• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / نوازل وشبهات / شبهات فكرية وعقدية
علامة باركود

صورة الإسلام في الفكر الغربي بين القديم والحديث

صورة الإسلام في الفكر الغربي بين القديم والحديث
د. محمد يسري إبراهيم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/8/2014 ميلادي - 20/10/1435 هجري

الزيارات: 17921

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

صورة الإسلام في الفكر الغربي بين القديم والحديث


يذهب كثير من الباحثين إلى أن تاريخ العداء يبدأ من العصور الوسطى الأوروبية، إلا أن هذه الفرضية تدحضها وقائعُ كثيرة، بل وتصريحات عديدة لغربيين.

 

يقول الكاتب والقائد الإنجليزي "جلوب" (1897م - 1986م):

"إن تاريخ مُشكلة الشرق الأوسط إنما يعود إلى القرن السابع للميلاد"[1]؛ أي: إلى تاريخ ظهور الإسلام وبزوغ فجره على المعمورة؛ حيث أزال النور الإسلامي ظلماتِ عشرة قرون، تطاوَل فيها الغرب الإغريقي والروماني والنصراني على الشرق، فاحتلَّ أرضَه، ونهب ثروته، وقهر ثقافته، فكان الفتح الإسلامي تحريرًا للإنسان من الفتنة في الدين، وتحرُّرًا للأوطان من ذلك العدوان.

 

ولقد رأى الغرب في هذه الديانة الوليدة عدوًّا عقائديًّا وحضاريًّا، يقدِّم محبة الله تعالى على محبة الإنسان، ويجعل التوحيد فكرة يتمحور حولها الإنسان، وذلك في مقابلة فِكرة تقديس الإنسان وعبادته، والتي قامت عليها أديانهم المحرفة، فلم تكن قضية الإسلام مُنازَعةً على ثروات، أو منافَسة على زعامات.

 

عمل الغربيون من قديم وبمختلف فئاتهم على اعتبار الإسلام عدوًّا أيديولوجيًّا وحضاريًّا يجب القضاء عليه، يشرح هذه الفكرة المفكر الغربي "مونتغمري وات" قائلاً: "إن الإسلام من وجهة نظر المسيحية الغربية يتَّسم بخلفية إشكالية لاهوتية عميقة، لقد ظهر في أوائل القرن السابع للميلاد في محيط تميَّز بتأثُّره الروحي بالتقاليد اليهودية - المسيحية، مؤكدًا من ناحية وعبر التوحيدية الإبراهيمية صلته المبدئية بتلك التقاليد الشرقية اليهودية - المسيحية؛ ولكنه وضع نفسه من ناحية أخرى في خندق مضاد مُتعارض تمامًا مع التقاليد الدينية المذكورة.

 

فمن خلال تعميم مطلق غير محدود للتوحيد، ألغى الإسلام في حقيقة الأمر أي إمكان لتجسيد الطبيعة الإلهية، مع نفي تام لفكرة الثالوث المسيحية، وبذلك التوجه العقائدي حطم الإسلام النظام البنيوي - اللاهوتي، الذي كان مُهيمنًا في التصورات المسيحية - لاسيما في العصر الوسيط - حول التكوين الإلهي للتاريخ، وحول التقديس، وتجسيد الإله ذاته، وهكذا كان ظهور الإسلام بالنسبة للديانتين اليهودية والمسيحية نوعًا من التحدي الديني - التاريخي"[2].

 

وتقول د. كارين آرمسترونج:

"علينا أن نتذكَّر أن الاتجاه العدائي ضد الإسلام في الغرب هو جزء من منظومة القِيَم الغربية، التي بدأت في التشكُّل مع عصر النهضة والحملات الصليبية، وهي بداية استعادة الغرب لذاته الخاصة مرة أخرى، والقرن الحادي عشر كان بداية لأوروبا الجديدة، وكانت الحملات الصليبية بمثابة أول رد فعل جماعي تقوم به أوروبا الجديدة"[3].

 

وهنا يتعيَّن التنبيه إلى أن تصوُّر البعض اليوم أن خوف الغرب من الإسلام إنما باعِثُه ظاهرة "العنف" أو "التشدُّد" - عند بعض الجماعات الإسلامية - هو تصور لا يخلو من سذاجة أو سطحية.

 

ولا شك أن موقف العداء متجذر لدى مؤسسات الغرب قبل عصر اليقظة الإسلامية بقرون متطاولة.

 

فمارتن لوثر (1483م - 1546م) زعيم الإصلاح الديني، ورأس الكنيسة البروتستانتية، وهو الذي قرأ ترجمة معاني القرآن وما ذُكر فيه عن التوراة والإنجيل من التعظيم والتبجيل...

 

ولم تكن الكاثوليكية بأحسن حالاً من البروتستانتية في صناعة هذه الأكاذيب.

 

إن هذه الصورة لا يَشترك في رسمها دهاقنة النصرانية أو ساسة أوروبا وقادتها فحسب، بل يُشاركهم فيها أدباؤهم ومثقَّفوهم وفنَّانوهم.

 

لقد ذهبت "ملحمة رولاند" (1100م) إلى إسقاط التثليث على المسلمين وعقيدة التوحيد، فتزعم أن المسلمين يعبدون ثالوثًا وثنيًّا، وأنهم إنما يُعظِّمون يوم الجمعة؛ لأنه يوم إلهة الحب فينوس، بينما يُعظِّم النصارى يوم الأحد؛ لأنه يوم الله!

 

كل هذا الشحن المزيف للحقيقة؛ حتى يلتهب حماس عوامِّهم بالحقد على أهل الإسلام؛ لتُقام المجازر والمذابح باسم الله؛ ففي هذه الملحمة يُنادي الإمبراطور جنوده كي يذبحوا المسلمين، فيقول: "انظروا إلى هذا الشعب... سوف يُمحى اسمهم من فوق الأرض الزاخرة بالحياة؛ لأنهم يعبدون الأصنام، لا يمكن أن يكون لهم خلاص، لقد حكم عليهم، فلنبدأ إذًا تنفيذ الحكم، باسم الله"، ثم تبدأ المذبحة[4].

 

تلك باختصار صورة الإسلام القديمة كما عبَّر عنها ساسة وقادة ورهبان وفنانون، فهل تغيَّرت تلك الصورة في العصر الحديث؟!

 

لعل في أنشودة الجندي الإيطالي لأمه جوابًا حين يقول لها: أماه.. أتمِّي صلاتك.. لا تبكي، بل اضحكي وتأملي، أنا ذاهب إلى طرابلس فرِحًا مسرورًا... سأُحاسب الديانة الإسلامية، سأقاتل بكل قوتي لمحو القرآن[5].

 

وكتبَت جريدة فرنسية عام 1926م تقول:

"لقد استسلم عبدالكريم الخطابي من غير شروط، وخضع لحماية فرنسا، ذلك ما كنا نبغي، فالحادث مُهمٌّ؛ فهو يضرب الإسلام في الصميم، وبوسعنا الآن أن نَفتِك بهذا الدين الفتك الذريع"[6].

 

ولإنسانٍ أن يقارن بين هذا الكلام وبين كلام الأب أربان الثاني مفجِّر الحروب الصليبية في مجمع "كلير مونت" عام 1095م حين يقول: "أيها الجنود المسيحيون، اذهبوا وخلِّصوا البلاد المقدَّسة من أيدي الأشرار، اذهبوا واغسلوا أيديكم بدماء أولئك المسلمين..."[7].

 

وتتبين الإجابة مجددًا من قول "أيوحين روستو" - رئيس قسم التخطيط في وزارة الخارجية الأمريكية، ومُستشار الرئيس جونسون لشؤون الشرق الأوسط حتى عام 1967م - حيث قال: "يجب أن نُدرك أن الخلافات القائمة بيننا وبين الشعوب العربية ليسَت خلافات بين دول أو شعوب، بل هي خلافات بين الحضارة الإسلامية والحضارة المسيحيَّة، لقد كان الصراع محتدمًا بين المسيحية والإسلام منذ القرون الوسطى، وهو مستمر حتى هذه اللحظة بصور مختلفة، ومنذ قرن ونصف خضع الإسلام لسيطرة الغرب، وخضع التراث الإسلامي للتراث المسيحي، إن الظروف التاريخية تؤكِّد أن أمريكا إنما هي جزء مكمِّل للعالم الغربي؛ فلسفته وعقيدته ونظامه، وذلك يجعلها تقف معاديةً للعالم الشرقي الإسلامي بفلسفته وعقيدته المتمثلة بالدين الإسلامي، ولا تستطيع أمريكا إلا أن تقف هذا الموقف في الصف المعادي للإسلام وإلى جانب العالم الغربي والدولة الصهيونية..."[8].

 

وفي أعقاب حرب رمضان 1393ﻫ أكتوبر 1973م أجرت صحيفة "لفيجارو" الفرنسية استفتاء للرأي العام الفرنسي، فأسفر الاستفتاء عن أن 45 % مع إسرائيل مؤيدون لها، و17 % يؤيدون العرب، و8 % مع الطرفين، و30 % لا رأي لهم، وأجرى المعهد الوطني استفتاءً للرأي العام في لندن، فأسفر عن أن 47.5 % من البريطانيين الذين شملهم الاستفتاء يؤيدون إسرائيل، في مقابل 5 % يؤيدون الدول العربية، وأجرى معهد "جالوب" الأمريكي استفتاءً للرأي عن النِّزاع في الشرق الأوسط يوم 6 أكتوبر، فأسفر عن أن 47 % من الأمريكيين يُؤيدون إسرائيل، في مقابل 6 % فقط يؤيدون الدول العربية[9].

 

وأرجعَت بعض الجهات هذه النتائج إلى ما تفعله الدعاية الصِّهْيَوْنية في الرأي العام في العالم الغربي ومدى عمق جذورها فيه، إلا أن هذا ليس راجعًا إلى الدعاية الصهيونية وحدَها، بل إن ما تفعله هذه الدعاية هو تنشيط للرواسب القديمة التي خلَّفتها الحروب الصليبية من بُغضٍ وكراهية للمسلمين، تلك الأحقاد التي لا تزال وستظلُّ مُنطلَق التخطيط للعالم الغربي في علاقاته بالعالم الإسلامي في مختلف المجالات.

 

والمفكِّر الإستراتيجي الأمريكي - الرئيس الأسبق - ريتشارد نيكسون يذكر في كتابه: "الفرصة السانحة":

"إن العداء للمسلمين هو الأمر الأكثر شيوعًا، والأسوأ صورة لدى جمهور الأمريكيين"، "فكثير من الأمريكيِّين يتصورون أن المسلمين هم شعوب غير متحضِّرة، ودمويون، وغير منطقيِّين، ويعتقدون أن سيوف محمد وأتباعه هي السبب في انتشار الدين الإسلامي في آسيا وإفريقيا، وحتى أوروبا؛ ولذلك فإن الكثيرين من الأمريكيِّين قد أصبَحوا ينظرون إلى كل المسلمين كأعداء، وليس هناك صورة أسوأ في ذهن وضمير المُواطن الأمريكي من صورة العالم الإسلامي"، "ويحذِّر بعض المراقبين من أن الإسلام والغرب متضادان، وأن الإسلام سوف يُصبح قوة جيوبوليتيكية متطرفة، وأنه مع التزايُد السكاني والإمكانات المادية المتاحة سوف يؤلف المسلمون مخاطر كبيرة، وأنهم يوحدون صفوفهم للقيام بثورة ضد الغرب، وسوف يُضطر الغرب إلى أن يتَّحد مع موسكو ليواجه الخطر العدواني للعالم الإسلامي"[10].

 

وإذا كان ريتشارد نيكسون قد أعلن: "أنه ليست هناك صورة في ذهن وضمير المواطن الأمريكي أسوأ من صورة العالم الإسلامي"، فإن "صناعة هذه الصورة" - في الثقافة الغربية والضمير الغربي - سابقة على قيام إسرائيل، وحقبة النفط، وحركات الجهاد الإسلامي بلا شك؛ يقول د. محمد عمارة: فـ "الشهادات الألمانية" تُحدِّثنا عن أن "الإفرنج منذ الحروب الصليبية - أي: قبل نحو ألف عام - كانوا يُطلقون على العرب والمسلمين صفات الجنس الحيواني الحقير، والكلاب والخنازير"! وهي الصفات التي لا تزال شائعة في صحافة الغرب المعاصر، وفي أفلام هوليوود[11].

 

كما أن تنامي الأصولية الإنجيلية في الولايات المتحدة الأمريكية - والتي أصبحت تشكِّل جماعات ضغط سياسي لها الدور الفعَّال في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية - يمثِّل بقية أجزاء الصورة القبيحة لصور التطاول في العصر الحديث، فهذه العقيدة الأصولية الإنجيلية يُؤمن بها تسعة من رؤساء أمريكا، وعاشِرهم الرئيس الأمريكي بوش الابن[12].

 

واعتقاد[13] هؤلاء الإنجيليين يفسِّر للمسلمين وللعالم كله الموقِف غير الأخلاقي لسياسة الولايات المتحدة المُنحازة والتي تكيل بمكيالين، فعلاقتهم بالدولة الصهيونية - وكما يقول كارتر في كتابه - علاقة متجذِّرة في ضمير وأخلاق ودين ومُعتقَدات الشعب الأمريكي.

 

كما يفسِّر أيضًا هذا الاعتقاد المُنحرفُ الموقفَ المضاد الذي تتخذه الولايات المتحدة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية، وبالأخص تجاه بيت المقدس، الذي يتعرَّض للتعديات الصهيونية والحفريات المزعومة بهدف هدمه لإقامة الهيكل المزعوم وفقًا لتصوراتهم الصهيومسيحية المشتركة.

 

وقد تزايد تحكم هذه الحركة الأصولية الإنجيلية في جميع سياسات الإدارة الأمريكية، وبالأخص في العقدين الأخيرين؛ بحيث صارت منطلقًا ودافعًا لتطاول الغرب بقيادة الولايات المتحدة على كثير من حرمات وثوابت الدين الإسلامي الحنيف، مستغلة النفوذ الاقتصادي والعسكري والسياسي في فرض ما تراه من مخططات وأهداف على دول العالم الإسلامي، دون اعتبار لسيادتها على أوطانها ومقدراتها!

 

وهذه الحكومة الإنجيلية المُحافِظة الحاكمة في الولايات المتحدة لم تكن في حاجة إلى أحداث الحادي عشر من سبتمبر لإلصاق دعوى الإرهاب بجميع المنظمات والجمعيات والدول الإسلامية، وكل ما هنالك أن هذه الأحداث عجَّلت من تفعيل ثوابت عقائدية ودينية متلازمة لدى هؤلاء الأصوليين الجدد،؛ يقول القس (فرانكلين جراهام): "إن الإسلام دين شرِّير سيئ جدًّا"، ويقول: "إن الإرهاب جزء لا يتجزأ من تعاليم الإسلام"[14].

 

وقد بلغ الاستكبار الأمريكي الأُصولي في التدخل في ثقافات الدول العربية والإسلامية حتى إنه طبَع ونشَر ما يُسمى بالفرقان الأمريكي في بعض الدول العربية (بعدما حذف جميع الآيات القرآنية التي تتحدث عن اليهود والنصارى والجهاد في سبيل الله)!

 

وفي مجال التطاول على الرموز والثوابت أيَّدت الأصولية المسيحية في أمريكا ما قام به أهل الدانمرك من تطاول على الرسول صلى الله عليه وسلم، وتناولت بعض الفضائيات ما قام به أحد زعاماتهم من تمويل لرسام الكاريكاتير الملعون!

 

أما موقفهم من أولى القبلتين وثالث الحرمين المسجد الأقصى المبارك، فكما سبق وذكرنا؛ فهم يؤيدون ويُهلِّلون لكل الممارسات المعتدية على كيان المسجد؛ بزعم انسجام ذلك مع معتقدهم الخاص بهرمجيدون، الذي لا بد أن يسبقه هدم المسجد الأقصى المبارك وبناء الهيكل المزعوم.

 

وبخصوص المظاهر الأخرى للعداء الصهيومسيحي للإسلام وثوابته - والمتعلِّق بالجانب السياسي والعسكري - فقد كان للحركة الأصولية المسيحية الدور الأعظم في التأثير على القرار السياسي الأمريكي وما نتَج عنه من قرارات عُدوانية اتخذتها الإدارة الأمريكية على مدى السنوات الأخيرة!

 

ولأن الحديث عن ذلك له مجالات أخرى فنَكتفي بالقول إجمالاً: إن الحركة الأصولية المسيحية كانت وراء ما حاق بالإسلام والمسلمين من نوازل ومآسٍ؛ كغزو بلدَين مسلمين، هما: العراق وأفغانستان، والبطش بملايين المسلمين من شعبيهما، وما نتج عن سياسات أمريكا المنحازة للكيان الصهيوني، وما تبعها من حصار خانق لحكومة حماس الإسلامية، وللشعب الفلسطيني.

 

وهكذا، فعداء المشروع الغربي للإسلام هو موقف مُعلَن من كثيرين في دوائر ومؤسسات صُنعِ القرار، وليس وهمًا صنعته "ذهنية المؤامرة"؛ إنما يُمثل مشكلةً أسبق وأعمق من الوقائع الطارئة والآنية التي أثمرتها حركات النهضة الإسلامية المعاصرة، أو بعض نظُم الاستبداد الحاكمة، أو بعض الحركات الجهادية هنا أو هناك.

 

ولا يمنع وجود هذا التوجه العام من رصد شيء من التوجه الإيجابي في موقف الكنيسة أو موقف عدد من الأفراد؛ فمن ذلك أن الكنيسة الكاثوليكية ناقشت في مجمعها الفاتيكاني الثاني (1962م - 1965م) العلاقة بين الكنيسة والأديان غير المسيحية، ثم أصدرت بيانًا إيجابيًّا جاء فيه:

"إن الكنيسة تنظر بعين الاعتبار أيضًا إلى المسلمين الذين يَعبدون الإله الواحد الحي القيوم الرحيم القادر على كل شيء، خالق السماء والأرض، الذين - أي: المسلمين - يجتهدون في أن يَخضعوا بكُليَّتهم حتى لأوامر الله غير المُعلَنة، كما خضع له إبراهيم، الذي يسند إليه بطيبة خاطر الإيمان الإسلامي، إنهم يُجلُّون يسوع كنبي وإن لم يعترفوا به كإله، ويُكرمون أمه مريم العذراء؛ بل إنهم بتقوى يتضرعون إليها أحيانًا! علاوةً على ذلك فإنهم ينتظرون يوم الدين عندما يُثيب الله كل البشر القائمين من الموت، ويعظِّمون الحياة الأخلاقية أيضًا، ويؤدون العبادة لله لا سيما بالصلاة والزكاة والصوم، وإذا كانت قد نشأت على مرِّ القرون مُنازعات وعداوات كثيرة بين المسيحيين والمسلمين، فالمجمع المقدَّس يحضُّ الجميع على أن يتناسوا الماضي ويَنصرفوا بإخلاص إلى التفاهُم المتبادَل، ويصونوا ويُعزِّزوا معًا العدالة الاجتماعية والخيارات الأخلاقية، والسلام والحرية، لفائدة الناس جميعًا"[15].

 

ولكن الأمر لم يَدُم طويلاً؛ ففي أكبر وأخطر مؤتمرات الكنائس الغربية - الذي انعقد في كولورادو بأمريكا سنة 1978م - قد أرجع هذا العداء الغربي المحموم للإسلام إلى ما رآه وأسماه بـ "الطبيعة الإسلامية المُناقضة للنصرانية" كما فهمتها الكنائس الغربية، فقالت مقررات هذا المؤتمر: "إن الإسلام هو الدين الوحيد الذي تُناقِض مصادره الأصلية أسس النصرانية، وإن النظام الإسلامي هو أكثر النظم الدينية المتناسِقة اجتماعيًّا وسياسيًّا، إنه حركة دينية معادية للنصرانية، مُخططة تخطيطًا يفوق قدرة البشر، ولا بد من مئات المراكز التي تؤسس حول العالم بواسطة النصارى؛ للتركيز على الإسلام لفهمِه، والتعامل معه، واختراقه في صدقٍ ودهاء"[16].

 

ثم ها هو البابا الكاثوليكي بينديكت السادس عشر يَنسحِب من هذه المواقِف إلى مواقع مُتراجعة، فيُغيِّر ما أسموه بلجنة "حوار الأديان" إلى لجنة "حوار الثقافات.."، الأمر الذي يعد انقلابًا على نتائج المجمع الفاتيكاني التي تضمَّنت اعترافًا بالديانات الإبراهيمية[17].

 

وبالمثل، فكما رصدت تصريحات وكلمات إيجابية حول الإسلام من عشرات المثقفين والأكاديميين والسياسيين الغربيين، إلا أن الصوت الأعلى والكثرة الكاثرة لغير المُنصِفين!

 

من كتاب: التطاول الغربي على الثوابت الإسلامية
لفضيلة الدكتور: محمد يسري إبراهيم

دار اليسر بالقاهرة

 



[1] مقال بجريدة الشرق الأوسط، لجمال شاهين، عدد (9913) في 18 ذي الحجة 1426ﻫ، نقلاً عن كتاب للكاتب بعنوان "محمد".

[2] تأثير الإسلام على أوروبا في القرون الوسطى؛ مونتغمرى وات، موسكو، 1976م، (ص: 8 - 10).

[3] مقال لجمال شاهين، بجريدة الشرق الأوسط.

[4] صورة الإسلام في التراث الغربي؛ هوبرت هيركومر، وجيرنوت روتر، ترجمة: ثابت عيد، وتقديم: د. محمد عمارة، (ص: 18، 21، 23، 24، 43)، طبعة دار نهضة مصر، القاهرة 1999م.

[5] القومية والغزو الأمريكي؛ لمحمد جلال كشك، نقلاً عن: "الرسول صلى الله عليه وسلم في عيون غربية منصفة"؛ الحسيني معدّى، دار الكتاب العربي، ط: 1، 2006، (ص: 57).

[6] da acpechede constasntine (28 / 5 / 1926).

[7] الحروب الصليبية؛ د. سيد عاشور، مكتبة الأنجلو المصرية.

[8] قادة الغرب يقولون: دمروا الإسلام أبيدوا أهله؛ جلال العالم، مكتبة الصحابة، (ص: 31).

[9] الإسلام قوة الغد العالمية،؛ باول شمتز، ترجمة: د. محمد شامة، طبعة مكتبة وهبة، القاهرة، (ص: 4).

[10] الفرصة السانحة؛ لريتشارد نيكسون، ترجمة: أحمد صدقي مراد، طبعة القاهرة 1992م، (ص: 28، 138، 141، 152، 153).

[11] في فقه المواجهة بين الغرب والإسلام؛ د. محمد عمارة، طبعة دار الشروق الدولية، القاهرة 2003م، (ص: 140).

[12] كتاب البُعد الديني للرئيس الأمريكي، بتصرف.

[13] تُعتبر هذه العقيدة امتدادًا لحركة الإصلاح الديني بزعامة مارتن لوثر التي بدأت كاحتجاج على البابا الكاثوليكي، ورفضت توسُّط رجال الكهنوت بينهم وبين الله، ودعت إلى التطبيق الحرفي للكتاب المقدَّس وتفسيره دون الرجوع إلى رجال الدين، وبسبب ما تعرَّضت له هذه الطائفة البروتستانتية من حروب طائفية بينها وبين الكاثوليك، اضطر البروتستانت إلى الهجرة إلى العالم الجديد، فتدفَّقوا على أمريكا بمجرد اكتشافها، وصاروا أكثر سكانها، وتأسَّس بذلك المجتمع الأمريكي على أساس بروتستانتي توراتي، وتبنى جميع العقائد التوراتية والأساطير المحرَّفة التي تتحدث عن نبوءات تتعلق بالأرض المقدسة وبالوعد المزعوم الذي بموجبه استحق اليهود الصهاينة استرجاع الأرض الموعودة من الفرات إلى النيل (فهم يعتبرون أرض كنعان كلها موعودة للساميين)، علمًا بأن العرب الفلسطينيين من الساميين من بني إسماعيل عليه السلام.

تقول التوراة المحرَّفة في سفر التكوين: "ملعون كنعان، عبد العبيد يكون لأخويه، وقال: مبارك الرب إله سام، وقال: ليكن كنعان عبدًا لهم يَفتح الله ليافث فيسكن في مساكن سام، وليكن كنعان عبدًا لهم" ا. هـ، ثم يستند إلى الإصحاح 12: "ظهَر الرب لإبرام وقال: لنَسلِكَ أُعطي هذه الأرض"، ويقول: "قال الرب لإبرام: اذهب من أرضك وعشيرتك، ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أُريك، فأُهلِك أمة عظيمة، وأباركك، وأعظِّم اسمك، ويكون نسلك كتراب الأرض، ويمتدُّ غربًا وشرقًا وشمالاً وجنوبًا، ويتبارك فيك وفي نسلك جميع قبائل الأرض"؛ الإصحاح 28 من التوراة، متعامين عن انطباق هذه المواصفات على العرب المسلمين؛ فهم من الساميين من بني إسماعيل، وهم أكثر من المليار والربع كتراب الأرض، وموزَّعون في جميع أنحاء العالم.

ويَعتنق الأصوليون المسيحيون العقيدة الألفية التي تتحدث عن النزول الثاني للمسيح، وأنه لا بد من الإعداد والتمهيد لهذا النزول بحشد وتجميع اليهود في فلسطين، وإعانتهم بالمال والسلاح لخوض معركة هرمجيدون التي يزعمون انتصار اليهود والنصارى على الوثنيين - أي: المسلمين بزعمهم - وذلك بأن يرتفع النصارى فوق السحاب، وأما المسلمون فسيغرقون في بحيرة النار المتَّقدة بالكبريت (رؤيا يوحنا اللاهوتي بالعهد الجديد).

[14] انظر صحيفة الزيتونة الأمريكية في 30 أغسطس 2002.

[15] الإسلام والمسيحيين؛ د. إليسكي جورافيسكي، سلسلة أعلام المعرفة (215)، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، نوفمبر 1996، (ص: 117).

[16] المصدر السابق.

[17] لماذا يكرهونه؟ الأصول الفكرية لعلاقة الغرب بنبي الإسلام؛ د. باسم خفاجي (ص: 49).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • صورة الإسلاميين على الشاشة .. لأحمد سالم
  • من يوضح صورة الإسلام في عيون غير المسلمين ؟
  • موقف مناهج التعليم الغربية من الإسلام
  • الأسباب الدينية للتطاول على دين الإسلام وخير الأنام
  • الصورة المشرقة للإسلام
  • القديم والحديث.. المعركة التي لم تمت

مختارات من الشبكة

  • مكانة المرأة في الإسلام: ستون صورة لإكرام المرأة في الإسلام (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مالي: الإعلام الغربي وتشويه صورة الإسلام في حوار صحفي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • لندن: اجتماع لدراسة تفعيل دور الكفاءات المسلمة في الغرب في تصحيح صورة الإسلام في الإعلام الغربي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • لماذا اختيار الإسلام دينا؟ الاختيار بين الإسلام والمعتقدات الأخرى (كالنصرانية واليهودية والهندوسية والبوذية..) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الإسلام والغرب (مراحل الحديث عن الإسلام في الغرب)(مقالة - ملفات خاصة)
  • الإسلام دين جميع الأنبياء، ومن ابتغى غير الإسلام فهو كافر من أهل النار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحرب في الإسلام لحماية النفوس وفي غير الإسلام لقطع الرؤوس: غزوة تبوك نموذجا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لو فهموا الإسلام لما قالوا نسوية (منهج الإسلام في التعامل مع مظالم المرأة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • كلمات حول الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اليابان وتعاليم الإسلام وكيفية حل الإسلام للمشاكل القديمة والمعاصرة (باللغة اليابانية)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب