• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم قرآن
علامة باركود

إبطال بعض الآثار الجاهلية بتشريعات إسلامية

أ. د. محمد نبيل غنايم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/8/2008 ميلادي - 1/8/1429 هجري

الزيارات: 43534

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إبطال بعض الآثار الجاهلية بتشريعات إسلامية

 

﴿ مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ * ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ﴾ [الأحزاب: 4 - 6]


في هذه الآيات الثلاث يُبطل الله تعالى بعضَ الأوضاع التي كانت سائدة في الجاهلية؛ كالظهار، والتبني، ويشرع محلها تشريعات بديلة؛ هي: الطلاق، وإثبات النسب الصحيح، والأخوة في الدين، وتقديم النبي صلى الله عليه وسلم في الحب والطاعة على من سواه، وأمومة زوجات النبي صلى الله عليه وسلم لسائر المؤمنين والمؤمنات، وإثبات التوارث بالقرابة والرحم بدل العصبية أو الهجرة.


وقد مهد الله تعالى لإبطال هذه الأوضاع بحقيقة حسية وأمر بدهي؛ وهو أنه لا يكون للشخص الواحد قلبان ﴿ مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ﴾ [الأحزاب: 4]، فإن أمر الرجل الواحد لا ينتظم ومعه قلبان، فكيف ينتظم أمر العالم وله إلهان معبودان.

والمعنى أنه لا يمكن الجمعُ بين اتباعَيْن متضادين اتباع الوحي والقرآن، واتباع أهل الكفر والطغيان؛ فكنى عن ذلك بذكر القلبين؛ لأن الاتباع يصدر عن الاعتقاد، والاعتقاد من أفعال القلوب، فكما لا يجتمع قلبان في جوف واحد، كذلك لا يجتمع اعتقادان متضادان في قلبٍ واحد، فيكون نفيُ اجتماع القلبين في شخص واحد صالحًا لنفي ما قبله وهو اتباع الله واتباع الكافرين، ولنفي ما بعده وهو الظهار وغيره.


قال العلماء[1]: هذا مثل يضربه الله تعالى للناس؛ أي: كما لا يكون لشخص واحد قلبان كذلك لا تكون المرأة التي ظاهر منها زوجها أما، ولا يكون الإنسان بالتبني ابنا، ومن ادعى ذلك أو قاله كان قوله لا أساس له ولا صحة: ﴿ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ ﴾ [الأحزاب: 4]، أما ما شرعه الله فهو الحق الهادي إلى سواء السبيل، وهو العدل عند الله والناس. وإليك بيان ذلك: أما ما أبطله الله تعالى من آثار الجاهلية فهو: الظهار والتبني.


والظهار: هو قول الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي[2]. يريد تحريمها على نفسه كما أن أمه محرمة عليه؛ يقال: ظاهر من امرأته، أو تظاهر منها، وتظهّر، وكانت العرب تطلق نساءها في الجاهلية بهذا اللفظ، فحرم الإسلام ذلك، وأنكره، وجعله منكرًا من القول وزورًا، فليست الزوجة أمًّا لزوجها، ولن تكون، فكيف يجعلها أما أو كالأم؟ فقال هنا: ﴿ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ ﴾ [الأحزاب: 4].



وفصل ذلك في صدر سورة المجادلة[3] فقال: ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ * الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ﴾ [المجادلة: 1، 2]، ثم أوجب على من يقع في هذا المنكر كفارة لا تحل له زوجته إلا بأدائها فقال: ﴿ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [المجادلة: 3، 4]

وقد كان لهذا التحريم مناسبة وسبب؛ روى الإمام أحمد عن خولة بنت ثعلبة قالت: فِيَّ والله وفي أوس بن الصامت أنزل الله صدرَ سورة المجادلة، قالت: كنت عنده، وكان شيخًا كبيرًا قد ساء خلقُه، قالت: فدخل علي يوما فراجعته بشيء فغضب فقال: أنت علي كظهر أمي، قالت: ثم خرج فجلس في نادي قومه ساعة ثم دخل علي فإذا هو يريدني عن نفسي، قلت: كلا والذي نفس خويلة بيده، لا تخلص إلي وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه، قالت: فواثبني فامتنعت بما تغلب به المرأة الشيخ الضعيف، فألقيته عني، ثم خرجت إلى بعض جاراتي، فاستعرت منها ثيابًا، ثم خرجت حتى جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلست بين يديه فذكرت له ما لقيت منه، وجعلت أشكو إليه ما ألقى من سوء خلقه، قالت: فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يا خويلة ابن عمك شيخ كبير فاتقِ الله فيه))، قالت: فوالله ما برحت حتى نزل فيَّ القرآنُ، فتغشى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ما كان يتغشاه ثم سري عنه فقال لي: ((يا خويلة قد أنزل الله فيك وفي صاحبك قرآنا)) ثم قرأ علي ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ ﴾ [المجادلة: 1] إلى قوله: ﴿ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [المجادلة: 4]، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مريه فليعتق رقبة))، قالت: فقلت يا رسول الله ما عنده ما يعتق، قال: ((فليصم شهرين متتابعين))، قالت: فقلت: والله إنه لشيخ كبير ما به من صيام. قال: ((فليطعم ستين مسكينا وسقا من تمر))، قالت: فقلت: والله ما ذاك عنده، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فإنا سنعينه بفرق من تمر))، قالت: فقلت يا رسول الله وأنا سأعينه بفرق آخر، قال: ((قد أصبت وأحسنت، فاذهبي فتصدقي به عنه ثم استوصي بابن عمك خيرا)) قالت: ففعلت[4].

قال ابن كثير: هذا هو الصحيح في سبب نزول هذه السورة، قال ابن عباس: أول من ظاهر من امرأته - أي من المسلمين - أوس بن الصامت أخو عبادة بن الصامت، وامرأته خولة بنت ثعلبة بن مالك، فلما ظاهر منها خشيت أن يكون ذلك طلاقا - كما كان الأمر في الجاهلية - فأتت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله إن أوسًا ظاهر مني وإنا إن افترقنا هلكنا، وقد نثرت بطني منه وقدمت صحبته وهي تشكو ذلك وتبكي، ولم يكن جاء في ذلك شيء، فأنزل الله تعالى ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ ﴾ [المجادلة: 1] إلى قوله: ﴿ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [المجادلة: 4]، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أتقدر على رقبة تعتقها؟))، قال: لا والله يا رسول الله ما أقدر عليها، قال: فجمع له رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أعتق عتقه، ثم راجع أهله، وكان هذا الظهار في الجاهلية طلاقا، فأبطل الله تعالى ذلك، وجعل الظهار كلامًا فاحشًا وقولا منكرًا يستوجب الكفارة، وشرع الطلاق عند الحاجة بأسلوب آخر وتفاصيل أخرى ليس هذا محلها.


أما التبني: فهو ادعاء نسبة الولد لمن ليس والدًا له، وهو أثر آخر من آثار الجاهلية التي أبطلها التشريع الإسلامي بهذه الآية الكريمة.


فقد كان في المجتمع الجاهلي -ولا يزال- أبناء لا يعرف لهم آباء، وكان الرجل يعجبه أحد هؤلاء فيتبناه، ويدعوه ابنه ويلحقه بنسبه فيتوارثان توارث النسب.

كما كان في المجتمع الجاهلي أيضا أبناء لهم آباء معروفون ولكن كان الرجل يعجب بأحد هؤلاء فيأخذه لنفسه ويتبناه ويدخل في أسرته، وكان هذا يقع بخاصة في السبي حين يؤخذ الأطفال والفتيان في الحروب والغارات، فمن شاء أن يلحق بنسبه واحدًا من هؤلاء دعاه ابنه وأطلق عليه اسمه، وعرف به، وصارت له حقوق البنوة وواجباتها. فأبطل الإسلام تلك العادة وحرمها لما يترتب عليها من مظالم كتحليل الحرام وتحريم الحلال؛ وذلك بإثبات حقوق الابن الشرعي لذلك المتبنى وهو لا يستحقها؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ﴾ [الأحزاب: 4]، وقال: ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ﴾ [الأحزاب: 40].

وقال: ﴿ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ ﴾ [الأحزاب: 4] يعني: تبنيكم لهم قولٌ لا يقتضي أن يكون ابنًا حقيقيًّا؛ فإنه مخلوق من صلب رجل آخر، ولا يمكن أن يكون له أبوان، كما لا يمكن أن يكون لأحد من البشر قلبان، وفي بيان سبب نزول هذه الآية نجد عددًا من الروايات أهمها ما روى البخاري عن عبد الله بن عمر قال: إن زيد بن حارثة رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد، حتى نزل القرآن: ﴿ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ ﴾ [الأحزاب: 5][5]. وقد كانوا يعاملونهم معاملة الأبناء من كل وجه في الخلوة بالمحارم وغير ذلك، ولهذا لما نسخ هذا الحكم أباح تبارك وتعالى الزواج بزوجة الدعي، وقد تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش مطلقةِ زيد بن حارثة رضي الله عنه، وقال عز وجل: ﴿ لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ﴾[الأحزاب: 37]


وقال تبارك وتعالى في آية التحريم: ﴿ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ ﴾ [النساء: 23] احترازًا عن زوجة الدعي، فإنه ليس من الصلب. هذا ما أبطله الإسلام من الظهار والتبني وما يتبع ذلك من آثار على المرأة والمتبني ومتبنيه، فماذا شرع الإسلام في مقابل ذلك.


1 - أوجب الإسلام على المظاهر كفارة مغلظة  - كما رأينا - حتى يتمكن من العودة إلى زوجته والاستمرار في العلاقة الزوجية.


2 - شرع الإسلام الطلاق عند الحاجة إليه وسيلة لإنهاء العلاقة الزوجية بصورة مشروعة لها مواصفاتها؛ قال تعالى: ﴿ الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ﴾ [البقرة: 229].


3 - أمر الله تعالى أن ينسب الأبناء إلى آبائهم الشرعيين إذا عُرِفوا؛ فذلك هو الحق والعدل، عدل للوالد الذي نشأ هذا الولدُ من بَضْعة منه حية، وعدل للولد الذي يحمل اسم أبيه ويرثه ويورثه ويتعاون معه ويكون امتدادًا له وتمثيلا لخصائصه وخصائص آبائه وأجداده.


4 - أمر الله تعالى أن نعد الأبناء الذين لا يعرف لهم آباء إخوانًا في الدين وأعوانًا على الخير؛ فقال: ﴿ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ﴾ [الأحزاب: 5]، وقد أرسى الإسلام دعائم الأخوة في الله وقواعدها منذ الهجرة إلى المدينة، ثم عممها على كل المستويات وفي كل زمان ومكان، وجعلها من أعظم آياته ونِعَمه على المسلمين فقال:﴿ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً ﴾ [آل عمران: 103]، وقال: ﴿ إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات: 10]، وهي علاقة أدبية شعورية لا تترتب عليها التزامات النسب بالدم التي كانت الجاهلية تلحقها بالتبني أيضًا.


5 - أمر الله تعالى بحب رسول الله صلى الله عليه وسلم حُبًّا أعظمَ من كل شيء، فهو أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وولايته عليهم مقدمة على جميع ولايات النسب، ولن يكون المرء مؤمنا حتى يكون حبه لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم أكثر من حبه لما سواهما؛ ففي الصحيح ((والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين)). وفي الصحيح أيضا أن عمر رضي الله عنه قال: يا رسول الله والله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي، فقال صلى الله عليه وسلم: ((لا يا عمر؛ حتى أكون أحب إليك من نفسك))، فقال: يا رسول الله: والله لأنت أحب إلي من كل شيء حتى من نفسي. فقال صلى الله عليه وسلم: ((الآن يا عمر)).


ولاية النبي صلى الله عليه وسلم عامة تشمل رسم منهاج الحياة بحذافيرها، وتشمل مشاعرهم وعواطفهم، وتشمل التزاماتهم؛ كما جاء في الصحيح: ((ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة؛ اقرءوا إن شئتم ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ﴾ [الأحزاب: 6]؛ فأيُّما مؤمنٍ ترك مالا فليرثه عصبتُه من كانوا، وإن ترك دينًا أو ضياعًا فليأتني فأنا مولاه))، والمعنى أنه يؤدي عنه دينه إن مات وليس له مال يفي بدينه، ويعول عياله من بعده إن كانوا صغارًا.


6 - وجعل الله تعالى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم أمهات للمؤمنين والمؤمنات لهن من الوقار والاحترام والحب والتحريم ما للأمهات ويزدن عنهن شرف الانتساب للنبي صلى الله عليه وسلم الذي مقامه عند الله وعند المؤمنين أعلى وأغلى من كل شيء وسيأتي بيان بعض ما لهن من الحقوق فيما بعد.


7 - جعل الله تعالى التوارث بين أولي الأرحام؛ فالقريب أولى من غير القريب، وبذلك أبطل ما كان في الجاهلية من أن المال لمن يحارب ويحمل السلاح في الدفاع عن القبيلة، وما كان في صدر الإسلام من التوارث بسبب الأيمان والهجرة والمؤاخاة في الله، وجعل الميراث للأقرب فالأقرب ﴿ وَأُولُو الأَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﴾ [6].


8 - وفي النهاية يقرر القرآن الكريم أن ما أمر الله تعالى به وما نهى عنه هو الحق ولا حق غيره، وهو العدل ولا عدل سواه، وهو حكم الله تعالى في لوحه المحفوظ في السموات العلى أو المنزل المسطور في كتابه الكريم، فمن عمل به فقد أصاب واستحق الفوز والفلاح، ومن أخطأ فلا إثم عليه ولا مؤاخذة ما دام ناسيا أو مكرها أو مخطئا، أما الإثم والمؤاخذة فعلى من يتعمد الوقوع فيما حرم الله تعالى ونهى عنه، قال تعالى: ﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ [البقرة: 286]، وفي الحديث: ((إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإن اجتهد فأخطأ فله أجر))، وفي الحديث الآخر: ((إن الله تعالى رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه))، وقال تعالى: ﴿ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾ [الأحزاب: 5].


تلك هي الأمور التي تضمنتها الآيات الكريمة من آثار الجاهلية التي أبطلها التشريع الإسلامي وما تضمنته من آثار تشريعية إسلامية جاء بها القرآن الكريم علاجا أو بديلا لتلك التي أبطلها.

 


[1] فتح القدير للشوكاني جـ 4 صـ 260.

[2] القرطبي جـ 14 صـ 118 وجـ 17 ص 279.

[3] المجادلة 1 - 4.

[4] تفسير ابن كثير جـ 4 صـ 319، فتح القدير جـ 5 صـ 184.

[5] انظر فتح القدير جـ 4 صـ 262، والقرطبي جـ 14 صـ 119.

[6] الأنفال 75.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سوق عكاظ من الأعياد الجاهلية
  • السيرة ووجوب معرفة أحوال الجاهلية (1)
  • لمحات من روائع تشريعاتنا (1)
  • تاريخ العرب في الجاهلية: بين التشويه والتنزيه؟
  • جوانب من حياة العرب في الجاهلية
  • التحذير من عادات الجاهلية

مختارات من الشبكة

  • كتاب تهذيب الآثار: أثر من آثار الطبري في خدمة السنة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة مباني الأخبار في شرح معاني الآثار ج18 ( شرح معاني الآثار )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الآثار الإسلامية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • إبطال مزاعم الجاهلية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفهوم الأثر عند المحدثين وبعض معاني الأثر في القرآن(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • محاضرات في الدفاع عن القرآن: المحاضرة الثانية: إبطال دعاوى تحريف المصحف الإمام ودحضها(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • وحدانية الله وإبطال مقالات النصارى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جَنَى الخُرْفَة في إبطال القولَ بالصَّرْفة (بحث محكم - ومقرر دراسي للدراسات العليا) (PDF)(كتاب - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • مختارات من كتاب: الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان للعلامة بكر أبو زيد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إبطال الدين النصراني بكلمة القرآن الكريم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب