منهج فهم معاني الأسماء الحسنى والتعبد بها (2) الملك

منهج فهم معاني الأسماء الحسنى والتعبد بها (2)

الملك المليكُ، مالك الملك

الحمد لله الملك المليك مالك الملك، اللهم لك الحمد أنت قيم السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت ملك السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت الحق ووعدك الحق ولقاؤك حق وقولك حق والجنة حق والنار حق والنبيون حق ومحمد حق والساعة حق اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت ولا إله غيرك.

المسلك الأول: أصل الملك في اللغة الربط والشد، قال ابن فارس: (أصل هذا التركيب يدل على قوة في الشيء وصحة)، والملك هو النافذ الأمر في ملكه، إذ ليس كل مالك ينفذ أمره وتصرفه فيما يملكه، فالملك أخص من المالك.

المسلك الثاني: دل هذا الاسم على اسم الله الملك وعلى صفة الملك بالمطابقة، وعلى أحدهما بالتضمن، وهو اسم من أسماء صفات الذات، وهو مستلزم لاتصاف الله تعالى:

1- بصفات الملك: من قدرة وعلم وقوة وحكمة وحكم وإحاطة والعلو والاستواء على العرش، كما قال تعالى ﴿ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ﴾ [116: المؤمنون].

2- بأفعال الملك: فهو سبحانه كما أخبر عن نفسه، ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [آل عمران: 26، 27].

المسلك الثالث: دل على تنزيه الله تعالى من الشركة في الملك، ﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾ [الإسراء: 111]، ويفهم هذا بآية سبأ التي قطعت نياط الشرك ونفت كل معاني الشركة مع الله، ﴿ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ * وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ﴾  [سبأ: 22، 23].

كما دل على تنزيه الله عن كل نقص في ملكه، كتنزيهه سبحانه أن يكون له مجير، ﴿ قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [المؤمنون: 88].

وتنزيهه سبحانه عن العبث في ملكه وحكمه، ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ﴾ [المؤمنون: 115، 116].

المسلك الرابع: قال الغزالي رحمه الله في المقصد الأسنى 1/66: الملك هو الذي يستغني في ذاته وصفاته عن كل موجود، ويحتاج إليه كل موجود، بل لا يستغني عنه شيء في شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في وجوده ولا في بقائه، بل كل شيء فوجوده منه أو مما هو منه، فكل شيء سواه هو له مملوك في ذاته وصفاته، وهو مستغن عن كل شيء، فهذا هو الملك مطلقًا.

المسلك الخامس: تعلق هذا الاسم من جهة المخلوقات بالناس، وهم الإنس ويدخل فيهما الجن، قال تعالى ﴿ مَلِكِ النَّاسِ ﴾ [الناس: 2]، وتعلق بملك الأسماع والأبصار في قوله تعالى ﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ ﴾ [يونس: 31]، وتعلق بالملك الكامل يوم الدين، فهو سبحانه مالك يوم الدين، ﴿ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ ﴾ [الأنعام: 73]، فهو ملك لا يخالطه ملك أحد، ﴿ يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ﴾ [الانفطار: 19]، وفي حديث ابن عمر: يأخذ الجبار سمواته وأرضه بيده ثم يقول: أنا الجبار، أنا الملك، أين الجبارون، أين المتكبرون؟. رواه ابن ماجه

وتعلق من جهة المأمورات بالإيمان بالبعث والرجوع إليه عز وجل كثيرًا، ﴿ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [يس: 83]، وتعلق بأوامره الكونية كنصرة عباده المؤمنين، كما في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على الصفاء: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أنجز وعده، ونصره عبده، وهزم الأحزاب وحده.

المسلك السادس: اقترن هذا الاسم باسم الله القدوس كثيرًا؛ لتقديس الله وملكه سبحانه من كل النقائص والعيوب، ﴿ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾ [الجمعة: 1]، وهو سبحانه في ملكه يحكم بحكمة وعزة، فلا يتعلق بملكه عبث ولا ذلة سبحانه، وتعلق باسم الله الحق ﴿ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ﴾ [المؤمنون: 116]، فهو المالك الحقيقي سبحانه لكل المخلوقات، وتعلق باسم الله المقتدر، ﴿ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾ [القمر: 55]، وتعلق باسمين عظيمين في يوم لا ملك فيه إلا لله، ﴿ يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ [غافر: 16]، فتوحد سبحانه وقهر جميع ملوك الدنيا، بل ارتبط بأسماء كثيرة قدمها عليها في وصف الله تعالى: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الحشر: 23].

وتعلق أيضًا بالإحياء والإماتة والقدرة كثيرًا، ﴿ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الحديد: 2].

المسلك السابع: هذا الاسم من مجموعة أسماء التمجيد التي تضم أسماء اشتملت على عدة صفات من صفات التمجيد والتعظيم لله تعالى، كالمجيد والعظيم ونحوها.

المسلك الثامن: العبد يسمى أيضًا بهذا الاسم وله من نصيب، كقوله ﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ﴾ [البقرة: 247]، ويسمى العباد مالكون؛ كما في قوله تعالى ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ ﴾ [يس: 71]، لكن بين ملك الله وملك العباد فوارق كثيرة، فلله من الملك أكمله وأعظمه، ومن تلك الفروق:

أن ملك العباد ناقص: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [سورة البقرة:258].

وأن ملك العباد مؤقت بزمان ومكان: وهذا ملك فرعون الذي ملك وتجبر، قيد بزمان، ﴿ يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ ﴾ [سورة غافر: 29]، وبمكان ﴿ وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ ﴾ [الزخرف: 51]، ملك الله يعم كل زمان ومكان.

وأن ملك العباد ليس ملكًا حقيقيًا، فحتى ما بين أيديهم من أرزاق العباد ليسوا ممن يملكها على الحقيقة،بل الأمر في ذلك لله، ﴿ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ شَيْئًا وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ ﴾ [سورة النحل: 73].

وهو ملك مليء بالآفات والنقائص مهما كان، ففيه الظلم والغصب، ﴿ وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ﴾ [الكهف: 79]، والفساد ﴿ قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ﴾ (34) [النمل: 34]، والبخل ﴿ قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإنسَانُ قَتُورًا ﴾ [الإسراء: 100]، بل لو آتوا أقل من ذلك لبخلوا به ﴿ أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا ﴾ [النساء: 53]، وهذا ملك مصر في عهد يوسف عجز أن يعرف تأويل رؤيا عظيمة تتعلق بملكه، ضاع صواعه، وقصر حكمه أن يأخذ بأخ يوسف، بل احتاج في ملكه للأعوان والوزراء، ﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي ﴾ [يوسف: 54]، والله جل عن هذا وتقدس، بل هذا ملك سليمان الذي ﴿ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ﴾ [ص: 35]، عرضت على ملكه الآفات، ﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ ﴾ [ص: 34]، فتعالى الله الملك الحق.

وقد سجل التاريخ لهارون الرشيد يوم أن دنا منه الموت، فقال: ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه، ثم أمر أن يحمل إلى حفرته، فلما رآها رفع بصره للسماء وقال: يامن لا يزول ملكه ارحم من قد زال ملكه.

المسلك التاسع: كان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يتعبد الله بهذا الاسم في ركوعه وسجوده تعظيمًا لربه، فكان يقول فيهما: سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، رواه أبو داود.

وكان من أذكاره صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الوتر أن يقول: سبحان الملك القدوس ثلاث مرات يطيل في آخرهن، رواه النسائي، ويكثر في صباح ومسائه وبعد الصلاة المفروضة وإذا تعار من الليل يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.

المسلك العاشر: ومن هدي السلف الصالح موعظة إبراهيم بن أدهم لمن أراد معصية الله: إذا أردت أن تعصي الله فلا تأكل من رزقه، وإذا أردت أن تعصي الله فلا تسكن في أرضه، وإذا أردت أن تعصي الله فادفع ملك الموت إذا جاءك، وإذا أردت أن تعصي الله فادفع عنك زبانية النار إذا أخذوك.. فلا قدرة لأحدٍ من العباد في الخروج عن ملك الله ولا في تحدي الله بمعصيته.

المسلك الحادي عشر: ينبغي علينا أن نحرص على أن نتعبد الله تعالى بهذا الاسم من خلال:

أ‌- الدعاء: كان يدعو عند افتتاحه صلاته: كما روى علي رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة كبر ثم قال وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين اللهم أنت الملك لا إله لي إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف سيئها إلا أنت لبيك وسعديك والخير كله في يديك والشر ليس إليك أنا بك وإليك تباركت وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك وإذا ركع قال اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظامي وعصبي وإذا رفع قال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ملء السماوات والأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد وإذا سجد قال اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت سجد وجهي للذي خلقه وصوره فأحسن صورته وشق سمعه وبصره وتبارك الله أحسن الخالقين وإذا سلم من الصلاة قال اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم والمؤخر لا إله إلا أنت، رواه أبو داود.

ب‌- تعبيد الأسامي بهذا الاسم، وقد ذكر أهل العلم أن أفضل الأسماء: عبد الله وعبد الرحمن، ثم عبد الملك وعبد العزيز، وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أخنع الأسماء عند الله يوم القيامة رجل تسمى ملك الأملاك لا مالك إلا الله"، متفق عليه.

ت‌- تسبيح الله به: ﴿ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [يس: 83]، وحمده وتكبيره ﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾ [الإسراء: 111]، وكثيرًا ما اقترن ملك الله بحمه، فله الملك وله الحمد عز وجل.

ث‌- ما يقتضيه من فعل أن يخص الله بالملك، وأن يوقن العبد بأن ملك الأشياء على حقيقتها لله وحده، وأن يحرص على تعظيم إيمانه بعظيم ملكوت الله بالنظر في عظيم خلقه سبحانه وملكه، كما أمرنا ربنا سبحانه ﴿ أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ ﴾  [الأعراف: 185].

المسلك الثاني عشر: أن نتخلق بخلق الزهد في ملك الدنيا الفاني البالي، فليس الملك الذي لا يبلى إلا نعيم الله في الجنة﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا ﴾ [الإنسان: 20].

المسلك الثالث عشر: ومن هنا تتقرر جوانب لتقوية التوحيد والإيمان بالله من خلال هذا الاسم تتمثل في عدة جوانب، منها:

أن الرزق والضر والنفع لله تعالى وحده، ولا يملك أحد من دون الله ضرًا ولا نفعًا، وبهذا يعظم جوانب التوحيد ويحرس جنابه، ﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ ﴾ [فاطر: 13].

أن يعرف العبد أنه لا مهرب من ملك الله تعالى إلا إليه، وليس أحد يدفع عنه من دون الله تعالى ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾ [البقرة: 106، 107].

لذا أهل رسولنا صلى الله عليه وسلم بالتلبية التي سماها جابر رضي الله عنه التوحيد: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك.