• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / تاريخ
علامة باركود

جوانب من تطور تاريخ الوقف في مصر

جوانب من تطور تاريخ الوقف في مصر
الطاهر زياني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/4/2015 ميلادي - 29/6/1436 هجري

الزيارات: 10186

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

جوانب من تطور تاريخ الوقف في مصر


وفي المجال التعليمي والاجتماعي مع الاستثماري: بنى الأمير جمال الدين شويخ بن صيرم، المدرسة الصيرمية، وبنى شمس الدولة المدرسة المسرورية، قال المقريزي (4/ 224):" فجعلت مدرسة بعد وفاته بوصيته، وأن يوقف الفندق الصغير عليها "، كما استمر الوقف في حفر الآبار وشق الأنهار وغيرها لأجل المدارس:

فمن ذلك المدرسة الكاملية: قال ابن تغري بردي (6/ 230) عند:" سلطنة الملك العادلِ الكاملُ على مصر من سنة خمس عشرة وستمائة:" وقال الحافظ عبد العظيم المنذري:" بنى دار الحديث بالقاهرة يعني بذلك المدرسة الكاملية ببين القصرين.. قال: وأجرى الماء من بركة الحبش إلى حوض السبيل والسقايه، وهما على باب القبة المذكورة، ووقف غير ذلك من الوقوف على أنواع من أعمال البر بمصر وغيرها ".

 

وقال المقريزي في المواعظ والاعتبار (4/ 219):" وتعرف بدار الحديث الكاملية، أنشأها السلطان الملك الكامل ناصر الدين... سنة اثنتين وعشرين وستمائة، وهي ثاني دار عملت للحديث. فإن أوّل من بنى داراً على وجه الأرض، الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي بدمشق، ثم بنى الكامل هذه الدار ووقفها على المشتغلين بالحديث النبويّ، ثم من بعدهم على الفقهاء الشافعية، ووقف عليها الربع الذي بجوارها..".

 

ثم بنيت المدرسة القوصية أنشأها الأمير الكرديّ والي قوص... إلى غير ذلك من المدارس الكثيرة.

 

كما استمر انتشار وقف الكتب والمكتبات: قال ابن تغري (6/ 277) في أحداث سنة 628 عن عبدالرحيم بن علي بن الدخوار الطبيب:" كان فاضلاً حاذقاً بعلم الطب... ووقف داره وكتبه على الأطباء "

 

ثم علا شأن الأوقاف أكثر وكان لأهل مصر ديوان مختص بالأحباس والأوقاف ولها ناظر موكل بأمرها: فقال الذهبي في التاريخ (47/ 378) عن القاضي أبي الفضل بن الجباب ولد سنة 561:" ناظر الأوقاف"، وقال ابن حجر في رفع الإصر عن قضاة مصر (258) من ترجمة تاج الدين المعروف بابن بنت الأعز ولد سنة 604:" اختص بديوان الأحباس والنظر فِي الأموال عَلَى اختلاف جهاتها، وإثبات الوقف والورثة ".

 

وربما ورد الوقفُ في الآلات ووسائل البناء: فقال ابن حجر بعدها:" ثم أنه أمر بشراء دواب لنقل آلات العمارة فِي الأوقاف ".

 

ومن المجال الاقتصادي: ورد عنه استثمار الأوقاف في المشاريع لتنميتها: قال ابن حجر:" وعمر فِي أيامه الجامع العتيق بمصر ونمَّى أمواله، وكذلك أموال الأوقاف والأحباس ".

 

وفي هذه الفترة بدأت حروب التتار وتجددت حروب الصليبيين: حتى سخر الله للمسلمين الملك الظاهر ركن الدين بيبرس فقهرهم ورد الكرة عليهم، فملك وعدل وأعطى وأجزل، وتبع طريقة صلاح الدين، وقد استمرت أوقافه طيلة قرون يرعاها ناظروها، وكانت أوقافه مشتملة على جميع جوانب الحياة، فوقف المزارع والسواقي والسدود والقناطر والجوامع والمعاهد والمدارس..، وأنشأ لكل ذلك أوقافاً استثمارية اقتصادية:

ففي المجال التعليمي والاقتصادي وتوظيف العمال: بنى المدرسة الظاهرية بالقاهرة ومكتبتها، وبنى تحتها الدكاكين وجعل غلتها في طلب العلم، كما قال المقريزي في المواعظ والاعتبار (4/ 225):" وفرغ منها في سنة 662 ه ولم يقع الشروع في بنائها حتى رتب السلطان وقفها، وكان بالشام، فكتب بما رتبه إلى الأمير جمال الدين بن يغمور، وأن لا يستعمل فيها أحدا بغير أجرة، ولا ينقص من أجرته شيئا، فلما كان يوم الأحد خامس صفر سنة 662، اجتمع أهل العلم بها وقد فرغ منها وحضر القرّاء وجلس أهل الدروس كلّ طائفة في إيوان،... وجعل بها خزانة كتب تشتمل على أمهات الكتب في سائر العلوم، وبني بجانبها مكتباً لتعليم أيتام المسلمين كتاب الله تعالى، وأجرى لهم الجرايات والكسوة، وأوقف عليها ربع السلطان خارج باب زويلة... وكان ربعاً كبيرًا لكنه خرب منه عدّة دور فلم تعمر، وتحت هذا الربع عدّة حوانيت هي الآن من أجلّ الأسواق، وللناس في سكناها رغبة عظيمة ويتنافسون فيها تنافساً يرتفعون فيه إلى الحاكم ".

 

وفي المجال الديني والتعليمي: ذكرنا أنه جدد الجامع الأزهر وغيره من الجوامع، وبنى من ذلك الكثير.

 

وفي الجانب العسكري: لا يخفى جهاد هذا الملك الصالح وما وقف من أموال وأنفس في سبيل الله تعالى، بل اشتهر في زمنه الوقفُ في الربط حتى للنساء أيضاً: كما قال طارق بن عبد الله حجار في تاريخ المدارس الوقفية (475):"... ولم تكن الربط خاصة بالرجال بل للنساء ففي عام 684 هـ، أنشئ رباط السيدة زينب في مصر "، وقد مر بنا أن هذه الأربطة كانت تستعمل للجند لأجل حراسة الثغور ثم للتعليم.

 

بل لم يخلُ مجال إلا ووقف فيه: بل قد جدّد عامة ما هدمه التتار والصليبيون، وأحدث الكثير من الأوقاف على مختلف المستويات، ومجالات الحياة، كما قال قطب الدين اليونيني في ذيل مرآة الزمان (3/ 257):" وأما مبانيه فمشهورة:... وأنشأ الجسر الأعظم والقنطرة التي على الخليج، وأنشأ الميدان بالبورجي، ونقل إليه النخيل من الديار المصرية، فكانت أجرة نقله ستة عشر ألف دينار، وأنشأ به المناظر، والقاعات، والبيوتات. وجدد الجامع الأنور والجامع الأزهر، وبنى جامع العافية بالحسينية وأنفق عليه فوق ألف ألف درهم، وأنشأ قريباً منه زاوية الشيخ خضر وحماماً وطاحوناً وفرناً وعمّر على المقياس قبة رفيعة مزخرفة، وأنشأ عدة جوامع في أعمال الديار المصرية؛.. ثم ذكر أوقافه واعماله ومنها: عشرات الجسور والقناطر والسدود والخلجان والبيمارستانات والخانات... ثم قال:" ووسع مسجد جعفر الطيار رضي الله عنه ووقف عليه وقفاً زيادة على وقفه على الزائرين له والوافدين عليه. وعمّر جسراً بقربة دامية بالغور على الشريعة، ووقف عليه وقفاً برسم ما عساه يتهدم منه. وأنشأ جسوراً كثيرة بالغور والساحل "، بل وأنشأ مدنا وقفية بما فيها من مرافق:

فقال قطب الدين: " وجدد ما كان التتر هدموه... وجدد أسوار حصن الأكراد وعمّر قلعتها، وكانت قد تهدمت من المجانيق، وعقدها حنايا وحال بينها وبين المدينة بخندق، وبنى عليها أبرجة شاهقة بطلاقات، وبنى بها جامعاً للجمعة، وأنشأ بالربض جامعاً ومساجد وخاناً كبيراً وأسواقاً عدة ".

 

ثم لخص أعماله فقال:" وبُني في أيامه ما لم يُبْن في أيام الخلفاء المصريين ولا الملوك من بني أيوب وغيرهم من الأبنية، والرباع، وغيرها، والخانات، والقواسير، والدور، والأساطبل، والمساجد، والحمامات، وحياض السبيل من قريب مسجد التتر إلى أسوار القاهرة إلى الخليج وأرض الطبالة، واتصلت العمائر إلى باب المقسم إلى اللوق إلى البورجي؛ ومن الشارع إلى الكبش وحوض قميحة إلى تحت القلعة ومشهد الست نفيسة رحمة الله عليها إلى السور القراقوشي. إلا الآثار فجددها... وبنى بها جامعاً للجمعة، وأنشأ بالربض جامعاً ومساجد وخاناً كبيراً وأسواقاً عدة. وجدد من حصن عكار ما كان استهدم منه وزاد أبرجته وبنى به جامعاً وكذلك بربضه ومساجد أيضاً، وجدد خان المحدثة وجدد فيها حفراً وحماماً "، ثم تتابعت الأوقاف من بعده:

ففي المجال التعليمي والخدماتي: تكاثرت المدارس، مع دفع الأجرة حتى للطلبة كما ذكر المقريزي، فمن ذلك المدرسة المنحجصورية والحسامية والمنكوتمرية والقراسنقرية والأقبغاوية والقطبية.. والمدرسة الحجازية التي أنشأتها الست الجليلة خوند تتر الحجازية.. وجعلت بجوار المدرسة مكتباً للسبيل لأيتام المسلمين، ولهم معلم، ويجري لكل واحد في كل يوم من الخبز النقي خمسة أرغفة، ومبلغاً من الفلوس، ويقام لكل منهم بكسوتي الشتاء والصيف، وجعلت على هذه الجهات عدة أوقاف جليلة يصرف منها لأرباب الوظائف المعاليم السنية ".

 

وغير ذلك كثير، وكلها مدارس مسماة باسم واقفيها فجزاهم الله خيرا عن الإسلام والمسلمين.

 

وفي هذه المرحلة حدث سجال بين بعض العلماء والسلاطين حول مسألة بيع الأوقاف واستبدالها وإعادة النظر في ملكيتها، ثم أتى السلطان برقوق فنظر في أوقاف من سبقه من الأمراء، فوجد أنّ جملة منها من بيت المال لا من أموالهم والله أعلم، وقد أخطأ بعض الباحثين المعاصرين، فراح يَحْمِلُ عامة أوقاف المسلمين على التهمة والريبة، وسوء الطوية، والدخول في النية، بسبب أخطاء وقعت من بعضهم، والله المستعان:

فقد ورد محاسبة مستشاري الوقف ونظاره من القضاة الصالحين: قال ابن حجر في ولاة مصر (368) من ترجمة القاضي محمد بن عبد الرحمن ولد فِي سنة ست وستين وستمائة، ثم ذكر بأن بعض ولده أفسدوا، ثم قال: "واستحضر مباشري الأوقاف فحاسبهم عَلَى مَا صار إِلَيْهِ وإلى أولاده من الأموال، فكان شيئاً كثيراً جدّاً، بحيث أنه ثبت فِي جهتهم للأشرفية المجاورة للمشهد النفيسي نحو من مائتي ألف، فأخرج كتبه وَكَانَتْ فِي غاية من النفاسة فباعها ووفّى بِهَا مَا عَلَيْهِ ".

 

وورد أيضا بأن للوقف نظارٌ ومستشارون ووكالات مختصة بها: قال السخاوي في التحفة (2/ 186) من ترجمة العالم القاضي عبد العزيز بن بن جماعة:" وأفتى وصنف التصانيف الكثيرة الحسنة وخطب بالجامع الجديد بمصر وتولى الوكالة الخاصة والعامة والنظر على أوقاف كثيرة ثم تولى قضاء مصر سنة 738 ".

 

وقال السخاوي في التحفة من ترجمة علي بن عيسى (2/ 290):"... ناظر الأوقاف بمصر (ت 769) ".

 

وقال ابن حجر في قضاة مصر (433) ترجمة محمود بن محمد:" ثُمَّ لَمْ يزل يترقى حَتَّى ولي الحِسبة سنة 778..ثم صرف... ثُمَّ أعيد مراراً حَتَّى صحب الأمير بَرَكة واختص بِهِ وولاه نظر الأوقاف ونظر المارستان المنصوريّ فلما قبض عَلى بركة عُزل مِنْ جميع مَا بيده... ثُمَّ أعيد إلى الحسبة ونظر الأوقاف ".

 

وفي الجانب الاقتصادي والعلمي: ورد استثمار الأوقاف وتدوينها وبيع غلتها وصرفها في أوجه العلم:

فقال ابن حجر أيضا في قضاة مصر (161) في ترجمة الشيخ الإمام العلامة سعد الدين قاضي القضاة ولد سنة 768:" وأحبه الناس، ولا سيما أنه شرط على نفسه أن يبطل استبدال الأوقاف. فدام ذلك إلى مضي ثالث سنة من ولايته، وحصل للأوقاف من ذلك رفق كثير، وعمرت أوقاف الحنفية في ولايته وكثر مُتحصَّلها بعد أن كان تلاشى أمرُها، بكثرة ما بيع منها أنقاضاً واستبدالاً بالذهب أو الفضة، وأمره الحاكم بالنظر فِي المساجد وتفقد أوقافها، وجمع الرّيْع وصرفه فِي وجوهه ففعل ذَلِكَ وبالغ فِيهِ، وأفرد لذلك شاهدين يضبطانه".

 

وفي مجال الخدمات: استمر الوقف الاستثماري في سبيل فكاك الأسرى إلى قرون كثيرة، فقد ذكرنا ذلك سابقا، وقال ابن حجر في رفع الإصر عن قضاة مصر (338) من ترجمة محمد بن أحمد الطرابلسي القاضي: عَيَّنَه القاضي أوحد الدين كاتب السر فاستقر فِي ثاني عشري ربيع الآخر سنة ست وثمانين وسبعمائة. فباشر بعفة ونزاهة وصرامة وشدة وعفة. وتوفر عَلَى يده من أوقاف الأسرى مَا صيّره حاصلاً للوقف فأكثر من ثلاثة آلاف دينار بعد أن اشترى من الفائض ريعاً ووقفه، وجعل مصرفه مصرف الأصل، وكانت لَهُ صولة عَلَى الشهود وكتّاب الحكم، لا يمشي عَلَيْهِ قضية من القضايا فِيهَا تدليس ولا دَسِيسة ".

 

وفي المجال الاجتماعي والتعليمي: استمرت أوقاف بيبرس في المعاهد والسواقي والعقار، فقال ابن تغري في حوادث سنة 821 (14/ 74) عن السلطان المؤيد:" ورسم بعمارة بستان السلطان بها وكان تهدّم، ثم استأجر السلطان مريوط من مباشري وقف الملك المظفر بيبرس الجاشنكير على الجامع الحاكمي، ورسم بعمارة سواقيه، ومعاهد الملك الظاهر بيبرس به، وعاد ولم يدخل إلى الإسكندرية إلى أن نزل وردان ».

 

وفي الجانب العلمي والاجتماعي: ورد توظيف العمال والتعاون على حفر الآبار وبناء المستشفيات ومعاهد الطب، وهو ما يعرف بنظام البيمارستانات السابق، فقال ابن تغري (14/ 28) حوادث سنة 818:" جمع الأمير الكبير ألطنبغا العثمانى جميع مماليكه ومن يلوذ به، وألزم كلّ من هو ساكن في البيوت والدكاكين الجارية في وقف البيمارستان المنصورى بأن يخرجوا معه؛ من أنهم تحت نظره، وأخرج معه أيضا جميع أرباب وظائف البيمارستان المذكور، ثم أخرج سكان جزيرة الفيل؛ فإنها في وقف البيمارستان، وتوجّه بهم إلى العمل في الحفير، وعمل نهاره فيما فرض عليه حفره، ثم وقع ذلك لجميع الأمراء واحدا بعد واحد، وتتابعوا في العمل وكل أمير يأخذ معه جميع جيرانه ومن يقرب سكنه من داره، فلم يبق أحد من العوامّ إلّا وخرج لهذا العمل ".

 

ثم أعاد الحافظ ابن حجر النظر في الأوقاف وشروط واقفيها ومحاسبة ناظريها: بسبب ضياعها والطمع فيها، فقال ابن تغري (15/ 57) حوادث سنة 838:".. ندب السلطان قاضى القضاة شهاب الدين بن حجر أن يكشف عن شروط واقفي المدارس والخوانك، ويعمل بها، فسرّ الناس بذلك غاية السرور، كثر الدعاء للسلطان بسبب ذلك، فبدأ أوّلا بمدرسة الأمير صرغتمش بخط الصليبة، وقرأ كتاب وقفها،.. فأجمل ابن حجر في الأمر فلم يعجب الناس ذلك، لاستيلاء المباشرين على الأوقاف، والتصرف فيها بعدم شرط الواقف، وضياع مصالحها، فشدّ في ذلك وأراد عزل جماعة من أرباب وظائفها، فروجع في ذلك وانفض المجلس وقد اجتهد الأكلة في السعي بإبطال ذلك، حتى أبطله السلطان". قال ابن تغري:" ولو ندب السلطان لهذا الأمر أحد فقهاء الأمراء والأجناد الذين هم أهل الدين والصلاح، لينظر في ذلك بالمعروف، لكانت هذه الفعلة تقاوم فتحه لقبرس، لضياع مصالح أوقاف الجوامع والمساجد بالديار المصرية والبلاد الشامية، لاستيلاء الطّمعة عليها، وتقرير من لا يستحق في كثير من وظائفها، بغير شرط الواقف، ومنع من يستحق العطاء بشرط الواقف، ولهذا قررت الملوك السالفة وظيفة نظر الأوقاف لهذا المعنى وغيره، فترك ذلك، وصار الذي يلي نظر الأوقاف شريكا لمن تقدم ذكره، فيما يتناولونه من ريع الأوقاف..".

 

ورغم ذلك استمر الوقف في المجال الديني والتعليمي وغيرهما، والاستثمار لمصلحتهما ووقف القرى لأجلهما: بل من النكت الغرائب الحسان أن ورد الوقف على بعض الحيوانات فقال ابن تغري (8/ 107) عن السلطان الملك المنصور حسام الدين لاچين وذكر أنه أعان على قتل الملك ثم نذر لئن نجاه الله ليعمرن المسجد الذي وقفه ابن طولون، قال ابن تغري:" كذا فعل رحمه الله تعالى، فإنه لمّا تسلطن أمر بتجديد جامع أحمد بن طولون المذكور ورتب في شدّ عمارته وعمارة أوقافه الأمير علم الدين..، وفوّض.. أمر الجامع المذكور وأوقافه إليه فعمّره، وعمّر وقفه، وأوقف عليه عدّة قرى، وقرّر فيه دروس الفقه والحديث والتفسير والطّبّ وغير ذلك، وجعل من جملة ذلك وقفا يختص بالدّيكة التى تكون في سطح الجامع المذكور في مكان مخصوص بها، وزعم أن الدّيكة تعين الموقّتين وتوقظ المؤذّنين في السّحر، وضمّن ذلك كتاب الوقف؛ فلمّا قرئ كتاب الوقف على السلطان وما شرطه أعجبه جميعه. فلما انتهى إلى ذكر الدّيكة أنكر السلطان ذلك، وقال: أبطلوا هذا لئلّا يضحك أناس علينا، وأمضى ما عدا ذلك من الشروط. والجامع المذكور عامر بالأوقاف المذكورة إلى يومنا هذا، ولولاه لكان دثر وخرب، فإنّ غالب ما كان أوقفه صاحبه أحمد بن طولون خرب وذهب أثره، فجدّده لاچين هذا وأوقف عليه هذه الأوقاف الجمّة، فعمّر وبقي إلى الآن ".

 

وفي عام 1516 م/ 971 ه استولى العثمانيون على مصر وأزالوا المماليك: وفي زمنهم ازدهرت الأوقاف كما أسلفنا، وقد نقل عبد الوهاب بن إبراهيم في عناية المسلمين بالوقف (ص2) من كتاب " إدارة الأوقاف الإسلامية في المجتمع المعاصر في تركيا" قال:" وفي أيام الدولة العثمانية اتسعت مساحة الأوقاف كثيراً، وكانت المدارس والزوايا والمساجد وخدمات البلدية والمستشفيات وما إلى ذلك كل هذه كانت تدار بالأوقاف ويصرف عليها منها "، وبهذا تواصل العمل بالوقف وتعاظم أمره، وتتابع إنشاء الدواوين وسن القوانين:

فقد ورد في مجلة الزهور المصرية، العدد 39 - بتاريخ: 1 - 12 – 1913: كتاب المجلة (4/ 393):" أُنشئَ ديوان الأوقاف لأوَّل مرَّةٍ – وقد ذكرناه قبل هذا - على عهد المغفور لهُ محمد علي باشا.. بموجب الأمر الصادر سنة 1251ه = 1835 م، وما لبث أن صدر أمرٌ بإلغائه بعد ثلاث سنوات، ثمَّ أُلِّفَ للمرَّة الثانية في 11 رجب سنة 1267 هـ =1851م بناءً على قرار المجلس الخصوصي الذي صدر بأمر المرحوم عباس باشا الأوَّل. وكان هذا القرار يشتمل على عشر موادّ، خلاصتُها: أن يُطلبَ من نظَّار الأوقاف الخيرية بيانٌ عن أعيان الأوقاف الجارية في نظارتهم وما يتجمَّع من إِيرادها ووجوه إِنفاقها، وما يفضلُ بعد ذلك منها لمراجعتها. وأُطلِقَ على ذلك اسم المحاسبات؛ وأن يكونَ النظَّارُ مسؤولين عما يحدثُ من العجز في الأعيان، وأن يُحالَ أمرُ من يُخالِفُ منهم شرطَ الواقفِ إلى المحكمة الشرعية، حتى إذا ثبتَ للقاضي اختلاسهُ، عزلهُ وولىّ بدلاً منهُ؛ وأن تتكفَّل الحكومة بنفقات الديوان من ماهيَّات المستخدمين وغيرها، لأنَّ شرطَ الواقفين يقضي بأن لا يُنفَقَ شيءٌ في أي وجهٍ كان ممَّا لن يُعيِّنهُ الواقفُ، واستمرَّ الديوانُ في مراجعة المحاسبات الواردة من نظَّار الأُوقاف لغاية سنة 1275 هـ=1858 م إِذ أحيل إليه بعضُ أوقافٍ ذات إِيراد فقضت الحاجةُ حينذاك بإِنشاءِ خزانةٍ خاصَّةٍ بهِ. وفي السنة التالية صدَر قرارٌ آخرُ على عهد المرحوم محمد سعيد باشا يقضي بأن يُنفَقَ من خزانة الأوقاف ماهيَّات المستخدمين مباشرةً، وأن تُسدِّدَ المالية للديوان قيمة ما يُنفقُهُ في هذا الباب. وفي سنة 1277 هـ=1860 م صدرَ أمر عالٍ جاءَ فيهِ: أنَّ نفقاتِ الديون تبلغ 47702 قرشاً يؤدّي ديوانُ الأوقاف منها 19234 قرشاً ونصف قرش مما يخصصه على إيرادات الأوقاف التي يبلغ إيرادها 98896 قرشاً، وتدفع خزانةِ الحكومة الباقي. ثمَّ صدر الثالث سنة 1280 هـ=1863 م على عهد المرحوم إسماعيل باشا خديوي مصر السبق متوَّجاً بأمرٍ عالٍ يقضي بأن يُنِفقَ الديوانُ في ماهيَّات مستخدميهِ مبلغ 20470 قرشاً، وأن تُنِفقَ الحكومةُ مبلغ 20350 قرشاً. وباشر الديوان صرف الماهيَّات من خزانتهِ، ووضعها ضمن النفقات التي خصَّصها على إيرادات الأوقاف.

 

ومن هذا العهد أخذ ديوان الأوقاف ينمو ويزداد في الارتقاءِ، لأن أوقافاً كثيرة من مصر والأقاليم أُحيلت إليهِ وذلك بعد صدور الفتوى الشرعية بأنَّ كلَّ ناظرِ وقفٍ يموتُ أو يختلسُ يُحال ما تحتَ يدهِ من الوقف إلى الديوان. وأول ما اتّصل بهِ من هذا القبيل ما كان من الوقف تحت إِدارة ذنون آغا دار السعادة بأمرٍ من الخديوي إسماعيل باشا سنة 1280 هـ=1868 م وفي السنة نفسها أُضيفت إلى الديوان أوقاف الحرَمين بعد أن كان لها ديوانٌ خاصّ تحت نظارة المرحوم إبراهيم أدهم باشا. وما زالت الأوقافُ تُحال إلى الديوانِ وقفاً بعد وقف حتى أربت على المئة وقفٍ في سنة 1289 هـ=1873 م.

 

وفي تلك السنة صَدَرَ أمرق عالٍ بانتخاب خمسين شخصاً من نجباءِ الطلبةِ، من سنّ العشرين إلى الثلاثين، بعد امتحانهم ليكونوا معلّمين للغّة العربية والتركية في المدارس الأهلية، وأن يُعيَّنَ لكلّ منهم مدَّة التعليم مئةُ قرشٍ شهريّاً. وكان ذلك أولَ ما درج بهِ ديوانُ الأوقاف من الأعمالِ الخيرية في المنفعةِ العامَّةِ. ولما اتسعت دائرة أعمالِ الديوان، وأصبح مصلحةٍ مهمَّةً ذات أقلام عديدة رأى أُلو الأمر أَن يحوّلوهُ إلى نظارةٍ سنة 1296 هـ=1879م، وعُيّن محمود سامي باشا البارودي المشهور ناظراً للأوقاف في وزارة رياض باشا. وهكذا جعل ديوان الأوقاف لأوَّل مرَّة نظارةً..– وقد تقدم اتخاذ ذلك قبل هذا، منذ العصور الأولى -".

 

وفي غضون هذه المرحلة استعرت الحروب الصلبية التي انتهت باستلائهم على أراضي المسلمين وأوقافهم: ففي يوم 11 يوليه سنة 1882 دكت مراكب الانجليز الاسكندريةَ ونزل جيشهم على أرض مصر وتصدى لهم أحمد عرابي، ثم انهزم في معركة التل الكبير ودخل الإنجليز القاهرة يوم 15سبتمبر 1882، ثم أعلنوا الحماية على مصر آخر سنة 1914، وبعد ثورة 1919 اعترف الانجليز بجمهورية مصر، ثم وضع عملاؤهم دستوراً جديداً عامَ 1923، ثم اشتعلت ثورة الضباط الأحرار عام 1952 ثم تفاوضوا وخرج الإنجليز عام 1965م.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الوقف.. وبركته على الفرد والجماعة
  • الوقف الإسلامي من روائع حضارتنا
  • دور الوقف الإسلامي في الحيلولة دون تهويد فلسطين
  • الوقف مصدر اقتصادي ومنهج استثماري
  • نماذج من الوقف الاستثماري الديني
  • لزوم الوقف في الفقه الإسلامي
  • الوقف عقد لازم

مختارات من الشبكة

  • ملخص كتاب: جوانب من الحياة الاجتماعية لمصر من خلال كتابات الجبرتي (ج 1)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • جوانب بناء الشخصية الإسلامية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • وثائق الحرم القدسي الشريف مصدر لدراسة بعض جوانب التاريخ الاجتماعي للقدس في العهدين الأيوبي والمملوكي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الجوانب القانونية للأوقاف وتوضيح مشاريع أنظمة ولوائح الهيئة العامة للأوقاف (PDF)(كتاب - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • نماذج من الوقف في الجانب الاجتماعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جوانب خفية في الخلاف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جوانب العظمة في حياة أبي بكر الصديق رضى الله عنه قبل الإسلام وبعده(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • جوانب الاختلاف بيني وبين زوجي كثيرة(استشارة - الاستشارات)
  • جوانب هامة يجب أن تراعى في التعامل مع المواهب(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • اهتمام ابن كثير بشتى جوانب اللغة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب