• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم قرآن
علامة باركود

القرآن الكريم وأثره في اللغة والعلم والاجتماع والأخلاق (3)

أ. محمد أحمد جاد المولى

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/1/2013 ميلادي - 3/3/1434 هجري

الزيارات: 16921

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

القرآن الكريم وأثره في اللغة والعلم والاجتماع والأخلاق[1] (3)


أثر القرآن الكريم في الأحوال الخلقية:

لما كان المنزل هو المربي الأول الذي يتعلم فيه الإنسان الآداب الخلقية ويألفها أوجب القرآن الكريم طاعة الوالدين: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 23، 24]

 

ولم يرخص في عصيانهما إلا إذا أرادا أن يحملاه على الإشراك بالله: ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ﴾ [لقمان: 15].

 

هذا الاحترام العظيم للوالدين هو الأساس الذي بنيت عليه فضيلة الطاعة لأولياء الأمور: ﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾ وليس المراد بأولي الأمر الحكام فقط بل يشمل كل من أعطى سلطانا ونفوذا، يشير إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته».

 

ومن هذا يتبين أن دين الإسلام يطالب الناس جميعهم بالطاعة لمن فوقهم ليجتث بذلك أصول الفوضى والمخالفة ويثبت دعائم الطاعة.

 

بنى القرآن الكريم الأخلاق على فضيلة واحدة هي التقوى وقد دلّ تصفّح الآيات الكريمة التي وردت فيها هذه الكلمة وما اتصل بها من المشتقات على أن المراد منها أن يتقي الإنسان كل ما كان فيه ضرر لنفسه أو إضرار لغيره، لتكون حدود المساواة قائماً في المجتمع الإنساني لا تحصل فيها ثلمة ولا يطرأ عليها وهن: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13] وقد جاء في الحديث: «لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى».

 

والآية صريحة في أن الغاية الاجتماعية للناس:

شعوبا وقبائل هي التعارف وتلك كلمة لا تشذ عنها فضيلة من فضائل الاجتماع قاطبة ولا يمكن أن تدخل في مدلولها رذيلة اجتماعية. وفي هذه الآية الكريمة أقام القرآن الأساس الخلقي العظيم فجعل أكرم الناس المتساوين في الحالين الفردية والاجتماعية هو أتقاهم أي أعظمهم خلقا لا أوفرهم مالا ولا أكثرهم رجالا ولا أثقبهم فكرا ولا أعظمهم علما ولا شيئاً من ذلك مما لا يصح أن يكون سببا للتفضيل إلا في إدبار الدول واضطراب الاجتماع وفساد العمران.

 

فالحقيقة أن التقوى هي الخلق الكامل، ومن أجل ذلك كان العدل في رأي القرآن أقرب شيء إلى التقوى إذ يقول الله جل شأنه: ﴿ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾.

 

وقد رد القرآن مظاهر التقوى إلى ثلاثة أشياء: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والإيمان بالله. وهذه الأشياء الثلاثة هي المبدأ والنهاية لكل قوانين الأدب والاجتماع، قال تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾.

 

والمعروف:

كل ما يعرفه العقل الصحيح حقا، ولا يتأتى الأمر بالمعروف إلا إذا توافر استقلال الإدارة وقوتها.

 

والمنكر:

هو كل ما ينكره العقل الصحيح، ولا يمكن النهي عن المنكر إلا باستقلال الرأي وحريته. والإيمان بالله هو الاعتقاد بوجوده ووحدانيته، ولا يتم ذلك إلا إذا استقلت النفس من أسر العادات والأوهام بالنظر والفكر في مصنوعات الله، وهذا هو الإيمان الذي يبعث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بثقة إلهية لا يعترضها شيء من عوارض الاجتماع التي تعتري الناس من ضعف الطباع الإنسانية كالجبن والنفاق وإيثار العاجلة وما إليها.

 

فإن هذه الصفات لا تتحقق مع صحة الإيمان بل هي أنواع من العبادة للقوي والمستبد وللشهوات والنزعات وما شابهها وذلك لا يتفق والإيمان الصحيح بالله.

 

ما تدبر أحد القرآن إلا وجده يمنح كل إنسان إرادة اجتماعية أساسها الحرية ﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾. ﴿ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ ﴾ [يونس: 108] ولذلك لما اتخذه الجيل الأول في صدر الإسلام مثالا لهم واتخذوا آدابه الخلقية شعارا لهم حقق لهم هذه الإِرادة الاجتماعية. ولو أن العلوم كلها والفلسفة وأهلها كانت لأولئك العرب مكان القرآن ما أغنت عنه شيئا لأن الفضيلة العقلية التي أساسها العلم لا توصل حتما إلى الإِرادة العملية.

 

أما الفضيلة الخلقية التي جاء بها القرآن فإنها تسوق إلى الإِرادة العملية لأن هذه الإرادة مظهرها ولا سبيل لظهورها غير العمل، ومتى صحت إرادة الفرد واستقامت له وجهته في الجماعة فقد صار بنفسه جزءا من عمل الأمة، والأمة التي تتألف من مثل هذا الفرد تشغل مكانة سامية في تاريخ الاجتماع.

 

والمتأمل في القرآن الكريم يرى أن جميع آدابه وعظاته ترمي إلى بث الروح الاجتماعية في نفوس أهله فكانت هذه الروح هي السبب الأول في انتشاره حتى بين أعدائه الذين أرادوا استئصاله كالتتار والمغول وغيرهم ممن اشتدوا عليه ليخذلوه فكانوا بعد ذلك من أشد أهله في نصرته والغضب له. ليس للقرآن طرائق للدعوة إليه إلا الأسوة: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ فالأسوة أو القدوة مظهر آدابه ولذلك كان كلما وجدت طائفة من أهله وجدت الدعوة إليه وإن لم ينتحلوها ويعملوا لها، وما استحث أحدا بالعطايا لأنه الدين الطبعيّ للإنسان تأخذ فيه النفس عن النفس بلا وساطة ولا حيلة في الوساطة. وما أفصح ما ورد في صفة القرآن من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم « فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو الفصل ليس بالهزل ».

 

أثره في الحياة العلمية:

من يدرس تاريخ العلم الحديث لا يسعه إلا أن يستنبط أن القرآن الكريم كان أصل النهضة الإسلامية وأن النهضة الإسلامية هي التي لها الفضل في حفظ علوم الأولين وتهذيبها وتصفيتها وهي التي أوسعت المجال للعقل يبحث ويناظر ويستدل، وبذلك كانت هذه النهضة أساس التاريخ العلمي في أوربا.

 

انفرد القرآن بأنه هو الذي حرر العقول البشرية من أصفاد الجمود والرق وحفز النفوس البشرية وساقها إلى قراءة صحف الكائنات وتدبر ما فيها من الصنع البديع.

 

القرآن هو الذي ساق النفوس إلى تقصي غوامض الكائنات والتنقيب عن دفائنها وبين لهم أنهم لم يؤتوا من العلم إلا قليلا ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ ثم دلهم على مواطن التفكير والبحث وبين للناس بضرب الأمثال فيم يفكرون فقال جل شأنه:

﴿ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ ﴾ [الذاريات: 49] ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ ﴾ ﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ﴾ ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ﴾ [الطلاق: 12] ﴿ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾ ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ ﴾ ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا ﴾ [الفرقان: 61] ﴿ فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ ﴾ ﴿ وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ ﴾ ﴿ أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا ﴾ [النبأ: 6، 7] ﴿ وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ﴾.

 

القرآن هو الذي أعد العقول لفهم الفلسفة الأغريقية ودراسة العلوم الكونية فتصافي العلم والقرآن بضعة قرون لم يقع بينهما نفور ولا مشادة، فقد كرم العلم ونوه بالعقل وذم الذين يعطلون عقولهم ويتبعون أهواءهم إذ يقول في شأنهم:﴿ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179] ﴿ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ﴾ ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ ﴾.

 

﴿ ولا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36] ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ ﴾ ﴿ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ﴾ ﴿ إن عليك إلا البلاغ ﴾ ﴿ قَدْ بَيَّنَّا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ ﴿ لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾ ﴿ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ ﴾ [الغاشية: 21، 22]

 

القرآن هو الباب الذي خرج منه العقل الإنساني الكامل بعد أن كان طفلا فقد هداه إلى النظر والاعتبار والاستنباط إذ يقول: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ ﴿ وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ * وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [الجاثية: 4، 5] ﴿ أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ﴾  ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ ﴾.

 

كانت هذه الآيات وأشباهها سبب في إطلاق الحرية العلمية للعقول البشرية. فلما اقتبست منها أوربا نهضت وأصبحت تسوس العالم وترشده إلى ما فيه صلاحه.

 

القرآن هو الذي أوجد العدد الجم من أعاظم المؤلفين في العلوم الشرعية والرياضية والطبعية والفلكية وغيرها. ذلك بأن العلماء لما نظروا فيه تشعبت طرق تفكيرهم فمنهم قوم عنوا بضبط لهجاته وتحرير كلماته ومعرفة مخارج حروفه وهؤلاء هم علماء القراءة، وقوم عنوا بالمعرب والمبني وما إلى ذلك وهؤلاء هم علماء النحو، وقوم شغفوا بما فيه من الأدلة العقلية وهؤلاء هم علماء الكلام، وتأملت طائفة منهم معاني خطابه فرأت منها ما يقتضي العموم ومنها ما يقتضي الخصوص ومنها ما هو مطلق ومنها ما هو مقيد ومنها ما هو مجمل إلى غير ذلك وهؤلاء هم علماء الأصول، وتلمست طائفة ما فيه من قصص القرون السالفة والأمم الخالية وهؤلاء هم أهل التاريخ والقصص. وتنبه آخرون لما فيه من الحكم والأمثال والمواعظ وهؤلاء هم الخطباء والوعاظ، وأخذ قوم علم الفرائض وحسابه من آيات المواريث، ونظر قوم إلى ما فيه من الآيات الدالة على الحكم الباهرة في الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم، وهؤلاء هم علماء الميقات.

 

من هذا يتبين أن القرآن الذي نزل في البادية على أمي وقوم أميين لم يكن لهم إلا ألسنتهم وقلوبهم وكانت فنون القول التي يذهبون فيها مذاهبهم لا تتجاوز ضروباً من الصفات وأنواعاً من الحكم مكن العلماء من أن يخرجوا من كل معنى علما برأسه وعلى ممر السنين أخرجوا من كل علم فرعا حتى وصلت العلوم إلى ما وصلت إليه في الحضارة الإسلامية التي أنجبت الحضارة الحديثة.

كفاك بالعلم في الأمي معجزة
في الجاهلية والتأديب في اليتم

 

لا يزال الباحثون في القرآن الكريم يستخرجون منه ما يشير إلى مستحدثات الاختراع وما يحقق بعض غوامض العلوم، فمن ذلك قوله تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ﴾ مما يؤيد ما حققه العلماء من أن الأرض انفتقت من النظام الشمسي، وقوله تعالى: ﴿ وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ ﴾ مما يدل كما أثبته العلماء على أنه لولا الجبال لمادت الأرض ببحارها واضطربت بأمواجها ولما طاب للإنسان بها مستقر.

 

وقوله تعالى: ﴿ وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا ﴾ ﴿ وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا ﴾  مما يؤيد ما حققه العلم من أن الشمس جسم مشتعل تبث النور والنار من ذاتها وترسلها إلى سياراتها المرتبطة بها.

 

وقوله تعالى: ﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ﴾  [الرحمن: 33] مما يشير إلى حدوث الطيران وأنه سيكون منه نصيب للإنسان.

 

وقصارى القول أن العقل هو القائم على فهم القرآن واستنباط ما فيه من الأسرار على اختلاف الأحقاب والدهور لأن الذي جاء بهذا القرآن كان آخر الأنبياء من الناس ولا حاجة بالكمال الإنساني لغير العقول ينبه إليه بعضها بعضا.

 

ولذلك يقول الله تعالى: ﴿ سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ فلو محصت جميع العلوم الإنسانية ما خرجت في معانيها من قوله تعالى ﴿ فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ ﴾. وكلما تقدم النظر وتوافرت طرائق البحث ظهرت حقائق الكائنات ناصعة وتجلت الإِشارات التي انبثت في ثنيات القرآن ﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 21].

 

المصدر: مجلة الإصلاح، العددان السابع والثامن، جمادى الثانية 1347هـ، ص23



[1] هذه هي المقالة الثالثة والأخيرة من المحاضرة التي ألقاها فضيلة الأستاذ العلامة المحقق محمد أحمد بك جاد المولى في مؤتمر المستشرقين الذي عُقد بكلية اكسفورد من بلاد الانكليز.. تأتيكم في ثلاث حلقات متصلة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • القرآن الكريم وأثره في اللغة والعلم والاجتماع والأخلاق (1)
  • القرآن الكريم وأثره في اللغة والعلم والاجتماع والأخلاق (2)
  • معالم القانون الأخلاقي في القرآن الكريم

مختارات من الشبكة

  • اللغة العربية.. لغة القرآن وبيان القرآن(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أثر القرآن الكريم في اللغة العربية (PDF)(كتاب - حضارة الكلمة)
  • مفهوم الأثر عند المحدثين وبعض معاني الأثر في القرآن(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • كلمات وصفت القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أثر القرآن الكريم في الخطاب النثري الأندلسي في القرن الخامس الهجري(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • الرسم العثماني وأثره في توجيه المعنى: نماذج تطبيقية على بعض ألفاظ القرآن الكريم (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • إعراب القرآن الكريم أهميته وأثره في التفسير (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • القرآن الكريم وأثره في النفوس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القرآن الكريم وأثره في الجوانب الإيمانية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التشابه اللفظي في القرآن الكريم وأثره في لحن غير الماهرين(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب