• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

نحو رؤية أصولية للواقع الدعوي المعاصر (3)

د. فارس العزاوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/5/2009 ميلادي - 2/6/1430 هجري

الزيارات: 20804

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المبحث الثالث
فقه مآلات الأفعال وأثره في مسيرة الدعوة الإسلامية المعاصرة

 

فقه المآلات من أنواع الفقه الدقيقة ؛ لأنه ينبني على قراءة عميقة للواقع، والبحث في القرائن والأمارات والعلامات الدالة على كون الفعل يؤول إلى مصلحة راجحة أو مفسدة راجحة، ذلك أن النظر في المصلحة يجب أن يمتد إلى ما تؤول إليه من نتائج مصلحية أو ما سوى ذلك من مفاسد، فقصر الأخذ للمصلحة على وقتها دون اعتبار الأوقات الأخرى، أو على مكان دون اعتبار الأماكن، أو على شخص دون اعتبار بقية الناس، وخصوصاً في الفتاوى والأنظمة العامة.
ما قد يكون وسيلة أو ذريعة إلى مفسدة أو الوقوع في محظور، مع اعتبار الأولى من المصالح، فالأولى تقديم المصالح الدائمة أو المتعدية أو الأكثر نفعاً والأطول بقاء على غيرها من المصالح، وأنت ترى أن هذا الفقه مندرج في فقه المصالح والمفاسد، لكن حري بنا إفراده بمبحث خاص نحاول من خلاله الوقوف على مفهومه والبحث في أفراده ومضامينه بغية التأصيل في الواقع الدعوي المعاصر الذي أضحى معتركاً لأفعال يغلب عليها العبثية وفقدان النظر في العواقب والمآلات، مما أفضى إلى تأزيم الأزمات في الأمة فوق ما فيها من أزمات، وعلى الرغم من مقاصد الخير التي تغلب على العاملين في الساحة الدعوية، إلا أن كثيراً من أفعالهم كانت مغايرة للمقصود والمبتغى، فكانت النتائج خلاف المقاصد، وحسن القصد لا يغني عن سلامة المنهج، وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية إلى هذا الفقه في تعريفه للمصلحة حيث قال: " أن يرى المجتهد أن هذا الفعل يجلب منفعة راجحة "[1].

مفهوم المآل:
مرجع المآل لغة إلى أول ومن معانيه المتعلقة بموضوعنا " المرجع " كما أثبت ذلك الزبيدي شارح القاموس[2]، والقاعدة الشرعية المتعلقة بفقه المآل نص عليها الشاطبي في موافقاته بقوله: " النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعاً، كانت الأفعال موافقة أو مخالفة "[3]، ومؤدى هذه القاعدة أن مقصد الشارع من المكلف أن يكون قصده في العمل موافقاً لقصده في التشريع[4].
والفعل الذي ينظر إلى مآلاته في الواقع لا يخلو من حالات عدة:
الأول: أن يكون الفعل مشروعاً في الأصل ويفضي إلى مصلحة راجحة فعند ذلك يكون موافقاً لقصد الشارع، فيبقى على أصله المشروع.

الثاني : أن يكون الفعل مشروعاً في الأصل ولكنه يفضي إلى مفسدة راجحة، والحكم في هذه الحال المنع ؛ لأنه يكون مخالفاً لمقصود الشارع التفاتاً إلى المآل.

الثالث: أن يكون الفعل غير مشروع في الأصل، إلا أنه يفضي إلى مصلحة راجحة أو دفع مفسدة أعظم من مفسدة أصل الفعل، فيكون مآله موافقاً لمقصد الشارع، فيتغير وصف الفعل من كونه غير مشروع إلى المشروعية، استناداً إلى قاعدة المآل وإعمالاً لها.

الرابع: أن يكون الفعل غير مشروع في الأصل ويفضي إلى مفسدة راجحة، وهذا يبقى على أصله غير المشروع.

وقد فصل الشاطبي هذه الأحوال في النظر إلى المآلات وزادها بياناً باستقراء الأدلة الشرعية، فقال - رحمه الله - بعد أن نص على القاعدة المتقدمة في المآلات: " وذلك أن المجتهد لا يحكم على فعل من الأفعال الصادرة عن المكلفين بالإقدام أو بالإحجام إلا بعد نظره إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل ؛ مشروعاً لمصلحة فيه تستجلب، أو لمفسدة تدرأ، ولكن له مآل على خلاف مما قصد منه ؛ وقد يكون غير مشروع لمفسدة تنشأ عنه أو مصلحة تندفع به، ولكن له مآل على خلاف ذلك.
فإذا أطلق القول في الأول بالمشروعية فربما أدى استجلاب المصلحة فيه إلى مفسدة تساوي المصلحة أو تزيد عليها، فيكون هذا مانعاً من إطلاق القول بالمشروعية، وكذلك إذا أطلق القول في الثاني بعدم المشروعية ربما أدى استدفاع المفسدة إلى مفسدة تساوي أو تزيد، فلا يصح إطلاق القول بعدم المشروعية، وهو مجال للمجتهد صعب المورد، إلا أن عذب المذاق، محمود الغِب، جار على مقاصد الشريعة "[5].

الأدلة على اعتبار فقه المآلات:
أقام الشاطبي جملة من الأدلة مثبتاً صحة هذا النوع الدقيق من الفقه، مبيناً عناية الشارع بمآلات الأفعال:
الدليل الأول: أن التكاليف مشروعة لمصالح العباد، ومصالح العباد إما دنيوية، وإما أخروية، أما الأخروية فراجعة إلى مآل المكلف في الآخرة ؛ ليكون من أهل النعيم لا من أهل الجحيم، وأما الدنيوية فإن الأعمال - إذا تأملتها - مقدمات لنتائج المصالح، فإنها أسباب لمسببات هو مقصودة للشارع، والمسببات هي مآلات الأسباب، فاعتبارها في جريان الأسباب مطلوب، وهو معنى النظر في المآلات.

الدليل الثاني: أن مآلات الأعمال إنما تكون معتبرة شرعاً أو غير معتبرة، فإن اعتبرت فهو المطلوب، وإن لم تعتبر أمكن أن يكون للأعمال مآلات مضادة لمقصود تلك الأعمال، وذلك غير صحيح، لما تقدم من أن التكاليف لمصالح العباد، ولا مصلحة تتوقع مطلقاً مع إمكان وقوع مفسدة توازيها أو تزيد، وأيضاً: فإن ذلك يؤدي إلى أن لا نتطلب مصلحة بفعل مشروع، ولا نتوقع مفسدة بفعل ممنوع، هو خلاف وضع الشريعة.

الدليل الثالث: الأدلة الشرعية والاستقراء التام أن المآلات معتبرة في أصل المشروعية، وهي على قسمين:
الأدلة العامة: كقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [6]، وقوله: ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [7]، وقوله: ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [8]، وقوله: ﴿ رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾ [9]، فهذه الآيات التي ساقها الشاطبي ترشد إلى اعتبار المآل على الجملة بدليل ربط الشارع بين الأحكام ونتائجها العملية، مبيناً أن هذه الآثار والنتائج مقصودة من أصل تشريع الحكم[10].

الأدلة الخاصة: كقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ [11]، ووجه جعل هذه الآية دليلاً على النظر في المآل أن السب لا يترتب عليه مصلحة دينية ؛ لأن المقصود من الدعوة هو الاستدلال على إبطال الشرك وإظهار استحالة أن تكون الأصنام شركاً لله تعالى، فذلك هو الذي يتميز به الحق عن الباطل، وينهض به المحق ولا يستطيعه المبطل، وأما السب فإنه مقدور للمحق والمبطل فيظهر بمظهر التساوي بينهما، وربما استطاع المبطل بوقاحته وفحشه ما لا يستطيعه المحق، فيلوح للناس أنه تغلب على المحق، على أن سب آلهتهم لما كان يحمي غيظهم ويزيد تصلبهم قد عاد منافياً لمراد الله من الدعوة[12].

وما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: " كنا في غزاة - قال سفيان مرة: في جيش - فكسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فسمع ذاك رسول - صلى الله عليه وسلم - فقال: ( ما بال دعوى جاهلية ). قالوا: يا رسول الله، كسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار، فقال: ( دعوها فإنها منتنة ). فسمع بذلك عبد الله بن أبي فقال: فعلوها، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقام عمر فقال: يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: ((دعه، لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه)). وكانت الأنصار أكثر من المهاجرين حين قدموا المدينة، ثم إن المهاجرين كثروا بعد "[13].
وجه الدلالة من الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التفت إلى مآل الفعل، وتعارض عنده أمران:
الأول: يفضي إلى مصلحة بتخليص الصف المسلم وتطهيره من المنافقين، الذين يظهرون الولاء للإسلام ويبطنون العداء له.
الثاني: يفضي إلى مفسدة في المآل من حيث توهين صف المسلمين عن طريق بث الإشاعات والأراجيف، وفتح المنافذ لدعاة التشكيك لفتنة الناس عن دينهم وتنفير الناس من الدخول في الإسلام. فأقام النبي - صلى الله عليه وسلم - حكمه بالامتناع عن قتل المشركين من خلال الموازنة بين كفتي المصلحة المرجوة والمفسدة المرفوضة، فوجد أن مفسدة المآل أغلب من مصلحته فامتنع عن قتلهم التفاتاً منه إلى المآل الغالب، وتركاً لمصلحة الأصل المرجوحة[14].

وما أخرجه البخاري أيضاً من حديث الأسود قال: " قال لي ابن الزبير: كانت عائشة تسر إليك كثيراً، فما حدثتك في الكعبة ؟ قلت: قالت لي: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( يا عائشة لولا قومك حديث عهدهم - قال ابن الزبير – بكفر، لنقضت الكعبة، فجعلت لها بابين: باب يدخل الناس وباب يخرجون ) "[15]. ولذلك أفتى مالك الأمير حين أراد أن يرد البيت على قواعد إبراهيم، وقال له: لا تفعل لئلا يتلاعب الناس ببيت الله[16]. قال الحافظ ابن حجر في تعليقه على هذا الحديث: " ويستفاد منه ترك المصلحة لأمن الوقوع في المفسدة، ومنه إنكار ترك المنكر خشية الوقوع في أنكر منه "[17].

وما أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: " قام أعرابي فبال في المسجد، فتناوله الناس، فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم: ((دعوه وهريقوا على بوله سجلاً من ماء، أو ذنوباً من ماء، فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين)) "[18].

والحديث ظاهر الدلالة على المراد، حيث نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه عن قطع بول الأعرابي خشية أن يكون ذلك مفضياً إلى الأذى، على الرغم من أن البول في المسجد مفسدة، فدفع النبي - صلى الله عليه وسلم - المفسدة الكبرى بارتكاب المفسدة الصغرى استناداً على قاعدة المآل، وهو الذي يفهم من قوله: إنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين.

فهذه بعض الأدلة العامة والخاصة على اعتبار مآلات الأفعال، ولا يُظن أنها أدلة محصورة قليلة العدد، بل هي كثيرة جداً، وإنما اكتفينا بالتنبيه على بعضها، فيقاس غيرها عليها، وقد نص الشاطبي على كثرتها وشهرتها ونقل عن ابن العربي حين قرر هذه المسألة مبيناً أن الاختلاف فيها مدعى، وقال: وهي متفق عليها بين العلماء فافهموها وادخروها[19].

القواعد المتعلقة بفقه المآل:
ينبني على هذا الأصل جملة من القواعد التي لها الصلة الوثقى بمآلات الأفعال، ومنها:

أولاً: قاعدة الذرائع:
وحقيقة هذه القاعدة التوسل بما هو مصلحة إلى مفسدة[20]، وهو تعريف مقصور على الذرائع المحرمة، وقد عرف ابن القيم الذرائع بأنها ما كان وسيلة وطريقاً إلى الشيء، وهو يشمل ما يسمى سد الذرائع وفتحها[21]، قال القرافي: " اعلم أن الذريعة كما يجب سدها يجب فتحها وتكره وتندب وتباح ؛ فإن الذريعة هي الوسيلة، فكما أن وسيلة المحرم محرمة، فوسيلة الواجب واجبة، كالسعي للجمعة والحج، وموارد الأحكام على قسمين: مقاصد وهي المتضمنة للمصالح والمفاسد في أنفسها، ووسائل: وهي الطرق المفضية إليها، وحكمها حكم ما أفضت إليه من تحريم وتحليل، غير أنها أخفض رتبة من المقاصد في حكمها، والوسيلة إلى أفضل المقاصد أفضل الوسائل، وإلى ما يتوسط متوسطة، ومما يدل على حسن الوسائل الحسنة قوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ﴾ [22]، فأثابهم الله على الضمأ والنصب وإن لم يكونا من فعلهم ؛ بسبب أنهما حصلا لهم بسبب التوسل إلى الجهاد الذي هو وسيلة لإعزاز الدين وصون المسلمين، فيكون الاستعداد وسيلة الوسيلة "[23].

وتظهر صلة هذا النهج الأصولي بمبدأ فقه المآلات من خلال معرفة أركانه الثلاثة وهي: ( الوسيلة المشروعة - والمتوسل إليه الممنوع - والواسطة بين هذين الطرفين وهو الإفضاء )، فلما صارت الوسيلة المشروعة مفضية في الكثير أو الغالب إلى مآل ممنوع ومقصد محرم منعت تلك الوسيلة التفاتاً إلى مفسدة المآل ؛ كونها أغلب وأرجح[24].

وقد أقام ابن القيم تسعة وتسعين دليلاً من الكتاب والسنة وعمل الصحابة لإثبات صحة هذه القاعدة[25]، وحسبنا أن نسوق بعضها بياناً وتنبيهاً على أمثالها:
- قوله تعالى: ﴿ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ﴾[26]، فمنعهن الله من الضرب بالأرجل وإن كان جائزاً في نفسه ؛ لئلا يكون سبباً إلى سمع الرجال صوت الخلخال، فيثير ذلك دواعي الشهوة منهم إليهن.

- قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾[27]، فالله عز وجل نهاهم أن يقولوا هذه الكلمة مع قصدهم بها الخير ؛ لئلا يكون قولهم ذريعة إلى التشبه باليهود في أقوالهم وخطابهم، فإنهم كانوا يخاطبون بها النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقصدون بها السب، يقصدون فاعلاً من الرعونة، فنهي المسلمون عن قولها سداً لذريعة المشابهة ولئلا يكون ذلك ذريعة إلى أن يقولها اليهود للنبي - صلى الله عليه وسلم - تشبهاً بالمسلمين، يقصدون بها غير ما يقصده المسلمون.

- أنه تعالى نهى المؤمنين في مكة عن الانتصار باليد وأمرهم بالعفو والصفح ؛ لئلا يكون انتصارهم ذريعة إلى ما هو أعظم مفسدة من مفسدة الإغضاء واحتمال الضيم، ومصلحة حفظ نفوسهم ودينهم وذريتهم راجحة على مصلحة الانتصار والمقابلة.

- ما أخرجه البخاري من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه ". قيل: يا رسول الله، وكيف يلعن الرجل والديه ؟ قال: " يسب أبا الرجل، فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه "[28]. فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجل ساباً لاعناً لأبويه بتسببه إلى ذلك وتوسله إليه وإن لم يقصده.

- جمع عثمان - رضي الله عنه - المصحف على حرف واحد من الأحرف السبعة، لئلا يكون ذلك ذريعة إلى اختلافهم في القرآن ووافقه على ذلك الصحابة - رضي الله عنهم -.

ثانياً: قاعدة الحيل:
حقيقة هذه القاعدة تقديم عمل ظاهر الجواز لإبطال حكم شرعي وتحويله في الظاهر إلى حكم آخر، فمآل العمل فيها خرم قواعد الشريعة في الواقع[29]، قال ابن القيم: " وبالجملة فالمحرمات قسمان: مفاسد، وذرائع موصلة إليها مطلوبة الإعدام، كما أن المفاسد مطلوبة الإعدام. والقربات نوعان: مصالح للعباد، وذرائع موصلة إليها. ففتح باب الذرائع في النوع الأول كسد باب الذرائع في النوع الثاني، وكلاهما مناقض لما جاءت به الشريعة، فبين الحيل وباب سد الذرائع أعظم التناقض.
وكيف يظن بهذه الشريعة العظيمة الكاملة التي جاءت بدفع المفاسد وسد أبوابها وطرقها أن تجوز فتح باب الحيل، وطرق المكر على إسقاط واجباتها، واستباحة محرماتها، والتذرع إلى حصول المفاسد التي قصدت دفعها.. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وتجويز الحيل يناقض سد الذرائع مناقضة ظاهرة، فإن الشارع يسد الطريق إلى ذلك المحرم بكل ممكن، والمحتال يتوسل إليه بكل ممكن، ولهذا اعتبر الشارع في البيع والصرف والنكاح وغيرها شروطاً سد ببعضها التذرع إلى الربا والزنا، وكمل بها مقصود العقود، ولم يمكن المحتال الخروج من منها في الظاهر، ومن يريد الاحتيال على ما منع الشارع منه فيأتي بها مع حيلة أخرى توصله بزعمه إلى نفس ذلك الشيء الذي سد الشارع الذريعة إليه لم يبق لتلك الشروط التي أتى بها فائدة ولا حقيقة، بل تبقى بمنزلة العبث واللعب، وتطويل الطريق إلى المقصود من غير فائدة "[30].

بعض الأدلة الشرعية والعقلية على تحريم الحيل وبطلانها:
أولاً: الحيل المحرمة مخادعة لله، ومخادعة الله حرام: أما المقدمة الأولى فإن الصحابة والتابعين - وهم أعلم الأمة بكلام الله ورسوله ومعانيه - سموا ذلك خداعاً، وأما الثانية فإن الله ذم أهل الخداع، وأخبر أن خداعهم إنما هو لأنفسهم، وأن في قلوبهم مرضاً، وأنه سبحانه خادعهم، وكل هذا عقوبة لهم، ومدار الخداع على أصلين:
أحدهما: إظهار فعل لغير مقصوده الذي جعل له.

الثاني: إظهار قول لغير مقصوده الذي وضع له. وهذا منطبق على الحيل المحرمة، وقد عاقب الله سبحانه المتحيلين على إسقاط نصيب المساكين وقت الجداد بجد جنتهم وإهلاك ثمارهم، فكيف بالمتحيل على إسقاط فرائض الله وحقوق خلقه؟[31].

ثانياً: قوله تعالى: ﴿ وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾ [32]، والمعنى أنهم باشروا رميها يوم السبت دون إخراجها، وإنما فعلوا ذلك تأويلاً وتحايلاً ظاهره ظاهر الاتقاء، وحقيقته حقيقة الاعتداء، ولهذا مسخوا قردة ؛ لأن صورة القرد فيها شبه من صورة الإنسان، وفي بعض ما يذكر من أوصافه شبه منه، وهو مخالف له في الحد والحقيقة، فلما مسخ أولئك المعتدون دينَ الله بحيث لم يتمسكوا إلا يما يشبه الدين في بعض ظاهره دون حقيقته، مسخهم الله قردة تشبه الإنسان في بعض ظاهره دون الحقيقة جزاء وفاقاً[33].

ثالثاً: قوله عليه الصلاة والسلام: " لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة "[34]، وهذا نص في تحريم الحيلة المفضية إلى إسقاط الزكاة أو تنقيصها بسبب الجمع والتفريق، فإذا باع بعض النصاب قبل تمام الحول تحيلاً على إسقاط الزكاة فقد فرق بين المجتمع، فلا تسقط الزكاة عنه بالفرار منها[35].

رابعاً: إجماع الصحابة على تحريم الحيل وإبطالها، وإجماعهم حجة قاطعة، بل هي من أقوى الحجج وآكدها، ومن جعلهم بينه وبين الله فقد استوثق لدينه[36].

خامساً: ومما يدل على بطلان الحيل وتحريمها أن الله تعالى إنما أوجب الواجبات وحرم المحرمات لما تتضمن من مصالح عباده في معاشهم ومعادهم، فالشريعة لقلوبهم بمنزلة الغذاء الذي لا بد لهم منه والدواء الذي لا يندفع الداء إلا به، فإذا احتال العبد على تحليل ما حرم الله وإسقاط ما فرض الله وتعطيل ما شرع الله كان ساعياً في دين الله بالفساد من وجوه:
أحدها: إبطاله ما في الأمر المحتال عليه من حكمة ونقض حكمته فيه ومناقضته له.

والثاني: أن الأمر المحتال به ليس له عنده حقيقة، ولا هو مقصوده، بل هو ظاهر المشروع، فالمشروع ليس مقصوداً له، والمقصود له هو المحرم نفسه، وهذا ظاهر كل الظهور فيما يقصد الشارع، فإن المرابي مثلاً مقصوده الربا المحرم، وصورة البيع الجائز غير مقصودة له، وكذلك المتحيَّل على إسقاط الفرائض بتمليك ماله لمن لا يهبه درهماً واحداً بل حقيقة مقصوده إسقاط الفرض، وظاهر الهبة المشروعة غير مقصودة له.

الثالث: نسبته ذلك إلى الشارع الحكيم وإلى شريعته التي هي غذاء القلوب ودواؤها وشفاؤها، ولو أن رجلاً تحيل حتى قلب الغذاء والدواء إلى ضده، فجعل الغذاء دواء والدواء غذاء، إما بتغيير اسمه أو صورته مع بقاء حقيقته لأهلك الناس، فمن عمد إلى الأدوية المسهلة فغير صورتها أو أسماءها وجعلها غذاء للناس، أو عمد إلى السموم القاتلة فغير أسماءها وصورتها وجعلها أدوية، أو إلى الأغذية الصالحة فغير أسماءها وصورها، كان ساعياً بالفساد في الطبيعة، كما أن هذا ساع بالفساد في الشريعة، فإن الشريعة للقلوب بمنزلة الغذاء والدواء للأبدان، وإنما ذلك بحقائقها لا بأسمائها وصورها[37].

ثالثاً: قاعدة مراعاة الخلاف:
ومقتضى هذه القاعدة يجليها الشاطبي في موافقاته بقوله: " وذلك أن الممنوعات في الشرع إذا وقعت فلا يكون إيقاعها من المكلف سبباً في الحيف عليه بزائد على ما شرع له من الزواجر أو غيرها، كالغصب مثلاً إذا وقع، فإن المغصوب منه لا بد أن يوفى حقه، لكن على وجه لا يؤدي إلى إضرار الغاصب فوق ما يليق به في العدل والإنصاف، فإذا طولب الغاصب بأداء ما غصب أو قيمته أو مثله وكان ذلك من غير زيادة صح، فلو قصد فيه حمل على الغاصب لم يلزم ؛ لأن العدل هو المطلوب، ويصح إقامة العدل مع عدم الزيادة،وكذلك الزاني إذا حد لا يزاد عليه بسبب جنايته.
لأنه ظلم له، وكونه جانياً لا يُجنى عليه زائداً على الحد الموازي لجنايته، إلى غير ذلك من الأمثلة الدالة على منع التعدي.. وإذا ثبت هذا فمن واقع منهياً عنه فقد يكون فيما يترتب عليه من الأحكام زائد على ما ينبغي بحكم التبعية لا بحكم الأصالة، أو مؤد إلى أمر أشد عليه من مقتضى النهي، فيترك وما فعل من ذلك، أو نجيز ما وقع من الفساد على وجه يليق بالعدل، نظراً إلى أن ذلك الواقع وافق المكلف فيه دليلاً على الجملة، وإن كان مرجوحاً فهو راجح بالنسبة إلى إبقاء الحالة على ما وقعت عليه.
لأن ذلك أولى من إزالتها مع دخول ضرر على الفاعل أشد من مقتضى النهي، فيرجع الأمر إلى أن النهي كان دليله أقوى قبل الوقوع، ودليل الجواز أقوى بعد الوقوع ؛ لما اقترن من القرائن المرجحة.. وهذا كله نظر إلى ما يؤول إليه ترتب الحكم بالنقض والإبطال من إفضائه إلى مفسدة توازي مفسدة النهي أو تزيد "[38]. ومعنى هذه القاعدة : اعتبار رأي المخالف في الحكم رغم مرجوحية دليله ؛ نظراً لما يلزم عن التقيد بالراجح في بعض الوقائع من مآل ممنوع[39].
وقد علق الدكتور محمد عبد الله دراز على هذه القاعدة في تحقيقه للموافقات فقال - رحمه الله -: " ومثاله استحقاق المرأة المهر، وكذا الميراث مثلاً عند مالك فيما إذا تزوجت بغير ولي، فمالك - مع كونه يقول بفساد النكاح بدون ولي - يراعي في ذلك الخلاف عندما ينظر فيما ترتب بعد الوقوع، فيقول: إن المكلف واقع دليلاً على الجملة وإن كان مرجوحاً، إلا أن التفريع على البطلان الراجح في نظره يؤدي إلى ضرر ومفسدة أقوى من مقتضى النهي على ذلك القول، وهذا منه مبني على مراعاة المآل في نظر الشارع، فالمراد مراعاة الخلاف الواقع بين المجتهدين، والتعويل بعد وقوع الفعل من المكلف على قول وإن كان مرجوحاً عند المجتهد ؛ ليقر فعلاً حصل منهياً عنه على القول الراجح عنده، وأن له بعد الوقوع حكماً لم يكن له قبله، وذلك نظر إلى المآل، وأنه لو فرع على القول الراجح بعد الوقوع لكان فيه مفسدة تساوي أو تزيد على مفسدة النهي، فينظر المجتهد في هذا المآل، ويفرع على القول الآخر المرجوح باجتهاد ونظر جديد، لولا المآل الطارئ بعد الوقوع بالفعل ما كان له أن يفرع عليه وهو يعتقد ضعفه، ويدل على أن هذا غرضه لاحق الكلام، أما تمثيله بالغصب والزنا فمن باب التمهيد والتوطئة لغرضه، ولا يتعلق به مقصوده "[40].

رابعاً: قاعدة الاستحسان:
الاستحسان من الأدلة التي اختلف الأصوليون في كونه دليلاً من أدلة الأحكام ؛ ومرجع ذلك فيما يظهر عدم تحديد معناه وتحرير مفهومه، فإن كان المعنى ينصرف إلى القول بما استحسنه الإنسان ويشتهيه من غير دليل فهو باطل قطعاً[41]، وأما تفسيره بأنه العدول عن دليل إلى دليل أقوى منه، فهذا مما لم ينكره أحد، وهذا الذي قرره الحنفية الذين توسعوا في الأخذ بهذا الدليل، حتى الشافعية الذين يقولون بأنه من الأدلة الموهومة لا ينكرونه بهذا المعنى؛ لأنهم لم يرفضوا الاستحسان بالمطلق، فقد عملوا بمضمونه ولم يطلقوا عليه هذه التسمية، إذ أنهم ينفون كونه دليلاً مستقلاً ويجعلونه داخلاً في دائرة القياس[42]، أما المالكية فقد جعلوه فرعاً من المصالح المرسلة، قال الشاطبي: " الاستحسان وهو - في مذهب مالك - الأخذ بمصلحة جزئية في مقابلة دليل كلي، ومقتضاه الرجوع إلى تقديم الاستدلال المرسل على القياس.
فإن من استحسن لم يرجع إلى مجرد ذوقه وتشهيه، وإنما رجع إلى ما علم من قصد الشارع في الجملة في أمثال تلك الأشباه المفروضة، كالمسائل التي يقتضي القياس فيها أمراً إلا أن ذلك الأمر يؤدي إلى فوت مصلحة من جهة أخرى، أو جلب مفسدة كذلك، وكثير ما يتفق هذا في الأصل الضروري مع الحاجي، والحاجي مع التكميلي، فيكون إجراء القياس مطلقاً في الضروري يؤدي إلى حرج ومشقة في بعض موارده، فيستثنى موضع الحرج، وكذلك في الحاجي مع التكميلي، أو الضروري مع التكميلي، وهو ظاهر "[43].

وتظهر صلة قاعدة الاستحسان بفقه المآلات من جهة أن الأخذ بمقتضى الدليل العام الذي يفيد الحظر يفضي إلى تفويت المصلحة المرجوة بخلافه، والوقوع في الحرج والمشقة، وفقدان حاجة أساسية للعامة، وهذا التعليل هو الذي استند عليه الشاطبي في ربط قاعدة الاستحسان بأصل المآل حيث قال في سياق ضربه لبعض الأمثلة الدالة عليه: " وله في الشرع أمثلة كثيرة، كالقرض مثلاً، فإنه ربا في الأصل ؛ لأنه الدرهم بالدرهم إلى أجل، ولكنه أبيح لما فيه من الرفقة والتوسعة على المحتاجين، بحيث لو بقي على أصل المنع لكان في ذلك ضيق على المكلفين، ومثله بيع العرية بخرصها تمراً، فإنه بيع الرطب باليابس، لكنه أبيح لما فيه من الرفق ورفع الحرج بالنسبة إلى المعري والمُعرَى، ولو امتنع مطلقاً لكان وسيلة لمنع الإعراء.
كما أن ربا النسيئة لو امتنع في القرض لامتنع أصل الرفق من هذا الوجه، ومثله الجمع بين المغرب والعشاء للمطر، وجمع المسافر، وقصر الصلاة والفطر في السفر الطويل، وصلاة الخوف، وسائر الترخصات التي على هذا السبيل، فإن حقيقتها ترجع إلى اعتبار المآل في تحصيل المصالح أو درء المفاسد على الخصوص، حيث كان الدليل يقتضي منع ذلك ؛ لأنا لو بقينا مع أصل الدليل العام لأدى إلى رفع ما اقتضاه ذلك الدليل من المصلحة، فكان من الواجب رعي ذلك المآل إلى أقصاه، ومثله الاطلاع على العورات في التداوي، والقراض، والمساقاة، وإن كان الدليل العام يقتضي المنع، وأشياء من هذا القبيل كثيرة "[44].

خامساً: وتستمد من فقه المآلات قاعدة أخرى وهي:
أن الأمور الضرورية أو غيرها من الحاجية أو التكميلية إذا اكتنفتها من خارج أمور لا ترضي شرعاً، فإن الإقدام على جلب المصالح صحيح على شرط التحفظ بحسب الاستطاعة من غير حرج، كالنكاح الذي يلزمه طلب قوت العيال مع ضيق طرق الحلال واتساع أوجه الحرام والشبهات، وكثيراً ما يلجئ إلى الدخول في الاكتساب لهم بما لا يجوز، ولكنه غير مانع ؛ لما يئول إليه التحرز من المفسدة المُرْبِيَة على توقع مفسدة التعرض، ولو اعتبر مثل هذا في النكاح في مثل زماننا لأدى إلى إبطال أصله، وذلك غير صحيح، وكذلك طلب العلم إذا كان في طرقه مناكر يسمعها ويراها، وشهود الجنائز وإقامة وظائف شرعية إذا لم يقدر على إقامتها إلا بمشاهدة ما لا يرتضي، فلا يُخرج هذا العارض تلك الأمور عن أصولها ؛ لأنها أصول الدين وقواعد المصالح، وهو المفهوم من مقاصد الشارع، فيجب فهمهما حق الفهم، فإنها مثار اختلاف وتنازع، وما ينقل عن السلف الصالح مما يخالف ذلك قضايا أعيان لا حجة في مجردها حتى يعقل معناها فتصير إلى موافقة ما تقرر، والحاصل أنه مبني على اعتبار مآلات الأعمال، فاعتبارها لازم في كل حكم على الإطلاق[45].

الواقع الدعوي المعاصر والموقف من فقه المآلات:
يصعب على الباحث إطلاق حكم عام يصم به الواقع الدعوي المعاصر ؛ لأنه سيكون قطعاً مجانباً للصواب، هاوياً في إشكالية التعميم التي يفترض في الباحث أن يكون بينه وبينها بعد المشرقين، ولذلك تفرض الاستقامة العلمية على الباحث المنصف الوقوف على حقيقة ذلكم الواقع وتوصيفه بما فيه، بعيداً عن داءي التهوين والتهويل، ومن الحكمة في هذا المقام الاستعانة بذوي البصيرة النافذة، والقراءة العميقة للواقع الذين سبروا أغواره، وتعرفوا على مفاصله، وخبروا الدعوة ورجالاتها، ووقفوا على حقيقة الإشكاليات التي تعاني منها الدعوة في واقعنا المعاصر، ووضعوا لها وصفات العلاج المنهجية والفكرية والتربوية بما أوتوا من ملكة العلم والفكر، مستندين في ذلك إلى النهج القرآني، والهدي النبوي، والرأي الأثري ؛ ليكون صمام أمان وضمان من الخطل والزلل في الغالب.

ويفرض علينا السياق طرح التساؤل الآتي: هل كان الواقع الدعوي المعاصر بنخبه الدعوية وأتباعهم مستحضراً قاعدة المآل في أفعاله وأقواله ؟ والإجابة على هذا التساؤل تقتضي منا الرجوع قليلاً إلى منتصف القرن الماضي الذي شهد ما سمي بالصحوة الإسلامية المباركة - وهي كذلك - حيث بدأت بوادر العودة إلى الإسلام، والاهتمام بالعلوم الشرعية تعلماً وتعليماً، إلا أن الملاحظ على الحركة الإسلامية التي كانت محور هذه الصحوة في ذلك الوقت غلبة الطابع السياسي عليها، ولا غضاضة في ذلك إلا أن غلبة جانب على جانب آخر يفضي إلى اختلال في التوازن في الجسد الواحد فضلاً عن تعدده، وبحكم كون الحركة الإسلامية قد نشأت وسط تيارات مختلفة متغايرة المشارب والاتجاهات، كانت هناك مواقف عدة تجاهها، أملت قراءة الموقف في ذلك الوقت قراءات متعددة، ولكنها لم تستطع تجاوز الأزمة فأصيبت بمقتل وأذى، فما الذي أوصلها إلى هذه الحالة ؟ ولندع أحد رموز تلك الحركة يتحدث عن طبيعة الدعوة في ذلك الوقت ويجلي لنا الموقف الذي اتخذته الحركة آنذاك، ويبين لنا الأخطاء التي وقعت فيها.
يقول الأستاذ محمد قطب: " لقد بين الله لنا طريق التمكين: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ... } [46]. فتلك شروط أربعة في أربع آيات متواليات من سورة واحدة، تبين الشروط الأساسية للنصر: وجود مؤمنين صادقي الإيمان، متآلفة قلوبهم، متجردين لله، مستعدين للقتال حين تقتضي ذلك ظروف الجهاد.
فإذا نظرنا إلى واقع الدعوة في ضوء هذه الشروط فسنجد ولا شك أننا قطعنا شوطاً، ولكننا استعجلنا الطريق ! هناك ثلاثة أسباب رئيسة أدت إلى التعجل في الحركة المعاصرة:
أولاً: عدم التقدير الدقيق لمدى بعد الأمة عن حقيقة الإسلام.
ثانيًا: الانخداع بحماسة الجماهير، والظن بأن المهمة وإن كانت شاقة فهي قريبة المنال.
ثالثًا: عدم التقدير الكافي لرد فعل الأعداء "[47].

ظاهر مما سبق أن العلة التي أصيبت بها الحركة هي عدم تقدير مآلات الأفعال، فكان ذلك سبباً فيما وصلت إليها من نتائج وآثار، وهي لو أحكمت سيرها، وتبينت طريقها، لما أصابها ما أصابها، ولكن ليقضي الله أمراً كان مفعولاً، ليهلك من هلك عن بينة ويحي من حي عن بينة، ولكن ونحن في سياق بيان الأسباب التي أدت إلى فشل الحركة الإسلامية في نهضتها الأولى - إن صح التعبير - يحق لنا أن نتساءل: ما هو السبب الرئيس والمباشر الذي يعتبر جامعاً للأسباب الآنفة الذكر، وأفضى بالحركة الإسلامية إلى تلكم الآثار ؟ والقراءة الواعية تظهر لنا أن السبب الرئيس هو سياسة التعانف، فالحركة لجأت إلى سياسة العنف لتكون شعاراً للتغيير والإصلاح في الإطار الداخلي، والواقع أن اللجوء إلى سياسة العنف واستخدام القوة له ما يبرره.
فذلكم السبب يسهل تعاطيه فيكونوا في هذا قد اقتدوا بابن آدم الذي سهل عليه أن يقول لأخيه: {لَأَقْتُلَنَّكَ } [48]، أما الأخذ بالأسباب المجدية التي تجعل المساعي ناجحة والأعمال متقبلة فإنه لا يقدر عليها إلا من أوتي خصلتين جمعهما الله تعالى في قوله: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ [49]، ولكن هل بعد ذلك فُهم هذا الدرس، وأُدركت معانيه أم لا ؟ الذي يظهر خلاف ذلك، بدليل أن العنف أصبح هو اللغة السائدة عند كثير من الشباب اليوم، وهو الذي أضحى الوسيلة الوحيدة للتغيير في أذهان كثير من الشباب، على الرغم من النداءات والتنبيهات للعلماء وطلبة العلم التي أظهرت خطأ هذا المسلك وخطورته، إلا أنه لم يكن ناجعاً حتى هذه اللحظة، وأضحى العنف المسلح بالفعل مرض العصر، وما أصدق ما قاله الأستاذ جودت سعيد في هذا السياق: " إن مرض العنف ليس مرض الشباب فقط، وإن كانوا أجرأ على حمله.
إن العالم كله مريض بتلك الجرثومة.. إن الموضوع يحتاج إلى انقلاب شامل في سلوك البشر، فنحن لا نزال في مرحلة التصديق لتهمة الملائكة لبني آدم بالفساد في الأرض وسفك الدماء "[50].

ولا شك أن التعانف والاحتراب أسوأ ما يمكن أن يلجاً إليه مجتمع ما في تسوية مشكلاته، وإصلاح أوضاعه، وقد دلت التجارب التاريخية والمعاصرة على فداحة المصائب التي يحصدها الناس من وراء اللجوء إلى القوة لتقويم ما بهم من اعوجاج، وكيف سيربحون معركة هم جنودها وضحاياها في آن واحد ؟![51].
والنظرة الثاقبة في قراءة هذا المسلك ترشدنا إلى الآثار والمساوئ الوخيمة التي تجنيها الأمة والمجتمع المسلم من جراء اتخاذ العنف المسلح مسلكاً وسبيلاً للتغيير، وبدون أن يكون هناك أي تردد في القول بأن هذا المسلك الخطير قد جانب بحق فقه المآلات وقواعده الشرعية.

ولعل من أبرز تلكم المساوئ[52]:
- إذا كان المقصود من العنف حمل الناس على تطبيق الشريعة فإن ذلك وهم من الأوهام ؛ لأن طبيعة الدين تأبى ذلك وتجافيه، فالدين الحنيف مجموعة من القيم والمبادئ السامية، ومن طبيعة القيم أنها ترفض الإملاء والإجبار، فاعتناقها إنما يكون عن طريق القدوة الحسنة والمثل الطيب، قال تعالى: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ﴾[53].

- الجماعات التي جعلت بنيتها العقلية والثقافية والتنظيمية تتمحور حول العنف تواجه مشكلة كبرى عند انعدام من توجه العنف إليه ؛ فهي إن لم تجد من تقاتله - لسبب من الأسباب - وتفرغ طاقتها فيه وجهت تلك الطاقة إلى داخلها ؛ لتهضم نفسها بنفسها، والذي يستسهل تكفير الآخرين وقتلهم يستسهل تكفير بعض جماعته وقتلهم عند المخالفة.

- سياسة العنف تفضي إلى خنق كل الأنشطة الدعوية، ذلك أن استخدام القوة بشكل واسع سيفرز روح التوجس والتخوف، والاستعدادات لقبول التغيير الثقافي شبه معدومة، والفريق المعادي الذي وجه إليه العنف لا يمكن قطعاً أن يتقبل أفكار من يقاتله ويعلن كفره على الملأ.

- دلت التجربة على أن الذين يستخدمون القوة وسيلة للإصلاح لا يستطيعون الحفاظ على أهدافهم، ولا ضبط وتيرة تحركهم، فمن خلال المحاصرة والمطاردة لهم، يسرعون حركة المقاومة ؛ لتخرج عن الخطة السياسية، كما أنهم يقومون بأعمال يائسة لا تدل إلا على الإفلاس، وبالإضافة إلى ذلك فإن أعمالهم القتالية تتحول من استهداف إقامة الدين ومحاربة الفساد إلى المحافظة على وجودها واستمرارها ليس أكثر، أي تصبح بلا هدف، ومن ثم فإن دائرة القتل تتوسع ؛ لتشمل الأبرياء، ويحدث نوع من التوسع الفوضوي في الفتوى لإضفاء الشرعية على كل ذلك، وهذا كله يفرغ الحركة القتالية من مضامينها بالتدريج، ويزرع في داخلها أزمة الشرعية والافتقار إلى الرؤية الراشدة.


المراجع:
-
إتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر في أصول الفقه، د. عبد الكريم بن علي النملة، دار العاصمة، ط1، 1417ه-/1996م.
- أثر المنهج الأصولي في ترشيد العمل الإسلامي، د.مسفر بن علي القحطاني، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت، 2008م.
- الاجتهاد المقاصدي: حجيته، ضوابطه، مجالاته، د. نور الدين بن مختار الخادمي، كتاب الأمة، قطر، ط1، 1419ه-/1998م.
- الاجتهاد وأنواع المجتهدين، د. محمد حسن هيتو، مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية، كلية الشريعة، جامعة الكويت، العدد 4، 1406ه-/1985م.
- الإحكام في أصول الأحكام، علي بن محمد الآمدي، دار الصميعي، الرياض، ط1، 1424ه-/2003م.
- أساليب الدعوة الإسلامية المعاصرة، حمد بن ناصر العمار، رسالة دكتوراه غير منشور، كلية الدعوة والإعلام، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، 1414ه-.
- أصول الفقه الإسلامي، د. وهبة الزحيلي، دار الفكر، دمشق، ط1، 1406ه- /1986م.
- أصول مذهب الإمام أحمد، د. عبد الله بن عبد المحسن التركي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط4، 1416ه-/1996م.
- الاعتصام، أبو إسحاق الشاطبي، دار الفكر، دمشق / مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، بدون تاريخ.
- إعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن قيم الجوزية، تحقيق مشهور حسن سلمان، دار ابن الجوزي، الدمام، ط1، 1423ه-.
- إعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن قيم الجوزية، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، 1388ه-/1968م.
- إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان، ابن قيم الجوزية، مكتبة المعارف، الرياض، ط2، 1408ه-/1988م.
- البحر المحيط في أصول الفقه، بدر الدين الزركشي، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت، ط2، 1413ه-/1992م.
- تاج العروس من جواهر القاموس، محمد مرتضى الزبيدي، مطبعة حكومة الكويت، 1385ه-/1965م.
- تفسير التحرير والتنوير، محمد الطاهر ابن عاشور، الدار التونسية للنشر، تونس، 1984م.
- تفسير القاسمي، محمد جمال الدين القاسمي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1418ه-/1997م.
- تفسير المنار، محمد رشيد رضا، دار المنار، القاهرة، ط2، 1366ه-/1947م.
- الجامع لمسائل أصول الفقه، د. عبد الكريم بن علي النملة، مكتبة الرشد، الرياض، ط2، 1421ه-/2000م.
- روضة الناظر وجنة المناظر، ابن قدامة المقدسي، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، ط4، 1408ه-/1987م.
- السياسة الشرعية في ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها، د. يوسف القرضاوي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1421ه-/2000م.
- السياسة الشرعية ومفهوم السياسة الحديث، محي الدين محمد قاسم، القاهرة، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط1، 1417ه- / 1997م.
- شرح الكوكب المنير، ابن النجار الفتوحي، مكتبة العبيكان، الرياض، 1413ه- /1993م.
- صحيح الجامع الصغير، محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، ط3، 1408ه-/1988م.
- ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية، د. محمد سعيد رمضان البوطي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط6، 1421ه-/2000م.
- علم المقاصد الشرعية، د. نور الدين بن مختار الخادمي، مكتبة العبيكان، الرياض، ط1، 1421ه-/2001م.
- العمل بالمصلحة، د. عبد العزيز بن عبد الرحمن الربيعة، بحث منشور في مجلة أضواء الشريعة، كلية الشريعة، الرياض، العدد 10، 1399ه-.
- فتح الباري بشرح صحيح البخاري، أحمد بن حجر العسقلاني، دار المعرفة، بيروت، بدون تاريخ.
- الفتوى: نشأتها وتطورها - أصولها وتطبيقاتها، د. حسين محمد الملاح، المكتبة العصرية، بيروت، ط1، 1422ه-/2001م.
- الفروق، أبو العباس القرافي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1418ه-/1998م.
- قواطع الأدلة في الأصول، أبو المظفر السمعاني، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1418ه-/1997م.
- قواعد المقاصد عند الإمام الشاطبي، د. عبد الرحمن إبراهيم الكيلاني، دار الفكر، دمشق، ط2، 1426ه-/2005م.
- كتاب الفقيه والمتفقه، الخطيب البغدادي، دار ابن الجوزي، الدمام، ط1، 1417ه-/1996م.
- كل بدعة ضلالة، محمد المنتصر الريسوني، مكتبة دار المنهاج، الرياض، ط3، 1428ه-.
- كيف ندعو الناس ؟، محمد قطب، دار الشروق، القاهرة، ط4، 1427ه-/2006م.
- مباحث العلة في القياس عند الأصوليين، د. عبد الحكيم عبد الرحمن السعدي، دار البشائر الإسلامية، بيروت، ط2، 1421ه-/2000م.
- المجموع شرح المهذب، محي الدين النووي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1423ه-/2002م.
- مجموع فتاوى ابن تيمية، شيخ الإسلام ابن تيمية، جمع عبد الرحمن بن قاسم، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، ط2، 1416ه-/1995م.
- المحصول في علم أصول الفقه، فخر الدين الرازي، مؤسسة الرسالة، بيروت، بدون تاريخ.
- مذكرة في أصول الفقه، محمد الأمين الشنقيطي، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، ط5، 2001م.
- مذهب ابن آدم الأول: مشكلة العنف في العمل الإسلامي، جودت سعيد، دار الفكر المعاصر، بيروت، ط5، 1415ه-/ 1994م.
- المستصفى من علم الأصول، أبو حامد الغزالي، الجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، بدون تاريخ.
- المصالح المرسلة، محمد الأمين الشنقيطي، نشر الجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، ط1، 1410ه-.
- المصلحة عند الحنابلة، سعد بن ناصر الشثري، مجلة البحوث الإسلامية، إصدار رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء، المملكة العربية السعودية، العدد 47.
- معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة، محمد بن حسين الجيزاني، دار ابن الجوزي، الدمام، ط3، 1422ه-.
- مقاصد الشريعة الإسلامية، محمد الطاهر ابن عاشور، نشر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قطر، 1425ه-/2004م.
- مقاصد الشريعة عند ابن تيمية، يوسف أحمد البدوي، دار النفائس، الأردن، ط1، 2000م.
- مقدمات للنهوض بالعمل الدعوي، د. عبد الكريم بكار، دار القلم، دمشق، ط1، 1420ه-/1999م.
- منتهى السول في علم الأصول، على بن محمد الآمدي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1424ه-/2003م.
- الموافقات، أبو إسحاق الشاطبي، تحقيق مشهور حسن سلمان، دار ابن عفان، الخبر، ط1، 1417ه-/1997م.
- الموافقات في أصول الشريعة، أبو إسحاق الشاطبي، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1، 1423ه-/2002م.
- نظرات في الشريعة، عبد الكريم زيدان، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1421ه-/ 2000م.
- الوجيز في أصول الفقه الإسلامي، د. محمد مصطفى الزحيلي، دار الخير، دمشق،ط1، 1423ه-/2003م.
- الوسائل وأحكامها في الشريعة الإسلامية، د. عبد الله التهامي، مجلة البيان، العدد 106، 1407ه-/1996م.

 


[1] مجموع الفتاوى، مرجع سابق، ج11ص342.
[2] تاج العروس من جواهر القاموس، محمد مرتضى الزبيدي، ج28ص38.
[3] الموافقات، مرجع سابق، ص773.
[4] قواعد المقاصد عند الإمام الشاطبي، مرجع سابق، ص362.
[5] الموافقات، مرجع سابق، ص773.
[6] البقرة، آية 21.
[7] البقرة، آية 188.
[8] البقرة، آية 179. [9] النساء، آية 165. [10] قواعد المقاصد عند الإمام الشاطبي، مرجع سابق، ص365.
[11] الأنعام، آية 108.
[12] تفسير التحرير والتنوير، مرجع سابق، ج7ص430. [13] أخرجه البخاري، كتاب التفسير، باب قوله: ﴿ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾، رقم 4622.
[14] قواعد المقاصد عند الإمام الشاطبي، مرجع سابق، ص366.
[15] أخرجه البخاري، كتاب العلم، باب: من ترك بعض الاختيار، مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه، فيقعوا في أشد منه، رقم 126.
[16] الموافقات، مرجع سابق، ص774.
[17] فتح الباري بشرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، ج1ص225.
[18] أخرجه البخاري، كتاب الوضوء، باب: صب الماء على البول في المسجد، رقم 217.
[19] الموافقات، مرجع سابق، ص774. [20] المرجع السابق، ص775.
[21] أصول الفقه الإسلامي، مرجع سابق، ص873. [22] التوبة، آية 120. [23] الفروق، أبو العباس القرافي، ج2ص62. [24] قواعد المقاصد عند الإمام الشاطبي، مرجع سابق، ص368. [25] إعلام الموقعين عن رب العالمين، مرجع سابق، ج3ص137 فما بعدها. [26] النور، آية 31.
[27] البقرة، آية 104.
[28] البخاري، كتاب الأدب، باب: لا يسب الرجل والديه، رقم 5628.
[29] الموافقات، مرجع سابق، ص775.
[30] إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان، ابن قيم الجوزية، ج1ص370. وقريب منه في إعلام الموقعين، مرجع سابق، ج3ص159.
[31] إعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن قيم الجوزية، تحقيق مشهور حسن سلمان، ج5ص71.
[32] الأعراف، آية 163.
[33] إعلام الموقعين عن رب العالمين، تحقيق مشهور، مرجع سابق، ج5ص72.
[34] أخرجه البخاري، كتاب الزكاة، باب: لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع، رقم 1382.
[35] إعلام الموقعين عن رب العالمين، تحقيق مشهور، مرجع سابق، ج5ص90.
[36] المرجع السابق، ج5ص90.
[37] المرجع السابق، ج5ص101.
[38] الموافقات، مرجع سابق، ص776. [39] قواعد المقاصد عند الإمام الشاطبي، مرجع سابق، ص370.
[40] الموافقات، أبو إسحاق الشاطبي، تحقيق مشهور حسن سلمان، ج5ص188.
[41] قواطع الأدلة في الأصول، أبو المظفر السمعاني، ج2ص268. [42] الفتوى، مرجع سابق، ص473.
[43] الموافقات، مرجع سابق، ص777. [44] المرجع السابق، ص778.
[45] المرجع السابق، ص779.
[46] الأنفال، آية 62-65.
[47] كيف ندعو الناس ؟، مرجع سابق، ص49.
[48] المائدة، آية 27.
[49] السجدة، آية 24.
[50] مذهب ابن آدم الأول: مشكلة العنف في العمل الإسلامي، جودت سعيد، ص236.
[51] مقدمات للنهوض بالعمل الدعوي، مرجع سابق، ص312. [52] المرجع السابق، ص312. [53] البقرة، آية 256.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نحو رؤية أصولية للواقع الدعوي المعاصر (1)
  • نحو رؤية أصولية للواقع الدعوي المعاصر (2)
  • مؤهلات الإبداع الدعوي ومقوماته
  • أين المفكِّر الإستراتيجي المسلم؟
  • بين خنوع الدعاة واعتزاز الأدعياء
  • أمتنا بين الواقع المعاصر وطريق العودة
  • والقصد القصد تبلغوا
  • الفقه في دين الله فضله وبم يكون؟
  • أطروحات لتقويم الخطاب الدعوي المعاصر والارتقاء به

مختارات من الشبكة

  • من آثار النحو العربي في النحو العبري في الأندلس (PDF)(كتاب - حضارة الكلمة)
  • نحو النحو: مدخل علمي للمبتدئين بالخرائط والجداول (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تيسير النحو عند عباس حسن في كتابه النحو الوافي- دراسة وتقويم(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • الإجماع في النحو: دراسة في أصول النحو لدخيل العواد(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • النحو الصغير: الموطأ في النحو (عرض تقديمي)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • النحو والدلالة: مدخل لدراسة المعنى النحوي الدلالي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • سيمياء النحو: دراسة العلامات في النظام النحوي(مادة مرئية - موقع الدكتور بهاء الدين عبدالرحمن)
  • بيان ما يجب نحو إخوتنا المحاصرين والمضطهدين في حلب وإدلب وأنحاء سوريا(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • الافتراض النحوي (الافتراض في النحو)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أثر إستراتيجية إعراب الفقرات إعرابا كاملا في اكتساب طالب اللغة العربية مهارات النحو وتحسين اتجاهاته نحوه(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب