• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ملخص من كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / تاريخ
علامة باركود

دوافع حملات الفرنجة (الصليبيين)

د. بليل عبدالكريم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/4/2010 ميلادي - 6/5/1431 هجري

الزيارات: 71533

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

يروي لنا التاريخ أنَّ نصارى أوروبا وفدوا إلى المشرق الإسلامي، فأثخنوا فيه وعاثوا فسادًا، وأعملوا السيف في أهله كمدًا، ولم يراعوا براءةَ طفلٍ، ولا ضعفَ امرأة، ولا شيبة شيخ أبدًا، فطافوا خلالَ الديار فجاسوا فيها خرابًا، غير أن ما افتراه أهلُ التَّأريخ من نسل أولئك كان أمرَّ، وزاد كيدُهم لَمَّا وجدوا لهم أبواقًا في أمتنا تحكي أساطيرَهم وفرياتِهم على أنه الصدقُ المبين، ومن كيدهم أن يسموا الأحداث بغير أسمائها، ويلبسوا الوقائع لبوس الزُّور، حتى إذا استشرت بين الكتبة صارت من عموم البَلوى، وأنَّى لمن يفطن لها أن يفطم عنها؛ إذ بغيرها تجهل الوقائع، فقد سُمي تدميرُ الدول "استعمارًا"، واحتلالُ الأوطان "تحريرًا"، والحروب بين نصارى الأندلس ومسلميها "استردادًا"، والحملات الفرنجيَّة على بلد الشام "حروب صليبية"، رغم أنَّ المصادر تجمع بتصريح أولي الأمر في تلك الحروب أنَّها للنهب والسيطرة على خيرات المسلمين، وما يحز في النفس ليس دعاوى عَبَدة الصُّلبان، بل تخرُّصات المنبهرين بالمستشرقين حتى صيروهم حجة، وكتبَهم مصادرَ للتوثيق عن المشرق الإسلامي، وما دونَها خرافات وخرافات.

 

ومما شاع من أكاذيبهم دوافعُ حروب الفرنجة وتسميتها، وأَوْلى لهم ثم أولى لهم أنْ يراجعوا أهل الصنعة من أساطين المؤرخين المسلمين، فلا تجد أحدهم سَماها بما أشاعوا، ولا ذكر ما أذاعوا.

 

ربما لم يعرف التاريخُ الإنساني ظاهرة تاريخية حملت مصطلحًا مناقضًا لحقيقتها مثل "الحركة الصليبية"، هذا المصطلح المُربِك المضلل كان نتاجَ عدد من التطورات التاريخية، والمفارقات المدهشة في التاريخ الأوروبي والتاريخ العربي على حدٍّ سواء، وكانت الدعوة التي وجهها البابا بشنِّ حملة تحت راية الصليب ضد المسلمين... إِذْنَ الدُّخول إلى رحاب التاريخ"[1].

 

مفهوم مصطلح "الحروب الصليبية":

Crusaders The "الصليبيون": ترجمة لكلمة "كروسيدرز" Crusaders المشتقة من كلمة "كروس cross"، ومعناها "صليب".

 

وهو مصطلح متداول في الخطاب السياسي والتاريخي الاستشراقي في الغرب؛ للدلالة على الغزاة النصارى الغربيِّين الذين شنوا عِدَّة حملات عسكرية جُرِّدت ضد المشرق الإسلامي لنهبه، ولم تكن "المسيحية الصليبية" سوى ديباجة سمجة فَرَاها الغُزاة؛ ولا علاقةَ لها برؤيتهم للكون والآخَر، بل تعبر حملات النصارى الصليبية عن الإرهاصات الصِّهْيَوْنِيَّة الأولى.

 

"وهي حروبٌ كانت تُساندها حركةٌ سياسية واجتماعية ضخمة قادتها النُّخبة الحاكمة (الكنيسة والنبلاء)، ووجدت صدًى عميقًا لدى الجماهير الشعبية التي انضمَّت إليها بأعداد ضخمة، لم تضعها النخبة الحاكمة نفسُها في الحسبان"[2].

 

ومصطلح "الحروب الصليبية" مصطلح مُزوَّر، لم يُعرف إلا بعد مرور ثلاثة قرون عند انتهاء الحروب، ولا جرى له ذكرٌ لدى علماء التاريخ من المسلمين، "الذين قاموا بالحملة الصليبية الأولى (1096م)، لم يستخدموا مصطلح "الحملة الصليبية"، أو "الصليبيين"؛ إذ لم يحدث سوى في أواخر القرن الثاني عشر الميلادي؛ إذ ظهرت الكلمة اللاتينية (Crusesignati)، ومعناها "الموسوم بالصليب"؛ لكي تعبِّر عن الصليبيِّين؛ لأنَّهم كانوا يخيطون صلبانَ القماش على ستراتِهم"[3]، "ولم يُحدد حتى أوائل القرن الثالثَ عشر الميلادي؛ إذْ كانت كلمة لاتينية تعني "الحركة الصليبية"، وفي وُسعنا أنْ نسوق عشرات الأمثلة المستقاة من كتابات المؤرخين اللاَّتين الذين عاصروا الحركة"[4]، أمَّا أيامهم الأولى فوُسِموا بالحجاج، وكلمة (Crusade) لم تظهر إلاَّ في القرن الثامن عشر.

 

وهو من المصطلحات الاستشراقية التي انتشرت لدى الغرب، وتلقَّفها قومٌ ثم أذاعوها بين المسلمين، فعمَّت وصارت أصلاً شائعًا ومصطلحًا ذائعًا، وبغير ذكره يجهل القارئ عما نتكلم.

 

ويحمل في مضمونه تركيبة عقائدية سياسية كنسية؛ إذ يزعمون أنَّ تلك الحروب قامت دفاعًا عن الصليب، وهي حروبٌ فدائية دينية ردًّا على الفتوح الإسلامية، وهذا يُكذِّبه خطابُ البابا أوربان المحرض على غزو أراضي الشام، بل يكذبه أعمالُ النَّصارى في حربِهم، وكذا يكذبه الكثير من الباحثين المعاصرين من النصارى أنفسِهم، فقد تقرَّر عندهم أنَّ الحروب كانت للمال والثَّروات من الأراضي والإقْطَاعات، كما أنَّهم شاع بينهم النَّهبُ للعُزَّل، ونهب الأموال، وإبادة مَن مرُّوا بِهِم، بل تقاتلوا فيما بينهم؛ لأجل الغنائم، وكونُها للفداء وصليبية مأخوذٌ من شعارات، ولباس فرسان المعبد أنَّهم فرسان الربِّ والمسيح والهيكل والقديس يوحنا، خاصَّة بعد نشر فكرة القتال؛ دفاعًا عن دين المسيح "الجهاد الديني" التي نشرها برنار أسقف كليرفو؛ إذ تأثَّر النصارى بفكرة الجهاد الإسلامي، وكان لنشوء جماعات من الرُّهبان المحاربين، مثل: فرسان الهيكل، وفرسان الإسعاف (الداوية والإسبتارية) صدًى لفكرة المرابطين الإسلامية.

 

ويرى د. سعيد عاشور أن الفرنجة أو مَن يقال لهم: "الصليبيون": هم مِن جموع المسيحيين الغربيِّين الكاثوليك، الذين خرجوا من بلادِهم في شتى أنحاء الغرب الأوروبي، واتَّخذوا الصليبَ شعارًا لهم لغزوِ ديار الإسلام، وبخاصة منطقة الشرق الأدنى وبلاد الشام؛ حيث الأراضي المقدَّسة.

 

ويُفيد ذاك أنَّ النصارى الشرقيين من رومٍ وأرمن وسريان وأقباط ونحوهم لا يدخلون في دائرة مصطلح "الصليبيِّين"؛ لأن هؤلاء من أهل البلاد، وعاش معظمهم قبل (الحركة الصليبية) تحت سلطان المسلمين، يتمتعون بما كَفَلَتْه لهم هذه الديانة من حقوق، ويُؤدون ما فرضته عليهم من واجبات.

 

ومِنْ ثَمَّ يفضل الدكتور عبدالوهاب المسيري استخدامَ مصطلح "فرنجة" بَدَلاً من "الصَّليبيين"، ويستعمل مصطلح "صليبيين" أحيانًا للإشارة إلى "الحملات الصليبية" التي جرَّدتها الكنيسة ضد ما يُسمَّى في الخطاب الكنسي "الهرطقات"، وهي كل ما خالف تعاليم الكنيسة، وقد شاعت الهرطقات المختلفة داخل أوروبا النصرانية قُبَيْلَ الحملات العسكرية على الشرق الإسلامي، وهذه الحملات كانت الأَوْلَى بالتسمية؛ لأنها قامت للكنيسة والسُّلطة النصرانية ضد من يُخالفها دينيًّا.

 

وهذا المصطلح "حملات الفرنجة" متداولٌ في المصادر الإسلامية القديمة التي وثَّقت تاريخ الشام ومصر[5]، ومَن كتبوا عنها كابن القلانسي، وابن الأثير، وابن النديم، وابن واصل، وابن شداد، والعماد الأصفهاني، والمقريزي، والقلقشندي... وغيرهم خلق كثير.

 

بينما مصطلح "الحروب الصليبية" منعدم، وسُمُّوا "الفرنجة" أو "الفرنج" مع أن المكون البشري للحركة الاستيطانية الغربية لم يكن متجانسًا عِرْقيًّا، غير أن الفرنجة سكان بلاد الغال التي عُرفت فيما بعد باسم "فرنسا" كانوا الأكثر إقبالاً من غيرهم على المشاركة في الحركة الاستيطانية[6]، وسببه انتشارُ المجاعة في فرنسا وذيوع الاضطرابات والآفات الاجتماعية، وضنك العيش، وتفشِّي البطالة، فكانت الحملات العسكرية فرارًا من الموت جوعًا، وتنفيسًا عن حنق المجتمع من النظام، وتخلُّص المملكة من العناصر المشاغبة بتفريغِ العُنصر البشري الداعم للشغب نحو أرض أخرى، وهذه عادة جرت عليها السياسةُ الفرنسية كلما حدثت أزمة شاملة بها.

 

لكن حَالَما عُطِّلت حركة البحث في الأمة الإسلامية، ورزحت تحت سُلطان عَبَدة الصلبان، فأشربوا من حضارة الفرنج، عن قصد من عملاء قيل عنهم: أدباء، وعن إغفال ممن تصدَّروا في زمنٍ قلَّ فيه أهل التحقيق، فراحوا يَقرؤون تاريخنا من أرشيفهم، فاستعيرت المصطلحات والتقسيمات، وسادت الرُّؤى الاستشراقية، وأنَّى لعقولٍ تجترئ أن تدقق، أو تقاوم سحر المتفوِّق عليها، فتُعرِّب بدلاً من أن تترجم؟!

 

لذا شاعت مُصطلحات ومفاهيم بيننا حتى عَسُرَ قَيؤها بعد هضمِها، مع فساد مضمونها؛ لأن من تصدَّرُوا القلمَ ذاعوا من حيث لا يصلُ غيرهم، من منابر جامعيَّة، ودور نشر، ووزارات..." إذ وقع أولئك في شباك الترجمة عن الأوروبيِّين، وبدؤوا يستخدمون مصطلح "صليبي"، "حملة صليبية"، "حروب صليبية"، في تناوُلِهم للظاهرة التي درج أسلافهم على معالجتها تحت مصطلحات "الفرنج"، "حركة الفرنج"، ووجه الخطورة في هذا المصطلح عندما يستخدم في اللغة العربية أنَّه يوحي بأن الحركة كانت حركة دينية ترتبط بالصليب رمزِ المسيحية، ولا تضعها في إطارها الصحيح، باعتبارها مغامرة استيطانية مُتعصِّبة"[7].

 

حروب ما قبل (حملات الفرنجة):

"حروب الفرنجة" جزءٌ من المواجهة التاريخية العامَّة بين الحضارة الغربية وحضارة الشرق الأدنى، والتي تعودُ بجذورها حين وصلت شعوب البحر (الفلستيون) من كريت وبحر إيجة إلى ساحل مصر، ثم استقرُّوا في ساحل أرض كنعان بعد أن صدَّهم المصريون.

 

ثم قام الإسكندر الأكبر بغزو الشرق، وأسَّس الإمبراطورية اليونانية التي انقسمت إلى ثلاث إمبراطوريَّات بعد موته، كما هَيْمَن الرُّومان بعد ذلك على معظم الشرق الأدنى القديم، ثم انقسمت الإمبراطورية الرُّومانية قسمين: الإمبراطورية الشرقية البيزنطية، والإمبراطورية الغربية.

 

ومع انتشار المسلمين وبسط نفوذهم على حِمى النصارى، وقيامهم بفتح المنطقة وتوحيدها، صيروا البحر الأبيض المتوسط بُحيرة عربية إسلامية، لا يطفو عليه ذو شراعٍ بلا إذنهم، فانحسر نفوذ العالم الغربي النَّصراني، وصار مُنعزلاً داخل القارة الأوروبية.

 

وترجع بدايات التحرُّك البيزنطي المضاد للإسلام إلى عصر الرِّسالة نفسه، فمُنذ العام الخامس للهجرة وعبر معارك دومة الجندل، ومؤته، وتبوك، وانتهاء بحملة أسامة بن زيد - رضي الله عن الصحابة أجمعين - كان المعسكر البيزنطي يتحسَّس الخطر القادم من جنوبه، وبَدَا يدرك أكثر فأكثر حجمَ القادمين صوبه، غير أن النار اشتعلت من حوله، وازدادت اشتعالاً بعد وفاة الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - فتدفَّقت القوات الإسلامية في البلاد التي يسيطر عليها البيزنطيون، وأُخرِجوا صاغرين من مملكتهم في أسيا وأجزاء من إفريقيا على يدي القيادة الراشدة، وما لبث البيزنطيون أنِ انحسروا عبر العقود التالية[8]، وبفضل الملاحقة الدَّؤوب التي قام بها الأُمَويون ابتداء من معاوية - رضي الله عنه - إلى عبدالملك وبنيه خصوصًا الوليد وسليمان، واستمرت الملاحقة النشطة للبيزنطيين بعد الأمويين في الشام ومصر وشمالي إفريقيا، حتى انحسروا بالكلية عن الشمال الإفريقي، وانزَوَوا هناك في شبه جزيرة الأناضول، فضلاً عن ممتلكاتهم في أوروبا نفسها.

 

ثم كانت وقعة ملاذكرد، التي حقق فيها السلاجقة عام 463هـ في قلب الأناضول نجاحًا ساحقًا ضد العمود الفقري للقوات البيزنطية، فكانت الضربة القاضية التي ترنَّحت بها الإمبراطورية البيزنطية، ونهاية لتحديات الدولة البيزنطية وهجومها المضاد، واستمرارها على تلك الحال حتى سقوطها بعد عِدَّة قرون على يد العُثمانيِّين[9].

 

ولما بدا الجيب البيزنطي المتبقي على أرض الشرق في أسيا الصُّغرى يتداعى تحت راجمات السلاجقة، واستمرار التوسُّع السلجوقي، وفتح أنطاكية عام 1085 - تسارع الإمبراطور أليكسيوس كومنينوس إلى طلب العَون من الغرب الكاثوليكي؛ حيث لم يجد آذانًا صاغية وحسب، بل شهية مفتوحة[10].

 

الدوافع والبواعث المادية والمعنوية:

مما يسترعي التفطن له أنَّ دواعي استنفار الشعوب للحرب لا تكون في الغالب علنيَّة، عدا لدى الفاتحين المسلمين، وما يُحلَّل كدوافع لا يقضي تقسيمُها انقسامَها؛ بل هي كلٌّ يَجرُّ بعضه البعضَ الآخر، وفقدان جزء منه يخلخل سلسلة التحريك السريع للقضية، فتكون الدوافع محرك الحرب والشَّرارة التي أوقدت نارها، والبواعث هي الموجِّهة لسيرها ووقود استمرارها، والتي تزيد من اتِّقاد لهبها، والدَّوافع غالبًا تكون ظاهرة جلية وعلنية، أمَّا البواعث فهي غالبًا مما يتستر عليه، خاصَّة عن العامة، فالدوافع تجيش بها عامة الناس من الرأي العام والجنود، والبواعث تهيج بها الخاصة من الطامعين والطامحين.

 

والدافع لا يَمضي حيًّا دون باعث يُطِيل أمله واستمراره، وأول دافع للحرب كان:

1 - استنجاد إمبراطور بيزنطة بالغرب:

كان للصِّراعات القائمة بين رأسي العالم النصراني الغربي حينذاك، وهما بابا روما والإمبراطور، وبين قطبي النصرانية، الكنيسة الغربية الكاثوليكية والكنيسة الشرقية الأرثوذوكسية - أثرٌ كبيرٌ في مجريات الأحداث الأوروبية، فلقد بلغت البابوية بروما درجةً عظيمة من القوة واتساع النفوذ في هذه الفترة؛ مما فتح أمامها المجال لكي تصبحَ القوة العالمية الأولى، بمعنى أن يكون البابا هو الزعيم الرُّوحي لجميع (النصارى) في الشرق والغرب على حدٍّ سواء[11]، ولذا عندما استنجد إمبراطور بيزنطة بالغرب، كانت فرصة تلوح بين أحلام اليقظة، فهذا سيكسب البابا السيطرة على إمبراطور القسطنطينية ومِنْ ثَمَّ على الكنيسة الشرقية، والمحصلة السيطرة التامة على شؤون النصارى في العالم كله، فما أن عرضت فكرة الحرب المقدسة على البابا أوربان الثاني (471 - 491هـ) (1078 - 1097م) حتى وجد في تنفيذها فرصة كبيرة لإنهاء الخلاف بين الكنيستين، والسيطرة على الكنيسة الأرثوذوكسية الشرقية، وإدماجها في الكنيسة الغربية تحت زعامته، على أنْ يتم ذلك كله تحت ستار محاربة المسلمين، وحماية البيزنطيين، واسترداد الأراضي المقدسة في فلسطين[12]، هذا إضافةً إلى أغراض أخرى عديدة، كانت البابوية ترغب في تحقيقها من وراء تمسُّكها بفكرة الحرب المقدسة، منها التخلص من نفوذ كبار رجال الإقطاع في الغرب، وإنهاء الحروب المستمرة عن طريق توجيه هذه الطاقات واستغلالها في الحرب المقدسة، فكان عليها أن تفتح لهم بذلك منفذًا لحياة أفضل في الشرق من دون منازعات[13].

 

2 - انتعاش التجارة الدولية الأوروبية:

كان الاقتصاد الأوروبي مترديًا إلى حالة من البدائية، لكن شهدت الفترة التي سبقت "حروب الفرنجة" شيئًا من الانتعاش الاقتصادي، وكانت هناك محاولات ترمي لزيادة الرقعة الزراعية عن طريق اجتثاث الأشجار، وإنشاء الطُّرق، وتسهيل حركة التجارة البحرية، وتنظيم الأسواق الدولية والمحلية.

 

فكانت تلك الحروب مساعدًا على هذا الانتعاش الاقتصادي، ذلك أن "التاجر النصراني" تبع "المقاتل الفرنجي"، بعد أن ترك كثيرًا من خوفه من الطُّرق المجهولة، وعاد بالسلع من الشرق، كما أن الملوك والنبلاء والفرسان العائدين استعذبوا مذاقَ السِّلع الترفيهية الشرقية، وهو ما كان يعني ظهور سوق للسلع الشرقية في الغرب ونشاط للتجارة الدولية.

 

فكان الدافع الاقتصادي من أقوى مُحرِّكات الحملات العسكرية، بل صرح به البابا أوربان في خطابه التحريضي، فتكلم عن أهمية العامل الاقتصادي لواقع أوروبا آنذاك قائلاً: لا تَدَعوا شيئًا يقعد بكم... ذلك أن الأرض التي تسكنونها الآن، والتي تُحيط بها البحار وقِمَم الجبال ضيقة على سكانها الكثيرين، وتكاد تَعْجِز عن كفايتهم من الطعام، ومن أجل هذا يذبح بعضُكم بعضًا، ويلتهم بعضكم بعضًا... إن أورشليم أرض لا نظير لها في ثِمارها، بل هي فردوس المباهج".

 

3 - نمو النفوذ البحري للمدن الأوروبية التجارية:

تزايد نفوذ المدن الإيطالية التِّجارية بخاصة البندقية وجنوا وبيزا وأمالفي، وأصبح لها أساطيلها التِّجارية الضخمة، التي فكت الهيمنة الإسلامية على البحر الأبيض المتوسط، وقام الجنويُّون والبيزيون بطرد المسلمين من قواعدهم في جنوب إيطاليا وجزيرة كورسيكا في القرن العاشر الميلادي، وهيمنوا على غربي المتوسط في القرن الحادي عشر الميلادي.

 

بل حاولت المدنُ الإيطالية تأمينَ موطئ قدم لها على ساحل المتوسط ذاته، فعبأت كل من جنوا وبيزا أسطولاً هاجم تونس عام 1087، واضطر أمير تونس بعدها إلى أنْ يفرج عن الأسرى النصارى، وأن يدفع تعويضًا ويُعفي التُّجار الجنويين والبيزيين من ضرائب الاستيراد.

 

وأعطيت المدن الإيطالية موطئ قدم في مواقع مهمة من شرق المتوسط، وقد حصلت هذه المدن على امتيازات وتسهيلات تِجارية ضخمة داخل الممالك الخاضعة للفرنجة في الشام وفلسطين ومصر، فاشترك عدد كبير من تُجار المدن الإيطالية والفرنسية والإسبانية في الحروب، بِغَرض السيطرة على الطرق التجارية للسلع الشرقية، التي أصبحت مصدر ثراء؛ لذلك قامت أساطيلهم بدورٍ فعَّال في الاستيلاء على المراكز الرئيسة في الشام، فساعد الجنويةُ قوات الفرنج في الاستيلاء على أنطاكية سنة 490هـ 1097م، وأسهم البنادقة بعد ذلك بعامين في استيلاء اللاَّتين على بيت المقدس، وأعان تجار أمالفي القوات النصرانية على دخول القدس.

 

وكان هدف هذه الجاليات الأول والأخير هو الثروات، ولم يكن يعنيها الباعث الديني إلاَّ بالقدر الذي يُحقق مصالحها، ويكفي أن نعرف أن شعار البنادقة الذين عرفوا به وقتذاك كان: "لنكن أولاً بنادقة، ثم لنكن بعد ذلك مسيحيين"[14]، ولذلك قامت جمهوريات إيطاليا (جنوا - بيزا - البندقية) بعقد معاهدات مع الأمراء (الصليبيين) بالمشرق، حصلت بمقتضاها على امتيازات اقتصادية هامة[15].

 

4 - أزمة تنامي الطبقة الكادحة:

يُلاحَظ أنَّ أوروبا شهدت نُمُوًّا ديمغرافيًّا مع نهاية القرن العاشر الميلادي، واستمرَّ التزايد حتى القرن الثالث عشر الميلادي، وهو تزايُدٌ لم تواكبه بالضرورة زيادة في الرقعة الزراعية، ومِنْ ثَمَّ نقص في الموارد والمؤونة؛ مما سبب مجاعةً لضعف الناتج من محاصيل الزراعة، فتولد ضغط سكاني وارتفاع نسبة البطالة، وزيادة عدد المتشردين، وارتفاع عدد الأطفال غير الشرعيِّين في أوروبا، فكانت حروب الفرنجة وسيلة للتخلُّص منهم، وقد أخذت إحدى الحملات التي خرجت من أراجون - إسبانيا - عام 1269 اسم "حملة الأطفال غير الشرعيين".


وكانت طبقة الفلاحين هي الأكبر، والمغلوبة على أمرها، فأفرادها يكدحون ليسدوا حاجة الطبقة العليا، "... وكان (البابا) على دراية بأحوال الفلاَّحين الكادحين، فوعدهم بإلغاء التزاماتِهم نحو أسيادهم، وأغراهم بخيراتِ الشرق الإسلامي، وكان آلاف الفلاحين يعيشون عيشة منحطة في نظام الإقطاع؛ حيث شيدوا لأنفسهم أكواخًا من جذوع الأشجار وفروعها، وغطيت سقوفها بالطين والقش، دون أن يكون لها نوافذ، ولا يوجد داخلها أثاث، بل كان ما يجمعه الفلاح يعد ملكًا خاصًّا للسيد الإقطاعي، كما يعد محرومًا من الملكية الشخصية"[16]، فوجدت هذه الغالبية العُظمى فرصتها في الحملة العسكرية؛ للخلاص من حياة الشَّقاء المليئة بالذُّل والهوان، ونظروا إلى أخطار الغزو نظرة هينة أمام ما كابدوا في أوطانِهم، فإنْ ماتوا كان لهم الخلاص من بُؤس العيش، وإن نَجَوا كانت لهم حياة جديدة أفضل مما كانوا عليه[17]، وعرفت الكنيسة كيف تلعب بعقولِ هؤلاء، وتوغر صدورَهم ضد الإسلام وأهله، واستخفَّتهم "بأن سيُحرِّروا بيتَ المقدس والقبر المقدس، فيباركهم الرب، والبابا؛ لذلك لم يردعهم رادع عن الذَّبح والقتل، بل كان قتل المسلم مرضاة ينال عليها الصليبيُّ ثوابًا يوم الدينونة"[18].

 

5- أزمة الأراضي: قلة الأراضي الزراعية:

يدور النظام الإقطاعي الغربي حول نشاطين أساسيين: الزراعة، والفروسية، وكان النظام الإقطاعي يواجه تَناقُصَ الرقعة المزروعة، والعادة أنَّه كلما كَبر الإقطاع، سَمَت مكانة الأمير في قومه، ولذا كانت عقدة النُّبلاء فقدان الأرض أو قلة الإقطاع، فهذا يسلبه النفوذ، وعادات النظام الإقطاعي أنَّ الابن الأكبر وحدَه يرث الإقطاع بأكمله[19]، الأمر الذي جعل الفُرسان والأمراء المحرومين من الأرض يتحايلون عن طريق الزَّواج من وريثة إقطاع، أو يلجؤون للقُوَّة لتملك إقطاع.

 

وما أنْ تعالت دعاوى الحرب على الشرق، حتى تقاطر ذاك النَّفَر من الأمراء والفُرسان، فلبوا نداءَ البابوية، وقلوبهم تشدو بما ستفيء عليهم أراضي المشرق الإسلامي، وتسارعوا يُمنون النفسَ بإمارات تعوضهم ما فاتَهم في أوطانهم.

 

أمَّا الأمراء والفُرسان الإقطاعيون، فقد طمعوا إلى المجد وبسط النُّفوذ وعُلُوِّ الجاه والتفاخُر بين النبلاء، حتى كان من جشعهم تقسيمهم في الحملة الأولى الغنيمة وهم في الطَّريق إلى الحرب؛ أي: قبل أن يستولوا على الغنيمة فعلاً، فاستحكم النِّزاع فيما بينهم أمام أنطاكية؛ لرغبة كل واحد في الاستحواذ بها دون غيره، ومن لَم يستطع لنفسه كسبًا يقنع به، تولَّى يوم الزحف على البيت المقدَّس.

 

فتجلت نواياهم وأخرج الله - تعالى - ما في صدورِهم وفضحهم للتاريخ، فكان همُّهم فَيْء الحرب، ودون مغنم لا يبذلون مغرمًا، وكثيرًا ما دَبَّ الخلاف بينهم - بعد استقرارهم - حول إمارة أو الفَوز بمدينة أو قرية، وعبثًا حاولت البابوية أنْ تتدخل لفضِّ المنازعات بين الأمراء، وتحذرهم بأنَّ المسلمين يُحيطون بهم، وأن (الواجب المسيحي) يستدعي تضامنهم لدفع الخطر عن أنفسهم، ولكن تلك الصيحات ذهبت أدراجَ الرياح؛ لأنَّ هدفَهم المال والسُّلطة؛ ولا هم لهم بالبابا رضًا أو سخطا، "بل إنَّ بعض الأمراء لم يحجموا عن مخالطة القُوى الإسلامية المجاورة ضد إخوانهم الصليبيِّين؛ مما يدل على أن الوازع الديني كثيرًا ما ضعُف عند أولئك الأمراء أمام مصالحهم السياسية"[20]، هذا وقد كان واضحٌ للعيان أنَّ الكنيسة الغربية كانت محمومة لتوسيع رُقعتها الإقطاعية؛ لزيادة مداخِلها من الضَّرائب وبَسط نفوذها.

 

6 - الاضطرابات الاجتماعية:

ساد المجتمعَ الأوروبي في العصور الوسطى تَمايزٌ طبقيٌّ كبير، فقد سادت فيه طبقة رجال الدين وطبقةُ المحاربين من النُّبلاء والفرسان[21]، وجميع الوثائق تشير إلى سوء الأحوال الاقتصادية في غرب أوروبا في أواخر القرن العاشر، وبفرنسا مَجاعة شاملة قُبَيل الحملة الصليبية الأولى، ولذلك كانت نسبة المشاركين منها تفوق نسبةَ القوميَّات الأخرى، فقد كانت الأزمة طاحنة؛ حيث ألجأت الناس إلى أكل الحشائش والأعشاب، وجاءت هذه الحرب لتفتحَ أمام أولئك الجائعين بابًا جديدًا للخلاص من أوضاعهم الصَّعبة، وهذا ما يفسر أعمال السلب والنهب في الحملة الأولى ضد الشعوب النَّصرانية التي مروا في أراضيها[22].

 

وتُشكِّل الحروب والمشاريع الاستيطانية وسيلةً تقليديَّة للتخلُّص من العناصر المشاغبة التي لا مكانَ لها في المجتمع من نبلاء بلا أرض، إلى تُجار يبحثون عن مَزيد من الأرباح، وفلاحين جَوْعى، ومجرمين، ولصوص، ومرتزقة.

 

وإخراجهم من المملكة يُحقِّق للمجتمع الغازي استقرارًا اجتماعيًّا داخليًّا في وطنه الأصلي.

 

7 - انقلاب موازين القوى بين النصارى والمسلمين:

في بدايات القرن الحادي عشر تَمتعت أوروبا بشيء من الاستقرار السياسي في مناطق، وتزايدتْ إمكاناتُها ومقدرتها على تجريد حملات ضخمة، وقَوِيَت جيوشها مقابلَ الجيوش الإسلامية التي أنهكها الصِّراع الداخلي، فقام ألفونسو السادس (من ليون) بالاستيلاء على طليطلة عام 1085، وبدأ التوسع الألماني نحو الشرق والشمال، وهاجم الإيطاليون تونس.

 

فتبدَّل ميزان القوى في حوض البحر المتوسط منُذ أواسط القرن الخامس الهجري (الحادي عشر للميلاد) لصالحِ الغرب الأوروبي مركز (الحركة الصليبية)، فضَعْفُ الدولة البيزنطية وترنُّحها تحت ضربات السلاجقة القويَّة جعلها تسارعُ إلى الاستنجاد بأوروبا الغربية من ناحية، ثم اختلال أوضاع المسلمين في الجناح الغربي من العالم الإسلامي، خاصَّة في الأندلس وصقلية، وما قابل ذلك من تيسير أسباب القُوَّة والظهور لدى أعدائهم، جعل الغرب الأوروبي يرفد النصارى الإسبان بشتى صنوف الدَّعم والمساندة في صراعهم مع مسلمي الأندلس، وتسليط النورمان على صقلية.

 

ونشأت جماعاتٌ من الرُّهبان المحاربين، مثل: فرسان الهيكل، وفرسان الإسعاف (الداوية والإسبتارية) كصدًى لفكرة المرابطين الإسلامية[23]، كان شغلها حرب المسلمين، والغاية القائمة عليها بسط نفوذ الكنيسة الكاثوليكية على المشرق الإسلامي.

 

8 - الحركة الإصلاحية الكلونية:

حدث بَعْث ديني في بداية القرن العاشر الميلادي، ويُمكن القول بأنَّ حروب الفرنجة تعود إلى ما يُسمَّى "الإصلاح الكلوني"، وهي حركة إحياء دينية بدأت عام 910م في مدينة كلوني بفرنسا، وأكَّدت إلى تَفوُّق سلطة الكنيسة على السلطة الدُّنيوية، وبلغت أشدها في القرن الحادي عشر، فقوي مركزُ البابوية.

 

وأثارت الحركةُ الإصلاحية الحماسةَ الدينية في نفوس الناس، هذه الحماسة استغلتها الكنيسة في متنفس خارجي، وعندما ظهرت فكرةُ (حرب الفرنجة) اتَّخذت كنائس الغرب الأوروبي ميدانًا واسعًا لاستغلال نشاطه المكبوت وحماسته المنطلقة[24]، ولعبت الكنيسة دورًا أكثر نشاطًا في الحياة الدُّنيوية، وأخذت تؤكِّد نفسها بشكل أكثر جُرأة، فأُعيدت صياغة البنية الكهنوتية، وسمح هذا للبابوات بأن يلعبوا دورًا أكثر فعالية.

 

ومن أشهر من تبنَّى الدَّعوة إلى الحرب ضد المسلمين في المشرق الإسلامي هو "أوروبان الثاني" والذي يُعَدُّ المسؤول الأول عن الترويج لحرب المسلمين، والتَّحريض على إرسال الحملة الأولى إلى بلاد الشام، وهو فارس ترهَّب في "دير كلوني"، ثم ارتقى ليعين بابا للكنيسة الكاثوليكية.

 

وما أنْ بلغه استنجاد البيزنطيِّين حتى سارع إلى عقد اجتماع في مدينة "كليرمنت" في فرنسا، واستمر المؤتمر عشرة أيام حضره أكثر من ثلاثمائة من رجال الكنيسة[25]، كما حضره أمراء من مُختلف أنحاء أوروبا، ومندوبون عن الإمبراطور البيزنطي، ومُمثلون عن المدن الإيطالية، واستطاع البابا أن يثير حماس السامعين في "خطابه"، فتجاوب في أرجاء المجتمع هتاف (بت رديد) عبارة: "هكذا أراد الله"، وبادر الحاضرون إلى اتِّخاذ الصليب شارة لهم[26].

 

"وقد وعد البابا الجموع المشاركة بالحرب برفع العقوبات عن المذنبين منهم، وبإعفائهم من الضَّرائب، كما وعدهم برعاية الكنيسة لأُسَرِهم مدة غيابهم، ولعل ما يدخل ضمن الدافع الديني أيضًا أن الكنيسة أذاعت في الغرب أخبار الكرامات والمُعجزات التي بثتها الكنيسة، وساد الاعتقاد بأن نزولَ المسيح ثانية إلى الأرض أصبح وشيكًا، ولا بُدَّ من المضي في الاستغفار وعمل الخير قبل هبوطه، كما ساد تصوُّر مفاده أنَّه ينبغي استرداد الأرض قبل عودةِ المسيح، وقد أدرك البابا أنَّ فورة الحماس الدِّيني لن تستمر طويلاً، فدعا إلى القَسَم، وأن تُؤدَّى الصلاة في كنيسة القيامة، وأشاع أن اللعنة ستحل على كل من يستولي عليه الجُبن والضعف، أو نَكَصَ على عَقِبَيْه، وهدَّد بأن يتعرض كل من لا يلبي نداءَ الكنيسة بالتوجه صوب الديار الإسلامية بالحرمان من الكنيسة.

 

وترتب على دعوة الكنيسة خروج الناس أفواجًا في حملات ضخمة متلاحقة إلى المشرق الإسلامي، ولا ننسى الحقدَ الكَنَسيَّ على الإسلام وأهله، فقد انتزع من أيديهم أرضًا كانت تحت سُلطتهم، وحرر منهم عبيدًا كان يرزحون تحت وطأتهم، واستلب منهم مُلكًا كان في قبضتهم، فغلت مراجل الحقد في صدورهم، وتأجَّجت نارُ العداوة في قلوبهم، وأخذوا يتحيَّنون الفرص؛ ليستردوا ما فقدوا، ولينتقموا لأنفسهم ممن نكبوهم، ومزقوا مملكتهم"[27].

 

9 - حركة الحج للأراضي المقدسة:

شهدت الفترة التي سبقت حروب الفرنجة تزايدَ حركةِ الحج، وكانت أهم المزارات روما؛ حيث يُوجد ضريح لكلٍّ من بطرس وبولس، وكذلك ضريح سنتياجو دي كومبوستلا في شمال غربي إسبانيا، ولكن أهمّ المزارات جميعًا كانت هي القُدس؛ حيث كنيسة القيامة.

 

ولم يكن الحج عملاً من أعمال التقوى وحسب، وإنَّما أصبح وسيلة للتكفير عن الذنوب، فكان القساوسة يوصون بالحج لمن يرون أنَّه اقترف إثمًا فاحشًا.

 

وكان الحجاج يرجعون بقصصٍ عن مدى ثراء الشرق، ويَحكون عن المتاعب التي تجشموها والأهوال التي لاقوها، والوجدان الشعبي يتلقَّفها ويضخمها، وخصوصًا أن المستوى الثقافي لجماهير أوروبا آنذاك كان متدنيًا إلى أقصى حد.

 

فكان من الشعارات التي رفعت في هذه الحرب أنَّ الحجاج النصارى يتعرَّضون للاضطهاد والعُدوان في طريقهم إلى بيت المقدس، قُبَيْلَ الحروب الصليبية، وهذا ادِّعاء باطل كذلك[28]؛ يقول أحد كبار المؤرخين الأوروبيِّين: إنَّ حالات الاضطهاد الفردية التي تعرَّض لها المسيحيون في البُلدان الإسلامية في الشرق الأدنى في القرن العاشر الميلادي بالذَّات لا يصح أن تتخذ بأي حال سببًا حقيقيًّا للحركة الصليبية؛ لأنَّ المسيحيين بوجه عام تَمتعوا بقسط وافر من الحرية الدينية وغير الدِّينية في ظل الحكم الإسلامي، فلم يسمح لهم فقط بالاحتفاظ بكنائسهم القديمة، وإنَّما سمح لهم أيضًا تشييد كنائس وأديرة جديدة، جمعوا في مكتباتها كتبًا دينية مُتنوعة في اللاهوت[29]، والادِّعاء بتخريب الكنائس وهدم الأديرة أو مُصادرتها لم يقم عليه دليلٌ، وإنَّما هي شائعات ربَّما أدى إليه تصرف بعينه في قرية بعينها، لا يمكن بحال من الأحوال أنْ يُعَدَّ هو الأصل في معاملة المسلمين للمسيحيين وكنائسهم في البلاد الإسلامية[30]، ويقرر أكثر من مؤرخ أن النصارى الذين خضعوا لحكم السلاجقة، كانوا أسعدَ حالاً من إخوانهم الذين عاشوا في قلب الإمبراطورية البيزنطية ذاتِها، وما وجد أي دليل على اضطهاد السلاجقة للنصارى في المشرق[31].

 

10 - ظهور فكر الجهاد المقدس لدى النصارى:

كان لما يسمى "بحركة الاسترداد" في الأندلس، وتَفاعُل النصارى مع المسلمين إبانها - أثرٌ في الرُّؤية النصرانية للحرب؛ إذ تَفَاعل العالم النصراني مع فكرة الجهاد الإسلامي، فبدا أنَّ الحرب للدفاع عن المجتمع النصراني، ولاسترداد القدس ليست حربًا عادلة وحسب، بل حرب مقدَّسة أيضًا، خاصة بعد نشر فكرة القتال دفاعًا عن دين المسيح "الجهاد الديني" التي نشرها برنار أسقف كليرفو [32]Bernard de Clairvaux؛ وهو راعي فرسان المعبد والمتبني لهم، وكتب برنار إلى فرسان المعبد يقول: "إن على المسيحي الذي يقتل غير المؤمن في الحرب المقدسة أنْ يثقَ بما سينال من ثواب، وعليه أنْ يكون أشدَّ وثوقًا من هذا الثواب إذا قتل هو نفسه، وإن المسيحي ليبتهج بموت الكافر؛ لأن المسيح يبتهج بهذا الموت"؛ ومن الواجب على الناس أن يقتلوا وهم مرتاحو الضمير، إذا كانوا يريدون النصر في الحروب.

 

11 - عودة المسيح والعقيدة الألفية:

من الأفكار النصرانية الشعبية الراسخة ما يُطلَق عليه العقائد أو "الأحلام الألفية"، وتتمثل هذه الأفكار في الإيمان بأنَّ الدورة الكونية أو التاريخية تستغرق ألف عام في العادة، وفي بداية القرن الحادي عشر الميلادي سيشهد نهاية العالم والتاريخ، كما سيشهد عودة المسيح.

 

ومن الأساطير الألفية التي شاعت أنَّ الإمبراطور الأخير سيكون هو "ملك الفرنجة" خليفة شارلمان، وأنَّه هو الذي سيقود المؤمنين إلى القدس؛ لينتظر العودة الثانية للمسيح؛ ليؤسس مملكة السلام والعدل، ويحكم العالم من صهيون؛ أي: القدس، والقدس الدنيوية رمز للقدس الأخروية.

 

12 - ظهور التيارات الدينية المعارضة للكنيسة في أوروبا:

واجهت الكنيسة ابتداءً من القرن الحادي عشر الميلادي ظهور (هرطقات) في جنوب فرنسا، فظهر الكاثاري في بداية الأمر، ثم تبعهم أصحاب الهرطقة الألبيجينية.

 

وهذه الجماعات كانت ثنوية تؤمن بوجود إلهين: إله الخير، وإله الشر، كما كانوا ينزعون منزعًا واحديًّا روحيًّا ينكر أية حقيقة للمادة.

 

وقد جردت الكنيسة أول "حملة صليبية" ضدهم عام 1208، وتبع ذلك تأسيس محاكم التفتيش الرُّومانية (مقابل محاكم التفتيش الإسبانية) عام 1233م، ولا شك في أن إحساس الكنيسة بأنَّها مُهددة أسهم في تصعيد حمى الحرب[33].

 

ختام العبر:

ولَّت جحافلُ الجَوْعى والمرتزقة الدُّبر فيما أتى من الدهر، وولولت نساؤُهم على مصابهن، ومنيت حملات النَّصارى الغربيين بالنُّكوص على عَقِبَيْها، وعادت من حيث أتت، إلاَّ أن المثال "الصليبي" سرى به الرُّكبان، وبُوق الأساطير وإظلام الإعلام تَحوَّل إلى نموذج للتضحية في سبيل القضايا العادلة، واستقرَّ في الوجدان الغربي أن (الحملة الصليبية) كانت حملة خير، نبيلة المقصد، تسعى لحماية الضُّعفاء من حجاج النصارى؛ لذا لا يزال هنالك في الغرب مَن يَشدو بها ويتغنى، لذا تراهم يسمون غزوهم للمسلمين في فلسطين وأفغانستان والعراق بالحملة الصليبية، فمدلولها في موروثهم الثقافي لا يستحضر ما يقع في ذهن المسلمين، بل يستجلب خرافات الفرسان الشُّجعان، والنبلاء الأبطال، والرهبان الأتقياء.

 

وفهمنا دوافع أولئك القوم الذين باتوا يسترعون السَّمع لمفردات خطاب نسلِهم، فالغاية هي هي، والتنميق لاستخفاف أقوامهم للحرب هو هو، إلاَّ أن الوسائل متطورة، والأنساق الفكرية أكثر تعقيدًا، فكلما أرادوا ثروات أكثر، ولم يكتفوا بما في أيديهم، وضاقت عليهم أراضيهم أنْ تُشبِع نهمهم للمال، راموا حربًا لأخذ ما بيد غيرهم، وحوَّلوا عدوهم شيطانًا ماردًا، وجنودهم ملائكة السماء تنزل لتحررَ الأرض من شياطين الإنس، أرجوزة تدار بين أجيالهم كلما قويت شوكتهم، تواصوا بها.

 

أيام تتكرر، وتاريخ يعاد، والمضحك - ولكن ضحك كالبكاء - أن لا يدري الضحية أنَّ جلاَّده يسري على خُطا آبائه النصارى، وهو المصاب بخلف دور أسلافه المنكَّل بهم، والمهزلة فيمن يرى المشهدين ولا يدري ما القرينة.

 

ـــــــــــــــ
[1] "ماهية الحروب الصليبة"، قاسم عبده قاسم، ص7.

[2] "موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية"، عبدالوهاب المسيري، ج16، ص 320.

[3] "الكامل في التاريخ"، ابن الأثير، ج8، ص189.

[4] "ماهية الحروب الصليبية"، قاسم عبده قاسم، ص(9، 10).

[5] ورد تسمية الحملات الصليبية بالفرنجية، والغزاة بالفرنج في:

- "النوادر السلطانية"، ابن شداد، ج1، ص(9 - 137).

- "إعلام الناس بما وقع للبرامكة"، الإتليدي، ج1، ص (114، 115).

- "اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء"، المقريزي، ج1، ص(217،303،309، 315).

- "الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل"، مجير الدين الحنبلي العليمي، ج1.

- "البداية والنهاية"، إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي أبو الفداء، ج(5، 6،،7 9،11، 12، 14).

- "السلوك لمعرفة دول الملوك"، المقريزي، ج(2، 3).

- "العبر في خبر من غبر"، الذهبي، ج(1، 2).

- "الكامل في التاريخ"، ابن الأثير، ج(1،3، 4، 5، 22، 24، 25، 30).

- "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم"، عبدالرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي أبو الفرج، ج(8، 9، 10).

وغيرها كثير.

[6] "موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية"، عبدالوهاب المسيري، ج16، ص 321.

[7] "ماهية الحروب الصليبية"، قاسم عبده قاسم، ص(12، 13).

[8] "هجمات مضادة في التاريخ الإسلامي"، ص (26، 27).

[9] المصدر السابق، ص 37.

[10] "السلاجقة"، الصلابي، ج1، ص256.

- "موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية"، عبد الوهاب المسيري، ج16، ص 322.

[11] "الحروب الصليبية"، سعيد عاشور، ج1، ص32.

[12] "دور الفقهاء والعلماء في الجهاد ضد الصليبيين في أسيا"، ص 32.

[13] "مملكة بيت المقدس الصليبية"، عمر كمال توفيق، ص(18 – 19)، (32 – 33).

[14] "الحروب الصليبية: المقدمات السياسية"، علية الجنزوري، ص 249.

[15] "الجهاد والتجديد"، محمد حامد الناصر، ص 83.

[16] "المرجع السابق"، ص 84.

[17] "تاريخ الوطن العربي والغزو الصليبي"، ص 24.

[18] "أثر الشرق الإسلامي في الفكر الأوروبي خلال الحروب"، عبدالله بن عبد الرحمن الربيعي، ص 138.

[19] "أوروبا في العصور الوسطى"، ج2، ص49.

- "الوسيط في تاريخ فلسطين"، سعيد عبدالفتاح عاشور، ص 154.

[20] "الوسيط في تاريخ فلسطين"، ص 155.

[21] "تاريخ الوطن العربي والغزو الصليبي"، خاشع المعاضيدي، سوادي عبد محمد دريد عبد القادر نوري، ص 24.

[22] "الحركة الصليبية"، سعيد عاشور، ج1، ص30 - 32.

[23] "موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية"، عبدالوهاب المسيري، ج16، ص 327.

[24] "الحركة الصليبية"، سعيد عاشور، ج1، ص 20.

[25] "أثر الشرق الإسلامي في الفكر الأوروبي خلال الحروب الصليبية"، ص 81.

[26] "الشرق الأدني"، السيد الباز العريني، ص 13 - 14.

[27] "أسباب الضعف في الأمة الإسلامية"، الوكيل، ص 157.

[28] "الغزو الصليبي والعالم الإسلامي"، علي عبدالحليم محمود، ص 108.

[29] "الحركة الصليبية"، سعيد عاشور، ج1، ص30.

[30] "الغزو الصليبي والعالم الإسلامي"، ص 109.

[31] "التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية"، أحمد شلبي، ج5، ص438.

[32] القديسبرنار شخصية صليبية بارزة، يعد المسؤول الأول عن الحملة الصليبية الثانية، بخطابه الشهير في Vezelayبعد 51 عامًا من خطاب البابا أوربان الثاني في مجمع كلير مونت للحملة الأولى.

[33] "موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية"، عبد الوهاب المسيري، ج16، ص 328.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • بداية الحملات الصليبية
  • قيام الدولة العثمانية وحملات التحالف الصليبي ضدها (1/4)
  • قيام الدولة العثمانية وحملات التحالف الصليبي ضدها (2/4)
  • قيام الدولة العثمانية وحملات التحالف الصليبي ضدها (3/4)
  • السرد الزمني لحملات الفرنجة (الحملات الصليبية)
  • ذيول الصليبيين في الشرق

مختارات من الشبكة

  • دوافع الاستشراق(مقالة - ملفات خاصة)
  • دوافع الإسفاف الأخلاقي والمهني من (BBC عربي) نحو السعودية(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • دوافع الترجمة(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • من دوافع الغزو الفكري: عداوة الغرب للإسلام(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • دوافع الاستشراق(مقالة - موقع د. أنور محمود زناتي)
  • رابطة العالم الإسلامي تنظم مؤتمرًا يناقش دوافع الإساءة إلى الإسلام(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الاستشراق وحروب الفرنجة(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • بمولده نصر الله العرب المشركين على النصارى أهل الثالوث الصليبيين حفاظا على بلد الله الأمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صلاح الدين الأيوبي: ناصر السنة وقاهر الصليبيين (PDF)(كتاب - موقع الدكتور بهاء الدين عبدالرحمن)
  • بين هوية المسلمين وأيديولوجية الصليبيين: صراع بقاء بين أقطاب القوى الكبرى في العصور الوسطى(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 


تعليقات الزوار
5- الحروب الصليبية
عزوزه - سعودي 06-04-2014 10:09 PM

شكرا

4- الشكر
احمد ابو عبيد - فلسطين 12-10-2010 10:17 PM

جزاكم الله خير على هاذا العطاء ولكم جزيل الشكر

3- إجابة لطلب الأخ عبد الرحمن
بليل عبد الكريم - الجزائر 11-05-2010 04:00 PM

طالع مقال: "السرد الزمني لحملات الفرنجة (الحملات الصليبية)"

على الرابط التالي:

http://www.alukah.net/Culture/0/21594/

2- نطالب بالمزيد
عبدالرحمن ذاكر الهاشمي - أمريكا 27-04-2010 04:01 AM

السلام على بليل ورحمة الله وبركاته ...
تربت يداك ... سباحة قوية ضد التيار الضال ...
اقتراح ... بل طلب : هل لنا أن تتفضل علينا بسرد مختصر مرتب زمنيا لتلك الحروب ؟
وجزاك الله عنا كل خير .
والسلام

1- أجدتم
حمزة سامي - السعودية 20-04-2010 04:47 PM

أجدتم وأبدعتم

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب