• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك / بحوث ودراسات / أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام
علامة باركود

أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب الجمعة )

الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/6/2013 ميلادي - 16/8/1434 هجري

الزيارات: 29725

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام

باب الجمعة


الحديث الأول

125- عن سهل بن سعد الساعدي رب - رضي الله عنه- أن رجالاً تماروا في منبر رسول الله من أي عود هو، فقال سهل: من طرفاء الغابة وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قام عليه فكبر وكبر الناس وراءه، وهو على المنبر، ثم ركع فنزل القهقرى، حتى سجد في أصل المنبر، ثم عاد حتى فرغ من آخر صلاته، ثم أقبل على الناس، فقال: "أيها الناس، إنما صنعت هذا لتأتموا بي، ولتعلموا صلاتي".

 

وفي لفظ: صلى عليها، ثم كبر عليها، ثم ركع وهو عليها، ثم نزل القهقرى.

 

الأصل في فرض الجمعة الكتاب والسنة والإجماع.

 

قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ﴾ [الجمعة: 9].

 

• قوله: (من طرفاء الغابة) وفي رواية: "من أثلة الغابة" والأثل يشبه الطرفاء وهو أعظم منه.

• قال الحافظ: والغابة موضع من عوالي المدينة جهة الشام، وأصلها كل شجر ملتف[1].

• قوله: (وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قام عليه فكبر وكبر الناس وراءه وهو على المنبر).

• قال البخاري: باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب.

 

قال أبو عبدالله: ولم ير الحسن بأسا أن يصلى على الجهد والقناطر وإن جرى تحتها بول أو فوقها أو أمامها إذا كان بينهما سترة. وصلى أبو هريرة على سقف المسجد بصلاة الإمام وصلى ابن عمر على الثلج[2].

 

حدثنا علي بن عبدالله قال حدثنا سفيان قال حدثنا أبو حازم قال: "سألوا سهل.

 

بن سعد من أي شيء المنبر فقال ما بقي بالناس أعلم مني هو من أثل الغابة عمله فلان مولى فلانة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- وقام عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- حين عمل ووضع فاستقبل القبلة كبر وقام الناس خلفه فقرأ وركع وركع الناس خلفه ثم رفع رأسه ثم رجع القهقرى فسجد على الأرض ثم عاد إلي المنبر ثم ركع ثم رفع رأسه ثم رجع القهقرى حتى سجد بالأرض فهذا شأنه قال أبو عبدالله قال علي بن المديني سألني أحمد بن حنبل رحمه الله عن هذا الحديث قال فإنما أردت أن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان أعلى من الناس فلا بأس أن يكون الإمام أعلى من الناس بهذا الحديث قال فقلت إن سفيان بن عيينة كان يسأل عن هذا كثيرا فلم تسمعه منه؟ قال لا" ثم ذكر حديث عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- سقط عن فرسه فجحشت ساقه أو كتفه وآلي من نسائه شهرا فجلس في مشربة له درجتها من جذوع فأتاه أصحابه يعودونه فصلى بهم جالسا وهم قيام فلما سلم قال: "إنما جعل الإمام ليؤتم به... " الحديث.

 

• قال الحافظ: (والغرض من إيراد هذا الحديث في هذا الباب جواز الصلاة على المنبر، وفيه جواز اختلاف موقف الإمام والمأموم في العلو والسفل، وقد صرح بذلك المصنف في حكايته عن شيخه علي بن المديني عن أحمد بن حنبل. ولابن دقيق العيد في ذلك بحث، فإنه قال: من أراد أن يستدل به على جواز الارتفاع من غير قصد التعليم لم يستقم، وفيه دليل على جواز العمل اليسير في الصلاة وفيه جواز الصلاة على الخشب)[3].

 

وقال: (ولم يزل المنبر على حاله ثلاث درجات حتى زاده مروان في خلافة معاوية ست درجات من أسفله، وكان سبب ذلك ما حكاه الزبير بن بكار في أخبار المدينة بإسناده إلي حميد بن عبد الرحمن بن عوف قال: "بعث معاوية إلي مروان- وهو عامله على المدينة- أن يحمل إليه المنبر، فأمر به فقلع، فأظلمت المدينة فخرج مروان فخطب وقال: إنما أمرني أمير المؤمنين أن أرفعه، فدعا نجارا، وكان ثلاث درجات فزاد فيه الزيادة التي هي عليها اليوم"، ورواه من وجه آخر قال: فكسفت الشمس حتى رأينا النجوم وقال: "فزاد فيه ست درجات وقال: إنما زدت فيه حين كثر الناس" قال ابن النجار وغيره: استمر على ذلك إلا ما أصلح منه إلا أن احترق مسجد المدينة سنة أربع وخمسين وستمائة فاحترق، ثم جدد المظفر صاحب اليمن سنة ست وخمسين منبرا، ثم أرسل الظاهر بيبرس بعد عشر سنين منبرا فأزيل منبر المظفر، فلم يزل إلى هذا العصر فأرسل الملك المؤلف سنة عشرين وثمانمائة منبرا جديدا، وكان أرسل في سنة ثماني عشرة منبرا جديدا إلى مكة أيضا، شكر الله له صالح عمله آمين.

 

• قوله: (وفي لفظ: "صلى عليها") أي على الأعواد، وكانت صلاته على الدرجة العليا من المنبر.

 

• قوله: (ثم نزل القهقرى) القهقرى: المشي إلا خلف. والحامل عليه المحافظة على استقبال القبلة.

 

• وعند الطبراني: فخطب الناس عليه ثم أقيمت الصلاة فكبر وهو على المنبر.

 

• قوله: (في أصل المنبر)، أي على الأرض إلى جنب الدرجة السفلى منه.

 

• وقوله: (أيها الناس، إنما صنعت هذا لتأتموا بي، ولتعلموا صلاتي).

 

• قال الحافظ: وعرف منه أن الحكمة في صلاته في أعلى المنبر ليراه من قد يخفى عليه رؤيته إذا صلى على الأرض، ويستفاد منه أن من فعل شيئا يخالف العادة أن يبين حكمته لأصحابه. وفيه مشروعية الخطبة على المنبر لكل خطيب خليفة كان أو غيره. وفيه جواز قصد تعليم المأمومين أفعال الصلاة بالفعل، وجواز العمل اليسير في الصلاة، وكذا الكثير إن تفرق، وفيه استحباب اتخاذ المنبر لكونه أبلغ في مشاهدة الخطيب والسماع منه، واستحباب الافتتاح بالصلاة في كل شيء جديد إما شكرا وإما تبركا)[4] انتهي.

 

وعن حذيفة مرفوعًا إذا أم الرجل القوم فلا يقومن في مكان أرفع من مقامهم رواه أبو داود. قال الموفق: ولا باس بالعلو اليسير لحديث سهل[5]. انتهى والله أعلم.

 

الحديث الثاني

128- عن عبدالله بن عمر- رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "من جاء منكم الجمعة فليغتسل".

 

• قال البخاري: باب فضل الغسل يوم الجمعة.

 

وهل على الصبي شهود يوم الجمعة أو على النساء وذكر الحديث، ثم ذكر حديث مالك عن الزهري عن سالم بن عبدالله بن عمر عن ابن عمر- رضي الله عنه- أن عمر بن الخطاب بينما هو قائم في الخطبة يوم الجمعة إذ دخل رجل من المهاجرين الأولين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- فناداه عمر أية ساعة هذه قال إني شغلت فلم أنقلب إلي أهلي حتى سمعت التأذين فلم أزد أن توضأت فقال والوضوء أيضا وقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كان يأمر بالغسل" ثم ذكر حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم"[6].

 

• قال الحافظ: (قوله: "باب فضل الغسل يوم الجمعة" قال الزين بن المنير: لم يذكر الحكم لما وقع فيه من الخلاف، واقتصر على الفضل لأن معناه الترغيب فيه وهو القدر الذي تتفق الأدلة على ثبوته)[7].

 

• قوله: (من جاء منكم الجمعة فليغتسل) وفي رواية عند مسلم: "إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة فليغتسل" وعند أبي عوانة: كان الناس يغدون في أعمالهم، فإذا كانت الجمعة جاءوا وعليهم ثياب متغيرة، فشكوا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال: "من جاء منكم الجمعة فليغتسل" وعن ابن عمر عن حفصة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: والجمعة واجبة على كل محتلم، وعلى من راح إلى الجمعة الغسل" رواه أبو داود والنسائي.

 

والحكمة في الأمر بالغسل يوم الجمعة التنظيف وإزالة الرائحة الكريهة التي يتأذى بها الحاضرون من الملائكة والناس.

 

• قال الجمهور: يجزئ من بعد الفجر، وقال الأثرم: سمعت أحمد سئل عمن اغتسل ثم أحدث هل يكفيه الوضوء؟ فقال: نعم. ولم أسمع فيه أعلى من حديث ابن أبزي.

 

• قال الحافظ: يشير إلى ما أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه وله صحبة "أنه كان يغتسل يوم الجمعة ثم يحدث فيتوضأ ولا يعيد الغسل".

 

• وقال ابن دقيق العيد: في الحديث دليل على تعليق الأمر بالغسل بالمجيء إلي الجمعة.

 

• قال الحافظ: (وقد حكي ابن عبد البر الإجماع على أن من اغتسل بعد الصلاة لم يغتسل للجمعة ولا فعل ما أمر به.

 

• قال الحافظ: وقد قال الشافعي في الرسالة بعد أن أورد حديثي ابن عمر وأبي سعيد: احتمل قوله واجب معنيين، الظاهر منهما أنه واجب فلا نجزي الطهارة لصلاة الجمعة إلا بالغسل، واحتمل أنه واجب في الاختيار وكرم الأخلاق والنظافة.

 

ثم استدل للاحتمال الثاني بقصة عثمان مع عمر التي تقدمت قال: فلما لم يترك عثمان الصلاة للغسل ولم يأمره عمر بالخروج للغسل دل ذلك على أنهما قد علما أن الأمر بالغسل للاختيار. ا هـ.

 

• قال الحافظ: وعلى هذا الجواب عول أكثر المصنفين، قال وهو استدلال قوي - إلى أن قال- وعن بعض الحنابلة التفصيل بين ذي النظافة وغيره، فيجب على الثاني دون الأول حكاه صاحب الهدي)[8] انتهى.

 

وكأنهم تمسكوا بما أخرجه أبو داود والطحاوي عن ابن عباس أنه "سئل عن غسل يوم الجمعة أواجب هو؟ فقال: لا، ولكنه أطهر لمن اغتسل، ومن لم يغتسل فليس بواجب عليه. وسأخبركم عن بدء الغسل: كان الناس مجهودين يلبسون الصوف ويعملون، وكان مسجدهم ضيقا، فلما آذى بعضهم بعضا قال النبي - صلى الله عليه وسلم-:

أيها الناس، إذا كان هذا اليوم فاغتسلوا" قال ابن عباس "ثم جاء الله بالخير، ولبسوا غير الصوف، وكفوا العمل، ووسع المسجد"، وعن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم- قالت كان الناس ينتابون يوم الجمعة من منازلهم والعوالي فيأتون في الغبار يصيبهم الغبار والعرق فيخرج منهم العرق فأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إنسان منهم وهو عندي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: " لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا" متفق عليه.

 

عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم-:"حق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يوما يغسل فيه رأسه وجسده" متفق عليه، وعن سمرة بن جندب - رضي الله عنه- قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فهو أفضل". رواه الخمسة إلا ابن ماجه فإنه رواه من حديث جابر بن سمرة وعن أوس بن أوس الثقفي - رضي الله عنه- قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم- يقول: "من غسل يوم الجمعة واغتسل وبكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها" رواه الخمسة ولم يذكر الترمذي ومشى ولم يركب، وعن نبيشة الهذلي يحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: أن المسلم إذا اغتسل يوم الجمعة ثم أقبل إلى المسجد لا يؤذي أحدا فإن لم يجد الإمام خرج صلى ما بدا له وإن وجد الإمام قد خرج جلس فاستمع وأنصت حتى يقضي الإمام جمعته وكلامه إن لم يغفر له في جمعته تلك ذنوبه كلها أن تكون كفارة للجمعة التي قبلها. رواه أحمد. وبالله التوفيق.

 

الحديث الثالث

129- عن جابر بن عبدالله- رضي الله عنهما- قال: جاء رجل والنبي - صلى الله عليه وسلم- يخطب الناس يوم الجمعة، فقال: "صليت يا فلان؟" قال: لا. قال: "قم فاركع ركعتين".

 

وفي رواية: "فصل ركعتين".

 

• قال البخاري: باب إذا رأى الإمام رجلا جاء وهو يخطب أمره أن يصلي ركعتين.

 

وذكر الحديث ولفظه: قال جاء رجل والنبي - صلى الله عليه وسلم- يخطب الناس يوم الجمعة، فقال: أصليت يا فلان، قال: لا، قال: قم فاركع".

 

• قوله: (جاء رجل) وعند مسلم: "جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم- قائم على المنبر، فقعد عليك قبل أن يصلي، فقال له: أصليت ركعتين؟ فقال: لا. فقال: قم فاركعهما" وفي رواية: "فقال له: يا سليك، قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما".

 

• قوله: (فقال صليت؟) كذا للأكثر بحذف همزة الاستفهام، وثبت في رواية الأصيلي.

 

• قوله: (قم فاركع ركعتين).

 

فيه دليل على أن الخطبة لا تمنع الداخل من صلاة تحية المسجد، روى الترمذي وابن خزيمة وصححاه عن عياض بن أبي سرح أن أبا سعيد الخدري دخل ومروان يخطب فصلى الركعتين، فأراد حرس مروان أن يمنعوه فأبي حتى صلاهما ثم قال: ما كنت لأدعهما بعد أن سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يأمر بهما [9] انتهى.

 

• قال الحافظ: (ولم يثبت عن أحد من الصحابة صريحا ما يخالف ذلك، وقال بعد ما ذكر أجوبة المانعين منها والإمام يخطب، وهذه الأجوبة التي قد قدمناها تندفع من أصلها بعموم قوله - صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي قيادة "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين" متفق عليه وورد أخص منه في حال الخطبة، ففي رواية شعبة عن عمرو بن دينار قال: "سمعت جابر بن عبدالله يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-:"وهو يخطب: إذا جاء أحدكم والإمام يخطب- أو قد خرج- فليصل ركعتين" متفق عليه أيضا، ولمسلم من طريق أبي سفيان عن جابر أنه قال ذلك في قصة سليك ولفظه بعد قوله فاركعهما وتجوز فيهما "ثم قال: إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما" قال النووي: هذا نص لا يتطرق إليه التأويل ولا أظن عالما يبلغه هذا اللفظ ويعتقده صحيحا فيخالفه.

 

• قال الحافظ: وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم جواز صلاة التحية في الأوقات المكروهة، إذا لم تسقط في الخطبة مع الأمر بالإنصات لها فغيرها أولى.

 

وفيه أن التحية لا تفوت بالقعود، لكن قيده بعضهم بالجاهل أو الناسي، وأن للخطيب أن يأمر في خطبته وينهى ويبين الأحكام المحتاج إليها، ولا يقطع ذلك التوالي المشترط فيها، بل لقائل أن يقول كل ذلك يعد من الخطبة إلا أن قال قال الشافعي: أرى للإمام أن يأمر الآتي بالركعتين ويزيد في كلامه ما يمكنه الإتيان بهما قبل إقامة الصلاة، فإن لم يفعل كرهت ذلك. وحكي النووي عن المحققين أن المختار إن لم يفعل أن يقف حتى تقام الصلاة لئلا يكون جالسا بغير تحيه أو متنفلا حال إقامة الصلاة. واستثنى المحاملي المسجد الحرام لأن تحيته الطواف.

 

• قال الحافظ: وفيه نظر لطول زمن الطواف بالنسبة إلي الركعتين. والذي يظهر من قولهم إن تحية المسجد الحرام الطواف إنما هو في حق القادم ليكون أول شيء يفعله الطواف، وأما المقيم فحكم المسجد الحرام وغيره في ذلك سواء، ولعل قول من أطلق أنه يبدأ في المسجد الحرام بالطواف لكون الطواف يعقبه صلاة الركعتين فيحصل شغل البقعة بالصلاة غالبا وهو المقصود، ويختص المسجد الحرام بزيادة الطواف)[10]. والله أعلم. انتهى.

 

الحديث الرابع

130- عن عبدالله بن عمر- رضي الله عنه- قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يخطب خطبتين وهو قائم، يفصل بينهما بجلوس.

 

• قال البخاري: باب الخطبة قائما.

 

وقال أنس بينا النبي - صلى الله عليه وسلم- يخطب قائما وذكر حديث ابن عمر ولفظه: كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يخطب قائما ثم يقعد ثم يقوم كما تفعلون الآن"[11].

 

• قال ابن دقيق العيد: (الخطبتان واجبتان عند الجمهور من الفقهاء)[12].

 

• قوله: (يفصل بينهما بجلوس) وفي رواية: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يخطب خطبتين يقعد بينهما، ولأبي داود كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يخطب خطبتين وكان يجلس إذا صعد المنبر حتى يفرغ المؤذن، ثم يقوم فيخطب، ثم يجلس فلا يتكلم، ثم يقوم فيخطب" والحديث يدل على مشروعية الجلوس بين الخطبتين، وعن كعب بن عجرة أنه دخل المسجد وعبد الرحمن بن أبي الحكم يخطب قاعدا، فأنكر عليه وتلا "وتركوك قائما" وعن طاووس "خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قائما وأبو بكر وعمر وعثمان، وأول من جلس على المنبر معاوية" أخرجه ابن أبي شيبة، وعنده عن الشعبي أن معاوية إنما خطب قاعدا لما كثر شحم بطنه ولحمه، وعن قيادة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يخطبون يوم الجمعة، حتى شق على عثمان القيام فكان يخطب قائما ثم يجلس، فلما كان معاوية خطب الأولى جالسا والأخرى قائما" أخرجه عبد الرزاق، وروي سعيد بن منصور عن الحسن قال: أول من استراح في الخطبة يوم الجمعة عثمان، وكان إذا أعيا جلس ولم يتكلم حتى يقوم، وأول من خطب جالسا معاوية.

 

• قال الحافظ: (ولا حجة في ذلك لمن أجاز الخطبة قاعدا لأنه تبين أن ذلك للضرورة)[13].

 

وعن جابر بن سمرة - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: كان يخطب قائما ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائما فمن نبأك أنه كان يخطب جالسا فقد كذب. أخرجه مسلم [14] وبالله التوفيق.

 

• قال ابن دقيق العيد: (وهذا اللفظ الذي ذكره المصنف لم أقف عليه بهذه الصيغة في الصحيحين فمن أراد تصحيحه فعليه إبرازه)[15].

 

• قال الحافظ: (وللنسائي والدار قطني "كان يخطب خطبتين قائما يفصل بينهما بجلوس" وغفل صاحب العمدة فعزا هذا اللفظ للصحيحين"[16] انتهى والله أعلم.

 

الحديث الخامس

131- عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب، فقد لغوت".

 

• قال البخاري: باب الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب، وإذا قال لصاحبه أنصت فقد لغا، وقال سلمان عن النبي - صلى الله عليه وسلم- ينصت إذا تكلم الإمام ثم ذكر الحديث[17].

 

• قوله: (فقد لغوت) قال الأخفش: اللغو الكلام الذي لا أصل له من الباطل وشبهه.

 

• وقال ابن دقيق العيد: هو درئي الكلام ومالا خير فيه وقد يطلق على الخيبة وقيل اللغو الإثم كقوله تعالى وإذا مروا باللغو مروا كراما، وقال الزين بن المنير اتفقت أقوال المفسرين على أن اللغو ما لا يحسن من الكلام، وقال النضر بن شميل معنى لغوت خبت من الأجر وقيل بطلت فضيلة جمعتك وقيل صارت جمعتك ظهرا، قال ابن وهب أحد رواته: معناه أجزأت عنه الصلاة وحرم فضيلة الجمعة، ولأحمد من حديث علي مرفوعًا: من قال: صه فقد تكلم، ومن تكلم فلا جمعة له، ولأحمد والبزار من حديث ابن عباس مرفوعًا: من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفارا والذي يقول له: أنصت ليست له جمعة، وقد وقع عند أحمد من رواية الأعرج عن أبي هريرة في آخر هذا الحديث بعد قوله "فقد لغوت: عليك بنفسك ".

 

• قال الحافظ: (واستدل به على من جميع أنواع الكلام حال الخطبة، وبه قال الجمهور في حق من سمعها، وكذا الحكم في حق من لا يسمعها عند الأكثر. قالوا: وإذا أراد الأمر بالمعروف فليجعله بالإشارة- إلى أن قال- والبزار من حديث ابن عباس مرفوعًا "من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كالحمار يحمل أسفارا، والذي يقول له أنصت ليست له جمعة" وله شاهد قوي في جامع حماد بن سلمي عن ابن عمر موقوفا، قال العلماء: معناه لا جمعة له كاملة لإجماع على إسقاط فرض الوقت عنه، وحكى ابن التين عن بعض من جوز الكلام في الخطبة أنه تأول قوله "فقد لغويا أي أمرت بالأنصار من لا يجب عليه، وهو جمود شديد، لأن الإنصات لم يختلف في مطلوبيته فكيف يكون من أمر بما طلبه الشرع لاغيا، بل النهي عن الكلام مأخوذ من حديث الباب بدلالة الموافقة، لأنه إذا جعل قوله "أنصت" مع كونه أمرا بمعروف لغوا فغيره من الكلام أولى أن يسمى لغوا.

 

وقد وقع عند أحمد من رواية الأعرج عن أبي هريرة في آخر هذا الحديث بعد قوله ونقد لغوت: عليك بنفسك " واستدل به على منع جميع أنواع الكلام حال الخطبة، وبه قال الجمهور في حق من سمعها، وكذا الحكم في حق من لا يسمعها عند الأكثر. قالوا: وإذا أراد الأمر بالمعروف فليجعله بالإشارة- إلى أن قال- واختلف السلف إذا خطب بما لا ينبغي من القول، وعلى ذلك يحمل ما نقل عن السلف من الكلام حال الخطبة. قال ويدل على الوجوب في حق السامع أن في حديث علي "ومن دنا فلم ينصت كان عليه كفلان من الوزر"، ونقل صاحب "المغني" الاتفاق على أن الكلام الذي يجوز في الصلاة يجوز في الخطبة كتحذير الضرير من البئر، وعبارة الشافعي: وإذا خاف على أحد لم أر بأسا إذا لم يفهم عنه بالإيماء أن يتكلم. وقد استثنى من الإنصات في الخطبة ما إذا انتهى الخطيب إلي كل ما لم يشرع مثل الدعاء للسلطان مثلا، بل جزم صاحب التهذيب بان الدعاء للسلطان مكروه، وقال النووي: محله ما إذا جازف وإلا فالدعاء لولاة الأمور مطلوب.

 

• قال الحافظ: ومحل الترك إذا لم يخف الضرر، وإلا فيباح للخطيب إذا خشي على نفسه)[18].

 

وعن عبدالله بن بسر- رضي الله عنه- قال جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي - صلى الله عليه وسلم- يخطب فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم-"اجلس فقد آذيت" رواه أبو داود والنسائي.

 

وعن أرقم بن أبي الأرقم المخزومي أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال إن الذي يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة ويفرق بين الاثنين بعد خروج الإمام كالجار قصبه في النار رواه أحمد. وبالله التوفيق.

 

الحديث السادس

132- عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "من اغتسل يوم الجمعة، ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما فرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يسمعون الذكر".

 

• قال البخاري: باب فضل الجمعة [19] وذكر الحديث.

 

• قال الحافظ: ومناسبته للترجمة من جهة ما اقتضاه الحديث من مساواة المبادر إلي الجمعة للمتقرب بالمال فكأنه جمع بين عبادتين بدنية ومالية، وهذه خصوصية للجمعة لم تثبت لغيرها من الصلوات.

 

• قوله: (من اغتسل يوم الجمعة) وفي رواية من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة وعبد الرزاق "فاغتسل أحدكم كما يغتسل من الجنابة".

 

• قال الحافظ: (وظاهره أن التشبيه للكيفية لا للحكم وهو قول الأكثر، وقيل فيه إشارة إلى الجماع يوم الجمعة ليغتسل فيه من الجنابة، والحكمة فيه أن تسكن نفسه في الرواح إلى الصلاة ولا تمتد عينه إلى شيء يراه، وفيه حمل المرأة أيضا على الاغتسال ذلك اليوم، وعليه حمل قائل ذلك حديث: "من غسل واغتسل" المخرج في السنن على رواية من روى غسل بالتشديد)[20].

 

• قوله: (ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة) أي تصدق بها متقربا إلي الله، وفي رواية "إذا كان يوم الجمعة وقفت الملائكة على باب المسجد ويكتبون الأول فالأول فمثل المهجر كمثل الذي يهدي بدنه ثم كالذي يهدي بقرة ثم كالذي يهدي كبشا ثم كالذي يهدي دجاجة ثم كالذي يهدي بيضة فإذا خرج الأمام طووا صحفهم ويستمعون الذكر، والمراد بالبدنة البقر ذكرا كان أم أنثى.

 

• وقال الأزهري: البدنة لا تكون إلا من الإبل، وأما الهدي فمن الإبل والبقر والغنم، وقال إمام الحرمين: البدنة من الإبل، ثم الشرع قد يقيم مقامها البقرة وسبعا من الغنم.

 

• وقوله: (راح) أي ذهب وسار وفي رواية عند عبد الرزاق غدا، وفي رواية المتعجل إلي الجمعة كالمهدي بدنة ولأبي داود من حديث علي مرفوعًا: "إذا كان يوم الجمعة غدت الشياطين براياتها إلي الأسواق، وتغدو الملائكة فتجلس على باب المسجد فتكتب الرجل من ساعة والرجل من ساعتين" الحديث.

 

• قال الحافظ: فدل مجموع هذه الأحاديث على أن المراد بالرواح الذهاب، وقيل: النكتة في التعبير بالرواح الإشارة إلي أن الفعل المقصود إنما يكون بعد الزوال، فيسمى الذاهب إلي الجمعة رائحا وإن لم يجيء وقت الرواح، كما سمي القاصد إلي مكة حاجا. وقد اشتد إنكار أحمد وابن حبيب من المالكية ما نقل عن مالك من كراهية التبكير إلي الجمعة وقال أحمد: هذا خلاف حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم-. انتهى.

 

• قوله: (في الساعة الأولي) قيل: إن أول التبكير يكون من ارتفاع النهار وهو أول الضحى وقيل أول التبكير طلوع الشمس.

 

والمراد بالساعات ما لا يختلف عدده بالطول والقصر فالنهار اثنتا عثرة ساعة لكن يزيد كل منها وينقص والليل كذلك، وهذه تسمى الساعات الآفاقية عند أهل الميقات وهي غير الساعات التعديلية المعروفة الآن.

 

• قال الحافظ: (وقد روى أبو داود والنسائي وصححه الحاكم من حديث جابر مرفوعًا: "يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة" وهذا وإن لم يرد في حديث التبكير فيستأنس به في المراد بالساعات، وقيل المراد بالساعات بيان مراتب المبكرين من أول النهار إلي الزوال وأنها تنقسم إلي خمس، وقال أيضا ليس في شيء من طرق هذا الحديث ذكر الإتيان من أول النهار، فلعل الساعة الأولى منه جعلت للتأهب بالاغتسال وغيره، ويكون مبدأ المجيء من أول الثانية فهي أولى بالنسبة للمجيء ثانية بالنسبة للنهار، وعلى هذا فآخر الخامسة أول الزوال فيرتفع الإشكال) ا هـ.

 

وقد وقع في رواية ابن عجلان عن سمي عند النسائي من طريق الليث عنه زيادة مرتبة بين الدجاجة والبيضة وهي العصفور.

 

• قوله: (إذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر) والمراد به ما في الخطبة من المواعظ وغيرها ولمسلم فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاؤا يستمعون الذكر.

 

• قال الحافظ: (ووقع في حديث ابن عمر صفة الصحف المذكورة أخرجه أبو نعيم في الحليلة مرفوعًا بلفظ: "إذا كان يوم الجمعة بعث الله ملائكة بصحف من نور وأقلام من نور" الحديث، وهو دال على أن الملائكة المذكورين غير الحفظة، والمراد بطي الصحف طي صحف الفضائل المتعلقة بالمبادرة إلي الجمعة دون غيرها من سماع الخطبة وإدراك الصلاة والذكر والدعاء والخشوع ونحو ذلك، فإنه يكتبه الحافظان قطعا، ورقع في رواية ابن عيينة عن الزهري في آخر حديثه عند ابن ماجه: "فمن جاء بعد ذلك فإنما يجيء لحق الصلاة" قال وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم الحض على الاغتسال يوم الجمعة وفضله، وفضل التبكير إليه، وأن الفضل المذكور إنما يحصل لمن جمعهما، وفيه أن مراتب الناس في الفضل بحسب أعمالهم، وأن القليل من الصدقة غير محتقر في الشرع، وأن التقرب بالإبل أفضل من التقرب بالبقر وهو بالاتفاق في الهدي، واختلف في الضحايا والجمهور على أنها كذلك)[21]. انتهى.

 

تتمة:

عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة، منها ساعة لا يوجد عبد مسلم يسأل الله شيئا إلا آتاه إياها، والتمسوها آخر ساعة بعد العصر". رواه النسائي وأبو داود.

 

وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه- أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم- يقول في ساعة الجمعة: "هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة" رواه مسلم وأبو داود.

 

فال أحمد: أكثر الأحاديث في الساعة التي ترجى لها إجابة الدعوة أنها بعد صلاة العصر ويرجي بعد زوال الشمس.

 

وعن ابن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "إذا نعس أحدكم يوم الجمعة في مجلسه فليتحول إلى غيره" رواه أحمد والترمذي وصححه.

 

وعن وهب بن حذيفة- رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "الرجل أحق بمجلسه وإن خرج لحاجته ثم عاد فهو أحق بمجلسه" رواه أحمد والترمذي وصححه. وبالله التوفيق.

 

الحديث السابع

133- عن سلمة بن الأكوع- رضي الله عنه- وكان من أصحاب الشجرة- قال: كنا نصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الجمعة، ثم ننصرف وليس للحيطان ظل نستظل به.

 

وفي لفظ: كنا نجمع مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إذا زالت الشمس، ثم نرجع فنتتبع الفيء.

 

• قوله: (عن سلمة بن الأكوع: وكان من أصحاب الشجرة- رضي الله عنه-)، أورده البخاري في باب غزوة الحديبية ولفظه: كنا نصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الجمعة، ثم ننصرف. وليس للحيطان ظل نستظل به.

 

• وقال البخاري: باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس[22]، وكذلك يروى عن عمر وعلي والنعمان بن بشير وعمرو بن حريث - رضي الله عنه- وذكر حديث عائشة- رضي الله عنها- كان الناس مهنة أنفسهم وكانوا إذا راحوا إلي الجمعة راحوا في هيئتهم فقيل لهم: لو اغتسلتم، وحديث أنس بن مالك - رضي الله عنه- "أن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس".

 

• قال الحافظ: (باب وقت الجمعة أي أوله إذا زالت الشمس، جزم بهذه المسألة مع وقوع الخلاف فيها لضعف دليل المخالف عنده، قال واستدل البخاري بقوله: "راحوا" على أن ذلك كان بعد الزوال لأنه حقيقة الرواح ولا يعارض هذا ما تقدم عن الأزهري أن المراد بالرواح في قوله: "من اغتسل يوم الجمعة ثم راح " الذهاب مطلقا لأنه إما أن يكون مجازا أو مشتركا، وعلى كل من التقديرين فالقرينة مخصصه وهي في قوله: "من راح في الساعة الأولى" قائمة في إرادة مطلق الذهاب، وفي هذا قائمة في الذهاب بعد الزوال لما جاء في حديث عائشة المذكور حيث قالت: "يصيبهم الغبار والعرق" لأن ذلك غالبا إنما يكون بعد ما يشتد الحر، وهذا في حال مجيئهم من العوالي، فالظاهر أنهم لا يصلون إلي المسجد إلا حين الزوال أو قريبا من ذلك، وعرف بهذا توجيه إيراد حديث عائشة في هذا الباب- إلى أن قال- قوله: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس" فيه إشعار بمواظبته - صلى الله عليه وسلم- على صلاة الجمعة إذا زالت الشص. أما رواية حميد التي بعد هذا عن أنس "كنا نبكر بالجمعة ونقيل بعد الجمعة" فظاهره أنهم كانوا يصلون الجمعة باكر النهار، لكن طريق الجمع أولى من دعوى التعارض، وقد تقرر فيما تقدم أن التبكير يطلق على فعل الشيء في أول وقته أو تقديمه على غيره وهو المراد هنا، والمعنى أنهم كانوا يبدؤون بالصلاة قبل القيلولة بخلاف ما جرت به عادتهم في صلاة الظهر في الحر فإنهم كانوا يقيلون ثم يصلون لمشروعية الإيراد [23] انتهى.

 

• وقال البخاري أيضاً: باب قول الله تعالى: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾ [الجمعة: 10] وذكر حديث سهل بن سعد قال كانت فينا امرأة تجعل على أربعاء في مزرعة لها سلقا فكانت إذا كان يوم جمعة تنزع أصول السلق فتجعله في قدر ثم تجعل عليه قبضة من شعير تطحنها فتكون أصول السلق عرقه وكنا ننصرف من صلاة الجمعة فنسلم عليها فتقرب ذلك الطعام إلينا فنلعقه وكنا نتمنى يوم الجمعة لطعامها ذلك " وفي رواية" ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة[24].

 

• قال الحافظ: (واستدل بهذا الحديث لأحمد على جواز صلاة الجمعة قبل الزوال وترجم عليه ابن أبي شيبة: "باب من كان يقول الجمعة أول النهار" وأورد فيه حديث سهل هذا وحديث أنس وعن ابن عمر مثله وعن عمر وعثمان وسعد وابن مسعود مثله من قولهم.

 

• قال الحافظ: وتعقب بأنه لا دلالة فيه على أنهم كانوا يصلون الجمعة قبل الزوال، بل فيه أنهم كانوا يتشاغلون عن الغداء والقائلة بالتهيؤ للجمعة ثم بالصلاة، ثم ينصرفون فيتداركون ذلك. بل ادعى الزين بن المنير أنه يؤخذ منه أن الجمعة تكون بعد الزوال لأن العادة في القائلة أن تكون قبل الزوال فأخبر الصحابي أنهم كانوا يشتغلون بالتهيؤ للجمعة عن القائلة ويؤخرون القائلة حتى تكون بعد صلاة الجمعة)[25].

 

• قال النووي: (قوله في حديث جابر: (كنا نصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ثم نرجع فنريح نواضحنا) وفسر الوقت بزوال الشمس. وفي الرواية الأخرى: (حين تزول الشمس)، وفي حديث سهل: (ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة) وفي حديث سلمة: (كنا نجمع مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إذا زالت الشمس ثم نرجع نتتبع الفيء) وفي رواية: (ما نجد للحيطان فيئا نستظل به). هذه الأحاديث ظاهرة في تعجيل الجمعة، وقد قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وجماهير العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم: لا تجوز الجمعة إلا بعد زوال الشمس، ولم يخالف في هذا إلا أحمد بن حنبل وإسحاق، فجوزاها قبل الزوال، قال القاضي: وروي في هذا أشياء عن الصحابة لا يصح منها شيء إلا ما عليه الجمهور، وحمل الجمهور هذه الأحاديث على المبالغة في تعجيلها، وأنهم كانوا يؤخرون الغداء والقيلولة في هذا اليوم إلي ما بعد صلاة الجمعة، لأنهم ندبوا إلى التبكير إليها. فلو اشتغلوا بشيء من ذلك قبلها خافوا فوتها أو فوت التبكير إليها.

 

• وقوله: (نتبع الفيء)، إنما كان ذلك لشدة التبكير وقصر حيطانه، وفيه تصريح بأنه كان قد صار فيء يسير، وقوله: وما نجد فيئا نستظل به، موافق لهذا فإنه لم ينف الفيء من أصله وإنما نفى ما يستظل به وهذا مع قصر الحيطان ظاهر في أن الصلاة كانت بعد الزوال متصلة به [26] انتهى.

 

• قال الموفق: (مسالة: وإذا زالت الشمس يوم الجمعة صعد الإمام المنبر.

مسألة: قال: وإذا زالت الشمس يوم الجمعة صعد الإمام المنبر.

 

المستحب إقامة الجمعة بعد الزوال لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان يفعل ذلك قال سلمة بن الأكوع: "كنا نجمع مع النبي - صلى الله عليه وسلم- إذا زالت الشمس ثم نرجع نتبع الفيء" متفق عليه وعن أنس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم- كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس" أخرجه البخاري.

 

ولأن في ذلك خروجا عن الخلاف فإن علماء الأمة اتفقوا على أن ما بعد الزوال وقت للجمعة وإنما الخلاف فيما قبله ولا فرق في استحباب إقامتها نقيب الزوال بين شدة الحر وبين غيره فإن الجمعة يجتمع لها الناس فلو انتظروا الإيراد شق عليهم، وكذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يفعلها إذا زالت الشمس في الشتاء والصيف على ميقات واحد)[27].

 

• قال في الاختيارات: (وتجب الجمعة على من أقام في غير بناء كالخيام وبيوت الشعر ونحوها وهو أحد قولي الشافعي وحكاه الأزجي رواية عن أحمد ونقل ابن النظر العجلي عن أحمد ليس على أهل البادية جمعة لأنهم ينتقلون فأسقطها عنهم وعلل بأنهم غير مستوطنين.

 

وقال أبو العباس في موضع آخر: يشترط مع إقامتهم في الخيام ونحوها أن يكونوا يزرعون كما يزرع أهل القرية ويحتمل أن تلزم الجمعة مسافرا له القصر تبعا للمقيمين، وتنعقد الجمعة بثلاثة: واحد يخطب واثنان يستمعان وهو إحدى الروايات عن أحمد وقول طائفة من العلماء وقد يقال بوجوبها على الأربعين لأنه لم يثبت وجوبها على من دونهم، وتصح ممن دونهم لأنه انتقال إلي أعلى الفرضين: كالمريض بخلاف المسافر فإن فرضه ركعتان، ولا يكفي في الخطبة ذم الدنيا وذكر الموت بل لا بد من مسمى الخطبة عرفا، ولا تحصل باختصار يفوت به المقصود ويجب في الخطبة أن يشهد أن محمدا عبده ورسوله، وأوجب أبو العباس في موضع آخر الشهادتين وتردد في وجوب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم- في الخطبة.

 

وقال في موضع آخر: ويحتمل وهو الأشبه أن تجب الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم- فيها ولا تجب مفردة لقول عمر وعلي: الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى تصلي على نبيك - صلى الله عليه وسلم- وتقدم الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم- على الدعاء لوجوب تقديمه على النفس، وأما الأمر بتقوى الله فواجب، أما معنى ذلك وهو الأشبه من أن يقال الواجب لفظ التقوى، ومن أوجب لفظ التقوى فقد يحتج بأنها جاءت بهذا اللفظ في قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: 131] وليست كلمة أجمع لما أمر الله من كلمة التقوى، قال الإمام أحمد في قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأعراف: 204] أجمع الناس أنها نزلت في الصلاة.

 

وقد قيل في الخطبة: والصحيح أنها نزلت في ذلك كله، وظاهر كلام أبي العباس أنها تدل على وجوب الاستماع، وصرح بأنها تدل على وجوب القراءة في الخطبة لأن كلمة إذا إنما تقولها العرب فيما لا بد من وقوعه لا فيما يحتمل الوقوع وعدمه لأن إذا ظرف لما يستقبل من الزمان يتضمن معنى الشرط غالبا والظرف للفعل لابد أن يشتمل على الفعل وإلا لم يكن ظرفا.

 

وقال: رفع الصوت بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم- قدام بعض الخطباء مكروه أو محرم اتفاقا لكن منهم من يقول: يصلي عليه سرا، ومنهم من يقول: يسكت، ودعاء الإمام بعد صعوده لا أصل له، ويكره للإمام رفع يديه حال الدعاء في الخطبة وهو أصح الوجهين لأصحابنا لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- إنما كان يشير بأصبعه إذا ودعا وأما في الاستسقاء فرفع يديه لما استشفى على المنبر.

 

ويقرأ في أولى فجر الجمعة آلم السجدة وفي الثانية ﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ ﴾ [الإنسان: 1] ويكره مداومته عليهما وهو منصوص أحمد وغيره، ويكره تحري سجدة غيرها والسنة إكمال السجدة و﴿ هَلْ أَتَى ﴾ وصلاة الركعتين قبل الجمعة حسنة مشروعة ولا يداوم عليها إلا لمصلحة ويحرم تخطي رقاب الناس.

 

وقال أبو العباس في موضع آخر: ليس لأحد أن يتخطى الناس ليدخل في الصف إذا لم يكن بين يديه فرجة لا يوم الجمعة ولا غيره لأن هذا من الظلم والتعدي لحدود الله تعالى، وإذا فرش مصلى ولم يجلس عليه ليس له ذلك ولغيره رفعه في أظهر قولي العلماء وإذا وقع العيد يوم الجمعة فاجتزى بالعيد وصلى ظهرا جاز إلا للإمام، وهو مذهب أحمد.

 

وأما القصاص الذين يقومون على رؤوس الناس ثم يسألون فهؤلاء منعهم من أهم الأمور فإنهم يكذبون ويتخطون الناس ويشغلون الناس يشغلون عما يشرع في الصلاة والقراءة والدعاء لاسيما إن قصوا أو سألوا والإمام يخطب فإن هذا من المنكرات الشنيعة التي ينبغي إزالتها باتفاق الأئمة، ينبغي لولاة الأمور أن يمنعوا من هذه المنكرات كلها فإنهم متصدون للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)[28].

 

تكملة:

وروي البيهقي من طريق الوليد بن مسلم سألت الليث بن سعد فقال: كل مدينة أو قرية فيها جماعة أمروا بالجمعة، فإن أهل مصر وسواحلها كانوا يجمعون الجمعة على عهد عمر وعثمان بأمرهما وفيهما رجال من الصحابة. وعند عبد الرزاق بإسناد صحيح عن ابن عمر أنه كان يرى أهل المياه بين مكة والمدينة يجمعون فلا يعيب عليهم.

 

وعن طارق بن شهاب عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة عبد مملوك أو امرأة أو صبي أو مريض". رواه أبو داود وقال طارق بن شهاب قد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم- ولم يسمع منه شيئا[29].

 

• قال الموفق في "المقنع": ولا تجب على مسافر ولا عبد ولا امرأة ومن حضرها منهم أجزأته ولم تنعقد به ولم يجز له أن يؤم فيها.

 

وقال: (وقال أبو حنيفة والشافعي يجوز أن يكون العبد والمسافر إماما فيها ووافقهم مالك في المسافر، وحكي عن أبي حنيفة أن الجمعة تصح بالعبيد والمسافرين لأنهم رجال تصح منهم الجمعة)[30].

 

• وقال ابن مفلح: (وتجوز في أكثر من موضع لحاجة كخوف فتنة أو بعد أو ضيق لئلا تفوت حكمة تجميع الخلق الكثير دائما.

 

وقال أيضاً: وأن غلب الخوارج على بلد فأقاموا فيه الجمعة فنص أحمد يجوز اتباعهم قاله ابن عقيل)[31] انتهى.

 

تنبيه:

محل ذلك إذا أمن وقوع المفسدة من تشاحن وتباغض، وغير ذلك.

 

الحديث الثامن

134- عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة: ﴿ آلم * تنزيل ﴾ والسجدة، و﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ ﴾ .

 

• قال البخاري: باب ما يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة وذكر الحديث وفي رواية عند مسلم لم تنزيل في الركعة الأولى وفي الركعة الثانية هل أتى على الإنسان[32].

 

• قال الحافظ: (وفيه دليل على استحباب قراءة هاتين السورتين في هذه الصلاة من هذا اليوم لما تشعر الصيغة به من مواظبته - صلى الله عليه وسلم- على ذلك أو إكثاره منه، بل ورد من حديث ابن مسعود التصريح بمداومته - صلى الله عليه وسلم- على ذلك، يديم ذلك، وكأن ابن دقيق العيد لم يقف عليه فقال في الكلام على حديث الباب: ليس في الحديث ما يقتضي فعل ذلك دائما اقتضاء قويا، وهو كما قال بالنسبة لحديث الباب، فإن الصيغة ليست نصا في المداومة لكن الزيادة التي ذكرناها نص في ذلك إلى أن قال وقد اختلف تعليل المالكية بكراهة قراءة السجدة في الصلاة، فقيل لكونها تشتمل على زيادة سجود في الفرض، قال القرطبي: وهو تعليل فاسد بشهادة هذا الحديث. وقيل لخشية التخليط على المصلين، ومن ثم فرق بعضهم بين الجهرية والسرية لأن الجهرية يؤمن معها التخليط، لكن صح من حديث ابن عمر أنه - صلى الله عليه وسلم- قرأ سورة فيها سجدة في صلاة الظهر فسجد بهم فيها، أخرجه أبو داود والحاكم، فبطلت التفرقة. ومنهم من علل الكراهة بخشية اعتقاد العوام أنها فرض، قال ابن دقيق العيد: أما القول بالكراهة مطلقا فيأباه الحديث، لكن إذا انتهى الحال إلي وقوع هذه المفسدة فينبغي أن تترك أحيانا لتندفع، فإن المستحب قد يترك لدفع المفسدة المتوقعة، وهو يحصل بالترك في بعض الأوقات، وقيل: إن الحكمة في هاتين السورتين الإشارة إلي ما فيهما من ذكر خلق آدم وأحوال يوم القيامة، لأن ذلك كان وسيقع يوم الجمعة)[33].

 

كما في حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم عليه السلام وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها رواه مسلم والنسائي وأبو داود والترمذي وصححه.

 

وعن أوس بن أوس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي، قالوا: يا رسول الله، وكيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت؟ يقولون قد بليت، قال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء. رواه الخمسة إلا الترمذي.

 

وعن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ يوم الجمعة في صلاة الصبح ألم تنزيل وهل أتى على الإنسان وفي صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين. رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي.

 

عن النعمان بن بشير قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقرأ في العيدين وفي الجمعة ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾ [الأعلى: 1] ﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ﴾ [الغاشية: 1] قال: وإذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد يقرأ بهما أيضاً في الصلاتين. رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه.

 

تتمة:

• قال في الاختيارات: (قال أبو العباس: والذي تبين لي أن سجود التلاوة واجب مطلقا في الصلاة وغيرها وهو رواية عن أحمد ومذهب طائفة من العلماء ولا يشرع فيه تحريم ولا تحليل هذا هو السنة المعروفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم- وعليها عامة السلف. وعلى هذا فليس هو صلاة فلا يشترط له شروط الصلاة بل يجوز على غير طهارة كما كان ابن عمر يسجد على غير طهارة واختاره البخاري لكن السجود بشروط الصلاة أفضل ولا ينبغي أن يخل بذلك إلا لعذر فالسجود بلا طهارة خير من الإخلال به لكن قد يقال أنه لا يجب في هذه الحال.

 

كما لا يجب على السامع ولا على من لم يسجد قارئة، وإن كان ذلك السجود جائزا عند جمهور العلماء، والأفضل أن يسجد عن قيام وقاله طائفة من أصحاب أحمد والشافعي.

 

وسجود الشكر لا يفتقر إلي طهارة: كسجود التلاوة ووافق أبو العباس على سجود السهو في اشتراط الطهارة.

 

ولو أراد الإنسان الدعاء فعفر وجهه لله في التراب وسجد له ليدعوه فهذا سجود لأجل الدعاء ولا شيء يمنعه وابن عباس سجد سجودا مجردا لما جاء نعي بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد قال - صلى الله عليه وسلم-: "إذا رأيتم آية فاسجدوا" وهذا يدل على أن السجود يشرع عند الآيات فالمكروه هو السجود بلا سبب ومن البدع أن من صلى الصبح أو غيرها من الصلوات سجد بعد فراغه منها وقبل الأرض وذكر غير واحد من العلماء أن هذا السجود من المنكرات، وأما تقبيل الأرض ونحو ذلك مما فيه السجود مما يفعل قدام بعض الشيوخ وبعض الملوك فلا يجوز بل لا يجوز الانحناء كالركوع أما إذا أكره على ذلك بحيث أنه لو لم يفعله يحصل له ضرر فلا بأس وأما إن فعله لنيل الرياسة والمال فحرام)[34] انتهى والله الموفق.



[1] فتح الباري: (2/ 399).

[2] فتح الباري: (2/ 486).

[3] فتح الباري: (1/ 487).

[4] فتح الباري: (2/ 399).

[5] المغني: (3/ 453).

[6] فتح الباري: (2/ 356).

[7] فتح الباري: (2/ 357).

[8] فتح الباري: (2/ 358، 361).

[9] فتح الباري: (2/ 407، 408).

[10] فتح الباري: (2/ 411، 412).

[11] فتح الباري: (2/ 401).

[12] إحكام الأحكام: (1/ 334).

[13] فتح الباري: (2/401).

[14] شرح النووي على مسلم: (6/149).

[15] إحكام الأحكام: (1/ 334).

[16] فتح الباري: (2/ 406).

[17] فتح الباري: (2/ 413).

[18] فتح الباري: (3/ 346).

[19] فتح الباري: (2/ 366).

[20] فتح الباري: (2/ 366).

[21] فتح الباري: (2/368).

[22] فتح الباري: (2/ 386).

[23] فتح الباري: (2/ 387).

[24] فتح الباري: (2/ 327).

[25] فتح الباري: (2/ 428).

[26] شرح النووي على مسلم: (3/230).

[27] المغني: (2/144).

[28] الفتاوى الكبرى: (5/ 354).

[29] سنن أبى داود: (1/ 412).

[30] المغني: (2/195).

[31] الفروع: (2/82).

[32] فتح الباري: (2/ 377).

[33] فتح الباري: (3/ 295).

[34] الفتاوى الكبرى: (5/ 340).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (باب الأذان)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب استقبال القبلة )
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب ترك الجهر بالبسملة )
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب سجود السهو )
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب جامع )
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب التشهد )
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( صلاة العيدين )
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( صلاة الكسوف )
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( الاستسقاء )
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( صلاة الخوف )
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( كتاب الجنائز 1 )
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( الصيام 1 )

مختارات من الشبكة

  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( الجمع بين الصلاتين في السفر )(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب المرور بين يدي المصلي )(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب صفة صلاة النبي )(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب الإمامة )(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب الصفوف )(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (باب استقبال القبلة)(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (باب صلاة الجماعة ووجوبها)(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (باب الحيض 5)(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (باب الحيض 4)(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (باب صلاة العيدين 5)(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب