• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم حديث
علامة باركود

يحيى بن سعيد القطان وعبدالرحمن بن مهدي والرواية عن المحدثين الضعفاء (1 /12)

حسن مظفر الرزّو

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/4/2010 ميلادي - 21/4/1431 هجري

الزيارات: 20502

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

يحيى بن سعيد القطان وعبدالرحمن بن مهدي

والرواية عن المحدثين الضعفاء

قال علي بن المديني: "لم يُرَ مثل يحيى بن سعيد وعبدالرحمن بن مهدي"

"تاريخ بغداد للخطيب البغدادي" (10: 244)


بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة:

بدأ علم الجرْح والتَّعديل يستأْثِرُ باهتمام الباحثين في عموم رُقْعة العالم الإسلامي، في وقتِنا هذا، فنشطت حركة تَحقيق المخطوطات المبثوثة في مكتبات العالَمين الإسلامي والغربي، واحْتشدت دور النَّشر بِحجْم كبير من دواوين الضُّعفاء، والكتُب المصنَّفة في طبقات رواة الحديث ونقلته، وكجُزْء تكميلي لتحْقيق هذه الأسفار الجليلة، عمد الباحثون إلى التَّعليق على عبارات المؤلِّفين، باعتِماد ما شاع من كتُب الرِّجال، كميزان الاعتدال للحافظ الذَّهبي، وتَهذيب التَّهذيب لخاتِمة الحفَّاظ ابن حجر العسقلاني، والرَّفع والتَّكميل في الجَرْح والتَّعديل لأبي الحسنات اللكنوي.

 

وقد غفل البعضُ عن اعتماد قواعدَ مُحْكمة قبل إصدار الحُكْم النَّقدي بشأن هذا المحدِّث أو ذاك، وعمدوا مسرعين إلى إلْصاق تهمة الضَّعف بهذا المحدث، أو توثيق ذلك، دون مكابدة مفردات الجرْح والتَّعديل التي تقتضي ضرورة تعاهُد كتُب أئمَّة نقْد الرِّجال وصيرفتِهم، والانكباب على دراسة ما نقل عنهم بأناةٍ؛ للوقوف على ما اصْطلحوا عليه، وضبْط مناط إلْصاق التُّهمة براوي الحديث لدى هذا النَّاقد وذاك، فاختلطت الأقوال وتضاربتْ، وازدادت الغشاوة عمقًا بين المفاهيم الأساسيَّة لِعِلْم الجرح والتَّعديل، لدى أصحابِه الذين أشادوا بنْيانه الشَّامخ، وبيْن مَن تَجرَّأ على الولوج فيه دون دليلٍ مُرْشد، فاحتشدت الأوْهام في النُّصوص المحقَّقة، بعد اعتِقادنا بأن استِخْدام أساليب الطِّباعة الحديثة، وتَحقيق الباحثين سيَقِينا من غائلة تصْحيفات النسَّاخ وهفواتهم.

 

ونتبيَّن بوضوح مصدر الخطورة في عصْرِنا الرَّاهن عندما نقارن بين الأوْهام الشَّائعة في عصور السَّلف الصالح، عندما كان يصحِّف النَّاسخ غير الخبير بهذا الشَّأن، فيجْعل جلاس بن عمرو خلاسًا - بالخاء المعجمة - أو يصحِّف الصفير - بالفاء - بالصغير - بالغين المعجمة - وهو أمرٌ قد يخفى على المبتدئ بالصِّناعة، غير أنَّ نقَّاد هذا العِلْم وجهابذته لا يَخفى عليْهِم مثل هذه التَّصحيفات.

 

أمَّا أوهام عصرنا، فتنْشأ عن خلْط بين ثلاثة من كِبار أئمَّة هذا الشَّأن، فلا يفرِّق المحقِّق بين: يحيى بن سعيد الأنصاري، ويحيى بن سعيد القطَّان، ويحيى بن معين.

 

فإذا وردت عبارة من عبارات أئمَّة هذا الشَّأن منقولة عن يحيى، ألْحقها تارةً بالأوَّل، ومرَّة بالثَّالث، وأخرى بالثَّاني، دون النَّظر إلى مَن نُقِلَت عنْه الرِّواية، أو طبقته.

 

إذًا؛ أصْبحنا أمام منعطف كبير، أشدّ خطورةً من تصحيفات النسَّاخ، التي كان لها أئمَّة نقَّاد بالمرصاد، فنحن الآن نفتقد إلى نقَّاد كشُعبة بن الحجَّاج، وسفيان الثوري، ويحيى بن سعيد القطان، ويحيى بن معين، وغيرهم، وهيهات أن يجود الزَّمان بمثلهم مرَّة ثانية!

 

مع اكتِساب الكتُب المحقَّقة لشرعيَّة علميَّة لا تقبل الدَّحْض؛ وذلك لصدورِها عن مؤسَّسات علميَّة رصينة، وإعْدادها كمتطلَّبات نيل الشَّهادة العالمية - الدكتوراه - أو أنَّ الَّذي أعدَّها قد امتلك ناصية العلم، حسب اعتِقاده، بحصوله على تلك الشَّهادة، فأقْحم نفسَه في هذا الميْدان دونَما اعتِماد معيار نقْدي دقيق، أو أن يكلِّف نفسَه عناء البحْثِ والتَّنقير في كتُب الرِّجال ودواوين الضُّعفاء.

 

أرجو أن يعذرني السَّادة القرَّاء على تَجاوُزي بالنقد، بَيْد أنَّ هذه هي الحقيقة التي تقتضي من باحثينا الأفاضل بذْلَ المزيد من الجهود، في الوقوف على مصطلحات أئمَّة هذا الفَنِّ، والانكِباب على دراسة المزيد من كتُب الجرْح والتَّعديل وتعاهُدها؛ لكي تنمو لديْهم ملكة صيرفة الرِّجال بمكابدة ما نقل عنهم، غير أنَّ هذا لا يُلْغِي الجهود المباركة الَّتي عكف على بذْلِها شيوخٌ أفاضل في هذا الميدان؛ كالشَّيخ عبدالفتاح أبو غدّة، الذي انطبعت هوامشه على: "الرَّفع والتكميل"، و "الأجوبة الفاضلة"، و "قواعد في علم الحديث" وغيرها في حافظتي، وكانت إشاراتُه وستبْقى ضياءً مباركًا يُنير الدَّرب أمام الباحثين النقَّاد في ميدان علوم الحديث ورجالِه.

 

لذا؛ فمِن أجل إرْساء قواعدَ رصينة في ميدان الجرْح والتَّعديل، والتجرُّؤ على وضْع لبنة في البناء الشَّامخ لا تخرج عمَّا شيَّده السلف الصالح من علماء الأمَّة ونقَّادها، عكفتُ على إعداد هذه الرِّسالة؛ لإزالة ما غمض من الأقْوال المنقولة عن إمامَي عصرهما، وجهابذة علوم الحديث درايةً ورواية: يحيى بن سعيد القطَّان وعبدالرحمن بن مهدي، في تضعيف هذا المحدِّث والرواية عن ذاك؛ لكي تكون بداية لدِراسات أكثر شمولاً، نتعاهَد فيها بالسَّبر والتَّمحيص التُّراث المبارك الذي ورِثناه عن جهابذة هذا الفنِّ ونقَّاده، فنَفِيد منه بإرساء قاعدة بيانات نتَّكئ إليْها عند إصدارنا حكمًا نقديًّا بشأن حمَلة الحديث، ولنفتح الباب برفْق أمام دراسة الحديث النَّبوي الشَّريف بِمعايير سلَفِنا الصَّالح، وبأدواتنا التي تُفِيد من الحاسوب الإلكتروني، والذَّكاء الاصطِناعي، والتقنيات المعلوماتيَّة الحديثة.

 

ونسأل الله تعالى أن يُعينَنا على إخلاص النيَّة في توظيف كلِّ هذه التقنيات والآليات؛ خدمةً لشريعته الغرَّاء، وسنَّة نبيِّه المصطفى صلَّى الله عليْه وسلَّم.

وآخِر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين.

 

الفصل الأوَّل

يحيى بن سعيد القطَّان وعبدالرحمن بن مهْدي بين أئمَّة الحديث

1 - توطئة:

زخر القرْنُ الثَّاني الهجري بِحركة نقديَّة نشِطة في دائرَتي دراية الحديث وروايته، وكان الإمامان يحيى ين سعيد القطَّان وعبدالرحمن بن مهْدي من روَّاد هذه الحركة وجهابذتها.

 

وسنحاول في هذا المقام إلْقاءَ الضَّوء على المواطن المهمَّة من سيرة هذَيْن النَّاقدين؛ لكَيْ يقِف القارئ على النِّقاط المضيئة في حياتِهِما.

 

2 - مَن هو يحيى بن سعيد القطَّان؟

هو الحافظ، إمام النقَّاد، أبو سعيد، يحيى بن سعيد بن فرُّوخ، التميمي مولاهم، البصْري، القطَّان، الأحْول، ولد في بداية سنة عِشْرين ومائة؛ كما نقل عنه عمرو بن علي الفلاس[1].

 

عُنِي بالحديث أشدَّ عناية، فلازم الإمامَ شُعْبة بن الحجَّاج عشرين سنة، يسمع حديثَه ويدوِّنه في أصوله، دون أن يَزيد على سماع أكْثَرَ من ثلاثةَ عشرَ حديثًا في كلِّ يوم[2]، واستفاد من علمه في صيْرفة الرِّجال، وقد رحل في طلَب الحديث، فساد الأقران، وانتهى إليه الحِفْظ والإتقان، مع علوِّ كعْبه في عِلَل الحديث ونقْد الرِّجال.

 

سمع هشام بن عُرْوة، وعطاء بن السَّائب، والأعمش، وحُميد الطَّويل، وسفيان الثوري، وسعيد بن أبي عروبة، وخلْقًا يصعُب حصرهم[3]، وحدَّث عنه من شيوخه: شعبة، والسُّفيانان، ومِن أقْرانه: المعتمر بن سليمان، وعبدالرحمن بن مهدي.

 

وقد تخرَّج به الحفَّاظ؛ كأبي بكر بن أبي شيْبة، وعلي بن المديني، وأحمد بن حنبل، وعمرو بن علي الفلاس، ومسدَّد، وغيرهم كثير[4].

 

قال أحمدُ بن حنبل[5]: "ما رأيتُ في هذا الشَّأن مثلَ يحيى بن سعيد"، وقال في موطن آخر[6]: "إلى يحيى بن القطَّان المنتهى في التثبُّت"، وقال علي بن المديني - شيخ البخاري -[7]: "ما رأيتُ أثبت من يحيى بن القطَّان".

 

وذكر أنَّ سفيان الثوري لمَّا قدِم البصرة سأل عن رجُل يذاكره الحديث، فأُتِي بيحيى بن سعيد، فذاكره، فلمَّا خرج، قال لهم: "قلت لكم: جيئوني بإنسانٍ فجئْتموني بشيطان!"؛ لانبهارِه بحفظه وإتقانه[8].

 

أمَّا معاصره عبدالرَّحمن بن مهدي، فقال ليحيى بن معين، عندما سأله عنه: "لا ترى بعيْنيْك مثل يحيى بن القطَّان أبدًا".

 

ولعلوِّ شأنِه في هذا المضمار، فقد رضي به إمامُ الصَّنعة شعبة بن الحجَّاج حكمًا بيْنه وبين مخالِفِيه، فقضى عليْه، فقال له شعبة: "ومَن يُطيق نقْدَك يا أحول؟"[10].

 

توفي - رحِمه الله - في صفر سنةَ ثمانٍ وتِسْعين ومائة[11].

 

3 - مَن هو عبدالرحمن بن مهدي؟

هو الإمام النَّاقد، سيِّد الحفَّاظ، أبو سعيد، عبدالرحمن بن مهْدي بن حسَّان بن عبدالرَّحمن العنبري، وقيل: الأزْدي، مولاهم، البصْري، اللؤلؤي[12]، ولِد سنة خمسٍ وثلاثين ومائة؛ قاله أحمد بن حنبل، وأبو الوليد الطَّيالسي[13].

 

سمِع الحديثَ من أئمَّة عصْرِه؛ كشُعْبة بن الحجَّاج، وسفيان الثَّوري، وحمَّاد بن سلمة، وأبان بن يزيد، ومالك بن أنس، وهشام الدسْتوائي، وأممٍ سواهم، وحدَّث عنه: عبدالله بن المبارك، وابن وهب، وعلي بن المديني، ويحيى بن مَعين، وأحمد بن حنبل، وابن أبي شيبة، وخلْق يتعذَّر حصرُهم[14].

 

كان عبدالرحمن بن المهْدي أحد صيارفة الحديث ورجالِه بشهادة أئمَّة عصره؛ قال الإمام الشَّافعي - رضي الله عنْه -[15]: "لا أعرف له نظيرًا في هذا الشَّأن"، وقال علي بن المديني[16]: "كان علم عبدالرحمن بن المهدي في الحديث كالسحر"، وقال أحمد بن حنبل[17]: "عبدالرحمن بن المهدي إمام".

 

توفِّي - رحِمه الله - في رجب سنة مائةٍ وثَمان وتِسعين، وهو ابن ثلاثٍ وستين سنة، قاله الخطيب البغدادي[18]، بيْنما ذهب الذَّهبي، وابنُ حجر العسقلاني أنَّ وفاتَه كانت في جُمادى الآخرة من نفس السَّنة[19]، والله أعلم.

 

4- المكانة التي تبوَّأها يحيى بن القطَّان وابن مهْدي في تاريخ هذا الفن:

بدأت إرْهاصات التَّفتيش عن أحْوال الرجال في الرِّواية، والبحْث عن النَّقل في الأخبار، منذ عهد الصَّحابة الكرام - رضي الله عنهم - رغبةً منْهم في ذبِّ الكذِب عن سنَّة المصْطَفى - صلَّى الله عليْه وسلَّم.

 

قال مجاهد - فيما أخْرجه الإمام مسلم[20]-: جاء بشير بن كعب العدوي إلى عبدالله بن عبَّاس - رضي الله عنْهُما - فجعل يحدِّث ويقول: قال رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - فجعل ابن عبَّاس لا يأْذَن لحديثه، ولا ينظُر إليْه، فقال: يا بن عبَّاس، ما لي لا أراك تسمع حديثي؟! أحدِّثُك عن رسول الله صلَّى الله عليْه وسلَّم ولا تسمع! فقال ابن عبَّاس: "إنَّا كنَّا مرَّة إذا سمعنا رجُلاً يقول: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ابتدرتْه أبصارنا، وأصغيْنا إليْه بآذاننا، فلمَّا ركب النَّاس الصَّعب والذَّلول، لم نأخُذ من النَّاس إلاَّ ما نعرف".

 

كانت هذه البداية على طريقِ إرْساء قواعد تلقِّي الرواية وتحمُّلها ونقْد الرِّجال، وقد أخذ كبار التابعين بهذا المسلك، واستنُّوا بسنَّة الصَّحابة الكرام بالتيقُّظ في الروايات؛ كسعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وسالم بن عبدالله بن عمر، وعبيدالله بن عبدالله بن عتبة، وخارجة بن زيد بن ثابت، وعرْوة بن الزُّبير، وغيرهم.

 

ثم أخذ عنْهم العلم، وتتبُّع طرق الحديث ونقْد الرِّجال: الزُّهري، ويحيى بن سعيد الأنْصاري، وهشام بن عرْوة، وسعد بن إبراهيم.

 

كانت هذه المرْحلة خطوة أولى في حِفْظ السنن، والرِّحلة فيها، والتَّفتيش عنْها، مع مرافقة اليقظة وانتِقاء رواة الحديث، والإعْراض عمَّن رُمِي بشبهة.

 

وشهِدت المرْحلة التي تلَتْها بداياتِ الكلام في الرَّجُل والرَّجُلين لإلْفات انتِباه طلبة الحديث إلى رُؤوس المبتدعة، ومَن رُمِي بالكذِب في روايته، فتكلَّم الحسَن البصْري وطاوس في معبدٍ الجهني، وتكلَّم سعيد بن جبير في طلْق بن حبيب، وتكلَّم إبراهيم النَّخعي وعامرٌ الشَّعبي في الحارث الأعْور.

 

جاء بعد هؤلاء روَّاد عِلْم الجرْح والتَّعديل، فبدؤوا بالتَّنقيب في الأسانيد عمَّن اتُّهم ببدعة أو خروج عن دائرة الجماعة باعتِقاد فاسد، وعن الرُّواة الذين اتُّهموا بالكذب، منهم: محمَّد بن سيرين، وسفيان الثوري، ومالك بن أنس، وشُعبة بن الحجَّاج، وحمَّاد بن سلمة، وحمَّاد بن زيد، واللَّيث بن سعد، وسُفْيان بن عُيَينة.

 

من بين هؤلاء كان شعبة بن الحجَّاج أميرًا للمُؤْمِنين في صنعة الحديث وفنونِه، فهو أكثر رحلة من الإمام مالك في طلَب الحديث، وأكْثر تفتيشًا عن الرِّجال وأحوالِهم.

 

وقد تلقَّى عن هؤلاء الرَّسمَ في الحديث، والتنقيرَ في الرِّجال، والتفتيش عن الضُّعفاء، وبيان مناط ضعْفهم: يحيى بن سعيد القطَّان، ووكيع بن الجرَّاح، وعبدالرحمن بن مهدي، فبدأت على أيديهم إرْهاصات المصطلح النقْدي لصيرفة الرِّجال، والتَّفتيش عن مواطن العلَّة في الآثار.

 

وقد نقل اللكْنوي في كتاب "الرَّفع والتَّكميل" تصنيفًا لطبقات نقَّاد الرجال وأساطينِه بين متشدِّد ومتوسِّط[21]، فبوَّأ في الطبقة الأولى: شعبة بن الحجَّاج، وسفيان الثَّوري، وكان شعبة أشدَّ من صاحبه، وتقاسم الطَّبقة الثانية: يحيى بن سعيد القطَّان، وعبدالرحمن بن مهدي، واعتبر ابن القطَّان منارًا للتشدُّد، بيْنما جعل ابن مهدي متربِّعًا على مقام التوسُّط، أمَّا الطَّبقة الثَّالثة، فأصحابُها يحيى بن معين في تشدُّده، وأحمد بن حنبل فيما عُرِف عنه من توسُّطه.

 

إذًا؛ بات واضحًا أنَّ هذين الإمامين قد تبوَّأا مقامًا عاليًا بين أئمَّة الحديث، وهما شاهدان على الطبقة الثَّانية لجهابذة هذا الفن، في جَميع جوانبِها التي تتأرْجَح بين توسُّط مقبول، وتشدُّد رصين يحرص على درْء الشُّبهات عن التراث النبوي الشَّريف.

 


[1] تاريخ بغداد، 10/ 134.

[2] نفس المرجع، 10/ 136.

[3] سير أعلام النبلاء، 9/ 176، تهذيب التهذيب، 11/ 216.

[4] تهذيب التهذيب، 11/ 217.

[5] سير أعلام النبلاء، 9/ 176.

[6] تاريخ بغداد، 10/ 139، سير أعلام النبلاء، 9/ 177.

[7] سير أعلام النبلاء، 9/ 181.

[8] تهذيب التهذيب، 11/ 218.

[10] الجرح والتعديل، 1/ 232، شرح علل الترمذي، 192.

[11] تهذيب التهذيب، 11/ 219، سير أعلام النبلاء، 9/ 187.

[12] الجرح والتعديل، 1/ 251، تاريخ بغداد، 10/ 240، سير أعلام النبلاء، 9/ 192، تهذيب التهذيب، 6/ 279.

[13] سير أعلام النبلاء، 9/ 193، تاريخ بغداد، 10/ 240.

[14] تهذيب التهذيب، 6/ 279، سير أعلام النبلاء، 9/ 193

[15] سير أعلام النبلاء، 9/ 194.

[16] تهذيب التهذيب، 6/ 281.

[17] شرح علل الحديث، 158.

[18] تاريخ بغداد، 10/ 248.

[19] سير أعلام النبلاء، 9/ 206، تهذيب التهذيب، 6/ 281.

[20] صحيح مسلم، 1/ 81.

[21] الرفع والتكميل، 306.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • يحيى بن سعيد القطان وعبدالرحمن بن مهدي والرواية عن المحدثين الضعفاء (5 /12)
  • يحيى بن سعيد القطان وعبدالرحمن بن مهدي والرواية عن المحدثين الضعفاء (6 /12)
  • يحيى بن سعيد القطان وعبدالرحمن بن مهدي والرواية عن المحدثين الضعفاء (8 /12)
  • يحيى بن سعيد القطان وعبدالرحمن بن مهدي والرواية عن المحدثين الضعفاء (9 /12)
  • يحيى بن سعيد القطان وعبدالرحمن بن مهدي والرواية عن المحدثين الضعفاء (10/12)
  • يحيى بن سعيد القطان وعبدالرحمن بن مهدي والرواية عن المحدثين الضعفاء (11/12)
  • يحيى بن سعيد القطان وعبدالرحمن بن مهدي والرواية عن المحدثين الضعفاء (12/12)
  • وصلة البداية لمقدمة النهاية في علم الرواية لأبي الجود محمد بن إبراهيم الأنصاري

مختارات من الشبكة

  • يحيى بن سعيد القطان وعبدالرحمن بن مهدي والرواية عن المحدثين الضعفاء (7 /12)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يحيى بن سعيد القطان وعبدالرحمن بن مهدي والرواية عن المحدثين الضعفاء (4/12)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يحيى بن سعيد القطان وعبدالرحمن بن مهدي والرواية عن المحدثين الضعفاء (3/12)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يحيى بن سعيد القطان وعبدالرحمن بن مهدي والرواية عن المحدثين الضعفاء (2/12)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة موطأ الإمام مالك برواية يحيى بن يحيى الليثي (النسخة 11)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • زوائد الموطأ على الصحيحين: موطأ الإمام مالك رواية يحيى بن يحيى الليثي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الموطأ برواية يحيى بن يحيى الليثي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الموطأ برواية يحيى بن يحيى الليثي (النسخة 10)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الموطأ برواية يحيى بن يحيى الليثي (النسخة 9)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الموطأ برواية يحيى بن يحيى الليثي (النسخة 8)(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
4- سبب الإشكال
أبو محمد عبد الفتاح آدم - الصومال 13-04-2010 09:47 PM

جزاك الله خيرا أخ عاكف
وقد قرأتها مرة أخرى وهي صحيحة كما قلت ولكن ينبغي أن توضع هذه العلامة - قبل (فبدؤوا في التنقيب) وقبل (منهم محمد بن سيرين وسفيان الثوري) لئلا يقع لبس أو إشكال أو تشويش كما وقعت فيه. أو يمكن تأخير كلام المعترض لتتضح الصورة أكثر.
وشكر الله لكم وسدد خطاكم.

3- نرجو قراءة الموضوع مرة أرخى قبل التعليق
عاكف - السعودية 08-04-2010 07:25 PM

الأخ الكريم عبد الفتاح المقدشي
يبدو أنك أخطأت في فهم مرجع الضمير في سياق الكلام
فإن قول الكاتب (عن الرواة الذين اتهموا بالكذب) متعلق بقوله السابق (فبدؤوا في التنقيب) وأما قوله (منهم محمد بن سيرين وسفيان الثوري) فهو متعلق بأول الكلام وهو قوله (جاء بعد هؤلاء رواد علم الجرح والتعديل)
وعليه فالعبارة صحيحة لا إشكال فيها، فأعد قراءتها مرة أخرى مع التأمل
وشكر الله سعيك

2- مجرد تنبيه
أبو محمد عبد الفتاح آدم المقدشي - الصومال 08-04-2010 12:36 PM

قولك : وعن الرُّواة الذين اتُّهموا بالكذب، منهم: محمَّد بن سيرين، وسفيان الثوري، ومالك بن أنس، وشُعبة بن الحجَّاج، وحمَّاد بن سلمة، وحمَّاد بن زيد، واللَّيث بن سعد، وسُفْيان بن عُيَينة.
هؤلاء جبال معروفون ولم يُتهموا بالكذب قط , ولعله سهو منكم .
والصواب
ومن هؤلاء الرواد في هذا العلم الشريف : حمد بن سيرين , وسفبان الثوري , ....إلخ
وجزاكم الله خيراًُ على ما قدَّمت لنا من الفوائد في هذا الفن العظيم.

1- شكر
حمود - السعودية 07-04-2010 03:33 PM

جزاكم الله خيراً على الفائدة وبارك في جهودكم

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب