• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / تاريخ
علامة باركود

القرصنة البحرية كظاهرة بين الصراع والتقارب العربي الأوروبي

فرج كندي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/2/2018 ميلادي - 10/6/1439 هجري

الزيارات: 22783

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

القرصنة البحرية كظاهرة بين الصراع والتقارب العربي الأوروبي

 

تُعدُّ القرصنة من أعمال العنف المسلَّح التي يقوم بها أشخاص ضد آخرين في عُرْضِ البحر، بهدف النهب أو الإغارة على السواحل ونهبها وأَسْر أشخاص من سكانها، وقد عرَف البحر المتوسط أعمال القرصنة منذ قرون طويلة، ازدادت حينًا وانحسرت أحيانًا أخرى.

 

بلغت القرصنة أَوْجَها في العصر الحديث من قِبَل معظم القوى التي كان لها وجود في البحر المتوسط، ولم تقتصر على جنس أو لون أو دين بعينه، فقد مارس القرصنةَ معظمُ هذه القوى التي كان لها وجود في البحر المتوسط، فقد مارسها مسيحيون ومسلمون، وعربٌ وعجم، وكان كلُّ فريق يرى في الآخر أنه كافر وتجب مقاومته، ومن هنا حسب كلُّ طرف أن عمله مشروعٌ، بل مفخرة كبيرة يعتزُّ ويشيد بها في أدبياته، ويورِّث مفاخرها لأجياله اللاحقة، وشهدت سواحل البحر المتوسط هجماتِ القراصنة الأوروبيين، خاصة قراصنة مالطة وإسبانيا والبرتغال، ووجَدت تلك الهجمات تأييدًا ودعمًا ومساندة من بعض المدن الأوروبية، وخاصة الإيطالية؛ لأن هجماتِها - خاصة ضد السفن الإسلامية - معناها اتجاه التجار المسلمين إلى نقل بضائعهم على السفن الأوروبية، التي لم تكن تتعرَّض لهجمات القراصنة بالقدر نفسه الذي كانت تتعرض له السفن الإسلامية.

 

ولم تكن القرصنة بين المسلمين من ناحية والأوروبيين من ناحية أخرى فحسب، بل مارس الأوروبيون المسيحيون القرصنة مع بعضهم بعضًا، كالذي حدث بين الإنجليز والإسبان والفرنسيين، كما شهدت سواحل شمال إفريقيا عملياتِ قرصنة خاصة بين المسلمين والمسيحيين، وكانت من أهم المناطق التي مُورِسَ فيها هذا النشاطُ في البحر المتوسط بأسره.

 

وإزاء انتشار القرصنة بهذا الشكل، وجب على الحكومات والشعوب أن يكون لها موقف منها، فهبَّت الدول لمواجهة القرصنة بكلِّ قوتها، بإعداد الأساطيل الحربية المزوَّدة بالمدافع والذخائر لبسط سيادتها بالقوة، وقد حدث ذلك منذ عصر سلاطين المماليك.

 

وفي العصر العثماني، قام العثمانيون بعمليات بحرية حالَفَ أغلَبَها النجاحُ لتأمين السواحل الإسلامية ضد هجمات القراصنة الأوروبيين؛ ببناء سفن حربية جديدة، وتسليحها التسليحَ الجيد، وبناء القلاع والأبراج والحصون والأسوار في المناطق التي تحتاج حمايةً ضد هجمات القراصنة، بل عيَّنت الدولة العثمانية السفن الحربيَّة وخصَّصتها لحماية السفن التجارية والمسافرين المنتقلين بين موانئها المختلفة، وإن لم يقض ذلك على القرصنة، فإنه نجح في الحدِّ منها، وتقليص نشاطها إلى حد كبير، خاصة في فترة قوَّة الدولة العثمانية، وازدهار توسُّعها العسكريِّ.

 

كان للقرصنة عواقبُها الوخيمة اقتصاديًّا واجتماعيًّا؛ كتأخير وصول البضائع أو نهبها وأسر أصحابها، ما كان له مردودٌ سيئٌ على التجار أنفسهم، من خلال تعرُّضهم للخوف والرعب والفزع، وتأخُّرِ مصالحهم وتعطُّلِها، فضلًا عن أن مواجهة أعمال القرصنة تؤدي إلى استنزاف موارد الدول في إعداد الحملات والمؤن والعتاد وبناء القلاع والحصون وغيرها، زد على ذلك مُعاناة الأسرى رجالًا ونساءً من الأسر، وما يترتَّب عليه من الأعمال سواء جسديًّا أم نفسيًّا، وهو ما جعل من القرصنة كابوسًا مرعبًا قضَّ مضاجع الجميع، الحكومات والشعوب التي عانت منه كثيرًا.

 

كانت الحروب البحرية في البحر المتوسط على نوعين: حروب رسمية، وحروب غير رسمية، فالحروب الرسمية هي تلك التي تشنُّها أساطيل دولةٍ ما ضد أساطيل دولة أخرى، بأساطيلها الخاصة وقادتها التابعين لها ولنظامها السياسي، وكان يجري هذا النوعُ من الحروب حينما يكون الطرفان في حالة صراع ومنافسة.

 

أما النوع الآخر من الحروب، وهو الحرب غير الرسمية، فقد أُطلق عليها اسم "القرصنة"، وهي نوع من العمليات العسكرية التي يقوم بها مغامرون بحريون؛ بهدف الاستيلاء على سفن أو حمولات أو أشخاص؛ لاسترقاقهم أو بيعهم.

 

وقد دأب كثيرٌ من المؤرِّخين الغربيين - أو بالأحرى معظمهم، إن لم يكن كلهم - على إطلاق اسم "القرصنة" على النشاط البحريِّ العثماني في البحر المتوسط، وعلى مَن قام به "القراصنة"، وقلَّدهم في ذلك كثير من الكتَّاب والمؤرخين العرب، عن جهل أو من دون قصد، وقد انبرى عدد من المؤرخين العرب مؤخرًا للتصدِّي لهذا الموضوع ومعالجته معالجة علمية جادَّة؛ بهدف تصحيح فهم هذا المصطلح، ووضعه ضمن إطاره التاريخيِّ الصحيح.

 

وينبغي علينا تعريف ما المقصود بلفظتَي "قرصنة" و"قرصان" كما يورده الباحثون الغربيون، وما مدلولها الحقيقي في اللغة العربية.

 

إن لفظة "القرصنة/ الغارة" لم تدخل في الاستخدام إلا خلال القرن السابعَ عشرَ، وقد أطلقه الإسبان على القباطنة العثمانيين الذين كانوا يشنون الغارات على السواحل الإسبانية؛ بهدف الاستيلاء عليها أو إيقاع أكبر قدر ممكن من الأضرار بها؛ لمنعها من متابعة نشاطاتها في سواحل شمالي إفريقيا والإغارة على الثغور الإسلامية هناك.

 

وفي الوقت الذي توفِّر فيه "القرصنة/ الغارة" بين الدول فرصةً للتفاوض بين الطرفين المتنازعين، عن طريق توفير شبكة من الوسطاء لحل الخلافات، وافتداء الأسرى، وتعويض الضحايا، فإن "لصوصية البحر" لا توفر مثلَ هذه الفرصة، فليس هناك قانون يحكمها، أو قوةٌ تُلزم القائم بها بالتقيُّد بضوابط أو روادع معيَّنة قانونية كانت أم أدبية، وفي الوقت الذي لم يكن فيه هذا النوع من القرصنة منتشرًا في الثغور الإسلامية، لا سيما سواحل البحر المتوسط في شمالي إفريقيا، والسواحل التي دخلت في حوزة الدولة العثمانية، فإنه كان منتشرًا على السواحل المسيحية، بل وجدت جماعات متخصصة في القرصنة البحرية مدعومةً من الكنيسة المسيحية كمنظَّمة فرسان القديس يوحنا - فرسان مالطا.

 

ولعلَّ من المناسب هنا أن ننقُل قول أحد المؤرِّخين الأوروبيين لتحديد وضع القباطنة العثمانيين مقارنة بغيرهم من القراصنة الأوروبيين، ففي حديثه عن هذا الموضوع ذكر المؤرخ هارولد لامب ما نصه:

"... وكان بمقدور خير الدين أن يصبح قرصانًا عظيمًا، لكنه فضَّل أن يبحر مستظلًّا بعَلَمٍ واحد هو العلَم "التركي" الذي كان يرفعه مع راية قيادته، وكان يحمل رتبة أمير بحر، ويتقاضى مرتبه من الخزينة التركية، ويبني سفنه في المسفن، وينفذ خطة أمَّة واحدة، محاربًا ستَّ إمارات أو قوى معادية، أما خصمه أندريا دوريا، فعادة ما كان يوصف بأميرال الإمبراطورية، وكان يبدِّل أعلامه كما يبدل ولاءه، وكانت له ثلاث عشرة سفينة، هي ملكه الخاص في الأساطيل الجنوية والفرنسية والإسبانية، وكان يطالب بنسبة مئوية من الغنائم... ".

 

ومن هنا يتبيَّن أن النشاط البحريَّ الإسلامي العثماني، الذي يسميه الغربيُّون "قرصنة"، كان نوعًا من أنواع العمليات الحربية المشروعة، أو ما يمكن أن نطلق عليه تسمية "الغارات البحرية"، فقد كان القباطنة العثمانيون يعملون ضمن إطار النظام الإداريِّ العثماني، ومن ثم فإن نشاطهم كان موجَّهًا لخدمة قضية الدولة العثمانية في حربها مع خصومها السياسيين في البحر المتوسط، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، كانت الدولة العثمانية تمثل العالم الإسلاميَّ والخلافة الإسلامية بعد سيطرتها على الأماكن المقدسة في شبه الجزيرة العربية والشرق العربي وصولًا إلى حدود المغرب غربًا، بمعنى آخر: فإن القباطنة العثمانيين الذين كانوا يقومون بنشاطهم البحريِّ إنما كانوا يقدِّمون خدماتِهم إلى دولة إسلامية، وبالأحرى إلى الإسلام نفسِه.

 

وبما أن الإسلام لم يكن يعترف إلا بنوع واحد من الحرب، بصفته حربًا شرعية، ألا وهو الجهاد، الذي يُشنُّ لنشر الإسلام وتوسيع الممتلكات الإسلامية وحمايتها، فلا بد إذًا من أن "القرصنة" العثمانية، التي أصبحت نوعًا آخر من أنواع العمليات العسكرية المشروعة، أصبحت مرادفة لمفهوم "الغزوة" أو "الغارة"، التي كانت تعني شيئًا آخر، خلاف ما يرمي إليه الكُتَّاب الغربيون.

 

ومع بدايات التوسع البحريِّ العثماني من جانب، قابلته مأساة المسلمين في الأندلس من جانب آخر، فانخرط كثير من أولئك "المدافعين" بالعمليات البحرية، يدعمهم السلطان العثماني، الذي أصبح الآن "خليفة المسلمين وحامي حمى الدين"، بعد إعلانه الخلافة الإسلامية جزءًا لا يتجزَّأ من العقيدة السياسية والدينية للدولة العثمانية، وعليه؛ فهو زعيم للجهاد ضد الكفار، مما أضاف زخمًا معنويًّا وماديًّا كبيرًا لدولته ولسلطته على حد سواء.

 

من هنا، فإن مصطلح القرصنة، وهو التعبير الأول الذي يستخدمه الأوروبيون، أصبح يعني - من بين ما يعنيه - "الغزوة" بمعنى الإغارة على ممتلكات العدو، ويعني "الجهاد" أحيانًا عندما يتعلق الأمر بمسألة الدفاع عن الإسلام ونشره، وهو مختلف تمام الاختلاف عن المفهوم الذي روَّجه الأوروبيون بوسم القراصنة العثمانيين بمعناه الضيق، الذي يعني السرقة واللصوصية وقطع الطريق، وهي تسمية خطأ بكل الأحوال، فهم لم يكونوا برابرة؛ وإنما مسلمين عثمانيين.

 

وخير ما يمثل ظاهرةَ الصراع في المنطقة - الذي مثَّلت فيه عمليات القرصنة البحرية حلقةً من حلقات تاريخ المنطقة، وسجَّلت أحداثًا عُدَّتْ علامة فارقة في تاريخها، ولا تزال تُذكر، وتردِّدها الأجيال إلى يومنا هذا بكونها مفخرة تاريخية تشرف هذه الأمة بصفة عامة، وشعب ليبيا بصفة خاصة - هو ما حدث من هيمنة البحرية الليبية في فترة حكم الأسرة القرمانلية (1711م - 1835م)، حيث دخل الأسطول الليبي في صراع كبير مع الأساطيل الأوروبية، واستطاع أن يفرض فيها شروطه على السفن المارَّة عبر المتوسط، من خلال الرضوخ لدفع ضرائب مالية مقابل توفير الحماية لها أثناء مرورها، ودخل الأسطول الليبي في حرب طويلة ومريرة مع أسطول الولايات المتحدة الأمريكية، كان أشهرها قيام الأسطول الليبي بأسر الفرقاطة الأمريكية "فيلادلفيا"، فكان نبأ أسر السفينة صاعقًا على الحكومة الأمريكية، حيث (نقل الرئيس "جيفرسون" أنباء الفاجعة إلى مجلس الكونجرس في 20 مارس سنة 1804م، وألح على اتخاذ ترتيبات جديدة وإضافية لتطوير القوة البحرية)؛ حتى تكون في مستوى قتاليٍّ يضاهي القوة البحرية الطرابلسية، والانتقام من الهزيمة النكراء المتمثلة في أسر السفينة "فيلادلفيا"، وإعادة الهيبة للبحرية الأمريكية التي أهانها بحارةُ طرابلس، وهذا الأمر الذي لم يتقبَّله الشعب الأمريكي الذي وقع عليه نبأ الهزيمة بمنتهى المرارة والحزن، مطالبًا بعملٍ حاسم ضد طرابلس يعيد لأسطولهم هيبتَه، (أما في العاصمة الأمريكية واشنطن، فقد تلقَّى الشعب الأمريكي هذا الخبر بمرارة وحزن شديدين، واكتسحتهم موجة من الغضب، وطالبوا حكومتهم بعمل حاسم لردِّ هذا العار الذي لحق بأسطولهم في البحر المتوسط)، وهذا الشعور دفع البحرية الأمريكية بمحاولات فكِّ أسر السفينة وإخراجها من ميناء طرابلس، ولكن المحاولات باءت بالفشل، مما اضطرَّهم إلى اتخاذ قرار حرق السفينة وهي راسية في ميناء طرابلس، و(في يوم 17 فبراير تمكَّن الملازم الأمريكي (ستيفن ديكاتور STEPHEN DECATUR) من إضرام النار في الفرقاطة فيلادلفيا)، ثم تكرَّر الهجوم على طرابلس من قِبَل البحرية الأمريكية، ونجحوا في الاستيلاء على بعض الزوارق البحرية الصغيرة.

 

ثم حاول العميد بحري "بريبل" أن يرسل رسالة تطمين إلى يوسف باشا عن طريق (إرسال أربعة عشر جريحًا طرابلسيًّا كانوا أسرى لديه إلى المدينة؛ كي يُفهم الباشا أن العرض المبدئي - وقيمته أربعون ألف قرش - ما زال قائمًا، لكنه سيضطر إلى سحب ذلك العرض بمجرد أن تنضم إليه الفرقاطات الأربع التي كان بانتظارها، غير أن الباشا رفض التساهل)؛ لكونه عرضًا مبطنًا بالتهديد.

 

وبعد أن أيقنت حكومة الولايات المتحدة صعوبة إجبار يوسف باشا على القبول بشروطها عن طريق القوة العسكرية وحدَها، لجأت إلى الاستفادة من الخلاف القائم بين أفراد الأسرة القرمانلية، خاصة بين يوسف باشا وأخيه أحمد الوالي السابق والطامح في العودة إلى العرش، الذي ثار عليه، وطرده أخوه يوسف واستولى على الحكم بدلًا منه، (رد عليه بريبل مهددًا بالاتصال بسيدي أحمد القرمانلي المخلوع من العرش، الذي كان آنذاك مقيمًا بالإسكندرية ليعرض عليه إعادته إلى تسلُّم حقوقه الملكية المشروعة في طرابلس)، وفعلًا شرعت الحكومة الأمريكية في تنفيذ خطتها الجديدة بالشروع في الاتصال بأحمد باشا القرمانلي في منفاه في صعيد مصر، وإغرائه بالعودة إلى حكم ولاية طرابلس التي انتزعها منه أخوه يوسف، وقد تم الاتصال بأحمد باشا القرمانلي بعد أن اضطرت سفن الأسطول الأمريكي بعد 2 سبتمبر 1804م إلى الانسحاب والرحيل عن طرابلس، (اتجهت إحدى قطعه إلى الإسكندرية حاملة السيد (وليم أيتون WILLIAMEATON) القنصل الأمريكي السابق في تونس)، وقام هذا القنصل بالاتصال بأحمد باشا القرمانلي، وعرض عليه إعادته إلى كرسي حكم ولاية طرابلس، الذي رحب بالفكرة، وأخذ في حشد أصحابه في المنفى، واتجه صحبةَ أيتون إلى درنة، ودخلها صحبة أنصاره، وتحت حماية السفن الأمريكية، (إن الأمريكيين لاذوا بين الوسائل، وأظهروا لأحمد بك قره مانلي والي طرابلس السابق أنهم قادمون لنجدته، فأخذوه من جزيرة مالطا إلى أسطولهم، وقدموا به بلدة درنة، فاهتزت السكنة لقدومه، واحتفلوا للقائه، وانقاد إليه من كان بتلك الضواحي من قبائل، وقدموا إليه الهدايا، فقوي أملُ أحمد بك في الاستيلاء على طرابلس، وأعلن بولايته، فاستحوذ على يوسف باشا الخوف، وأرسل ابنه محمدًا بك في قليل من العساكر إلى بنغازي بتعليمات مخصوصة، واتخذ الوسائط لإقناع الأمريكيين ومصالحتهم)، ونتيجة لهذا التحالف بين الأمريكان وأحمد باشا القرمانلي وشروعهم في دعمه كورقة ضغط على أخيه يوسف والي طرابلس، وتهديدهم له بالتقدم نحو الغرب مقر إدارة الولاية وتنصيبهم لأحمد باشا واليًا على طرابلس، جعلت من يوسف باشا يقبل التفاوض مع الأمريكيين، (حيث تمكن توبياس لير TOBIASLEAR) وهو القائم بالأعمال في نهاية الأمر من إبرام معاهدة الصلح في 3 يونيه سنة 1805 م.

 

ومن خلال العرض السابق لأثر عملية القرصنة في العلاقات العربية الأوروبية، وخاصة من خلال النموذج الليبي الأمريكي؛ على اعتبار الولايات المتحدة الأمريكية جزءًا من المنظومة الأوروبية الغربية - يمكن أن نستخلص بعض النتائج المهمة في العلاقات من حيث التقارب والنزاع، على النحو التالي:

يتنوَّع أثر القرصنة من حيث التقارُبُ والتنازع بحسب الظروف السياسية والاقتصادية والعسكرية لكلِّ طرف من الأطراف، بحيث إذا كانت المصلحة لدى الأوروبيين في مهادنة العرب؛ بسبب القوة البحرية العربية، وحاجة أوروبا إلى مرور تجارتها - ترضخ للسلام، وقَبول الحماية، ودفع رسوم المرور وهي صاغرة للبحرية العربية، وإن وجدت الضعف في قوة البحرية العربية تتبرَّم وترفض الدفع، بل قد تتجرَّأ على التدخل في الشؤون الداخلية، ومحاولة مساعدة بعض الأفراد الطامحين في السلطة، مقابل وعود بإعفاء من الرسوم، وربما إعلان التبعية والولاء لو تحقَّق له النصر على خصمه في تولِّي الحكم.

 

ومن فوائد هذا الصراع الذي ربما يؤدي إلى التقارب، وبناء علاقات دبلوماسية بين الطرفين: تنظيم العلاقات السياسية والتجارية، وهي ما يعرف بفترة التقارب، وإن كان حذرًا ومؤقتًا في كثير من الأحيان؛ لأن الدول الأوروبية كانت عاقدةً العزمَ على فرض سيادتها البحرية، التي هي الخطوة الأولى، لاحتلال المناطق العربية، خاصة في مرحلة ضعف الدولة العثمانية.

 

قائمة المراجع:

محمد الهادي بوعجيلة: النشاط الليبي في البحر المتوسط في عهد الأسرة القرمانلية 1711 - 1835م وأثره على علاقاتها بالدول الأجنبية، منشورات جامعة قاريونس، 1997م.

 

المراجع المترجمة إلى اللغة العربية:

1 - أتوري روسي: ليبيا منذ الفتح العربي حتى سنة 1911م، ترجمة وتقديم: محمد خليفة التليسي، الدار العربية للكتاب، طرابلس، 2009م.

 

2 - شارل فيرو: الحوليات الليبية منذ الفتح العربي حتى الغزو الإيطالي سنة 1911م، تعريب: محمد عبدالكريم الوافي، جامعة قاريونس، ط4، 1988م.

 

3 - ن.إ.بروشين: تاريخ ليبيا في العصر الحديث منتصف القرن السادس عشر - مطلع القرن العشرين، ترجمة: عماد حاتم، مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية، طرابلس، ط2، 2005م.

 

4 - عبدالعظيم نصار: تاريخ الوطن العربي في العهد العثماني، بحث منشور على شبكة المعلومات.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • القرصنة الإلكترونية
  • القرصنة في الصومال تهدد التجارة العالمية وتغذي الصراعات المحلية
  • النسبية في الدعوة إلى الله

مختارات من الشبكة

  • مراحل القرصنة الإلكترونية (WORD)(كتاب - ثقافة ومعرفة)
  • تفسير سورة القصص: قصة الصراع بين الخير والشر أو الصراع بين الحق والباطل (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • معركة زونكيو البحرية .. يوم ابتكر المسلمون المدفعية البحرية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • قرصنة عقول(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • روسيا: افتتاح موقع مسلمي القوقاز مرة أخرى بعد تعرضه للقرصنة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • هل ظاهرة التخاطُر ظاهرة صادقة؟!(استشارة - الاستشارات)
  • ظاهرة سب الدين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ضعف مواجهة الظواهر والعادات الدخيلة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مشكلة المياه في الوطن العربي.. احتمالات الصراع والتسوية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • نصيب المتقاعدين والمتقاعدات في بلادنا من خطط التنمية: بين منظورين وواقع ومأمول(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب