الكنز في مدينة شرشال

الكنز في مدينة شرشال

مقدمة:

لقد خصَّصْنا هذا المقال التاريخيَّ للحديث عن المسكوكات أو ما يعرف بالنقود أو الكنز، في مدينة شرشال الجزائريَّة المطلَّة على حوض البحر الأبيض المتوسط.

أ. تعريف الكنز:

بداية نشير إلى أن هناك مجموعاتٍ نقديَّةً تم العثور عليها بمدينة شرشال سواء كانت برونزيَّة أم فضيَّة، وهو ما يطلق عليه مصطلح الكنز، والكنز عمومًا هو كلُّ شيء مدفون تم العثور عليه بعد عمليات البحث والتنقيب، ولكننا سنركِّز على الكنز النقديِّ الذي تم العثور عليه بشرشال.

ويمكن أن نعرِّف الكنز النقديَّ بأنه تلك القطع التي تكوَّنت وتجمَّعت في لحظة الدفن نفسها، وليس هناك أحجام معينة، فهناك القطع الكبيرة والمتوسطة والصغيرة الحجم؛ أي إن القطع التي خُبِّئت ودفنت مع بعضها بعضًا تشكِّل في النهاية كنزًا[1].

وما دمنا نتحدث عن الكنز النقدي فلا بأس من أن نشير إلى أن أكبر كنز نقدي من الذهب اكتشف سنة 1714ببلجيكا، وهو يزن حوالي 670 كلغ من الذهب، خُبِّئَ في فترة الحروب والأزمات بعد وفاة يوليوس قيصر[2].

ب. أنواع الكنوز:

تقسَّم الكنوز النقديَّة إلى أربعة أقسام، وهي: الضياع العمدي، والدفن أو الطمر المستعجل، والتكنيز أو الادخار، والكنوز المهملة[3].

• الكنوز الضائعة:

ونعني بها كل بورصة أو كيسٍ من النقود وجدت كاملة، كما أن القطعَ تكون ذات قيمة كبيرة أو صغيرة حسب الظروف، وتكون ممثلةً للعملة المتداولة في ذلك الوقت من الزمن وعادة ما تكون المبالغ كاملة.

• الكنوز المستعجلة:

تشبه النوع الأوَّل من الكنوز الضائعة، بحيث نجد المالكَ لهذا الكنز يدفِنُه بطريقة مستعجلة، خاصَّة في وقت الحرب، وغالبًا ما تكون هذه المبالغ كبيرة، وعادة تدفن في ساعة الغضب، فينسى مالكُ هذا الكنز مكانَ دفنه.

• الكنوز المدَّخرة أو المكتنزة:

تبيِّن الدراسات العديدة في هذا المجال أن الكنوز المدَّخرة والمكتنزة كانت موجودة منذ العهود القديمة، متكوِّنة من عدة معادن ثمينة وذات قيمة عالية عند الأغنياء، كما قد تكتنز معادن ذات قيمة متدنيَّة للفقراء.

• الكنوز المهملة عمدًا:

هذه الكنوز لها طابع جنائزي، ويقصد بها دفن جزءٍ من أملاك الميِّت، ولها رمزيَّة معتبرة، ويمكن أن تكون قطعة واحدة فقط.

ويمكن أن نجدها كذلك من خلال العملات النقدية التي كان يَرمِي بها الزوَّار في أماكن مقدَّسة مثل: نافورة تريفي بروما، أو كتلك التي تقدَّم كقرابين[4].

ج. أهم الكنوز والعملات النقدية بشرشال:

وفي هذا المجال أفدنا كثيرًا من الدراسة التي قامت بها "أمزيان سمية" لنيل شهادة الدكتوراه الموسومة بـ: دراسة اقتصاد الإمبراطوريَّة الرومانيَّة من خلال دراسة مقارنة لكنزين نقديَّيْن لموريطانيا القيصريَّة.

بحيث قامت بإجراء دراسة معمَّقَة عن القطع النقدية التي وجدت بشرشال وتقزيرت، وما يهمنا هو الـ 245 قطعةً نقديَّةً التي وجدت بمدينة شرشال لمختلف الأباطرة الرومانيين، ومنها ما هو واضح بيِّنٌ جليٌّ، ومنها ما هو في حالة غير جيِّدة، وبذلك فهو غير واضح[5].

خاتمة:

كثرةُ المسكوكاتِ وتنوُّعُها يدُلَّان دلالة واضحة على المكانة الاقتصادية المرموقة التي كانت تتمتع بها مدينة شرشال (قيصريَّة) في تاريخ المغرب القديم، ورقيُّها الاقتصاديُّ أَهَّلَها لمنافسةِ كبريات المدن في ذلك الوقت.