيص العام، أو أنَّ هذا عامٌّ مخصَّص لا يكون حقيقة.

 

وإذا عُرِف ذلك، فالتخصيصُ على ما يُناسب مذهبَ أرباب العموم، هو تعريف أنَّ المراد باللفظ الموضوع للعموم حقيقة إنَّما هو الخصوص؛ وعلى ما يناسب مذهبَ أرباب الاشتراك تعريف أنَّ المراد باللفظ الصالِح للعموم والخصوص، إنما هو الخصوص، والمعرِّف لذلك - بأي طريق كان - يُسمَّى مخصِّصًا، واللفظ المصروف مِن جهة العموم إلى الخصوص مخصَّصًا.

 

وجاء في "المسودة":

"فصلٌ في حدِّ الخاص: وهو اللفظ الدالُّ على واحِد بعينه، بخلاف العامِّ والمطلق؛ ذكَرَه الفخر إسماعيل في جنته"[6].

 

فصل
في بيان حكم الخاص

نقلاً من "أصول السرخسي": "قال - رضي اللَّه عنه -: حُكم الخاص معرفةُ المراد باللفظ، ووجوب العمل به فيما هو موضوعٌ له لغة، لا يخلو خاصٌّ عن ذلك، وإنْ كان يحتمل أن تغيُّر اللفظ عن موضوعه عندَ قيام الدليل، فيصبر عبارةً عنه مجازًا، ولكنه غير محتمل للتصرُّفِ فيه بيانًا، فإنه مبيّن في نفسه، عاملٌ فيما هو موضوع له بلا شُبهة، وعلى هذا قال علماؤنا - رحمهم اللَّه - في قوله - تعالى -: ﴿ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ ﴾ [البقرة: 228]: إنَّ المراد: الحيض؛ لأنَّا لو حملْناه على الأطهار كان الاعتداد بقُرْأين، وبعض الثالث، ولو حملْناه على الحيض كان التربُّص بثلاثة قروء كوامِل، واسم الثلاث موضوعٌ لعدد معلوم لغةً لا يحتمل النقصان عنه، بمنزلة اسمِ الفرْد، فإنَّه لا يحتمل العدد، واسم الواحد ليس فيه احتمالُ المثنَّى؛ ففي حمْله على الأطهار ترْكُ العمل بلفظ الثلاث فيما هو موضوعٌ له لغة، ولا وجهَ للمصير إليه، وقلْنا في قوله: ﴿ ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا ﴾ [الحج: 77]: إنَّ فرْض الركوع يتأدَّى بأدْنى الانحطاط؛ لأنَّ اللفظ لغةً موضوعٌ للميل عن الاستواء، يقال: ركعتِ النخلة إذا مالَت، وركَع البعير إذا طأطأ رأسه، فإلْحاق صفة الاعتدال به؛ ليكونَ فرضًا ثابتًا بهذا النص - لا يكون عملاً بما وضِع له هذا الخاص لغةً، ولكن إنما يكون، وفي "العثمانية": إنَّما يثبت بصِفة الاعتدال بخبر الواحِد، فيكون موجبًا للعمل، ممكنًا للنقصان في الصلاة إذا ترَكه، ولا يكون مفسدًا للصلاة؛ لأنَّ ذلك حُكم ترْك الثابت بالنص[7].

 

ثم كرَّر أمثلةً لتقرير ما قاله في بداية الكلام، فتكلَّم عن آية: ﴿ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [الحج: 29]، وكذلك قوله - تعالى -: ﴿ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ﴾ [المائدة: 6]، وكذلك: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ﴾، وغير ذلك.

 

الخطاب الخاصُّ بالرسول هل يتناول الأمَّة؟

إذا ورد خِطابٌ خاص بالرسول صلَّى الله عليه وسلَّم مثل قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [المزمل: 1 - 2]، وقوله: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ﴾ [الأحزاب: 1]، وقوله تعالى: ﴿ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ﴾ [الزمر: 65]، فهل يكونُ هذا الخِطابُ متناولاً للأمة، أو يكون غيرَ متناول لها، بل يكون خاصًّا بالرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم؟


اختلف الأصوليُّون في ذلك على قولين:

القول الأول: وهو قول عامَّة الأصوليِّين مِن الشافعية والحنفية: أنَّ الخطاب لا يتناول الأمَّة.

القول الثاني: أنَّ خطاب الرسول خطابٌ لأمته، وهذا القول منقول عن أبي حنيفة وأحمد بن حنبل - رضي اللَّه عنهما - وأصحابهما.

 

الاستدلالات:

استدلَّ الجمهور بأنَّ الخطاب موضوعٌ في اللغة للخصوص، وما كان في اللُّغة موضوعًا للخصوص، فكيف يكون مفيدًا للعموم؟

 

نُوقش هذا: أنَّنا لم نقُلْ: إنَّ الخطاب يتناول الأمَّة لغة، بل نقول: إنه يتناولهم مِن جهة العُرْف، ولا مانعَ مِن أن يكون اللفظ في اللغة موضوعًا للخصوص، مع أنَّه يُفيدُ العمومَ مِن جهة العُرْف، كما سبق في قوله - تعالى -: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ ﴾ [النساء: 23]، وقوله - تعالى -: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ﴾ [المائدة: 3].

 

واستدل أصحاب القول الثاني:

بأنَّ أهل العُرْف يفهمون من قولِ القائل لمن له منصبُ الولاية والاقتداء: اركبْ لمناجزة العدو - أنَّ هذا الخطاب ليس خاصًّا، بل هو قُدوة للأمَّة، ومتبوع مِن قِبَلهم - فالخِطاب له خطابٌ لأمَّته عُرْفًا، إلاَّ ما قام الدليلُ على خصوصه به عليه السلام وقد جاء القرآنُ مؤيدًا لذلك:

1- قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ﴾ [الطلاق: 1].

 

2- قال تعالى: ﴿ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ ﴾ [الأحزاب: 50]، ومع قوله تعالى: ﴿ خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأحزاب: 50]، وقال تعالى: ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ ﴾ [الإسراء: 79]، فلو كان الخِطاب خاصًّا بالرسول في الآيتين، لكان قوله: ﴿ خَالِصَةً لَكَ ﴾، ﴿ نَافِلَةً لَكَ ﴾ غيرَ مفيدٍ فائدةً جديدة، وهو خلافُ الظاهر[8].

 

ويقرر الآمدي هذه المسألة قائلاً:

إذا ورَد خطابٌ خاصٌّ بالنبي صلَّى الله عليه وسلَّم كقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ﴾ [المزمل: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ ﴾ [الأحزاب: 1]، لا يعمُّ الأمَّةَ ذلك الخطاب عِند أصحابنا، خلافًا لأبي حنيفة وأحمد بن حنبل وأصحابها في قولهم: إنَّه يكون خطابًا للأمَّة، إلا ما دلَّ الدليل فيه على الفرْق.

 

ودليلنا في ذلك أنَّ الخطاب الوارد نحوَ الواحد موضوعٌ في أصل اللغة لذلك الواحد، فلا يكون متناولاً لغيره بوضعه؛ ولهذا فإنَّ السيد إذا أمَرَ بعض عبيده بخِطاب يخصه، لا يكون أمرًا للباقين، وكذلك في النهي والإخبار، وسائر أنواع الخطاب.

 

كيف وإنَّه مِن المحتمل أن يكونَ الأمرُ للواحِد المعيَّن مصلحة له، وهو مفسدة في حقِّ غيره؛ وذلك كما في أمْر الطبيب لبعضِ الناس بشرْب بعض الأدوية، فإنَّه لا يكون ذلك أمرًا لغيره؛ لاحتمالِ التفاوت بيْن الناس في الأمزجةِ والأحوال المقتضية لذلك الأمْر.

 

ولهذا خصَّ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بأحكامٍ لم يشاركْه فيها أحدٌ مِن أمَّته، من الواجبات والمندوبات، والمحظورات والمباحات؛ ومع امتناعِ اتحاد الخطاب، وجواز الاختلاف في الحِكمة والمقصود، يمتنع التشريكُ في الحُكم، اللهمَّ إلا أنْ يقومَ دليلٌ مِن خارج يدلُّ على الاشتراك في العِلة الداعية إلى ذلك الحُكم؛ فالاشتراك في الحُكم يكون مستندًا إلى نفس القياس، لا إلى نفْس الخطاب الخاص بمحلِّ التنصيص، أو دليل آخر.

 

فإن قيل: نحن لا نُنكر أنَّ الخطاب الخاصَّ بالواحد لا يكون خطابًا لغيره مطلقًا، بل المدَّعي أن مَن كان مقدمًا على قوم، وقد عقدتْ له الولاية والإمارة عليهم، وجعل له منصب الاقتداء به، فإنَّه إذا قيل له: "اركبْ لمناجزة العدو، وشن الغارة عليه وعلى بلادِه"، فإنَّ أهل اللغة يعدُّون ذلك أمرًا لأتْباعه وأصحابه.

 

وكذلك إذا أخبر عنه بأنَّه قد فتَح البلد الفلاني، وكرَّ على العدو، فإنَّه يكون إخبارًا عن أتْباعه أيضًا.

وما ذكرتموه مِن احتمالِ التفاوت في المصلحة المفْسَدة، فغير قادِح مع ظهور المشاركة في الخطاب - كما تقرَّر.

 

ولهذا جاز تكليفُ الكل مع هذا الاحتمال؛ لظهورِ الخِطاب، وجاز تعديةُ الحُكم من الأصْل إلى الفرْع عندَ ظنِّ الاشتراك في الداعي، مع احتمالِ التفاوت بيْن الأصل والفرْع في المصلحة والمفسدة[9].

 

ثم يردُّ عليهم في أسلوب جدَلي، ويُفنِّد آراءَهم، والباحِث يميل إلى عموميةِ الخِطاب الوارد على صيغةٍ خاصَّة بالنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذ لو لم يُقلْ ذلك، لظلَّت أمورٌ حياتية عديدة تحتاج إلى حُكم، ولا حُكم لها إلا إذا اعتبرْنا العمومَ في صِيغ الخصوصية النبوية، التي لم يدلَّ الدليل القطعي على عدمِ مشاركة غيره فيها.

 

ويرَى الباحث كذلك أنَّ ثَمَّة خطاباتٍ خاصَّة بالنبي صلَّى الله عليه وسلَّم ويجعلها القائلون بعموميتها لجميعِ الأمَّة، لها دليلٌ آخر يدلُّ عليها؛ مثل: قيام الليل والنوافل، وتقوَى اللَّه وغير ذلك، فقد وردتْ خطابات آمِرة أو نادِبة بفِعْل هذا أو ذاك، مِن المؤمنين جميعًا أو الناس، مثل: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ﴾ [الحج: 1].



[1] مطلقًا، سواء أكان العامُّ أمرًا أم نهيًا أم خبرًا، خلافًا لبعض الشافعية، وبعض الأصوليِّين في الخبر، ونقَل أكثرُ الأصوليين الإجماعَ على جواز التخصيص في الأمر، ومقتضى كلام الرازي والبيضاوي وابن الحاجب الخلافُ في الأمر أيضًا؛ راجع: "شرح الكوكب" (3/ 269)، "التبصرة" (143)، "فواتح الرحموت" (1/ 301)، "المستصفى" (2/ 98)، "المحصول" (1/ 3/ 14)، "الإحكام" (2/ 117)، "شرح العضد" (2/ 130)، "المعتمد" (1/ 255)، "العدة" (2/ 595)، "المسودة" (130)، "إرشاد الفحول" (143)، "كشف الأسرار" (1/ 307)، و"بيان المختصر".

[2] قال الشوكاني في "إرشاد الفحول" (ص: 144): "وإليه ميل الأكثر".

[3] وعليه المجد من الحنابلة، وأبو بكر الرازي من الحنفية، والغزالي، وبه قال البزدوي والنسفي وصَدْر الشريعة؛ انظر: (ص: 144) من "إرشاد الفحول".

[4] وبه قالتِ الحنابلة؛ راجع "شرح الكوكب" (3/ 271).

[5] "المغني في أصول الفقه" (ص: 93)، "تشنيف المسامع" (ص: 715)، الجزء الثاني، وانظر: "شرح الكوكب" (ص: 269)، الجزء الثالث.

[6] "المسودة" في أصول الفقه" (ص: 510).

[7] "أصول السرخسي" ص114، الجزء الثاني.

[8] الآمدي في "الإحكام"، ص283.

[9] الآمدي في "الإحكام" (ص: 284) وما بعدها.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العام والخاص والمطلق والمقيد (دراسة أصولية فقهية) (1)
  • العام والخاص والمطلق والمقيد (دراسة أصولية فقهية) (3)
  • العام والخاص والمطلق والمقيد (دراسة أصولية فقهية) (4)
  • العام والخاص والمطلق والمقيد (دراسة أصولية فقهية) (5)
  • العام والخاص والمطلق والمقيد (دراسة أصولية فقهية) (6)
  • المطلق والمقيد

مختارات من الشبكة

  • في وداع العام واستقبال العام الجديد والحث على العمل وفضل يوم عاشوراء(مقالة - ملفات خاصة)
  • في وداع العام واستقبال العام الجديد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: العام الدراسي ليكون عام نجاح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قاعدة: ‌ذكر ‌فرد ‌من ‌أفراد ‌العام بحكم العام لا يخصصه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفرق بين العام المخصوص والعام الذي أريد به الخصوص(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • مخطوطة العام المخصوص والعام الذي أريد به الخصوص(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • العام الهجري الجديد عام تجديد أم تبديد؟(مقالة - ملفات خاصة)
  • وزير الإرشاد والأوقاف السوداني: هذا العام عام مناصرة مسلمي جنوب السودان(مقالة - المسلمون في العالم)
  • بين عام مضى وآخر أتى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العام والخاص والمطلق والمقيد(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- حكم التخصيص
بدر الدجى - النمسا 02-02-2012 05:28 PM

جزاكم الله خيرا

شكرا

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب