• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم قرآن
علامة باركود

تفسير سورة البقرة .. الآية (186) (3)

تفسير سورة البقرة .. الآية ( 186 ) (3)
الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/6/2013 ميلادي - 26/7/1434 هجري

الزيارات: 10590

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير سورة البقرة

الآية (186) (3)


قال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].


إن للدعاء شروطاً وآداباً وموانع سأذكر ما يوفقني الله إليه منها:

فالأول: أن يكون الداعي لله على طهارة ظاهرة وباطنة.


الثاني: أن يكون مستقبل القبلة.


الثالث: أن يتحرى أوقات الإجابة وهي: الثلث الأخير من الليل، وعند الأذان، وبين الأذان والإقامة، وعند بدء نزول الغيث، وفي وقت الإفطار للصائم، وفي السجود، وفي نهاية التشهد الأخير، أو في أدبار الصلوات، وعند صعود الإمام على المنبر يوم الجمعة، وآخر ساعة منها بعد العصر، وفي سفر الطاعة، وفي الجهاد الصحيح - كما أوضحناه سابقاً.


الرابع: حضور القلب وجمعيته بكله على المطلوب لحديث: ((لا يقبل الله دعاء مِن قلب غافل ساه)).


الخامس: خشوع القلب وذله وانكساره بين يدي الله.


السادس: الضراعة إلى الله برقة وتملق.


السابع: الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في أول الدعاء وأوسطه وآخره.


الثامن: الثناء على الله بما هو أهله والاعتراف بالظلم والتقصير.


التاسع: مداومة الدعاء في السراء قبل نزول الضراء، وهذا ابتعاد عن الغفلة والاستغناء عن الله.


العاشر: تقدم عشر تسبيحات فأكثر لورود الأثر بذلك.


الحادي عشر: الدعاء بالأدعية الشرعية المأثورة؛ لانضباطها وسلامتها من الاعتداء.


الثاني عشر: ألا يدعو الله بإثم ولا بقطيعة رحم، ولا يسلك كل دعاء أي مسلك من مسالك الاعتداء فإن الله يقول: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [الأعراف:55]. وفي الحديث: ((إن أقواماً يعتدون في الدعاء))[1].


الثالث عشر: ألا يدعو بالمستحيلات أو خوارق العادات التي قد يكون ليس من أهلها، وهذا أيضاً من الاعتداء.


الرابع عشر: أن يدعو الله بما يليق، فلا يدعو طالباً رتبة الأنبياء أو الملائكة، أو الاطلاع على شيء من علم الغيب ونحو ذلك مما يدخل في قسم الاعتداء أو يسبب نكصه.


الخامس عشر: ألا يدعو بدعاء الأنبياء غير المنصوص عليه، كدعوة نوح على قومه أو دعوة إبراهيم عليه السلام لبعض ذريته؛ لأن في هذا مخالفة لسنة الله وإفراط لا ينبغي صدوره من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، فكثيراً ما نسمع بعض الجهلة يقول: ﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ﴾ [إبراهيم: 40] اقتداء بإبراهيم بدون ملاحظة للفارق بينه وبين إبراهيم، فإبراهيم يعلم من الله أن ذريته ستملأ الأرض براً وبحراً، وفيهم المؤمن وأكثرهم فاسق، كما قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُون ﴾ [الحديد: 26]. فلهذا قال إبراهيم: ﴿ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ﴾ [إبراهيم: 40] أدباً مع الله ودعاء له بما يليق. أما هذا السائل الجاهل فإنه رب أسرة قليلة لا يرضى أن يكون بعض أولاده كافراً أو ملحداً لا يصلي، فكيف يدعو ربه بقوله: ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾. فهذه الآية مما تعبدنا الله بتلاوتها لا بالدعاء بها، والداعي بها ظالم لنفسه ومسيء إلى ذريته؛ إذ يسأل الله صلاح بعضهم دون بعض، فينبغي التفطن لذلك وتنبيه الغافل عن هذا الدعاء الذي لا يرضى مضمونه لذريته.


السادس عشر: أن يكون ملازماً للتوبة والاستغفار ليكون أدعى للقبول.


السابع عشر: الخروج من المظالم، فقد روى عبد الله ابن الإمام أحمد في كتاب الزهد أن بني إسرائيل أصابهم بلاء فخرجوا مخرجاً فأوحى الله إلى نبيهم أن أخبرهم أنكم تخرجون إلى الصعيد بأبدان نجسة وترفعون إلي أكفاً قد سفكتم بها الدماء وأكلتم المال الحرام، الآن اشتد غضبي عليكم ولن تزدادوا مني إلا بُعداً[2].


الثامن عشر: تحري أكل الحلال لما ورد في صحيح مسلم عنه - صلى الله عليه وسلم - ((إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً))، إلى أن ذكر: ((الرجل يطيل السفر أشعت أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب، يا رب. ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك؟))[3].


التاسع عشر: أن يكون الدعاء بضراعة، وحرقة قلب واجتهاد لا بأساليب سجعية إلا إذا جاءت من غير تكلف كقوله: ((اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت)). ونحو ذلك.


العشرون: أن يكون برهبة ورغبة وقوة رجاء وخشوع لقوله تعالى: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ [الأنبياء: 90].


ويدخل في هذه الآية:

الحادي العشرون: وهو التقدم بالحسنات وبذل الصدقات ليكون الداعي من المسارع في الخيرات.


الثاني العشرون: تحري الأماكن الفاضلة الشريفة كالمساجد عامة والمساجد الثلاثة خاصة ومشاهدة الكعبة أخص وأخص، كما يتحرى الأوقات الفاضلة. وقد ورد في الأثر: ((أن المؤمن أقرب ما يكن إلى الله في سجوده))[4].


الثالث والعشرون: ألا يستبطىء الإجابة فإن هذا من الآفات التي تمنع ترتب أثر الدعاء عليه وهو أن يستعجل العبد. ففي المسند عن أنس قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يزال العبد بخير ما لم يبستعجل)). قالوا: يا رسول الله كيف يستعجل؟ قال: ((يقول: قد دعوت ربي فلم يستجيب لي))[5]. وذلك لأنه يستمر فيدع الدعاء كالقانط والعياذ بالله. ومن أنفع الأدوية للنوازل الحسية أو المعنوية الإلحاح في الدعاء. ففي مسند الحاكم عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تجزعوا في الدعاء فإنه لا يهلك مع الدعاء أحد))[6]. وقد تقدم حديث: ((إن الله يحب الملحين في الدعاء))[7].


الرابع والعشرون: من شروط الدعاء وآدابه هو الإيقان بالإجابة؛ لأنها من قوة الثقة بالله وصدق الاتكال عليه ورجاء ما عنده. وقد جاء في مستدرك الحاكم من حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يقبل دعاء من قلب غافل لاهٍ))[8]. فغفلة القلب عن الله تبطل قوة الدعاء ومفعوله، وذكر بعضهم حسن التعبير في لفظ الدعاء من آدابه قائلاً: إنه يتضمن مواجهة الحق سبحانه بالخطاب، واستدلوا بحديث لا يثبت وهو: ((لا يقبل الله دعاء ملحوناً)). والصحيح أن التعبير على حسب الاستطاعة وأن دعاء التضرع والخشوع الصادر عن رهبة من غضب الله ورغبة في رحمته مع حرقة قلب واجتهاد أحسن تأثيراً من المنطلق الفصيح الخالي عن ذلك.


الخامس والعشرون: التوسل إلى الله بصالح الأعمال المرضية له.


السادس والعشرون: التوسل إلى الله بأسمائه وصفاته الكريمة العظيمة لا سيما ما اشتمل منها على الاسم الأعظم أو قاربه مما يحبه الله، ومنها ما ورد في السنن وصحيح ابن حبان من حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلاً يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد. فقال: ((لقد سأل الله بالاسم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب))[9].


وفي السنن أيضاً من حديث أنس أنه كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - جالساً ورجل يصلي ثم دعا فقال: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى))[10]. وأخرج الحديثين الإمام أحمد في مسنده أيضاً.


وفي مسند أحمد وصحيح الحاكم من حديث أبي هريرة وأنس بن مالك وربيعة بن عامر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((ألظّوا بيا ذا الجلال والإكرام))[11]. والإلظاظ: الإلحاح.


يعني: تعلقوا بها والزموها وداوموا عليها.


وفي جامع الترمذي عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أهمه أمر رفع رأسه إلى السماء، وإذا اجتهد في الدعاء قال: ((يا حي ياقيوم))[12]. وفيه أيضاً من طريق أنس قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كربه أمر قال: ((يا حي يا قيوم برحمتك أستغيت))[13].


وفي الصحيحين من حديث ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول عند الكرب: ((لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض رب العرش الكريم))[14]. وتقدم دعاء الكرب في حديث ابن مسعود والكلام عليه. كما تقدم أيضاً حديث الكرب في دعاء ذي النون.


وذكر ابن أبي الدنيا في كتابه (مجابو الدعوة) عن الحسن قال: "كان رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأنصار يكنى أبا معلق وكان تاجراً يتجر بمال له ولغيره يضرب به في الآفاق وكان ناسكاً ورعاً فخرج مرة فلقيه لص مقنع بالسلاح، وقال له: ضع ما معك فإني قاتلك.


قال: فما تريد إلا دمي فشأنك والمال، قال: أما المال فلي ولست أريد إلا دمك. قال: أما إذا أبيت فذرني أصلي أربع ركعات. قال: صلي ما بدا لك، فتوضأ ثم صلى أربع ركعات فكان من دعائه في آخر سجدة أن قال: يا ودود، يا ذا العرش المجيد، يا فعال لما تريد، أسألك بعزك الذي لا يرام، وبملكك الذي لا يضام، وبنورك الذي ملأ أركان عرشك، أن تكفيني هذا اللص، يا مغيث أغثني يا مغيث أغثني، يا مغيث أغثني (ثلاث مرت). فإذا هو بفارس أقبل بيده حربة قد وضعها بين أذني فرسه، فلما بصر به اللص أقبل نحوه فطعنه فقتله، ثم أقبل إليه. فقال: قم. فقال: من أنت بأبي أنت وأمي قد أغاثني الله بك اليوم.


فقال: أنا ملك من أهل السماء الرابعة، دعوت فسمعت لأبواب السماء قعقعة، ثم دعوت بدعائك الثاني فسمعت لأهل السماء ضجة، ثم دعوت دعوت بدعائك الثالث فقيل: دعاء مكروب، فسألت الله أن يوليني قتله. قال الحسن: فمن توضأ وصلى أربع ركعات ودعا بهذا الدعاء استجيب له مكروباً كان أو غير مكروب))[15].


فهذه النصوص والآثار ترغبك أيها المؤمن بحسن علاقتك بالله، وذلك بالصدق في محبته والإخلاص في معاملته بأن لا تحب ما يكرهه الله أو يبغضه من أي شخص أو عمل، فتقصر محبتك على ما يحبه الله من أي شخص أو عمل وتبغض تعادي وتجانب كل ما يبغضه الله من أي عمل أو أي شخص ولو كان أقرب قريب، وتكون مستجيباً لأمر الله، غيوراً على دينه، غضوباً لحرماته وتكون همتك وغاية أملك العمل لدين الله من حمل رسالته والدفع بها إلى الأمام، وبذل النفس والنفيس في سبيل ذلك، ولا تصر على ذنب أو تسوف في التوبة، فإنك لا تدري في أي لحظة تموت، ولا تأخذك الأماني أو تشرد بك الشهوات عن صراط الله الموصل إليه، بل عاكسها لتكون قريباً من الله، مستجاب الدعوات، خصوصاً إذا طاب مأكلك بالوقوف عند حدود الله في المعاملات.


إن الله وعد المؤمنين بالمثوبة وندبهم إلى دعائه ضامناً لهم الاستجابة. وقد ورد أن الله لا يرد يدي عبده خائبتين إلا لمانع من موانع الإجابة، والقرآن صريح في ترتب الجزاء على الخير والشر، فينبغي لصاحب الشر ألا يطمع في الخير؛ لأن من طمع فيما لم يسلك طريقه فهو أحمق، وينبغي معرفة أسباب الخير والشر ليكون في سلوكه على بصيرة ويستفيد ذلك من وحي الله الذي ذكر أسباب شقاء كل أمة أسباب هلاكها؛ ليحذر من ارتكاب المهلكات واستحباب العماية على الهداية بشرط ألا يغالط نفسه كأن عنده صك أمان، فإن من أعظم أسباب الردى والهلاك مغالطة النفس أمام الحقائق.


وهنا عوائق خطيرة تحول دون الاستجابة وتحقيق الإنابة وتجعل صاحبها محروماً من الوصول إلى الله، فمنها مواصلة الذنوب مع ظن أن مجرد الاستغفار يمحوها أو تكرار الأذكار بدون توبة صحيحة يتبعها أعمال صالحة، كأن يظن أن الورد الفلاني أو الذكر الفلاني يمحو الذنوب وإن كانت مثل زبد البحر، فيتكل على ذلك مع الإصرار على الذنوب، جاهلاً أن المعصية الكبيرة لا يمحوها إلا التوبة النصوح، كما ذكرناها سابقاً، وأن الإصرار على الصغائر يجعلها كبائر، وأن الإصرار على الكبائر يئول إلى الشرك.


ومنها الاعتماد على نسبه والصالحين من آبائه وأجداده، وهذا من أخبث غرور الشيطان وأفسده، فإن الله قطع طمع الإنسان في سعي غيره، كما برأه من وزر غيره حيث قال: ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ﴾ [النجم: 39].

 

﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ [الأنعام: 164].


ومنها الاعتماد على شفاعة الصالحين والأولياء من حي أو مقبور، وقد قطع الله جميع وسائل المشركين حتى الشفاعة ربطها بإذنه، فقال: ﴿ وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ﴾ [سبأ: 23]، ﴿ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ﴾ [يونس: 3]، ﴿ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ ﴾ [السجدة: 4].


فهل بعد هذا النفي الصريح المكرر طمع في شفاعة لم يأذن بها الله، والله يقول: ﴿ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى ﴾ [الأنبياء: 28].


ومنها ما هو أحمق من ذلك وهو الاغترار بسكنى بلد مقدس أو جوار ولي مزعوم، ومع حماقة أهل هذا المسلك فإن شياطين الإنس من الدجاجلة قد ضعوا حكايات وأحاديث مفتراة في كرامات هذا وذاك مما جعلوا جوار (فلان) لا يضر معه معصية، بل وضعوا أحاديث مكذوبة في القدس ومكة وأن الساكن بهما تسقط عنه تكاليف الإسلام، وأنه بجوار الله، وأنه لا تضره المعاصي، بل زادوا في إفكهم فقالوا: إن سيئات أهل مكة خير من حسنات غيرهم، وقالوا عن الطواف إنه يكفر كبائر الذنوب من الزنا والفواحش حتى سهلوا لإبليس طرق الإغواء والعياذ بالله. على أن جميع مفترياتهم تخالف المعقول والمنقول، فإن مسالكهم بسبب التأثير السيئ لهذا الأكاذيب مسالك إلحاد وكفر.


لقد مالوا عن الحق وانحرفوا عن هداية المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وعطلوا أعظم شرائع الإسلام من الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثم الإقدام على كبائر الإثم والفواحش اعتماداً على قداسة المكان أو جوار الكعبة كأنهم جيران الله، والله يقول: ﴿ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الحج: 25].



[1] أخرجه أبو داود [1480]، وأحمد [1/112] من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.

وأخرجه ابن ماجه [3864]، وأحمد [4/86]، من حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه.

[2] أخرجه البيهقي في الشعب عن مالك بن دينار من قوله: [1157]، وذكره ابن رجب في جامع العلوم والحكم: [1/108].

[3] [صحيح] أخرجه مسلم: [1015].

[4] أخرجه مسلم: [482].

[5] أخرجه البخاري، كتاب: الدعوات، باب: يستجاب للعبد مالم يعجل [6340]، ومسلم [2735].

[6] سبق تخريجه.

[7] سبق تخريجه.

[8] أخرجه الترمذي: [3479]، والحاكم: [1/670]، والطبراني في الأوسط: [5109]، وابن عدي في الكامل من حديث أبي هريرة رضي الله عنه من طريق صالح بن بشير المري أبي بشر وهو ضعيف.

وفي الباب عن ابن عمرو رضي الله عنهما، أخرجه به الإمام أحمد: [2/177]، وعن صفوان بن سليم، أخرجه به ابن المبارك بالزهد: [1/21] [85].

[9] أخرجه أبو داود: [1493]، والترمذي: [3475]، والإمام أحمد: [5/349، 350]، والبيهقي بالشعب: [2604]، وابن حبان: [891، 892]، والحاكم: [1/683]، والهيثمي في الموارد: [2383]، والإسماعيلي بمعجمه: [209].

[10] أخرجه أبو داود: [483،1495]، والترمذي: [3544] والنسائي: [3/52]، وفي الكبرى: [7701]، والإمام أحمد: [1/230]، وابن المبارك في الزهد: [1/683]، والمقدسي في المختارة: [2058]، والطبراني: [5/101]، [4722].

[11] أما حديث أبي هريرة رضي الله عنه فأخرجه الحاكم: [1837]، وأما حديث أنس رضي الله عنه فأخرجه الترمذي: [3524، 3525]، والمقدسي في المختارة: [2064، 1065]، وابن عدي: [7/102]، وأبو يعلى: [3833]، وأما حديث ربيعة بن عامر رضي الله عنه فأخرجه النسائي في الكبرى: [7716، 11563]، والإمام أحمد: [4/177]، والقضاعي في مسند الشهاب: [451]، والإمام أحمد في العلل: [5821]، والحاكم: [1/676] [1836]. وعن عائشة رضي الله عنه أخرج حديثها الربيع بمسنده: [498].

[12] أخرج الترمذي: [3436]، وقال: حسن غريب.

[13] أخرجه الترمذي: [3524]، وقال: هذا حديث غريب.

[14] [صحيح] سبق تخريجه.

[15] أخرجه اللالكائي في كرامات الأولياء موقوفاً على أنس رضي الله عنه (ص418).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير سورة البقرة .. الآية (186) (1)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (186) (2)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (186) (4)
  • تفسير سورة البقرة .. الآية (187) (1)

مختارات من الشبكة

  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (135 - 152) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (102 - 134) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (65 - 101) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (1 - 40) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منتقى التفاسير في تفسير سورة البقرة: تفسير الآيات من (40 - 64) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الفتوحات الربانية في تفسير الآيات القرآنية: تفسير الآيتين (6-7) من سورة البقرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سور المفصَّل ( 10 ) تفسير الآيتين من سورة الفاتحة ﴿ مالك يوم الدين - إياك نعبد وإياك نستعين ﴾(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 9 ) تفسير الآيتين من سورة الفاتحة ﴿ الحمد لله رب العالمين - الرحمن الرحيم ﴾(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصل 204 - الغاشية ج 30 - وقفة تدبرية في الآيات من 17 إلى الآية 20(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • فوائد من سورة الطلاق (من الآية 1 إلى الآية 5)(محاضرة - موقع الشيخ د. عبد الله بن محمد الجرفالي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب