• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / طب وعلوم ومعلوماتية
علامة باركود

السلوك الإجرامي كركن من الأركان المادية لجريمة التلوث السمعي في القانون

أحمد فتحي النجار

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/7/2015 ميلادي - 13/10/1436 هجري

الزيارات: 26271

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

السلوك الإجرامي كركن من الأركان المادية

لجريمة التلوث السمعي في القانون


الركن المادي للجريمة عمومًا هو كل العناصر الواقعية التي يتطلبها النص الجنائي لقيام الجريمة، وهي - وفق ما تقدم - كل ما يدخل في النموذج التشريعي للجريمة، وتكون له طبيعة مادية ملموسة؛ فالركن المادي يمثل صُلب كل جريمة، ولأن المقنن لا يجرِّم على مجرد النية أو التفكير في الجريمة، أو على مجرد الدوافع والنزاعات النفسية التي تحرِّض على الجريمة، وإنما يستلزم أن تظهر تلك النزاعات والعوامل النفسية في صورة واقعة مادية، هي الواقعة الإجرامية - فالمقنن لا يستطيع الدخول في نفوس البشر، ويفتش في تفكيرهم المجرد ليعاقبهم على ذلك دون أن يتخذ هذا التفكير وتلك العوامل النفسية مظهرًا ماديًّا[1]، ولجريمة التلوث السمعي - وفق ما تقدم - عدة أركان، وأهمها هو السلوك الإجرامي محل البحث.

 

أولًا: ماهية السلوك الإجرامي السمعي:

المجتمعات الإنسانية قد تعرفت على الانحرافات السلوكية الإجرامية منذ نشأتها وتكوينها، وظلت هذه السلوكيات ملازمة لها، لدرجة أن بعض المتخصصين في علم الاجتماع وصفوها بأنها ظاهرة طبيعية، ولا مفرَّ للإنسان منها[2]، ولكن مع تقدُّم الحضارة الإنسانية، ومع ارتقاء الأخلاقيات والمُثُل، وتكوُّن الدول والأنظمة - بدأت عملية تجريم السلوكيات الإجرامية بنحو واسع، ومنها: السلوك الإجرامي السمعي محل البحث، والسلوك الإجرامي السمعي له ماهيته اللغوية، وماهيته القانونية، وهي على ما يلي:

أولًا: ماهية السلوك الإجرامي السمعي في اللغة:

يتكون مصطلح السلوك الإجرامي من كلمتين، لا يصح المصطلح بإحداهما، وهما:

1- السلوك: مصدر سَلَكَ طريقًا[3]، وهو سيرة الإنسان وتصرُّفه واتِّجاهه، "يقال: حسَن أو سَيِّئ السُّلوك، ويقال: المرء بسلوكه، ويقال: سلوك غير لائق[4]، والسُّلوكُ (في علم النفس): الاستجابة الكلية التي يبديها كائنٌ حي إزاء أي موقفٍ يواجهه.

 

2- الإجرام أو الإجرامي: وهو مشتق من جَرَمَ يَجْرِمُ، جُرْمًا وجريمةً، فهو جارم، والجُرم: الذنب[5]، وجَرَم الشخص يعني أذنب واكتسب الإثم، "لا يَجْرِمُ الظالم إلا على نفسه"، ويقال: جَرَمَ على قومه؛ أي: جنَى جنايةً[6].

 

3- السمعي: والكلمة مشتقة من السمع، وهو حس الأذن، والسمع: سمع الإنسان وغيره[7].

 

والمصطلح لغويًّا: هو كل فعل أو نشاط أو سلوك غير مقبول، ويشكل جريمة تؤدي إلى انبعاث أصوات منفِّرة وشاذة، تتأثر من خلالها حاسة السمع والأذن لدى الإنسان، أو الكائنات الأخرى، وهذا النشاط قد يقوم به الفرد أو المؤسسة، ويصير به مذنبًا خارجًا على قوانين وأنظمة ومعايير المجتمع الخاصة، التي تحظر هذه الأفعال والأنشطة والسلوكيات.

 

ثانيًا: ماهية السلوك الإجرامي السمعي في القانون:

وعرف فقهاء القانون السلوك الإجرامي - عمومًا - بأنه كل أمر يحظره الشارع عن طريق العقاب الجنائي إذا لم يقع استعمالًا لحق أو أداء لواجب[8]، وعرف بأنه كل عمل أو امتناع عن عمل يُعاقِب عليه القانون بعقوبة جزائية[9]، ويُنَصُّ له قانون يمثل قاعدة جزائية تطبق على الخارجين عليها[10].

 

وأما عن السلوك الإجرامي في جريمة التلوث السمعي أو الضوضائي: فهو كل فعل أو امتناع عن فعل يحدث خليطًا متنافرًا ومزعجًا، أو غير لائق، من أصوات ذات استمرارية ضارة أو شديدة الضرر، وغير مرغوب فيها؛ (كالشتائم والسِّباب والبذاءات)، والتي تحدث غالبيتها عادةً بسبب التقدم الصناعي، ويرتبط التلوث السمعي أو الضوضائي ارتباطًا وثيقًا بالأماكن المتقدمة، وخاصة الأماكن الصناعية، وتؤثر الضوضاء في قشرة المخ، وتؤدي إلى نقص في النشاط، بما يؤدي إلى استثارة القلق، وعدم الارتياح الداخلي، والتوتر، والارتباك، وعدم الانسجام والتوافق الصحي، كما تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، وآلام في الرأس، وطنين في الأذن، والتحسس والتعب السريع؛ ولذلك حظرتها الكثير من التشريعات، ومنها: قانون العقوبات الليبي في المادتين رقم (471)، التي نصت على أنه يعاقب، وتطبق العقوبة ذاتها على كل من أعلن بالصياح عن أخبار من شأنها إقلاق الراحة العامة أو الخاصة، واقترن الإعلان أو الصياح بترويج أو توزيع محررات أو رسوم في محل عام أو مفتوح أو معروض للجمهور "كل من حصل منه لغط أو ضجيج، أو أساء استعمال أية وسيلة من وسائل نقل الصوت أو تكبيره، أو حرَّض الحيوانات على إحداث ضجيج، وكان من شأن ذلك مضايقة الناس في أعمالهم، أو إقلاق راحتهم، أو التشويش على الحفلات أو المحلات العامة، أو منشآت الترفيه - يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز الشهر، أو بغرامة لا تزيد على عشرة جنيهات"، كما نصت مادة 472 من قانون العقوبات الليبي أيضًا على أنه يعاقب "كل من تسبب في مضايقة الغير، أو إقلاقهم في محل عام أو مفتوح أو معروض للجمهور، أو ضايقهم أو أقلقهم باستعمال التليفون، أو استعمله لأي سبب ذميم آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ستة أشهر، أو بغرامة لا تجاوز عشرين جنيهًا".

 

وفي سبيل ذلك أيضًا قد أصدر المقنن الليبي القانون رقم 15 لسنة 2003م الخاص بحظر كافة أنواع التلوث في البيئة، ومنها: كافة أنواع التلوث السمعي، وكذلك حظرها قانون العقوبات المصري في المادة رقم (379/2)، على أنه يعاقب بغرامة لا تجاوز خمسة وعشرين جنيهًا كل من حصل منه في الليل لغط أو ضجيج مما يكدر راحة السكان.

 

وفي سبيل مكافحة هذه الجريمة أيضًا وجرائم تلويث البيئة عمومًا، أصدرالمقنن المصري في تشريعه الخاص بالبيئة رقم 4 لسنة 1994م، وذلك باعتبارها من أنواع جرائم التعدي على البيئة.

 

ثانيًا: خصائص السلوك الإجرامي:

للسلوك الإجرامي عمومًا خصائص تميزه عن السلوك العادي، وهذه الخصائص هي التي تجعله غير مقبول، ومجرمًا يستوجب العقاب، ولجريمة التلوث السمعي خصائصها أيضًا، ومنها:

1- السلوك العنيف:

والسلوك العنيف في هذه الجرائم هو كل فعل أو امتناع عن فعل يمكن أن يحدث الأصوات الضارة التي تتأثر بها الأذن خصوصًا، وباقي أعضاء الجسد بالتبعية، ومن صوره: الطَّرْق على الآلات، واستخدام آلات التنبيه ومكبرات الصوت، واستخدام الأصوات العادية، أو استخدام أصوات الحيوانات، وقد تكون هذه الأصوات غير مرتفعة، ولكنها تسبب ضررًا نفسيًّا بالغًا، كما لو كانت سِبابًا، أو شتائم، أو كلامًا غير لائق، ولقد أحسن المقنن المصري إذ أوقع العقوبة على مجرد اللغط العادي الذي يتضرر منه الإنسان[11].

 

2- تحقق الضرر:

والضرر في جرائم التلوث السمعي يترك آثاره البالغة على صحة الإنسان، وعلى التوازن البيئي عمومًا، وقد أثبتت الكثير من الدراسات علاقته المباشرة مع العديد من الأمراض، وأهمها: ارتفاع الضغط، وأمراض القلب والشرايين، ونقص المناعة، واضطراب النوم، والقلق البالغ، عدا الإصابات المباشرة بالصمم، أو نقص حاسة السمع والشم لدى شرائح من السكان الذين يقطنون بمناطق تتميز بكثافة الضجيج داخلها، كما أن ذلك الضرر، وإن كان ضررًا جسديًّا، فإن هناك أنواعًا من الضرر النفسي الذي قد يصيب الأفراد جراء سماعها ألفاظًا نابية غير لائقة، وتحقق الضرر هو شرط اشترطه القانون الفرنسي في الجرائم التي تتعلق بالبيئة؛ حيث نص في المادة 232/2 من القانون الزراعي الفرنسي المعدل 28/10/1989م على ذلك، وعملية إثبات الضرر تقع على كاهل المجنيِّ عليه.

 

3- خرق النظام العام:

حيث يرى الكثير من القانونين[12] أن جريمة التلوث السمعي من الجرائم التي فيها أنواع مباشرة من صور التعدي على النظام العام؛ فهي ترتبط بالنظام العام في الطرق والأماكن العامة، وحيث إن حماية البيئة من التلوث وثيقةُ الصلة بالمحافظة على السكينة العامة والهدوء العام كأحد عناصر النظام العام، فإنها تدخل في حماية السكينة العامة والأخلاق العامة، التي جعلها القضاء الفرنسي سببًا كافيًا لاتخاذ إجراءات ضبطية قضائية للصالح والنظام العام[13]، وهو سبب كافٍ لدى الجهات الإدارية المصرية لفرض قيود على المصدر المسبب للضوضاء والتلوث السمعي[14].

 

4- استخدام أداة للجريمة:

وأدوات الجريمة في جرائم التلوث السمعي كثيرة جدًّا، وتتزايد اليوم بطريقة لامتناهية، ربما لا تقبل الحصر، وهي - في النصوص القانونية التي تعاقب على هذه الجريمة -: كل أداة صالحة لإحداث الضجيج والجلبة واللغط، ومن شأنها إقلاق الراحة العامة أو الخاصة، ومن بعض هذه الأدوات استخدام اللسان في حالة الصياح، والكلام غير اللائق، واستخدام أبواق السيارات، ومكبرات الأصوات، وتحريض الحيوانات على إحداث ضجيج، وغيرها[15].

 

5- توافر القصد الجنائي:

فالقصد الجنائي من أهم خصائص هذه الجريمة؛ فهي لا تعتبر جريمة - مثلها مثل غيرها من الجرائم - إلا إذا توافر القصد الجنائي المبني على إرادة كاملة ووعي تام وشعور سليم، وهو ما شدد عليه المقنن الليبي في المادة (62)، ولكن مع ذلك فقد استثنى من ذلك الجنايات والجنح التي ينص القانون صراحة على إمكان ارتكابها خطأ، أو بتجاوز القصد، واستثنى كذلك المخالفات، والفصل فيما تقدم مسألة تقديرية للقاضي وفق نص المادة (28) من قانون العقوبات الليبي.

 

ثالثًا: مكان وزمان السلوك الإجرامي ووسيلته:

1- مكان السلوك الإجرامي الخاص بجريمة التلوث السمعي:

مكان السلوك الإجرامي الخاص بجريمة التلوث السمعي نظر له المقنن الليبي من وجهين؛ أما الوجه الأول فهو الذي تعتبر فيه الجريمة من الجرائم الضارة بالبيئة، وفي سبيل ذلك فإن النطاق المكاني الذي تحميه التشريعات الخاصة بالبيئة في ليبيا هو المحيط الذي يعيش فيه الإنسان وجميع الكائنات الحية[16]، ويتضح من هذا التعريف أن المقنن الليبي يميل إلى الاتجاه الذي يحصر مفهوم البيئة في الوسط الطبيعي، ولكن مع ذلك فإن البيئة وفق هذه النظرة واسعة جدًّا، كما أن الجريمة سيصعب السيطرة عليها، ولكن المقنن عاد وأشار إلى أن الجرائم التي يطبق عليها القانون الليبي هي الأراضي الليبية، وكذلك السفن الليبية حيثما وجدت، إذا لم تكن خاضعة لقانون أجنبي حسب القانون الدولي، فلا يجوز وفق ذلك إقامة دعوى في هذه الجرائم عن جريمة تلوث سمعي وقعت خارج الأراضي الليبية.

 

2- زمان السلوك الإجرامي الخاص بجريمة التلوث السمعي:

السلوك الإجرامي والجريمة عمومًا، ومنها: جرائم التلوث السمعي، من الجرائم التي تقع في كافة الأوقات؛ فهي ليست جريمة موسمية أو ليلية فقط أو نهارية؛ فهي جريمة قابلة للحدوث في كافة الأوقات، وفي كافة الظروف؛ ولذلك فإننا نعيب على المقنن المصري الذي حدد في بعض نصوصه أن اللغط والضجيج المعاقب عليه هو ما يحدث ليلًا[17]، ولم يتطرق المقنن الليبي لقصر تطبيق العقوبة اللازمة على أوقات دون أخرى، وهو ما يجعل القانون ينطبق على كافة الجرائم التي تقع في كل الأوقات دون تفرقة، متى توافرت أسباب وأركان الجريمة.

 

3- وسيلة السلوك الإجرامي الخاص بجريمة التلوث السمعي:

وسيلة السلوك الإجرامي في هذه الجريمة هي الأدوات التي تنبعث منها الأصوات وتُحدث الضجيج والتلوث، وهي كثيرة ومتنوعة لحدود ربما تكون لامتناهية، وهي قابلة للزيادة مع كل تقدم تشهده الحضارة الإنسانية.

 

• التلوث الصادر من الطرق والشوارع والسكك الحديدية:

حيث تعتبر ضوضاء المواصلات والطرق السبب الأول للضوضاء الملوثة للبيئة في بعض الدول؛ ففي مصر مثلًا تمثل حوالي ٦٠ % من أسباب الضوضاء [18]، وهي تأتي بشكل أساسي من القطارات والسيارات والحافلات، وعربات النقل، والدراجات البخارية، وكذلك من الكاسيتات بالمحالِّ والمواصلات، وكل هذه الوسائل تسبب الضوضاء بطرق مختلفة.

 

• التلوث الناتج عن الطائرات والمطارات[19]:

بالرغم من أن الطائرات أصبحت أقل إزعاجًا عما كانت عليه من قبل، فإن ازديادها وازدياد عدد المطارات ليستوعب عدد الطائرات - أمر يؤدي إلى بقاء الضوضاء، وزيادة التلوث السمعي، وتعتبر ضوضاء الطائرات مشكلةً تزعج الذين يعيشون بجوار المطارات.

 

• الضوضاء الاجتماعية:

ومنها: التلوث السمعي الناتج عن المصانع والوِرَش؛ حيث تعد الضوضاء المنبعثة من الورش والمصانع من أكثر أنواع الملوثات السمعية، ولها مخاطر وأضرار كبيرة تصيب الإنسان الحي، لا سيما السكان القاطنين بجوار المناطق الصناعية[20].

 

ومنها التلوث الذي يحدث في المحيط السكني[21]، ويأتي على قمة أنواع الضوضاء،وله عدة مصادر للانبعاث؛ كضجيج الحيوانات الأليفة أو الضالة؛ كالكلاب والقطط، والضجيج الصادر عن الأعمال المنزلية اليومية، والأصوات المرتفعة الصادرة عن الأشخاص، وأصوات الموسيقا الصاخبة وغيرها.

 

رابعًا: صور السلوك الإجرامي:

1- السلوك الإيجابي:

ويتمثل السلوك الإيجابي في كل حركة عضوية يقوم بها الجاني[22] ابتغاء تحقيق آثار مادية معينة، وهذه الحركة قابلة بطبيعتها للتغاير والتنوع بحسب الجريمة، وهذا ما يميز الفعل عن الامتناع؛ فالأخير هو إحجام عن الحركة؛ حيث كان يتعين على الشخص إتيانها، والفعل لا يرقى إلى مرتبة السلوك المكون للركن المادي إلا إذا كان إراديًّا، ويمكن القول: إن ثمة صلة سببية بين الإرادة والحركة العضوية؛ فالأولى سبب الثانية[23]، وإذا انتفت هذه الصلة بين الإرادة والحركة العضوية، قيل: إن الحركة العضوية غير إرادية، ويترتب على ذلك انتفاء الجريمة قانونًا، وامتناع المسؤولية الجنائية لمن صدرت منه هذه الحركة غير الإرادية، ولو أفضَتْ إلى حدوث النتيجة المحظورة قانونًا، ولا يشترط أن يكون الفعل من حركة واحدة أو عدة حركات؛ ففي جميع الحالات لا يتحقق إلا فعلٌ إجرامي واحد، ولا يشرط أيضًا أن تكون الحركة العضوية حركة يدوية؛ كالطَّرْق على الآلات، والضغط على أبواق السيارات، وينحصر السلوك المادي في أحد أنشطة الشخص الطبيعي أو المعنوي، ومثال ذلك: الصياح الدائم أو المنقطع، أو الضغط على أبواق السيارات، أو تهييج الحيوانات، أو مخالفة ضوابط قوانين العمل في المصانع والورش والشركات، وكل ما يضيق به صدر الإنسان، متى كان مسموعًا مؤذيًا[24]، وغيرها، وبالتالي تستبعد من دائرة السلوكيات أفعال الطبيعة الأخرى، كما لو كانت أصوات البحار والحيتان التي تعيش فيها، على الرغم مما تسببه من أضرار، وقد تتحمل الدولة تعويضهم في حدود التزاماتها.

 

والسلوك الإيجابي هو صورة من الصور التي اعتد بها قانون العقوبات الليبي، وإن كان قد وسع المجال، فجعل كل فعل إيجابي تتحقق به الجريمة سببًا لوجوب العقوبة.

 

2- السلوك السلبي:

فالسلوك الإجرامي السلبي هو السلوك الذي يمتنع فيه الجاني عن القيام بفعلٍ أوجب القانون عليه القيام به، وإلا تحمل العقاب[25]، ومن صور ذلك: غلق المنشأة الصناعية المرخص لها بعد ساعات العمل المصرح بها، بما تسببه من جلبة وأصوات تنبعث من الآلات، أو امتناع صاحب الدار عن إسكات نباح كلابه المستمر، مع قدرته على ذلك.

 

ولقد اختلف فقهاء القانون[26] فيما إذا كانت الجريمة الإيجابية تتطلب عملًا إيجابيًّا من جانب الجاني، أو أنها يمكن أيضًا أن تقع بسلوك سلبي؛ أي: عن طريق الامتناع فقط، ولكن الفقهاء نظروا لها من باب إحجام الشخص عن إتيان فعل إيجابي معين كان الشارع ينتظره منه في ظروف معينة، بشرط أن يوجد واجب قانوني يلزمه بهذا الفعل، وأن يكون في استطاعة الممتنع عنه إتيانه، وعلى ذلك فالامتناع ليس عدمًا أو فراغًا، إنما هو كيان قانوني له وجوده وعناصره التي يقوم عليها، وإن كان الامتناع من الناحية الماديه ظاهرة سلبية، فهو من الوجهة القانونية ظاهرة إيجابية؛ أي: إنه موجود قانوني له كيانه [27]، وعلى هذا الأساس لا يتردد فقهاء القانون في إعطاء الامتناع حكمَ الفعل في كل جريمة يتصور فيها أن تقع بالامتناع، وللجرائم السلبية في منظومة جرائم تلويث البيئة عمومًا والتلوث السمعي خصوصًا: مكان بارز في قانون العقوبات الليبي؛ إذ أوجب القانون العقوبة إذا ارتكبت مع تجاوز القصد، إذا نجم عن الفعل أو الامتناع ضررٌ أو خطر أكثر جسامةً مما كان يقصده الفاعل.

 

وأوجب العقوبة أيضًا إذا حدثت النتيجة الإجرامية عن إهمال أو طيش أو عدم دراية، أو عن عدم مراعاة القوانين أو اللوائح أو الأوامر أو الأنظمة[28].

 

وقد نص القانون رقم 7 لسنة 1982 بشأن البيئة على إلزام كل منشأة أو مصنع أو معمل تنبعث منه ملوثات الهواء الاحتفاظ بتسجيل لنوعية ومكونات وكمية هذه الملوثات المطرودة، وتقديمها إلى المركز الفني لحماية البيئة، وهنا تتحقق الجريمة في صورتها السلبية بالإهمال بعدم التسجيل بتلك السجلات، أو تقديمها للمركز المختص، كما أوجب القانون.

 

ومن استقراء القوانين البيئية وغيرها من القوانين في ليبيا ومصر وفرنسا وغيرها من الدول، يتضح لنا حرص المقننين على تضمينها لنصوص تأمر بإتيان أفعال يرون ضرورة القيام بها حماية للبيئة من التلوث، وبالتالي يشكل الإحجام عن إتيانها سلوكًا إجراميًّا معاقبًا عليه بمقتضى تلك النصوص، وفي هذه الحالة يعاقب على مجرد الامتناع دون اشتراط تحقُّق نتيجة معينة تُحدِث تغييرًا في العالم الخارجي كأثر للنشاط الإجرامي في جرائم التلوث السمعي وغيرها من الجرائم.



[1] د.عادل قورة، محاضرات في قانون العقوبات، القسم العام - ص103.

[2] وادي عماد الدين زرارة: السلوك الإجرامي عند المرأة ص 15، نقلاً عن كتاب "علم الإجرام" للدكتور عبدالرحمن محمد أبو توتة.

[3] ابن منظور: لسان العرب - دار صادر 2003م:7/237.

[4] د.أحمد مختار عبدالحميد: معجم اللغة العربية المعاصرة: ط عالم الكتب 2008:1/1097.

[5] ابن منظور: لسان العرب - دار صادر 2003م: 3/129.

[6] د.أحمد مختار عبدالحميد: معجم اللغة العربية المعاصرة: ط عالم الكتب 2008م، 1/365.

[7] ابن منظور: لسان العرب - دار صادر 2003م، 7/256.

[8] د.رؤوف عبيد: مبادئ القسم العام من التشريع العقابي، دار الفكر العربي، الطبعة الثالثة، 1966، ص133.

[9] حسن بوسقيعة: الوجيز في القانون الجزائي العام: دار هوم ط7 ص 21.

[10] فرج صالح الهريش: علم الإجرام - ط 1 - المكتبة الوطنية بنغازي 1999م - ص 48.

[11] قانون العقوبات المصري في المادة رقم (379/2).

[12] راجع: د. مصطفى صلاح الدين عبدالسميع - المسؤولية الإدارية للدولة عن التلوث الضوضائي ص 151، د - عيد محمد مناحي - الحماية الإدارية للبيئة - ص 391، داود عبدالرازق الباز - حماية السكينة العامة - ص130.

[13] راجع: د. صلاح الدين فوزي: المبسوط في القانون الإداري ص 805.

[14] راجع: د. مصطفى صلاح الدين عبدالسميع: المسؤولية الإدارية للدولة عن التلوث الضوضائي - ص805.

[15] راجع نص المادة 371 من قانون العقوبات الليبي.

[16] القانون رقم 07 لسنة 1982 الخاص بالبيئة، والقانون رقم 15 لسنة 2003.

[17] المادة رقم (379/2) من قانون العقوبات المصري، التي نصت على أنه يعاقَبُ بغرامة لا تجاوز خمسة وعشرين جنيهًا كلُّ مَن حصل منه في الليل لغطٌ أو ضجيج مما يكدر راحة السكان.

[18] راجع - http://ar.wikipedia.org/wiki/تلوث_ضوضائي.

[19] م / جمعة محمد سلامة - التلوث الضوضائي..،أنواعه وأثره على البيئة والإنسان http://www.first - forums.com/showthread.php?t=613

[20] راجع: أحمد محمود سعد، استقراء لقواعد المسؤولية المدنية في منازعات التلوث البيئي،دار النهضة العربية،القاهرة،1994،ص198،2،الأنشطة المنزلية.

[21] راجع - http://ar.wikipedia.org/wiki/تلوث_ضوضائي.

[22] د. عادل قورة، مرجع سابق (ص105).

[23] راجع: ص56.

[24] راجع [الطعن رقم 25064 ق 59 بتاريخ 1995/01/01] محكمة النقض المصرية.

[25] د. عبدالوهاب حومد - شرح قانون الجزاء الكويتي - القسم العام - مطبوعات جامعة الكويت 1972م - ص130.

[26] انطر في آراء الفقه: د.جلال ثروت، نظم القسم الخاص، الجزء الأول، جرائم الاعتداء على الأشخاص، الدار الجامعية للطباعة والنشر 1984، ص71، رقم 45، الامتناع في القتل.

[27] د.محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات، القسم العام، الطبعة السادسة 1989، ص276.

[28] قانون العقوبات الليبي، المادة: 63.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ماذا نفعل لتعديل السلوك العدواني للأطفال؟
  • الاضطرابات السلوكية والانفعالية
  • تقويم الاضطرابات السلوكية والانفعالية
  • علاقة التلوث بالأمراض (1)
  • علاقة التلوث بالأمراض (2)
  • قلوبنا.. وخطر الأوزون!
  • تهديم الأركان من ليس في الإمكان أبدع مما كان لبرهان الدين البقاعي

مختارات من الشبكة

  • أقسام السلوك الأخلاقي ومراتبه(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • السلوك المزعج للأولاد: كيف نفهمه؟ وكيف نعالجه؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ماهية الجريمة الجنائية(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)
  • أثر استخدام برنامج تربوي متعدد الأنشطة لتنمية السلوك الاجتماعي الإيجابي لدى أطفال الروضة ذوي صعوبات التعلم(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • وسائل تفعيل التعزيز في المدرسة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • غير تاريخ ميلادك(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ازدواجية السلوك في القرآن الكريم(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • السلوك الأخلاقي(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • سلسلة أثر الإيمان: أثر الإيمان في توجيه السلوك (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ورشة عمل لتنمية السلوك المحمود للطلاب المسلمين في بريكوفيكا(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب