• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

بطلان الوكالة

بطلان الوكالة
د. عبدالحسيب سند عطية

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/2/2013 ميلادي - 3/4/1434 هجري

الزيارات: 35905

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بطلان الوكالة

 

قال القُدُوري: "وتبطل الوكالة بموت الموكل وجنونه جنونًا مُطبِقًا[1]، ولحاقه بدار الحرب مرتدًّا".

 

حدَّد القُدُوري في هذا النص بعضًا من أسباب بطلان الوكالة، وهي: موت الموكل، وجنونه جنونًا مُطبِقًا، ولحاقه بدار الحرب مرتدًّا.

 

ويعلل المرغيناني هذه الأسباب بقوله: "لأن التوكيل تصرف غير لازم، فيكون لدوامه حكمُ ابتدائه، فلا بد من قيام الأمر، وقد بطَل بهذه العوارض".

 

ومعنى قول المرغيناني: "لأن التوكيل تصرف غير لازم"؛ أي: إن الوكالة تبطل إذا مات الموكل؛ لأن التوكيل من التصرُّفات غير اللازمة، والتصرفات غير اللازمة هي عبارة عما يتوقف الفسخ فيها على الرضا من الجانبين، والتوكيل لا يتوقف الفسخ فيه على ضرورة الرضا من الجانبين؛ حيث إن لكل من الموكل والوكيل فسخَ عقدِ الوكالة، دون التوقف على رضا الآخر، كل ما في الأمر أن يُبلغ الفاسخُ الطرفَ الآخر بالفسخ.

 

فعقد الوكالة من العقود الجائزة، وليس من العقود اللازمة، ومن هنا كان لكل من طرفي عقد الوكالة فسخه بدون رضا الآخر، وما دام التوكيل من التصرفات غير اللازمة بالمعنى المبين، فإنه يكون لدوامه حكم ابتدائه؛ أي: يكون لاستمراره حكمُ ابتدائه أو إنشائه؛ لأن التصرف إذا كان غير لازم، كان المتصرف بسبيل من فسخه في كل لحظة من لحظات دوامه "استمراره"، فلما لم ينفسخ التصرف جعل امتناع أحد المتعاقدين عن الفسخ عند تمكنه من هذا الفسخ بمنزلة ابتداء تصرف آخر من جنسه؛ فصار كأن عقد الوكالة يتجدد في كل ساعة مما يعني انتهاءه، ومن هنا فكان كل جزء من استمرار هذا العقد بمنزلة ابتداء العقد، وما دام كل جزء من استمراره بمنزلة إنشائه؛ كان لا بد من قيام أمر الموكل بالتوكيل في كل ساعة أو على الدوام، ولا شك أن عارض "الموت، أو الجنون، أو اللحاق بدار الحرب مرتدًّا"؛ يحول دون استمرار قيام أمر الموكل، فيبطل هذا الأمر، وبالتالي تبطل الوكالة.

 

قال المرغيناني: "وشرطٌ أن يكون الجنون مُطبقًا؛ لأن قليله بمنزلة الإغماء، وحد المُطبِق شهر عند أبي يوسف، اعتبارًا بما يسقط به الصوم، وعنه أكثر من يوم وليلة؛ لأنه يسقط به الصلوات الخمس، فصار كالميت، وقال محمد: حولٌ كامل؛ لأنه يسقط به جميع العبادات، فقدِّر به احتياطًا".

 

يتناول المرغيناني في هذا النص مسألة الجنون كسبب من أسباب بطلان الوكالة، ويبيِّن نوع الجنون الذي يعد سببًا لهذا البطلان؛ فيذكر أنه يشترط لكون الجنون مبطلاً للوكالة أن يكون هذا الجنون مُطبِقًا؛ أي: دائمًا، كما ذكرنا؛ وذلك لأن قليله بمنزلة الإغماء، والإغماء لا يبطل الوكالة، ثم ذكر اختلاف الفقهاء حول أمد الجنون المُطبِق، فقال: إن أبا يوسف قدَّره - في رواية له - بشهر، ويذكر أن أبا بكر الرازي قد روى ذلك أيضًا عن أبي حنيفة، ووجهة هذه الرواية الاعتبار بالجنون في الصيام - أي: صيام شهر رمضان - فإنه إذا جُنَّ المكلَّفُ الشهر كله؛ فإن الصوم يسقط عنه ولا يعيده، وأبو حنيفة - رحمه الله - يقدر الجنون المُطبِق بالشهر؛ لأن ما دون الشهر - في نظره - في حكم العاجل فكان قصيرًا، أما الشهر فصاعدًا، فهو في حكم الآجل، فكان طويلاً.

 

ثم ذكر المرغيناني الرواية الثانية لأبي يوسف، فقال: "وعنه أكثر من يوم وليلة... إلخ"؛ أي: وعن أبي يوسف أن مدة الجنون المُطبِق أكثر من يوم وليلة، ووجهة هذه الرواية: أن أكثر من اليوم والليلة تسقط به الصلوات الخمس، فصار مَن جُنَّ في هذه المدة كالميت، والميت بالطبع لا يصلح للوكالة.

 

أما رواية محمد: فإنه روي عنه أن مدة الجنون المُطبِق حوْلٌ كامل، وعلَّل الإمام محمد لرأيه هذا بقوله: إن الحول الكامل يسقط به جميع العبادات "الصلاة - الزكاة - الصوم - الحج"؛ أما ما دون الحول، فلا تسقط به الزكاة؛ لأن وجوبها مقدَّر بالحَوْل، وبالتالي فإنه يقدر مدة الجنون المُطبِق بالحول الكامل من باب الاحتياط.

 

قال المرغيناني: "قالوا الحكم المذكور في اللحاق قول أبي حنيفة؛ لأن تصرفات المرتد موقوفة عنده، فكذا وكالته، فإن أسلم نفذ، وإن قُتل أو لحق بدار الحرب بطَلت الوكالة، فأما عندهما فتصرفاته نافذة فلا تبطل وكالته إلا أن يموت، أو يقتل على ردَّته، أو يحكم بلحاقه، وقد مر في السير".

 

يتناول المرغيناني في هذا النص الكلام عن اللحاق بدار الحرب مرتدًّا، كسبب من أسباب بطلان الوكالة، فيذكر أن المشايخ قد قالوا: الحكم المذكور في اللحاق؛ أي: الحكم المذكور في اللحاق الذي نقلناه في أول هذا الباب من مختصر القُدُوري، وهو ما ذكرناه من قوله: "... ولحاقه بدار الحرب مرتدًّا"، ولا يخفى أن حكم اللحاق بدار الحرب هو بطلان الوكالة.

 

قال المشايخ من الحنفية: إن الارتداد وحده لا يكفي لبطلان الوكالة، بل لا بد من لحوق المرتد بدار الحرب؛ وذلك لأن تصرفات المرتد عند أبي حنيفة موقوفة، ومن هذه التصرفات وكالته؛ فإن أسلم المرتد نفذت تصرفاته السابقة، ومنها وكالته، أما إن قُتل أو لحق بدار الحرب بطلت تصرفاته، ومنها الوكالة.

 

وقال الصاحبان: إن تصرفات المرتد نافذة وغير موقوفة، وبالتالي فلا تبطل وكالته إلا أن يموت، أو يقتل على ردته، أو يصدر حكم بلحاقه بدار الحرب؛ وذلك حتى يستقر أمر اللحاق.

 

ومعنى قوله: "وقد مر في السير"؛ أي: قد مر كون تصرف المرتد موقوفًا عند أبي حنيفة ناقدًا عندهما مع ذكر دليل الطرفين مستوفًى، وذلك في باب أحكام المرتدين من كتاب السير.

 

قال المرغيناني: "وإن كان الموكل امرأة فارتدت، فالوكيل على وكالته حتى تموت أو تلحق بدار الحرب؛ لأن ردتها لا تؤثر في عقودها على ما عرف".

 

في هذا النص يوضح المرغيناني صورة من صور الردة، وأثرها على الوكالة، وهي صورة ما إذا كان الموكل امرأة وارتدت، فهل تَبطُل الوكالة أم لا؟


وقد ذكر المرغيناني الحكم في هذه الصورة، وبيَّن أن الموكل إذا كانت امرأة فارتدت، فالوكيل يظل على وكالته، على الرغم من ردة الموكل "المرأة"، وذلك حتى تموت هذه المرأة، أو تلحق بدار الحرب؛ لأن ردتها لا تؤثر في عقودها؛ لأنها لا تقتل إذا ارتدت كما ذكر في باب السير، وهذا بالإجماع بين فقهاء المذهب.

 

قال القُدُوري: "وإذا وكل المكاتب ثم عجز، أو المأذون له ثم حجر عليه، أو الشريكان فافترقا؛ فهذه الوجوه تُبطِل الوكالة على الوكيل، علِم أو لم يعلَم".

 

في هذا النص يورد القُدُوري وجوهًا أُخَر من وجوه بطلان الوكالة، فيذكر أن المكاتَب إذا وكل في فترة مكاتبته، ثم عجز عن الأداء بدل الكتابة، وبالتالي عاد إلى الرق؛ فإن الوكالة تصبح باطلة، ودون أن يتوقف هذا البطلان على علم الوكيل أو عدمه.

 

وكذلك الحكم إذا وكل العبد المأذون له ثم حجر عليه ثانية بعد الإذن، وكان التوكيل في هذا الوجه والذي قبله - وجه المكاتب - توكيلاً بالعقود أو الخصومات.

 

وكذلك الحكم في الوجه الثالث أيضًا: وهو وجه توكيل الشريكين أو أحدهما ثالثًا بشيء مما يليه الموكل بنفسه، فافترق الشريكان بعد التوكيل؛ فالتوكيل في هذه الوجوه الثلاثة "العجز عن بدل الكتابة، والحجر، والافتراق" - باطلٌ، علم الوكيل بذلك أو لم يعلم.

 

ويعلِّل المرغيناني هذا الحكم؛ فيقول: "لما ذكرنا أن بقاء الوكالة يعتمد قيام الأمر، وقد بطل بالحجر، والعجز، والافتراق"؛ أي: إن الوكالة تبطل في الوجوه السابقة؛ نظرًا لِما ذكرناه سابقًا من القول بأن عقد الوكالة من العقود غير اللازمة، والعقود غير اللازمة يكون لدوامها حكمُ ابتدائها، مما يعني بالضرورة أن بقاء الوكالة أو استمرارها يستلزم قيام الأمر - أي أمر التوكيل - ولا يخفى أن هذا الأمر قد سقط، أو بطل بسبب العوارض التي طرأت على الموكل؛ وهي الحجر بعد الإذن، أو العودة إلى الرِّق بسبب العجز عن أداء المكاتب لبدل الكتابة للسيد، أو افتراق الشريكين.

 

ثم يعلِّل "صاحب الهداية" عدم توقف بطلان الوكالة في هذه الوجوه الثلاثة، على علم الوكيل، وهو ما أشار إليه القُدُوري سابقًا بقوله: "... عَلِم الوكيل أو لم يعلم".

 

يعلِّل صاحب الهداية "المرغيناني" هذا الأمر بقوله: "ولا فرق بين العلم وعدمه؛ لأنه عزل حكمي، فلا يتوقف على العلم، كالوكيل بالبيع إذا باعه الوكيل".

 

يوضح المرغيناني من خلال هذا النص أن الوكالة تبطل في الوجوه السابقة الثلاثة، ويصبح الوكيل معزولاً عن الوكالة، حتى ولو لم يعلم الوكيل بعزله.

 

وذلك على خلاف ما ذكرناه في أول هذا الباب، من ضرورة اشتراط علم الوكيل بعزله إذا عزله الموكل؛ نظرًا لِما يترتب على العزل من أضرار تلحق بالوكيل، وقد وضحنا ذلك في حينه، فلا نعيده هنا.

 

أما في هذه الوجوه الثلاثة، فالوكيل ينعزل وتبطل الوكالة، حتى ولو لم يعلم بعزله؛ وذلك لأن العزل في هذه الوجوه الثلاثة عزلٌ حكمي أو ضمني.

 

حيث إن العزل إما أن يكون صريحًا؛ وهو أن يصرح الموكل بعزل الوكيل؛ وذلك بأن يعلمه صراحة بالعزل، وهذا يستوجب العلم بالضرورة.

 

وإما أن يكون العزل ضمنيًّا أو حكميًّا، وهو ألا يصرِّح الموكل بعزل موكله، وحتى ولو لم يعلم الوكيل بالعزل.

 

ولما كان العزل في الوجوه الثلاثة السابقة عزلاً حكميًّا أو ضمنيًّا، فإنه لا يتوقف على العلم؛ وذلك لأن العلم بالعزل شرطٌ في العزل الصريح أو الحقيقي، دون العزل الحكمي، أو الاعتباري، أو الضمني.

 

ثم يأتي المرغيناني بنظير أو شبيه للعزل في الوجوه الثلاثة السابقة؛ فيقول: كالوكيل بالبيع إذا باعه الموكل.

 

فإذا وكَّل الموكل وكيلاً ببيع عينٍ من أموال الموكل، ثم قام الموكل ببيع هذه العين بنفسه قبل أن يقوم بذلك الوكيل؛ فإن الوكالة في هذه الحالة تبطل، ويصبح الوكيل معزولاً حكمًا، ولا يُشتَرط في عزله هنا العلم بالعزل؛ وذلك لفوات محل تصرف الوكيل.

 

قال القُدُوري: "وإذا مات الوكيل، أو جُنَّ جنونًا مُطبِقًا؛ بطلت الوكالة".

 

بعد أن ذكر القُدُوري العوارض المبطلة للوكالة من جهة الموكل، شرع في الكلام عن العوارض التي تُبطِل الوكالة من جانب الوكيل، فذكر أن مما تبطل به الوكالة من جانب الوكيل موتَ الوكيل، وجنونَه جنونًا مُطبِقًا.

 

ثم يعلل به الوكالة المرغيناني ما قاله القدروي بقوله: "لأنه لا يصح بعد جنونه وموته؛ أي: تبطل الوكالة بسبب موت الوكيل أو جنونه جنونًا مطبقًا؛ لأنه لا يصح أمر الوكيل بعد موته أو جنونه؛ لأن الوكالة من العقود غير اللازمة، فيكون لاستمرارها حكم ابتدائها، كما وضحناه سابقًا.

 

قال القُدُوري: "وإن لحق بدار الحرب مرتدًّا لم يَجُز له التصرف إلا أن يعود مسلمًا".

 

بعد أن ذكر القُدُوري أثر رِدَّة الموكل على الوكالة، تعرَّض لبيان أثر رِدَّة الوكيل على الوكالة؛ فقال: "إن الوكيل إذا ارتدَّ ولحق بدار الحرب، لم يجُز له التصرفُ إلا أن يعود من دار الحرب إلى دار الإسلام مسلمًا".

 

ثم يوضح المرغيناني أن الحكم السابق، وهو عدم جواز تصرف الوكيل إذا ارتدَّ ولحق بدار الحرب حتى يعود إلى دار الإسلام مسلمًا - هذا الحكم ذكر المرغيناني أنه ليس محل اتفاق بين فقهاء الحنفية؛ فقال: "وهذا عند محمد، فأما عند أبي يوسف لا تعود الوكالة"؛ أي: وهذا الحكم - وهو جواز التصرف للوكيل المرتد إذا عاد مسلمًا - هو قول محمد.

 

أما عند أبي يوسف، فإن الوكيل إذا ارتد ولحق بدار الحرب؛ فإن وكالته تبطل، ولا يجوز تصرفه حتى وإن عاد مسلمًا.

 

ثم يذكر المرغيناني أدلة الإمام محمد وأبي يوسف على ما ذهب إليه كل منهما؛ فيقول: "لمحمد أن الوكالة إطلاق؛ لأنه رفع المانع، أما الوكيل فيتصرف بمعانٍ قائمة به، وإنما عجز بعارض اللحاق لتباين الدارين، فإذا زال العجز والإطلاق باقٍ؛ عاد وكيلاً".

 

في هذا النص تناول المرغيناني دليل الإمام محمد على ما ذهب إليه من جواز تصرف الوكيل إذا أسلم وعاد إلى دار الإسلام، ويظهر من خلال النص أن الإمام محمدًا قد بنى رأيه على أن الوكالة تعني إطلاق التصرف للوكيل فيما وكل به؛ لأن التوكيل قد رفع المانع من تصرف الوكيل فيما وكل به، حيث إن الوكيل قبل التوكيل كان ممنوعًا شرعًا عن التصرف في شيء لموكله، أما بعد التوكيل فليس ممنوعًا، مما يعني أن التوكيل قد رفَع ما يمنع الوكيل عن التصرف، وأطلق له التصرف فيما كان ممنوعًا منه قبل الوكالة.

 

ثم يوضح المرغيناني نقطة هامة، وهي أن إطلاق التصرف يقتصر أثره على رفع ما يمنع الوكيل من التصرف فقط، لكن ليس لهذا الإطلاق أثره على صحة تصرف الوكيل، أو بطلانه؛ لأن صحة تصرف الوكيل لا يرجع بطلانه إلى إطلاق التصرف الناجم عن التوكيل، ولكن صحة التصرف أو بطلانه، إنما يرجع لمعان قائمة بالوكيل، وهذه المعاني: العقل، والقصد إلى ذلك التصرف، والذمة "الأهلية" الصالحة لهذه التصرف، وبالتالي فعجْزُ الوكيل عن التصرف ليس مرجعه زوال إطلاق التصرف الناجم عن بطلان الوكالة، كلا فالإطلاق الذي هو سبب في رفع المانع من التصرف الناجم عن بطلان باقٍ، ولكن عجز الوكيل عن التصرف إنما هو راجع إلى عارض اللحاق بدار الحرب؛ وذلك نظرًا لتباين الدارين، وبالتالي فإذا زال سبب العجز عن التصرف - "وهو عارض اللحاق بدار الحرب" - كان الإطلاق الناجم عن التوكيل باقيًا، وما دام الإطلاق ما زال باقيًا، فإن المانع يكون مرفوعًا؛ "لأن الإطلاق فيه رفع المانع"، وعاد الوكيل لوكالته كما كان.

 

قال المرغيناني: "ولأبي يوسف أنه إثبات ولاية التنفيذ؛ لأن ولاية أصل التصرف بأهليته، وولاية التنفيذ بالمِلك، وباللحاق لحق بالأموات، وبطلت الولاية فلا تعود كمِلكه في أم الولد والمدبَّر".

 

من هذا النص يتبيَّن أن أبا يوسف يبني رأيه السابق على توصيفه للتوكيل بأنه إثبات ولاية التنفيذ؛ أي: إن التوكيل تمليك ولاية تنفيذ التصرف في حق الموكل للوكيل، لا إثبات ولاية أصل التصرف له؛ وذلك لأن ولاية أصل التصرف ثابتة للوكيل بأهليته لجنس التصرف في حد ذاته.

 

وولاية التنفيذ؛ أي: وتمليك ولاية التنفيذ ملصق بالملك ضرورة؛ لأن التمليك بلا ملك غير متحقق، فكان الوكيل مالكًا للتنفيذ بالوكالة، لكن الوكيل لما لحق بدار الحرب كأنه لحق بالأموات، والموت يبطل الملك؛ "لأن الموت يسقط الأهلية"، ومن هنا بطل ملك الوكيل للتنفيذ، وبطلت الولاية، وإذا بطلت الولاية فإنها لا تعود.

 

ثم ساق المصنف مثالاً لعدم عودة الولاية إذا بطلت بعدم عودة المِلك في أم الولد والمدبَّر، فإنه إذا ارتد السيد ولحق بدار الحرب وقضى القاضي بلحاقه؛ تعتق أم ولده ومدبَّره، فإذا عاد السيد مسلمًا، لا يعود مِلكه فيهما، ولا يرتفع العتق، فكذلك الولاية التي بطلت لا تعود.

 

قال المرغيناني: "ولو عاد الموكل مسلمًا وقد لحق بدار الحرب مرتدًّا، لا تعود الوكالة في الظاهر، وعن محمد أنها تعود كما قال في الوكيل".

 

سبق أن بيَّنا أن الموكل إذا لحق بدار الحرب مرتدًّا؛ فإن الوكالة تبطل.

 

وهنا يوضح المرغيناني حكم الوكالة، إذا عاد الموكل مسلمًا، بعد أن كان قد ارتد ولحق بدار الحرب؛ فيذكر المرغيناني أن هناك روايتين في هذه المسألة:

الرواية الأولى: وهي المروية عن ظاهر الرواية، وهي رواية متفق عليها بين فقهاء الحنفية، ومضمون هذه الرواية: أن الموكل إذا ارتد ولحق بدار الحرب، وقضى القاضي بلحاقه، ثم أسلم وعاد إلى دار الإسلام مسلمًا؛ فإن الوكالة لا تعود.

 

أما الرواية الثانية: وهي مروية عن الإمام محمد فقط، ومضمون هذه الرواية: أن الموكل إذا ارتدَّ ولحق بدار الحرب، وقضى القاضي بلحاقه، ثم أسلم وعاد مسلمًا؛ فإن الوكالة تعود كما في حال الوكيل، وقد وضَّحنا حال الوكيل سابقًا.

 

ومن هنا نرى أن هناك روايتين في هذه المسألة عن الإمام محمد، ورواية وردت في ظاهر الرواية، ويفرق فيها بين ارتداد الموكل والوكيل، ورواية في غير ظاهر الرواية لا يفرق فيها بين الموكِّل والوكيل.

 

وقد تعرَّض المرغيناني لبيان وجهة نظر الإمام محمد في التفريق بين الموكِّل والوكيل في هذه المسألة؛ فقال: "والفرق له على الظاهر أن مبنى الوكالة في حق الموكل على الملك، وقد زال، وفي حق الوكيل على معنى قائم به، ولم يَزُل باللحاق".

 

أي: ووجه تفريق الإمام محمد بين ارتداد الوكيل وبين ارتداد الموكل، بناءً على ما روي عنه في ظاهر الرواية؛ حيث قال الإمام محمد: تعود الوكالة في ارتداد الوكيل إذا عاد مسلمًا في ظاهر الرواية، وغير ظاهر الرواية؛ أي: في جميع الروايات، بينما قال بعدم عودها في ارتداد الموكل إذا عاد مسلمًا في ظاهر الرواية، وبالتالي فوجه الفرق بين ارتداد الموكل والوكيل - بناءً على ما جاء عنه في ظاهر الرواية - هو أن مبنى الوكالة في حق الموكل على الملك - "أي ملك التصرف الذي وكل به غيره" - وقد زال هذا الملك بردَّة الموكل ولحاقه بدار الحرب؛ لأنه لما لحق بدار الحرب صار كالميت حكمًا، وما دام هذا المِلك قد زال؛ فإن الوكالة تبطل بالضرورة.

 

وأما في حق الوكيل، فإن مبنى الوكالة في حقه قائم على معنى قائم بذاته، وهو العقل، والقصد إلى ذلك التصرف, والذمة الصالحة للتصرف - كما سبق أن أشرنا.

 

ولم يزُلْ هذا المعنى القائم بالوكيل بسبب لحاق الوكيل بدار الحرب، وقضاء القاضي بهذا اللحاق؛ فكان محل تصرف الوكيل باقيًا، ولكنه عجز عن التصرف بسبب ارتداده ولحوقه بدار الحرب، وقضاء القاضي بذلك، فإذا زال هذا العارض، بأن عاد إلى دار الإسلام مسلمًا؛ صار هذا العارض كأن لم يكن، كما وضحنا ذلك من قبل.



[1] الجنون المُطبِق - بضم الميم وكسر الباء وفتحها - هو الجنون الدائم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • كتاب الوكالة
  • من شروط الوكالة
  • الوكالة بالبيع والشراء

مختارات من الشبكة

  • أحوال بطلان عقد الوكالة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بطلان الصلاة بمرور الكلب والمرأة والحمار (PDF)(كتاب - موقع الشيخ دبيان محمد الدبيان)
  • بطل .. بطل (بطاقة أدبية)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • بطلان تبرير الشرك حتى لو اعتقد الداعي أن الميت لا ينفعه بنفسه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تخريج حديث الحجل وبيان بطلان ما يفعله الصوفية من الرقص عند الذكر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة بطلان حديث: (إن سين بلال عند الله شين) (النسخة 2)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • أربعون دليلا على بطلان عقيدة توارث الخطيئة وعقيدة صلب المسيح (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • بطلان قول: (لا يخلد المسلم في النار ولو أشرك)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دليل بطلان الإلحاد(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • بطلان مقولة دفن في مثواه الأخير(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب