• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / طب وعلوم ومعلوماتية
علامة باركود

التوازن والوسطية في خلقنا

د. غنية عبدالرحمن النحلاوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/9/2014 ميلادي - 23/11/1435 هجري

الزيارات: 9880

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التوازن والوسطية في خلقنا

الدم بين السيولة والتخثر مثلًا


كثيرة هي الأمثلة المعجِزة في هذا المقام، ويجليها الله تعالى لنا - كأطباء - لنستفيد منها في علاج الأمراض، والأهم لنزداد إعظامًا وحمدًا لهذا البارئ المصور سبحانه، الذي أودع فينا آليات التنظيم الداخلي، وسخرها لنا حتى يتم الاستتباب، ويتحقق التوازن في أجهزتنا ونسجنا، ومن أهمها: دمنا!

 

علمًا أن هنالك أمثلة لا تقل إعجازًا عن ذلك التوازن المبهر:

مثل: التوازن في نظام جهازنا المناعي بين قتل الخلايا الممرضة والمريضة، وعدم قتل الصحيحة، ولا الجراثيم الصديقة، ومثل توازن العناصر الغذائية في جسمنا؛ كالحديد والكلس؛ حيث إن كلاًّ من زيادتها ونقصها عن القدر المحدد من البارئ سبحانه يؤدي إلى الأمراض!

 

ومثل الدقة في نظام النوم واليقظة لدينا، وارتباطه بالتوازن العصبي والهرموني ومراحل نمو الطفل، كل ذلك - وغيره كثير - سخَّره لنا بارئنا: ﴿ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ﴾ [الأعلى: 2، 3] سبحانه - بقدرته وفضله، وهو العليم الخبير - وقدَّره بالظروف المثلى التي تسمح لنا بالبقاء والاستمرار بإذنه، غفرانك اللهم!

 

ولعلَّ قوام الدم المتوازن من أكثر تلك الأمثلة سطوعًا ودقة، وهو الذي يضمن جرَيان الدم في الشبكة الوعائية باعتدال، في حالة مثالية، تتوسط بين اللزوجة الزائدة لحد التخثر التلقائي (التجلُّط)، وبين الميوعة وفقد ميزة التخثر لحد النزف الشديد.

 

معجزة الإرقاء:

إن التأمل في ذلك التوازن والاستتباب يجعلنا نشعُرُ بعظمة الله تعالى الذي خلقنا، ولكل خلية دورها، بل لكل جُزَيْء أو ذرة في تلك الخلية - أو في محيطها - مهمة تؤدى بدقة وتنظيم فائقين؛ وذلك للحفاظ على الثباتِ والاستقرار:

• =×= في البيئة الداخلية لأجسامنا.

•=×= وكذلك خلال تفاعل أجسامنا المستمر مع البيئة الخارجية؛ وأبرز مثال لهذا التفاعل في موضوعنا هو الإصابات الرضية، المغلقة منها أو المفتوحة، في الجروح والرضوح، (رضح = رض + جرح).

 

فهذا السائل الثمين من أن يراق قضى ربُّ العالَمين بحرمة إهداره، وهو تعالى وهَب لنا معجزة الإرقاء التي تمثل نافذةً على ذلك التوازن المعجز، حين فطَر أجسامنا عليها، لوقف النزف بمختلف أشكاله وأسبابه، ومنع خسارة الدم، وهي بما فيها من دقة وتوازن من أعقد العمليات، والتي سأحاول تبسيطها بإيجاز.

 

يتطلب نجاح الإرقاء:

• الدقة في التوقيت: استجابة سريعة جدًّا تلي الأذية.

•• الدقة في العمل: استجابة منظمة ومتناسقة.

 

← في الرسم أعلاه: تحطم جدار الوعاء وعناصر الدم تُهرع للمكان، ثم أدناه: الخثرة تسد الجرح، وتبدو الصفيحات المفعلة (الصفراء) مع شبكة الليفين.

 

ناهيك عن توفر البنى الأساسية لقيامه، ولكل منها دوره في تلك الاستجابة؛ وأهمها:

1) جدران الأوعية: إن بطانة الوعاء الملساء التي يكون الدم على تماسٍّ بها هي البيئة السوية لضبط سيولته وجريانه، وعندما يتعرض الدم للهواء، أو يحتك بسطح خشن - مثل النسيج الداعم والغني بـ: "ألياف الكولاجين" في جدار الوعاء المتضرر - تبدأ مواصفاته بالتغيُّر، من جهة أخرى يتقلص الوعاء الدموي المصاب فورًا وتتبدل خواصه:

♦ هو يتقلص استجابة لمنعكس الألم الموضعي الناجم عن الأذية، (سبحان الله كيف جعل الألم مفيدًا!).

 

♦ ويتابع تقبُّضه وتضيُّقه استجابةً لحاثَّات تفرزها الخلايا المبطنة له، والصفيحات الدموية الجائلة مكان الحدث فورًا، وتتضح فائدة تقلص الأوعية في تصغير مكان الأذية، وإقلال النزف، بشكل خاص في الأذيات المتعددة للأوعية الصغيرة.

 

♦ والمدهش أن جدرانَ الأوعية السليمة تفرز باستمرار في حالة السواء موادَّ مضادة للتخثر، ومانعة للالتصاق، وفور التأذي لا تتوقف خلاياها البطانية عن إفراز مضادات التخثر وحسب، بل تشرع بإفراز محرضات التخثر، ومن أهمها عنصر نسميه: "عامل فون ويليبراند"، وسبب أهميته: أن نقصه يؤدي إلى مرض وراثي يسمى باسمه، وهو أكثر الأمراض النزفية الخلقية شيوعًا عند البشر، فانظر إلى الدقة في الخَلق كيف أن واحدًا من أصغر الجنود رتبةً له هذا الشأن!

 

2) الصفيحات الدموية، إن العلم عندما عرف أن نظام الإرقاء يقوم على الاستجابة الموضعية السريعة، اكتشف أن مفتاحَ هذه السرعة وتناسقها يعتمد على: "الصفيحات الدموية"، والصفيحات: هي مكون خلوي أساسي من مكونات الدم، ورغم أنها ليست خلايا كاملة فإنها تلعب واحدًا من أهم الأدوار في الإرقاء.

 

وهي تُعَد (150 - 350) ألف صفيحة في كل مِلِّي متر مكعب من الدم، وتحمل كل منها على سطحها عددًا من "المستقبلات" الجاهزة للتعامل مع الوسائطِ المخثرة للدم، وهي تتحرك في تجوال مستمر - كدوريات - ترصد أي أذية على طول شبكة الأوعية الدموية، حتى أصغر وعاء شعري في رأس إصبعك مثلًا! وخلال ثوانٍ من حصول الجرح وتفرُّق الاتصال في جدار الوعاء الدموي، تلقي الصفيحات نفسها لتلتصق بالسطح المتأذي تحت بطانة الوعاء، بوساطة عامل فون ويليبراند المذكور، الذي يكون موجودًا بالمكان وقد مر بتبدلات هيَّأته للارتباط بمستقبلاته الخاصة على سطحها، فيحولها إلى شكلها المفعل أو النشِط:

• فتصبح قابلة للالتصاق بشدة أكبر مع الجزء المتأذي من الوعاء، ويسمى هذا الحدث لصوق الصفيحات المتفعلة.

• وكذلك قادرة على التلاصق مع مثيلاتها من الصفيحات (وهو ما يسمى: التكدس)، فتحقق السد الأوَّلي للثقب!

 

وفي الوقت نفسه تفرز كل "صفيحة" مفعلة عدة وسائط كيميائية - تخزنها عادة في محافظ خاصة - أهم وظائفها:

تضييق الوعاء - كما رأينا - واستدعاء المزيد من الصفيحات، وتفعيلها، سبحان الله! فالدورية التي كانت موجودة وتفعَّلَت تنادي المدد من مثيلاتها للقدوم للمكان! وكلما زادت الوسائط المفرزة زاد عددُ الصفيحات المنخرطة في المهمة، لتتشكل سدادة الصفيحات البدئية في أقل من دقيقة، ويذكر أن الصفيحات هي المسؤولة بمفردها عن تدبير التشقُّق والكشط المستمر لجلدنا، والتسحج البسيط (الرضي وغير الرضي) في حياتنا اليومية.

 

وما أن تلتصق الصفيحات مع مكان الأذية، فإن وجه كل صفيحة يؤمن ما نسميه: "سطح التفعيل"، الذي تلتصق عليه "عوامل التخثر"، وهي البنية الثالثة - في الترتيب - بالنسبة لعملية التخثر ونظام الإرقاء! كما سنرى.

 

3) دور عوامل التخثر:

هناك "دزينة" - على الأقل - من البروتينات المتميزة جدًّا، يجُول أكثرها في الدم كأنها تقوم بدوريات عَسَسٍ، ولكن هنا ملاحظة هامة، وهي أن هذه العناصر المؤثرة تكون جاهزةً وغير جاهزة! كيف؟ ولماذا؟

هي جاهزة للتفعيل، ولكن مستحيل أن تجُول مفعَّلة، سبحان الله تعالى، وإلا اضطربت سيولة الدم في جسمنا، وحصلت خثرات لا مبرر لها؛ ولذلك تكون عوامل التخثر بحالة طلائع (طليعة الخثرين، طليعة الليفين، أو مولد الليفين)[1]، ويصنع أغلبها في الكبد، وهي تحمل للمكان المتأذي رفقة مرتكزاتها وعوامل تفعيلها، فانظر إلى التوازن والدقة في صنعة البارئ سبحانه! وكما ذكرنا فإن وجه الصفيحات الملتصقة يقدم أول سطح تفعيل لتلك الطلائع! تتالى بعده التبدلات فيما نسميه "شلال التخثر"، الذي ينتهي بتشكيل شبكة الألياف ذات الخيوط المفتولة التي تنتشر من كل الجهات حول سدادة الصفيحات، وتندخل فيها وتتخللها، فتمتِّنها وتشكل معها الخثرة النهائية.

 

وهي الخطوة الثالثة في هذه الاستجابة السريعة التي تنتهي بتمتين السد الصفيحي ودعمه، ومن ثم ختم الجرح، وليتحول هذا الدم خارج الوعاء من سائل إلى مادة تشبه "الجل" بفضل شبكة الليفين أو "الفيبرين"، وهذه العملية النهائية تجتذب المزيد من مكونات الدم - كالكريات البِيض والحُمْر - وتحتجزها ضمن عيون تلك "الشبكة"، وتحتجز معها الجراثيم والعناصر الغريبة التي أدخلها الجرح للدم، فتتعامل معها عناصر الدم الدفاعية التي انخرطت في ساحته.

 

أمثلة عن الحالات والأمراض المترافقة لاختراق التوازن بين النزف والإرقاء:

وهي حالات كثيرة ومتشابكة، أبسط للقارئ شيئًا عن بعضها:

أمراض الميل لتشكيل خثرات (التخثر أو التجلط المفرط): وهي إما وراثية، وتسمى: "ولع التخثر: ترومبوفيليا"، (وهي نادرة الحدوث)، أو مكتسبة، وهذه تكون حادَّة أو مزمنة؛ حيث يتم تفعيل نظام التخثر الداخلي دون وجود جروح تتطلب عملية إرقاء، وأكثر مثال شيوعًا للأخيرة: الخثرات الصغيرة في سياق تصلب الشرايين، والمؤدية لنقص التروية القلبي ومضاعفاته، وهناك الركودة الدموية التالية للاضطجاع المديد، لا سيما بعد الجراحة التي قد تحرض التخثر، وكذلك البدانة مع عدم الراحة (ما يسمى: متلازمة الدرجة السياحية في السفر البعيد)، وتكمن الخطورة في انفصال الخثرات المتكونة في بعض الحالات، وتحولها إلى علقات تسير مع مجرى الدم نحو الرئة أو الدماغ، أو قد تنعقل في بعض الأوعية فتسدها، مؤدية لقصور تروية العضو المتغذي به، أو قطعها، وتموت النسج المتضررة، أو تأذيها وهو ما يظهر مثلًا على شكل سكتة دماغية (الفالج الشقي)، أو سوء تروية اليد أو القدم (المسمى العرج المتقطع، ويشيع عند المدخنين).

 

أمراض الميل للنزف، أو الحرض النزفي: واخترت للقراء مثالين عليها: الأول سبقت الإشارة له:

داء "فون ويليبراند":

وهو مرض خامل الذكر مقارنة مع الناعور، رغم أنه أكثر حدوثًا منه؛ فقد جاء في بعض التقارير أن (1 - 2%) من البشر مصابون به، وينجم عن نقص وراثي في "عامل فون ويليبراند"، ويصيب الإناث أكثر من الذكور، والداء ثلاث درجات، أسوؤها يترافق مع زواج الأقارب، وأهم أعراضه: الكدمات الواسعة العفوية أو التالية لرضوض بسيطة، ونزوف الأغشية المخاطية؛ كالرعاف، والنزوف الطمثية الغزيرة، وفقر دم بعوز الحديد رغم الوارد الغذائي الجيد.

 

ومن المهم تمييز الداء عن أمراض نزفية أخرى (كمرض جدران الأوعية، أو خلل الصفيحات: كمًّا أو كيفًا، أو أمراض شلال التخثر؛ كالناعور)؛ لأن التدبير مختلف، كذلك من المهم تجنيب الأطفال المصابين الرضوض العنيفة، وإخبار طبيب الأسنان قبل خلع السن مثلاً، لاتخاذ ما يلزم!

 

ومن المدهشات في هذا المرض أن المصاب (أو المصابة) قد لا ينزف بعد الإجراءات المترافقة بكرب شديد، أو شدة نفسية عالية، مثل استئصال الزائدة الدودية، والولادة، بينما ينزف بشدة لإجراءات بسيطة على الأغشية المخاطية؛ كقلع ضرس، واستئصال لوزتين، وكذلك إثر عمليات غير إسعافية؛ كعمليات التجميل! وتعليل ذلك في رأي العلماء أن "عامل فون ويليبراند" الذي يؤدي نقصه لهذا المرض ينتمي لمجموعة "بروتينات الطور الحاد"، التي ترتفع كميتها خلال الشدة النفسية، سبحان الله! بل أكثر من ذلك فإن مستوى العامل المذكور الهام في الإرقاء يتضاعف مرتين أو ثلاث مرات خلال الحمل، وقد التُفِت لذلك عندما لوحظ تناقص الكدمات عند الحوامل المصابات به!

 

جلت قدرته تعالى! سبحان الله وبحمده!

 

الداء النزفي عند الطفل حديث الولادة (التالي لعوز فيتامين "ك"):

وهذا مثال عن اضطراب نزفي هو الأكثر شيوعًا، ولكن تدبيره متاحٌ بحمد الله، وينتج عن عوز بعض عوامل التخثر التي يجمع بينها 1) ضرورة وجود فتامين "ك" حتى تصنع، 2) وأنها تصنع في الكبد، وتنقص في الأمراض الكبدية مهما كان عمر المصاب، ويعاني المواليد عمومًا - والخُدج بدرجة أكبر - من نقص عابر، ولكن نتائجه قد تكون خطيرة في هذا الفيتامين، وتتظاهر الحالة سريريًّا بالنزف العفوي والمتكرر، لا سيما في الجلد والأغشية المخاطية، وأكثره شيوعًا النزف السُّري (من السُّرَّة)، وتطاول النزف مكان الختان، ومكان الحقن العضلية، مع وجود نزوف مهددة للحياة أحيانًا وبأعمار باكرة - أول 24 ساعة من العمر - عند مواليد الأمهات المعالجات بأدوية تتدخل في عمل "فيتامين ك"؛ (كبعض أدوية الصرع)، كما شوهدت حالات متأخرة تالية لإصابة كبد الرضيع، وتعالج جميع الحالات بإعطائه حقنًا في الغالب، وهذا ما دعا منظمة الصحة العالمية للتوصية بإعطاء حقنة فيتامين "ك" وقائيًّا في غرف المخاض لجميع المواليد[2].

 

علاقة اضطراب توازن الدم في عروقنا بالغذاء والدواء:

الغذاء:

فيتامين (ك): فنبدأ من حيث انتهينا، حيث تبين أن مخازن هذا الفيتامين في الجسم محدودة - رغم أنه فيتامين منحل بالدسم - وأن هناك درجة عالية من البلى والتجديد له، وأن العوامل الأربعة المهمة جدًّا في التخثر والمرتبطة به لها حياة قصيرة، ولكن الله تعالى أكرمنا وسخر لنا مصادره، فنجده حولنا بوفرة في النباتات ذات الأوراق الخضراء؛ كالسبانخ، والسلق، والجرجير، وبعض الخضار؛ كالقرنبيط، وفول الصويا، والأفوكادو، وكذلك في الكبد، والزيوت النباتية، وبدرجة أقل في اللحم والجبن، والمطلوب أن يُصلح الإنسان نظامه الغذائي، ويجعله منوعًا، لا سيما الأم الحامل والمرضع.

 

نقص التغذية العام: وهو يؤدي لإضعاف جدران الأوعية الدموية بإضعاف فرشة الكولاجين التي تدعمها، وتشتد الأعراض بالتآزر مع العوز الشديد لفيتامين (س)؛ حيث يسبب نقصه الشديد (الذي يسمى تاريخيًّا "داء الإسقربوط") نزفًا في اللثة، وخلخلة في الأسنان، وسهولة في التكدم، كذلك يؤدي نقص الغذاء لقلة صفيحات الدم، خاصة بوجود عوز حديد وفيتامين (ب12)، وحمض الورق (الفولات)، وتؤدي متلازمة "القمه العصبي" التي تشيع عند متَّبِعات نظم إنقاص الوزن القاسية (كعارضات الأزياء) إلى كل ما سبق للأسباب المذكورة.

 

ونشير للأهمية إلى أن فيتامين (س) هو عنصر اتزان بامتياز، فكما أن عوزه الشديد يؤدي لميل نزفي كما قلنا، فإنه بمقدار معتدل يساعد على تمييع للدم للوقاية من تشكل الخثرات الدقيقة داخل الأوعية، لا سيما في حالات الركودة الدموية في الأطراف؛ لذلك يوصى بتقديم عصير الحمضيات الغني به لمسافري الخطوط الطويلة.

 

الأدوية: وتتباين استطباباتها بين دعم الإرقاء: منع النزف، ودعم التميع لمنع التخثر المرضي[3]:

• لا بد من دعم عملية الإرقاء دوائيًّا في حالات معينة، عندما يكون الإنسان النازف في حالة جسمية سيئة وكرب مع الإعياء الشديد، وأجهزة الجسم المنهكة؛ كما في العمليات الجراحية الكبيرة، والإصابات العميقة والمتهتكة في الحروب!

 

وأبسط إجراء هو الضغط المباشر على الجرح ريثما تتوفر الرعاية الطبية الحثيثة، ورغم أن الإرقاء الطبيعي هو المطلوب، فإن دعمه قد يكون مسألة حياة أو موت، وهذا يُذكرني بالحصيرة المحروقة، جاء في كتب السيرة (أن فاطمة رضي الله عنها كانت تغسل جرح الحبيب صلى الله عليه وسلم بعد "أُحُد"، وعليٌّ يسكب الماء بالمجن، فلما رأت أن الماء لا يزيد الدمَ إلا كثرةً، أخذت قطعة من حصير فأحرقتها فألصقتها، فاستمسك الدم)) والإحراق يعني التعقيم، والإلصاق على جرح نظيف مغسول بالماء الغزير يؤمِّن كلاًّ من الضغط، وسطح خشن لشلال التخثر!

 

ومع تطور العلوم، لم يألُ طب الطوارئ والدواء جهدًا في تطوير الإجراءات الداعمة، سواء كانت مساعدات الإرقاء الدوائية التي تدعم وظيفة الصفيحات، أو الألياف المجهرية المماثلة للكولاجين التي تجتذب صفيحات المريض، لتنطلق عمليةُ التخثر عندما تصبح على تماسٍّ معها، وهي الأكثر شعبية بين الجراحين والمسعِفين، فإن لم يتوفر شيء - رغم أننا في القرن الواحد والعشرين - فثَمَّ الماء والحصير بعد رحمةِ الله!

 

واليوم، ما أكثر حالات تفرق الاتصال في جدران أوعية بنياننا المرصوص، سبحان الله!

ليتنا نتعلم من "معجزة الإرقاء" كيف نرقئ جراحات نفوسنا والفتن!

والحمد لله القائل: ﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الذاريات: 21].



[1] الفبرينوجين أو مولد الليفين: هو طليعة آخر عوامل التخثر، وهو بروتين ذائب، يجُول في بلاسما الدم، ويتحوَّل إلى بروتين غير ذائب بنهاية شلال التخثر، هو الفيبرين أو الليفين المذكور، الذي يتجمع ويترسب على شكل خيوط أو ألياف متشابكة تحتجز الكثير من عناصر الدم، ولكنها تكون ضعيفة وتحتاج إلى العامل رقم (13)، الذي يسمى عامل تثبيت الفيبرين لتربيطها ببعضها وتقويتها، والجدير بالذكر أن عوامل التخثر تعرف بأرقام وأسماء، وأن بعض الأرقام استُبدِل أو ألغي.

[2] وإن نقص فيتامين "ك" عند المواليد يلي نقصه عند الأم (نقص الوارد الغذائي)، وكذلك نقص مروره عبر المشيمة منها لجنينها، ويشتد النقص ويطول لغياب الجراثيم الحميدة من أمعاء المولود، أو تخريبها، كما في الإعطاء المديد للأدوية الصادة الحيوية للأم أو الطفل، وهي المسؤولة عن تصنيع المكون "ك2" من هذا الفيتامين عند المولود - وقد نفردها بمقال - كما أن فيتامين (ك) حقنًا هو الترياق النوعي لبعض السموم التي قد تؤخذ بالخطأ وتُحدِث نزوفًا شديدة؛ كسُمِّ الفئران.

[3] وعلاقة الأدوية بالنزف والتخثر بحث واسع، وهناك الأدوية التي تعطى لتمييع الدم: [وتقوم على تثبيط الصفيحات، أو على التدخل في آلية عمل فيتامين (ك)] بهدف منع التخثر الضار داخل الأوعية؛ كما في علاج نقص تروية القلب، أو خثرات الدوران المحيطي (مثل دوالي الساقين، والتهاب الوريد الخثري).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الوسطية
  • الوسطية والطرفية
  • الوسطية في العقيدة
  • الإسلام دين الوسطية (1)
  • الوسطية
  • الوسطية معيار
  • الوسطية في العبادات
  • الوسطية والاعتدال في الشريعة الإسلامية
  • لماذا خلقنا الله؟ (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • معا إلى التوازن: طريقة عملية بإرشادات نبوية لتحقيق التوازن في جوانب الحياة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التوازن البيئي(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • مقاصد البعثة ميزان التوازن والوسطية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • التوازن والوسطية في الحضارة الإسلامية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأثير الصيام على الروح والجسد: يعيد الصيام التوازن النفسي والبدني(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التغذية الصحية في رمضان التوازن بين الإفطار والسحور يساهم في صيام صحي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: التوازن في التربية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لإحداث التوازن في شخصية أبنائك(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • العدالة وصناعة التوازن(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • خطبة: التوازن وسد وقت الفراغ(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب