• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

الركن الخامس من أركان الصلاة .. الركوع

الركن الخامس من أركان الصلاة .. الركوع
د. سالم جمال الهنداوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/1/2014 ميلادي - 11/3/1435 هجري

الزيارات: 75283

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الركن الخامس من أركان الصلاة.. الركوع

أركان الصلاة (6)

 

الركوع في الصلاة ركنٌ من أركان الصلاة، فرضًا أو نفلاً، جماعة أو مُنفِردًا.


أولاً - تعريف الركوع:

الركوع لغة: الخضوع، عن ثعلب: ركَع يَركعُ ركعًا، وركوعًا: طأطأ رأسه، وكل قَومة يتلوها الركوع والسجدتان من الصلوات فهي ركعة؛ قال:

وأفلَتَ حاجِبٌ فَوت العوالي
على شقَّاءَ تركَع في الظِّرابِ

 

ويُقال: ركع المصلي ركعة وركعتين وثلاث ركعات.


أما الركوع اصطلاحًا: فهو أن يَخفِض المصلي رأسه بعد القومة التي فيها القراءة حتى يطمئنَّ ظَهرُه راكعًا، قال لبيد:

أدبُّ كأني كُلما قمتُ راكِعُ

 

فالراكع: المُنحني في قول لبيد، وكل شيء ينكبُّ لوجهه فتمسُّ ركبته الأرض، أو لا تمسُّها بعد أن يَخفِض رأسه فهو راكع، وفي حديث علي كرم الله وجهه قال: "نهاني أن أقرأ وأنا راكع، أو ساجد".


قال الخطابي:

لما كان الركوع والسجود - وهما غاية الذل والخضوع - مخصوصَين بالذِّكر والتسبيح، نهاه عن القراءة فيهما، كأنه كره أن يجمَع بين كلام الله تعالى وكلام الناس في موطنٍ واحدٍ، فيكونا على السواء في المحلِّ والموقِع.


وجمع الراكع: رُكَّع وركوع، وكانت العرب في الجاهلية تُسمِّي الحنيف راكعًا إذا لم يَعبُد الأوثان، وتقول: ركَع إلى الله، ومنه قول الشاعر:

إلى ربه ربِّ البريَّة راكع[1]

 

وقال القرطبي - رحمه الله -:

الركوع الشرعي هو: أن يَحني الرجل صلبه، ويمدَّ ظهره وعنُقَه، ويفتَح أصابع يديه، ويقبض على ركبتيه، ثم يطمئن راكعًا، يقول: سبحان ربي العظيم ثلاثًا، وذلك أدناه[2].

 

ثانيًا - الأصل فيه:

1- من القرآن الكريم: قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الحج: 77].


2- ومن السنة: قول النبي صلى الله عليه وسلم للمُسيءِ صلاته: ((ثُمَّ اركعْ حتى تَطمَئِنَّ راكعًا))[3] الحديث.


وكذلك فعله صلى الله عليه وسلم الثابت بأحاديث صحيحة؛ فهو القائل: ((صلُّوا كما رأيتموني أُصَلِّي))[4].


3- الإجماع: وأجمَعوا على أن الركوع والسجود في الصلاة فرضان[5].

 

وقال ابن المنذر - رحمه الله -:

وأجمَعوا على أن القادر لا تُجزئه الصلاة إلا أن يركع أو يسجد[6].

 

ثالثًا - صفة الركوع:

أ- ركوع المُصلي قائمًا:

أن ينحني المصلي بحيث يَستوي ظهره وعنُقه، ويمدُّهما كالصفيحة، وينصب ساقيه إلى الحقو، ولا يثني ركبتيه، ويضع يديه على ركبتيه، ويأخذُهما بهما، ويفرِّق بين أصابعه حينئذ، ويوجِّهها نحو القِبلة، وإن كانت إحدى يدَيه مقطوعة أو عليلة، فعَل بالأخرى ما ذكرنا، فإن لم يُمكنه وضعهما على ركبتيه أرسلهما، ويُجافي الرجلُ مِرفقَيه عن جنبيه، ولا تُجافي المرأة [7].

 

ب- ركوع المُصلي قاعدًا:

أقلُّه: أن يَنحني قدر ما يُحاذي وجهه ما قُدام ركبتَيه من الأرض.


وأكمله: أن يَنحني بحيث تُحاذي جبهته موضع سجوده، وأما سجوده، فكسجود القائم، هذا إذا قدر القاعد على الركوع والسجود، فإن عجز لعلَّة بظهرِه، أو غيرها، فعل المُمكن من الانحناء.


ولو قدر القاعد على الركوع وعجَز عن وضع الجبهة على الأرض، نُظِرَ، إن قدر على أقل ركوعِ القاعدِ وأكمَلِه مِن غير زيادة أتى بالمُمكِن، مرة عن الركوع، ومرة عن السجود، ولا يضرُّ استواؤهما.


وإن قدر على زيادة على كمال الركوع وجب الاقتصار في الانحناء للركوع على قدر الكَمال، ليتميَّز عن السجود[8].

 

رابعًا - التسبيح في الركوع والسجود:

أ- حكم التسبيح في الركوع:

اختلفوا في الأذكار في الركوع والسجود؛ فقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: هي سُنَّة، فلو ترَكها لم يأثَم، وصلاته صحيحة، سواء ترَكها سهوًا أو عمدًا، لكن يُكرَه عمدًا، وقال أحمد وإسحاق: هو واجب، فإن تركه عمدًا بطلت صلاته، وإن نسيَه لم تَبطُل، زاد أحمد: ويسجد للسهو، وفي رواية عنه: أنه سنَّة، وقال ابن حزم: هو فرض، فإن نسيَه يَسجُد للسهو[9]، وقال الشوكاني - رحمه الله -: احتجَّ الجمهور بحديث المسيء صلاته؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم علَّمه واجبات الصلاة، ولم يُعلِّمه هذه الأذكار، مع أنه علمه تكبيرة الإحرام والقراءة، فلو كانت هذه الأذكار واجبةً لعلَّمه إياها؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، فيكون تركه لتعليمه دالاًّ على أن الأوامر الواردة بما زاد على ما علَّمه للاستحباب لا للوجوب[10].

 

ب- ما يقوله المصلي في ركوعه وسجوده:

قال ابن رشد - رحمه الله -: واختلَفوا هل في الركوع والسجود قول محدود يقوله المصلي أم لا؟


• فقال مالك - رحمه الله -: ليس في ذلك قول مَحدود.


• وذهب الشافعي، وأبو حنيفة، وأحمد، وجماعة غيرهم - رحمهم الله -: إلى أن المُصلِّي يقول في ركوعه: "سبحان ربي العظيم" ثلاثًا[11]، وفي السجود: "سبحان ربي الأعلى" ثلاثًا على ما جاء في حديث عُقبة بن عامر.


• وقال الثوري - رحمه الله -: أحبُّ إليَّ أن يقولها الإمام خمسًا في صلاته؛ حتى يُدرِك الذي خلفه ثلاث تسبيحات.


والسبب في هذا الاختلاف:

مُعارضة حديث ابن عباس في هذا الباب لحديث عقبة بن عامر؛ وذلك أن في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أنه عليه الصلاة والسلام قال: ((ألا وإني نُهيت أن أقرأ القرآن راكعًا أو ساجدًا، فأما الركوع فعظِّموا فيه الرب - عز وجل - وأما السجود فاجتَهِدوا في الدعاء، فقَمِنٌ أن يُستجاب لكم))[12].

 

وفي حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه قال: لما نزلت: ﴿ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ﴾ [الواقعة: 74]، قال لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اجعلوها في ركوعكم))، فلما نزلت: ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾ [الأعلى: 1]، قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اجعَلوها في سُجودِكم))[13] [14].

 

قال الخطابي - رحمه الله -:

في هذا دلالة على وجوب التسبيح في الركوع والسجود؛ لأنه قد اجتمع في ذلك أمرُ الله وبيان الرسول صلى الله عليه وسلم، وترتيبه في موضعه من الصلاة، فتَركُه غير جائز.


وإلى إيجابه ذهب إسحاق، ومذهب أحمد قريب منه، ورُوي عن الحسن البصري نحوٌ منه، فأما عامة الفقهاء - مالك وأصحاب الرأي والشافعي - فإنهم لم يروا تركه مُفسِدًا للصلاة[15].

 

الحكمة في تخصيص الركوع بالعظيم، والسجود بالأعلى:

إن السجود لَمَّا كان فيه غاية التواضُع - لِما فيه مِن وضْع الجبهة التي هي أشرف الأعضاء على مواطئ الأقدام - كان أفضلَ من الركوع، فحَسُن تخصيصه بما فيه صيغة أفعل التفضيل، وهو الأعلى، بخلاف العظيم، جعلاً للأبلَغ مع الأبلغ، والمُطلق مع المطلق[16].

 

جـ- هل يجوز قراءة القرآن في الركوع والسجود؟

اتَّفق الجمهور على منع قراءة القرآن في الركوع والسجود؛ لحديث علي رضي الله عنه في ذلك، قال: "نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم - ولا أقول: نَهاكم - أن أقرأ القرآن راكعًا وساجدًا"[17].

 

قال الطبري: وهو حديث صحيح، وبه أخَذ فقهاء الأمصار.

 

وصار قوم من التابعين إلى جواز ذلك، وهو مذهب البخاري؛ لأنه لم يصحَّ الحديث عنده، والله أعلم[18].

 

وقال ابن حزم - رحمه الله -:

النهي للكلِّ - أي: لعليٍّ وجميع المسلمين - لأن كل ما نَهى عنه عليه السلام فحُكْمُنا حكمه؛ إلا أن يأتي نصٌّ بتخصيصه[19].

 

وقال الشوكاني - رحمه الله -:

فيه دليل على تحريم القراءة في هذَين المحلَّين - أي: الركوع والسجود - لأن وظيفتهما إنما هي التسبيح والدعاء؛ لِما في صحيح مسلم وغيره عنه صلى الله عليه وسلم: ((نُهيتُ أن أقرأ القرآن راكعًا أو ساجدًا، فأما الركوع فعظِّموا فيه الرب عز وجل، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء))[20].


وقال الصنعاني - رحمه الله -:

الحديث دليل على تحريم قراءة القرآن حال الركوع والسجود؛ لأن الأصل في النهي التحريم، وظاهرُه وجوب تسبيح الركوع، ووجوب الدعاء في السجود؛ للأمر بهما[21].

 

د- هل يجوز الدعاء في الركوع؟

قال ابن رشد - رحمه الله -: اختلفوا في الدعاء في الركوع بعد اتفاقهم على جواز الثناء على الله تعالى؛ فكَرِهَ ذلك مالك؛ لحديث علي رضي الله عنه أنه قال عليه الصلاة والسلام: ((وأما الركوع فعظِّموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا فيه في الدعاء))، وقالت طائفة: يجوز الدعاء في الركوع؛ واحتجُّوا بأحاديث جاء فيها أنه عليه الصلاة والسلام دعا في الركوع، وهو مذهب البخاري، واحتجَّ بحديث عائشة: "كان النبي عليه الصلاة والسلام يقول في ركوعه وسجوده: ((سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهمَّ اغفِر لي))، وأبو حنيفة لا يُجيز الدعاء في الصلاة بغير ألفاظ القرآن، ومالك والشافعي يُجيزان ذلك، والسبب في ذلك: اختلافُهم فيه؛ هل هو كلام أم لا؟"[22].

 

خامسًا - حكم الركوع قبل الدخول في الصف:

إذا دخل المصلي المسجد والإمام راكع، وخشي أن تفوته الركعة، فهل يركع مكانه قبل أن يَصِل إلى الصف؟

 

أخرج البخاري عن الحسن عن أبي بَكْرةَ: أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع، فركَع قبل أن يَصِلَ إلى الصفِّ، فذُكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((زادك الله حِرصًا ولا تَعُدْ))[23].

 

وفي مسند أحمد وسنن أبي داود: عن الحسن عن أبي بَكْرةَ: أنه جاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم راكع، فركَع دون الصف، ثم مشى إلى الصف، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَن هذا الذي ركَع ثم مشى إلى الصف؟))، فقال أبو بَكْرة: أنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((زادك الله حِرصًا ولا تَعُدْ))[24].

 

قال الإمام البغوي - رحمه الله -:

في هذا الحديث أنواع من الفقه، منها: أن مَن صلى خلف الصفِّ مُنفردًا بصلاة الإمام تصحُّ صلاته؛ لأن أبا بكرة رضي الله عنه ركع خلف الصف، فقد أتى بجزء من الصلاة خلف الصف، ثم لم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة، وأرشده في المستقبل إلى ما هو أفضل بقوله: ((ولا تعد))، وهو نهْي إرشادٍ، لا نهي تحريم، ولو كان للتحريم لأمَرَه بالإعادة.


وهذا قول مالك، والثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأصحاب الرأي، قالوا: تصحُّ صلاة المُنفرِد خلف الصفِّ[25].

 

وقال ابن حجر - رحمه الله -:

قال ابن المنير: صوَّب النبي صلى الله عليه وسلم فِعل أبي بَكرة من الجهة العامة، وهي الحِرص على إدراك فضيلة الجماعة، وخطَّأه من الجهة الخاصة قوله: ((ولا تَعُد))؛ أي: إلى ما صنعتَ من السعي الشديد، ثم الركوع دون الصفِّ، ثم من المشي إلى الصف.

 

وقد ورد ما يقتضي ذلك صريحًا في طرُق حديثه كما تقدَّم بعضها، وفي رواية عبدالعزيز المذكورة فقال: ((مَن الساعي؟))، وفي رواية يونس بن عبيد عن الحسن عند الطبراني فقال: ((أيُّكم صاحب هذا النَّفَس؟)) قال: "خشيتُ أن تفوتَني الركعة معك"، وله مِن وجه آخر عنه في آخِر الحديث: ((صلِّ ما أدركتَ، واقضِ ما سبَقك))، وفي رواية حماد عند أبي داود وغيرِه: ((أيُّكم الراكع دون الصف؟))، وقد تقدم من روايته قريبًا: ((أيُّكم دخَل الصفَّ وهو راكع؟)).

 

وتمسَّك المُهلب بهذه الرواية الأخيرة، فقال: "إنما قال له ((لا تَعُد))؛ لأنه مثل بنفسه في مشيه راكعًا؛ لأنها كمشية البهائم" اهـ، ولم يَنحصِر النهي في ذلك كما حررته، ولو كان مُنحصِرًا لاقتضى ذلك عدمَ الكراهة في إحرام المُنفرِد خلف الصفِّ، وقد تقدَّم نقلُ الاتفاق على كراهيته.

 

وذهب إلى تحريمه أحمد وإسحاق وبعض مُحدثي الشافعية؛ كابن خزيمة، واستدلوا بحديث وابصة بن معبد أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يُصلي خلف الصف وحده، فأمَره أن يعيد الصلاة؛ أخرجه أصحاب السنن، وصححه أحمد وابن خزيمة وغيرهما، ولابن خزيمة أيضًا من حديث علي بن شيبان نحوه، وزاد: ((لا صلاة لمُنفرِد خلْف الصفِّ)).

 

واستدلَّ الشافعي وغيره بحديث أبي بكرة على أن الأمر في حديث وابصة للاستحباب؛ لكون أبي بكرة أتى بجزْء من الصلاة خلف الصفِّ ولم يُؤمَر بالإعادة، لكن نُهي عن العود إلى ذلك، فكأنه أُرشِدَ إلى ما هو الأفضل[26].

 

قال ابن المنذر - رحمه الله -: واختلَفوا في ركوع الرجل دون الصف:

1- فرخَّص فيه زيد بن ثابت، وفعَل ذلك ابن مسعود، وزيد بن وهب، ورُوي عن سعيد بن جبير، وأبي سلمة بن عبدالرحمن، وعُروة بن الزبير، وابن جُرَيج، ومَعمَر، أنهم فعلوا ذلك، وأجاز ذلك أحمد بن حنبل.


2- وقال الزهري: إن كان قريبًا من الصفوف فعَل، وإن كان بعيدًا لم يفعل، وبه قال الأوزاعي[27].

 

ما ورَد في ذلك من آثار:

1- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "لا تركع حتى تأخُذ مكانك من الصفِّ".

 

2- وعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف رضي الله عنه، قال: "رأيتُ زيد بن ثابت دخل المسجد والإمام راكع فاستقبل فكبَّر، ثم ركع، ثم دبَّ راكعًا حتى وصَل إلى الصف".


3- وعن زيد بن وهب رضي الله عنه، قال: "دخلتُ أنا وابن مسعود المسجد والإمام راكع فركعْنا، ثم مضَينا حتى استوينا بالصف، فلما فرَغ قمتُ أقضي، قال: قد أدركته".

 

4- وعن ابن الزبير، أنه علَّم الناس على المنبر يقول: "ليركَعْ ثم ليَمشِ راكعًا، وأنه رأى ابن الزبير يفعله"[28].

 

وقال ابن عبدالبر - رحمه الله -:

حديث زيد بن ثابت في هذا الباب متَّصل صحيح، وحديث ابن مسعود وإن كان بلاغًا مُنقطِعًا عند مالك، فإنه متَّصل صحيح أيضًا من رواية أئمة أهل الحديث.

 

روى سفيان بن عيينة عن منصور بن المعتمر عن زيد بن وهب قال: "دخلتُ مع ابن مسعود المسجد فوجدنا الناس ركوعًا فركعْنا جميعًا قبل أن نَصِلَ إلى الصف، ثم مشَينا راكعين حتى دخلنا في الصف، فلما سلم الإمام قمتُ لأقضي الركعة، فأخذ ابن مسعود بيدي، فقال: اجلس فقد أدركت".

 

وروى سفيان أيضًا عن الزهري عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: "رأيت زيد بن ثابت دخل المسجد والناس ركوع فركع، ثم دبَّ راكعًا حتى وصل إلى الصف".

 

وسفيان عن عبيدالله بن يزيد قال: "رأيت سعيد بن جبير ركع قبل أن يَصِلَ إلى الصف، ثم مشى راكعًا حتى وصل إلى الصف".

 

قال أبو عمر: لا أعلم لزيد وابن مسعود مُخالِفًا من الصحابة.

 

روى محمد بن إسحاق عن الأعرج قال: قلتُ لأبي هريرة: يركع الإمام ولم أَصِلْ إلى الصف أفأركع؟ فأخذ برِجْلي وقال: لا يا أعرج حتى تأخُذَ مقامكَ مِن الصفِّ.

 

قال أبو عمر:

قد رُوي قول أبي هريرة مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ رواه ابن عجلان عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا جاء أحدكم الصلاة فلا يركع دون الصف حتى يأخُذَ مكانه من الصف))، وعلى هذا مذهب الشافعي، إلا أنه يستحب ألا يركع دون الصف حتى يأخذ مكانه من الصف، فإن فعَل فلا شيء عليه، كأنه لم يقطع بصحة رفع حديث أبي هريرة مع ما رُوي عن ابن مسعود وزيد.

 

وقال مالك والليث: لا بأس أن يركع الرجل وحده دون الصف، ويَمشي إلى الصف إذا كان قريبًا قدر ما يلحَق.

 

وقال أبو حنيفة: أكره للواحد أن يركع دون الصف ثم يَمشي، ولا أكره ذلك للجماعة، وهو قول الثوري[29].

 

حُكم من لم يقدر على الركوع أو السجود الكامل:

ومَن عجز عن الركوع أو عن السجود، خفَض لذلك قدر طاقته، فمن لم يقدر على أكثر من الإيماء أومأ[30].

 

وصلاة وسلامًا على خاتم النبيين محمَّد صلى الله عليه وسلم، والحمد لله رب العالمين.



[1] لسان العرب؛ لابن منظور (8/ 133).

[2] تفسير القرطبي (1/ 345).

[3] أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب: الأذان، باب: وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها، في الحضر والسفر، وما يجهر فيها وما يُخافت (1/ 152)، حديث رقم: (757)، ومسلم في صحيحه في كتاب: الصلاة، باب: وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يُحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها (1/ 297)، حديث رقم: (397)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[4] أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب: الأذان، باب: الأذان للمُسافر إذا كانوا جماعة، والإقامة، وكذلك بعرفة وجمع، وقول المؤذن: الصلاة في الرحال في الليلة الباردة أو المَطيرة (1/ 128)، حديث رقم: (631).

[5] اختلاف الأئمة العلماء؛ لابن هبيرة (1/ 114)، تحقيق: السيد يوسف أحمد، الناشر: دار الكتب العلمية - لبنان، بيروت، الطبعة الأولى، 1423هـ - 2002م.

[6] الإجماع؛ لابن المنذر (42)، تحقيق: فؤاد عبدالمنعم أحمد، الناشر: دار المسلم للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 1425هـ - 2004م.

[7] روضة الطالبين وعمدة المفتين؛ للنووي (1/ 250).

[8] روضة الطالبين وعمدة المُفتين؛ للنووي (1/ 235، 236).

[9] فتح الباري؛ لابن حجر (6/ 70)، الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت.

[10] نيل الأوطار؛ للشوكاني (2/ 284)، وانظر: شرح صحيح البخاري؛ لابن بطال (2/ 414)، ط/ مكتبة الرشد - السعودية، الطبعة الثانية، 1423هـ - 2003م.

[11] المُنفرِد يزيدُ في التسبيح ما أراد، وكلما زاد كان أَولى، والأحاديث الصحيحة في تطويله ناطقةٌ بهذا، وكذلك الإمام إذا كان المُؤتَمُّون لا يتأذَّون بالتطويل؛ انظر: نيل الأوطار؛ للشوكاني (2/ 287).

[12] أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب: الصلاة، باب: النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود (1/ 348)، حديث رقم: (479).

[13] أخرجه أبو داود في سننه، في كتاب: الصلاة، باب: ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده (2/ 151)، حديث رقم: (869)، وابن ماجه في سننه، في كتاب: إقامة الصلوات والسنَّة فيها، باب: التسبيح في الركوع والسجود (2/ 75)، حديث رقم: (887)، وأحمد في مسنده (17414).

[14] بداية المجتهد؛ لابن رشد (1/ 304، 305).

[15] معالم السنن؛ للخطابي (1/ 213)، الناشر: المطبعة العلمية - حلب، الطبعة الأولى 1351 هـ - 1932م.

[16] نيل الأوطار؛ للشوكاني (2/ 285).

[17] أخرجه البيهقي في معرفة السنن والآثار (2/ 450)، المُحقِّق: عبدالمعطي أمين قلعجي، الناشرون: جامعة الدراسات الإسلامية (كراتشي - باكستان)، دار قتيبة (دمشق - بيروت)، دار الوعي (حلب - دمشق)، دار الوفاء (المنصورة - القاهرة)، الطبعة الأولى، 1412هـ - 1991م.

[18] بداية المجتهد؛ لابن رشد (1/ 303،304).

[19] المحلى بالآثار؛ لابن حزم (2/ 362)، ط/ دار الفكر - بيروت.

[20] سبق تخريجه.

[21] سبل السلام؛ للصنعاني (1/ 266)، دار الحديث - القاهرة.

[22] بداية المجتهد؛ لابن رشد (1/ 305).

[23] أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب: الأذان، باب: إذا ركع دون الصف (1/ 156)، حديث رقم: (783).

[24] أخرجه أحمد في مسنده (20457)، وأبو داود في سننه، في كتاب: الصلاة، باب: الرجل يركع دون الصف (2/ 20)، حديث رقم: (684).

وقال الإمام البغوي - رحمه الله - : ومِن فوائد حديث أبي بَكْرة، أن من أدرك الإمام على حال يجب أن يصنَع كما يصنع الإمام، ثم إن أدركه في الركوع، كان مُدركًا للركعة، وإن أدركه في السجود أو بعدما ارتفع عن الركوع لم يكن مدركًا لتلك الركعة، فيتمُّها بعدما سلم الإمام اهـ؛ انظر: شرح السنة؛ للبغوي (3/ 380)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط - محمد زهير الشاويش، الناشر: المكتب الإسلامي - دمشق، بيروت، الطبعة الثانية، 1403هـ - 1983م.

[25] شرح السنة؛ للبغوي (3/ 378).

[26] فتح الباري؛ لابن حجر (2/ 268).

[27] الإشراف على مذاهب العلماء؛ لابن المنذر (2/ 140)، تحقيق: صغير أحمد الأنصاري أبو حماد، الناشر: مكتبة مكة الثقافية، رأس الخيمة - الإمارات العربية المتحدة، الطبعة: الأولى، 1425هـ - 2004م، وانظر: شرح معاني الآثار؛ لأبي جعفر الطحاوي (1/ 398)، حققه وقدم له: محمد زهري النجار - محمد سيد جاد الحق، الناشر: عالم الكتب، الطبعة الأولى، 1414 هـ، 1994م.

[28] انظر: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف؛ لابن المنذر (4/ 185 - 187)، تحقيق: أبو حماد صغير أحمد بن محمد حنيف، الناشر: دار طيبة - الرياض - السعودية، الطبعة الأولى، 1405 هـ - 1985م.

[29] الاستذكار؛ لابن عبدالبر (2/ 314، 315)، تحقيق: سالم محمد عطا، محمد علي معوض، الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الأولى، 1421هـ - 2000م.

[30] المُحلى بالآثار؛ لابن حزم (2/ 297).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الركن الأول من أركان الصلاة .. النية
  • الركن الثاني من أركان الصلاة .. القيام مع القدرة
  • الركن الثالث من أركان الصلاة .. تكبيرة الإحرام
  • الركن الرابع من أركان الصلاة .. قراءة الفاتحة
  • أركان الصلاة
  • هل الهوي إلى السجود يكون على اليدين أو الركبتين ؟
  • الركن السادس من أركان الصلاة .. الطمأنينة في الركوع
  • الركوع في الصلاة
  • سنن الركوع في الصلاة
  • الأدعية التي تقال في الركوع
  • شرح أركان الصلاة
  • حديث: زادك الله حرصا ولا تعد
  • من ترك ركنا من أركان الصلاة ناسيا
  • الركن الخامس من أركان الإيمان
  • فضل الركوع
  • الركن الثالث: الإيمان بكتب الله

مختارات من الشبكة

  • الإيمان بالرسل.. الركن الرابع من أركان الإيمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الركن الثالث من أركان الإيمان: الإيمان بالكتب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الركن الثالث من أركان الإسلام(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • الركن الخامس من أركان الإسلام(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • الركن الخامس من أركان الإسلام (حلقة مرئية)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • من أركان الدعوة: الداعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أركان عقد الصرف: العاقدان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم من ترك أو نسي ركنا من أركان الصلاة (mp3)(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • ترك ركن من أركان الصلاة سهوا(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • السعي ركن من أركان الحج(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب