• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / طب وعلوم ومعلوماتية
علامة باركود

البيئة وعلاقتها بالإنسان: البيئة بين العالمي والمحلي

البيئة وعلاقتها بالإنسان: البيئة بين العالمي والمحلي
د. مولاي المصطفى البرجاوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/11/2014 ميلادي - 7/2/1436 هجري

الزيارات: 247211

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

البيئة وعلاقتها بالإنسان

البيئة بين العالمي والمحلي


منذ أن وُجد الإنسان على هذه الأرض وهو يعتمد في حياته على البيئة المحيطة به، وما فيها من مواردَ طبيعية، وتدرجت مراحل التسلسل التاريخي لعلاقة الإنسان ببيئته في خطوات متتالية، لكل منها تفاعل مستمر بين عناصر ثلاثة، هي: الإنسان، والتقدُّم العلمي، والبيئة.

 

تهدف هذه المقالة إلى تنمية الحس المرهف بالبيئة؛ فالأرض على سَعتِها صغيرةٌ لِأَنْ تتسعَ لأفعال الجنس البشري غير المنضبطة، أو كما قال أحد الفلاسفة البيئيِّين المعاصرين: "اجعل فلسفتك في الحياة أن الأرض مَركَبة النجاة، وعلينا جميعًا أن نصونها"، والأرض ليست لهذا الجيل فقط، بل هي له ولمن يأتي بعده من أجيال، في إطار ما يسمى بالتنمية المستديمة، ومن ثَم لا بد له من المحافظة عليها نظيفة صالحة للعيش عليها.

 

لا شك أن البيئة ظاهرة متعددة الأوجه والمشارب ومعقَّدة للغاية، ومن المستحيل الخوض في تفاصيلها من خلال مقالٍ واحد مهما كبر، ولكن سنحاول الوقوف على بعض الجوانب الرئيسة والمفتاحية، التي ستقدم تصورًا عامًّا عن هذه الظاهرة التي أصبحت الموضوع المستلذ عند المسؤولين - بشكل ملتوٍ، والمنظمات غير الحكومية - من خلال احتجاجات وحملات تحسيسية - وهِجِّيراهم وديدنهم في هذه المرحلة، إنْ على المستوى الدولي والعربي والمحلي.

 

مهما بدا ذلك غريبًا، فإن أفكار البيئة لم تظهر لأول مرة في نهاية القرن العشرين، كما يظهر ذلك من خلال هذه الضجة التي يدور فلكها حول مشكلة تهدد السلام العالمي من قبيل: ثقب الأوزون، والاحتباس الحراري، والتغيُّر المناخي، واستفحال القحولة... بل جذورها متغلغلة في أحضان الحضارات القديمة، بل يعود ذلك إلى أيام حمورابي وشرائعه التي حضت على تلقيح طلوع النخل للاستفادة من ثمارها، وحدد عقوبات على المزارعين الذين يُهملون تلقيح النخل، كما شرع قانونًا يقضي بحماية التربة الزراعية من الاستنزاف، وجاء فيه أن الأرض الزراعية يجب أن تزرع عامًا وتترك للراحة عامًا آخر، إلا إذا زرعت بالبقوليات التي تحافظ على خصوبة التربة لا تستنزف مواردها الغذائية[1]... دون أن ننسى دور الشرائع السماوية في ترسيخ إستراتيجية السلوك والإدارة البيئية، ومقاومة كل أشكال الهدر للمنظومة البيئية؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((إذا قامت القيامةُ على أحدكم وفي يدِه فَسِيلةٌ، فليغرِسْها)).

 

وعناصر هذا الموضوع تنتظم في المحاور التالية:

1 - الجهاز المفتاحي لموضوع البيئة.

2 - البيئة والقضايا الشائكة دوليًّا.

3 - القوانين البيئية في الوطن العربي بين الواقعية والاستهتار.

4 - البيئة المغربية والتنمية والإنسان: الحلقة المفقودة.

 

يختلف الناس من حيث اتجاهاتهم نحو البيئة؛ فهناك من ينظر للطبيعة نظرة فنية جمالية للاستمتاع بها، ومنهم من يتمتع بالحس الإنساني تجاه الطبيعة مع مكوناتها "الحيوانات والنباتات"، وهناك من يضع الإنسان والطبيعة على قدم المساواة، ويعارض أي استغلال لها، ويعمل على حماية وصيانة الحياة البرية.

 

إن التوفيق بين هذه الاتجاهات صعبٌ، ولكن كيف يمكن استغلال الموارد الطبيعية لمصلحة الإنسان مع الحفاظ عليها من التدهور؟ كيف يمكن الإبقاء على الناحية الجمالية من الطبيعة وهي تتعرض لتغيُّرات مستمرة بفعل الضغط البشري ومواردها؟[2].

 

ولكن من جهة أخرى، هل للإنسان من دورٍ فيما يقع للبيئة العالمية من اختلال: من ارتفاع الحرارة (الاحتباس الحراري)، ثقب الأوزون...؟ والوقع أنه لا توجد يقينيات في علم المناخ؛ فالأمر كلُّه يتعلق بنماذج كمبيوترية وتوقعات، صحيح أنها توقعات علمية، ولكنها تبقى توقعات.

 

التغيُّر البيئي قديم قِدَم البيئة ذاتها، غير أن إدراك أن البشر أنفسهم مسؤولون عن جانب كبير ومتزايد من هذا التغير أحدثُ من ذلك عهدًا، وأحدثُ من هذا وذاك القلق من بعض عناصر هذا التغير قد تكون مميتة لطائفة كبيرة من الأنواع، ربما بما فيها النوع البشري، ومن جِهة أخرى كما يبين لنا أستاذ الجغرافيا "أيان ج. سيمونز I.G.Simmons "، فإن فكرةَ وجود بيئة "طبيعية" لم تمسسها يد البشر، إنما هي فكرة أسطورية إلى حد بعيد.

 

وقد أدى الوعيُ بمسؤولية البشر عما يطرأ على الطبيعة من تغيرات، إلى تركيز أذهان الدارسين والباحثين على تشكيلة واسعة من الميادين العِلمية والإنسانية، مما أسفَر عن حصيلة وفيرة من الكتابات من تخصصات، يذكر منها: الجغرافيا، وعلوم المناخ، والأحياء، والآثار، والتاريخ[3].

 

1 - الجهاز المفتاحي لموضوع البيئة:

وكعادتنا في أي دراسة، وسعيًا منا إلى الأخذ بالمنهج العلمي في البحث؛ سنعمل على الوقوف وبشكل متأنٍّ مع سلسلة من المفاهيم، أو بالأحرى شبكة مفاهيمية للبيئة، ويظهر ذلك بشكل جلي في الخلط واللغط المستنزف بين البيئة المحيطة والإيكولوجيا... وسنحاول أن نسلط الضوء على ما ترسب في مفهوم الإيكولوجيين، بدءًا من الألماني هيكل، إلى الباحثين والتربويين البيئيين الجدد.

 

"البيئة": لفظة شاع استخدامها في السنوات الأخيرة، ورغم ذلك ما يزال المفهوم الدقيق لها غامضًا عند الكثيرين، لا سيما وأنه ليس هناك تعريف واحد محدَّد يبيِّن ماهية البيئة، ويحدِّد مجالاتها المتعددة، يعود الأصل اللغوي لكلمة البيئة في اللغة العربية إلى الجذر (بوأ)، الذي أُخِذ منه الفعل الماضي (باء)، قال ابن منظور في معجمه الشهير "لسان العرب": باء إلى الشيء؛ أي: رجع إليه"، وذكر المعجم نفسُه معنيين قريبين من بعضهما البعض لكلمة (تبوأ)، الأول: إصلاح المكان وتهيئته للمبيت فيه، والثاني: بمعنى النُّزول والإقامة.

 

بناءً على ذلك يتضح أن البيئة هي: "النزول والحلول في المكان"، ويمكن أن تطلق مجازًا على المكان الذي يتَّخذه الإنسان مستقرًّا لحلوله ولنزوله، وقد استخدم علماءُ المسلمين كلمة "البيئة" استخدامًا اصطلاحيًّا منذ القرن الثالث الهجري، للإشارة إلى الوسط الطبيعي: الجغرافي والمكاني والإحيائي، الذي يعيش فيه الكائن الحي، بما في ذلك الإنسان، وللإشارة إلى المناخ الاجتماعي: السياسي والأخلاقي والفكري المحيط بالإنسان، وقد يراد بالبيئة مجازًا: أولئك البشر الذين يسكنون فيها أو يُقِيمون، أو كافة المخلوقات والموجودات التي تحل مع الإنسان، وتستوطن مواضعَ عيشه، مثل: الحيوانات، والنباتات، والأشجار.

 

أما البيئة في المعاجم الفرنسية، وخاصة المعجم الجغرافي الفرنسي لـPierre GEORGE، فلها مصطلحان متداخلان: "Environement": وهو يعني: مجموعة الظروف أو المؤثرات الخارجية التي لها تأثير في حياة الكائنات (بما فيها الإنسان)، ومصطلح " Ecologie" (الإيكولوجيا)، ويُعرِّف علمُ البيئة الحديث البيئةَ بأنها: "الوسط أو المجال المكاني الذي يعيش فيه الإنسان، بما يضم من ظاهرات طبيعية وبشرية يتأثر بها ويؤثر فيها".

 

والبيئة - بصفة عامة - كلمة مأخوذة من المصطلح اليوناني OIKOS، الذي يعني: "بيت أو منزل"، وكثيرًا ما يحدث الخلط بين علم البيئة Ecology والبيئة المحيطة، أو ما تسمى أحيانًا بـ: علم البيئة الإنساني Environment؛ ذلك أن علم البيئة (الإيكولوجيا) يشمل دراسة كل الكائنات أينما تعيش، بينما يقتصر علم البيئة الإنسانية Environment على دراسة علاقة الإنسان الطبيعية دون سواها[4]، كما أنه من الملاحظ أن علم البيئة (الإيكولوجيا) ينادي بضرورة الاهتمام بالعلاقات المتداخلة بين الكائنات الحية، بما فيها الإنسان، والوسط الذي تقطنه، ومدى التأثير المتبادل ما بين الكائنات الحية وذلك الوسط، ويركز علم البيئة (الإيكولوجيا) على ضرورةِ وجود التوازن والتلاؤم ما بين الوسط والكائنات الحية، وإذا وجدت حالة اللاتوازن، ظهر الاختلال البيئي المتمثل في كثير من الظواهر، مثل: التلوث، والانقراض، والجفاف، والتصحُّر، وغيره؛ ولذا فإن علم البيئة (الإيكولوجيا) يركز على الاهتمام والتعرُّف على السلوك والتأثيرات المختلفة والمتداخلة بين الكائنات الحية؛ وذلك بهدف توضيح الخصائص الأساسية للعوامل الحية وعلاقتها بالعوامل غير الحية.

 

وقد أوجز إعلان مؤتمر البيئة البشرية الذي عقد في إستوكهولم عام 1972م مفهوم البيئة بأنها: "كلُّ شيء يُحيط بالإنسان".

 

2 - البيئة والقضايا الشائكة دوليًّا:

يستأثر كلٌّ من ثقب الأوزون والتغيرات المناخية (الاحتباس الحراري...)، والتلوث والتصحُّر والتنوُّع الحيوي... باهتمام المجتمع الدولي في شقِّه الحكومي وغير الحكومي، ولكن مع الأسف لا زالت أطراف تقف موقف المتعنِّت من جهة، وموقف المبرِّر في عدم تورطها في شكل من أشكال التدمير للمنظومة البيئية، لكن الطرف الأكثر تهميشًا والمتميز بحضوره المكثف - الجماهيري، ولكن غير ذي وزن على مستوى أي قرار، ويتعلَّقُ الأمر بالدول التابعة غير الآبهة بمدى لجلجة هذه الملتقيات البيئية الدولية التي تمثل ذر الرماد في العيون والضحك على الذقون؟! وهنا أطرح سؤالاً ثنائي الأبعاد: هل هذه القضايا البيئية خطيرة فعلاً أم هي مجرد زوبعة في فنجان لصد الرأي العام عن القضايا الكبرى (التنمية...)؟ وخير مثال الشعار الذي رفعته إنديرا غاندي: "الفقر أكبر ملوِّث للبيئة"..، هذا ولا نشك في القضايا البيئية الأخرى المتمثلة في التلوُّث بأشكاله المختلفة، والتصحُّر، وانقراض أشكال التنوع الحيوي...

 

من جهة أخرى، لماذا تضطر الشركات المتعددة الجنسيات إلى تبرئة ذمتها من دورها البارز في هذه الأزمات البيئية، من خلال تصريحاتها التبريرية التي تقول فيها: إن إنجاز فروع شركاتها في جميع أصقاع بلدان العالم يأخذ بعين الاعتبار المعطيات الإيكولوجية للبلد المضيف؟

كيف نفسر أيضًا استثمار الضعف الاقتصادي والاجتماعي لبعض البلدان الإفريقية بإغراقها بالنفايات السامة في أفق الحصول على لقمة من جانب الدولة المستأسدة لسد شأفة الجوع واستغلال الكوارث السياسية التي تتخبط فيها تلك البلدان؟

 

واستنادًا إلى مصادر الأمم المتحدة، فقد تسرب جزءٌ كبير من تلك النفايات السامة إلى البحر وإلى بحيرة شاطئية قبالة عاصمة ساحل العاج، مما يُنذر بكارثة بيئية وإنسانية خطيرة، بدأت تتخذ أبعادًا مختلفة؛ إذ أكَّد مبعوث الأمم المتحدة في ساحل العاج للشؤون الإنسانية، يوسف عمر، أن مصادرَ مؤكدة تشير إلى أن النفايات السامة قد تم تفريغها كذلك قرب حقول زرع الخضر، وتُعَدُّ هذه الفضيحة أكبر فضيحة للتخلص من النفايات السامة في إفريقيا يتم كشف النقاب عنها منذ العام 1988، حسب الخبير في مجال البيئة بيرنشتروف، (موقع جامعة الخط الأخضر).

 

المؤتمرات والاتفاقيات البيئية:

توالت المؤتمراتُ والاتفاقيات البيئية بشكل لافت للنظر، ولكن سأركز على أكثرها ذيوعًا، ليس من حيث فعاليتها، ولكن من حيث الطاقم الإعلامي البشري الهائل:

• مؤتمر إستوكهولم سنة 1972: أول مؤتمر بيئي حضره ممثلون عن 113 دولة، من المبادئ التي جاء بها:

♦ الابتعاد عن التوجه القطاعي إلى توجه أكثر شمولاً يتضمن كلَّ أوجه الحماية البيئية.

♦ التأكيد على المحافظة بدلاً عن المعالجة الشمولية لتفاعل المجتمع مع البيئة.

 

• قمة الأرض الأولى بريو دي جانيرو: عقد مؤتمر ريو دي جانيرو بالبرازيل سنة 1992، حيث اجتمع فيه زعماء العالم لبحث قضية التنمية والبيئة، وانبثق عن هذا المؤتمر اتفاقيتان:

أ - اتفاقية تغير المناخ: وذلك من أجلِ وقف الارتفاع المتوقع في درجات الحرارة وارتفاع منسوب البحار.

 

ب - اتفاقية التنوع الحيوي: وهذه الاتفاقية للمحافظة على جميع الأصناف الحيوية؛ إذ إن دراسات العلماء أشارت إلى ما يقارب 100 صنف حيواني ونباتي يتم فقدُه كل يوم.

 

المؤتمر الثاني لقمة الأرض حول التنمية المستدامة الريو +5 سنة 1995:

ثالث مؤتمر بيئي حضره ممثلون عن 93 دولة، من أهم مقررات المؤتمر:

♦ مراجعة الخطط الوطنية للتنمية المستدامة.

♦ تنفيذ المصادقة على الاتفاقيات الدولية، وتنظيم اتفاقيات جديدة، ووضعها قيد التنفيذ.

♦ متابعة اللجنة العليا للتنمية المستدامة عملية التقدم في التنفيذ حول العالم.

 

• مؤتمر مراكش سنة 2001 حول اتفاقية الإطار للأمم المتحدة المتعلقة بالتغيرات المناخية التي تم التركيزُ عليها في اتفاقية كيوطو سنة 1997، التي رفضت الولاياتُ المتحدة التوقيع عليها، وتهربتْ من مسؤوليتها في تلويث وتغيير معالم المنظومة المناخية العالمية.

 

• مؤتمر القمة العالمي حول التنمية المستدامة بجوهانسبورغ سنة 2002: رابع مؤتمر بيئي حضره ممثلون عن 189 دولة.

♦ مشاركة واسعة النطاق لجميع فئات المجتمع.

♦ تركيز اهتمام العالم وتوجيه الأعمال الدولية صوب مواجهة التحديات التي تُعِيق تحقيقَ التنمية المستدامة.

 

• في سنة 2007 في مؤتمر دافوس تم مناقشة قضايا متنوعة، ومن خلالها تم طرق القضية البيئية الشائكة من جديد في كل المؤتمرات البيئية، ويتعلَّق الأمرُ بالتغيُّر المناخي.

 

وهنا أعاود الكَرَّة من جديد: ما جدوى هذه اللقاءات الدولية إذا كانت الولايات المتحدة تغرد خارج السرب، وتتهرَّبُ من مسؤوليتها في انبعاث الحصة الكبيرة تقريبًا 25 % من غازات الدفيئة، وفي غياب قوة رادعة لها؟!

 

القضايا البيئية التي تطفو على السطح الدولي:

أ - ظاهرة التغير المناخي والاحتباس الحراري: آمال عريضة سبقت اجتماعًا للتغيرات المناخية العالمية في بيونس أيريس، فبعد إنجاز خطوة جوهرية على طريق خفض انبعاثات غازات الدفيئة بمصادقة روسيا على بروتوكول كيوطو، ساد التفاؤل بحدوث إجماع عالمي سيبدأ على إثره الالتزام بالبرتوكول بداية فبراير 2005، لكن هذا التفاؤل سرعان ما ضاع بين أحضان التجبر الأمريكي النفعي الذي لا يراعي في ذلك إلاًّ ولا ذمة، التي رفضت التوقيع على انخفاض انبعاثات المصانع من الأدخنة والأبخرة؛ مما دفَع دولاً أخرى إلى السير وراءها واقتفاء أثرها، وعلى رأسهم الهند والصين والبرازيل.

 

ب - ثقب الأوزون: وهناك نظريات مختلفة لتفسير تكوين ثقب الأوزون، بعضها يؤكد أنها ظاهره جيوفيزيائية طبيعية بالدرجة الأولى؛ (لأن الثقب يتكون في فصل الربيع، ويتلاشى في الصيف)، والبعض الآخر يؤكد أنها نتيجة للتفاعل مع المركبات الكيميائية المحتوية على الكلور والبروم، وإن التفاعلات تحدُثُ في الشتاء بسبب البرودة الشديدة، ومع حلول فصل الربيع يتضح نقص الأوزون (يظهر ثقب الأوزون)، لكن وكالة ناسا، أوضحت من خلال تقاريرها أن الثقب في تزايد مهول، يفوق ثلاثة أضعاف مساحة الولايات المتحدة، مما يهدد الحياة الطبيعية والبشرية بالأشعة البنفسجية الحارقة لكل أشكال الحياة على وجه البسيطة.

 

ج - تلوث: هذا الموضوع شكَّل قطب الرحى ومركز الثقل، بالنسبة لمشاكل بيئية أخرى، وقد أخذ قسطًا كبيرًا من اهتمامات أغلب البيئيين، ولكن سأتناوله في الشق المتعلق بالتدهور البيئي بالمغرب.

 

د - التصحُّر: وتقدر الخسائر التي تسببها ظاهرة التصحُّر على المستوى العالمي بحوالي 42 مليار دولار سنويًّا، وإنه عادة ما يبدأ التصحُّر بتدهور الغطاء النباتي، ثم بتعرية سطح التربة لتصبح الأرض جرداءَ لا تمسك ماء ولا تنتج نباتًا.

 

وحدد تقرير الأمم المتحدة أربعة أنشطة بشرية تعتبر الأسباب المباشرة لعملية التصحُّر، وهي: الاستعمالُ المجحف للأراضي الزراعية؛ مما يؤدِّي إلى تدهور التربة واستنفاد خصوبتها، والرعيُ المبكر؛ مما يؤدي إلى تدهور الغِطاء النباتي الرعوي الذي يحمي التربة، وإزالةُ الغابات التي تعمل على تثبيت التربة، وتحافظ على مساقط المياه، والإسرافُ في الري وسوء الصرف، الذي يؤدي إلى زيادة نسبة ملوحة وتصحُّر الأراضي.

 

وتشير التقارير العالمية التي صدرت عن الأمم المتحدة إلى أن العالم يفقد سنويًّا حوالي 24 مليار طن من التربة السطحية، وأن حوالي 70% من إجمالي مساحة الأراضي الجافة المستخدمة في الزراعة في العالم تضررت بدرجات متفاوتة من جراء عمليات التصحُّر.

 

اعتبرت منظمة الزراعة والأغذية التابعة للأمم المتحدة (الفاو) أن التصحُّر مرض الأرض الأشد خطورة، وقالت: إنه يضرب بقوة 3.6 مليارات هكتار في أكثر من مائة دولة.

 

وأفادت "الفاو" أن الفقر والتزايد السكاني السريع من بين الأسباب الرئيسية لظاهرة التصحُّر، التي باتت تشكل خطرًا كبيرًا على الإنتاج الزراعي والحيواني.

 

هـ - التنوع البيولوجي: نعني بالتنوع البيولوجي تباين الكائنات العضوية الحية المستمدة من كافة المصادر، بما فيها النُّظم الإيكولوجية الأرضية والبحرية والأحياء المائية، وللحفاظ على التنوع البيولوجي يجب المحافظة على الموارد البيولوجية، والموارد البيئية والأجناس، والعناصر الحيوانية والنباتية التي لها قيمةٌ فعلية أو محتملة للبشرية؛ فقد ثبت أن تنوع الكائنات الحية له قيمة جوهرية للنُّظم الإيكولوجية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية والثقافية، وصيانة التنوع البيولوجي تستلزم المحافظة على الأنواع القادرة على البقاء، والعمل على تنشيطها داخل محيطاتها الطبيعية، أو داخل نُظمها الإيكولوجية وموائلها الطبيعية، أو في المحيط الذي تتطور فيه خصائصها في حالة الأنواع المدجنة والمستنبتة؛ أي الأنواع التي تتطور بتأثير من البشر لتلبية احتياجاته، لقد تعرض التنوع البيولوجي لنقص خطير بفعل الأنشطة البشرية التي تؤثر على إمكانية حصول البشر في المستقبل على حاجاتهم من الطعام والدواء.

 

ولقد جاء توقيعُ اتفاقية التنوع الحيوي خلال مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية في البرازيل (مؤتمر ريو) في عام 1992 كخطوة أوَّلية في اتجاه التصحيح، لقد وقَّعت حوالي 150 دولة هذه الاتفاقية، ولكن ما زالت هناك حاجة لتوسيع الاتفاقية، وزيادة فعاليتها لحماية هذه الموارد قبل فوات الأوان.

 

بالرغم من أن قضية التنوع الجيني أو البيولوجي تعتبر من أهمِّ القضايا البيئية ذات التأثير المباشر على الإنسان، فإنها ما زالت غير واضحة المعالم للكثيرين، خصوصًا في العالم العربي، وفي الوقت الذي تنال فيه القضايا الأخرى، مثل التصحُّر والتلوث، بعض التغطية الإعلامية والدراسة والبحث يبدو التنوع الجيني قضيةً أبعدَ ما تكون عن فهم المواطنين العاديين.

 

خلاصة القول: إنه ما يثير القلق - على حد تعبير جينيفر مورجان - أنه في الوقت الذي تبدي فيه الكثير من الحكومات استعدادها الاضطلاع بالدور الصحيح المطلوب منها، تعمدُ الولايات المتحدة وبعض الحكومات الأخرى إلى الجدل والتفاوض لعقد اتفاقيات غير مجدية، لا تتطلب منها أي نوع من التنازلات الحقيقية، وأنه في الوقت أيضًا الذي تتحمل فيه الولايات المتحدة مسؤولية انبعاث25% من كل غازات الدفيئة الضارة المسببة للاحتباس الحراري، فإنها تطالب البلدان النامية بأن تقلل من كمية الغازات المنبعثة من صناعتها الناشئة، وهي بذلك تنسى المبدأ البسيط عن أنه لن يمكن الوصول لأي حلول كونية دون مراعاة العدالة الكونية[5].

 

3 - القوانين البيئية في الوطن العربي بين الواقعية والاستهتار:

البيئة في حاجة إلى ترسانة قانونية أم إلى وعي بجمالية البيئة (التربية البيئية)؟!

أوضح الفيلسوف السياسي البريطاني توماس هوبس في عام 1951 أن الحلَّ الأمثل لتغيير سلوكيات الإنسان هو استخدام التشريعات؛ لأن الإنسان بطبيعته الأنانية يميلُ إلى التصرُّف، أو العمل بما يحقق مصالحه الذاتية؛ فتطبيق قانون المرور بحزم في الدول الأوربية وغيرها (غرامات مالية مرتفعة، أو الحبس؛ أي ما ينتقص من المصالح الذاتية) أدَّى إلى تغيير السلوكيات، واحترام قواعد المرور، حتى في عدم وجود شرطي المرور، من ناحية أخرى يمكن إحداث تغيير في السلوكيات بالحوافز (إذا شعر الإنسان أنه لن يتحمل عبئًا إضافيًّا)، مثلاً أمكن تحقيق نجاح كبير في إدارة مخلفات المنازل الصلبة في مانيلا بتوزيع مجاني لأكياس جمع القمامة، وقامت بعض بلديات المدن الأوربية بتخصيص أيام لجمع الصحف القديمة من المنازل، وأيام لجمع الزُّجاج، كذلك تمنح بعض الدول حوافزَ مجزية لعمليات تدوير القمامة والمخلفات الأخرى.

 

مشكلة الحِفاظ على البيئة تمثل أحد أكبر وأهم التحديات التي تواجه المجتمع البشري، وتستلزم اتخاذ القرارات والإجراءات الحاسمة التي تكفل الإبقاء على المقومات البيئية الإيجابية، التي تساعد على استمرار الحياة بأشكالها المختلفة، وقد عمدت بعض الدول إلى إصدار عدد من القوانين والتشريعات الخاصة بسلامة البيئة داخل حدودها الوطنية مع الاحتفاظ بحق مقاضاة الدول الأخرى التي قد تتسبَّبُ في إلحاق الأذى بهذه البيئة المحددة، والمطالبة بالتعويض عن الأضرار الناشئة عن مثل هذه التعديات، ولكن لا يزال الأمرُ يحتاج إلى صدور قوانين صارمة وصريحة على المستوى العالمي، بحيث تكون ملزمة للجميع، بحيث تطبَّقُ بدقة على جميع الدول بغير تمييز، وقد يكون ذلك صعبًا في الوقت الحالي إزاء الهيمنة السياسية والاقتصادية والعسكرية التي تتمتَّعُ بها دول معينة بالذات، تستطيع أن تتحدَّى بما تملك من قوة كل القرارات والقوانين والتشريعات الدولية[6].

 

سنَّ المغرب تشريعات وقوانين بيئية حتى التخمة، ففي المادة 11 مثلاً تقول: "على كل شخص يملك أو يستغل منشأة مصنفة يتخذ كل التدابير اللازمة للوقاية، ولمحاربة تلوث البيئة وتدهور الوسط الطبيعي، وذلك طبقًا للمقتضيات التشريعية والتنظيمية والمقاييس والمعايير البيئية الجاري بها العمل، كما عليه أن يخضع لكل مراقبة أو تفتيش محتمل من طرف السلطات المختصة".

 

وبالرغم من وجود ترسانة قانونية تتمثَّلُ في العديد من الظهائر والمراسيم والقرارات المتعلقة بالبيئة، والتي تغطي قطاعات بيئية (الغابة، الماء، التُّربة، الصحة العامة، التراث الثقافي... )، فإن الإطار القانوني لحماية البيئة يعاني من نقصٍ كبير يحول دون قدرته على توفير الحلول الملائمة للمشكلات الإيكولوجية التي يواجهها المغرب، لكون أغلب القوانين وضعت في بداية القرن العشرين، وبالتالي أصبحت غيرَ ملائمة للتحوُّلات البيئية، مما يستدعي مراجعةَ هذه القوانين، ووضع أخرى، وإرفاقها بآليات تطبيقها[7].

 

وخلافًا لما هو معمول به في مجموعة من قوانين الدول الأجنبية، لا توجد مدونة أو قانون خاص بالنظافة أو حفظ الصحة، كما لم يتقرَّر وضع نظام نموذجي خاص، يمكن اعتماده كإطار مرجعي عام لوَضْع الأنظمة الخاصة على مستوى الجهات أو العمالات والأقاليم من قِبَل المصالح المختصة[8].

 

• على المستوى العربي، أكدت التشريعاتُ البيئية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية منذ السبعينيات على أهمية التثقيف البيئي والتوعية البيئية للمواطن لإنجاح السياسات والقوانين البيئية في الدولة؛ لذلك طالبت قوانينُها بضرورة إدخال التوعية والتعليم البيئي ضمن البرامج التعليمية في المدارس والجامعات والمؤسسات التعليمية في الدولة، وفي الإعلام، وأوكلت تلك المهمة إلى لجان أو مجالس أو هيئات البيئة، وحمَّلتها مسؤولية تنفيذ هذا العمل باعتباره من الأدوات الضرورية لتفعيل القانون البيئي بصورة خاصة.

 

ويتميَّزُ القانون الإماراتي بأنه يفرض عقوبةَ الإعدام في حالات معينة، ومثال على ذلك ما جاء في الفقرة (2) من المادة (62) من القانون الاتحادي رقم 24 لسنة 1999 في شأن حماية البيئة وتنميتها التي نصَّت على تطبيقِ عقوبة الإعدام، أو السجن المؤبد، والغرامة التي لا تقل عن مليون درهم، ولا تزيد على عشرة ملايين درهم، لكل من قام باستيراد أو جلب المواد أو النفايات النووية أو دفنها أو إغراقها أو تخزينها أو التخلص منها بأي شكل في بيئة الدولة.

 

المعوقات القانونية:

أصدرت معظمُ دول الخليج العربي قوانينَ شاملة لحماية البيئة في منتصف التسعينيات، إلا أن الجهاتِ المختصة في تطبيق القانون لا تزال تعاني من التخبُّط في تفعيله؛ بسبب النقص في الكوادر الوطنية المؤهلة، وعدم وجود محاكم بيئية وقضاة بيئيين ممن لديهم دراية كافية بالطبيعة الخاصة للقوانين البيئية، والنقص في الجهاز المعاون لهيئة المحكمة من الفنِّيين والخبراء البيئيين، بالإضافة إلى أن الجهات الرسمية المختصة بتطبيق الاتفاقيات البيئية الدولية والإقليمية لا ت

 

وفي كثير من الأحيان، يتضمنُ التشريع الوطني أحكامًا تخالف صراحة، أو تتعارض مع الأحكام المنصوص عليها في الاتفاقيات البيئية الدولية، وعلى الأخص ما يتعلقُ بالجزاءات أو التدابير الاحترازية الواجب تطبيقها في حالة تلوُّثِ البيئة البحرية أو تدميرها، ومما يؤدي إلى اتساع الفجوة بين الجانب النظري والجانب العملي[9].

 

ففي سياق تضارُبِ المصالح والطابع البراغماتي الذي يحرك أغلب البلدان، نجد كمثال اتفاقية كيوطو الأقل شعبية لدى الدول العربية؛ حيث لم تصادق عليها إلى الآن إلا خمس دول، وهي مصر سنة 1999، والمغرب سنة 2002، وتونس 2003، والأردن 2003، وأخيرًا اليمن سنة 2004، في المقابل لم يوقِّع على الاتفاقية أية دولة نفطية من دول الخليج، أو الجزائر، وهي دول ترفض الكثير من مبادئ والتزامات المعاهدة؛ لأن حصص الانبعاثات من هذه الدول مشبعة، ولن تستفيد شيئًا من البروتوكول، بعكس الدول غير النفطية، التي ستكون آلية التنمية التنظيفية وتجارة الكربون.

 

4 - البيئة المغربية والتنمية والإنسان: الحلقة المفقودة:

فإذا كانت دول الشمال المتقدمة اقتصاديًّا واجتماعيًّا، تشتكي وتتخوَّفُ من الحالة البيئية الدرامية، فإن دول الجنوب تُحِسُّ بهذا الانشقاق الإيكولوجي أكثر عمقًا، وبلدنا المغربي معنيٌّ مباشرة بما يجري عالميًّا.

 

التدهور البيئي بالمغرب:

يتخبَّطُ المغرب في وضعية بيئية لم نعِ بعدُ خطورتها، من هنا يستوجب أن تدرج الإكراهات الطبيعية ضمن الأولويات، شأنها شأن باقي المتطلبات الاقتصادية والاجتماعية:

أ - تدهور الغابات: بالرغم من شساعة مساحة المناطق الجافة والصحراوية بالمغرب، فإنه يتمتع بمساحات غابوية كثيفة، التي تقوم بوظائف أساسية، منها:

المساهمة بـ 30 % من الحاجيات الغذائية، وبـ 30% من الخشب الصناعي، بَيْدَ أن الغابة المغربية بالرغم من تعدد وظائفها فإنها تعاني من سوء التدبير؛ فغابة المعمورة كنموذج لأكبر غابات الفلين في العالم - وقِسْ ذلك على باقي الغابات المغربية - إذ تحظى باهتمام خاص على المستوى البيئي والاقتصادي والاجتماعي، فإلى جانب ثرواتها النباتية والحيوانية المهمة[10]، تُعَدُّ هذه الغابة المجال الطبيعي الفريد الذي يلجأ إليه سكان المدن المجاورة (الرباط - سلا - الخميسات - القنيطرة)..، ورغم هذه الوظائف المتنوعة فإن غابةَ المعمورة تئنُّ مِن وطأة التراجع المهول بـ 1500 كلم سنويًّا؛ مما يعني أنها إذا استمرت على هذه الوتيرة، فإنها ستنقرض في سنة 2025، ويمكن تلخيص عوامل تدهورها في:

• أسباب بشرية: ترتبط بتزايد الضغط السكاني على الغابة بمعدل 4 % سنويًّا؛ وذلك بقطع الخشب للتدفئة، وفي هذا الصدد قدر مجموع الأشجار التي تم قطعها بإقليم الخميسات بـ 134 ألف م3 سنويًّا.

 

• الرعي الاضطراري: وهنا أخالف من ينعته بالرعي الجائر، وهي أزيَد من 250 ألف رأس من غنم وبقر تعيش طيلة السنة، لكن ما يدفع غالبية هؤلاء إلى هذه الممارسة عدم توفُّرهم على القدر الكافي من الكلأ، والأمر لا يحتاجُ إلى تنظير وإلى إطلاق المصطلحات على عواهنها، وهنا يحضرني بيت شِعري يجسد هذه الوضعية، يقول الشاعر:

ألقاه في اليمِّ مكتوفًا وقال له:
إياك إياك أن تبتلَّ بالماء

 

• عمليات الحرق: تحتل غابة الخميسات الصدارة بـ 180 هكتار سنويًّا، والرباط بـ 13هـ، وقد نتج عن ذلك تعرُّضُ المراكز الحضرية المجاورة إلى زوابع رملية، وانقراض عددٍ من الأصناف الحيوانية والنباتية.

 

ب - تلوث الموارد المائية: خصص تقرير التنمية البشرية لسنة 2006، الذي أصدره برنامج الأمم المتحدة للتنمية في نونبر الماضي تحت عنوان: "ما هو أبعد من الندرة: القوة والفقر وأزمة المياه العالمية" - موضوعه لقضايا المياه، وأهم ما تضمنه تقرير هذا العام أنه رفض ترويج البعض أن أزمة المياه العالمية تتمثَّلُ في النقص الشديد في الإمدادات الفعلية، ويرجعُ جذور الأزمة إلى الفقر وعدم المساواة وعلاقات القوى غير المتكافئة، فضلاً عن سياسات إدارة المياه غير السليمة التي تزيد من وطأة وحدة ندرة المياه.

 

بَيْدَ أن المغرب من البلدان العربية القليلة التي حباها الله بمواردَ مائية متنوعة (أنهار، وتطل على ضفَّتين بحريتين، بحيرات...)، لكن التقارير تشير إلى أن 37% من مصادر المياه المغربية في حالة سيئة؛ فالتلوث الذي يعم المياه القارية والبحرية، أصبح من القضايا التي تشغَلُ الرأيَ العام والخاص، نتيجة الصرف العشوائي للمياه المستعملة والصناعية، دون معالجتها، ومن أهمِّ النماذج:

• حوض سبو: يُعَدُّ من الأحواض التي تدهورت حالتها بشكل خطير؛ نتيجة وجود تجمعات حضرية ووحدات صناعية (تكرير النفط، الدباغة، السكر، الورق، مراكز الحليب، صناعة الخميرة، الخمور...).

 

• نهر بهت: يلقي معمل قصب السكر لدار الكداري بـ 170م مكعب /الساعة، وهي عبارة عن نفايات عضوية، ومواد معدنية (الفوسفور - الأوزوت).

 

• نهر أم الربيع: يستقبل مخلفات شركة تلفيف الطماطم، وعصير البرتقال، ومعمل الزجاج الذي يرمي بالنفايات السامة المستعملة في تركيب الزجاج؛ مما يؤدِّي إلى ظهور أمراض جِلدية.

 

• تلوث نهر أبي رقراق: نظرًا لتموقعه بين تجمُّعين حضريين متميزين في المغرب، فهو معرض بشكل يومي لشتى أنواع الملوثات من قبيل النفايات السائلة الملوثة، والأزبال التي تلقى في مزبلة "عكراش"، وتنامي العشوائية، وتمركز الأنشطة الصناعية على ضفاف النهر.

 

• تلوث البحر المتوسط: الملاحظ أن 140 ألف مقاولة صناعية في الدول الأوربية تلقي بنفايتها في البحر المتوسط، وأن 70% من مياه الصرف الصحي بهذه الدول تصب فيه بدون معالجة، والدول العربية الواقعة في جنوب الحوض تلقي بـ 90% من مياه الصرف الصِّحي[11].

 

ج - اكتظاظ المدن ونوعية الحياة: إن المشاكل الاجتماعية والاقتصادية (قلة فرص الشغل، ونقص أهم المرافق...)، كل ذلك ساهم في تشويه الخريطة العمرانية بالمغرب، وهذا بالأساس ناجم عن البطء في عملية إعداد التراب الوطني؛ فأغلب الأنشطة الاقتصادية مركَّزة في الشريط الساحلي؛ مما يُعرِّض هذه المناطق للاكتظاظ وانتشار أحياء الصفيح، وما يصاحبها من بيئة غير سليمة، في الوقت الذي تصير فيه مناطقُ أخرى في عُزلة شبه تامة، وحسب Paul Bairoch إن أيَّ نمو حضري يتجاوز مليوني ساكن سيكون مصحوبًا بتدهور قويٍّ للظروف العامة للحياة بدون تطور إيجابي في مجال العمل[12].

 

فإذا كان المغرب يصنَّف في المرتبة 128 من حيث مشاكل الفقر والتنمية، فيجب التوضيح أن المشاكل البيئية التي تعرفها بلادنا، مسؤولةٌ بأكثر من 70 في المائة عن هذا الوضع، وهذا راجعٌ إلى عدة عوامل، منها ما هو طبيعي، ومنها ما هو موضوعي.

 

والآن أكثر من أي وقت مضى، أصبح من المهم فهمُ العلاقة الوطيدة الموجودة بين البيئة والتنمية، وأن مشاكل الفقر والبطالة والصحة، متعلِّقةٌ بالتدهور البيئيِّ، وأن التنميةَ الاقتصادية والاجتماعية والبشَرية المستدامة، لا يمكِنُها أن تكونَ في غياب إستراتيجية شاملة، تأخذ بعين الاعتبار الإنسان كمحورٍ أساسي، تصون كرامته، وتُعلِي معنويَّاته بمنحه التعليمَ الشامل والمفيد، والصحة الجيدة، والسكن اللائق، والحق في الشغل، والمساهمة في التنمية، في إطار بيئة سليمة.

 

عندما نعلم بأن التدهور البيئي بشتى أشكاله، يستهلك ما يقارب 7 مرات ميزانية وزارة الصحة، وأن 2 مليار درهم سنويًّا تضِيعُ بسبب التدهور البيئي، منها ضياع 20 ألف هكتار سنويًّا من الأراضي بسبب التصحُّر، و30 ألف هكتار من الغابات المدمرة، فهذا يستدعينا إلى دقِّ أجراس الخطر، والإحساس بضرورة الدراسة الجيدة والموضوعية لهذا الملف...[13]، ومحاولة إدراج فعاليات المجتمع المدني في كافة الأنشطة البيئية بحُكمِ قربها من الساكنة، وهذا بطبيعة الحال لا يتم برَفْع اللافتات التحسيسية والشعارات الرنانة الظرفية، وعقد الشراكات المزيَّفة التي لا تُبقِي ولا تذَرُ، بل تطوير هذه الشراكات في تناغم وانسجام مع الإطار البيئي المستهدف.

 

على ضوء المعطيات السابقة، نخلص إلى ما يلي:

• نهج اللامركزية الإدارية في الشؤون البيئية (خاصة الساكنة، جمعيات المجتمع المدني...).

 

• اعتماد العلم والقانون لمعالجة المواضيع البيئية موازاة مع الأنشطة الأخرى التنموية.

 

• إدراج السياسات البيئية في جميع سياسات القطاعات الإنمائية.

 

• العمل على الارتقاء بمستوى الوعي البيئي بين السكان، ومتابعة تطوره من خلال برامج ثقافية وإعلامية، وكذلك تقديم الاستشارات والنصائح البيئية؛ بُغية الوصول إلى الهدف الأكبر، وهو إنجاز نهضة وطنية ذات عزيمة وتصميم على حماية البيئة والوقاية من التلوُّث، والوقوف في وجه المحاولات الرامية لنقل الصناعات الملوثة إلى بلدان العالم الثالث بحجَّة تشجيع الاستثمار.

 

• إحداث حالة من الانسجام والتعاون المشترك وتبادل الخبرات بين البلد والبلدان المجاورة، فضلاً عن تأمين وتفعيل جسور التعاون التقني مع بعض البلدان؛ بهدف تطوير مشروع مشترك ضمن إطار تفعيل السياسة البيئية وإبراز دورها الرئيسي في درء المخاطر البيئية، واتخاذ التدابير المناسبة؛ للحدِّ من ظهور مشاكل بيئية مستقبلية.

 

• تقتضي الضرورة تنفيذ دراسات تقييم الأثر البيئي للمشاريع الاستثمارية، ومراقبة تطبيقها، فضلاً عن الاعتماد على ما يسمى باختبار حساسية البيئة، ومدى إمكانية التعايش معها، ووَضْع هذا الاختبار موضع التنفيذ، على أن يمتدَّ ليشمل جميعَ مجالات التخطيط لمشاريع الاستثمار بكافة أشكالها، بما فيها الصناعية والإنتاجية آخذين بعينِ الاعتبار أنواعَ المنتجات، وطرق الإنتاج، وكذلك طرق التخلُّص من النفايات الصادرة عن العملية الإنتاجية.

 

• من المهم توضيح العلاقة المباشرة ما بين سبل المعيشة للمجتمعات المحلية وإدارة الموارد الطبيعية، وإقناع هذه المجتمعات وبعض الفئات الاجتماعية - الاقتصادية أن ممارساتها التقليدية تسبِّبُ ضررًا للموارد الطبيعية التي يعتمد عليها في تحقيق سبل المعيشة، وأن تغييرَ هذه الأساليب ضروريٌّ جدًّا لتعظيم الفوائد والمكتسبات الاقتصادية في حال تمت إدارة هذه الموارد بطريقة مستدامة، دون أن ننسى الدورَ المنوط، والمسؤولية الملقاة على عاتق الدولة في توفير البديل للحِفاظِ على هذا الكنز الطبيعي.



[1] د. عواد جاسم الجدي: البيئة نبض الحياة: أمن البيئة وحمايتها بين الماضي والحاضر، المنهل أكتوبر 1995، ص: 144.
[2] التربية البيئية ودورها في الحفاظ على عناصر البيئة، جنينة حسنين، دار الشروق ط - 2000، ص: 25.
[3] للتوسع في الموضوع الرجوع لكتاب البيئة والإنسان عبر العصور، تأليف: إيان ج. سيمونز، ترجمة: السيد محمد عثمان، سلسلة عالم المعرفة، العدد 222.
[4] البيئة والصحة العامة، إحسان علي محاسنة - عمان - دار الشروق للنشر والتوزيع ص 17.
[5] د. أحمد أبو زيد: فن التعامل مع البيئة، مجلة العربي، العدد 545، أبريل 2004، ص 29.
[6] جريدة الأحداث العربية، العدد 11، دجنبر 2006 ص6.
[7] الثقافة التربوية العامة، عبدالغني المعروفي، مارس 2000، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء ، ص 21.
[8] أحمد ايت الطالب، النظافة الحضرية: التنظيمات الحضرية في خدمة التنمية المستدامة، مجلة الشرطة، فبراير 2007، العدد 25 ص22.
[9] القانون البيئي العربي بين النظرية والتطبيق؛ الدكتور حسين الركابي، أكاديمي عراقي مقيم في ألمانيا، حزب الخضر الوطني العراقي - مكتب ألمانيا - منتديات شبكة العراق الأخضر.
[10] للتوسع في الموضوع الرجوع لكتاب: BENABID.A (1985)les écosystèmes forestiers et presteppiques du Maroc .Répartition ،biogéographie،et problème posés par leur aménagement Foret Méditerranéene19(2)
[11] عبدالسلام الميموني، البيئة من الاغتصاب إلى الإرهاب، جريدة الصحيفة، العدد 74 - 12/18، يوليوز 2002، بتصرف.
[12] السكان والبيئة، أحمد الحطاب: كتاب التربية السكانية بالمغرب، الكتاب المرجعي، ص202.
[13] عائشة الدتسولي: التدهور البيئي ناتج عن الاستغلال العشوائي للموارد الطبيعية، جريدة المغربية 6.10.2006.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • موقف الشريعة من تنظيمات قضايا البيئة
  • تطبيقات عملية لحماية البيئة في الإسلام
  • الحسبة وحماية البيئة
  • مشروع قرار حول حماية البيئة
  • بيئة العمل والبيئة المجتمعية
  • على من تقع المسؤولية الحقيقية لحماية البيئة؟
  • الإنسان بكل المعايير ... (المقاييس)

مختارات من الشبكة

  • الجغرافيا وإشكالية البيئة (البيئة المغربية: واقع وآفاق) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • صحة البيئة واقتصاديات البيئة(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • المؤتمر الإسلامي الثالث لوزراء البيئة : حماية البيئة في خدمة التنمية المستدامة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • البيئة الدعوية ومعوقات الدعوة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • توازن وتلوث البيئة في القرآن الكريم(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • البيئة بين القانون الوضعي والشريعة الإسلامية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مفهوم البيئة في الفكر الجغرافي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • إنهم يقتلون البيئة!(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • رعاية البيئة بين هدى الإسلام ووثيقة حقوق الإنسان (بحث كامل)(كتاب - موقع الأستاذ الدكتور فؤاد عبدالمنعم أحمد)
  • الحفاظ على البيئة من التلوث(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
2- شكر
hayet - الجزائر 13-05-2024 04:10 PM

شكرا على المعلومات القيمة هذا موضوع مهم جدا.

1- معلومات جغرافية
safa maawia - السودان 19-12-2015 10:05 PM

أنا أدرس بكليه علوم الجغرافيا جامعه الخرطوم
أريد معرفه معلومات جديدة عن الجغرافيا الطبيعية والبشرية
أحب مادة الجغرافيا جدا وأتمنى التوفيق من الله عز وجل
أتمني المساعده وإرسال كل المعلومات الجغرافية والخرائط.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب