• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

دلالة المنطوق والمفهوم عند الأصوليين: عرض وتحليل

سالي جمال عبدالحفيظ

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/8/2016 ميلادي - 27/10/1437 هجري

الزيارات: 195481

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

دلالة المنطوق والمفهوم عند الأصوليين

عرض وتحليل

 

يعدُّ موضوع دلالات الألفاظ مِن أهمِّ المباحث الأصولية التي تميَّزت دراستُها بالعمق، وحظيت بالجهد الكبير مِن قِبَل الأصوليِّين واللغويين على حدٍّ سواء، وخلْف ذلك تَكمن عدة أسباب، تدور كلها حول مِحور الأهمية القاعدَية لتلك الدلالات في استنباط الأحكام من أدلتها الشرعية، فاستنباط الأحكام واستِخراجها من النصوص إنما يمرُّ عبر مراحلَ ومسالك متعدِّدة، تبدأ بمعرفة أوضاع الألفاظ بالنسبة للمعاني، ثم ماهية الاستعمال اللفظي لتلك المعاني، وأخيرًا طرُق الاستنباط عبر ما يُعرف بالدلالات، فهي بمثابة قواعد أصوليَّة لغوية ترسم منهجًا للاجتهاد في استثمار كافة طاقات النصِّ في الدلالة على المعنى.

 

ونظرًا لأن النصوص الشرعية متناهية، بعكس الأحداث والوقائع المستجدَّة، فإن البحث يذهب إلى النظر في النصوص، وما تَحتمله من معانٍ ومقاصدَ ودلالات يُستفاد منها في إيجاد فتاوى لمستجدَّات العصر ووقائعه المُتسارعة.

 

وإذا أمعنا النظر في تقسيمات الأصوليِّين للألفاظ، وجدناها على أربعة أضرب:

أولًا: تقسيم اللفظ باعتبار وضعه للمعنى: فيُقسَّمُ اللفظ إلى عام وخاص ومُشترك.

ثانيًا: تقسيمه باعتبار استعماله في المعنى: فيُقسَّم إلى حقيقة ومَجاز، وإلى صريح وكناية.

ثالثًا: تقسيمه باعتبار ظهور المعنى وخفائه: فيُقسم إلى واضح ومُبهم ومؤول، وعند الحنفية يُقسَّم الواضح إلى ظاهر ونص ومفسَّر ومُحْكم.

أما المُبهَم، فعند الجمهور يقسم إلى المُجمل والمُتشابه، ويقسم عند الحنفيَّة إلى خفيٍّ ومُشكل ومجمَل ومتشابه.

 

رابعًا: تقسيمه باعتبار دلالته على المعنى: اختلفَت طرق الدلالة عند الحنفيَّة عنها عند المتكلمين، فعند الحنفية طرق الدلالة هي: دلالة العبارة، ودلالة الإشارة، ودلالة النص، ودلالة الاقتضاء، أما عند المتكلِّمين، فهي: المَنطوق والمفهوم.

 

وهذا التقسيم الأخير هو الذي بنى عليه الأستاذ الدكتور: حسن السيد حامد خطاب أستاذ الدراسات الإسلامية بكلية الآداب جامعة المنوفيَّة بحثه المسمى بـ(دلالة المنطوق والمفهوم عند الأصوليِّين وأثرها في استنباط الأحكام الفقهية)، وهو بحث منشور بمجلة سياقات، العدد الأول والثاني والثالث لسنة 2008م 2009م.

 

وقد أشار د. خطاب في مقدمته إلى الأسباب التي دفعته إلى اختيار هذا الموضوع، والتي تدور كلها حول أهمية باب المنطوق والمفهوم في إبراز المعاني المُستفادة من النص الشرعي، ومدى وثاقة التلازم بينهما، ودقة فهم العلماء القدامى لتلك المعاني، ورصدهم لها، مما يؤكِّد إدراك الأصوليِّين للقيمة الدلالية الثرَّة للنص القرآني، وأثرها في فهم النُّصوص الشرعية، واستنباط الأحكام تبعًا لذلك.

 

ثم أكَّد على أن علم أصول الفقه تربطه باللغة العربية عُرًى علميةٌ وثيقة، مبيِّنًا فضل كلٍّ منهما على الآخر، ومؤكِّدًا على حاكمية علم أصول الفقه على باقي العلوم الشرعيَّة، وأن باب المَنطوق والمفهوم له أهمية كبيرة في الدرس الأصوليِّ والفقهي، وكذلك عند اللغويين.

 

ولما كان ارتباط علم أصول الفقه بعلم اللغة العربية ظاهرًا جليًّا في دراسة أنواع الدلالات، أكَّد الباحث على خطورة الاقتصار على الجانب اللغويِّ فقط في هذا النوع من الدراسات، مشيرًا إلى أن الاحتكام إلى قواعد اللغة والوقوف عندها دون مراعاة القواعد الأصولية التي ترعى فلسفة التشريع ومُقتضيات العدل والمصالح المعتبرة للحكم - يؤدي في كثير من الأحيان إلى إنكار بعض الدلالات، ثم استشهد بنصوص من كلام الجويني والغزالي تؤكد ارتباط العِلمَينِ: اللغة العربية وأصول الفقه، ثم عقب بقوله: "الحاصل أنه يَجب أن يَشتمِل البحث الأصولي على القواعد الأصوليَّة مع فلسفة ومقاصد التشريع، والأصْل اللغوي الذي يُفهم منه تلك القواعد، ولا يُمكن فصل علم الأصول عن علوم اللغة، أو فهم الأحكام من النصوص باللغة وحدَها، وإلا لما كان هناك حاجة إلى علم الأصول أصلًا، مع مُراعاة أن علم الأصول ليس علمًا لغويًّا صرفًا، فقواعد الأصول ليست كقَواعد النحو يتوصَّل بها إلى المعنى الظاهر من القول، ولكنَّها مناهج يتوصَّل بها إلى دلالات التشريع ومفاهيمه ولو لم يَتناولها النص بعبارته ومنطوقه"[1]؛ ولهذا جُعل العلم بأسرار العربية شرطًا أساسيًّا من شروط الاجتهاد، ومع ذلك أتت مناهج الأصوليِّين أكثر بيانًا على الاستدلال مما تناوله علماء اللغة لدلالة السياق على معانيه المنطوقة والمفهومة.

 

كما أكَّد على أهمية دلالات المنطوق والمفهوم؛ نظرًا لأنهما أداتان مُهمتان مِن أدوات تلقِّي الخطاب عن الشارع، وبالتالي يترتَّب عليهما استنباط أحكام شرعيَّة كثيرة، والسر في تنوع تلك الدلالات بالمنطوق والمفهوم هو تنوُّع المعاني المستفادة من الشرع، وأن النص الشرعيَّ متعدِّد المعاني، ومعجز من جوانب لا تحصى، ثم أشار من طرْف خفيٍّ إلى الخلاف الحاصل بين الجمهور والحنفيَّة، والخاص بتقسيم تلك الدلالات.

♦ ♦ ♦

 

صدَّر الكاتب بحثه بتمهيدٍ عرَّف فيه الدلالة لغة واصطلاحًا، وبيَّن اختلاف الأصوليِّين في تعريف الدلالة، وأثَر ذلك، ثم تعرض لبيان أقسام الدلالة، ففرَّق بين دلالة اللفظ والدلالة باللفظ، وكيف أن الدلالة باللفظ سببٌ، ودلالة اللفظ مسبَّبٌ عنها.

 

ثمَّ جاء بحثه في ثلاثة مطالب، قسَّم الأول منها إلى ثلاثة فروع؛ ففي الفرع الأول عرَّف المنطوق لغةً واصطِلاحًا، وتعرَّض للاختلاف الوارد بين أئمَّة الأصول في تعريف المَنطوق اصطِلاحًا، واعتراض الآمديِّ عليها، ثم الترجيح، مدعِّمًا ذلك بالأمثلة التطبيقية على عدد من النصوص القرآنية.

ثم انتقل في الفرع الثاني إلى أقسام المنطوق، وتحدَّث عن قِسْمَيْهِ الأساسيين الصريح وغير الصريح.

 

فتناول أولًا اختلاف الأصوليِّين في تقسيم المنطوق الصريح، فمنهم من قال: الصريح نوعان: ما دلَّ على معناه بالمطابقة، وما دل على معناه بالتضمُّن، كابن الحاجب والكمال بن الهمام، ومنهم من سلك مسلكًا آخر كالآمدي؛ حيث قسم دلالة المفرد إلى دلالة لفظية ودلالة غير لفظية، واعتبر المطابقة والتضمُّنية لفظية، ودلالة الالتزام غير لفظية، وعند تقسيمه لدلالة المنطوق جعلها تسعة أصناف: الأمر، والنهي، والعام، والخاص، والمُطلَق، والمقيَّد، والمجمَل، والمبيَّن، والظاهر.

أما المنطوق غير الصَّريح، فإن دلالته تتنوع إلى أنواع ثلاثة: دلالة الإشارة، ودلالة الإيماء، ودلالة الاقتضاء.

 

أما المطلب الثاني، فقسَّمه إلى ثلاثة فروع: الفرع الأول في تعريف المفهوم لغة واصطلاحًا، وانتهى إلى التعريف المُرتضى عنده، يقول: "فهو معنى مُستفاد من اللفظ بطريق اللزوم أو بالتعريض والتلويح، يعني أنه معنى غير منطوق به، ولكنه لازم عن اللفظ بمُقتضى الشرع، أو العقل، فهو مُستفاد بالتعريض لا التصريح"[2]، ثم تتطرَّق لضرب بعض الأمثلة التي توضح معنى المفهوم، وتُقرِّب الصورة للقارئ.

 

أما الفرعان الثاني والثالث، فقد جعَلهما للحديث عن قِسْمَي المفهوم المُوافق والمُخالف؛ ففي الفرع الثاني ذكَر عدة تَعريفات لمفهوم الموافَقة عند الأصوليِّين، ولعلَّ أوضحها هو: "ما يكون مدلولُ اللفظ في محل السكوت موافقًا لمدلوله في محلِّ النُّطق"[3]، وكذا تعريف إمام الحرمين: "ما يُستفاد من اللفظ وهو مَسكوت عنه"[4]، ثم بيَّن اختلاف المصطلحات الدالة على مفهوم الموافَقة، والتي تتغيَّر مِن مذهب إلى آخر، وإن كان مدلولها واحدًا، فمثلًا سمَّاه العُكبَريُّ بمفهوم الخطاب، ويُسمى عند الحنفيَّة بدلالة النصِّ، أما عامة الأصوليين، فيُطلقون عليه فحوى الخطاب، وذكر الشنقيطي أنه يُسمى عند الشافعي القياس في معنى الأصل، وهو بعينِه مفهوم الموافَقة، ويُسمى أيضًا القياس الجلي، ثم ذكر عددًا من الأمثلة التطبيقية لمفهوم الموافقة؛ كما في قوله تعالى: ﴿ فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ ﴾ [الإسراء: 23]، فقد دلَّت الآية بمنطوقها على تَحريم التأفُّف، ودلَّت بالمفهوم الموافق على تحريم الضرب والإيذاء ونحوهما بطريق الأَولى؛ حيث إن الحكم المسكوت عنه أَولى من المَنطوق.

 

ثم ساق الأدلة على حجيَّة مفهوم الموافَقة، ورد على مُنكِريه من أمثال الظاهرية وغيرهم، وقد جعل الجزء الثالث من هذا الفرع في بيان دلالة مفهوم المُوافَقة: أهي دلالة لفظيَّة أم قياسيَّة؟ وذكر أن الخلاف فيها جاء على ثلاثة أقوال: الأول منها يرى أنها دلالة قياسية؛ ولهذا رجَّح الإمام الشافعي أن هذا هو القياس الجليُّ، والقول الثاني: يرى وجوب التفصيل، فالقِسم الأول منه دلالته لفظية، والثاني دلالتُه قياسيَّة، أما القول الثالث: فيرى أن دلالة مفهوم المُوافَقة دلالة لفظية قولًا واحدًا، وهو الراجح لأمرَين:

الأول منهما: أن القياس لا يُشترط فيه أن يكون المعنى المناسب للحكم في الفرع أشدَّ مناسبة له من حكم الأصل إجماعًا.

 

والثاني: الأصل في القياس ألا يكون مندرجًا في الفرع وجزءًا منه إجماعًا، وهذا النوع من الاستدلال قد يكون ما تُخيِّل أصلًا فيه جزءًا مما تُخيِّل فرعًا.

 

والنقطة الرابعة التي تحدَّث عنها في هذا الفرع هي قطعية تلك الدلالة؛ دلالة مفهوم الموافقة أو ظنيتها، فذكر مثالًا لكل من النوعين، وقرَّر وجودهما ووقوعهما عقلًا وشرعًا.

 

أما المحور الخامس، فكان عن أنواع مفهوم المُوافقة، فذكَر له نوعين، تحدث عن كل منهما بالتفصيل، فبدأ بمفهوم الموافَقة الأَولوي، فعرَّفه بأنه: المفهوم من اللفظ من غير تأمُّل ولا استِنباط، بل يسبق إلى الفهم حكم المسكوت مع المنطوق من غير تراخٍ، ثم ساق عددًا مِن الأمثلة عليه، منها: دلالة قوله تعالى: ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ ﴾ [آل عمران: 75]، على عدم تأدية القنطار وما زاد على الدينار فإنه يدلُّ بطريق الأولى، ثم ثنَّى بمفهوم الموافَقة المُساوي، فعرَّفه بكون المفهوم مساويًا للمنطوق، ومثَّل له بقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا ﴾ [النساء: 10]، دلَّت الآية بالمنطوق على تحريم أكل مال اليتيم، وبالمفهوم المساوي على تحريم إحراق مال اليتيم، والحكمان مُتساويان؛ لأن المعنيَينِ مُتساويان، فالكل - الأكل والإحراق - إتلافٌ للمال، فهما مُتساويان في المعنى والحكم.

 

ولعلَّ مِن نافلة القول التنبيه على أن مفهوم الموافقة الأَولويَّ غالبًا ما يُطلق عليه اسم فحوى الخطاب؛ لأن فحوى الكلام: معناه؛ كذا في الصِّحاح، وفي الأساس: عرفت ذلك في فحوى كلامه؛ أي: فيما تنسَّمت من مراده بما تكلَّم به، أما مفهوم الموافَقة المساوي، فيُسمَّى بلحْن الخطاب؛ لأن لحن القول: ما فُهم من القول بضربٍ من الفطنة، فهل هناك فرق بين فحوى الخطاب ولحْن الخطاب؟ هذا ما تطرَّق إليه الدكتور حسن خطاب في بحثه عن الدلالات، فقال: "فرَّق الماوردي والروياني بين فحوى الخطاب ولحْن الخطاب مِن وجهَين: أولهما: أن الفحوى ما نبَّه عليه اللفظ، واللحن ما لاح في اللفظ، والثاني: أنَّ الفحوى ما دل على ما هو أقوى منه، واللحن ما دلَّ على مثله"[5].

 

هذا، وقد جاء الفرع الثالث من هذا المطلب للحديث عن مفهوم المخالفة، فتعرض أولًا لما عرَّفه به الأصوليون، وكان من أهم تلك التعريفات تعريف الآمدي بأنه: ما يكون مدلول اللفظ في محل السكوت مخالفًا لمَدلوله في محلِّ النطق.

 

ويُسمى بمفهوم المخالَفة؛ لأن حكم المسكوت عنه يُخالف حكم المنطوق، وسُمِّي بدليل الخطاب؛ لأن دليله من جنس الخطاب، أو لأن الخطاب دلَّ عليه، ويُسمَّى كذلك بتنبيه الخطاب.

 

ومِن أوضح الأمثلة التي ذكرها الباحث عليه: ما جاء في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ ﴾ [الحجرات: 6]، فقد دلَّت بمَنطوقها على وجوب التثبُّت في خبر الواحد، لا سيما إذا كان فاسقًا، ودلَّت بالمفهوم المخالف على أنه إذا كان عدلًا فإن خبره يُقبَل.

 

ولمَفهوم المُخالفة أنواع كثيرة تعتبر أساليب له أو قرائن للعمل به تبعًا لتعدُّد القيود الواردة في النص؛ من الوصْف أو الشرط أو العدد أو الغاية؛ فالنوع الأول هو مفهوم الوصف، وهو: أن يدلَّ تقييد حكم المَنطوق بوصفٍ على ثبوت نقيضه عند انتِفاء ذلك الوصف، كما في قوله تعالى: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ﴾ [البقرة: 197]، يدلُّ بمفهوم المخالفة على أنه لا يصحُّ الإحرام بالحج في غير الأشهُر المعلومات، أما النوع الثاني، فهو: مفهوم الشرط، والمراد هنا الشرط النحويُّ، لا الشرط الشرعي ولا العقلي، والشرط النحوي: ما دخل عليه أحد الحرفَين: (إن) أو (إذا)، أو ما يقوم مقامهما مما يدلُّ على سببية الأول في الثاني، ومِن أمثلة ذلك: قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ ﴾ [الطلاق: 6]، يُفهم منه أن غير الحوامل لا نفقةَ لهنَّ، والنوع الثالث هو: مفهوم العدد، والمراد به: تعليق الحكم بعدد مخصوص؛ بحيث يَنتفي الحكم إذا تغيَّر ذلك العدد، وأغلب ما يكون في المقدَّرات الشرعية؛ كالعقوبات والكفارات والمَواريث؛ كما في قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ﴾ [النور: 4]، فالزيادة في العقوبة عن العدد المقدَّر ظلمٌ يَلحق المحكومَ عليه، ويَتنافى مع العدل الواجب، وكذا النقص عنه إهدار للعُقوبة ومخالفة للنص، أما النوع الرابع، فهو: مفهوم الغاية، ومَعناه عند الأصوليِّين: مدُّ الحكم إلى غاية بصيغة (إلى) أو (حتى)؛ فيكون ما بعد الغاية مخالفًا في الحكم لما قبلها، وهذه الدلالة لغوية، ومن أمثلته: قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ﴾ [البقرة: 187]، فهي تدلُّ على أن الصيام لا يكون في الليل، وخامِس هذه الأنواع هو: مفهوم اللقب، ويُراد به: الحكم بالاسم العلم أو النوع، كما في قولك: قام زيدٌ، وهو أضعف مَراتب مفهوم المخالفة، وسادسها هو: مفهوم الحصْر، وهو تقْييد الحكم وحَصرُه بـ (ما وإلا)، أو (إنما)، نحو: ما قام إلا زيد، وإنما القائم زيدٌ، وأقوى صيغ الحصْر: النفي والإثبات، نحو: (لا إله إلا الله).


جعل الباحث المطلب الثالث لعقد المقارنة بين منهج الجمهور ومنهج الحنفيَّة، وانتهى إلى أن الخلاف لفظيٌّ في إجراء التقسيمات، وأن التنزيل العمليَّ لواقع النصوص لا يظهر فيه أثر لذاك الخلاف التقسيمي؛ وإنما ظهر أثر الخلاف في حجيَّة مفهوم المخالفة، يقول أستاذنا الدكتور حسن خطاب: "لكن المحصلة في النهاية أن ما يُسمَّى بالمنطوق عند الشافعية شاملٌ لدلالة العبارة والإشارة والاقتضاء عند الحنفية، فمثلًا دلالة الإيماء عند الشافعية هي: قسم مِن أقسام المنطوق غير الصريح، وتَندرِج تحت عبارة النص عند الحنفية، وأما مفهوم الموافَقة عند الجمهور، فهو بعينه دلالةُ النص عند الحنفيَّة، وإن كان يرى البعض من الحنفية والشافعية أن مفهوم الموافَقة أو دلالة النص قسمٌ مِن أقسام دلالة المنطوق؛ لوضوح دلالتها على المعنى؛ وعلى هذا يكون المفهوم عندهم قسمًا واحدًا، وهو مفهوم المخالفة فقط، وعلى هذا فإن الجمهور والحنفية مُتفقون على أن طرق الدلالة على الأحكام أربعة، وإن اختلفت مناهجهم في التنويع والتقسيم والأسامي، واتَّفقوا أيضًا على صحة الاحتجاج بها جملة"[6].

 

ومن الأمثلة التي استشهد بها الكاتب لبيان ذاك الأثر: الاختلاف في حكم ثمرة النخل المبيع قبل تأبيره وبعده، فذهب الجمهور إلى أن الثمرةَ بعد التأبير للبائع؛ عملًا بمنطوق قوله صلى الله عليه وسلم: ((مَن ابتاع نخلًا بعد أن تؤبَّر، فثمرتُها للبائع، إلا أن يَشترط المبتاع، ومَن ابتاع عبدًا وله مال، فماله للذي باعه إلا أن يَشترط المُبتاع))[7]، وتكون قبل التأبير للمُشتري؛ عملًا بمفهوم المخالفة، بينما يرى أبو حنيفة أنها للبائع قبل التأبير وبعده، فعمل بالمَنطوق، ولم يعمل بالمفهوم؛ بناءً على أصله من عدم العمل بمفهوم المخالفة.

 

وفي الفرع الثاني من هذا المبحث بيَّن مراتب الدلالات في الاحتجاج، فأصَّل أولًا أن الدلالة على اختلاف أنواعها تُفيد معنًى ثابتًا بها قطعًا أو ظنًّا، لكنها مُتفاوتة في قوة الاحتجاج بها؛ لتَفاوُتِها في وجه دلالتها على المعنى أو الحكم الدالة عليه، ثم نبَّه على الخلاف الجاري بين الأصوليِّين في ترتيب الدلالات، وخلَصَ إلى أن أقوى الدلالات دلالةُ المنطوق الصريح الثابت بالعبارة، تَليها دلالة الإشارة، ثم دلالة النص، فدلالةُ الاقتضاء، ومثَّل لكلٍّ منها بنصٍّ شرعي، أظهر فيه أثر إعمال تلك الدلالة.

 

ثم ذكر مراتب مفهوم المخالفة عند القائلين به، فجعل مفهوم الصِّفة أقواها، وأضعفها مفهوم اللقب، وذكر عشرة أصنافٍ لمفهوم المُخالفة، وهي: الاسم العام مُقترنًا بصفة خاصة، ومفهوم الشرط والجزاء، ومفهوم الغاية، ومفهوم إنما، والتخصيص بالأوصاف التي تطرَأ وتزول، ومفهوم اللقب، ومفهوم الاسم المشتق الدال على الجنس، ومفهوم الاستِثناء، وتعليق الحكم بعدد خاص، ومفهوم حصر المبتدأ في الخبر، وذكر رأيًا للإمام أحمد في هذا الترتيب يُفيد تقديم مفهوم الغاية، وإعمال مفهوم اللقب.

 

وفي ظنِّي أنه كان يَنبغي ذكر هذا الخلاف عند الحديث عن مفهوم المخالَفة وطرقه في المبحث الثاني، لعل ذكره هنا كان بسبب اتِّسَام هذا المبحث بالتنزيليَّة العملية، فرأى الباحث أن ذكرها هنا أنسَب وأوجَه.

 

وأَنهى الكاتب هذا المبحث بفرعٍ ثالثٍ تطبيقيٍّ، ذكر فيه بعض الآثار المترتِّبة على تفاوت أنواع المفهوم المخالف، ومن النصوص التي ظهر فيها هذا الأثر: قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا ﴾ [النساء: 35]، فخصَّ الخُلعَ بحالة الشقاق، واتَّفق العلماء أنه جائز مع الأُلفة، وألزموا مَن قال بدليل الخطاب، ومَن نفاه قالوا: وكانت الحكمة من ذكر الشقاق مع جواز الخُلْع مع عدمه أنه الغالب من أحواله، فجَرى الكلام على الغالب، وألحق به النادر؛ لأنه مثله في توقُّعالتقصير عن إقامة حدود الله تعالى.

 

وفي الخاتمة ذكر نتائج بحثِه، والتي من أهمِّها:

• مراعاة التقارب بين البحث الأصولي والبحث اللغوي.

• أنَّ تنوُّع الدلالات من النصوص، تارة بالمنطوق، وتارة بالمفهوم - تدل على تنوُّع المعاني المستفادة من الشرع.

 

• اختلاف الأصوليين في ترتيب الدلالات بحسب قوتها وتعدد آرائهم في بيان أقواها وأضعفها، وما يقوم منها عند التعارُض يدلُّ على أنه لا يُمكن لكل أحد أن يقوم بهذه المهمة؛ وإنما لا بد من توافُر شروط الاجتهاد.

 

• تبين مدى دقة البحث الأصولي في فهم دلالات السياق، وأنها على اختلاف أنواعها تُفيد معنًى ثابتًا بها قطعًا أو ظنًّا، وإن كانت مُتفاوتة في قوة الاحتِجاج بها؛ نظرًا لتفاوتها في وجه دلالتها على المعنى أو الحكم الذي تدلُّ عليه.



[1] دلالة المنطوق والمفهوم عند الأصوليين وأثرها في استنباط الأحكام الفقهية؛ أ. د. حسن السيد حامد خطاب، أستاذ الدراسات الإسلامية بكلية الآداب جامعة المنوفية، بحث منشور بمجلة سياقات، العدد الأول والثاني والثالث لسنة 2008م 2009م.

[2] دلالة المنطوق والمفهوم عند الأصوليين وأثرها في استنباط الأحكام الفقهية.

[3] الإحكام في أصول الأحكام؛ لأبي الحسن علي بن محمد الآمدي، (3/ 74)، طبعة دار الكتاب العربي، بيروت، 1404هـ، تحقيق: د. السيد الجميلي.

[4] البرهان في أصول الفقه؛ لعبدالملك بن عبدالله بن يوسف الجويني، أبي المعالي، (1/ 298)، دار الوفاء بالمنصورة، الطبعة الرابعة، 1418هـ، تحقيق: عبدالعظيم محمود الديب.

[5] دلالة المنطوق والمفهوم عند الأصوليِّين وأثرها في استنباط الأحكام الفقهية.

[6] دلالة المنطوق والمفهوم عند الأصوليين وأثرها في استنباط الأحكام الفقهية.

[7] أخرجه البخاري، كتاب المساقاة، باب الرجل يكون له ممرٌّ أو شرب في حائط أو نخل، (2/ 838)، ومسلم، كتاب البيوع، باب من باع نخلًا وعليه ثمر، (3/ 1172)، وسنن الترمذي، كتاب البيوع، باب بيع النخل بعد التأبير والعبد وله مال، (3/ 546)، وسنن النسائي، كتاب البيوع، باب العبد يُباع ويستثني المشتري مالَه، (7/ 297).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • دلالة الاقتران ووجه الاحتجاج بها عند الأصوليين
  • دلالات اللفظ والسياق عند الأصوليين ( مدخل وتمهيد )
  • دلالة الأمر عند الأصوليين
  • صلات الأدلة بالدلالة عند الأصوليين وأثرها في بناء التعلمات
  • المراحل المتبعة في حصة فهم المنطوق
  • المنطوق والمفهوم وأنواع الدلالة

مختارات من الشبكة

  • أنواع الدلالات وما تدل عليه من معان(مقالة - حضارة الكلمة)
  • دلالة الاقتضاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدلالة وعلم الدلالة: المفهوم والمجال والأنواع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أسماء الله كلها حسنى(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • الدلالة المركزية والدلالة الهامشية بين اللغويين والبلاغيين(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • أثر المقاصد في تحديد دلالة الألفاظ: دلالة الأمر والنهي أنموذجا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أثر السياق في دلالة الحقيقة ودلالة المجاز(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح قاعدة: لا عبرة للدلالة في مقابلة التصريح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدلالة الصوتية في اللغة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الجاحظ وعلم الدلالة(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب