• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم حديث
علامة باركود

ليس دفاعا عن البخاري وصحيحه (4)

ليس دفاعا عن البخاري وصحيحه (4)
محمود بن أحمد أبو مسلّم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/11/2014 ميلادي - 18/1/1436 هجري

الزيارات: 20534

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ليس دفاعًا عن البخاري وصحيحه (4)

حديث المعراج


ومما أثاروه وانتقدوه على الصحيح حديثُ المعراج، الذي أخرجه البخاري من طريق شريك بن أبي نمر (المعروف بشريك القاضي)، عن أنس رضي الله عنه، وقد ذكرت في مقدمة المقالات أن هذه الرواية مما انتقدها بعض الحفاظ وأهل العلم على الإمام البخاري أصلاً وإخراجها في كتابه؛ لأنها فيها بضع عشرة مخالفة للأحاديث التي هي أصح من رواية شريك، قالوا: فشريك القاضي تفرد بذكر أحداث في القصة مخالِفة لما رواه مَن هو أوثق منه.

 

ومن هذه المآخذ - بزعمهم، وهي قطعة من رواية شريك -: "ثُمَّ عَلاَ بِهِ فَوْقَ ذَلِكَ بِمَا لاَ يَعْلَمُهُ إلاَّ اللَّهُ، حَتَّى جَاءَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى، وَدَنَا لِلْجَبَّارِ رَبِّ الْعِزَّةِ، فَتَدَلَّى، حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، فَأَوْحَى اللَّهُ فِيمَا أَوْحَى إِلَيْهِ خَمْسِينَ صَلاَةً عَلَى أُمَّتِكَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ".... إلخ الحديث.

 

قالوا: كيف يكون "التدلّي" من الله عز وجلّ؟! هذا غير معقول، ومستحيل في حق ربنا، وهذا التساؤل كان مما أخذه بعض أهل العلم على هذه الرواية، أن جعل (شريك) "التدلي" مِن الله عزّ وجلّ، وليس مِن جبريل عليه السلام، كما هو ظاهر الآية في سورة النجم: ﴿ وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ﴾ [النجم: 7، 8]، وهو قول ابن مسعود، وعائشة، أن الذي تدلى في الآية هو جبريل عليه السلام.

 

وهذه الرواية أخرجها البخاري في كتاب التوحيد، في آخر الصحيح: "باب قوله: وكلّم الله موسى تكليمًا"، وأخرجها البخاري من طريق سليمان بن بلال، عن شريك بن عبدالله القاضي، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وقد انتقد أهل الحديث عليه هذه الرواية؛ لما انفرد فيها بألفاظ لم يأتِ بها غيره حسب قولهم، وسنبين أن ذلك خطأ، وأنه توبع على هذه الرواية، إن شاء الله.

 

الآن دعني أناقش مع حضرتك هذه المسألة بأسلوب علمي؛ لتقف معي على الفرق بين النقاش العلمي لمثل هذه الأمور وبين مجرد التكذيب، والاتهام، والعجلة، وتقديم العقل على النقل.

أولاً: كما ذكرت لك أن هذه الرواية وهذه اللفظة مما انتقد بعض أهل العلم بالفعل على البخاري إخراجها، ويدلُّك على ذلك أن الإمام مسلمًا لما أخرجها في كتابه الصحيح، أخرج الإسناد فقط، ولم يخرج الحديث وقصة المعراج من طريق شريك، بل قال: "وَسَاقَ الحَدِيثَ بِقِصَّتِهِ نَحْوَ حَدِيثِ ثَابِتٍ البُنَانِيِّ، وَقَدَّمَ فِيهِ شَيْئًا وَأَخَّرَ، وَزَادَ وَنَقَصَ"، فدعنا نتفق أن هذه اللفظة من المختلف فيه قبولاً ورفضًا بين أهل العلم.

 

ثانيًا: مَن يتكلم في دين الله لا بد أن يكون ملمًّا بأصول اللغة، ووجوه كلام العرب، وهذا ليس معناه الإلمام بالنحو والصرف فحسب، فالنحو والصرف هما أُولى درجات علوم اللغة، أما أصول اللغة، وأصواتها وفنونها، وغريبها وشاذها؛ فعلوم لا يقف عليها إلا متبحر فقيه، ونحن إن كنا لا نستطيع أن نلم بذلك كلّه، لكن من أراد أن يتكلم أو يطلب العلم لا بد أن يبحث على الأقل في معاني الكلمات ومدلولاتها، وكيف كانت دلالتها ووقعها على أسماع العرب، لا على سمعك أنت، فنحن في زمن اندثر فيه التذوق اللغوي، وانقلبت الفِطرة اللغوية رأسًا على عقب، وما كان مستساغًا عند العرب أصبح الآن عيبًا وشتيمة، والعكس بالعكس.


وما يهمنا ههنا هو معنى التدلي.

والتدلية هي إرسال الشيء من علو إلى سفل، مأخوذ من تدلية الدلو؛ أي: إرساله في البئر.


والتدلية هي سبب القرب (الدنو)، فمعنى الآية إذًا هو: ثم تدلى فدنا؛ أي: فقرب، والعرب تقدم وتؤخر الألفاظ إن كانت بمعنى واحد، أو لها ارتباط، كما تقول: شتمني فأساء، وأساء فشتمني، فالإساءة والشتم بمعنى، وكما في قوله تعالى: ﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ﴾ [القمر: 1]، والمعنى: انشق القمر واقتربت الساعة، فالتقديم والتأخير هنا في كلام العرب صحيح، ما دام المعنى واحدًا، أو ارتبطت اللفظتان.

 

فالدنو والتدلي إذًا بمعنى القرب، وللدقة فالتدلي هو سبب القرب، ولا شيء في ذلك من الناحية اللغوية ولا الشرعية.

 

ثالثًا: هل يجوز في حق الله التدلي، أو القرب من عباده عمومًا؟

والجواب أنْ نعم، وقد أخبر ربنا عن نفسه سبحانه يوم القيامة: ﴿ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ﴾ [الأنعام: 158]، وقال سبحانه: ﴿ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ ﴾ [البقرة: 210]، وقال عز وجل: ﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ﴾ [الفجر: 22]، وفي الدنيا - أيضًا -، كما جاء في دواوين السنة؛ الصحيحين، وغيرهما، من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟)).

 

واعلم أن أهل السنة لا يكيفون هذه الصفات من الرب تعالى، يعني: لا يشرحونها ولا يعرِّفون "كيفية النزول من الله سبحانه"، وإنما يقولون: ينزل نزولاً على وجه يليق بجلاله وكماله سبحانه، فهم يثبتون الصفة، ولا يؤولونها أو ينفونها، فلا يقولون: المراد بالنزول نزول رحمة الله مثلاً، ولا يشبِّهونها بشيء من نزول البشر ولا غيرهم، بل يقولون كما قال الإمام مالك في كلمته الشهيرة لما سئل عن معنى الاستواء على العرش في قوله: ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ [طه: 5]، قال مالك بن أنس رحمة الله عليه: "الاستواء معلوم (يعني نعرف معناه في لغة العرب، ونعرف ثبوته لله عز وجل)، والكيف مجهول (يعني لا نقدر أن نعرف كيفيته من الله سبحانه) والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة. انتهى

 

فالشاهد من هذا كله أن القرب من الله عز وجل جائز، قربًا يليق به، وبجلاله وكماله عزّ وجلّ.

 

رابعًا: من تكلم في رواية شريك القاضي وأعلَّها، من العلماء والحفاظ، قالوا: إن شريكًا ساء حفظه في آخر عمره، وهذه الرواية تفرد بها عن أنس، يعني: لم يأتِ أحد بمثل هذه الرواية من جهة ألفاظها، وإلا فالقصة محفوظة صحيحة من وجوه أخرى، عن أنس، وعن صحابة آخرين.

 

والسؤال الآن: هل فعلاً تفرَّد شريك بهذه الرواية عن أنس؟! والجواب أنْ لا - وراجع كتابنا "الإسراء والمعراج دراسة حديثية" هنا على شبكة الألوكة -، فلقد تابع شريكًا (يعني رواها بمثل روايته) عن أنس راوٍ يُقال له: "كثير بن خنيس"، كما في كتاب التوحيد لابن خزيمة، وكثيرٌ هذا صدوقٌ، مستقيم الحديث، وكذلك تابعهما راوٍ اسمه: "ميمون بن سياه"، كما في كتاب تهذيب الآثار للطبري، وإسناد الرواية ضعيف، لكنْ ميمون لا بأس به في المتابعات والشواهد، واستشهد به البخاري في صحيحه، يعني أن شريكًا لم يتفرد بالرواية، بل ربما يكون كلامه أن التدلي من الله عزّ وجلّ صحيحًا أيضًا، وأن كلام بعض الحفاظ أنه تفرد بها غير سديد، نعم، هناك ألفاظ في الرواية يمكن القطع أن شريكًا أخطأ فيها؛ مثل ذكره أن نهر الكوثر في السماء الدنيا، والصحيح أنه في الجنة، لكن ما يُهمنا في هذا الأمر أن هناك راويًا واحدًا صدوقًا (على الأقل) قد تابعه على كون التدلي كان من الله عز وجل.

 

خامسًا: ستقول لي الآن: قد صح عن عائشة وابن مسعود رضي الله عنهما أنهما فسرا التدلي في الآية في سورة النجم أنه كان من جبريل عليه السلام، وأنا أقول لك: قد صحّ - أيضًا - عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ﴾ [النجم: 13] قَالَ: "دَنَا مِنْهُ رَبُّهُ عزّ وجلّ مَرَّتَيْنِ"، كما ذكره الذهبي في العلو له، وعزاه ابن حجر للبيهقي بعد أن حسَّن إسناده.

 

وكذلك أن محمدًا صلى الله عليه وسلم لم يرَ ربه أصلاً ليلة المعراج، وهذا صحيح، لا شك فيه، ونحن لا ننازع في أن محمدًا صلى الله عليه وسلم رأى ربه، فالصحيح أنه لم يره.

 

ولا يلزم من كون رب العزة سبحانه دنا فتدلى أن يكون محمد رآه؛ لأنه قال: ﴿ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ﴾ [النجم: 9]، وبينهما حجاب النور والعظمة والكبرياء.

 

ويمكن كذلك أن نستنبط من الحديث أن من دنا هو الله عزّ وجلّ؛ لأن جبريل كان مصاحبًا لمحمد عليه الصلاة والسلام طَوال الرحلة، فكان قريبًا منه أصلاً، فما وجه أن يذكر في الآية أنه قرب منه؟!

 

والمقصود أن من ذهب إلى أن التدلي إنما هو من الله سبحانه، ومِن ثَمّ يُثبت له هذه الصفة، فلا نكران لسعيه واجتهاده، ومعه وجه من الأدلة اللغوية والشرعية، والله أعلم.

 

سادسًا: هذا، وقد ناقشت شيخنا محمد حسان - شفاه الله - وحفظه منذ سنين في هذه اللفظة في دروس العقيدة، وكنت أذهب مذهب أن شريكًا قد أخطأ في كون التدلي من الله عز وجلّ، فأخذ الشيخ بيدي، وقال لي ونحن نصعد سُلم المسجد: "طالما ثبتت الصفة عن رب العزة، فأثبتها له"، أو كما قال الشيخ حفظه الله وشفاه وعافاه، آمين.

 

وهذا هو المقصود، أن من رأى أن هذه اللفظة صحيحة، وأن شريكًا لم يخطئ فيها، فله أن يثبتها، ولا شيء في ذلك، فإثبات الصفات أمر معروف عند أهل السنة ولله الحمد، وقد بينَّا أنهم يثبتون الصفة ولا يكيفونها ولا يؤولونها ليصرفوها عن معناها الحقيقي، ولا يشبهونها بصفات البشر، وقد بينا معنى التدلي عند العرب، وهي كلمة مشهورة حتى في الآثار والأحاديث، ولو استدللنا على ثبوتها عند العرب لسوَّدنا في ذلك صحفًا وأوراقًا كثيرة.

 

فالخلاصة: يا مَن أنت مِن أهل العلم، أو مِن حملته، أو ممن يتبعون الفريق الأول، إن قلت: إن هذه اللفظة خطأ ولا تثبت، فلا تثريب عليك إن اجتهدت بعلم وفَهم وصلك لهذا، أو اتبعت وقلدت أهل العلم الثقات الذين يقولون بذلك، وإن كنت مع الفريق الثاني أو منه، وأثبتَّ هذه الصفة لله سبحانه، فلا شيء عليك - أيضًا - ولك وجه وحجة في ذلك، المهم ألا تنكر بلا دليل، أو تقدم عقلك في كل كبير وصغير، وتتَّبع هواك فيُضلك عن السبيل.

 

سابعًا: وكما ذكرنا أن من أهل العلم من استنكر هذه الرواية أصلاً؛ ومنهم: ابن حزم، والخطابي شارح البخاري رحمهما الله، الذي شنع جدًّا في إنكارها، وردّ عليه الحافظ في فتحه، مع تحفظنا على اختياره مذهب التأويل للصفات، فقال في الفتح: "وقَد أَزالَ العُلَماء إِشكاله، فَقالَ القاضِي عِياض فِي الشِّفاء: إِضافَة الدُّنُوّ والقُرب إِلَى الله تَعالَى أَو مِنَ الله، لَيسَ دُنُوّ مَكان ولا قُرب زَمان؛ وإِنَّما هُو بِالنِّسبَةِ إِلَى النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم إِبانَة لِعَظِيمِ مَنزِلَته، وشَرِيف رُتبَته، وبِالنِّسبَةِ إِلَى الله عزّ وجلّ تَأنِيس لِنَبِيِّهِ وإِكرام لَهُ، ويُتَأَوَّل فِيهِ ما قالُوهُ فِي حَدِيث: ((يَنزِل رَبُّنا إِلَى السَّماء))، وكَذا فِي حَدِيث: ((مَن تَقَرَّبَ مِنِّي شِبرًا، تَقَرَّبت مِنهُ ذِراعًا))، وقالَ غَيره: الدُّنُوّ مَجاز عَن القُرب المَعنَوِيّ؛ لإِظهارِ عَظِيم مَنزِلَته عِند رَبّه تَعالَى، والتَّدَلِّي طَلَب زِيادَة القُرب، وقابَ قَوسَينِ بِالنِّسبَةِ إِلَى النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم عِبارَة عَن لُطف المَحَلّ وإِيضاح المَعرِفَة، وبِالنِّسبَةِ إِلَى الله إِجابَة سُؤاله ورَفع دَرَجَته"؛ انتهى، والصحيح أن القرب من الله يُحمَل على ظاهره، ولا يكيف، ولا يشبه، حتى يأتي دليل يدل على أن الدنو المذكور معناه الرحمة، أو هو مجاز عن التأنيس والإكرام للنبي صلّى الله عليه وسلّم، والله أعلم.

 

ثامنًا وأخيرًا: فها هو النقاش العلمي المنصف، الذي لا يسد باب الاجتهاد، ولا يفتح أبواب الفتن والفساد، ولا يقف أمام تصورات العقل، ولا يتركه فيجمح جماحًا يحجب النقل، وما كان هناك داعٍ لتكذيب كلام، أو اتهام أفهام، ولا رمي ببهتان، وربما لو سألت عالمًا، أو ناقشت متفهمًا، لاختلف رجحان الميزان، واتهم نفسك بالتقصير، وسل ربك الزيادة في العلم، ولا تعجل، فربما خانتك نفسك، وأعمى الشيطان بصرك، ولا تتهم سلفك؛ البخاري، وغيره، واقصد فيهم دائمًا قول ربك:

﴿ وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10].

 

يتبع...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ليس دفاعا عن البخاري وصحيحه! (1)
  • ليس دفاعا عن البخاري وصحيحه! (2)
  • ليس دفاعا عن البخاري وصحيحه! (3)
  • ليس دفاعا عن البخاري وصحيحه (5)
  • ليس دفاعا عن البخاري (6)

مختارات من الشبكة

  • تضرع وقنوت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ليس بحاجة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • حديث: إذا حرم الرجل امرأته ليس بشي(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • الحديث: إنه ليس بك على أهلك هوان، إن شئت سبعت لك(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • ليس لك من الأمر شيء(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • "الذيل على المحاضرات والمحاورات" ليس للسيوطي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الإسلام ليس فيه إجحاف أو ظلم أو محاباة بل كله عدل ومساواة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • "رمضان ليس من أجل رمضان، رمضان من أجل بقية السنة"(مقالة - ملفات خاصة)
  • ليس البر والتقوى... (تأمل في المدلول)(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالله بن ضيف الله الرحيلي)

 


تعليقات الزوار
5- حديث القردة
محمود أبومسلم - مصر 13-08-2015 02:51 PM

أستاذ محمد رشاد
تم الجواب عن حديث القردة في المقال الثالث وإن شاء الله تستمر السلسلة قريبا

4- أرجو عمل سلسلة للدفاع عن البخاري وتحديدا الأحاديث التالية
محمد رشاد - مصر 15-03-2015 05:00 AM

أرجو من سيادتك عمل سلسلة سريعة مختصرة للدفاع عن الأحاديث التي يتم التشكيك فيها في البخاري مثل حديث رجم القردة وحديث اغتسال السيدة عائشة من وراء حجاب وحديث أن الرسول كاد يلقي نفسه من فوق شاهق، حتى لا تترك الساحة للعلمانين رجاء الموضوع شديد الأهمية.

3- شكر وتحية
خالد - الرياض - السعودية 24-11-2014 12:51 PM

جزاكم الله خيراً
وشكراً جزيلاً للإخوة القائمين على موقع الألوكه، وشكر للأستاذ محمود أبومسلم.
اللهم ارض عن إمامنا محمد بن إسماعيل البخاري واجمعنا به مع الرسول صلى الله عليه وسلم في الجنة، آمين.

2- شكرا
محمود أبومسلم - مصر 13-11-2014 07:40 AM

شكرا على المتابعة والتصحيح بارك الله فيك أبا عمر ..

1- لزم التصحيح
أبو عمر الرياض 13-11-2014 03:27 AM

جانب الأخ الفاضل الصواب في تعين راوي الحديث
قوله -حفظه الله-:"شريك بن أبي نمر (المعروف بشريك القاضي)".
قال أبو عمر عفا الله عنه: شريك بن أبي نمر، غير شريك القاضي، وبيان ذلك:أن شريك بن أبي نمر، هو شريك بن عبد الله بن أبي نمر القرشي، أبو عبد الله المدني.وقال الواقدي: الليثي من أنفسهم.كما قال المزي في "تهذيب الكمال"(12/ 475).وقال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (6/ 159):"شريك بن عبد الله بن أبي نمر المدني". أما شريك القاضي فهو شريك بن عبد الله بن أبي شريك النخعي، أبو عبد الله الكوفي القاضي. كما قال المزي في "تهذيب الكمال"(12/ 462-463). وقال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (8/ 200):"شريك بن عبد الله أبو عبد الله النخعي القاضي"، فتبين من ذلك، خطأ أن يقال: شريك بن أبي نمير،(المعروف بشريك القاضي). وهنا سؤال من هو راوي هذا الحديث، هل هو شريك بن عبد الله بن أبي نمير، أم شريك بن عبد الله القاضي؟
الجواب: أنه يقيناً شريك بن عبد الله بن أبي نمير، وذلك: 1- أن شريك بن عبد الله بن أبي نمير، أخرج له البخاري في صحيحه كما ذكر المزي في "تهذيب الكمال"، وفروعه، أما شريك بن عبد الله القاضي،فرمز له في "التهذيب" وفروعه برمز:(خت) الدال عندهم بأن البخاري أخرج له تعليقاً.
2- أن عند البخاري (7517):حدثنا عبد العزيز بن عبد الله، حدثني سليمان، عن شريك بن عبد الله، أنه قال: سمعت أنس بن مالك ...فذكره. قال الحافظ ابن حجرفي "فتح الباري" (13/ 480):"حديث أنس في المعراج أورده من رواية شريك بن عبد الله أي بن أبي نمر بفتح النون وكسر الميم وهو مدني تابعي يكنى أبا عبد الله وهو أكبر من شريك بن عبد الله النخعي القاضي". وقال أيضاً في "فتح الباري" (13/ 50)
:"قوله عن شريك بن عبد الله هو بن أبي نمر ولم يخرج البخاري عن شريك بن عبد الله النخعي القاضي شيئاً".
ومن هنا يتبين خطأ الأخ الفاضل في قوله:"وهذه الرواية أخرجها البخاري في كتاب التوحيد، في آخر الصحيح: "باب قوله: وكلّم الله موسى تكليمًا"، وأخرجها البخاري من طريق سليمان بن بلال، عن شريك بن عبدالله القاضي، عن أنس بن مالك رضي الله عنه".
3- أن شريك بن عبد الله بن أبي نمير تابعي يروي عن أنس بن مالك، وصرح بالسماع منه، بينما شريك بن عبد الله القاضي ذكر الحافظ في "التقريب" أنه من الثامنة، أي من الطبقة الوسطى من أتباع التابعين، فكيف يروي عن أنس رضي الله عنه، ويقول سمعت أنس بن مالك، كما روى البخاري في صحيحه.
هذا ما أردت بيانه.فلزم التصحيح. والله أعلم.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب