• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم قرآن
علامة باركود

تفسير سورة البقرة .. الآية (189)

تفسير سورة البقرة .. الآية (189)
الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/7/2013 ميلادي - 16/9/1434 هجري

الزيارات: 33371

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير سورة البقرة.. الآية (189)


قال تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 189].


الأهلة:

جمع هلال، وهو اسم للقمر في أوائل الشهر أو أول أسبوع منه، حيث يبدو كالعرجون ضعيف الضوء، فإذا اتسع ضوءه وانتشر كان قمرًا. وقد تقدم قول الشيخ في تسميته هلالًا، لأن الناس يرفعون أصواتهم بالإخبار عنه، ومنه قولهم: استهل الصبي إذا ظهرت حياته بصراخه، واستهل وجه الرجل فرحًا وتهلل وجهه إذا ظهر فيه السرور، كما قال أبو كبير الهذلي:

وإذا نظرت إلى أسرة وجهه برقت كبرق العارض المتهللِ

 

وسمي الشهر شهرًا لأن الأيدي تشهر بالإشارة إلى موضع الرؤية، ويدلون عليه. وقد أجابهم الله عنه سؤالهم عن الأهلة بقوله ﴿ قُلْ ﴾ يا محمد ﴿ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ﴾ [البقرة: 189].


والمواقيت:

جمع ميقات بمعنى الوقت، وقد جعل الله تقدير الزمان على أربعة أوجه: السنة والشهر واليوم والساعة. فالسنة عبارة عن الزمان الحاصل من حركة الشمس من نقطة معينة من الفلك بحركتها الخاصة عن خلاف حركة الفلك إلى أن تعود إلى تلك النقطة بعينها. وقد اصطلحوا على أن النقطة هي نقطة الاعتدال الربيعي وهو أول الحمل، وأما الشهر فهو عبارة عن حركة القمر من نقطة معينة من فلكه الخاص به إلى أن يعود إلى تلك النقطة، وزعموا أن نور القمر مستفاد من الشمس بالانعكاس، ولكن لما كان الخالق للضوء في الشمس هو الله سبحانه، فما المانع من خلقه نورًا مستقلا في القمر، وقد قال الزاعمون لاكتشافه في البداية أنه مظلم ثم أثبتوا فيه بصيص نور، وقولهم تخرص ليس هذا موضع بحثه، وإنما موضعه سورة ياسين إن شاء الله.


وقد بين الله الحكمة في هذه الآية الكريمة للأهلة، وهي أنها مواقيت للناس في أمور دينهم ودنياهم، كما قال في سورة يونس: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [يونس: 5].


فأمور الدين:

الصيام المفروض في رمضان، وصيام التطوع الذي لا يضبط وقت وجوبه ولا وقت فضله إلا بالأهلة وكذلك الحج، وعدة المتوفى عنها زوجها، والنذر، والطلاق المعلق، وغير ذلك من التأجيلات التي معرفتها بالشهور القمرية متيسرة لجميع المسلمين، عالمهم وجاهلهم، بخلاف الشهور الشمسية التي لا يعرفها غير المتعلمين والحاسبين.


وفي هذه الآية نص قاطع على أن الشهور المعتبرة شرعا هي الشهور القمرية التي طريق معرفتها الأهلة، وأن جميع العبادات من صوم وحج وما يتعلق بالشرع لا يصح ثبوته بالعدد والحساب، وأن الشهور لو كانت تعرف بالعدد والحساب لما حصر الله توقيتها بالأهلة، فمن أراد صرف الناس عن ضبط الشهور بالأهلة إلى ضروب من الحسابات الفلكية، فقد عاكس مقصود الله ونصب نفسه مستدركا على علمه وحكمته، فهو كالمندد المنتقص لعلم الله وحكمته.


وقد أخبر الله سبحانه في غير هذه الآية أنه دبر الأهلة هذا التدبير العجيب لمنافع عباده في قوام دينهم ودنياهم مع ما يستدلون بهذه الأحوال المختلفة على وحدانية الله سبحانه وعلى كمال قدرته، كما قال: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا ﴾ [الفرقان: 61]، والآية التي ذكرناه سابقًا من سورة يونس وغيرها، وأيضًا فلو لم يقع في جرم القمر هذا الاختلاف لراجت شبهة الفلاسفة القائلين بأن الأجرام الفلكية لا يمكن تطرق التغير إلى أحوالها، ولكنه سبحانه بحكمته القاهرة أبقى الشمس على حالة واحدة وأظهر الاختلاف في أحوال القمر؛ ليظهر للعاقل بأن بقاء الشمس على حالتها ليس إلا بتكوين الله لها على هذا التغيير المشاهد، فيصير الكل بهذا الطريق شاهدًا على افتقارهما إلى خالق حكيم مدبر قاهر قادر، كما قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾ [الإسراء: 44]، فقد ظهر بما ذكرناه أن الاختلاف في أحوال القمر الذي حصل عنه السؤال معونة عظيمة في تعيين الأوقات.


أجاب الله عن سؤالهم بقوله: ﴿ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ ﴾ على جميع المنافع التي يفضي تعدادها إلى الإطناب، ويكون الاقتصار على ذكر بعضها ترجيح بلا مرجح، فاقتصر الله في الإجابة على كونها ميقاتًا، فكان اقتصاره من عظيم بلاغة القرآن وفصاحته، إذا جاء الجواب المختصر في هذه الآية توضيحًا لوجه الحكمة في زيادة القمر ونقصانه، وهو التوقيت المزيل للإشكال في المعاملات والنذور والأيمان والعدة ومدة الحمل والإيجار والصوم والإفطار والحج وغير ذلك.


وقد أفرد الله الحج بالذكر لأنه مما يحتاج فيه إلى معرفة الوقت، ولأنه مما لا يجوز النسيء فيه عن وقته. والنسيء؛ هو ما تفعله الجاهلية من التأخير الذي تتبدل به الشهور، فأبطله الله وسماه زيادة في الكفر كما سيأتي ذكره في سورة (براءة).


وقد استدل الإمام مالك وأبو حنيفة على صحة الإحرام بالحج في غير أشهره المعلومة، لأن الله جعل الأهلة كلها ظرفًا لذلك، وخالفهما الإمام الشافعي ومن وافقه محتجًا بقوله تعالى: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ﴾ [البقرة: 197]. وأن معنى آية الأهلة أن يكون بعضها مواقيت للناس وبعضها مواقيت للحج. والظاهر صحة القول الأول، لكن تختلف الأحكام على من أوجب على نفسه الحج في غير شهوره، كما هو مفصل في أحكام الحج.


وفي قوله سبحانه: ﴿ والحج ﴾ فيه إضمار تقديره (وللحج) وأحسن الأقوال في إفراد الحج بالذكر ما قاله القفال رحمه الله أن الحج مقصور على الأشهر التي عينها الله لفرضه، وأنه لا يجوز نقله إلى غيرها من الشهور، وهذا كما قدمناه. ونشير هنا إشارة خفيفة إلى الشهور الشمسية على اختلافها، فنقول: إنهم عملوها لمقاصد خبيثة ومقاصد حسنة، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إنما الأعمال بالنيات)).


فأهل المقاصد الحسنة طبقوها على الأنواء الثمانية والعشرين؛ ليضبطوا بها أوقات الزراعة والبذور؛ لتنضبط مصلحة الحراثة ويسلم المحصول من الأمراض والفساد الناتج من وضع البذر في غير وقته، وأضبط هذا النوع حساب القبط. وأما ذوو المقاصد الخبيثة فهم نوعان: نوع هم أهل النسيء الذين ذمهم الله، وقد وعدنا بذكر حالهم في سورة براءة، ونوع آخر قصدهم الاختلاس من جميع الموظفين والشرطة والجنود وغيرهم، فيختلسون راتب اثني عشر يومًا تقريبًا في كل سنة من كل موظف، وهذا شيء كثير ومهارة في السرقة، ثم يلبسون عليهم بأنها شهور مضبوطة.


وأما قوله سبحانه وتعالى: ﴿ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى ﴾ [البقرة: 189] وينجسم تفسير المفسرين مع نظم الآية إذا وقفنا على ما ذكره في أسباب النزول من آثار ضعيفة، بل حتى لو كانت قوية، لأن الآية تفيد بكل وضوح عن سؤالهم عن الأهلة، فأجابهم الله بأنها مواقيت للناس يعرفون بها حساب الشهور، ويقومون بما أوجب عليهم فيها وما التزموه من عقود مؤجلة معرفة يتساوى بها الجاهل مع العالم، والذكي مع البليد، خلافًا للحساب الذي لم يعرفه الأذكياء إلا بعد ارتقاء العلوم الرياضية بزمن بعيد عن زمن النبوة، ولكن ما علاقة إقحام هذه الجملة ضمن الجواب عن سؤال الأهلة؟


لعل أقرب التفاسير إلى الصواب هو ما ذكره (أبو مسلم) من أن المراد بذلك ما كانوا يعملونه في الحج من النسيء الذي يؤخرون الإحرام بسببه عن وقته الذي عينه الله، فيحرمون الحلال ويحلون الحرام بمخالفتهم لتوقيت الله الذي عكسوا به حقيقة الأمر، فلما قال تعالى: ﴿ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ﴾ ناسب إعقاب ذكر الحج بتفنيد عمل أهل الجاهلية، فيه من مخالفة الأهلة بأن يذكر إتيان البيوت من ظهورها كمثل لمخالفتهم أوامر الله في الحج وغيره بأن عملهم هذا ليس من البر الذي يتوهمونه، وإنما هو معاكسة لحقيقة البر، كمن يأتي البيوت من ظهورها ويترك الأبواب المعدة للدخول، فأن فعله جهالة وحماقة، والحدود الشرعية هي مداخل للأحكام ومخارج منها، فمن تركها وشرع لنفسه ما لم يأذن به الله كالنسيء في الحج وغيره، فقد ارتكب حماقة من يأتي البيوت من ظهورها ويترك الأبواب.


وإذا جعلنا هذه الجملة من الآية الكريمة واردة بمناسبة ذكر الحج في المواقيت؛ ناسب أيضًا أن يكن ذلك نهيًا للمحرمين بالحج عن تقليد أهل الجاهلية بعدم دخولهم البيوت من الأبواب بسبب السقوف، أو تحرجًا من عند أنفسهم دون تقليد، فقد ورد في سبب نزول هذه الآية أنه كان إذا أحرم الرجل منهم، فإن كان من أهل المدن نقب نقبًا في ظهر بيته، يدخل ويخرج منه، أو يتخذ سلما يصعد منه إلى سطح داره ثم ينحدر، وإن كان من أهل الوبر خرج من خلف الخباء. فأعلمهم الله في هذه الآية أن تشديدهم في أمر الإحرام ليس ببر، ولكن البر من اتقى مخالفة الله، وأمرهم بترك سنة الجاهلية بقوله: ﴿ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ﴾ [البقرة: 189].


وذكر بعض أهل التفسير تأويلا آخر هو أن هذه الجملة تعريض بالسائلين وتأنيب لهم على سؤالهم عن بيان العلة في اختلاف الهلال من بدئه دقيقًا حتى يعظم ويستدير ثم يأخذ في النقص حتى يعود إلى دقته كالعرجون القديم، وأن الذي عليهم أن يسألوا عن الحكمة لا عن العلة، وأن الله أجابهم عن الحكمة بجواب مختصر بديع معرضًا عن العلة التي لا فائدة لهم بالسؤال عنها ولا بالإجابة عنها، فحيث إن سؤالهم في غير محله، فلذلك أخبرهم أن سؤالهم ليس من البر الذي ينفعهم في دينهم، وأنهم بهذا السؤال كالذي يأتي البيوت من ظهورها، والبيوت لا تؤتى إلا من أبوابها، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لو كانت وظيفته تبيين العلوم الطبيعية والفلكية لتعطلت مواهب الحس والعقل، وانتزع الاستغلال الفكري من الإنسان، وصار يتلقى جميع أفراد الأمة كل شيء بالوحي الذي لا يجوز أمامه إلا التسليم، وهذا مخالف لسنة الله الكونية، ويلزم عنه عدم ختم الرسالة وتعداد المرسلين بشكل هائل يكفي لجميع حاجيات البشر، وإذا كان اللازم باطل فالملمزوم مثله، فذكر إتيان البيوت من أبوابها مثل يشير الله به إلى أن نأتي الأمور من مأتاها الذي ندبنا الله إليه، وقيل:

إن الأنصار إذا رجعوا من الحج لم يدخلوا البيوت من أبوابها، فنزلت هذه الآية لذلك، وهاهنا فوائد:

أحدها: في هذه الآية الكريمة بيان أن ما لم يشرعه الله ولا ندب إليه لا يصير قربة، بل يكون بدعة يجب اجتنابها، وإذا أشكل ما هو بر وقربة بما ليس ببر ولا قربة دقق النظر فيه، فإن كان له نظير في الفرائض أو السنن جاز إلحاقه به، وإن لم يكن له نظير في الشريعة كان مرفوضًا كما ورد في الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم -: ((كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد))[1].

 

وورد عن ابن عباس أنه قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب إذا هو برجل قائم في الشمس، فسأل عنه، فقالوا: هو أبو إسرائيل، من الأنصار، نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه))[2].


فأبطل - صلى الله عليه وسلم - ما كان غير قربة مما لا أصل له في الشرع، وصحح ما كان قربة كالصوم الذي له نظير في الشرع.


ثانيها: هذه الأمة المحمدية من أقل الأمم سؤالًا لنبيها، فقد انحصرت أسئلتهم لمحمد بأربع عشرة مسألة، منها ثمانية في سورة البقرة:

أولها: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي ﴾ [البقرة: 186].

 

ثانيها: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ﴾ [البقرة: 189].

 

ثالثها: ﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ ﴾ [البقرة: 215].


رابعها: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ ﴾ [البقرة: 217].


خامسها: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ﴾ [البقرة: 219].

 

سادسها: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى ﴾ [البقرة: 220].


سابعها: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ ﴾ [البقرة: 219]. مرة ثانية.


ثامنها: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ﴾ [البقرة: 222].


والتاسع في المائدة: ﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ ﴾ [المائدة: 4].

 

والعاشر في الأنفال: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَال ﴾ [الأنفال: 1].

 

والحادي عشر في الإسراء: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحُِ ﴾ [الإسراء: 85].

 

والثاني عشر في الكهف: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ ﴾ [الكهف: 83].


والثالث عشر في سورة طه: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ ﴾ [طه: 105].

 

والرابع عشر في الأعراف والنازعات: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ ﴾ [الأعراف: 187، والنازعات: 42].


هذا ما ذكره المفسرون.


ورأيت في سورة النساء سؤالين: ﴿ وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ ﴾ [النساء: 127]، ﴿ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ ﴾ [النساء: 176] وهذا من شرف هذه الأمة وحفظ الله لها، فله الحمد لا نحصي ثناء عليه.


وقوله تعالى: ﴿ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى ﴾ [البقرة: 189].

يعني: اتقى الله وحده، ولم يبال بما سواه فلم يتق غيره ولم يخش من شيء يتطير به عن دخول بيته من بابه، أو ترده الطيرة عن حاجته خوفًا من أهام يتوهمها، بل توكل على الله وانطبع بتقواه ومخافته وحده.


ثم ختم الله الآية بقوله: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 189].

يعني: أن المتقي لله يرجى له الفلاح الذي هو الفوز بسعادة الدارين، كما قال تعالى ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُو حَسْبُهَُ ﴾ [الطلاق: 3، 2]. وتقوى الله الذي هو البر لا تحصل إلا بالتخلي عن المعاصي الرذائل، والتحلي بالفضائل من الأعمال الصالحة وملازمة الصراط المستقيم، ففيها يحصل الرجاء الصحيح بالفلاح والنجاة من الخيبة في جميع شئون الحياة.


فختام الله للآية أن واجب المسلمين تقوى الله حتى يفلحوا في جميع أمورهم، فتمام التحقيق فيها أن من يرجع خائبا يقال له: ما أفلح وما أنجح. وقد وردت الأحاديث بالنهي عن الطيرة، حتى قال - صلى الله عليه وسلم -: ((من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك، وكفارة ذلك أن يقول: اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك)).[3].

 


[1] أخرجه البخاري، كتاب: الصلح، باب: إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، [2697]، ومسلم: [1718].

[2] [صحيح] أخرجه البخاري، كتاب، الأيمان، والنذور، باب: النذر فيما لا يملك، وفي معصية، [6704]، وغيره.

[3] [منكر] أخرجه الإمام أحمد: [2/220]، والبزار: [2316]، وقال: وهذا الحديث لا نعلم أحداً يرويه بهذا اللفظ إلا رويفع بن ثابت وحده، وشييم بن مشهور، وإنما ذكرنا حديثه إذ كان لا يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الكلام إلا عنه، وذكره الهيثمي في المجمع: [5/105] وطريق الإمام أحمد فيه ابن لهيعة، وهو ضعيف فيما لا يرويه عنه العبادلة.

وقد قال أبو حاتم: هذا حديث منكر انظر علل ابن أبي حاتم: [2/282] [2347].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير سورة البقرة .. الآية (187) (1)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (187) (2)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (187) (3)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (187) (4)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (188)
  • تفسير سورة البقرة .. الآيات (190 : 192)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (193)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (194)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (195)

مختارات من الشبكة

  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (135 - 152) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (102 - 134) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (65 - 101) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (1 - 40) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (40 - 64) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الفتوحات الربانية في تفسير الآيات القرآنية: تفسير الآيتين (6-7) من سورة البقرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تيسير الوصول في تفسير آمن الرسول: الآية (285 - 286) من سورة البقرة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الفتوحات الربانية في تفسير الآيات القرآنية: سورة البقرة الآيات (1-5)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (284)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (283)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب