• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / نوازل وشبهات / نوازل فقهية
علامة باركود

رؤية الهلال في كل بلد وتحديد المسافة بين البلدين

د. عبدالله محمد سعيد عبدالحليم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/9/2014 ميلادي - 20/11/1435 هجري

الزيارات: 31095

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رؤية الهلال في كل بلد وتحديد المسافة بين البلدين


القائلون بأن رؤية الهلال في بلد لا تلزم غيرها من البلاد، وإنما تقتصِر الرؤية على محلها: اختلفوا في تحديد المسافة التي إذا وجدت بين مكان الرؤية وغيره كان لكل منهما رؤيته، على خمسة مذاهب:

المذهب الأول:

أن حد البُعد والقرب بين البلدتين هو اختلاف المطالع، فمتى كان المطلع بين البلدتين مختلفًا - كالحجاز [1] والعراق [2] وخراسان - كان لكل بلد رؤيته، ومتى كان المطلع متَّحِدًا لزم من رؤية أهل البلد رؤيته للأخرى؛ كبغداد [3] والكوفة والري[4] وقزوين [5].

 

وإليه ذهب أبو حنيفة في قول اختاره القُدُوري، واعتمده الزيلعي فقال: وهو الأشبه، والشافعية في وجه صحيح قطَع به جمهور العراقيين والصيدلاني [6] وغيرهم.

 

المذهب الثاني:

أن البلد إذا كان بعيدًا جدًّا عن بلد الرؤية، كان لكل بلد رؤيته، ومثلوا لهذا البُعد بما بين الأندلس وخراسان، سواء أكان موافقًا في المطالع أو مخالفًا، وهذا القول حكاه ابن عبدالبر إجماعًا.

 

المذهب الثالث:

أن البلد البعيد هو ما كان بينه وبين الآخر مسافة القصر، فإذا وجدت هذه المسافة بين البلدين، كانا متباعدَين، ولزم لكل قوم رؤيتهم، وإذا كانت المسافة أقل من ذلك كانت رؤية إحدى البلدَين مُلزِمة للأخرى.

 

وإليه ذهب الشافعية في وجه قال به الفوراني [7] وإمام الحرمين [8] والغزالي [9] والبغوي وآخرون من خراسان.

 

المذهب الرابع:

أن القرب والبعد معتبَر باتحاد الإقليم واختلافه، فمتى كان الإقليم متحًدا كانت رؤية إحدى البلدتين ملزمة للأخرى، ومتى اختلف الإقليم كانت رؤية إحدى البلدتين غير ملزمة للأخرى، وإليه ذهب الشافعية في وجه قال به الصيمري [10] وآخرون.

 

المذهب الخامس:

أن القريب من البلاد هو كل بلد لا يتصور خفاؤه عنهم بلا عارض.

وإليه ذهب الشافعية في وجه [11].

 

الأدلة:

أدلة المذهب الأول:

استدل أصحاب المذهب الأول، وهم القائلون بأن الحد الفاصل بين القريب والبعيد من البلدان هو اختلاف المطالع، بما يأتي:

أن كل قوم مخاطَبون بما عندهم، وانفصال الهلال عن شعاع الشمس يختلف باختلاف الأقطار، حتى إذا زالت الشمس في المشرق لا يلزم منه أن تزول في المغرب، وكذا طلوع شمس لآخرين وغروب لبعض ونصف ليل لغيرهم [12].

 

أدلة المذهب الثاني:

واستدل ابن عبدالبر على ما ذهب إليه من أن البُعد المفرط الشديد يجعل كل بلد ملتزمة بما ثبت عندها في رؤية الهلال - بأن ذلك إجماع من الفقهاء [13].

 

أدلة المذهب الثالث:

استدل أصحاب المذهب الثالث، وهم القائلون بأن الحد الفاصل بين البُعد والقرب هو ما إذا كانت المسافة بينهما مسافة قصر، بما يأتي:

أن الشرع علق على مسافة القصر كثيرًا من الأحكام، وهو نقصان عدد من الركعات في الصلاة، وكذلك جواز الفطر للمسافر، فتكون معتبرة في بُعد المسافة بين البلاد كذلك في رؤية الهلال[14].

 

أدلة المذهب الرابع:

استدل أصحاب المذهب الرابع، وهم القائلون بأن الحد الفاصل بين القرب والبُعد هو اتحاد الإقليم، بما يأتي:

ما رُوي عن كريب أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام فقضيتُ حاجتها... الحديث [15].

 

وجه الدلالة:

أن ابن عباس أجرى على بلاد الحجاز حكمًا واحدًا وإن اختلفت بلاده، وفرَّق بينه وبين الشام وقال: لا يلزمنا شامهم، ولنا حجازنا[16].

 

أدلة المذهب الخامس:

وأما القول الخامس، وهو القائل بأن القريب من البلدان هو الذي لا يتصور خفاؤه عنهم بلا عارض، فلم أجد دليلاً عليه غير اختيار السبكي[17] له في كتابه: "العلم المنشور، في إثبات الشهور"؛ حيث قال: واعتبار كل بلد لا يتصور خفاؤه عنهم بلا عارض جيد [18].

 

مناقشة الأدلة:

مناقشة أدلة المذهب الأول:

وتناقش أدلة المذهب الأول، وهم القائلون بأن الحد الفاصل بين القرب والبعد هو اختلاف المطالع، بما يأتي:

أولاً: أن القول باتحاد المطالع أو اختلافها في الجُملة يؤدي إلى الأخذ بالحساب وتحكيم المنجمين، وقواعدُ الشرع تأبى ذلك [19].

 

ويجاب عن هذه المناقشة بما يأتي:

لا يلزم من عدم اعتبار الحساب في الأصول والأمور العامة عدمُ اعتباره في التوابع والأمور الخاصة [20].

 

ثانيًا: أن القياس على طلوع الشمس وغروبها، وما ينتج عنه من اختلاف في أوقات الصلاة: قياسٌ مع الفارق؛ فلا يصحُّ؛ وذلك لأنه لم يثبت تعلق الوجوب بمُسماه في خطاب من الشارع، ولو تعلق عموم الخطاب بمطلق مسمى الأوقات، لزم الحرج العظيم؛ لتَكرُّرها كل يوم، بخلاف هلال رمضان فإنه لا يتكرر في السنة إلا مرة واحدة[21].

 

مناقشة أدلة المذهب الثاني:

ويناقش دليل المذهب الثاني، وهو ما استدل به ابن عبدالبر من حكايته للإجماع، بما نوقش به قبل ذلك في المطلب السابق.

 

مناقشة أدلة المذهب الثالث:

ويناقش دليل المذهب الثالث بما يأتي:

أن أمر الهلال لا تعلق له بمسافة القصر [22].

 

مناقشة أدلة المذهب الرابع:

ويناقش ما استدلَّ به من قال باتحاد الإقليم من حديث كريب بما نوقش به في أدلة القائلين بأن رؤية بلد لا يلزم البلد الأخرى، ويُضاف إلى ذلك ما يأتي:

أن القول باتحاد الأقاليم خطأ من وجهين:

الوجه الأول: أن الرؤية تختلف باختلاف التشريق والتغريب.

وبيان ذلك: أن الهلال إذا رُئي في المشرق رئي في المغرب بخلاف العكس؛ لأن غروب الشمس في المغرب يتأخَّر عن غروبها في المشرق؛ مما يزيد القمر في المغرب ضوءًا ونورًا لبُعده عن شعاع الشمس، فيكون أسهل في رؤيته في المغرب عن رؤيته في المشرق، ولأنه إذا رئي الهلال بالمغرب يكون قد غرب عن أهل المشرق، وهذا أمر محسوس في الشمس والهلال وسائر الكواكب؛ ولذلك إذا دخل المغرب في بلاد المغرب، لا بد وأن يكون قد دخل في بلاد المشرق، بخلاف العكس، وإذا طلعت الشمس بالمغرب تكون قد طلعَت بالمشرق، بخلاف العكس.

 

وأما الهلال، فطلوعه ورؤيته بالمغرب سابق عن المشرق؛ لأن طلوعه يكون من المغرب، ولا يطلع من المغرب من الكواكب سواه، وسبب ظهوره هو بُعده عن الشمس، فكلما تأخر غروب الشمس ازداد بعده عنها.

 

وبناءً على ذلك، فإن من تمسك ببعد المساكن مطلقًا، لم يتمسك بأصل حسِّي ولا شرعي [23].

 

الوجه الثاني:

أننا إذا اعتبرنا حدًّا كمسافة القصر أو الأقاليم، فكان رجل في آخر المسافة والإقليم، فعليه أن يصوم ويفطر وينسك، وآخر بينه وبينه قدر رمية سهم لا يفعل شيئًا من ذلك، وهذا ليس من دين المسلمين [24].

 

مناقشة أدلة المذهب الخامس:

وأما المذهب الخامس، فعدم وجود دليل له: كافٍ في الرد عليه.

 

والله تعالى أعلم.

المطلب الأول

التوحيد فلكيًّا

للمسلمين إله واحد، هو الله سبحانه، ودينهم واحد، وقِبلتهم واحدة، وعبادتهم موحدة؛ فينبغي أن تَأخذ عباداتهم طابع التوحيد في بدايتها ونهايتها كلما كان ذلك ممكنًا، وليس هذا ببعيد في توحيد أوائل الشهور العربية، خصوصًا بعد تقدم العلم الحديث، وسرعة الاتصال بين الحكومات والدول، وسهولة ذلك.

 

وقد اتفقت دول العالم بمُساعدة الفلكيين فيها على توحيد المبدأ المكاني والمبدأ الزماني لليوم؛ حلاًّ لمشاكلهم الاجتماعية والمدنية وتنظيم الحياة التجارية.

 

والشرع الحكيم إذ حدَّد المبدأ الزماني لليوم الإسلامي وجعله من الفجر إلى غروب الشمس، فقد ترك تحديد المبدأ المكاني للمسلمين بما يتناسب وظروفَهم المعيشية[25].

 

ويمكن بالاتفاق أن يبدأ الشهر العربي في يوم واحد على جانبي طول معين يتمُّ اختياره لهذا الغرض[26].

 

وأنسب مكان لاختيار المبدأ المكاني - كما قال الفلكيون - هو ذلكم الخط الذي اختاره دول العالم، وهو خط "جرينتش"؛ وذلك لأن جميع الحكومات الإسلامية، والتي يربو عددها الآن فوق العشرين[27] حكومة، محصورة كلها في قارتي آسيا[28] وإفريقيا[29]، من شاطئ آسيا الشرقي إلى شاطئ إفريقيا الغربي، وهذه الدول تقع بالنسبة لخط جرينتش على خط (120) شرقًا إلى خط (15) غربًا، وفروق الزمن التي تتم بين دول العالم الإسلامي شرقًا وغربًا من هذا الخط هي تسع ساعات من جملة الأربع والعشرين ساعة التي تتمُّ فيها دورة اليوم بقسمَيْه الليل والنهار من المشرق إلى المغرب.

 

إذا علم ذلك:

فإننا نتأكد أن بدء الدورة اليومية الإسلامية من هذا الخط يكون طبيعيًّا بالنسبة لبدء الحكومات الإسلامية من جهة الشرق، فتجتمع كلها في يوم واحد دون تفرقة؛ لأن اليوم الأسبوعي والتاريخ للعالم الإسلامي كله مِن أبعد البلاد الإسلامية شرقًا، وهي الفلبين وإندونيسيا والملايو، قبل جرينتش بحوالي ثمان ساعات، وقبل العراق والباكستان بحوالي خمس ساعات، وقبل مصر والسودان بحوالي ست ساعات، وقبل تونس[30] بحوالي سبع ساعات، وقبل مراكش[31] التي هي أبعد البلاد الإسلامية غربًا بحوالي تسع ساعات، ومن المعلوم أن التسع الساعات هذه إذا تأخَّر إعلان الرؤية فيها لا يقدح في مشاركة الدول بعضها بعضًا في نفس اليوم والتاريخ.

 

فعلى فرض أن الهلال رُئي في مراكش التي هي أبعد البلاد الإسلامية غربًا بعد الغروب، وأثبت القاضي الشهر، وأبرقت هذه الحكومة إلى جميع الحكومات باللاسلكي الرسمي، فإن المغرب يكون قد قُضي في أبعد البلاد الإسلامية شرقًا، وهي (إندونيسيا والفلبين والملايو) قبل تسع ساعات؛ أي: قبل شروق الشمس في هذه البلاد بثلاث ساعات، وقبل الفجر بساعة ونصف، ومعلوم أن الساعة والنصف التي هي قبل الفجر كافية في السحور وعقد النية.

 

وإنما الخبر يصل إلى أبعد البلاد شرقًا قبل ثلاث ساعات من طلوع الشمس لوقوع هذه البلاد على خط الاستواء، فالليل فيها دائمًا اثنتا عشرة ساعة.

 

وأما غير إندونيسيا من كل حكومةٍ شرقَ مراكش كالعراق ومصر والجزائر[32]، فمن باب أَولى، وأما وحدة هذا اليوم في باقي بلاد الدورة من سطح الأرض كأمريكا، فأمرها ظاهر؛ إذ إنهم وقت الإذاعة من مراكش كانوا في عصر اليوم السابق أو في ظهره أو في شروقه مثلاً، وحينئذٍ يستقبلون هذا اليوم الجديد من أوله دون تغيير في اسمه أو في تاريخه، وكذلك يكون الحال لمن بعدهم في الأمريكيتين وفي غربهم إلى تمام هذه الدورة عند مبدئها، الذي هو خط تغيير التاريخ المتقدم.

 

وأما البلاد التي تنعدم فيها بعض العلامات الدالة على الأوقات كالشروق والغروب؛ لدوام الليل أو النهار أربعة وعشرين ساعة في بعض أيام السنة، فيقدر بدء الصوم عندهم بزمن مبدئه في العواصم المشهورة على خطوط أطوالهم كخط طول القاهرة مثلاً.

 

فالبلاد القطبية التي على خط القاهرة تجعل مبدأ الشهر عندها أيضًا من يوم مبدئه في القاهرة، إما من ساعة المغرب في أقرب البلاد المعتدلة إليهم، وإما من ساعة المغرب لخط الاستواء، بمعنى أن يرجعوا إلى أعدل الأيام[33].

 

إذَا تم ذلك التوحيد فلكيًّا، جاء الغرض المنشود الذي تهدف إليه الشريعة الإسلامية الغراء؛ من توحيد المسلمين في صومهم وإفطارهم، وحجهم وسائر عباداتهم.

 

والله أعلم.

 

المطلب الثاني

التوحيد بالوسائل الحديثة

سبق القول بالرد على الإجماع الذي حكاه ابن عبدالبر بأن ابن تيمية حمله على بلوغ الخبر في وقت يُفيد، وقال: "فالضابط أن مدار هذا الأمر على البلوغ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته))، فمن بلغه أنه رُئي، ثبت في حقه من غير تحديد بمسافة أصلاً، وهذا يطابق ما ذكره ابن عبدالبر، أن في طرفي المعمورة لا يبلغ الخبر فيها إلا بعد شهر، فلا فائدة فيه، بخلاف الأماكن التي يصل الخبر فيها قبل انسلاخ الشهر، فإنها محل الاعتبار"[34].

 

ثم قال في موضع آخر: "والذي ذكرناه يحصل به الاجتماع الشرعي، كل قوم على ما أمكنهم الاجتماع عليه، وإذا خالفهم من لم يشعروا بمخالفته لانفراده من الشعور بما ليس عندهم، لم يضر هذا، وإنما الشأن من الشعور بالفرقة والاختلاف"[35].

 

وهذا الذي ذكره ابن تيمية من بلوغ الخبر وحمل إجماع ابن عبدالبر عليه، لم يعد مشكلة في العصر الحديث بعد أن تقدمت وسائل الإعلام السلكية واللاسلكية المسموعة والمرئية، وأصبح الخبر يصل إلى المبلَّغ به في وقت التلفظ به.

 

وقد مر في الكلام على مناقشة إجماع ابن عبدالبر ما يشير إلى ذلك، وبأنه لو كان موجودًا لما حكى إجماعًا في هذا.

 

قال الأستاذ الشيخ محمد أبو العلا البنا - أستاذ الفلك في كلية الشريعة الإسلامية بالقاهرة - تحت عنوان: الجديد الذي ساعد الآن على هذا التوحيد، وقد جاء ذلك ضمن التقرير الفلكي الشرعي الذي وضعه فضيلته:

قال: "وأما جواب السؤال الرابع: فالجديد الذي جد ولم يكن في العهد الأول الإسلامي إنما هو آية البرق اللاسلكي؛ إذ إنه هو الذي ساعد الآن على تنفيذ توحيد بدء الشهر الشرعي بين جميع الحكومات الإسلامية، خصوصًا إذا صدر هذا البرق من حكومة شرعية بعد حكمِها بالرؤية عندها إلى حكومة أخرى فنفذته وأعلنته في ديارها، فإن ذلك ملزم وموجب لبدء الصيام أو الإفطار على جميع المسلمين دون تغيير في اسم اليوم أو الأسبوع أو التاريخ باتفاق فقهاء الأمة".

 

ثم قال: ولو وجد اللاسلكي في خلافة عمر رضي الله عنه لأبرق إلى فارس[36] والشام بثبوت الشهر بالمدينة المنورة، وكذا لأبرق معاوية إلى المدينة بثبوته في الشام، ومن يدري أن آية التليفزيون بعد إتقانها وانتشارها في جميع دول العالم سيرى بها أهل القاهرة، بل وإندونيسيا والملايو والفلبين (شخص الهلال) وهو في أفق مراكش بعد غروب الشمس هناك، فيرفع الخلاف بين الفقهاء في نقل شهادة الرؤية[37].

 

قال تعالى: ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [فصلت: 53].

 

وما قاله فضيلة الشيخ البنا من أن آية التليفزيون بعد إتقانها وانتشارها سيرى بها العالم شخص الهلال، قد تحقق ذلك في هذه الأيام؛ حيث انتشر التليفزيون بالفعل، ودخل جميع القرى والمدن، وأما رؤية جسم الهلال على شاشات التليفزيون فهو ما تتبناه دار الإفتاء المصرية في هذه الأيام.

 

وسيكون لنا عودة - إن شاء الله تعالى - للكلام في هذه الجزئية في المبحث الآتي بعد ذلك عند الحديث على إثبات الهلال بالحساب الفلكي.

 

ولتنفيذ توحيد الشهور العربية اقترحَ الشيخ مبشر الطرازي الحسيني - كبير علماء تركستان [38] - في وقته أن تشكَّل لجنة باسم "لجنة توحيد أوائل الشهور العربية" تكون تابعة لوزارة الأوقاف والحج أو لمقام رابطة العالم الإسلامي، وهذه اللجنة تقوم بمهمة رؤية الهلال أو الإكمال لإثبات أوائل الشهور العربية، وتتصل عن طريق الاتصالات العصرية بعواصم سائر البلاد لإبلاغ ما ثبت عند اللجنة، أو لاستطلاع ما ثبت في العواصم أو بعضها؛ وذلك في كل شهر من الشهور، وبالخاصة في بدء شهر رمضان وشوال وذي الحجة، كما يقوم بإبلاغ القرار بعد ذلك إلى سائر البلاد التي يعيش فيها المسلمون، وبهذا لا غير يَحصل التوحيد[39].

 

هذا، وتوحيد الأمة في عباداتها وجميع شؤونها قد نادى به كل من يهمه أمر المسلمين قديمًا وحديًثا كما نقرأ فيما تنشره الصحف والمجلات والجرائد اليومية والأسبوعية والشهرية.

 

فهو غرض مقصود للشارع، طلبه الشارع في الجماعات اليومية، وفي الصلاة الأسبوعية في الجمعة، والحولية في رمضان والحج، وقد رتَّب الشارع مزيدًا من الثواب على مظهر الجماعة والاتحاد.

 

ومع هذا، فإن مظهر البهجة بين المسلمين، وسمو مشاعرهم: يتضاعف ويعظم إذا اتحدت أعيادهم، فيعم سرورهم، وبذلك نرسم للأجيال المقبلة خط الاتحاد.

 

وفيه تربية وتقوية للصلة الكريمة التي تجمع بين المسلمين، على أنه قد يتعيَّن علينا ذلك إذا أدَّى الاختلاف إلى تشكُّك غير المسلمين في نظامنا الإسلامي لمجرد صورة الاختلاف في نظر مَن لا يتعمق في فهم الدين وأسراره، كما ينقطع به الشك والحيرة في أوقات الأعياد والمناسبات[40].

 

كما أن في توحيد الصوم والإفطار ثِقة بإخواننا الذين رأوا الهلال، وتضامنًا معهم، وحرصًا على التسليم بوجهة النظر التي يراها المسلمون فيما بينهم، وإعلانًا لحسن الظن الذي يجب أن يسود المجتمع الإسلامي[41].

 

والله أعلم.



[1] معجم البلدان 2 / 218 - 220.

[2] يراجع: معجم البلدان 4 / 93، 95.

[3] يراجع: معجم البلدان 1 / 456 - 467.

[4] يراجع: معجم البلدان 3 / 116 - 122.

[5] يراجع: معجم البلدان 4 / 342 - 344.

[6] يراجع: طبقات ابن هداية الله (ص: 52)، طبقات الشافعية 4 / 148.

[7] يراجع: معجم المؤلفين 2 / 108.

[8] يراجع: وفَيَات الأعيان 2، 341، الأعلام 4 / 306، شذرات الذهب 3 / 358.

[9] يراجع: وفيات الأعيان 3 / 353، طبقات ابن هداية الله 69، النجوم الزاهرة 5 / 203.

[10] يراجع: تهذيب الأسماء واللغات 2 / 265، طبقات الشافعية 3 / 339.

[11] يراجع في تحرير المذاهب: شرح فتح القدير 3 / 313، 314، الاختيار 1 / 170، تبيين الحقائق 1 / 321 البحر الرائق 2 / 290، حاشية ابن عابدين 2 / 418، الاستذكار لابن عبدالبر 10 / 30، جواهر الإكليل 1 / 144، مواهب الجليل للخطاب 2 / 384، بداية المجتهد 1 / 288، روضة الطالبين 2 / 212، المجموع 6 / 280، العلم المنشور في إثبات الشهور (ص: 13)، نهاية المحتاج 3 / 156، مغني المحتاج 1 / 422 رحمة الأمة (ص: 94)، شرح النووي على صحيح مسلم 7 / 197.

[12] شرح فتح القدير 2 / 213، 314، تبيين الحقائق 1 / 321، الحاوي للماوردي 3 / 409، المجموع 6 / 281.

[13] الاستذكار 10 / 30، جواهر الإكليل 1 / 144، مواهب الجليل للخطاب 2 / 384، بداية المجتهد 1 / 288.

[14] المجموع 6 / 281، نهاية المحتاج 3 / 156، مغني المحتاج 1 / 422.

[15] يراجع: الطبقات الكبرى لابن سعد 5 / 293.

[16] الحاوي الكبير للماوردي 3 / 409.

[17] يراجع: طبقات الحفاظ (ص: 526، 527).

[18] العلم المنشور (ص: 15).

[19] المجموع 6، 281، مغني المحتاج 1 / 422، شرح جلال الدين المحلى على منهاج الطالبين للنووي مع حاشية قليوبي وعميرة 2 / 51، العلم المنشور للسبكي 13 / 14.

[20] نهاية المحتاج 3 / 156، مغني المحتاج 1 / 422، قليوبي وعميرة 2 / 51.

[21] شرح فتح القدير 2 / 4 - 31، مجموعة الرسائل لابن عابدين 1 / 229، 230، كشاف القناع 2 / 304.

[22] نهاية المحتاج 3 / 156، مغني المحتاج 1 / 422، شرح جلال الدين المحلى على المنهاج للنووي 2 / 50، مجموع فتاوى ابن تيمية 25 / 104.

[23] مجموع فتاوى ابن تيمية 25 / 104، 105.

[24] مجموع الفتاوى لابن تيمية 25/ 105، توجيه الأنظار للغماري (ص: 53، 64، 65).

[25] تقريرات اللجنة الشرعية الفلكية بشأن توحيد مبدأ الشهور العربية في البلاد الإسلامية بكلية الشريعة الإسلامية جامعة الأزهر الشريف بالقاهرة (ص: 42) ط كلية الشريعة.

[26] بحث في توحيد أوائل الشهور العربية؛ تأليف الشيخ: أبي النظر مبشر الطرازي الحسيني - كبير علماء تركستان (ص: 45) ط دار الطباعة الحديثة بالقاهرة 1391 هـ 1971م.

[27] وهذا التحديد هو وقت كتابة هذه القرارات للجنة الفلكية الشرعية بشأن توحيد مبدأ الشهور العربية في البلاد الإسلامية، وقد كانت أول جلسة للجنة في اليوم السابع عشر من ذي الحجة سنة 1379هـ = الحادي عشر من يونيو 1960م، ومن الممكن أن يكون عدد الحكومات الإسلامية قد زاد على هذا العدد في الفترة ما بين كتابة التقرير للجنة الشرعية، وبين كتابة هذا البحث.

[28] يراجع معجم البلدان 1 - 54.

[29] يراجع معجم البلدان 1 - 228 - 231.

[30] يراجع معجم البلدان 2 - 60 - 62.

[31] يراجع معجم البلدان 5 - 94.

[32] يراجع معجم البلدان 2 - 132، 133.

[33] يراجع التقرير الفلكي الشرعي للأستاذ الشيخ: محمد أبو العلا البنا، ضمن قرارات اللجنة الشرعية الفلكية في كلية الشريعة الإسلامية بالقاهرة بشأن توحيد مبدأ الشهور العربية في البلاد الإسلامية (ص: 42: 43: 44).

[34] مجموع فتاوى ابن تيمية 25 / 107.

[35] المرجع السابق 25 / 112.

[36] يراجع معجم البلدان 4 - 226 - 2288.

[37] تقريرات اللجنة الشرعية الفلكية بكلية الشريعة الإسلامية (ص: 44).

[38] يراجع معجم البلدان 2 – 23.

[39] توحيد أوائل الشهور العربية؛ للشيخ مبشر الطرازي الحسيني (ص: 16).

[40] مقال للدكتور محمد أبي عبادة، نقله الشيخ مبشر الطرازي الحسيني في بحثه توحيد أوائل الشهور العربية (ص: 55، 56) نقلاً عن مجلة منبر الإسلام عدد صفر 1386هـ مايو 1966م.

[41] مقال للدكتور إبراهيم شعوط (ص: 65، 66) من نفس البحث والمجلة السابق ذكرهما.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأحكام الشرعية المتعلقة برؤية الهلال
  • اعتماد الحساب أم رؤية الهلال
  • ثبوت رؤية الهلال
  • الإهلال من حيث تنبعث الراحلة
  • حكم اختلاف مطالع الهلال في الصيام
  • إذا قامت البينة على رؤية الهلال أثناء النهار وجب الإمساك والقضاء

مختارات من الشبكة

  • وقفات رمضانية (6) الموسم الرابع(مقالة - ملفات خاصة)
  • اختلاف المطالع من الناحية الفقهية(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)
  • مخطوطة فائدة في مسألة رؤية الهلال في بعض البلدان(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • عدد الذين يثبت برؤيتهم هلال شهر رمضان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أجوبة مختصرة لأحكام هلال رمضان(مقالة - ملفات خاصة)
  • ثبوت دخول شهر رمضان وخروجه(مقالة - ملفات خاصة)
  • أحكام الصوم ونوازله المعاصرة(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • رؤية الهلال(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رؤية الهلال نهارا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من آداب الصيام: الدعاء عند رؤية الهلال وتجديد التوبة(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب