• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم قرآن
علامة باركود

تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآية 99 ) (2)

تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآية 99 ) (2)
الشيخ محمد حامد الفقي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/10/2013 ميلادي - 5/12/1434 هجري

الزيارات: 9716

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير القرآن الحكيم

سورة الحجر ( الآية 99 ) (2)

 

قول الله تعالى ذكره وجل ثناؤه: ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 99].


قال الشيخ ابن القيِّم - رحمه الله - في "مفتاح دار السعادة" في فَضْل العلم:

"الوجه الحادي والثلاثون بعد المائة: أنَّه لو لم يكن من فوائد العلم إلاَّ أنَّه يُثْمِر "اليقين" الذي هو أعظم حياةٍ للقلب، وبه طمأنينَتُه وقوَّتُه ونشاطه وسائرُ لوازم الحياة لكفى؛ ولِهذا فقد مدَحَ اللهُ سبحانه أهْلَه في كتابه، وأثْنَى عليهم بقوله: ﴿ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾ [البقرة: 4]، وبقوله: ﴿ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [البقرة: 118]، وقوله في حقِّ خليلِه إبراهيم - عليه السَّلام -: ﴿ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ﴾ [الأنعام: 75].

 

وذمَّ مَن لا يقين عنده، فقال: ﴿ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ ﴾ [النمل: 82]، وفي الحديث المرفوع، حديث سفيان الثوريِّ عن سليمان التَّيْمي عن خَيْثمة عن عبدالله بن مسعود - يرفَعُه -: "اليقين ألاَّ تُرْضِيَ الناس بسخط الله، ولا تَحمَد أحدًا على رزق الله، ولا تَلُمْ أحدًا على ما لَم يؤتِك الله؛ فإنَّ الرزق لا يسوقه حرصُ حريص، ولا يردُّه كراهة كاره، وإن الله بقِسْطه وعِلْمِه وحكمته، جعل الرَّوح والفرَح في اليقين والرِّضا، وجعل الْهَمَّ والحزن في الشكِّ والسخط"[1]، فإذا باشر القلب اليقين امتلأ نورًا، وانتفى عنه كلُّ ريب وشكٍّ، وعوفي من أمراضه القاتلة، وامْتَلأ شكرًا لله وذِكْرًا له ومَحبَّة وخوفًا، فيحيا عن بينة.

 

واليقين والمَحبَّة: هما رُكْنا الإيمان وعليهما يَنْبني، وبِهما قوامه، وهما يمدَّان سائر الأعمال القلبيَّة والبدنية، وعنهما تَصْدر، وبِضَعفِهما يكون ضعف الأعمال وبقوَّتِهما قوَّتُها، وجميع منازل السَّائرين، ومقامات العارفين إنَّما تُفْتَح بِهما، وهُما يُثْمِران كلَّ عملٍ صالِح، وعلم نافع، وهُدًى مستقيم"؛ اهـ.

 

يقول الله - تعالى ذكْرُه - لعبده ورسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم- ولكلِّ وارثٍ عن هذا الرسول هُداه، ومُتَّبِع لسبيله القويم: لا يَكُن عندك أيُّ شك ولا ريب في أن ربَّك يعلم ما يقول ويفعل أولئك الكافرون، المُحاولون تثبيطك عن النُّهوض بتبليغ رسالة ربِّك، وأنَّ ذلك لا يخفى شيءٌ منه على السميع العليم، وأنه لا يعجزه أمرهم، ولكنْ لربِّك سننٌ حكيمة يربِّيك بِها، ففي مواقفِهم هذه وإعلانهم بالعداء فيما يقولون ويفعلون تقويةٌ لشأنك، وتثبيتٌ لقلبك إذا أنْتَ سبَّحْتَ بِحَمد ربِّك، وكنت من السَّاجدين العابدين.

 

ومن عرف سيرةَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حقَّ المعرفة - من مصادرها الصحيحة من كتاب الله، والصَّحيح الموثوقِ من سُنَّة رسول الله؛ عرف أنَّه كان في جميع أطواره وفي كلِّ أوقات حياته - عليه الصَّلاة والسَّلام - أكملَ خلْقِ الله معرفة وتقديرًا لربوبيَّة ربِّه عليه، وأعظمَهم شكرًا لها، وخيْرَهم انتفاعًا بها واستعمالاً لَها، ببليغ الرَّشاد والحكمة في مواضعِها الَّتِي تُرضي ربَّه عنه، فيزيده رشادًا على رشاد، وحكمةً على حكمة، وهُدًى على هدى، حتَّى اصطفاه الله، وجعله خاتَمَ المرسلين: ﴿ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ﴾ [الأنعام: 124].

 

فكان أصدق المُهتدين بما يوحَى إليه، وأصدق المؤمنين به، وأهْدَى المهتدين به، وكان لا تَمْضي عليه ساعة إلاَّ ويزداد فيها علمًا بربِّه، وحُسْنِ تربيته له بآياته الكونيَّة فيه وفي الآفاق، وبآياته القرآنيَّة التي يتَنَزَّل عليه بِها جبريل من عند الله، وما زال على هذه السُّنة الشريفة، وهذا الْهُدى المستقيم، كلَّ ساعة، فكانت كلُّ حالةٍ ثانية خيْرًا له، وهو خيْرٌ فيها من الأولى، يزداد به علمًا ويقينًا بفضل ربِّه، وعظيم إحسانه، وسابغ نِعَمِه، وشكرًا على الدرجة العليا التي رفعَه ربُّه إليها، فجعله خاتَم رسُلِه، واصطفاه فحمَّله أكبَرَ رسالة، وأضخمَ أمانة، كان -صلى الله عليه وسلم- هو المتأهِّل لها وحْدَه، وكان يجد لِهذا اليقين حلاوةً، هي أعظم حلاوة في قلبه، ونعيمًا هو أنعم النعيم، وروحًا هي أقوى روحٍ وأطهرها وأزكاها.

 

وكان ربُّه الرَّحْمن الرحيم يَعْلم - والله العليم الخبير - ما يُحاول أعداؤه من توهين قواه، وزلزلة ثباته، وزعزعة يقينه؛ إذْ يقولون: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ ۞ لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلاَئِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ [الحجر: 6 - 7]، ﴿ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ ﴾ [الحجر: 15]، ﴿ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ ﴾ [الأنعام: 7]، ﴿ إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ ﴾ [الأنعام: 25]، ﴿ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: 148]، ﴿ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الأنفال: 32]، ﴿ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ ﴾ [يونس: 2]، ﴿ ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ ﴾ [يونس: 15]، ﴿ فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ ﴾ [هود: 12]، ﴿ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفي خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾ [الرعد: 5]، ﴿ لَسْتَ مُرْسَلاً ﴾ [الرعد: 43]، ﴿ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ في مِلَّتِنَا ﴾ [إبراهيم: 13]، ﴿ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [النحل: 35]، ﴿ لاَ يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ ﴾ [النحل: 38]، ﴿ إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ ﴾ [النحل: 101]، ﴿ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ﴾ [النحل: 103]، ﴿ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُورًا ﴾ [الإسراء: 47]، ﴿ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعًا ۞ أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلاَلَهَا تَفْجِيرًا ۞ أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ قَبِيلاً ۞ أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى في السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ ﴾ [الإسراء: 90 - 93]، ﴿ أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولاً ﴾ [الإسراء: 94]، ﴿ لَوْلاَ يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ ﴾ [طه: 133]، ﴿ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ۞ لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ﴾ [الأنبياء: 2 - 3]، ﴿ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ ﴾ [الأنبياء: 5].

 

﴿ وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ ﴾ [الأنبياء: 36]، ﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ في وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ﴾ [الحج: 72]، ﴿ مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ ۞ وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ ۞ أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ ۞ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ ۞ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ۞ إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [المؤمنون: 33 - 38]، ﴿ إِنْ هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاؤوا ظُلْمًا وَزُورًا  ۞ وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ﴾ [الفرقان: 4 - 5]، ﴿ مَا لِهَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي في الأَسْوَاقِ لَوْلاَ أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فيكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا ۞ أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُورًا ﴾ [الفرقان: 7 - 8]، ﴿ لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلاَئِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا في أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا ﴾ [الفرقان: 21]، ﴿ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ﴾ [الفرقان: 32].

 

﴿ وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً ۞ إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلاَ أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا ﴾ [الفرقان: 41 - 42]، ﴿ وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا ﴾ [الفرقان: 60]، ﴿ إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [القصص: 57]، ﴿ أَئِذَا ضَلَلْنَا في الأَرْضِ أَئِنَّا لَفي خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾ [السجدة: 10]،﴿ هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفي خَلْقٍ جَدِيدٍ ۞ أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ ﴾ [سبأ: 7 - 8]، ﴿ لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلاَ بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾ [سبأ: 31]، ﴿ مَا هَذَا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ مُفْتَرًى ﴾ [سبأ: 43].

 

﴿ وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ ۞ أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ۞ وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ ۞ مَا سَمِعْنَا بِهَذَا في الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلاَّ اخْتِلاَقٌ ۞ أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا ﴾ [ص: 4 - 8].

 

﴿ وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ [الزمر: 45].

 

﴿ وَقَالُوا قُلُوبُنَا في أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وفي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ ﴾ [فصلت: 5]، ﴿ لاَ تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فيه لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ﴾ [فصلت: 26].

 

﴿ وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ ۞ وَقَالُوا لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴾ [الزخرف: 30 - 31]، ﴿ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلاَّ ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ﴾ [الجاثية: 32].

 

﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ ﴾ [الأحقاف: 11].

 

﴿ وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ﴾ [القلم: 51].

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ ۞ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ ۞ وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ ۞ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاَءِ لَضَالُّونَ ﴾ [المطففين: 29 - 32]، ﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى ۞ عَبْدًا إِذَا صَلَّى ۞ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى ۞ أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى ۞ أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ۞ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ۞ كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ ۞ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ۞ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ ۞ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ۞ كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ﴾ [العلق: 9 - 19].

 

هذا بعض ما كانوا يقولونه لِرَسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو الذي كان أبرَّ بِهم من أنفسهم قبل أن يَصْطفيه الله ويرفعه أعلى درجات الرِّسالة، فكيف به بعد أن جاءهم بِهذا الْهُدى والرَّحْمة، وهم يتلقَّونه بهذا القول السَّفيه البذيء؟! وإذا كان هذا قولَهم فكيف أعمالُهم وسخريتهم واستهزاؤهم؟ إنَّك لا تستطيع أن تتصوَّر ذلك على بعض حقيقته في الواقعة إلاَّ إذا كنتَ مِن ورَثَةِ هذا الرَّسول الكريم في دعوته وهداه، وخلُقِه وأدبه، وقمْتَ تدعو إلى ربِّك مقتديًا به، ووقفْتَ في وجه أئمَّة الكفر وطواغيت الوثنيَّة، معلِنًا بِكُفرهم في غير لفٍّ ولا دوران، ولا مُداهنة، ولا ما يسمِّيه أهل العصر باسْم السياسة والكياسة، وهو في الحقيقة الجُبْن والنِّفاق والمخادعة.

 

نعَم، إذا قمْتَ مقام رسول الله الصَّادق الأمين، تصْدَع بالدَّعوة الصريحة إلى الكفر بِطَواغيت وأوثان البدويِّ والدُّسوقي والرِّفاعي والشَّاذلي والمرسي والتيجاني والميرغني، وما إليها، مِمَّا اصطنعَه شياطينُ الجنِّ والإنس وأقاموه للدَّهْماء وأغفال الجماهير في ظُلْمة الجاهليَّة الثانية - وهِيَ شرٌّ من الجاهليَّة الأولى - حين خدَعوهم عن أنفسهم، فأعْمَوهم عن نِعَم الله عليهم في السَّمع والبصر، والعقل الإنساني المميِّز، وعن نعمة الله الكبرى في كتاب الله الصَّريح الْمُبين الْمَعاني والمقاصد، المفصَّل المُحكَم الآيات، الصَّارخ في أولئك العُميِ البُكم الصم: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الأعراف: 194]، ﴿ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ ۞ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ۞ إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ ﴾ [النحل: 20 - 22].

 

نعَم، إنَّك لَمَّا قمْتَ تدعو إلى هدْمِ هذه الطواغيت والأوثان، وتَصْدع بِهذا القرآن الحكيم في إخلاص وشفَقةٍ على أُمَّتِك الْمِسكينة؛ لِتُنقذها من براثن الدجَّالين الآكِلين السُّحت باسْم الدِّين - والإسلامُ منهم بريء - لشَهِدتَ الرِّواية تَمْثُل من أعداء ربِّهم بل أعداء أنفسهم: سبًّا مُقْذِعًا وشتما قذرًا، ولسانًا فاحشًا يَنْضَح بكلِّ سوء وهُجْر، ذلك هو سلاحهم النَّجس، الذي يليق بِهم ولا يليق بِهم غيْرُه، فإنَّما هو سلاح السَّفيه الجاهل الأعمى عن آيات الله وأسمائه وصفاته، ونِعَمِه وحَقِّه الذي لا ينبغي إلاَّ له، من إخلاص الدُّعاء والعبادة بِجميع أنواعها له، سلاح الأعمى الأصَم عن كلِّ ذلك، فإنه لا يملك إلا قلبًا مُجرمًا ولسانًا آثِمًا، أليسوا يَسُبُّون الله، فيُسَوُّونه بالموتى، ويَضْربون له الأمثال، ويَجْعلون له ما يَكْرهونه لأنفسهم؟! سبحان الله.

 

ولقد كان أعداءُ ربِّهم في زمن الرَّسول -صلى الله عليه وسلم- يَمْلكون سواعِدَ وحِرابًا وسيوفًا، وكان لهم سيادة زائفة تَخْدع الدَّهْماء، ورياسةٌ كاذبة يَسْتخدمونها عند الاقتضاء، فطالَما نال الرسولَ الكريمَ، الشَّفوقَ الرَّحيم - عليه من الله أفضل الصَّلاة وأزكى التَّسليم - ألوانُ الأذى بالأيدي، إلى أن أعلنوها عليه وعلى حِزْب الله الْمُفلحين معه حربًا شعواء، أُرِيقت فيها دماءٌ ذكيَّة طاهرة، حَظِيَتْ بِحُسنى الشَّهادة، وفيها وبِها قطع الله رؤوسَ المشركين وحطَّم هامات أعداء الرسول الكريم، وأرغم الشَّيطان الرجيم، ولقد كان أكبَرَ وأهمَّ ما يستعين به رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- على النصر على أولئك المجرمين ما يُمِدُّه ربُّه به دائمًا من الإمدادات الرُّوحية المعنويَّة من هذا القرآن الكريم، والذِّكر الحكيم؛ ليثبِّت بِها جنانه، ويَرْبِط بها على قلبه، ويشرح بها صدره.

 

فكلَّما توهَّم أعداؤه المُجرمون من حزب الشيطان عبَدَةِ طواغيت الموتى والأنصاب والقباب - كلما توهَّموا أنَّهم نالوا منه بأيديهم وألسنتهم، أو من أصحابه الذين أسعدَهم الله بالإيمان به واتِّباعه، وأنَّ ذلك لا بدَّ مُضيِّق صدْرَه، وموهِنٌ قُواه، ومُفْزِع قلبَه، فلا يعود يَجْرؤ على مصارحتهم القول، ولا مُجابهتهم بأنَّهم إنما يعبدون الشيطان باسم الموتى من الصالحين، وأن دينهم إنَّما هو هزءٌ ولَعِب؛ لأنَّه أعياد وموالد للموتى، أوحاها إليهم الشَّيطان لإشباع شهواتِهم، وإغرائهم بالفساد، والتَّمادي في عبادة الموتى والشَّيطانِ من دون الله.

 

فإذا بالرَّسول الصادق، والعبد الكريم، الشَّفوقِ الرَّحيم يَخْرج عليهم في ثباتٍ أقوى، وعزيمةٍ أمضى، ويقينٍ أثبتَ مِن الأمس، يُناديهم: ﴿ حـم ۞ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ۞ مَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ ۞ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ في السَّمَوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ۞ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لاَ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ ۞ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ ﴾ [الأحقاف: 1 - 6].

 

فيقع ذلك وأمثالُه من الذِّكر الحكيم وقْعَ الصواعق على رؤوسهم، ويَعْلوهم الخزي، ولكنَّ الشيطان يعود إليهم بوحْي جديد: شنِّعوا عليه أنَّه يكره الأولياء، وأنَّه يُنْكِر كراماتِهم، أنه يُسَفِّه أحلامَ آبائكم، وأنَّه خارج على مذاهب الآباء والشُّيوخ، وهُم أعلم منه وأتْقَى وأصلح، وأنه.. وأنَّه... من أمثال ما تسمعه اليومَ من إفْكِ ومفترياتِ أعداء ربِّهم، خُلَفاء أبي جهل وشيعته المُجرمين.

 

فعليك يا وارثَ الْهَدْي والإيمان الصَّادق، وعقيدة التوحيد النقيَّة الصافية، عليك يا عارِفَ ربِّك، وواصِفَه بِما وصف به نفسه في كتابه وعلى لسان رسولِه، من غير تَحْريف ولا تأويل، ولا تشبيهٍ ولا تعطيل، فجعلَتْك هذه المعرفةُ تُخْلِص العبادة له وحْدَه، وتُجاهد فيه صابرًا مُحتسِبًا، عليك يا ناصِرَ سُنَّةِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالتسبيح بِحَمد ربِّك - على المعنَى الذي شرَحْتُ لك - لا باللِّسان الجاهل والقلب الغافل.

 

الْزَم التَّسبيح بِحَمد ربِّك دائمًا، واحْرِص على أن تكون نِعَم ربِّك وآياتُه فيك وفيما حولَك ناطقةً بلِسان إسلامك الصَّادق، وأدبِك وخلُقِك، واستقامتِك وشكرِك: أنَّ مَن تفضَّل بِها عليك حكيمٌ رحيم، له الأسماء الحسنَى، وأنَّه العَلِيُّ الأعلى، ربُّ العرش العظيم، فإنَّك حينئذٍ تكون بِها خاضعًا ذليلاً مسلِمًا لربِّك وحده ربِّ العالمين، لا تجد السَّعادة والراحة إلاَّ في قربك منه في كلِّ حال، ورضاه عنك على كلِّ حال.

 

فإنْ أكرمك الله بِهذا - وأسأل الله أن يُكْرِمَنِي وإيَّاك بذلك - فإنَّ الله سيمدُّك بِهِدايته وتوفيقه، ويرزُقك علْمَ اليقين وحقَّ اليقين وعيْنَ اليقين بأن الدِّين الحقَّ والْهَدْي الصَّافي هو ما أشْرَق نوره على قلبك من كتاب الله وهدْي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعندئذٍ لا يزيدك استهزاءُ أعداءِ الله وسخريتُهم بك، وحرْبُهم لك إلاَّ ثباتَ قلبٍ، وانشراحَ صدْر، وصدقَ إيمان، وشجاعةً على الدعوة إلى الله على بصيرةٍ، ورغبةً أكيدة في أن تزيد روابِطُ قلبك بربِّك بالقول الصَّالِح والعمل الصالِح والأدب الصالِح، الذي ينبغي أن تَعْرفه مِن هدْي نبيِّك إمام الْهُداة المهتدين، حتَّى يأتيك اليقينُ الأخير، ويناديك داعي ربُّك الرَّحْمن الرحيم: ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ۞ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ۞ فَادْخُلِي في عِبَادِي ۞ وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 27 - 30].

 

حقَّقَ اللهُ لي ولك ولإخوانِنا المؤمنين الموحِّدين ذلك بِمَنِّه وكرَمِه، و﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ۞ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ۞ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182]، وصلَّى الله وسلم وبارك على عبدِ الله ورسوله الكريم محمَّد، وعلى آله أجْمَعين[2].



[1] "كَنْز العُمَّال" برقم [8802] وهو من كلام ابن مسعود.

[2] "مجلة الهَدْي النبوي"، ربيع الثَّاني (1370) العدد الرابع.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآية 94 )
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآية 95 )
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآية 96 ) (1)
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآية 96 ) (2)
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآيات: 97 - 98 )
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآية 99 ) (1)

مختارات من الشبكة

  • غرائب وعجائب التأليف في علوم القرآن (13)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المصادر الأولية لتفسير كلام رب البرية: المحاضرة الأولى (تفسير القرآن بالقرآن)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • مخطوطة الكشاف عن حقائق التنزيل ( تفسير القرآن الكريم من سورة ( ص ) الى آخر القرآن )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • المكتبة القرآنية: علوم القرآن والتفسير - الجزء الأول: (600) كتاب في القرآن وعلومه (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شرح القاعدة (24) من القواعد الحسان المتعلقة بتفسير القرآن (القرآن يرشد إلى التوسط)(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز الدهامي)
  • شرح القاعدة (23) من القواعد الحسان المتعلقة بتفسير القرآن (إرشادات القرآن نوعان)(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز الدهامي)
  • فوائد مختارة من تفسير ابن كثير (1) سورة الفاتحة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كلمات وصفت القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير القرآن العظيم ( لابن كثير ) مكانته وأهميته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البيان في تفسير القرآن - تفسير سورة الفاتحة للأطفال(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب