• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / نوازل وشبهات / شبهات فكرية وعقدية
علامة باركود

ادعاء الولاية

ادعاء الولاية
محمود علي أحمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/9/2015 ميلادي - 14/12/1436 هجري

الزيارات: 9460

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ادعاء الولاية


زعم قومٌ أنهم يَعلمون الغيب بادِّعاء الولاية، وأنهم يعرفون المستقبل بالتظاهر بالصلاح، وطالما اتخذ المنافقون دينَ الله وسيلة لدنياهم، وكثيرًا ما خُدِع الناس بالولاية الكاذبة والصلاح المزيف، والإيمان المغشوش، وهذا النوع أخطر الأنواع التي تتهجَّمُ على الغيب، وأضرها على العقائد والعقول والورع نفسه؛ فإن النفاق أخفى من الكفر، وأشدُّ غموضًا من الشرك، والكفرُ ظاهر مكشوف يُعرفُ بأقلِّ نظر، أما التلوُّن والرياء، فخَفِيٌّ مستور، لا يَكادُ يُدرِكُه إلا الفَطِنُ اللبيب القويُّ العقيدة، الذي يَنظُرُ بنور الله، ولا يُعرَفُ النفاقُ للعامةِ إلا إذا ارتكَبَ المنافقُ آثامًا عدَّةً لا تَحتَمِلُ تأويلاً، ولا تقبل دفاعًا، ظاهرة الضرر، واضحة الخطر، ألم ترَ أن القرآن الكريم إن وصف الكافرين بآية، وصف المنافقين بعدهم بعشر آيات؛ ليكشف سترهم، ويُظهر خَبْأَهم، وجعَلَ الكافرين في النار، ولكنه جعل المنافقين في الدَّرْكِ الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرًا؛ لأن النفاقَ كفرٌ، وتظاهرٌ بالإيمان؛ فهو كفرٌ وزيادة.

 

إن المسلم لا يَنخدِعُ بالكافر كما يُخدَعُ بالمنافق، والشاعر يقول:

واحذرْ عدوَّك مرةً ♦♦♦ واحذر صديقك ألف مَرَّهْ

 

وكان أحد الفلاسفة يقول في دعائه: اللهم عليك بأصدقائي... أما أعدائي فأنا كفيل بهم.

 

أنا لا أنكر أن لله أولياء، كما أعرِفُ أن للشيطان أولياء، ولا أَجحَدُ كرامة الولي، كما لا أُخدع في حيلة الدجال الذكي، وأُقرُّ أن في المسلمين زُهَّادًا وصالحين، كما أقر أن في المسلمين محترفين للصلاح مُتَّجرين بالدين، ولكن من الذي يحكم على إنسان بالولاية وعلى غيره بالغَواية؟ مَن الذي يخلع وصف الصلاح على قوم، وينزعه عن آخرين؟ ومن الذي يتعرَّفُ القلوب والضمائر، ويعرف البواطن والسرائر؟ أَهُمُ الناسُ، والناس يختلفون في حكمهم على الشيء الواحد ولو كان مشاهدًا محسوسًا؟ فكيف يَصِحُّ حكمُهم على أمر معنوي، لا يُرَى ولا يُحسُّ، وإنما تُرَى آثاره، وهي تصدر عن الصالح خالصة، وتصدر عن المنافق مقنَّعة مبرقشة؟ أنأخذُ بالدِّعَايَات المأجورة، والصحف المنشورة، وهي وسائل التضليل وأداة الخداع؟ أنحكم على رجل بالصلاح لمَظهره المخالف لمَخبره، والله لا ينظر إلى صوركم، أم نعتقد فيه الولاية لعمامة كبيرة، ولحية طويلة، وثوب فضفاض، على جسم خاوي الوِفاض؟ إن الحكمَ الصحيح: في كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، فهو الحكم العدل، والفيصل الحق، فمَن كذب بكتاب الله في تعريف الولاية وصدَّق حبل الدجالين، فليُجدِّد إسلامه، ومن نسب كرامة لغبيٍّ، فليبادر بتصحيح إيمانه، قبل أن يحاسبه الله على ضلاله وخسرانه ﴿ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾ [الزمر: 54، 55].

 

كلمة ولي في القرآن:

كلمة الولي في القرآن أُطلقت على الله تعالى، وأُطلِقت على المؤمن، وعلى المنافق، وعلى إبليس، وعلى الكافر؛ لأن الوليَّ لغةً هو المناصر في الخير أو الشر، قال تعالى: ﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [البقرة: 257] وقال: ﴿ إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ﴾ [الأعراف: 196] وقال: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [التوبة: 71] وقال: ﴿ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ ﴾ [النساء: 76]، وقال: ﴿ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا ﴾ [النساء: 119]، وقال: ﴿ لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 28]، وقال: ﴿ لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ﴾ [الممتحنة: 1]، وغير ذلك آيات كثيرة ناطقة بأن كلمة "وليٍّ" ليست خاصة بطائفة معينة كما يَظنُّ عُبَّادُ الأشخاص؛ ولذلك تُضافُ لتُعرَّفَ بما تُضافُ إليه، فيُقال: ولي الله، أو وليُّ الشيطان، أو ولي الكافرين.

 

من هو ولي الله؟

وليُّ الله له صفةٌ مذكورة في القرآن يُعرَفُ بها وتُميِّزُه عن بقية الناس، قال تعالى: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾ [يونس: 62، 63] فالولايةُ لله لا تتحقَّقُ إلا بالإيمان واليقين والإخلاص لله، لا تكون للشهرة ولا للتعاظم على الجلساء، ولا للتأثير على البُلْهِ والبسطاء، والولايةُ لا تتحقق إلا بالتقوى؛ وهي اتِّقاء الآثام والمحارم، اتقاء المنكر والشهوات، اتِّقاء الرِّيَب والشبهات، اتِّقاء التضليل والخداع، اتِّقاء الغش والإيقاع، والإيمانُ ليس قولاً يُقال، ولا كلامًا يُتلَى فقط.

 

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [الحجرات: 15]

 

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ﴾ [الأنفال: 2 - 4].

 

والتقوى رأسُ الأمر، وذروة الإيمان، وهامةُ الإسلام، التقوى أصلٌ جامع للخُلق العالي، والأدب الراقي، والخشية لله والرحمة بالناس، فأين الرجلُ الذي اجتمعت في قلبه التقوى والإيمان؟ ورسولنا صلى الله عليه وسلم يقول: ((ليس الإيمان بالتمني، إنما الإيمانُ ما وقر في القلب، وصدَّقه العملُ، إن قومًا غرَّتْهم الأماني، وقالوا: نحن نحسن الظن بالله، وكذَبوا؛ لو أحسَنوا الظنَّ لأحسَنوا العمل))، وهل إذا وُجِد وليٌّ لله مخلص لا بد وأن يكون (معملاً) للكرامات، ومصنعًا للخوارق، ومنبعًا للأعاجيب؟!

 

وهل الكرامةُ وصفٌ ملازمٌ للوليِّ، وعمل دائم حتم؟ وهل الله تعالى مُلزَمٌ أن يُظهِر على يديه الكراماتِ متصلةً متتابعة؟ أم الأمر متروك لمشيئة الله، قد يُظهِرُ كرامة، وقد لا يظهر؟ وإذا كانت المعجزات لم تُلازِمْ كلَّ نبي، ولم تُصاحِبْ كلَّ رسول، فهل تكون الكرامات جزافًا لكل وليٍّ؟ وإذا كانت المعجزات التي طلبها المشركون من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يَظهَرِ الكثيرُ منها، فهل تَظهَرُ الكرامةُ كلما طُلِبتْ، أو دُفِعَ ثمنُها، أو بدون طلب؟ وإذا كان بعضُ المتغالين يجعلون الولايةَ لكلِّ وليٍّ فلِمَ يخصُّونها بمعرفة غيبِ الله والاطِّلاع على ما خَفِي حتى عن رسل الله؟ فلم يَعلمْه إلا بعضُ الرسل بإطلاع الله لهم ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ﴾ [الجن: 26، 27].

 

فإذا كان بعض الرسل حُرموا الاطِّلاع على الغيب، وكلُّ الرسل منعوا معرفةَ كلِّ الغيب، فكيف يعلمه الوليُّ بالغًا ما بلغ في الولاية، أو القطبانية أو ما شاء المخرفون من ألقاب بيزنطية؟ عناها الشاعر بقوله:

مما يُزهِّدني في حبِّ أندلس
أسماء معتضد فيها ومعتمدِ
ألقابُ مملكة في غير موضعها
كالهرِّ يحكي انتفاخًا صولةَ الأَسَدِ

 

هل الأولياءُ أفضلُ من الرسل والأنبياء؟ وإذا فضَّلهم أتباعهم على رسل الله، فهل الغيب هذا صندوق مِفتاحُه بيد الولي يفتحُه كلما شاء، ولمن شاء؟! أم الغيب بحرٌ لا يَرِدُه إلا الوليُّ يَغترِفُ منه كلما أراد، أم الولي شريكٌ لله في علم الغيب الذي لا يعلمه غيره؟ أم هو سِمسارٌ، أم عند الله محسوبٌ ومنسوب كما يزعمون؟ والحديث القدسي يقول: ((أنا أغنى الشركاءِ عن الشِّرك، مَن عملَ عملاً أشرك فيه معي غيري، تركتُه وشركَه)).

 

بعض شرط الولاية:

من شروط الولاية الحقة: التفقُّه في الدين، والتمكُّن من العلوم الإسلامية، ومعرفةُ الحلال والحرام والأوامر والنواهي، وحفظُ كتاب الله ترتيلاً وعملاً، واتباع الأحاديث الشريفة فعلاً وامتثالاً؛ فلا ولاية إلا عن علم ومعرفة وعمل ويقين، لكن الولايةَ اليوم لا يَدَّعيها إلا كلُّ غبيٍّ جهول، ولو امتحنتَ أدعياء الولاية في أبسط أمور الدين، لسقطوا إلى الأذقان، ولَبَرْهنُوا على أنهم لا يعرفون شيئًا من أحكام القرآن، وخلطوا في الدين وتخبَّطوا في أبسط الأحكام، فهل هذه هي الولاية؟ وهل هؤلاء الجهلة هم الأولياء؟ وهل ينخدع أحد بتستُّرِهم وراء ما يسمونه علمَ الحقيقة، مُضادِّين به نصَّ الشريعة؟ ومخالفين به صريحَ القرآن، وخالصَ الإيمان؟

 

من شروط الولاية:

الانزواءُ والتواضعُ؛ حتى إذا عُرِفَ الوليُّ في بلد، وقصَدَه الناسُ لقضاء أمورهم، والتجؤوا إليه في الشدائد، هرَب منهم، وفرَّ بدِينه، واتَّجه لخالقه؛ حتى لا يَفتَتِنَ به أحدٌ، ولا يكون سببًا في تحويل الخَلق عن الخالق، فالوليُّ إذا اتَّجر بولايته، سلبَه الله النور والكرامة، وإذا تعاظم بكرامته، حُرِم من فضل الله ونعمتِه، وولايُة هذا الزمان إعلاناتٌ في الجرائد، ونشرات تُوزَّع، وأبواقٌ مأجورة تدعو، وحناجرُ مسخَّرة تنادي، وصنعةٌ وتجارة، وحِرفة ووظيفة، فهل هذه هي الولاية؟ وهل هؤلاء هم الأولياء؟

 

من صفات الولي الملازِمة له: القناعة، والزهد، والسماحة، والكرم، فإن سعى للقُوتِ فمِن عملٍ شريف مشروعٍ، وإن عَرَف بائسًا بادره بالمساعدة، وولايةُ هذا العصر حرصٌ وطمع، وجمع وجشعٌ، وسحت حرام، ونَصْبٌ واحتيال، وتعلقٌ بالدنيا وزينتها لِذَات الدنيا! فهل هذه هي الولاية؟ والله يقول: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾} [هود: 15، 16].

 

الوليُّ مَن شغَلَه التفكُّرُ في الله، عن الاشتغال بمن عداه.

 

الوليُّ مَن اتَّجه بكُلِّيَّته إلى الذات العَليَّة، لا للشؤون الدنية.

 

الوليُّ لا يجِدُ وقتًا للهوي ومسامرة الأغبياء الذين يُشْرِكونه مع الله، ولا يعملُ أعمال الحواة، ولا يلجأ للشعوذة والحيل يُدهش بها المغفَّلين، وإن كانت الشعوذة في نظرهم كرامة وولاية، فالحواة على هذا من كبار الأولياء أهل الكرامات، فطالما رأينا الحواة يأتون بالأعاجيب المحيرة للعقول، وبعض المتمرِّنين في الهند يأتون بالمدهشات الخارقة، والعجائب التي لا تصدَّق.

 

أنا مُتبرِّعٌ بعشرين قرشًا يُستخرَجُ بها كشفٌ بسوابق مَن يدعي الولاية في زماننا، وسيُظهر كشفُ سوابقِه أنه مجرم قاتل، أو لصٌّ مُحتال، وأنا لا أنكر الولاية، ولكني لا أستعين ولا ألجأ في شدتي ولا أستغيث إلا بالله وحده دون وسيطٍ، ولا أُصدِّقُ أبدًا أن الوليَّ يَعلَمُ الغيبَ، أو يعرف المستقبل، فلا يعلمُ الغيبَ أحدٌ إلا الله، وإذا سألتَ فاسألِ اللهَ، وإذا استعنتَ فاستعن بالله، وفي فاتحة الكتاب يقول الله بلفظ التخصيص: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5].

 

إذا كان الشيخ أو الولي هو الذي يشفي الأمراضَ المستعصية على الطبِّ، ويُوظِّفُ العاطلين، ويَرزُقُ المحتاجين، ويُزوِّجُ المتحابِّين، ويُطلِّقُ المتخاصمين، ويَمنَعُ وقوعَ المصائب، ويرد القضاء الإلهي، ويجعل من العاقر التي لا تَلِدُ امرأةً وَلُودًا، ويَعرِفُ إن كان الجنين ذكرًا أو أنثى، ويعلم المستقبل، ويكشف الغيب، ويَطَّلِعُ على ضميرك وخَبِيئة نفسك، ويَتصرَّفُ بالأذى فيمن يَعتَرِضُ عليه من أمثالي - فماذا بَقِي لله بعد ذلك؟! وما هي وظيفة الخالق القهَّار بجانب وظيفة الأولياء؟ اللهم إن هذا هو عينُ الشرك والضلالة وعبادة غير الله، فنسألُك اللهم أن تنقذنا من هذا الكفر الصَّريح، واهدنا إليك، وقرِّبنا منك، وباعد بيننا وبين الخَسَرة المتهجِّمين على عملك، المتطاولين على غَيْبك!

 

أما أولياء هذا الزمان، فإن كان لهم تصرُّف - كما يزعمون - فليُوجِّهوه على عدو البلاد، أو إلى جيش الاحتلال، أو إلى تطهير بيوتهم مما فيها من مخازٍ وأوحال.

 

لقد صدق فيهم قوله تعالى: ﴿ وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 34] وقوله تعالى: ﴿ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ﴾ [الأنعام: 121] وقوله تعالى: ﴿ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المجادلة: 19] ووَجَب علينا أن نعاملهم بما أمرنا الله به حيث قال: ﴿ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 76].

 

ولقد ساوى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أجر العرَّاف وبين أحطِّ الأشياء وأقذرِها؛ حيث نهى عن ثمن الكلب، ومهر البَغيِّ، وحُلوان الكاهن.

 

ولقد ذكرنا في الموضوع السابق الحديثَ الشريف: ((مَن أتى عرَّافًا، فسأله عن شيء، فصدَّقه، لم تقبل له صلاة أربعين يومًا)).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الولاية والذكر والشهرة
  • في الأولياء والولاية الحقيقية (1)
  • في الأولياء والولاية الحقيقية (2)

مختارات من الشبكة

  • مفهوم النية في الصيام: دراسة حول الادعاء بأن ضبط المنبِّه للسحور يعتبر نية(مقالة - ملفات خاصة)
  • تحريم ادعاء بنوة الله أو محبته جل جلاله وتقدست أسماؤه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحريم ادعاء الألوهية من دون الله أو إضافتها لغير الله تبارك وتعالى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحريم ادعاء الربوبية من دون الله أو إضافتها لغير الله تبارك وتعالى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرف الانتماء بين الحقيقة والادعاء (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • الوسطية بين الحقيقة والادعاء(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم)
  • الوقفة الثالثة مع حقوق الإنسان: الادعاءات(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • ادعاء علم الغيب حكمه وصوره القديمة والحديثة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • ادعاء بشرية الإسلام وإنكار ربانيته(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ادعاء المستشرقين تطبيق المنهج العلمي في دراساتهم(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب