• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / نوازل وشبهات / شبهات فكرية وعقدية
علامة باركود

وجوب العمل بالسنة

وجوب العمل بالسنة
د. عفيف المبارزي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/3/2019 ميلادي - 18/7/1440 هجري

الزيارات: 23325

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وجوب العمل بالسنة


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فأهم مرتكزات التيار العقلاني في ترك العمل بالسنة، هو ما وردني في هذا الحوار السريع؛ حيث جاءني أحد المتأثِّرين بما يُسمَّى التيار العقلاني أو القرآني - كما يحب أن يُسمِّي نفسه - وسألني عن آيات أشكلت عليه ويقول: إنها تدل على وجوب العمل بالقرآن فقط، ولا داعي للسُّنَّة، ولا لدواوينها، ويكفينا السُّنَّة الفعليَّة حسب زعمه، ورأيتُ أن أهم ما يستدل به القوم على مذهبهم:

قوله تعالى: ﴿ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: 38]، وقوله تعالى: ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ ﴾ [النحل: 89]، وقوله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ﴾ [المائدة: 3]، وقوله تعالى: ﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ﴾ [المرسلات: 50].


فكان هذا الجواب المختصر:

في البداية أسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقًّا ويرزقنا اتِّباعه، وأن يرينا الباطل باطلًا ويرزقنا اجتنابه، والإنسان مطلوب منه السعي في نجاة نفسه بنفسه كما قال تعالى: ﴿ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ﴾ [القيامة: 14، 15]، وإذا صدق العبد في قوله: ﴿ اهْدِنَا ﴾ [الفاتحة: 6]، وهو يقرؤها في سورة الفاتحة ١٧ مرة على الأقل، فسيهديه الله تعالى، ويشرح صدره، خاصة لو صدق، وأخلص في طلب الهداية، أما بعد:

فهذه الآيات التي ذكرت، أدلة حق استدللت بها استدلالًا باطلًا على إنكار السنة القولية أو الفعلية، وقد قضى الله تعالى أنه لا يستدل بالقرآن والسنة الصحيحة أحد على باطل؛ إلا كان في الدليل نفسه الحق؛ الرد على استدلاله الباطل، وهذا من معجزات الدين الحق، والحمد لله.

 

أما الآية الأولى: وهي قوله تعالى: ﴿ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: 38]، فليس فيها دليل على الاستغناء بالقرآن عن السنة، وذلك من وجوه:

الأول: أن هذه الآية تتحدَّث عن اللوح المحفوظ؛ وليس عن القرآن الكريم، وهذا قول كثير من المفسرين[1]؛ وذلك لأمور:

1- أن هذا جزء من آية لها سياق وسباق ولحاق وتمامها: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴾ [الأنعام: 38]، فسباقها الحديث عن الدواب والطيور، ولحاقها الحديث عن حشرها إلى ربها، وسياقها يدل على أن الكتاب هنا اللوح المحفوظ؛ وإلا فأين في القرآن ذكر الفأر وهو دابة، وذكر الخُفَّاش وهو طير؟!

 

2- أن تفسير الكتاب باللوح المحفوظ تفسير أكثر العلماء، ومنهم حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما، ولا يعرف عن السلف سواه[2].

 

3- أنه تفسير لا يحتاج إلى تأويل ولا تقييد؛ لأن مَنْ فسَّره بالقرآن من المتأخِّرين احتاج إلى تقييد أو تأويل، فقال معناه: ما فرطنا في القرآن من شيء يحتاج إليه!

 

والذي ألجأ للتقييد أن لفظة (شيء) نكرة في سياق النفي مؤكدة بمن، تعم كل شيء، وإذا أكِّدَت النكرة بمن الزائدة كانت نصًّا في العموم، وهذا مُقرَّر عند علماء الأصول[3].

 

فلو حملنا الكتاب على القرآن، لوجدنا آلاف الأشياء ليست فيه؛ ولكن لا شيء يمكن أن يقال: إنه ليس في اللوح المحفوظ.

 

فإن قيدته وقلت: ما فرطنا في الكتاب من شيء؛ يعني: بيان أمور الدين وليس أمور الدين والدنيا، قلنا: صارت بمعنى قوله تعالى: ﴿ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ ﴾ [النحل: 89] تمامًا، وهذا البيان نوعان: أصالة، وإحالة، ويأتي توضيحه في الجواب عن الاستدلال بالآية الثانية.

 

الثاني: سؤال عقلي؟

هذه الآية مكية في سورة الأنعام المكية كيف يقول فيها: ﴿ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: 38] وإنما ثبتت أصول كثير من الأحكام في المدينة؟

 

مثاله: الأصناف الثمانية للزكاة إنما نزلت في سورة التوبة المدنية؛ فتعيَّن أن المراد بالآية: اللوح المحفوظ؛ لا القرآن الكريم.

 

الثالث: إذا حملنا الآية على القرآن الكريم، وأن المراد بيان الأحكام الشرعية، فهذا صحيح؛ ولكن البيان أصالة وإحالة، وتصبح بمعنى الآية الثانية بالضبط.

 

وخلاصة جواب هذه الشبهة:

أن الكتاب هو اللوح المحفوظ، وإن قلت: هو القرآن، فلا بد من التقييد، فتقول: من شيء من الأصول الكلية.

أو التأويل: من شيء أصالة وإحالة.

وأما العموم فمردود؛ لأن عندنا مالم يبينه نصُّ القرآن أصالة باعترافك وهو السنة الفعلية!

 

الآية الثانية: وهي قوله تعالى: ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ ﴾ [النحل: 89]، لا تدل على الاستغناء عن السنة لا فعلية ولا قولية.

 

وذلك من وجوه:

الأول: أن الكتاب لم يحتوِ على كل الأحكام الشرعية، فلو سألتك: أين عدد الصلوات، وأنصبة الزكاة، ومناسك الحج في القرآن؟

فلك ثلاث حالات:

1- أن تقول: هي موجودة في القرآن، فهذا كذب! حاشاك.

2- أن تقول: لا حاجة إليها ما دام أنه لم يُبيِّنها القرآن، فهذا خطر عظيم - عياذًا بالله - ومصادمٌ للإجماع القطعي!

3- أن تقول: ليست موجودة في القرآن، والحاجة إليها ماسة، وقد بيَّنَتْها السنة العملية؛ وليست القولية، فهذا نقض لدليلك بأن القرآن تبيان لكل شيء!

 

الثاني: إذا قلت بالثالث ولا بد؛ فهنا يحسن أن تعرف أن البيان (أصالة) بالنص القرآني؛ كوجوب الصلاة و(إحالة) بالسنة النبوية؛ كعدد الصلوات.

 

وأن وظيفة السنة مع القرآن ثلاث:

1- "التوكيد كوجوب الصلاة، فوجوبها جاء في القرآن والسنة أكدت.

 

2- التبيين؛ كعدد الصلوات، وأنصبة الزكاة وغيرها من الواجبات التي نصَّ عليها القرآن، وبينت السنة تفاصيلها، فكلها جاءت في السنة.

 

3- التأسيس (وهو الحكم الذي لم يذكر بالقرآن؛ وإنما ذكرته السنة فقط)؛ كصلاة الاستخارة، فاستحبابها جاء في السنة، ولم يأمر بها القرآن، وكصلاة الاستسقاء والجنازة وغيرها كثير"[4].

 

هذا في عبادة الصلاة، فكذلك الأمثلة في الزكاة والصيام والحج والبيوع والنكاح والحدود وهي لا تُحصى كثرةً! فلك أن تتخيَّل كم من الأحكام التي أجمع المسلمون على مشروعيتها، وثبتت في السنة، ولم تذكر في القرآن؛

 

ولذا تأمَّل قوله تعالى: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ [الأنفال: 1]، و﴿ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ﴾ [آل عمران: 32]

 

و﴿ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ [النساء: 59]، وهي جمل قرآنية لا يفهم منها صاحب اللسان العربي القويم والفهم المستقيم إلا السنة المؤكدة والمبينة والمؤسسة.

 

فإن قلت: أنا أؤمن بالسنة العملية لا القولية، قلنا: نقضت عموم أصلك: ﴿ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ ﴾ [النحل: 89]؛ لأن عدد الصلوات، وعدد الركعات، وأحكام السهو، ونحوها شيء لم يبينه القرآن؛ وإنما بيَّنته السنة باعترافك!

 

فإذا اعترفت أن القرآن احتاج إلى ما يكمله من السنة الفعلية، فنفيك الحاجة للسنة القولية تحكُّم وتشهٍّ، فما يضر أن يبين القرآن بالسنة القولية كما اعترفت بأنه بُيِّن بالسنة الفعلية؟!

 

فإن أبيت إلا التفريق فإني سائلك: هل تأكل لحم الكلاب؟ وهل تتزوج عمة زوجتك معها؟ وهل تنوي الصيام الواجب من الليل؟ وهل تعتمر في رمضان؟ وآلاف الأسئلة عن أحكام لا يمكن أن تنكرها، ولا دليل لك عليها من كتاب ولا سنة عملية، فلم يبق إلا السنة القولية؛ فمثلاً: لا سبيل للاطلاع على نية الصيام الواجب ليلًا ولا نهارًا، ولم يعتمر في رمضان قط، فلم يبق إلا أن الذي بيَّنَ هذا سنتُه القولية صلى الله عليه وسلم!

 

وخلاصة جواب هذه الشبهة:

أن القرآن تبيان لكل شيء، إما بالتقييد؛ يعني: جاء بالتأصيل (ذكر الأصول)، فيكون من العام المخصوص؛ مثل: ﴿ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [الأحقاف: 25]!

 

وإما بالتأويل؛ يعني: بالتأصيل(أصالة) وبالتفصيل (إحالة)، كما ذكر القرآن الصلاة تأصيلًا، وذكرت السنة الصلاة تفصيلًا مشتملة على أحكام فعلية وقولية، لم ترد في القرآن، فسجود السهو له صور ثبتت بالفعل وصور ثبتت بالقول.

 

وخروج الريح يفسد الصلاة بالإجماع، ولم يرد في القرآن، فمن أين ثبت هذا الحكم إلا من السنة القولية:

عن عباد بن تميم عن عمه: "أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل الذي يخيَّل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال: لا ينفتل - أو: لا ينصرف - حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا"[5].

 

وأما الآية الثالثة، وهي قوله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ﴾ [المائدة: 3]،

فالاستدلال بها على إنكار السنة عجيب! لأن السنة من الدين ومن عناصر كمال الدين وتمام النعمة، وقد نزلت الآية يوم عرفة وفي الحج[6]، وغالب مناسكه وتفصيلاتها إنما ثبتت بالسنة!

 

ولم يذكر القرآن الوقوف بعرفة؛ وإنما ذكر الإفاضة منها، وقد حدد وقتها بالسنة الفعلية؛ ولكن أين نجد أن عرفة ركن من أركان الحج، وهو إجماع من المسلمين إلا بالسنة القولية: ((الحج عرفة))[7].

 

ووجه الشبهة عند المستدلين بالآية أن السنة إنما دُوِّنَتْ متأخرة عن الآية بزمن طويل، وهذا خلط بين أمرين:

التدوين، والوجود.

 

فإن أردت تدوين السنة، فصحيح تأخَّر، ولا يتنافى ذلك مع كمال الدين، فقد كانت السنة القولية محفوظة في الصدور وعمل بها الخلفاء الراشدون الأربعة كلهم قبل التدوين.

 

وإن أردت وجود السنة، فليس بصحيح، فالسنة موجودة عند نزول الآية؛ لأن عندنا عددًا لا يُحصى من الأحكام التي ثبتت بالسنة القولية والفعلية، وهي معلومة من الدين بالضرورة.

 

ولولا خشية الإطالة لنقلت لك فصلًا من إعلام الموقعين[8] في فتاوى النبي صلى الله عليه وسلم - إمام المفتين في العقيدة والطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وغيرها، ولنقلت لك منها ما يزيد على ١٥٠ فتوى كلها قولية فأين تذهب بها؟!

 

وإن قلت أُقرُّ بوجود السنة فعلية وقولية عند نزول الآية فلم يبق في الآية حجة!

وخلاصة هذه الشبهة: أن الآية إن قيل: دلت على كمال الدين من غير وجود السنة، فهو خطأ خطر يؤدي إلى الكفر، وإن قيل: دلت على كمال الدين من غير تدوين السنة، فصحيح؛ ولكن التدوين زيادة كمال يتحقق به حفظ السنة ونقلها من الصدور إلى السطور!

 

فهذه الآية وردت مرتين في سورتي الأنعام والمرسلات، وفي سورة الجاثية ﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الجاثية: 6]، وليس في الآية نفي للسنة؛ لأن هذه الآيات في سياق توبيخ الكفار.

 

وإذا لم يؤمن بالقرآن فهل يؤمن أو سيؤمن بالسنة؛ لأن كل حديث بعد القرآن هو أدنى منه حتى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أو لأن القرآن أعلى جنس الكلام؟!

 

ولكن من آمن به آمن بحديث بعده وهو السنة فعلية وقولية؛ لأن الإيمان به داع للإيمان بها؛ لأنها وحي مثله كما قال تعالى: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النجم: 3، 4].

 

وختامًا:

ماذا تقول في قوله تعالى: ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [آل عمران: 164]، فمن وظائف الرسول صلى الله عليه وسلم، تعليم الكتاب والحكمة وهي السنة، ولو كان يغني تعليم الكتاب عن السنة لم يكن من وظائفه.

 

فإن قلت: أين الدليل على أن الحكمة هي السنة؟!

فالجواب: قوله تعالى لنساء النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا ﴾ [الأحزاب: 34]، وقد أجمع المفسِّرون على أن آيات الله هي القرآن، وأن الحكمة هي السنة[9].

 

وكل حكم بيَّنَتْه السُّنَّة أو الإجماع أو القياس أو غير ذلك من الأدلة المعتبرة، فالقرآن مبَيِّن له حقيقة؛ لأنه أرشد إليه وأوجب العمل به، وبهذا المعنى تكون جميع أحكام الشريعة راجعة إلى القرآن.

 

فنحن عندما نتمسَّك بالسنة، ونعمل بما جاء فيها؛ إنما نعمل في الحقيقة بكتاب الله تعالى؛ ولهذا لما قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "لعن الله الواشمات والمتوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله"، بلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها: أم يعقوب، فجاءت إليه وقالت: إنه بلغني عنك أنك لعنت كيت وكيت، فقال: وما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ومن هو في كتاب الله، فقالت: لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول، قال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه، أما قرأتِ: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7]، قالت: بلى، قال: فإنه قد نهى عنه"[10].



[1] انظر: تفسير الطبري (11/ 346)، والتفسير الوسيط؛ للواحدي (2/ 268)، وتفسير الراغب الأصفهاني (1/ 392)، وتفسير البغوي (3/ 142)، وزاد المسير في علم التفسير (2/ 26)، وتفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير (12/ 526).

[2] انظر: تفسير المراغي (7/ 118)، وأضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (6/ 292)، وتفسير الخازن؛ لباب التأويل في معاني التنزيل (2/ 111).

[3] انظر: أصول السرخسي (2/ 120)، والموافقات؛ للشاطبي (2/ 129)، وإرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول (2/ 100).

[4] انظر: أحكام القرآن؛ للجصاص، ط العلمية (1/ 70)، شرح مقدمة التفسير (من النقاية)؛ للسيوطي (4/ 56)، والتفسير والمفسرون في العصر الحديث؛ لفضل عباس (1/ 130).

[5] أخرجه البخاري في صحيحه، باب: من لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن (1/ 39)، ومسلم، باب: الدليل على أن من تيقن الطهارة، ثم شك في الحدث فله أن يصلي بطهارته تلك (1/ 276).

[6] انظر: أسباب النزول؛ للواحدي (ص: 190)، وأخرج الحديث البخاري في صحيحه برقم: 4407 (5/ 177).

[7] أخرجه أبو داود، كتاب: المناسك "الحج"، باب: من لم يدرك عرفة، حديث رقم: 1949 (2/ 485- 486)، والترمذي، كتاب: ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج، حديث رقم: 889 (3/ 237)، والنسائي، كتاب: الحج، باب: فرض الوقوف بعرفة (5/ 256) وابن ماجه، كتاب: المناسك، باب: من أتى عرفة قبل الفجر ليلة بجمع، حديث رقم: 3030 (2/ 1003)، وأخرجه غير واحد، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته برقم: 3172 (1/ 606).

[8] انظر: إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن القيم (1/ 250).

[9] انظر: تفسير الطبري = جامع البيان، ت شاكر (20/ 267)، وتفسير السمرقندي = بحر العلوم (3/ 60).

[10] أخرجه البخاري في صحيحه، باب: ﴿ وما آتاكم الرسول فخذوه ﴾، رقم: 4886 (6/ 147).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضل القرآن الكريم ووجوب العمل به وتدبره
  • وجوب العمل بالقرآن العظيم
  • طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم في اتباع سنته
  • أسباب العمل بخبر الواحد

مختارات من الشبكة

  • الحكمة من وجوب النفقة على الرجل(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • ما معنى حرف وجوب لوجوب ؟(استشارة - الاستشارات)
  • باب وجوب التمسك بالسنة النبوية والتحذير من البدع والمحدثات في الدين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاحتجاج بالسنة ( وجوب إنشاء مدرسة للتخصص في الحديث )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وجوب الاعتصام بالقرآن والسنة وذم التفرق والبدع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وجوب الاعتصام بالكتاب والسنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وجوب اتباع السنة(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • الأدلة من القرآن والسنة على وجوب طاعة المرأة لزوجها(مقالة - ملفات خاصة)
  • أدلة وجوب طاعة النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن والسنة (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • وجوب التحاكم إلى الكتاب والسنة(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب