• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / طب وعلوم ومعلوماتية
علامة باركود

قراءة في كتاب: الشوكولاتة .. التاريخ الكوني

محمود ثروت أبو الفضل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/12/2012 ميلادي - 27/1/1434 هجري

الزيارات: 45183

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قراءة في كتاب

الشوكولاتة .. التاريخ الكوني


 

♦ اسم الكتاب: الشوكولاتة.. التاريخ الكوني.

♦ العنوان بالإنجليزية: Chocolate: A Global History.

♦ المؤلف: سارة موس وأليكساندر بادنوتش.

♦ المترجم: معن أبو الحُسن.

♦ مراجعة: د. أحمد خريس.

♦ سنة النشر: 1431هـ/2010م.

♦ دار النشر: هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث (كلمة).

♦ الطبعة: الأولى.

♦ صفحات الكتاب: 192.


كتاب طريف في مُحتواه، شائق وفريد مِن نوعه، يَبحث في تاريخ صناعة "الشوكولاتة" في العالم، وتتبُّعِ تطوُّر طرُق صِناعتها، منذ بدايتها كمادَّة خام في غابات أمريكا الوسطى وإفريقيا، وحتى وصولِها بين أيدي المُستهلِكين في شتى أنحاء العالم، كما تُعنى تلك الدراسة بإبراز كل ما له مَدلول فكريٌّ أو ثقافي أو تاريخي ارتبَط بالشوكولاتة؛ حيث كثيرًا ما تمَّ الربط بين تناول الشوكولاتة وبين مفاهيم: اللذة، المتعة الحسِّية، الطبقات النبيلة، وفكرة الترَف، والعُبودية.

 

ويُلقي الكتاب الضوء على تطوُّر طرُق استهلاك الشوكولاتة عبر الزمن؛ بتطوُّر طرُق تصنيعها وإنتاجها؛ حيث تطوَّرت الشوكولاتة مِن صورة شراب سائل لذيذ الطعم، إلى صورة مادَّة صلبة سهلة الحمل والتناول، والكتاب يُعدُّ واجهة ثقافية مميَّزة بصورة عِلمية ميسَّرة عن تاريخ صناعة الشوكولاتة في العالم، عبر الحضارات المُختلِفة.

 

تقول الكاتبة في كتابها:

"إن الشوكولاتة هي فكرة يَتمازَج فيها الأبيض والأسود، ويَختلط السُّرور والخطأ بالخطوط والمُنحنَيات، فنحن نتْبَع العواطف التي تُحوِّل الشوكولاتة إلى أسطورة ثمينة للغاية، يَحملها الشخص مع ذكريات الطفولة وإرضاء الحواسِّ".

 

مؤلِّفة الكتاب هي "سارة موس"؛ حاصِلة على شهادة الدكتوراه مِن "أكسفورد"، وتعمل كبيرة المُحاضِرين في الأدب الإنجليزي في جامعة "كنت" بكانتربري، لها العديد مِن المؤلَّفات حول تصوير الطعام في كلٍّ مِن الأدب والثقافات.

 

وشاركها في التأليف "أليكساندر بادنوتش"؛ والذي يَعمل موجِّهًا في مجال الدِّراسات الثقافية والإعلامية في جامعة "أوتريخت".

 

أما مُترجِم الكتاب، فهو الأستاذ "معن أبو الحُسن"؛ حصل على شهادة البكالوريوس في اللغة الإنجليزية وآدابها من جامعة دمشق، وعمل سابقًا مدرِّسًا للغة الإنجليزية، ثم في الترجمة والصحافة، لما ينوف عن الأربعين عامًا، وله العديد من الترجمات المميَّزة عن الإنجليزية.

 

وصْف الكتاب:

قامت الكاتِبة بوضع كتابها في أربعة فصول موجَزة، تناولتْ فيها بالشرح تطوُّر صناعة الشوكولاتة تاريخيًّا وحضاريًّا، وكيفية تَصنيعِها، وتطوُّر أشكالِها، وأسلوب تَغليفِها وتقديمها للمُستهلِكين، وأماكن شَرابها، إلى جانب التدليل على غلَبة الجانب الاستِهلاكي على صِناعتها في العصر الحديث، وقد دعمت الكاتبة كتابَها بمجموعة مِن الصور والرسوم التوضيحيَّة الملوَّنة بشكل يُساعد على إثارة تشويق القارئ وإتمام فائدته من الكتاب، وحرَصت المؤلِّفة على تيسير المعلومات العِلمية المتعلِّقة بمادة الكتاب؛ تيسيرًا على القراء غير المُتخصِّصين.

 

وقد ألحقت الكاتبة بفصول كتابها فصلاً ضمَّنتْه بعض الوصفات الشعبية الشهيرة للشوكولاتة والتي يدخل في تكوينها مادَّة "الكاكاو" (المادة الخام للشوكولاتة)، ومن بعض وصفاتها التي ذكرتها: بسكويت كعكَعة الشوكولاتة، شوكولاتة باتريك غواناجا، بسكويت رعاة البقر، الشوكولاتة وكريمة الخزامى.

 

ولم تنسَ الكاتبة أن تُورِد مُلحَقًا بأهمِّ أسماء وعناوين المواقع والجمعيات التي تبحَث في تاريخ الشوكولاتة، وكذلك وضَعت ثبتًا بأهم المؤلَّفات المختارة التي وُضعَت في موضوع الكتاب، وقدَّمت الشكر في نهاية الكتاب لكل مَن ساعدها في توثيق معلومات الكتاب وأمدَّها بها.

 

وجاءت عناوين فصول الكتاب كالتالي:

1- اختِراع الشوكولاتة.

2- مقهى الشوكولاتة.

3- مصنع الشوكولاتة.

4- علبة الشوكولاتة.

 

اختراع الشوكولاتة:

تناول الفصل الأول:

"اختِراع الشوكولاتة" ذِكرًا لكيفيَّة زراعة المادة الأولية لصِناعة الشوكولاتة، وبدايات استخدام شَراب الشوكولاتة عند الحَضارات القديمة في شَكلِها الأقدم، فنجد أن الشوكولاتة في صورتها الأولية تنمو في الغابات الاستوائية في صورة شجرة الشوكولاتة، التي يُطلَق عليها "ثيوبروما كاكاو"؛ حيث تُمثِّل حبوب الكاكاو المادَّة الخام الأولية للشوكولاتة، وتحتاج تلك الشجرة إلى رطوبة مُناسِبة ودرجة حرارة يجب أن تبقى أكثر من ست عشرة درجة مئوية، وتعتمد هذه الشجرة على "حشرة البرغش" لتلقيح ثمارها، ويجب حصاد ثمرة الكاكاو التي تنمو على شكل جراب يتدلى مِن جذع الشجرة بحذر شديد وبواسطة منجل مُناسِب، مع تجنب إلحاق الضرر بالبراعم التي سوف تنتج جيلاً جديدًا من ثمار الكاكاو.

 

وتحتاج ثمرة الكاكاو مناخَين مختلفَين في دورة حياتها: بيئة دافئة رطبة لازمة لنموِّها، والآخَر مناخ حارٌّ قاحِل لازم لتجفيفها بدايةً لدخولها في عملية التصنيع.

 

وتعدُّ أمريكا الوسطى هي الموطن الأصلي لشجرة الكاكاو، وأقدم دليل لُغوي عُثِر عليه يَربط "ثيوبروما كاكاو" مع شعب "الأولميك" الذي قطن ساحل خليج المكسيك ما بين 1500 و400 قبل الميلاد.

 

ونجد أن "الآيزابان" أحفاد "الأولميك" هم مَن نقَلوا حبوب الكاكاو لشعوب "المايا" عام 250 قبل الميلاد، ونجد العديد من النُّقوش والأحافير الشاهدة على استهلاك شعب حضارة "المايا" للكاكاو، ولكن للأسف مع قدوم الإسبان انهارَت حضارة "المايا" في القرن التاسع، ودمَّر الإسبان في غَزوهِم أغلب تلك الشواهد الأثرية، وقد عُثر على أوانٍ تعود لحضارة "المايا" بها آثار لمادَّة "الثيوبرومين" الكيميائية، وهي أحد مُكوِّنات الشوكولاتة التي يُمكن أن تدوم قرونًا.

 

ويُصوِّر لنا ما تبقَّى من رسوم على أواني حضارة "المايا" كيفية تجهيز ثمرة الكاكاو؛ حيث كانت الثمار تُقطَف وتُخمَّر وتُجفَّف قرب حقولها، وبعد ذلك تُنقَل مسافاتٍ طويلةً؛ حيث يتم استهلاكها مِن قِبَل الأغنياء، وكانت النِّساء تقوم بتحميص الثمار، ومن ثَمَّ طحنها بمدقَّة (مانو) وجرن مُسطَّح يُطلَق عليه (ميتات)، وبعد ذلك تُضاف عجينة مِن دقيق الذرة والبهارات، والتي قد تشمل الفانيليا والفلفل وبعض نكهات الزهور.

 

وكانت العجينة تُخفَّف بعد ذلك بالماء للحصول على الشراب، الذي يُشرَب ساخنًا أو باردًا، كما يمكن أن يَصير على هيئة مرق أو حساء كثيف، أو يُجفَّف على صورة كعكة مخبوزة مِن الشوكولاتة الجاهزة، وتقوم النساء بعد ذلك بصب الشراب من إناء إلى إناء؛ حتى تطفو الرغوة على سطحِها قبل شربها.

 

وقد أدَّت حبوب الكاكاو وظيفةً أخرى تُدلِّل على مكانة تلك الثمار؛ حيث كانت شعوب "الأزتيك" و"المايا" يستخدمونها كنُقود بديلاً عن الذهب، وكان "الأزتيك" يُحافِظون عليها لاستخدامها في عمليات المقايَضة، ومِن الطريف أنه نتيجةً لذلك كانت هناك حبوب كاكاو مُزيَّفة يستخدمها اللصوص والمُحتالون في عمليات المقايَضة، وذلك في القرون الأولى قبل الميلاد.

 

وفي عهد ازدِهار حضارة "الأزتيك" كانت الشوكولاتة وحبوب الكاكاو هي السلعة الأكثر تداولاً وقيمةً في أمريكا الوسطى.

 

وقد ورد في وصف رحلات "كولومبوس" في أمريكا اللاتينية ذِكْرٌ للسلع التي كانت تُستخدم في تلك المناطِق؛ حيث عدَّد منها حبوب الكاكاو واللوز التي استُخدِمت كنقود؛ حيث يصف "فرديناند" نجل كولومبوس ذلك قائلاً: "هم يَحملونها كأنها تُساوي مبلغًا كبيرًا، أنا راقبتُهم، وعندما كانت تَسقُط أي حبَّة كانوا يَنحنون جميعًا لالْتقاطها كما لو أن عَينًا قد سقطَت".

 

ونجد أن مشروب الشوكولاتة عندما انتقَل إلى أوروبا كان يُدعى بأسماء الجزُر التي جاء منها مثل: "غواناجا"، و"بونيكا"، و"باينز"، وما زال بعض هذه الأسماء مُستعمَلاً حتى يومنا هذا في المُنتَجات الحديثة.

 

ويرى المؤرِّخون أنه كان لشَراب الشوكولاتة في الحضارات القديمة مثل الأزتيك والمايا ارتباطٌ ببعض الطقوس الدينيَّة التي كانت تُقام في القبيلة؛ حيث نجد أن هناك إشارة إلى مشروبات مصنوعة من الكاكاو والماء المُلطَّخ بالدم كانت تُقدَّم كأضحيات لصَون أرواح الضحايا، إلى جانب ارتِباط ثمرة الكاكاو (التي تأخذ شكْل قلب) وقلب الإنسان بمُعتقداتِهم الدينية، ولكن تتبُّع هذه المعتقدات وأصولها صار أمرًا صعبًا للغاية، خاصَّةً بعد أن دمَّر الإسبان في غَزوِهم قبائلَ أمريكا الوسطى حضارةَ "الأزتيك" تدميرًا مروِّعًا.

 

ويورد الكاتب لمحةً:

عن انتِشار شراب الشوكولاتة في أوروبا؛ حيث لم يحظَ بكبير ترحيب في البداية، واقتصر تناوُله على الإسبان، وبخاصَّة النساء، ولكن سرعان ما تغيَّر هذا المفهوم في غضون سنوات قلائل؛ حيث "مثَّلت الشوكولاتة نوعًا مِن التهديد مِن خلال الاستهلاك النسائي لها، في الوقت الذي أصبحت مُنتشِرة فيه في كل مكان"، وقد لاقَى تناول الشوكولاتة مِن القَساوسة أثناء فترة الصِّيام جدلاً كبيرًا؛ حيث كانوا يرَون أن تناولها يُنافي فكرةَ المُعاناة والانتفاع بالقِيَم الرُّوحانية للصيام.

 

وقد ارتبط انتشار الشوكولاتة في أوروبا وازدياد استهلاكها بتضخُّم حركة الرقِّ في مُستعمَرات إفريقيا وأمريكا الوسطى؛ حيث اعتمد إنتاج الشوكولاتة على عبودية العمَّال الأفارقة؛ حيث "بقيت الشوكولاتة تُنتَج على الدوام مِن قِبَل الفقراء، وتُستهلَك مِن جانب الأغنياء".

 

وقد ربط البعض بين مشروب الشوكولاتة وبين بعض المنافع الطبية المنسوبة إلى تناوُلها، ولكن بعضها مشكوكٌ في صحَّته؛ حيث أشار تقرير "دي ساهاجون" إلى أن الأزتيك قد استخدَموا الكاكاو لعلاج الحمَّى واضطِرابات الهضْم، وكعلاج للأرَق والمُساعَدة على النَّوم الهادِئ.

 

مقهى الشوكولاتة:

مع دخول مشروب الشوكولاتة إلى أوروبا عبر إسبانيا في أواخِر القرن السادس عشر، وتوسُّع مجال استِهلاكه مِن جانب طبقات كثيرة من المجتمع الأوروبي، كان على رأسها ملوك أوروبا والنُّبلاء، انتشرت فكرة مَقاهي الشوكولاتة.

 

وكان العوامُّ يَستخدِمون كوبًا من القرع المُلبَّس يُسمَّى الجيكارا (Jicara) في شُرْب الشوكولاتة، وشكَّل المستهلكون الإسبان الرغوة التي تعلو المشروب باستِخدام مخفَقة تُدعى (مولينيلو)، واستُبدِل بالسكَّر العسل للتحلية، وكانت التوابِل التي تأتي من الشرق الأوسط مثل الفلفل والقرفة تأخذ مكان الفلفل الحار، كما استخدَم الإسبان اللوز أو البيض أو الحليب لتكثيف مشروب الشوكولاتة.

 

وانتشر المشروب انتشارًا قويًّا خلال القرن السابع عشر، وكان أول مقهى لتناول الشوكولاتة أنشئ في لندن أواخر عام 1650م، وكانت تلك المقاهي تُشبِه جو الأماكن العامة أكثر مِن شبهِها بالحانات، والشراب فيها كان في جوٍّ اجتماعي محبَّب، بل ونشر أحد مقاهي الشوكولاتة كتيبًا بفوائد وفضائل "مشروب الشوكولاتة مِن شرْق الهند"؛ ذكر فيه فوائدَ مُبالَغًا فيها لشرب الشوكولاتة الساخِنة.

 

ورغم أن بيوت الشوكولاتة كان يَغلِب عليها الطابع الذكوري؛ حيث كان غالب مُستهلِكيها من الرجال، إلا أن عددًا لا بأس به من النساء كنَّ يَملِكن ويعملن في أغلب تلك المقاهي في لندن وغيرها.

 

ونجد في يوميات السياسي الإنجليزي "صموئيل بيبيس" ذكرًا لمشروب الشوكولاتة؛ حيث نجد أن هذا الشراب صار أكثر ما يشربه الرجال المهنيُّون مِن أصحاب المراكز الرفيعة في البلاط والحكومة أثناء تبادُلهم الآراء.

 

ونجد في القرن الثامن عشر، بداية دخول الشوكولاتة مُكوِّنًا جديدًا في وصفات كتُب الطبخ الإنجليزي؛ حيث صارت الشوكولاتة مشروبًا بيتيًّا، فنجد انتشار وصفات لمشروب الشوكولاتة و"كريما الشوكولاتة"؛ حيث صار مشروب الشوكولاتة جزءًا ثابتًا مِن وجبة الإفطار في فرنسا وإنجلترا في القرن الثامن عشر.

 

ونجد أن الشوكولاتة صارت جزءًا لا يتجزأ من حياة الطبقة الأرستقراطية؛ حيث ارتبطت بالمُتعة والترف والإغراق في المُتَع الحسية؛ حيث نلمَح ذِكرًا للشوكولاتة في كتابات وخطابات الماركيز "دي ساد" و"جين أوستن".

 

ونجد أن القهوة كانت تُطحَن بالوسائل اليدوية حتى القرن التاسع عشر، ولكن ظهَرت المطاحن منذ عام 1729، وكانت مُكلِّفة للغاية، وعددُها قليلاً.

 

وفي عام 1761 قام "جوزيف فراي" بتوسيع مبيعات شركته باستخدام طاحونة مائية في إنجلترا، ومع حلول عام 1770 تأسَّست ورش عمل للشوكولاتة تعمل بطاقة المياه في فرنسا، وكذا في ألمانيا والنمسا، أما أول مطحَنة في أمريكا الشمالية، فكانت في ولاية "ماساشوستس" عام 1765، واستُعيض بعد ذلك - مع دخول أوروبا العصر الصناعي - عن مطاحن الطاقة المائية بمطاحن البخار؛ حيث توسَّعت تجارة الشوكولاتة، وصارت هناك مصانع كامِلة تقوم على كفاية استهلاك شعوب أوروبا من الشوكولاتة ومُنتَجاتها.

 

مصنع الشوكولاتة:

كان الكاكاو - المادة الخام للشوكولاتة - يتدفَّق على أوروبا مِن المستعمرات الإسبانية والبرتغالية في أمريكا الجنوبية طيلة القرن الثامن عشر، وفي القرن التاسع عشر بدأ التفكير في زِراعة وإنتاج ثمار الكاكاو في مواقعَ جديدة؛ لكفاية الاستهلاك المتزايِد على الشوكولاتة.

 

ونجد أن أولى الشركات التي قامت على إنتاج الشوكولاتة، والابتكار في تصنيعها وطرق عرضِها - هي نفسُها الشركات الكُبرى حتى يومنا هذا التي تَحتكِر صناعة الشوكولاتة، والتي بدأت في صورة مصانعَ بسيطة لرُوَّادها ومؤسِّسيها ثم ما لبثت أن انضمَّت في تكتُّلات وتحالُفات حملت أسماءً تجارية لامِعة.

 

ومع بداية عصر الثَّورات الكُبرى في أوروبا وأمريكا، بدأت تقلُّ عملية الإنتاج ونقْل الشوكولاتة؛ لتعذُّر الوصول إلى مَصادِر توريد الكاكاو؛ حيث أثارت حروب "نابليون" على إسبانيا والبرتغال فرصة لتمرُّد عدد مِن المستعمرات في أمريكا اللاتينية على السيادة الإسبانية، وكانت أغلب هذه التمرُّدات بقيادة "الكريول"، وهي الطائفة التي تَملِك مزارع الكاكاو في تلك البلدان.

 

وقد حدَّتْ حالات الحصار البحرية المختلفة على القارَّة مِن استيراد الشوكولاتة إلى مُعظَم أنحاء أوروبا في تلك الفترة، وحتى بعد انتهاء الحرب قلَّ الطلب على الشوكولاتة؛ لتدنِّي الدُّخول واستمرار الإضرابات بين عمال أمريكا الجنوبية؛ حيث بقيت الشوكولاتة تمثِّل ترفًا مُبالَغًا فيه طوال تلك الفترة.

 

ويعدُّ هذا الانخفاض في إنتاج الشوكولاتة واستِهلاكها خلال القرن التاسع عشر هو الانقطاع الأول والوحيد خلال التوسُّع في تجارة الشوكولاتة، ورغم هذا التدهور فإن صناعة الشوكولاتة مرَّت بحالة نهضة مُتسارِعة منذ ذلك التاريخ؛ حيث نجد أنه في عام 1828 قام الهولندي "فان هوتين" بتطوير عملية لاستخدام مكبس هيدروليكي لاستخراج زبدة الكاكاو من مشروب الشوكولاتة؛ حيث إنه بتقليل نسبة الزبدة في الكاكاو يُمكِننا الحصول على كعكة يُمكِن طحنُها بسهولة، وبَيعُها كشَراب سريع، بعيدًا عن عملية التصنيع اليدوية البطيئة.

 

ويعدُّ هذا الاختراع نقطة تحوُّل رئيسة في تاريخ الشوكولاتة؛ حيث تَغيَّر مِن بعدها شكل إنتاج الشوكولاتة؛ حيث صار هذا الاختراع بداية مَوجة لمَيكنة تصنيع إنتاج الشوكولاتة، وقد سبق تجرِبةَ "هوتين" عدةُ تجارِب فرنسية أولية.

 

ونجد أن الإخوة "كادبوري" مِن مدينة "بيرمنجهام"، ومصانع "جي. إس. فراي" قد قاما بشراء تلك المكابس عام 1860 و1866 وأدخلوها في مصانعهم، وبدأت عدَّة تجارب جادَّة من جانب آل "فراي" وبعض المُصنِّعين السويسريِّين لإنتاج حلوى شوكولاتة صلبة تكون بديلاً عن الشراب؛ حيث نجد كلاًّ مِن "فرانسوا لويس كيلر" (رائد شركة "نسله" المعروفة) و"فيليب سوشارد" (اسم آخَر ثابت في مجال الصناعة) قد بدؤوا بإتقان العمليات الميكانيكية لطحْن الشوكولاتة وخَلطِها؛ فنجد "دانيال بيتر" صهْر "كيلر" قد بدأ بإدخال ومزج الحليب المجفَّف مع الشوكولاتة؛ مما مكَّنه من صنْع منتج صلب سهل "القَولبة"، ثم ابتدع "رودولف ليندت" عملية ميكانيكية أخرى أطلق عليها (كونشينغ) لمُعالَجة شراب الشوكولاتة عن طريق أسطوانات مِن الجرانيت؛ مما نتَج عنه تكوين مادة صلبة يُضاف إليها زبدة الكاكاو أثناء الكبس، وهو الشكل الذي ما زال معروفًا حتى اليوم في طريقة الصناعة.

 

ومع نهاية القرن التاسع عشر تحوَّلت كل الخطوات في عملية تصنيع الشوكولاتة لتُصبِح آلية بالكامل.

 

وبتطوُّر عملية صِناعة الشوكولاتة، صارت قِطَع الشوكولاتة في مُتناوَل جميع الطبقات العامِلة، بل وأصبح الكاكاو يمثِّل وجبةً مُغذيةً تَنوب عن وجبات الطعام، ونجد أن الحكومة البريطانية قد استعانت بخبرات مصانع "جي. إس. فراي" لإنتاج "جرايات" طعام مِن الشوكولاتة لجُنودها في البحارة الملكيَّة خلال ذلك العهد، وخلال الحرب العالمية الأولى والثانية صارَت الشوكولاتة جزءًا أساسيًّا من "جرايات" الجُنود على كافَّة الجبهات الأوروبية.

 

ونتيجة للاستهلاك الشعبيِّ للشوكولاتة في العصر الحديث؛ بدأت مُعالَجة الشوكولاتة عن طريق إضافات عديدة لتعزيز الحجْم والنكهة، فأضيف نشاء البطاطس والأرز وطحين البازلاء وقشور حبوب الكاكاو، ونتيجة للإضافات الكثيرة الضارَّة؛ صدر قانون الأغذية والمُخدِّرات عام 1860 ببريطانيا وقانون تلوُّث الأغذية؛ لوضع معايير ثابتة لإضافات الشوكولاتة والحِفاظ على نقائها للاستِخدام الغذائي.

 

ومع دخول القرن العشرين بدأ المستعمرون الأوروبيُّون في نقْل زراعة الكاكاو لمستعمراتهم الإفريقيَّة في جزُر غرب إفريقيا وغانا؛ حيث صارت تلك الدول من أكبر الدول المُصدِّرة للكاكاو في وقتِنا الحالي؛ حيث نجد أن ساحل العاج هي أكبر مُنتِج لثمار الكاكاو في وقتنا الحالي.

 

وارتبط تاريخ إنتاج الكاكاو في إفريقيا بصفحة جديدة من صفحات كتاب تاريخ العُبودية والرقِّ، والعُنصرية ضدَّ السود، التي ظهَرت في المُلصَقات الأوروبية، وظلَّت مُستمِرَّةً حتى وقت قريب؛ حيث كانت حَلوى الكريمة المغطاة بالشوكولاتة تُعرَف باسم (NegerKusse)؛ أي (قبلات زنجي)، وكذلك (MohrenKopfe)؛ بمعنى (رؤوس مور) في إشارة للمَغاربة السُّمْر، وكانت تُرسَم على أغلفة علب الشوكولاتة مناظِر لسُود فرِحين في صورة مُهرِّجين يُقدِّمون الشوكولاتة أو يعملون على طحن حبوب الكاكاو، وكذلك كانت الإعلانات التليفزيونية تَحمِل دعايةً موجَّهةً ضدَّ السُّود بربطها بإنتاج الشوكولاتة، ورغم تلاشي سَوط الرقِّ في أغلب مدن أوروبا وآسيا وقتَها كانت المستعمرات الإفريقية ما زالت تُعاني مِن تَبِعاته في مزارع الكاكاو والسكَّر.

 

ونجد أن أربع شركات كُبرى تتحكَّم الآن بأكثر مِن نصف الإنتاج العالَمي من حبوب الكاكاو وهي: "آرشر دانييلز ميدلاند"، و"كارجيل"، و"باري كاليبو"، و"نستله".

 

علبة الشوكولاتة:

مع تطوُّر صناعة الشوكولاتة تطوَّرت بالتالي أساليب عرضها، والبحث عن أشكال غير مألوفة وأنواع جديدة مُبتكَرة للشوكولاتة، وقد طرَحت شركة "كادبوري" أول علبة شوكولاتة في السوق عام 1868م، وصُمِّمت العِلبة بعدَّة رسوم بهيجة لتزيين العلبة وتَغلِفتها؛ بحيث ارتبطت الشوكولاتة منذ بداية توزيعها بقيمة رئيسية في مجال التعبئة والتغليف تُوازي قيمة تصنيعها، إن لم تكن تَفوقها.

 

ونجد أول عُلَب معدنية لتغليف الشوكولاتة والتي تحمل اسم (كواليتي ستريت) قد صُنعت عام 1936، وفي عام 1912 ابتكَر "جان نيوهاوس" طريقةً لصُنْع الشوكولاتة المحشوَّة؛ حيث اختصَّت بعدها شركات "ليونيداس" و"كوديفا" بالشوكولاتة المحشوَّة وإنتاجها، وتم إدخال العديدمن الحشوات الجديدة والمُبتكَرة؛ مثل: الفلفل الأسود، والتمر الهندي.

 

وفي عام 1915 قامت زوجة "نيوهاوس" باستبدال الأقماع الورقية التي تُباع فيها حلوى "البرالين" بصُندوق يُلفُّ باليد؛ حيث انتشر بعدها ذلك الشكل الأنيق المميز لهدايا الشوكولاتة.

 

وقد ارتبطت الشوكولاتة المغلَّفة في الطبقات العُليا بالمناسبات العاطفية والرومانسية، بينما في الطبقات المتوسِّطة ارتبطت بمعاني الأمومة كبديل مُوازي لقيمة الحليب للأطفال الصِّغار، وعند الرجال شاع ترويجها كسُعرات حرارية للإمداد بالطاقة التي تُساعد على مواصلة العمل؛ لذلك حمل التغليف موضوعات مختلفة تبعًا لنوعية المُستهلِك وقدرته الشرائية.

 

ويُمكن القول:

إن التجارة الشاملة للشوكولاتة بمغلَّفاتها صارت واحدة مِن أسرع القِطاعات النامية في السوق الحالية، وتاريخ إنتاج الشوكولاتة في العالَم يمثِّل دومًا المزيج الحائر بين المألوف والغريب، العالَمي والمحلي، المُستهلك الشعبي والطبقات المترفة، أو كما تَصفه الكاتبة في بداية كتابها بجملتها المُختصَرة الجميلة التي تقول: "إن أمر الشوكولاتة مُعقَّد"!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • قراءة في كتاب: نزهة المشتاق في علماء العراق للرحبي البغدادي
  • قراءة في كتاب: القرآن الكريم والدعوة إلى تنمية الحس الجمالي
  • قراءة في كتاب: أزمة النخب العربية: الثقافة والتنمية
  • عرض كتاب: الثورة الفرنسية .. عرض ونقد في ضوء التربية الإسلامية
  • هوية الكتابة النسوية: قراءة في رواية "الحب الظمآن" لـ: د. ثريا محمد علي

مختارات من الشبكة

  • قراءة موجزة حول كتاب: قراءة القراءة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ملخص مفاهيم القراءة بقلب(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أهمية القراءة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • قراءة مختصرة لكتاب: النهضة بين الحداثة والتحديث - قراءة في تاريخ اليابان ومصر الحديث (1)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • وقل رب زدني علما(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • القراءة المقبولة والمردودة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التوجيه الصوتي للقراءات القرآنية في كتاب "لطائف الإشارات لفنون القراءات" للقسطلاني، الصوامت نموذجا(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • قياس وتدريبات القراءة بقلب(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • منهج الزمخشري في الاستشهاد بالقراءات القرآنية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سورة الصمد في الصلاة بين قراءتها عادة وقراءتها محبة!(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- أين يباع هذا الكتاب في مصر- الإسكندرية
أكرم عوني - ليبيا 09-12-2014 06:26 PM

أريد اسم مكتبة أو جامعة أو أي معلومة عن مكان بيع الكتاب في (الإسكندرية) وشكراً لكم على هذه المعلومة

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب