• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك / بحوث ودراسات / أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام
علامة باركود

أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب صفة صلاة النبي )

أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب صفة صلاة النبي )
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/3/2013 ميلادي - 26/4/1434 هجري

الزيارات: 49441

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام

( باب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم )


الحديث الأول:

76- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كبر في الصلاة سكت هنيهة قبل أن يقرأ، فقلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة: ما تقول؟ قال: "أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب. اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس. اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد".

 

• قال البخاري: باب ما يقول بعد التكبير.

 

وذكر حديث أنس بن مالك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر- رضي الله عنه - كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين "ثم ذكر حديث الباب ولفظه: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسكت بين التكبير وبين القراءة إسكاته قال أحسبه قال هنية فقلت بابي وأمي يا رسول الله إسكاتك بين التكبير والقراءة ما تقول قال أقول اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد".

 

• وقال ابن رشيد: دعاء الافتتاح يتضمن مناجاة الرب والإقبال عليه بالسؤال، وقراءة الفاتحة تتضمن هذا المعنى، فظهرت المناسبة بين الحديثين.

 

قوله كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كبر في الصلاة سكت هنيهة قبل أن يقرأ وفي رواية هنية وفي رواية هنيئة: قال في القاموس وفي الحديث "هنية" مصغرة هنا وأصلها "هنوة" أي شيء يسير، ويروى "هنيهة" بإبدال الياء هاء.

 

• قوله: (فقلت يا رسول الله بابي أنت وأمي) أي أفديك بأبي وأمي.

 

• قوله: (أرأيت سكوتك بين التكبيرة والقرأة ما تقول).

 

• قال ابن دقيق العيد: لعله استدل على أصل القول بحركة الفم كما استدل غيره على القراءة باضطراب اللحية[1].

 

• قال الحافظ: (وقد نص الشافعي على أن المأموم يقول دعاء الافتتاح كما يقوله الإمام، قال الغزالي في الإحياء: إن المأموم يقرأ الفاتحة إذا اشتغل الإمام بدعاء الافتتاح قال الحافظ: وخولف في ذلك، بل أطلق المتولي وغيره كراهة تقديم المأموم قراءة الفاتحة على الإمام. قال والمعروف أن المأموم يقرؤها إذا سكت الإمام بين الفاتحة والسورة، قال والسكتة التي بين الفاتحة والسورة ثبت فيها حديث سمرة عند أبي داود وغيره)[2]. انتهى.

 

قلت: ولفظه عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وله وسلم: (أنه كان يسكت سكتتين إذا استفتح الصلاة وإذا فرغ من قراءة غير المغضوب عليهم ولا الضالين) روى ذلك أبو داود وكذلك أحمد والترمذي وابن ماجه بمعناه.

 

• قال النووي: عن أصحاب الشافعي يسكت قدر قراءة المأمومين الفاتحة[3].

 

• وقال صاحب الفروع: يستحب سكوته بعدها قدر قراءة المأمومين الفاتحة.

 

وقال: يستحب سكوته بعدها قدر قراءة المأموم[4].

 

• وقال الموفق في "المغني"[5]: يستحب أن يسكت الإمام عقب قراءة الفاتحة سكتة يستريح فيها ويقرأ فيها من خلفه الفاتحة كيلا ينازعوه فيها.

 

• قوله: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب).

 

• قال الحافظ: (المراد بالمباعدة محو ما حصل منها والعصمة عما سيأتي منها، قال ابن دقيق العيد: ولما كان الدنس في الثوب الأبيض أظهر من غيره من الألوان وقع التشبيه به.

 

• قوله: (اللهم اغسلني من خطايايي بالثلج والماء والبرد) وفي رواية: "اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد".

 

• قال الخطابي: ذكر الثلج والبرد تأكيد، أو لأنهما ما آن لم تمسهما الأيدي ولم يمتهنهما الاستعمال. وقال ابن دقيق العيد: عبر بذلك عن غاية المحو، فإن الثوب الذي يتكرر عليه ثلاثة أشياء منقية يكون في غاية النقاء، وقال الطيبي: يمكن أن يكون المطلوب من ذكر الثلج والبرد بعد الماء شمول أنواع الرحمة والمغفرة بعد العفو لإطفاء حرارة عذاب النار التي هي في غاية الحرارة، ومنه قولهم برد الله مضجعه أي رحمه ووقاه عذاب النار.

 

• وقال الكرماني: يحتمل أن يكون في الدعوات الثلاث إشارة إلي الأزمنة الثلاثة فالمباعدة للمستقبل، والتنقية للحال، والغسل للماضي.

 

• قال الحافظ: واستدل بالحديث على مشروعية الدعاء بين التكبير والقراءة خلافا للمشهور عن مالك، وورد فيه أيضا حديث: "وجهت وجهي إلخ " وهو عند مسلم من حديث علي لكن قيده بصلاة الليل. وأخرجه الشافعي وابن خزيمة وغيرهما بلفظ: "إذا صلى المكتوبة" واعتمده الشافعي في الأم، وفي الترمذي وصحيح ابن حبان من حديث أبي سعيد الافتتاح بسبحانك اللهم، ونقل الساجي عن الشافعي استحباب الجمع بين التوجيه والتسبيح وهو اختيار ابن خزيمة وجماعة من الشافعية وحديث أبي هريرة أصح ما ورد في ذلك، واستدل به على جواز الدعاء في الصلاة بما ليس في القرآن خلافا للحنفية، قال وفيه ما كان الصحابة عليه من المحافظة على تتبع أحوال النبي - صلى الله عليه وسلم - في حركاته وسكناته وإسراره وإعلانه حتى حفظ الله بهم الدين)[6] انتهى وبالله التوفيق.

 

• قال في الاختيارات: (وإذا قدر المصلي أن يقول الله أكبر لزمه ولا يجزئه غيرها وهو قول مالك وأحمد ولا يشترط أن يسمع المصلي نفسه القراءة الواجبة بل يكفيه الإتيان بالحروف وإن لم يسمعها وهو وجه في مذهب أحمد واختاره الكرخي من الحنفية وكذا كل ذكر واجب.

 

ويستحب أن يجمع في الاستفتاح بين قوله: سبحانك اللهم وبحمدك إلي آخره وبين: وجهت وجهي إلي آخره وهو اختيار أبي يوسف وأبي هبيرة، ولا يجمع بين لفظي كبير وكثير بل يقول هذا تارة وهذه تارة، وكذا المشروع في القراءات السبع أن يقرأ هذه تارة وهذه تارة لا الجمع بينهما ونظائره كثيرة والأفضل أن يأتي في العبادات الواردة على وجوه متنوعة بكل نوع منها: كالاستفتاحات وأنواع صلاة الخوف وغير ذلك والمفضول قد يكون أفضل لمن انتفاعه به إثم والله أعلم[7].

 

الحديث الثاني:

77- عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستفتح الصلاة بالتكبير، والقراءة بـ"الحمد لله رب العالمين" وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك، وكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائما، وكان إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد، حتى يستوي قاعدا، وكان يقول في كل ركعتين التحية، وكان يفرش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى، وكان ينهى عن عقبة الشيطان، وينهى أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع، وكان يختم الصلاة بالتسليم".

 

هذا الحديث بهذا اللفظ لم أجده في "صحيح البخاري" ولعل المصنف رحمه الله أورده لاشتماله على كثير من صفة الصلاة.

 

• قال ابن دقيق العيد: (هذا الحديث سها المصنف في إيراده في هذا الكتاب فإنه مما انفرد به مسلم عن البخاري فرواه من حديث الحسين المعلم عن بديل بن ميسرة عن أبي الجوزاء عن عائشة- رضي الله عنها- وشرط الكتاب: تخريج الشيخين للحديث)[8] انتهى.

 

وترجم عليه النووي فقال: باب ما يجمع صفة الصلاة.

 

• قال النووي: (باب ما يجمع صفة الصلاة وما يفتتح به ويختم به وصفة الركوع والاعتدال منه والسجود والاعتدال منه والتشهد بعد كل ركعتين من الرباعية وصفة الجلوس بين السجدتين وفى التشهد الأول) [9]انتهى.

 

• قولها: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفتتح الصلاة بالتكبير)، أي: قول الله أكبر.

 

• قولها: (والقراءة بالحمد لله رب العالمين) أي يستفتح القراءة بسورة الفاتحة قبل غيرها من القرآن، واستدل به على ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم.

 

• قولها: (وكان إذا ركع لم يشخص رأسه) أي لم يرفعه (ولم يصوبه) أي لم ينكسه (ولكن بين ذلك) وهو استواء الظهر والرأس.

 

• قولها: (وكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائما)، فيه دليل على الرفع من الركوع والاعتدال فيه.

 

• قولها: (وكان إذا رفع رأسه من السجود لم يسجد حتى يستوي قاعدا)، يدل على الرفع من السجود وعلى الاستواء في الجلوس بين السجدتين.

 

• قولها: (وكان يقول في كل ركعتين التحية)، أي يتشهد في كل ركعتين فيقول: التحيات لله إلي آخره.

 

• قال ابن دقيق العيد: (أطلقت لفظ التحية على التشهد كله من باب إطلاق اسم الجزء على الكل)[10].

 

• وقولها: (وكان يفرش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى)، فيه دليل على اختيار هذه الهيئة للجلوس في الصلاة.

 

وروي البخاري[11] من حديث أبي حميد في صفة صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: وإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى وإذا جلس في الركعة الآخرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته.

 

• قال في "سبل السلام"[12]: وللعلماء خلاف في ذلك، والظاهر أنه من الأفعال المخير فيها.

 

• وقولها: (كان ينهى عن عقبة الشيطان)، وفي رواية: عن عقب الشيطان، أي في القعود.

 

وقال: وفسرت بتفسيرين: أحدهما أنه يفترش قدميه ويجلس بأليتيه على عقبيه، ولكن هذه القعدة اختارها العبادلة في القعود في غير الأخير، وهذه تسمى إقعاء، وجعلوا المنهي عنه عنه هو الهيئة الثانية وتسمى أيضا إقعاء، وهي أن يلصق الرجل إليتيه في الأرض، وينصب ساقيه وفخذيه ويضع يديه على الأرض كما يقعي الكلب. انتهى.

 

• قولها: (وكان ينهى أن يفرش الرجل ذراعيه افتراش السبع) هو أن يضع ذراعيه على الأرض في السجود والسنة أن يرفعهما ويكون الموضوع على الأرض كفه قط.

 

• قولها: (وكان يختم الصلاة بالتسليم).

أخرج الخمسة إلا النسائي عن علي بن أبى طالب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم". عن ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم عن يمينه وعن يساره السلام عليكم ورحمة الله حتى يرى بياض خده. رواه الخمسة، وعن عامر بن سعد عن أبيه قال: كنت أرى النبي - صلى الله عليه وسلم -: يسلم عن يمينه حتى يرى بياض خده وعن يساره حتى يرى بياض خده. رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه وزاد النسائي فقال: عن يمينه حتى يرى بياض خده الأيمن وعن يساره حتى يرى بياض خده الأيسر، وفي رواية: حتى يرى بياض خده من ههنا، وبياض خده من ههنا، وعن أبى هريرة- رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حذف السلام سنة" رواه أحمد وأبو داود.

 

وقال ابن المبارك: معناه لا يمد مدا.

 

وعن مالك بن الحويرث - صلى الله عليه وسلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: صلوا كما رأيتموني أصلي. رواه أحمد والبخاري والله الموفق.

 

الحديث الثالث:

78- عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك، وقال: "سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد"، وكان لا يفعل ذلك في السجود.

 

• قال البخاري: باب رفع اليدين في التكبيرة الأولى مع الافتتاح سواء وذكر الحديث قال الربيع قلت للشافعي ما معنى رفع اليدين قال تعظيم الله وإتباع سنة نبيه.

 

• قال النووي في شرح مسلم: أجمعت الأمة على استحباب رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام، قال ابن المنذر: لم يختلفوا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة.

 

• قال الحافظ: ونقل بعض الحنفية عن أبي حنيفة يأثم تاركه.

 

• وقال البخاري: باب رفع اليدين إذا كبر وإذا ركع وإذا رفع وذكر حديث ابن عمر بنحوه وحديث مالك ابن الحويرث عن أبي قلابة أنه رأى مالك بن الحويرث إذا صلى كبر يرفع يديه وإذا أراد أن يركع رفع يديه وإذا رفع رأسه من الركوع رفع يديه وحدث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صنع هكذا.

 

• قال الحافظ: (قوله: "باب رفع اليدين إذا كبر وإذا ركع وإذا رفع " قد صنف البخاري في هذه المسألة جزءا منفردا، وحكي فيه عن الحسن وحميد بن هلال أن الصحابة كانوا يفعلون ذلك. قال البخاري: ولم يستثن الحسن أحدا. وقال ابن عبد البر: كل من روى عنه ترك الرفع في الركوع والرفع منه روى عنه فعله إلا ابن مسعود. وقال محمد بن نصر المروزي: أجمع علماء الأمصار على مشروعية ذلك إلا أهل الكوفة)[13].

 

• قال البخاري أيضا: (باب إلي أين يرفع يديه وقال أبو حميد في أصحابه رفع النبي - صلى الله عليه وسلم - حذو منكبيه، ثم ذكر حديث ابن عمر- رضي الله عنه - قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - افتتح التكبير في الصلاة فرفع يديه حين يكبر حتى يجعلهما حذو منكبيه ماذا كبر للركوع فعل مثله وإذا قال سمع الله لمن حمده فعل مثله، وقال ربنا ولك الحمد، ولا يفعل ذلك حين يسجد ولا حين يرفع رأسه من السجود.

 

• قال الحافظ: (قوله: "باب إلي أين يرفع يديه" لم يجزم المصنف بالحكم كما جزم به قبل وبعد جرياً على عادته فيما إذا قوى الخلاف، لكن الأرجح عنده محاذاة المنكبين لاقتصاره على إيراد دليله)[14].

 

• وقال البخاري أيضا: باب رفع اليدين إذا قام من الركعتين.

 

وذكر الحديث ولفظه عن نافع أن ابن عمر كان إذا دخل في الصلاة كبر يرفع يديه وإذا ركع رفع يديه وإذا قال سمع الله لمن حمده رفع يديه وإذا قام من الركعتين رفع يديه ورفع ذلك ابن عمر إلي نبي الله - صلى الله عليه وسلم.

 

• قال الحافظ: وأبعد أيضا من استدل برواية سالم على ضعف رواية نافع، والحق أنه ليس بين روايتي نافع وسالم تعارض، بل في رواية نافع زيادة لم ينفها سالم وقال ابن خزيمة: هو سنة وإن لم يذكره الشافعي فالإسنان صحيح، وقد قال: قولوا بالسنة ودعوا قولي. وقال ابن دقيق العيد: قياس نظر الشافعي أنه يستحب الرفع فيه لأنه أثبت الرفع عند الركوع والرفع منه لكونه زائدا على من اقتصر عليه عند الافتتاح، والحجة في الموضعين واحدة، وأول راض سيرة من يسيرها. قال: والصواب استحباب الرفع عند القيام من الركعتين لثبوت الحديث فيه.

 

• قوله: (وكان لا يفعل ذلك من السجود) وفي رواية: ولا يفعل ذلك حين يسجد ولا حين يركع رأسه من السجود. أي: لا يرفع يديه في الهواء إليه وإليه ولا في الرفع منه.

والله أعلم[15].

 

تتمة:

وعن وائل بن حجر- رضي الله عنه - أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - وضع يده اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد رواه أحمد وأبو داود، ولا بن خزيمة على صدره، وعن علي - رضي الله عنه - قال: إن من السنة في الصلاة وضع الأكف على الأكف تحت السرة. رواه أحمد وأبو داود.

 

قال العلماء: الحكمة في هذه الهيئة أن ذلك صفة السائل الذليل وهو أمنع من العبث وأقرب إلي الخشوع. وبالله التوفيق.

 

الحديث الرابع:

79- عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة- وأشار بيده إلى أنفه- واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين".

 

أطراف القدمين: أصابع القدمين.

 

• قوله: (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم) أي أعضاء.

 

• قال ابن دقيق العيد: يسمى كل واحد عظما باعتبار الجملة وإن اشتمل كل واحد على عظام [16].

 

وفي رواية: أمرنا أن نسجد على سبعة أعظم ولا نكف ثوبا ولا شعرا، ولمسلم من حديث العباس بن عبد المطلب إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب وجهه وكفاه وركبتاه وقدماه.

 

• قوله: (على الجبهة وأشار بيده إلي أنفه).

وعند النسائي قال ابن طاوس: ورضع يده على جبهته وأمرها على أنفه وقال: هذا واحد. قال القرطبي: هذا يدل على أن الجبهة الأصل في السجود والأنف تبع.

 

• قوله: (واليدين)، قال ابن دقيق العيد: المراد بهما الكفان لئلا يدخل تحت المنهي عنه من افتراش السبع والكلب.

 

• قوله: (وأطراف القدمين) وفي رواية (والرجلين)، والأولى مبينة للمراد من الرجلين، قال ابن دقيق العيد: ظاهره يدل على وجوب السجود على هذه الأعضاء[17]. والله أعلم.

 

الحديث الخامس:

80- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم: ثم يكبر حين يركع، ثم يقول: "سمع الله لمن حمده"، حين يرفع صلبه من الركعة، ثم يقول وهو قائم: ربنا ولك الحمد، ثم يكبر حين يهوي، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يكبر حين يسجد، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يفعل ذلك في صلاته كلها، حتى يقضيها، ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس".

 

الحديث السادس:

81- عن مطرف بن عبد الله قال: صليت أنا وعمران بن حصين خلف علي بن أبي طالب. فكان إذا سجد كبر، وإذا رفع رأسه كبر، وإذا نهض من الركعتين كبر، فلما قضى الصلاة أخذ بيدي عمران بن حصين، وقال: قد ذكرني هذا صلاة محمد - صلى الله عليه وسلم - أو قال: صلى بنا صلاة محمد - صلى الله عليه وسلم -.

 

• قال البخاري: (باب إتمام التكبير في الركوع. قاله ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه مالك بن الحويرث، ثم ذكر حديث عمران بن حصين ولفظه عن مطرف عن عمران بن حصين قال صلى مع علي - رضي الله عنه - بالبصرة فقال ذكرنا هذا الرجل صلاة كنا نصليها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر أنه كان يكبر كلما رفع وكلما وضع، ثم ذكر حديث أبي هريرة ولفظه: عن أبي سلمة عن أبي هريرة أنه كان يصلي بهم فيكبر كلما خفض ورفع فإذا انصرف قال إني لا شبهكم صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم) [18].

 

• قال الحافظ: (وقد روى أحمد والطحاوي بإسناد صحيح عن أبي موسى الأشعري قال: "ذكرنا علي صلاة كنا نصليها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإما نسيناها وإما تركناها عمدا" ولأحمد من وجه آخر عن مطرف قال: قلنا - يعني لعمران بن حصين - يا أبا نجيد، هو بالنون والجيم مصغر، من أول من ترك التكبير؟ قال: عثمان بن عفان حين كبر وضعف صوته. وهذا يحتمل إرادة ترك الجهر. وروى الطبراني عن أبي هريرة أن أول من ترك التكبير معاوية. روى أبو عبيد أن أول من تركه زياد. وهذا لا ينافي الذي قبله لأن زيادا تركه بترك معاوية وكأن معاوية تركه بترك عثمان. وقد حمل ذلك جماعة من أهل العلم على الإخفاء، وقال أيضا لكن استقر الأمر على مشروعية التكبير في الخفض والرفع لكل مصل، فالجمهور على ندبية ما عدا تكبيرة الإحرام. وعن أحمد وبعض أهل العلم بالظاهر يجب كله) انتهى.

 

• قال البخاري: (باب إتمام التكبير في السجود. وذكر الحديث صليت خلف علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنا وعمران بن حصين فكان إذا سجد كبر إلى آخره وذكر حديث عكرمة قال رأيت رجلا عند المقام يكبر في كل خفض ورفع وإذا قام وإذا وضع فأخبرت ابن عباس - رضي الله عنه - قال أو ليس تلك صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - لا أم لك.

 

• قال ابن بطال: ترك النكير على من ترك التكبير يدل على أن السلف لم يتلقوه على أنه ركن من الصلاة.

 

• قال الحافظ: قوله: "لا أم لك" هي كلمة تقولها العرب عند الزجر، وكذا قوله في الرواية التي بعدها: (ثكلتك أمك" فكأنه دعا عليه أن يفقد أمه أو أن تفقده أمه، لكنهم قد يطلقون ذلك ولا يريدون حقيقته. واستحق عكرمة ذلك عند ابن عباس لكونه نسب ذلك الرجل الجليل إلا الحمق الذي هو غاية الجهل وهو بريء من ذلك [19]. انتهى.

 

• قال البخاري: باب التكبير إذا قام من السجود.

وذكر حديث عكرمة قال صليت خلف شيخ بمكة فكبر ثنتين وعشرين تكبيرة فقلت لابن عباس إنه أحمق فقال ثكلتك أمك سنة أي القاسم - صلى الله عليه وسلم -.

 

ثم ذكر حديث أبي هريرة بتمامه كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم.

 

• قال الحافظ: فيه التكبير قائما، وهو بالاتفاق في حق القادر. قوله: "ثم يكبر حين يركع " فيه دليل على مقارنة التكبير للحركة. قوله: ثم يقول سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركعة ثم يقول وهو قائم ربنا ولك الحمد.

 

• قال الحافظ: (فيه أن التسميع ذكر النهوض، وأن التحميد ذكر الاعتدال، وفيه دليل على أن الإمام يجمع بينهما خلافا لمالك، لأن صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - الموصوفة محمولة على حال الإمامة لكون ذلك هو الأكثر الأغلب من أحواله.

 

• قوله: (ثم يكبر حين يهوي) يعنى ساجدا.

 

• قوله: (ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس) في التشهد الأول.

 

• قال الحافظ: وهذا الحديث مفسر للأحاديث المتقدمة حيث قال فيها كان يكبر في كل خفض ورفع) [20] انتهى.

 

عن أبي موسى قال إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خطبنا وبين لنا سنتنا وعلمنا صلاتنا فقال إذا صليتم فأقيموا صفوفكم ثم ليؤمكم أحدكم فإذا كبر الإمام فكبروا وإذا قرأ ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 7] فقولوا آمين يجبكم الله وإذا كبر وركع فكبروا واركعوا فإن الإمام يركع قبلكم ويرفع قبلكم، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فتلك بتلك، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا ولك الحمد، يسمع الله لكم فإن الله قال على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - سمع الله لمن حمده فإذا كبر وسجد فكبروا واسجدوا فإن الإمام يسجد قبلكم ويرفع قبلكم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فتلك بتلك فإذا كان عند القعدة فليكن من أول قول أحدكم التحيات الطيبات الصلوات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده ورسوله" رواه أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود وفي رواية بعضهم وأشهد أن محمدا عبده ورسوله[21].

 

الحديث السابع:

82- عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: رمقت الصلاة مع محمد - صلى الله عليه وسلم - فوجدت قيامه، فركعته فاعتداله بعد ركوعه، فسجدته، فجلسته بين السجدتين فسجدته فجلسته ما بين التسليم والانصراف: قريبا من السواء".

 

وفي رواية البخاري: ما خلا القيام والقعود قريبا من السواء.

 

• قال البخاري: (باب استواء الظهر في الركوع. وقال أبو حميد في أصحابه ركع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم هصر ظهره، وحد إتمام الركوع والإعتدال فيه الطمأنينة ثم ذكر حديث البراء ولفظه: كان ركوع النبي - صلى الله عليه وسلم - وسجوده، وبين السجدتين، وإذا رفع من الركوع ما خلا القيام والقعود قريبا من السواء)[22].

 

• قال الحافظ: (ومطابقة حديث البراء لقوله "حد إتمام الركوع" من جهة أنه دال على تسوية الركوع والسجود والاعتدال والجلوس بين السجدتين، وقد ثبت في بعض طرقه عند مسلم تطويل الاعتدال فيؤخذ منه إطالة الجميع، والله أعلم.

 

• قوله: (ما خلا القيام والقعود قريبا من السواء) المراد بالقيام والقعود القيام للقرأة والجلوس للتشهد لان القيام للقراءة أطول من جميع الأركان في الغالب.

 

• قال الحافظ: واستدل بظاهره على أن الاعتدال ركن طويل ولاسيما قوله في حديث أنس: "حتى يقول القائل قد نسي" وفي الجواب عنه تعسف والله أعلم.

وقال: واستدل به على تطويل الاعتدال والجلوس بين السجدتين.

 

• وقوله: (قريبا من السواء).

 

• قال الحافظ: فيه إشعار بأن فيها تفاوتا لكنه لم يعينه، وهو دال على الطمأنينة في الاعتدال وبين السجدتين لما علم من عادته من تطويل الركوع والسجود، وقال: قال ابن دقيق العيد: هذا الحديث يدل على أن الاعتدال ركن طويل وحديث أنس يعني الذي قبله أصرح في الدلالة على ذلك بل هو نص فيه فلا ينبغي العدول عنه لدليل ضعيف وهو قولهم لم يسن فيه تكرير التسبيحات كالركوع والسجود ووجه ضعفه أنه قياس في مقابلة النص وهو فاسد وأيضا فالذكر المشروع في الاعتدال أطول من الذكر المشروع في الركوع فتكرير سبحان ربي العظيم ثلاثا يجيء قدر قوله اللهم ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه وقد شرع في الاعتدال ذكر أطول منه كما أخرجه مسلم من حديث عبد الله بن أبي أوفى وأبي سعيد الخدري وعبد الله بن عباس) [23].

 

الحديث الثامن:

83- عن ثابت البناني عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: إني لا آلو أن أصلي بكم كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بنا، قال ثابت: فكان أنس يصنع شيئا لا أراكم تصنعونه، كان إذا رفع رأسه من الركوع: انتصب قائما، حتى يقول القائل: قد نسي، وإذا رفع رأسه من السجدة: مكث، حتى يقول القائل: قد نسي.

 

• قوله: (لا آلو)، أي لا أقصر.

 

• وقوله: (قد نسي) أي من طول القيام بعد الركوع وطول الجلوس بين السجدتين.

ولمسلم عن أنس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قال سمع الله لمن حمده قام حتى نقول قد وهم ثم يسجد ويقعد بين السجدتين حتى نقول قد وهم.

 

• وقال البخاري: باب الأطمانينة حين يرفع رأسه من الركوع وقال أبو حميد رفع النبي - صلى الله عليه وسلم - واستوى حتى يعود كل فقار مكانه[24].

 

وذكر حديث أنس ولفظه عن ثابت قال كان أنس ينعت لنا صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان يصلي وإذا رفع رأسه من الركوع قام حتى نقول قد نسي ثم ذكر حديث البراء.

 

• وقال أيضاً: باب المكث بين السجدتين.

وذكر حديث البراء وحديث أنس ولفظه عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: إني لا آلو أن أصلي بكم كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بنا إلى آخره.

 

• قوله: (فكان أنس يصنع شيئا لا أراكم تصنعونه) إلي آخره.

 

• قال الحافظ: (إشعار بان من خاطبهم كانوا لا يطيلون الجلوس بين السجدتين، ولكن السنة إذا ثبتت لا يبالي من تمسك بها بمخالفة من خالفها، والله المستعان)[25]. انتهى.

 

وعن حذيفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول بين السجدتين: رب اغفر لي رب اغفر لي رواه النسائي وابن ماجه، وعن ابن عباس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول بين السجدتين: اللهم اغفر لي، واحمني، وأجبرني، وأهدني، وارزقني. رواه الترمذي وأبو داود إلا أنه قال: وعافني، مكان: وأجبرني.

 

الحديث التاسع:

84- عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم من النبي - صلى الله عليه وسلم -.

 

• قال البخاري: باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبي [26] وذكر أحاديث منها حديث أنس وساقه وفي آخره: وإن كان ليسمع بكاء الصبي فيخفف مخافة أن تفن أمه.

 

• قال الحافظ: وفيه جواز صلاة النساء في الجماعة مع الرجال، وفيه شفقة النبي - صلى الله عليه وسلم - على أصحابه، ومراعاة أحوال الكبير منهم والصغير.

 

• قال ابن دقيق العيد: (والحديث يدل على طلب أمرين في الصلاة: التخفيف في حق الإمام مع الإتمام وعدم التقصير وذلك هو الوسط العدل والميل إلي أحد الطرفين خروج عنه أما التطويل في حق الإمام: فإضرار بالمأمومين وأما التقصير عن الإتمام: فبخس لحق العبادة، ولا يراد بالتقصير ههنا: ترك الواجبات فإن ذلك مفسدة موجب للنقص الذي يرفع حقيقة الصلاة وإنما المراد- والله أعلم- التقصير عن المسنونات والتمام بفعلها) [27] انتهى وبالله التوفيق.

 

الحديث العاشر:

85- عن أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي البصري قال: جاءنا مالك بن الحويرث في مسجدنا هذا، فقال: إني لأصلي بكم، وما أريد الصلاة، أصلي كيف رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي، فقلت لأبي قلابة: كيف كان يصلي؟ فقال: مثل صلاة شيخنا هذا، وكان يجلس إذا رفع رأسه من السجود قبل أن ينهض.

 

أراد بشيخهم، أبا يزيد، عمرو بن سلمه الجرمي.

 

• قال ابن دقيق العيد: (إن هذا الحديث مما انفرد به البخاري عن مسلم وليس من شرط هذا الكتاب)[28].

 

• قال الحافظ: (أخرج صاحب العمدة هذا الحديث وليس هو عند مسلم من حديث مالك بن الحويرث)[29].

 

• قال الحافظ: (باب من صلى بالناس وهو لا يريد إلا أن يعلمهم صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وسنته.

وذكر الحديث إني لأصلي بكم وما أريد الصلاة أصلي كيف رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي.

 

لم يرد نفي القربة وإنما أراد بيان السبب الباعث له على الصلاة وهو قصد التعليم، لأن التعليم بالفعل قد يكون أوضح من القول، وفي رواية كان مالك بن الحويرث يرينا كيف كانت صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وذاك في غير وقت الصلاة أي في غير وقت الصلاة المفروضة)[30].

 

• قال الحافظ: فيه دليل على جواز مثل ذلك وأنه ليس من باب التشريك في العبادة.

 

• قال البخاري: باب المكث بين السجدتين، حدثنا أبو النعمان قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة أن مالك بن الحويرث قال لأصحابه ألا أنبئكم صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال وذاك في غير حين صلاة فقام ثم ركع فكبر ثم رفع رأسه فقام هنية ثم سجد ثم رفع رأسه هنية فصلى صلاة عمرو بن سلمة شيخنا هذا قال أيوب كان يفعل شيئا لم أرهم يفعلونه كان يقعد في الثالثة والرابعة، قال: فأتينا النبي - صلى الله عليه وسلم - فأقمنا عنده فقال لو رجعتم إلي أهليكم صلوا صلاة كذا في حين كذا صلوا صلاة كذا في حين كذا فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكبركم.

 

ثم ذكر حديث البراء وحديث أنس إني لا آلوا إلى آخره.

 

• قال الحافظ: (قوله: "كان يقعد في الثالثة أو الرابعة" هو شك من الراوي، والمراد منه بيان جلسة الاستراحة، وهي تقع بين الثالثة والرابعة كما تقع بين الأولى والثانية فكأنه قال: كان يقعد في آخر الثالثة أو في أول الرابعة والمعنى واحد فشك الراوي أيهما قال، وسيأتي الحديث بلفظ: "فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعدا") [31].

 

• وقال البخاري: باب من استوى قاعدا في وتر من صلاته ثم نهض [32].

 

وذكر الحديث ولفظه: عن أي قلابة قال أخبرنا مالك بن الحويرث الليثي أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعدا.

 

• قال الحافظ: (قوله: "باب من استوى قاعدا في وتر من صلاته" ذكر فيه حديث مالك بن الحويرث ومطابقته واضحة، وفيه مشروعية جلسة الاستراحة، وأخذ بها الشافعي وطائفة من أهل الحديث، وعن أحمد روايتان، وذكر الخلال أن أحمد رجع إلي القول بها، ولم يستحبها الأكثر، واحتج الطحاوي بخلو حديث أبي حميد عنها فإنه ساقه بلفظ: "فقام ولم يتورك " وأخرجه أبو داود أيضا كذلك قال: فلما تخالفا احتمل أن يكون ما فعله في حديث مالك بن الحويرث لعلة كانت به فقعد لأجلها، لا أن ذلك من سنة الصلاة، ثم قوى ذلك بأنها لو كانت مقصودة لشرع لها ذكر مخصوص، وتعقب بان الأصل عدم العلة وبأن مالك بن الحويرث هو راوي حديث: "صلوا كما رأيتموني أصلي " فحكايته لصفات صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - داخلة تحت هذا الأمر. ويستدل بحديث أبي حميد المذكور على عدم وجوبها فكأنه تركها لبيان الجواز، وتمسك من لم يقل باستحبابها بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تبادروني بالقيام والقعود، فإني قد بدنت" فدل على أنه كان يفعلها لهذا السبب، فلا يشرع إلا في حق من اتفق له نحو ذلك، وأما الذكر المخصوص فإنها جلسة خفيفة جدا استغني فيها بالتكبير المشروع للقيام، فإنها من جملة النهوض إلا القيام، ومن حيث المعنى إن الساجد يضع يديه وركبتيه ورأسه مميزا لكل عضو وضع، فكذا ينبغي إذا رفع رأسه ويديه أن يميز رفع ركبتيه، وإنما يتم ذلك بأن يجلس ثم ينهض قائما، نبه عليه ناصر الدين بن المنير في الحاشية ولم تتفق الروايات عن أبي حميد على نفي هذه الجلسة كما يفهمه صنيع الطحاوي، بل أخرجه أبو داود أيضا من وجه آخر عنه بإثباتها، وأما قول بعضهم: لو كانت سنة لذكرها كل من وصف صلاته، فيقوى أنه فعلها للحاجة ففيه نظر، فإن السنن المتفق عليها لم يستوعبها كل واحد ممن وصف، وإنما أخذ مجموعها عن مجموعتهم[33] انتهى.

 

• وقال البخاري: (باب كيف يعتمد على الأرض إذا قام من الركعة وذكر الحديث وفي آخره قال أيوب وكان ذلك الشيخ يتم التكبير وإذا رفع رأسه عن السجدة الثانية جلس واعتمد على الأرض ثم قام)[34] انتهى والله أعلم.

 

الحديث الحادي عشر:

86- عن عبد الله بن بحينة - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه.

 

• قال البخاري: باب يبدي ضبعيه ويجافي في السجود[35] وذكر الحديث.

 

• قال الحافظ: (قوله: "باب يبدي ضبعيه" بفتح المعجمة وسكون الموحدة تثنية ضبع وهو وسط العضد من داخل وقيل هو لحمه تحت الإبط.

 

• قوله: (فرج بين يديه) أي نحى كل يد عن الجنب الذي يليها، قال القرطبي: الحكمة في استحباب هذه الهيئة في السجود أنه يخف بها اعتماده عن وجهه ولا يتأثر أنفه ولا جبهته ولا يتأذى بملاقاة الأرض. وقال غيره: هو أشبه بالتواضع وأبلغ في تمكين الجبهة والأنف من الأرض مع مغايرته لهيئة الكسلان.

 

• قال الحافظ: وروي الطبراني وغيره من حديث ابن عمر بإسناد صحيح أنه قال: "لا تفترش افتراش السبع، وادعم على راحتيك وأبد ضبعيك، فإذا فعلت ذلك سجد كل عضو منك " انتهى، والحديث دليل على استحباب التفريج في السجود عليهم)[36].

 

وأخرج أبو داود [37] عن أبي هريرة قال: اشتكى أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - مشقة السجود عليهم إذا انفرجوا فقال: "استعينوا بالركب".

 

قلت: قال الألباني: ضعيف وترجم له الرخصة في ذلك أي فيترك التفريج قال ابن عجلان أحد رواته وذلك أن يضع مرفقيه على ركبتيه إذا أطال السجود.

 

وروي البخاري من حديث أبي حميد الساعدي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلي. وبالله التوفيق.

 

الحديث الثاني عشر:

87- عن أبي مسلمة سعيد بن يزيد قال: سألت أنس بن مالك - رضي الله عنه - أكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في نعليه؟ قال: نعم.

 

• قال البخاري: باب الصلاة في النعال[38] وذكر الحديث.

 

• قال الحافظ: (قال ابن بطال: هو محمول على ما إذا لم يكن فيهما نجاسة ثم هي من الرخص، لأن ذلك لا يدخل في المعنى المطلوب من الصلاة وهو وإن كان من ملابس الزينة إلا أن ملامسته الأرض التي تكثر فيها النجاسات قد تقصر عن هذه الرتبة، وإذا تعارضت مراعاة مصلحة التحسين ومراعاة إزالة النجاسة قدمت الثانية لأنها من باب دفع المفاسد، والأخرى من باب جلب المصالح. قال: إلا أن يرد دليل بإلحاقه بما يتجمل به فيرجع إليه ويترك هذا النظر. قلت: قد روى أبو داود والحاكم من حديث شداد بن أوس مرفوعا: "خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم " فيكون استحباب ذلك من جهة قصد المخالفة المذكورة، وعن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى فخلع نعليه فخلع الناس نعالهم فلما انصرف قال لم خلعتم نعالكم، قالوا يا رسول الله رأيناك خلعت فخلعنا قال إن جبرائيل أتاني فأخبرني أن بهما خبثا، فإذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعليه فلينظر فيهما خبثا فإن وجد فيهما خبثا فليمسحهما بالأرض ثم ليصل فيهما) [39].

 

• قال في "نيل الأوطار"[40]: (وفيه أن دلك النعال يجزئ وأن الأصل أن أمته أسوته في الأحكام، وأن الصلاة في النعلين لا تكره وأن العمل اليسير معفو عنه) انتهى.

 

وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي حافيا ومنتعلا رواه أبو داود. وبالله التوفيق.

 

الحديث الثالث عشر:

88- عن أبي قتادة الأنصاري - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولأبي العاص بن الربيع بن عبد شمس، فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها.

 

• قال البخاري: باب إذا حمل جارية صغيرة على عنقه في الصلاة [41] وذكر الحديث.

 

• قال الحافظ: (قال ابن بطال: أراد البخاري أن حمل المصلي الجارية إذا كان لا يضر الصلاة فمرورها بين يديه لا يضر لأن حملها أشد من مرورها. وأشار إلى نحو هذا الاستنباط الشافعي، لكن تقييد المصنف بكونها صغيرة قد يشعر بأن الكبيرة ليست كذلك قال وتخصيص الحمل في الترجمة بكونه على العنق- مع أن السياق يشمل ما هو أعم من ذلك- مأخوذ من طريق أخرى وهي لمسلم. وأمامة كانت صغيرة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وتزوجها علي بعد وفاة فاطمة بوصية منها ولم تعقب.

 

قوله: "ولأبي العاص بن الربيعة بن عبد شمس" ولأحمد: ويحمل أمامة بنت أبي العاص وأمها زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عاتقه". وأبو العاص أسلم قبل الفتح وهاجر، ورد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ابنته زينب وماتت معه وأثنى عليه في مصاهرته، وكانت وفاته في خلافة أي بكر الصديق.

 

• قوله: (فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها) ولأبي داود: "حتى إذا أراد أن يركع أخذها فوضعها ثم ركع وسجد، حتى إذا فرغ من سجوده قام وأخذها فردها في مكانها".

 

• قال الحافظ: وهذا صريح في أن فعل الحمل والوضع كان منه لا منه.

ولمسلم: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤم الناس وأمامة على عاتقه".

 

• قال الحافظ: وهذه القصة كانت بعد الهجرة قطعا بمدة مديدة قال وحمل أكثر أهل العلم هذا الحديث على أنه عمل غير متوال لوجد الطمأنينة في أركان صلاته.

 

• قال النووي: وليس في الحديث ما يخالف قواعد الشرع لأن الآدمي طاهر، وما في جوفه معفو عنه، وثياب الأطفال وأجسادهم محمولة على الطهارة حتى تتبين النجاسة، والأعمال في الصلاة لا تبطلها إذا قلت أو تفرقت، ودلائل الشرع متظاهرة على ذلك، وإنما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك لبيان الجواز.

وقال الفاكهاني: وكأن السر في حمله أمامة في الصلاة دفعا لما كانت العرب تألفه من كراهة البنات وحملهن، فخالفهم في ذلك حتى في الصلاة للمبالغة في ردعهم، والبيان بالفعل قد يكون أقوى من القول. انتهى.

 

واستدل بالحديث على ترجيح العمل بالأصل على الغالب، وعلى جواز إدخال الصبيان في المساجد، وعلى أن لمس الصغار الصبايا غير مؤثر في الطهارة، وعلى صحة صلاة من حمل آدميا، وفيه تواضعه - صلى الله عليه وسلم - وشفقته على الأطفال، وإكرامه لهم جبرا لهم ولوالديهم)[42]. والله أعلم.

 

تتمة:

• قال في الاختيارات: (وجوب تطهير البدن من الخبث يحتج عليه بأحاديث الاستنجاء وبحديث التنزه من البول ويقوله - صلى الله عليه وسلم - حتيه ثم اقرصيه ثم انضحيه بالماء ثم صلي فيه من حديث أسماء وغيرها وبحديث أبي سعيد في دلك النعلين بالتراب ثم الصلاة فيهما.

 

وطهارة البقعة يستدل عليها بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث الأعرابي إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من البول والعذرة وأمره - صلى الله عليه وسلم - بصب الماء على البول.

 

ومن صلى بالنجاسة ناسيا أو جاهلا فلا إعادة عليه قاله طائفة من العلماء لأن ما كان مقصوده اجتناب المحظور إذا فعله العبد مخطئا أو ناسيا لا تبطل العبادة به.

 

وذكر القاضي في المجرد والآمدي أن الناسي يعيد رواية واحدة عن أحمد لأنه مفرط وإنما الروايتان في الجاهل، والروايتان منصوصتان عن أحمد في الجاهل بالنجاسة فأما الناسي فليس عنه فيه نص فلذلك اختلف الطريقان.

 

والنهي عن قربان المسجد لمن أكل الثوم ونحوه عام في كل مسجد عند عامة العلماء.

 

وحكى القاضي عياض أن النهي خاص بمسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا تصح الصلاة في المقبرة ولا إليها والنهي عن ذلك إنما هو لسد ذريعة الشرك وذكر طائفة من أصحابنا أن وجود القبر والقبرين لا يمنع من الصلاة لأنه لا يتناوله اسم المقبرة وإنما المقبرة ثلاثة قبور فصاعدا وليس في كلام أحمد وعامة أصحابه هذا الفرق بل عموم كلامهم وتعليلهم واستدلالهم يوجب منع الصلاة عند قبر واحد من القبور وهو الصواب والمقبرة كل ما قبر فيه لا أنه جمع قبر، وقال أصحابنا وكل ما دخل في اسم المقبرة مما حول القبور لا يصلي فيه فهذا ينبني على أن المنع يكون متناولا لحريم الصلاة عند القبر المنفرد وفنائه المضاف إليه.

 

وذكر الآمدي وغيره أنه لا تجوز الصلاة فيه أي المسجد الذي قبلته إلى القبر حتى يكون بين الحائط وبن المقبرة حائل آخر وذكر بعضهم هذا منصوص أحمد.

 

ولا تصح الصلاة في الحش ولا إليه، ولا فرق عند عامة أصحابنا بين أن يكون الحش في ظاهر جدار المسجد أو باطنه.

 

واختار ابن عقيل أنه إذا كان بين المصلى وبين الحش ونحوه حائل مثل جدار المسجد لم يكره، والأول هو المأثور عن السلف والمنصوص عند أحمد والمذهب الذي نص عليه عامة الأصحاب كراهة دخول الكنيسة التي فيها التصاوير فالصلاة فيها وفي كل مكان فيه تصاوير أشد كراهة وهذا هو الصواب الذي لا ريب فيه ولا شك.

 

ومقتضى كلام الآمدي وأبي الوفاء بن عقيل أنه لا تصح الصلاة في أرض الخسف وهو قوي ونص أحمد لا يصلى فيها.

 

وقال الآمدي: تكره الصلاة في الرحى ولا فرق بين علوها وسفلها.

 

قال أبو العباس: ولعل هذا لما فيها من الصوت الذي يلهي المصلي ويشغله ولا تصح الفريضة في الكعبة بل النافلة وهو ظاهر مذهب أحمد.

 

وأما صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في البيت الحرام فإنها كانت تطوعا فلا يلحق به الفرض لأنه - صلى الله عليه وسلم - صلى داخل البيت ركعتين ثم قال هذه القبلة فيشبه والله أعلم أن يكون ذكره لهذا الكلام في عقيب الصلاة خارج البيت بيانا لأن القبلة المأمور باستقبالها هي البنية كلها لئلا يتوهم متوهم أن استقبال بعضها كاف في الفرض لأجل أنه صلى التطوع في البيت وإلا فقد علم الناس كلهم أن الكعبة في الجملة هي القبلة فلا بد لهذا الكلام من فائدة وعلم شيء قد يخفى ويقع في محل الشبهة وابن عباس راوي هذا الحديث فهم منه هذا المعنى وهو أعلم بمعنى ما سمع.

 

وإن نذر الصلاة في الكعبة جاز كما لو نذر الصلاة على الراحلة.

 

وأما إن نذر الصلاة مطلقا فإنه يعتبر فيها شروط الفريضة لأن النذر المطلق يحذى به حذو الفرائض) [43] انتهى والله أعلم.

 

الحديث الرابع عشر:

89- عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب".

 

• قوله: (اعتدلوا في السجود) أي كونوا متوسطين بين الافتراش والقبض.

 

• قال البخاري: وقال أبو حميد سجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ووضع يديه غير مفترش ولا قابضهما[44].

 

• قوله: (ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب).

 

• قال الحافظ: (والهيئة المنهي عنها أيضا مشعرة بالتهاون وقلة الاعتناء بالصلاة)[45]0 انتهى.

 

• قال ابن دقيق العيد: (وقد ذكر في هذا الحديث الحكم مقرونا بعلته فإن التشبيه بالأشياء الخسيسة مما يناسب تركه في الصلاة)[46] انتهى.

 

وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - المصلي أن يتشبه بالحيوانات فنهى عن بروك كبروك البعير، والتفات كالتفات الثعلب، وافتراش كافتراش السبع، وإقعاء كإقعاء الكلب ونقر كنقر الغراب، ورفع الأيدي وقت السلام كأذناب خيل شمس.

 

قال بعض العلماء:

إذا نحن قمنا في الصلاة فإننا
نهينا عن الإتيان فيها بستة
بروك بعير والتفات كثعلب
ونقر غراب في سجود الفريضة
وإقعاء كلب أو كبسط ذراعه
وأذناب خيل عند فعل التحية

 

تتمة:

عن أبي حميد الساعدي، في عشرة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فيهم أبو قتادة الحارث ابن ربعي، فقال أبو حميد الساعدي: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا: لم؟ ما كنت أكثرنا له تبعة، ولا أقدمنا له صحبة، قال: بلى قالوا: فاعرض علينا، قال: فقال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم يكبر حتى يقر كل عضو منه في موضعه معتدلا، ثم يقرأ، ثم يكبر ويرفع حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم يركع ويضع راحتيه على ركبتيه، ثم يعتدل ولا ينصب رأسه، ولا يقنع، ثم يرفع رأسه فيقول: سمع الله لمن حمده ثم يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه حتى يعود كل عظم منه إلي موضعه معتدلا ثم يقول: الله أكبر ثم يهوي إلى الأرض فيجافي يديه، ثم يرفع رأسه فيثني رجله اليسرى فيقعد عليها ويفتح أصابع رجليه إذا سجد، ثم يعود ثم يرفع فيقول: الله أكبر ثم يثني برجله فيقعد عليها معتدلا حتى يرجع أو حتى يقر كل عظم موضعه معتدلا، ثم يصنع في الركعة الأخرى مثل ذلك، ثم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما فعل، أو كبر عند افتتاح الصلاة، ثم صنع مثل ذلك في بقية صلاته حتى إذا كان في السجدة التي فيها التسليم أخر رجله اليسرى وقعد متوركا على شقه الأيسر.

 

فقالوا جميعا: صدق، هكذا كان يصلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي ورواه البخاري مختصرا وبالله التوفيق.



[1] فتح الباري: (2/ 226).

[2] فتح الباري: (2/ 230).

[3] تحفة الأحوذي: (2/71).

[4] الفروع: (2/ 117).

[5] المغني: (1/ 567).

[6] فتح الباري: (2/ 230).

[7] الفتاوى الكبرى: (5/331).

[8] إحكام الأحكام: (1/ 231).

[9] صحيح مسلم: (2/ 53).

[10] إحكام الأحكام: (1/ 234).

[11] صحيح البخاري: (1/ 284).

[12] (2/ 86)

[13] فتح الباري: (2/ 218، 219).

[14] فتح الباري: (2/ 221).

[15] فتح الباري: (2/ 222).

[16] فتح الباري: (3/ 203).

[17] فتح الباري: (3/ 203).

[18] فتح الباري: (2/ 269).

[19] فتح الباري: (2/ 270، 1 27).

[20] فتح الباري: (2/ 272، 273).

[21] سنن النسائي: (4/196).

[22] فتح الباري: (2/ 275).

[23] فتح الباري: (3/ 178).

[24] فتح الباري: (2/ 300).

[25] فتح الباري: (2/ 301).

[26] فتح الباري: (2/ 201).

[27] إحكام الأحكام: (1/ 247).

[28] إحكام الأحكام: (1/ 247).

[29] فتح الباري: (2/ 164).

[30] فتح الباري: (2/ 163).

[31] فتح الباري: (2/ 301).

[32] فتح الباري: (2/ 302).

[33] فتح الباري: (2/ 302).

[34] فتح الباري: (2/ 303).

[35] فتح الباري: (2/ 294).

[36] فتح الباري: (2/ 294).

[37] سنن أبي داود: (2/240).

[38] فتح الباري: (1/ 494).

[39] فتح الباري: (1/ 494).

[40] (2/121)

[41] فتح الباري: (1/ 590).

[42] فتح الباري: (1/ 590).

[43] الاختيارات الفقهية: (1/ 43).

[44] فتح الباري: (2/ 301).

[45] فتح الباري: (2/ 301).

[46] إحكام الأحكام: (1/ 255).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (باب صلاة الجماعة ووجوبها)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (باب الأذان)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (باب استقبال القبلة)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب الصفوف )
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب الإمامة )
  • وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب استقبال القبلة )
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب ترك الجهر بالبسملة )
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب جامع )
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب التشهد )
  • صفة صلاة النبي من العمدة في الأحكام لتقي الدين المقدسي
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( كتاب الزكاة 1 )
  • الإيضاح الجلي لصفة صلاة النبي (سؤال وجواب)
  • هل صلى النبي صلى الله عليه وسلم قاعدا؟ ولماذا؟
  • حديث صلاة النبي داخل الكعبة
  • صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان بأصحابه رضي الله عنهم

مختارات من الشبكة

  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (باب صلاة العيدين 5)(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (باب صلاة العيدين 4)(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (باب صلاة العيدين 3)(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (باب صلاة العيدين 2)(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (باب صلاة العيدين 1)(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (باب صلاة العيدين)(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب الجمعة )(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب المرور بين يدي المصلي )(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام ( باب سجود السهو )(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • أقوال العلماء الأعلام على أحاديث عمدة الأحكام (باب الحيض 5)(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)

 


تعليقات الزوار
1- ما أخذ عن النبي صلوات الله وسلامه عليه
akram - السودان 03-04-2013 01:19 PM

ماهى الأذكار التى تذكر والعبد ساجد بين يدى الله فى كل الصلوات . أي أثناء السجدة الأوله ماذا يذكر . وأثنا الركوع ماذ يذكر مع الفرز بين الملزم والمستحب فيهما
وجزاكم الله كل الخير

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب