• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

أموال الزكاة الظاهرة والباطنة

أموال الزكاة الظاهرة والباطنة
د. أحمد بن محمد الخليل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/4/2014 ميلادي - 12/6/1435 هجري

الزيارات: 50585

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أموال الزكاة الظاهرة والباطنة


اتفق الفقهاء على تقسيم الأموال الزكوية إلى ظاهرة وباطنة[1]، وإنما وُجد الخلاف عند بعض الفقهاء المعاصرين، كما سيأتي.

 

وفيما يلي تعريف الأموال الظاهرة والباطنة:

المطلب الأول: التعريف العام:

لم يرد مصطلح: [الأموال الظاهرة والباطنة] في الكتاب والسنة، ولا في عصر الصحابة، ولكن درج الفقهاء على استعماله في مصنفاتهم.


وممن عرَّفها من الفقهاء القاضي أبو يعلى، فقال: "والأموال المزكاة ضربان: ظاهرة وباطنة.


فالظاهرة: ما لا يمكن إخفاؤه: من الزروع، والثمار، والمواشي.


والباطنة: ما أمكن إخفاؤه: من الذهب، والفضة، وعُروض التجارة.


وليس لوالي الصدقات نظر في زكاة المال الباطن، وأربابُه أحق بإخراج زكاته منه، إلا أن يبذلها أرباب الأموال طوعًا، فيقبلها منهم، ويكون في تفرقتها عونًا لهم، ونظره مخصوص بزكاة المال الظاهر، يؤمر أرباب الأموال بدفعها إليه إذا طلبها، فإن لم يطلبها جاز دفعها إليه"[2].


وعرَّفها بعض الفقهاء بتعدادها:

قال ابن قدامة: "الأموال الظاهرة وهي السائمة والزروع والثمار"[3].

 

وقال في الأموال الباطنة:

إنها "الأثمان، وعروض التجارة".


ونحوه في الكافي[4]، والمبدع[5]، والأم[6]، وإعانة الطالبين[7]، والمجموع[8]، والكافي لابن عبدالبر[9]، والدر المختار[10].


أي: إن التعداد متقارب في المذاهب الأربعة، وسيأتي تحرير تَعدادها إن شاء الله.


وعرفها أبو زهرة من المعاصرين بقوله:

"الأموال التي كان يجمع عثمان - رضي الله عنه - منها الزكاة، سميت الأموال الظاهرة، والأخرى باطنة، ولا شك أن تسمية الأولى ظاهرة، والأخرى باطنة، واضح من ذات الأموال، فالنَّعَم لا تخفى على الناس، ووالي الصدقات يحصيها، والأخرى لا يمكن معرفتها إلا بمحاولات للتعرف، وقد يكون من سُبل ذلك التجسس؛ لمعرفة ما يُهرب أو يخفى من الأموال"[11].


وعرفها الدكتور القرضاوي بقوله: "الظاهرة: هي التي يمكن لغير مالكها معرفتها، وإحصاؤها، وتشمل الحاصلات الزراعية من حبوب وثمار، والثروة الحيوانية من إبل، وبقر، وغنم، والأموال الباطنة: هي النقود وما في حكمها، وعُروض التجارة"[12].


ومن خلال ما سبق يظهر جليًّا أن:

ضابط الأموال الظاهرة: [ما لا يمكن إخفاؤه].

أما الأموال الباطنة فهي: [ما أمكن إخفاؤه].


أي: إن الأموال الظاهرة يستطيع والي الصدقات أن يحصيها، ويعرفها، ولا يحتاج في ذلك إلى مالكها؛ فهي لا تخفى على الناس.


بعكس الباطنة، فلا يمكن معرفتها إلا عن طريق المالك.


المطلب الثاني: ضبطها وتعدادها:

تبين مما تقدم في المطلب الأول أن الأموال الظاهرة عند الجمهور هي:

1- السائمة.

2- الزروع.

3- الثمار.


أما الأموال الباطنة فهي:

1- الأثمان.

2- عروض التجارة.


لكن هذا التعداد لم يتفق عليه أهل العلم، بل اختلف الفقهاء في ذلك على ثلاثة أقوال كما يلي:

القول الأول:

مذهب الجمهور[13]، وهو أن الأموال الظاهرة هي:

1- السائمة.

2- الزروع.

3- الثمار.


والأموال الباطنة:

1- عروض التجارة.

2- الذهب والفضة[14].


واختار هذا القول من المحققين: شيخ الإسلام ابن تيمية[15]، وتلميذه ابن القيم[16].


أدلة القول الأول:

لم أجد أحدًا من الفقهاء نصَّ على الأدلة، ولكن من الواضح أنهم يستدلون بأن الظاهرة اعتبرت كذلك؛ لأنه لا يمكن أن تخفى؛ أي: يستدلون بحقيقتها بحسب الواقع، والعكس صحيح بالنسبة للباطنة.


القول الثاني:

أن الأموال الباطنة هي: الذهب والفضة فقط، وما عداه فهو من الظاهرة.


وهذا مذهب أبي الفرج الشيرازي من الحنابلة[17].


أدلة القول الثاني:

لم أجد لهذا القول دليلاً منصوصًا، ولكن لعله يُسْتَدَل له بأن: عروض التجارة مشاهَدة معلومة؛ فهي من الظاهرة، وليست من الباطنة، باعتبار أن الباطنة لا تُعلم ولا تُشَاهَد.


وستأتي مناقشة هذه المسألة إن شاء الله.


القول الثالث:

كمذهب الجمهور، إلا أن الذهب والفضة وعروض التجارة تعتبر من الظاهرة إذا مر بها التاجر على العاشر[18]، ومن الباطنة في موضعها، وهو مذهب الحنفية[19].


أي: إذا خرَج التاجر بماله من بلد إلى بلد، فإنه سيمر في طريقه على العاشر الذي نصَّبه الإمام، وحينئذ تصبح أموالُهم ظاهرة.


أدلة القول الثالث:

الدليل الأول:

استدل الأحناف على قولهم هذا بإجماع الصحابة.


قال الكاساني بعد أن ذكر أن المال الباطن إذا مر به التاجر على العاشر صار ظاهرًا، قال: "وعليه إجماع الصحابة رضي الله عنهم؛ فإن عمر - رضي الله عنه - نصَّب العُشَّار وقال لهم: خذوا من المسلم رُبُع العشر، ومن الذمي نصف العشر، ومن الحربي العشر، وكان ذلك بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم، ولم ينقل أنه أنكر عليه واحد منهم، فكان إجماعًا"[20].


الدليل الثاني:

وهو من النظر، وخلاصته أن ولاية الأخذ ثبتت للسلطان مقابل الحماية التي يقدمها للتجار.


قال في البحر الرائق: "وحاصله أن مال الزكاة نوعان؛ ظاهر: وهو المواشي، والمال الذي يمر به التاجر على العاشر، وباطن: وهو الذهب والفضة وأموال التجارة في مواضعها.


أما الظاهر فللإمام ونوابه - وهم المُصَدِّقُونَ من السعاة والعُشَّار - ولايةُ الأخذ؛ للآية ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾ [التوبة: 103]، ولجعله للعاملين عليها حقًّا، فلو لم يكن للإمام مطالبتُهم لم يكن له وجه، ولِما اشْتُهر من بعثه - عليه الصلاة والسلام - للقبائل لأخذ الزكاة، وكذا الخلفاء بعده، حتى قاتل الصِّدِّيق مانعي الزكاة، ولا شك أن السوائم تحتاج إلى الحماية؛ لأنها تكون في البراري بحماية السلطان، وغيرها من الأموال إذا أخرجه في السفر احتاج إلى الحماية، بخلاف الأموال الباطنة إذا لم يخرجها مالكها من المصر لفقد هذا المعنى"[21].


وقال الكاساني: "وكذا المال الباطن، إذا مر به التاجر على العاشر كان له أن يأخذ في الجملة؛ لأنه لما سافر به وأخرجه من العمران صار ظاهرًا، والتحق بالسوائم؛ وهذا لأن الإمام إنما كان له المطالبة بزكاة المواشي في أماكنها لمكان الحماية؛ لأن المواشي في البراري لا تصير محفوظة إلا بحفظ السلطان وحمايته، وهذا المعنى موجودٌ في مال يمر به التاجر على العاشر، فكان كالسوائم"[22].


الجواب عن أدلتهم:

ما ذكره الأحناف من أن الصحابة أجمعوا أن الأخذ من التجار إذا خرجوا بأموالهم الباطنة، وأنها تصبح حينئذ ظاهرة خطأٌ ظاهر؛ فإن السنة واضحة في أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يأخذ الزكاة من الماشية والزروع دون غيرها.


قال أبو عبيد:

"أما ما ذكر في الماشية: أن الصدقة لم تكن تؤخذ من ديونها[23]، فهو كما قال، ولا تنازَعَ المسلمون في ذلك قط، ولكن هذا نسي ما يدخل عليه؛ أنه جعل دين الصامت قياسًا على الحيوان، وقد فرقت السنَّة بينهما، ألا ترى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد كان يبعث مُصَدِّقِيه إلى الماشية، فيأخذونها من أربابها بالكره منهم والرضا، وكذلك كانت الأئمة بعده، وعلى منع صدقة الماشية قاتلهم أبو بكر، ولم يأتِ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد بعده أنهم استكرهوا الناس على صدقة الصامت إلا أن يأتوا بها غير مكرهين، وإنما هي أماناتهم يؤدونها، فعليهم فيها أداء العَين والدَّين؛ لأنها ملك أيمانهم، وهم مؤتمنون عليها.


وأما الماشية فإنها حكم يحكم بها عليهم، وإنما تقع الأحكام فيما بين الناس على الأموال الظاهرة، وهي فيما بينهم وبين الله على الظاهرة والباطنة جميعًا، فأي الحكمين أشد تباينًا مما بين هذين الأمرين؟!


ومما يفرق بينهما أيضًا: أن رجلاً لو مر بماله الصامت على عاشر، فقال: ليس هو لي، أوْ قد أديتُ زكاته، كان مصدَّقًا على ذلك، ولو رب الماشية قال للمُصَدِّق: قد أديت ماشيتي كان له ألا يقبَلَ قوله، وأن يأخذ منه الصدقة، إلا أن يعلم أنه قد كان قبله مصَدِّق، في أشباه لهذه كثيرة"[24].


وقال ابن قدامة:

"والفرق بين الأموال الظاهرة والباطنة أن تعلق الزكاة بالظاهر آكد؛ لظهورها وتعلق قلوب الفقراء بها؛ ولهذا يشرع إرسال من يأخذ صدقتها من أربابها، وكذلك الخلفاء بعده، وعلى منعها قاتَلهم أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - ولم يأتِ عنه أنهم استكرهوا أحدًا على صدقة الصامت، ولا طالبوه بها إلا أن يأتي بها طوعًا، ولأن السُّعاة يأخذون زكاة ما يجدون، ولا يَسألون عما على صاحبها من الدَّين"[25].


وقال ابن القيم:

"ولم يكن من هديه أن يبعث سعاته إلا إلى أهل الأموال الظاهرة من المواشي، والزروع والثمار"[26].


أما تعليلهم أن الأخذ في مقابلة الحماية، فهو قياس في مقابلة النص، فهو غير مقبول، ولو فرضنا أن أخذه - صلى الله عليه وسلم - في مقابلة الحماية، فإنه لم يكن يأخذ من غير الأموال الظاهرة، مع أنه لا يخلو التجار من سفر في وقته - صلى الله عليه وسلم.


مقارنة وترجيح:

الأقرب قول الجمهور؛ فإن السنة صريحة أنه - صلى الله عليه وسلم - يرسل الجباة لأخذ الزكاة في صنفين فقط، هما: الزروع والثمار، والمواشي.


فمن أدلة السنة على ذلك:

1- عن أبي موسى ومعاذ بن جبل حين بعثهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن يعلمان الناس أمر دينهم: ((لا تأخذوا الصدقة إلا من هذه الأربعة: الشعير والحِنطة والزبيب والتمر))[27].


2- عن عتَّاب بن أَسيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في زكاة الكَرْم: ((تُخْرَص كما يُخرص النخل، ثم تؤدَّى زكاته زبيبًا، كما تؤدى زكاة النخل تمرًا))[28].


3- عن خبيب بن عبدالرحمن يحدث عن عبدالرحمن بن مسعود بن نيار عن سهل بن أبي حثمة قال: أتانا ونحن في السوق فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث، فإن لم تأخذوا أو تدعوا الثلث - شك شعبة في الثلث - فدَعُوا الربع))[29].


4- عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((تؤخذ صدقاتُ أهل البادية على مياههم وأفنيتهم))[30].


5- سالم بن عبدالله عن أبيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أقرأني سالم كتابًا كتبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصدقات قبل أن يتوفاه الله، فوجدتُ فيه: ((في أربعين شاة شاة، إلى عشرين ومائة، فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى مائتين، فإن زادت واحدة ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة، فإذا كثرت ففي كل مائة شاة، ووجدت فيه: لا يُجمَع بين متفرق، ولا يفرَّق بين مجتمِع، ووجدت فيه: لا يؤخذ في الصدقة تيس ولا هرمة ولا ذات عوار))[31].


وهو أمر معروف عند الفقهاء كما تقدم النقل عن أبي عبيد وابن قدامة وابن القيم.


بناء على ما سبق، فإن ما ذهب إليه الجمهور في تحديد الأموال الظاهرة والباطنة هو الأقرب.


تعقيب على رأي بعض الباحثين المعاصرين:

اتجه بعض الباحثين المعاصرين إلى عدم اعتبار عروض التجارة من الأموال الباطنة.


يقول د. القرضاوي: "ربما أصبحت عروض التجارة في عصرنا أشد ظهورًا وبروزًا للفقراء وغيرهم من الأنعام والزروع"[32].


ويقول د. رفيق المصري:

تُرى لماذا اعتُبِرت أموالاً باطنة عند جمهور العلماء؟ لم أجد طرحًا لهذه المسألة عند المعاصرين، وقد ظننت أولاً أني أول من طرحها، لكني وجدت بعد ذلك كلامًا للإمام النووي فيها، قال: "إنما كانت عروض التجارة من الأموال الباطنة، وإن كانت ظاهرة؛ لكونها لا تعرف للتجارة أم لا، فإن العروض لا تصير للتجارة إلا بشروط سبقت في بابها، والله أعلم".


وفي هذه الشروط قال: "لا تصير العروض للتجارة إلا بشرطين، أحدهما: أن يملكه بعقد يجب فيه عِوَض، كالبيع، والثاني: أن ينوي عند العقد أنه تملَّكه للتجارة".


وهذا ظاهر بالنسبة لمن يتَّجِر سرًّا في منزله، أو يتجر بسلعة قليلة (تاجر غير محترف)، أما التاجر المحترف الذي يتجر اليوم علنًا في محل تجاري متخذ لغرض التجارة وبسلع ظاهر أنها للتجارة، لا للقُنية، وبصورة معتادة ومتكررة ومنتظمة، ويمسك دفاتر تجارية، وحاصل على ترخيص، ومسجل بالسجل التجاري على سبيل الإشهار والتنظيم، وربما تكون منشأته كبيرة، بل ذات فروع وأقسام متعددة في الداخل والخارج، فمن الواضح أن عروض هذا التاجر تصبح على هذا الأساس أموالاً ظاهرة؛ لأن النية لم تعُدْ خافية، بل صارت هناك قرائن ظاهرة تدل عليها، وتقوم مقامها، وقد تطورت المحالُّ والأسواق التجارية في عصرنا هذا تطورًا كبيرًا، حتى صارت ظاهرة جدًّا، ومتلألئة بالأنواع والتزيينات والديكورات التي تخطف أبصار المارة.


فعروض التجارة اليوم كلها أموال ظاهرة، إلا في حالات فردية، كمن يَتَّجِر بصورة عارضة، بسلعة واحدة، أو بسلع قليلة أو يتجر في بيته، أو في الطريق بدون اتخاذ محل أو مكتب تجاري، أو الحصول على ترخيص، أو قيد في السجل التجاري.


وعليه، يمكن القول بأنه كان الأصل في عروض التجارة قديمًا أنها من الأموال الباطنة؛ فإن الأصل فيها حديثًا أنها من الأموال الظاهرة؛ لظهور قرائن كثيرة تكشف عن نية صاحبها.


ولعل حصرها في معارضها ومخازنها أسهل من حصر السوائم على مياهها وأفنيتها، فلماذا لا تكون ظاهرة كالسوائم على الأقل؟


ثم إن هذه المشكلة مشكلة النية التي يلتبس معها على الساعي: هل هذا المال مملوك بالتجارة فَيُزَكَّى، أم هو مملوك للقنية فلا يزكَّى؟ هذه المشكلة تَرِد أيضًا بحق السوائم، مع أن الفقهاء اعتبروها أموالاً ظاهرة بالإجماع؟ ذلك لأن السوائم قد تكون أيضًا عاملة متخذة للحمل أو الركوب، أو الحرث، أو السقي، فلا تزكى، أو تكون نامية متخَذَة للنماء فتزكَّى عند الجمهور.


ربما يقال أيضًا في سبب اعتبار عروض التجارة أموالاً باطنة أنها كانت في أزمنة الاجتهاد الفقهي السابق عروضًا مختزَنة غير معروضة، ومبعثرة غير مركَّزة، وقليلة غير كثيرة، أما اليوم فإنَّ عَرْض السلع بالطرق المشاهدة في أيامنا صار فنًّا يُغْري بشرائها ويثير الطلب عليها[33].


وإذا أردنا تلخيص كلام الباحثين السابقين في نقاط فستكون كما يلي:

1- عروض التجارة في عصرنا أشد ظهورًا من الأنعام والزروع.


2- أن الجمهور اعتبروها باطنة بالنظر إلى خفاء نية المشتري، واليوم لم تَعُد النية خافية مع وجود الترخيص والسجل التجاري.


3- اختلاف طريقة عرض السلع في زمن الفقهاء السابقين عنه في وقتنا.


هذه النقاط هي خلاصة ما اعترض به بعض المعاصرين على من رأى من الفقهاء أن عروض التجارة من الباطنة، وسنجيب عنها بما يلي:

1- ليست العلة في اعتبار عروض التجارة من الأموال الباطنة هي شدة الظهور أو عدمه؛ فإن التجارة في وقت الفقهاء السابقين وفي وقتنا تتخذ نفس الصورة في الجملة، يعني أن الاختلاف في الشكل والمظهر وزيادة الاتساع بشكل كبير.


أما الظهور - بحد ذاته - فقد كان موجودًا في زمن الفقهاء السابقين، بل في زمنه - صلى الله عليه وسلم - يكون التاجر له محل تجاري، وعنده بضاعة معروضة كثيرة أو قليلة ظاهرة منظورة لكل الناس، وقد يكون في زمنه - صلى الله عليه وسلم - وفيما بعده أشد ظهورًا من الأنعام في بعض الصور، ولم يجعلها ذلك من الظاهر.


2- وأيضا ليست العلة في كونها باطنة خفاء نية المشتري، بل الأقرب دليلاً أنه لا يُشترَط في عروض التجارة أن يشتريها بنيَّة عروض التجارة.


وعلى كلٍّ، لسنا في مقام مناقشة هذه المسألة، لكن المقصود أن النية ليست هي العلة التي يعلق بها الحكم.


3- أما طريقة عرض السلع فلا أظنه مما نحن فيه بشيء، ولعل ذِكْرَه يغني عن ردِّه؛ لوضوح ضعفه.


بقينا في العلة الصحيحة لجعل عروض التجارة من الباطنة:

لعل أقرب الأقوال في هذه العلة أنها اعتُبِرت باطنة بالنظر إلى القيمة، لا إلى أعيان عروض التجارة، وهذا ما أشار إليه المرداوي حين قال في الإنصاف[34]: "والباطنة في الأثمان، وقيمة عروض التجارة"، فقال: "قيمة عروض".


وقال الخرشي من المالكية: "ودخل في العين عرض التجارة؛ لأن المزكى إنما هو ثمنه أو قيمته، وكلاهما عين"[35].


ومما يؤكد ذلك أن الزكاة تتعلق بقيمة عروض التجارة.


قال في المغني[36]: "تجب الزكاة في قيمة عروض التجارة".


بل ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يجوز إخراج الزكاة من عين عروض التجارة، بل من قيمتها[37].


وهذا كله يدل على أن النظر في باب الزكاة إلى قيمة العروض لا إلى العروض نفسها، وإذا ثبت ذلك، فإن قيمة عروض التجارة من الباطن الذي لا يمكن الاطلاع عليه كما لا يخفى، بل قد يكون عند التاجر عروض كثيرة جدًّا مشاهَدة، وهو في واقع الحال مُفْلِس زادت ديونه عن موجوداته.


وبهذا الاعتبار يصح جعل عروض التجارة من الأموال الباطنة.


وهناك علة أخرى لا تقل قوة عن سابقتها:

وهي أن الأموال الباطنة تتميز بأنها تنمو بالتصرف والتقليب، بخلاف الأموال الظاهرة، فهي تنمو بنفسها[38]، فهذه علة قوية يبنى عليها التفريق بين الأموال الظاهرة والباطنة على مذهب الجمهور.


وقد ذكر القرافي في الذخيرة فروقًا بين الأموال الظاهرة والباطنة يحسن نقلها هنا.


قال رحمه الله: والفرق بين النقد والحرث والماشية من ثلاثة أوجه:

الأول: "أن النقد هو موكول إلى أمانة أربابه؛ فيُقبَل قولهم في الديون كما يُقبَل قولهم في ماله بخلافهما ما لم يوكلا إليها لم يُقبل قولهما في الدين؛ تسوية بين الصورتين.


الثاني: أنهما ينميان بأنفسهما، فكانت النعمة فيهما أتم؛ فقوي إيجاب الزكاة شكرًا للنعمة، فلا يؤثر في سقوطها الدَّين، بخلاف النقد.


الثالث: أن النقد لا يتعين بالحقوق المتعلقة به؛ فهي متعلقة بالذِّمم، والدَّين في الذمة؛ فاتحد المحل فتدافع الحقان؛ فرجح الدَّين لقوَّته بالمعاوضة، والحرث والماشية يتعيَّنان والديون في الذمم؛ فلا منافاة"[39]، والله تعالى أعلم.



[1] انظر: المراجع التالية، وانظر: الندوة الخامسة لبيت الزكاة ص505.

[2] الأحكام السلطانية ص115.

[3] المغني 4/264.

[4] 1/281.

[5] 2/300.

[6] 2/72.

[7] 2/211.

[8] 6/145.

[9] 1/413.

[10] 2/288.

[11] التوجيه التشريعي محمد عبدالرحمن بيطار 2/149، وانظر: بحوث في الزكاة د. رفيق المصري ص204.

[12] فقه الزكاة 2/758.

[13] انظر: المراجع المذكورة في المطلب الأول.

[14] أما المعدن ففيه وجهان عند الحنابلة، الأول: من الظاهرة، والثاني: من الباطنة، قال المرداوي: وهو الصواب؛ لأنه أشبه بالأثمان، وعروض التجارة من غيرها؛ تصحيح الفروع 3/458.

وعند الشافعية هو من الظاهرة؛ الأم 2/78، المجموع 6/145.

[15] مجموع فتاوى ابن تيمية 25/45.

[16] زاد المعاد 2/10.

[17] الإنصاف مع الشرح الكبير 6/342.

[18] العاشر: هو من نصَّبه الإمام على الطريق ليأخذ الصدقات من التجار المارين بأموالهم؛ تبيين الحقائق 1/282، البحر الرائق 2/248.

[19] المبسوط 2/200، البحر الرائق 2/248، حاشية ابن عابدين 2/248.

[20] بدائع الصنائع 2/53.

[21] البحر الرائق 2/248.

[22] بدائع الصنائع 2/53.

[23] السياق في الرد على من قاس زكاة الدين في الصامت على عدم أخذ الزكاة من ديون الحيوان، مثل: الديات، أو الأسلاف، وإنما نقلتُ ما يتعلق بمسألة الخروج بالتجارات.

[24] الأموال ص: 443.

[25] المغني 4/265.

[26] زاد المعاد 2/10.

[27] المستدرَك على الصحيحين 1/558.

[28] صحيح ابن خزيمة 4/41.

[29] المستدرك على الصحيحين 1/558.

[30] المنتقى لابن الجارود 1/95.

[31] سنن ابن ماجه 1/577.

[32] فقه الزكاة 1/158.

[33] الندوة الخامسة لقضايا الزكاة المعاصرة 1415هـ، ص264.

[34] 6/342.

[35] حاشية الخرشي على خليل 2/486.

[36] 4/248.

[37] المغني 4/250، بداية المجتهد 1/260، الروضة 2/273.

[38] روضة الطالبين 2/197، الذخيرة 2/411، المجموع 5/344.

[39] الذخيرة 2/411.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الزكاة.. وجوبها وأحكامها
  • شعيرة الزكاة
  • الزكاة
  • من يعطون الزكاة؟
  • مصارف الزكاة
  • تأثير الديون على الزكاة في الأموال الباطنة
  • في الزكاة
  • من آثار الزكاة الاجتماعية
  • حكم الزكاة
  • الزكاة
  • مسائل في دفع الزكاة للمدين

مختارات من الشبكة

  • أقسام الزكاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أفي المال حق سوى الزكاة؟!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صرف أموال الزكاة في الدعوة إلى الله(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • {والذين هم للزكاة فاعلون}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أحكام الزكاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • زكاة مال المضاربة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعليم أحكام الزكاة للأطفال(مقالة - موقع عرب القرآن)
  • سلوكيات الاستخلاف على الأموال العامة التي هي أموال الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحكام غير المسلمين في الزكاة من خلال المدونة للإمام مالك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • زكاة المصانع والشركات والأسهم(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب