• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

من فروض الوضوء مسح الرأس

الشيخ دبيان محمد الدبيان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/4/2011 ميلادي - 3/5/1432 هجري

الزيارات: 174214

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من فروض الوضوء

مسح الرأس

 

الفرض الثالث من فروض الوضوء مسح الرأس، وقد دلَّ على ذلك الكتاب والسنة والإجماع.

أما الكتاب، فقوله تعالى: ﴿ وامسحوا برؤوسكم ﴾[1].

وأما السنة، فالأحاديث الكثيرة المستفيضة والتي سقناها فيما سبق من فروض الوضوء.

وأما الإجماع، فنقله خلق كثير، نقله من الحنفية: الطحاوي[2].

 

ومن المالكية: ابن عبدالبر[3]، والحطاب[4]، وابن رشد[5]، والقرطبي[6]، والخرشي[7].

ومن الشافعية: النووي[8]، والماوردي[9].

ومن الحنابلة: ابن قدامة[10]، وابن مفلح[11]، والزركشي[12] وغيرهم.

 

المبحث الأول

خلاف العلماء في القدر الواجب مسحه من الرأس

اختلف العلماء في المقدار الواجب مسحه من الرأس:

فقيل: يكفي في مسح الرأس مقدار الناصية، وهو ربع الرأس، وهذا مذهب الحنفية[13].

وقيل: يجب مسح جميع الرأس، وهو مذهب المالكية[14]، والمشهور من مذهب الحنابلة[15]، واختاره المزني من الشافعية[16].

وقيل: المفروض أقل ما يتناوله اسم المسح، ولو شعرة، وهو مذهب الشافعية[17].

 

دليل الحنفية على جواز الاقتصار على الناصية في المسح:

الدليل الأول:

(960-189) ما رواه أحمد، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا التيمي، عن بكر، عن الحسن، عن ابن المغيرة بن شعبة، عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ فمسح بناصيته ومسح على الخفين والعمامة. قال بكر: وقد سمعته من ابن المغيرة[18].

[إسناده صحيح][19].

 

وجه الاستدلال:

لما مسح النبي - صلى الله عليه وسلم - على الناصية، كان مسحه - عليه الصلاة والسلام - على العمامة من باب الفضل، لا من باب الوجوب؛ إذ لا يمكن أن يجب مسح البدل ومسح الأصل في وقت واحد.

قال الطحاوي: في هذا الأثر أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مسح على بعض الرأس، وهو الناصية، وظهور الناصية دليل أن بقية الرأس حكمه حكم ما ظهر منه؛ لأنه لو كان الحكم قد ثبت بالمسح على العمامة، لكان كالمسح على الخفين، فلم يكن إلا وقد غُيِّبت الرِّجلان فيهما، ولو كان بعض الرِّجلين باديًا، لما أجزأه أن يغسل ما ظهر منهما، ويمسح على ما غاب منهما، فجعل حكم ما غاب منهما، مضمنًا بحكم ما بدا منهما، فلما وجب غسلُ الظاهر وجب غسل الباطن، فكذلك الرأس: لما وجب مسح ما ظهر منه، ثبت أنه لا يجوز مسح ما بطن منه؛ ليكون حكم كله حكمًا واحدًا، كما كان حكم الرجلين إذا غيِّبت بعضها في الخفين حكمًا واحدًا، فلما اكتفى النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الأثر بمسح الناصية على مسح ما بقي من الرأس، دل ذلك أن الفرض في مسح الرأس هو مقدار الناصية، وأن ما فعله فيما جاوز به الناصية فيما سوى ذلك من الآثار، كان دليلاً على الفضل لا على الوجوب؛ حتى تستوي هذه الآثار ولا تتضاد، فهذا حكم هذا الباب من طريق الآثار.

وأجيب:

بأنه لو جاز الاقتصار على مسح الناصية، لما مسح على العمامة، وإذا مسح على ناصيته وكمل الباقي بعمامته، أجزأه بلا ريب.

 

قلت: وهناك تأمل آخر في الحديث، وهو: هل قوله: توضأ فمسح على ناصيته، وعلى العمامة، وعلى الخفين - نقلٌ لفعل واحد، أو أنه نقل لأفعال مختلفة رصدها المغيرة، ونقلها مجتمعة في نص واحد؟ فإن كان الفعل واحدًا فظاهر أن المسح لم يقتصر على الناصية، فلا يكون فيه دليل على جواز الاقتصار على الناصية، وإن كان النقل لأفعال مختلفة، وأن هذه مجموعة أحاديث، وليست حديثًا واحدًا للمغيرة، جمعها في حديث واحد، فهو دليل قوي على جواز الاقتصار على المسح على الناصية، وهذا الاحتمال غير بعيد، فإن هناك أحاديث للمغيرة ينقل لنا فيها المسح على الخفين فقط، وهناك حديث ينقل لنا المسح على الجوربين والنعلين، وقد تُكُلِّم فيه، وخرجته في المسح على الحائل، فيحتاج الباحث إلى تأمل، هل هذه الأفعال كانت متفرقة جمعها المغيرة في حديث واحد، أو كانت فعلاً واحدًا في وضوء واحد، نقله لنا المغيرة بن شعبة صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ والحنفية والشافعية لا يمكن أن يقولوا لنا: إنها أفعال مختلفة؛ لأنه يلزمهم على هذا أن يقولوا بجواز المسح على العمامة، وهم لا يقولون به، ومحال أن يحتجوا علينا ببعض الحديث، ويتركوا بعضه، والله أعلم.

قال ابن القيم في الزاد: ولم يصح عنه في حديث واحد أنه اقتصر على مسح بعض رأسه ألبتة، ولكن كان إذا مسح بناصيته كمل على العمامة، ثم قال: وأما اقتصاره على الناصية مجردة فلم يحفظ عنه[20]. اهـ

وأما الجواب على ما ذكره الطحاوي، فيقال: لا نسلم أن ما ظهر من القدم فرضُه الغسلُ، وأنه يجب أن يغيب القدم في الخف، فالمسح على الخف ورد مطلقًا، واشتراط كون الخف ساترًا للمفروض لم يأتِ في كتاب ولا سنة، وكلُّ شرط ليس في كتاب الله، فهو باطل، وإن كان مائة شرط، والحنفية لا يمنعون المسح على الخف ولو ظهر أصبع أو أصبعين من القدم، ويجمعون في هذه الحالة بين المسح والغسل، مع أن نسبة الأصبعين إلى خمسة الأصابع كنسبة الناصية إلى العمامة، فانتقض كلام الطحاوي - رحمه الله - في عدم الجمع بين المسح والغسل، والله أعلم.

 

الدليل الثاني على جواز الاقتصار على الناصية:

(961-190) ما رواه أبو داود، قال: حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن وهب، حدثني معاوية بن صالح، عن عبدالعزيز بن مسلم، عن أبي معقل، عن أنس بن مالك قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ وعليه عمامة قطرية، فأدخل يده من تحت العمامة، فمسح مقدم رأسه، ولم ينقض العمامة[21].

[إسناده ضعيف] [22].

قال ابن القيم: مقصود أنس به: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينقض عمامته حتى يستوعب مسح الشعر كله، ولم يَنفِ التكميل على العمامة، وقد أثبته المغيرة بن شعبة وغيره، فسكوت أنس عنه لا يدل على نفيه[23]. اهـ.

ولا نحتاج إلى هذا الجواب والحديثُ ضعيف، ولو قَبِلوا منا هذا لقبلنا منهم دعوى أن الأحاديث الواردة في المسح على العمامة دون ذِكر الناصية أن المقصود: مع مسح الناصية؛ لأن هذه الأحاديث لم تنفِها، وقد أثبتها حديث المغيرة في المسح على العمامة والناصية؛ بل نقول: الحديث لا يثبت، ولا يستدل على دعوى الاقتصار على مقدم الرأس إلا بحديث صحيح، ولا يوجد.

 

الدليل الثالث:

(962-191) ما رواه عبدالرزاق، قال: عن ابن جريج، قال: أخبرني عطاء، قال: بلغني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتوضأ، وعليه العمامة يؤخرها عن رأسه، ولا يَحُلُّها، ثم مسح برأسه، فأشار الماء بكف واحد على اليافوخ قط، ثم يعيد العمامة[24].

[هذا الأثر من عطاء مرسل، ومرسل عطاء من أضعف المراسيل][25].

 

الدليل الرابع:

فعل ابن عمر مع ما عُرف عنه من حرصه على متابعة السنة.

(963-192) فقد روى عبدالرزاق عن معمر، عن أيوب، عن نافع: أن ابن عمر كان يُدخِل يديه في الوضوء، فيمسح بها مسحة واحدة اليافوخ قط[26].

[إسناده صحيح] [27].

فاجتمع لنا أثر صحيح موقوف، ومرسل عطاء، وحديث أنس الضعيف فهل يحصل بمجموعها ما يثبت به الاحتجاج، أو لا تقوى على معارضة الثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ هذا محل تأمل عندي.

قال ابن حجر عن مرسل عطاء: وهو مرسل، لكنه اعتضد بمجيئه من وجه آخر موصولاً، أخرجه أبو داود من حديث أنس، وفي إسناده أبو معقل، لا يُعرف حاله، فقد اعتضد كل من المرسل والموصول بالآخر، وحصلت القوة من الصورة المجموعة، وهذا مثال لما ذكره الشافعي من أن المرسل يعتضد بمرسل آخر، أو مسند، ثم قال: وفي الباب أيضًا عن عثمان في صفة الوضوء، قال: ومسح مقدم رأسه؛ أخرجه سعيد بن منصور، وفيه خالد بن يزيد بن أبي مالك، مختلف فيه، وصح عن ابن عمر الاكتفاء بمسح بعض الرأس، قال ابن المنذر وغيره: ولم يصح عن أحد من الصحابة إنكار ذلك؛ قاله ابن حزم، وهذا كله مما يقوى به المرسل المتقدم ذكره، والله أعلم[28].

 

دليل من قال: يجزئ أقل ما يتناوله المسح:

الدليل الأول:

قال - تعالى -: ﴿ وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم ﴾[29]، فيتحقق مسح الرأس بمسح جزء من أجزائه، كما تقول: ضربت رأسه، وضربت برأسه، فمن قال: إنه لا يكون ضاربًا لرأسه حقيقة إلا إذا وقع الضرب على كل جزء من أجزائه، فقد جاء بما لا يفهمه أهل اللغة ولا يعرفونه، ومثل هذا إذا قال القائل: مسحت الحائط ومسحت بالحائط، فإن المعنى للمسح يوجد بمسح جزء من أجزاء الحائط، ولا ينكر هذا إلا مكابر[30].

 

الدليل الثاني:

ثبت في الدليل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح بناصيته، فهذا يمنع وجوب الاستيعاب، ويمنع التقدير بالثلث أو الربع أو النصف؛ فإن الناصية دون الربع، فيتعين أن الواجب ما يقع عليه اسم مسح.

 

الدليل الثالث:

الباء في قوله تعالى: ﴿ وامسحوا برؤوسكم ﴾[31] دالة على التبعيض، وجهه: إذا دخلت الباء على فعل يتعدى بنفسه كانت للتبعيض، كقوله تعالى: ﴿ وامسحوا برؤوسكم ﴾، وإن لم يتعد فللإلصاق كقوله تعالى: ﴿ وليطوفوا بالبيت العتيق ﴾[32].

ورد عليهم:

بأنه لم يثبت كونها للتبعيض، وقد رده سيبويه في خمسة عشر موضعًا في كتابه.

فإن قيل: فما فائدة دخول الباء مع أن الفعل يتعدى بنفسه؟

قال ابن تيمية: إذا دخلت الباء على فعل يتعدى بنفسه، أفادت قدرًا زائدًا، فلو قال: "وامسحوا رؤوسكم أو وجوهكم" لم تدل على ما يلتصق بالمسح، فإنك تقول: مسحت رأس فلان، وإن لم يكن بيدك بلل، فإذا قيل: وامسحوا برؤوسكم وبوجوهكم، ضمن المسح معنى الإلصاق، فأفاد أنكم تلصقون برؤوسكم وبوجوهكم شيئًا بهذا المسح.

 

دليل من قال: يجب استيعاب الرأس بالمسح:

الدليل الأول:

(964-193) ما رواه البخاري من طريق عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه، أن رجلاً قال لعبدالله بن زيد - وهو جد عمرو بن يحيى -: أتستطيع أن تريني كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ؟ فقال عبدالله بن زيد: نعم، فدعا بماء، فأفرغ على يديه، فغسل مرتين، ثم مضمض واستنثر ثلاثًا، ثم غسل وجهه ثلاثًا، ثم غسل يديه مرتين مرتين إلى المرفقين، ثم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه، ثم غسل رجليه. ورواه مسلم بنحوه[33].

 

وجه الاستدلال:

هذا بيان لما أجمل في آية المائدة من قوله تعالى: ﴿ وامسحوا برؤوسكم ﴾، وإذا كان فعله - صلى الله عليه وسلم - بيانًا لمجمل واجب، كان مسحه كله واجبًا، فالله - سبحانه وتعالى - أمر بمسح الرأس، وفعله - صلى الله عليه وسلم - خرج امتثالاً للأمر، وتفسيرًا للمجمل.

 

الدليل الثاني:

احتج بعضهم لوجوب العموم في مسح الرأس بقوله تعالى: ﴿ وليطوفوا بالبيت العتيق ﴾[34]، وقد أجمعوا أنه لا يجوز الطواف ببعضه، فكذلك مسح الرأس؛ لقوله تعالى: ﴿ وامسحوا برؤوسكم ﴾، لا يجوز مسح بعضه[35].

 

الدليل الثالث:

الباء في قوله - سبحانه وتعالى -: ﴿ وامسحوا برؤوسكم ﴾ كالباء في قوله تعالى: ﴿ فامسحوا بوجوهكم ﴾ في التيمم، فكما أنهم أجمعوا على أنه لا يجوز مسح بعض الوجه في التيمم، فكذلك لا يجوز مسح بعض الرأس في الوضوء، فالعامل واحد في الموضعين، وهو قوله تعالى: ﴿ وامسحوا ﴾[36].

الدليل الرابع:

قال ابن عبدالبر: الفرائض لا تؤدى إلا بيقين، واليقين ما أجمعوا عليه من مسح جميع الرأس، فقد أجمعوا أن من مسح برأسه كله، فقد أحسن وفعل أكمل ما يلزمه[37].

 

الدليل الخامس:

أن الله - سبحانه وتعالى - ذكر مسح الرأس، ومسمى الرأس حقيقة هو جميع الرأس، فيقتضي وجوب مسح جميع الرأس، وحرف الباء لا يقتضي التبعيض لغة، بل هو حرف إلصاق، فيقتضي إلصاق الفعل بالمفعول، وهو المسح بالرأس، والرأس اسم لكله، فيجب مسح كله.

 

الراجح من هذه الأقوال:

لا شك أن القول بوجوب مسح جميع الرأس له أدلة قوية من حيث الأثر ومن حيث النظر، وهو أحوط بكل حال، وقول من قال بجواز الاقتصار على الناصية له قوة أيضًا، خاصة أنه صح فعله عن ابن عمر، وقد عُرف ابن عمر بحرصه على متابعة السنة، والله أعلم.

 

المبحث الثاني

تكرار مسح الرأس

ذهب الجمهور إلى أن الرأس والأذنين لا يشرع تكرار مسحهما، وهو مذهب الحنفية[38]، والمالكية[39]، والحنابلة[40].

واستحب الشافعية تكرار المسح للرأس ثلاثًا[41].

والراجح قول الجمهور، وقد استعرضنا أدلة الفريقين والجواب عن أدلة الشافعية في سنن الوضوء.



[1] المائدة: 6.

[2] شرح معاني الآثار (1/ 33).

[3] التمهيد (4/ 31).

[4] مواهب الجليل (1/ 202).

[5] بداية المجتهد (1/ 129).

[6] الجامع لأحكام القرآن (6/ 83).

[7] الخرشي على مختصر خليل (1/ 120، 121).

[8] المجموع (1/ 428).

[9] الحاوي (1/ 114).

[10] الكافي (1/ 29)، المغني (1/ 175).

[11] الفروع (1/ 148).

[12] شرح الزركشي (1/ 190).

[13] المبسوط (1/ 63)، بدائع الصنائع (1/ 4)، حاشية ابن عابدين (1/ 99)، شرح فتح القدير (1/ 17)، شرح معاني الآثار (1/ 31).

[14] الاستذكار (2/ 30)، المنتقى للباجي (1/ 38)، مواهب الجليل (1/ 202).

وقد أورد ابن العربي في أحكام القرآن مذاهب أهل العلم في مسح الرأس، وتكلم عليه في فوائد يحسن بي أن أنقله بتمامه وإن كان طويلاً؛ نظرًا لفائدته، يقول ابن العربي (2/ 64): قوله تعالى: ﴿ برؤوسكم ﴾: الرأس عبارة عن الجملة التي يعلمها الناس ضرورة، ومنها الوجه، فلما ذكره الله سبحانه في الوضوء، وعيَّن الوجه للغسل، بقي باقيه للمسح. ولو لم يذكر الغسل أولاً فيه للزم مسح جميعه: ما عليه شعر من الرأس، وما فيه العينان والأنف والفم؛ وهذا انتزاع بديع من الآية، وقد أشار مالك إلى نحوه، فإنه سئل عن الذي يترك بعض رأسه في الوضوء؟ فقال: أرأيت لو ترك بعض وجهه، أكان يجزئه؟ ومسألة مسح الرأس في الوضوء معضلة، ويا طالما تتبعتها لأحيط بها حتى علمني الله تعالى بفضله إياها؛ فخذوها مجملة في علمها، مسجلة بالصواب في حكمها، واستيفاؤها في كتب المسائل:

اختلف العلماء في مسح الرأس على أحد عشر قولاً:

الأول: أنه إن مسح منه شعرة واحدة أجزأه.

الثاني: ثلاث شعرات.

الثالث: ما يقع عليه الاسم، ذكر لنا هذه الأقوال الثلاثة فخر الإسلام بمدينة السلام في الدرس عن الشافعي.

الرابع: قال أبو حنيفة: يمسح الناصية.

الخامس: قال أبو حنيفة: إن الفرض أن يمسح الربع.

السادس: قال أيضًا في روايته الثالثة: لا يجزيه إلا أن يمسح الناصية بثلاث أصابع أو أربع.

السابع: يمسح الجميع؛ قاله مالك.

الثامن: إن ترك اليسير من غير قصد أجزأه؛ أملاه علي الفهري.

التاسع: قال محمد بن مسلمة: إن ترك الثلث أجزأه.

العاشر: قال أبو الفرج: إن مسح ثلثه أجزأه.

الحادي عشر: قال أشهب: إن مسح مقدمه أجزأه، فهذه أحد عشر قولاً.

ومنزلة الرأس في الأحكام منزلته في الأبدان، وهو عظيم الخطر فيهما جميعًا؛ ولكل قول من هذه الأقوال مطلع من القرآن والسنة:

فمطلع الأول: أن الرأس وإن كان عبارة عن العضو فإنه ينطلق على الشعر بلفظه، قال الله تعالى: ﴿ ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله ﴾ [البقرة: 196]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((احلق رأسك))، والحلق إنما هو في الشعر، إذا ثبت هذا تركَّب عليه: المطلع الثاني:

المطلع الثاني: وهو أن إضافة الفعل إلى الرأس ينقسم في العرف والإطلاق إلى قسمين: أحدهما: أنه يقتضي استيفاء الاسم.

والثاني: يقتضي بعضه؛ فإذا قلت: "حلقت رأسي" اقتضى في الإطلاق العرفي الجميع. وإذا قلت: مسحت الجدار أو رأس اليتيم أو رأسي، اقتضى البعض، فيتركب عليه: المطلع الثالث: وهو أن البعض لا حد له مجزئ منه ما كان، قال لنا الشاشي: لما قال الله تعالى: ﴿ ولا تحلقوا رؤوسكم ﴾ وكان معناه شعر رؤوسكم، وكان أقل الجمع ثلاثًا، قلنا: إن حلق ثلاث شعرات أجزأه، وإن مسحها أجزأه، والمسح أظهر، وما يقع عليه الاسم أقله شعرة واحدة.

المطلع الرابع: نظر أبو حنيفة إلى أن الوضوء إنما شرعه الله سبحانه فيما يبدو من الأعضاء في الغالب، والذي يبدو من الرأس تحت العمامة الناصية، ولا سيما وهذا يعتضد بالحديث الصحيح "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ فمسح ناصيته وعمامته".

المطلع الخامس: أنه إذا ثبت مسح الناصية فلا يتيقن موضعها؛ وإنما المقصود تعلق العبادة بالرأس؛ فقد ثبت مسح النبي - صلى الله عليه وسلم - الناصية، وهي نحو الربع، فيتقدر الربع منه أين كان، ومطلع الربع بتقدير الأصابع يأتي إن شاء الله.

ومطلع الجميع - يعني مسح جميع الرأس - أن الله سبحانه وتعالى علَّق عبادة المسح بالرأس، كما علق عبادة الغسل بالوجه؛ فوجب الإيعاب فيهما بمطلق اللفظ. وقول الشافعي: إن مطلق القول في المسح لا يقتضي الإيعاب عرفًا، فما علق به ليس بصحيح؛ إنما هو مبني على الأغراض، وبحسب الأحوال، تقول: مسحت الجدار، فيقتضي بعضه؛ من أجل أن الجدار لا يمكن تعميمه بالمسح حسًّا، ولا غرض في استيعابه قصدًا، وتقول: مسحت رأس اليتيم لأجل الرأفة، فيجزئ منه أقله بحصول الغرض به، وتقول: مسحت الدابة فلا يجزئ إلا جميعها؛ لأجل مقصد النظافة فيها، فتعلق الوظيفة بالرأس يقتضي عمومه بقصد التطهير فيه؛ ولأن مطلق اللفظ يقتضيه؛ ألا ترى أنك تقول: مسحت رأسي كله فتؤكده، ولو كان يقتضي البعض لما تأكد بالكل؛ فإن التأكيد لرفع الاحتمال المتطرق إلى الظاهر في إطلاق اللفظ.

ومطلع من قال: إن ترك اليسير من غير قصد أجزأه: أن تحقُّق عموم الوجه بالغسل ممكن بالحس، وتحقق عموم المسح غير ممكن؛ فسومح بترك اليسير منه دفعًا للحرج، وهذا لا يصح؛ فإن مرور اليد على الجميع ممكن تحصيله حسًّا وعادة.

ومطلع من قال: إن ترك الثلث من غير قصد أجزأه: قريب مما قبله، إلا أنه رأى الثلث يسيرًا، فجعله في حد المتروك، لما رأى الشريعة سامحت به في الثلث وغيره.

ومطلع من قال: إن مسح ثلثه أجزأه: إلى أن الشرع قد أطلق اسم الكثير على الثلث في قوله من حديث سعد: ((الثُّلُث، والثلث كثير)).

ولحظ مطلع أبي حنيفة في الناصية حسبما جاء في الحديث، ودل عليه ظاهر القرآن في تعلق العبادات بالظاهر، ومطلع قول أشهب في أن مَن مَسَحَ مقدمه أجزأه إلى نحو من ذلك تناصُفٌ ليس يخفى على اللبيب عند اطلاعه على هذه الأقوال والأنحاء المطلعات؛ أن القوم لم يخرج اجتهادهم عن سبيل الدلالات في مقصود الشريعة، ولا جاوزوا طرفيها إلى الإفراط؛ فإن للشريعة طرفين: أحدهما: طرف التخفيف في التكليف. والآخر: طرف الاحتياط في العبادات. فمن احتاط استوفى الكل، ومن خفَّف أخذ بالبعض، قلنا: في إيجاب الكل ترجيح من ثلاثة أوجه: أحدهما: الاحتياط. الثاني: التنظير بالوجه، لا من طريق القياس؛ بل من مطلق اللفظ في ذكر الفعل؛ وهو الغسل أو المسح، وذِكر المحل؛ وهو الوجه أو الرأس. الثالث: أن كل من وصف وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر أنه مسح رأسه كله. فإن قيل: فقد ثبت أنه مسح ناصيته وعمامته، وهذا نص على البعض؟ قلنا: بل هو نص على الجميع؛ لأنه لو لم يلزم الجميع لم يجمع بين العمامة والرأس، فلما مسح بيده على ما أدرك من رأسه وأمَرَّ يده على الحائل بينه وبين باقيه أجراه مجرى الحائل من جبيرة أو خف، ونقل الفرض إليه كما نقله في هذين.

جواب آخر: وهو أن هذا الخبر حكاية حال وقضية في عين؛ فيحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - مزكومًا، فلم يمكنه كشف رأسه؛ فمسح البعض ومرَّ بيده على جميع البعض، فانتهى آخر الكف إلى آخر الناصية، فأمر اليد على العمامة، فظن الراوي أنه قصد مسح العمامة، وإنما قصد مسح الناصية بإمرار اليد، وهذا مما يعرف مشاهدة؛ ولهذا لم يُروَ عنه قط شيءٌ من ذلك في أطواره بأسفاره على كثرتها. اهـ

[15] الروايتين والوجهين (1/ 72)، الإنصاف (1/ 161)، المغني (1/ 86)، الفتاوى الكبرى لابن تيمية (1/ 276)، الفروع (1/ 147).

وهناك رواية عن أحمد أنه يجزئ مسح بعضه، انظر ما سبق من المراجع.

[16] مختصر المزني (ص: 2)، المجموع (1/ 431)، الحاوي الكبير (1/ 114).

[17] المجموع (1/ 430)، الحاوي الكبير (1/ 114)، أسنى المطالب (1/ 33)، تحفة المحتاج (1/ 209).

[18] المسند (4/ 255).

[19] الحديث يرويه عن المغيرة: حمزة، وعمرو بن وهب، وعروة بن المغيرة، ومسروق، وخلق كثير بلغ مبلغ التواتر، ونكتفي من هذه الطرق بأشهرها، وما يهمنا في بحثنا هذا من ذكر الناصية.

الأول: طريق حمزة بن المغيرة عن المغيرة:

أخرجه أحمد كما في حديث الباب، ومسلم (274)، وأبو داود (150)، والترمذي (100)، والنسائي (107)، وأبو عوانة (1/ 259)، وأخرجه أيضًا (1/ 260) وابن الجارود (83)، وابن حبان (1346) من طريق يحيى بن سعيد القطان، ثنا التيمي، عن بكر، عن الحسن، عن ابن المغيرة، عن أبيه.

وأخرجه مسلم (274)، وأبو داود (150) من طريق المعتمر، عن أبيه (التيمي) به. وهذه متابعة من المعتمر ليحيى بن سعيد القطان.

وأخرجه أحمد (4/ 248) من طريق حميد، عن بكر، عن حمزة بن المغيرة، عن أبيه، وذكر حديثًا طويلاً، وفيه: ثم مسح على عمامته وخفيه... الحديث، ولم يذكر الناصية.

وهذه متابعة تامة من حميد بن أبي حميد للتيمي في شيخه بكر بن عبدالله.

ورواه يزيد بن زريع، عن حميد، واختلف على يزيد:

فأخرجه النسائي (108) أخبرنا عمرو بن علي وحميد بن مسعدة.

وأخرجه البيهقي (1/ 60) من طريق حميد بن مسعدة.

وأخرجه أبو عوانة (1/ 259)، والبيهقي في السنن (1/ 58) من طريق مسدد.

كلهم (مسدد وحميد بن مسعدة وعمرو بن علي) رووه عن يزيد بن زريع، عن حميد، عن بكر بن عبدالله، عن حمزة بن المغيرة، عن المغيرة بن شعبة.

وخالفهم محمد بن عبدالله بن بزيع، فرواه مسلم (274) عنه، عن يزيد بن زريع به إلا أنه جعل بدلاً من حمزة بن المغيرة جعل بدله عروة بن المغيرة.

قال النووي في شرح مسلم (3/ 170): قال الحافظ أبو علي الغساني: قال أبو مسعود الدمشقي: هكذا يقول مسلم في حديث ابن بزيع، عن يزيد بن زريع، عن حميد، عن بكر، عن عروة بن المغيرة، عن المغيرة، وخالفه الناس، فقالوا فيه: حمزة بن المغيرة بدل عروة، وأما أبو الحسن الدارقطني فنسب الوهم فيه إلى محمد بن عبدالله بن بزيع لا إلى مسلم. هذا آخر كلام الغساني.

قلت: كلام الدارقطني هو الذي تقتضيه قواعد علم الحديث؛ لأن الاختلاف فيه على يزيد بن زريع، رواه عنه جماعة بإسناد، وخالفهم محمد بن عبدالله بن بزيع، فالإمام مسلم بريءٌ من عهدته.

قال النووي: قال القاضي عياض: حمزة بن المغيرة هو الصحيح عندهم في هذا الحديث، وإنما عروة بن المغيرة في الأحاديث الأخرى، وحمزة وعروة ابنان للمغيرة، والحديث مروي عنهما جميعًا، لكن رواية بكر بن عبدالله إنما هي عن حمزة بن المغيرة، وعن ابن المغيرة، ولا يقول بكر: عروة، ومن يقول عنه: عروة، فقد وهم، وكذلك اختلف على بكر، فرواه معتمر في أحد الوجهين عنه، عن بكر، عن الحسن، عن ابن المغيرة، وكذا رواه يحيى بن سعيد عن التيمي، وقد ذكر هذا مسلم، وقال غيرهم: عن بكر عن ابن المغيرة. قال الدارقطني: وهو وهم. هذا آخر كلام القاضي عياض.

قلت: الوهم بعيد، وقد رواه يحيى بن سعيد عن التيمي، عن بكر، عن الحسن، عن ابن المغيرة، وفيه قال بكر: وقد سمعته من ابن المغيرة، فهذا بكر يصرح أنه سمعه من الحسن عن ابن المغيرة، وسمعه من ابن المغيرة نفسه بإسناد واحد مما يجعل الطريقين محفوظين، والله أعلم.

ورواية بكر عن ابن المغيرة أخرجها مسلم (274)، من طريق المعتمر.

وأخرجه أبو عوانة (1/ 259) والبيهقي (1/ 58) من طريق يزيد بن هارون، كلاهما عن سليمان التيمي، عن بكر بن عبدالله، عن ابن المغيرة به.

ولفظ مسلم قال بدلاً من ناصيته: (مقدم رأسه).

ولفظ أبي عوانة: ومسح مقدم رأسه، ووضع يده على العمامة، أو مسح على العمامة. اهـ

وأخرجه عبدالرزاق (749)، والحميدي (757)، وابن أبي شيبة (1/ 178) والنسائي في السنن الكبرى (110) عن سفيان بن عيينة، عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن حمزة بن المغيرة به، إلا أن إسماعيل بن محمد لم يذكر إلا المسح على على الخفين، ولم يذكر المسح على العمامة ولا على الناصية.

الطريق الثاني: عمرو بن وهب، عن المغيرة بن شعبة:

رواه ابن سيرين، عن عمرو، وله طرق إلى ابن سيرين.

فرواه أحمد (4/ 247) من طريق هشام بن حسان، عن محمد (ابن سيرين) قال: دخلت مسجد الجامع فإذا عمرو بن وهب الثقفي قد دخل من الناحية الأخرى، فالتقينا قريبًا من وسط المسجد، فابتدأني بالحديث، وكان يحب ما ساق إليَّ من خير، فابتدأني بالحديث، فقال: كنا عند المغيرة بن شعبة، وذكر حديثًا طويلاً وفيه: ومسح بناصيته وعلى العمامة والخفين... الحديث.

وأخرجه ابن حبان (1342) من طريق عوف وهشام عن محمد بن سيرين به.

وأخرجه النسائي (109) من طريق يونس بن عبيد، عن ابن سيرين به.

وأخرجه الطيالسي (699) عن سعيد بن عبدالرحمن، عن ابن سيرين به، بلفظ: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على العمامة والخفين.

فأخرجه أحمد (4/ 244)، وابن أبي شيبة (1/ 163) والنسائي في السنن الكبرى، كما في تحفة الأشراف، ولم أقف عليه في المطبوع في مظانه، والدارقطني (1/ 192)، والبغوي في شرح السنة (1/ 192) من طريق إسماعيل بن علية، أخبرنا أيوب، عن ابن سيرين به.

ورواه حماد بن زيد، عن أيوب، واختلف على حماد فيه:

فرواه الدارقطني (1/ 192) والبغوي في شرح السنة (232) من طريق يحيى بن حسان، عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن سيرين به، كما هي رواية ابن علية، بل كما هي رواية هشام بن حسان، وسعيد بن عبدالرحمن.

ورواه البيهقي (1/ 58) من طريق أبي الربيع، ثنا حماد بن زيد، ثنا أيوب، عن محمد، عن رجل، عن عمرو بن وهب، عن المغيرة.

وتابعه جرير بن حازم عند أحمد (4/ 248) حدثنا أسود بن عامر، ثنا جرير بن حازم، عن محمد بن سيرين، قال: حدثني رجل عن عمرو بن وهب به.

والراجح أن ابن سيرين قد سمع الحديث من عمرو بن وهب دون واسطة؛ للأسباب التالية:

أولاً: أن رواية هشام بن حسان ويونس بن عبيد، صرح كل منهما بأن محمد بن سيرين قد سمعه من عمرو بن وهب، وهما من أثبت أصحاب ابن سيرين على الإطلاق؛ بل إن في رواية هشام بن حسان قصة تؤكِّد أن ابن سيرين سمعه من عمرو بن وهب، قال محمد بن سيرين: دخلت المسجد، فإذا عمرو بن وهب الثقفي قد دخل من الناحية الأخرى، فالتقينا قريبًا من وسط المسجد، ثم ذكر الحديث.

ثانيًا: قد تابع هشام بن حسان ويونس بن عبيد كل من عوف وسعيد بن عبدالرحمن الجمحي، وهؤلاء الأربعة لم يختلف عليهم في الحديث من كون ابن سيرين يرويه عن عمرو بن وهب.

ثالثًا: أن ابن علية قد رواه عن أيوب، كما هي رواية الجماعة.

رابعًا: أن الاختلاف على حماد بن زيد، فتارة يرويه كما هي رواية الجماعة، وتارة يجعل واسطة بين محمد بن سيرين وعمرو بن وهب رجلاً مبهمًا، مما يدل على أنه لم يحفظ الحديث، إلا أن يكون الخطأ من تلميذ حماد، والله أعلم.

الطريق الثالث: عروة بن المغيرة، عن المغيرة:

وحديثه في الصحيحين، وليس فيهما المسح على الناصية؛ وإنما ذكر الوضوء والمسح على الخفين. انظر البخاري (182) ومسلم (274).

الطريق الرابع: مسروق، عن المغيرة:

حديثه في صحيح البخاري (363) ومسلم (274-78)، وليس فيها المسح على الناصية.

وقد رواه غير هؤلاء عن المغيرة بن شعبة حتى قال ابن عبدالبر في التمهيد (11/ 127): روي هذا الحديث عن المغيرة من نحو ستين طريقًا. اهـ وتتبع ذلك يطول؛ وإنما فصلنا الطريق الذي ورد فيه ذكر المسح على الناصية، والله أعلم.

[20] زاد المعاد (1/ 193).

[21] سنن أبي داود (147).

[22] في إسناده أبو معقل، لم يرو عنه إلا عبدالعزيز بن مسلم، ولم يوثقه أحد، فهو مجهول العين.

وقال ابن القطان: مجهول. وكذا نقل ابن بطال عن غيره. تهذيب التهذيب (12/ 264).

وقال الذهبي: لا يعرف. ميزان الاعتدال (4/ 576). وفي التقريب: مجهول.

وقد ذكره ابن أبي حاتم، فلم يذكر فيه شيئًا. الجرح والتعديل (9/ 448).

كما أن في إسناده عبدالعزيز بن مسلم الأنصاري، وليس القَسْمَلي، فيه لين إذا تفرد بالحديث، روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في الثقات (5/ 123)، ولم يوثقه غيره، وفي التقريب: مقبول؛ أي: حيث يتابع، وإلا فلين الحديث، ولم يتابع.

ومعاوية بن صالح صدوق له أوهام. فالإسناد ضعيف.

قال ابن السكن - كما في التنقيح لابن عبدالهادي (1/ 374) -: لا يثبت إسناده.

وقال ابن القطان: لا يصح. وضعفه ابن عبدالهادي. وقال ابن حجر في التلخيص (1/ 95): وفي إسناده نظر.

[تخريج الحديث]:

الحديث رواه أبو داود كما في إسناد الباب.

والحاكم في المستدرك (1/ 169) من طريق عثمان بن سعيد الدارمي، كلاهما عن أحمد بن صالح.

ورواه ابن ماجه (564) عن أبي الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح، كلاهما (أحمد بن صالح وأحمد بن عمرو بن السرح) عن ابن وهب به.

قال الحاكم: هذا الحديث وإن لم يكن إسناده من شرط الكتاب، فإن فيه لفظة غريبة: وهي أنه مسح على بعض الرأس، ولم يمسح على عمامته.

وأخرجه البيهقي (1/ 60- 61) من طريقين عن ابن وهب به.

انظر إتحاف المهرة (1996)، تحفة الأشراف (1725).

[23] زاد المعاد (1/ 194).

[24] المصنف (739).

[25] رجاله ثقات، إلا أنه مرسل، والمرسل لا حجة فيه، خاصة إذا كان المرسل من مثل عطاء بن أبي رباح رضي الله عنه، قال يحيى بن سعيد القطان: مرسلات مجاهد أحب إليَّ من مرسلات عطاء بكثير، كان عطاء يأخذ عن كل ضرب. تهذيب التهذيب (7/ 182) في ترجمة عطاء بن أبي رباح.

وقال أحمد: ليس في المرسلات شيء أضعف من مرسلات الحسن وعطاء؛ فإنهما كانا يأخذان عن كل أحد. المرجع السابق.

والأثر رواه ابن أبي شيبة (1/ 30) حدثنا عبدالله بن إدريس، عن ابن جريج، عن عطاء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ فرفع العمامة، فمسح مقدم رأسه.

ورواه البيهقي (1/ 61) من طريق مسلم - يعني ابن خالد - عن ابن جريج به. ومسلم وإن كان متكلمًا فيه فقد توبع.

[26] المصنف (7).

[27] ورواه ابن أبي شيبة (1/ 22) حدثنا عبدالله بن نمير، عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يمسح مقدم رأسه مرة واحدة، وهذا أيضًا إسناد صحيح عن ابن عمر.

ورواه ابن أبي شيبة (1/ 23) حدثنا وكيع، عن أسامة بن زيد، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يمسح مقدم رأسه مرة واحدة.

[28] فتح الباري (185).

[29] المائدة: 6.

[30] انتهى بتصرف يسير من السيل الجرار (1/ 84).

[31] المائدة: 6.

[32] الحج: 29.

[33] صحيح البخاري (185)، ورواه مسلم (235).

[34] الحج: 29.

[35] فتح البر بترتيب التمهيد (3/ 228).

[36] بتصرف يسير، انظر المرجع السابق (3/ 227).

[37] المرجع السابق (3/ 228).

[38] انظر حاشية ابن عابدين (1/ 120، 121)، البحر الرائق (1/ 26)، فتح القدير (1/ 33).

[39] الإشراف (1/ 8)، حاشية الدسوقي (1/ 98)، الذخيرة (1/ 262).

[40] الروايتين والوجهين (1/ 73)، الإنصاف (1/ 163)، رؤوس المسائل الخلافية (1/ 29).

[41] عده ابن كثير من مفردات الشافعي، انظر المسائل الفقهية التي انفرد بها الشافعي (ص: 68)، المجموع (1/ 432)، مختصر المزني (ص: 2).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من فروض الوضوء غسل الوجه
  • من فروض الوضوء غسل اليدين إلى المرفقين
  • من فروض الوضوء: غسل الرجلين
  • من فروض الوضوء الترتيب
  • من فروض الوضوء الموالاة
  • خروج دم الاستحاضة
  • ما هي أركان الوضوء؟
  • شرح حديث: ومسح برأسه واحدة
  • مسح الرأس والأذنين في الوضوء
  • تلخيص باب فروض الوضوء وصفته من الشرح الممتع

مختارات من الشبكة

  • فروض الكفايات ودورها في نهضة المجتمعات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النحو والفقه: سيبويه ومسألة مسح الرأس في الوضوء(مقالة - حضارة الكلمة)
  • شرح كتاب الدروس المهمة لعامة الأمة (فروض الوضوء) مترجما للغة الإندونيسية(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • شرح كتاب الدروس المهمة - فروض الوضوء(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • فروض الكفاية واحترام التخصص(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فروض الكفاية والاستخلاف الإنساني(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الفرض الكفائي والفرض العيني(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قاعدة مبسطة في صياغة وقبول أو رفض الفرض الصفري والفرض البديل(مقالة - موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر)
  • فروض البحث : ماهيتها وأنواعها وشروطها ومصادرها(مقالة - موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر)
  • فروض مضيعة (1)(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب