• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها (2)

ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها (2)
د. عبدالحسيب سند عطية

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/12/2012 ميلادي - 13/2/1434 هجري

الزيارات: 9132

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافًا فيها (2)


قال صاحب الهداية: "وإن استأجرها ليركبها، فأردف معه رجلاً فعطبت ضمن نصف قيمتها، ولا معتبر بالثقل"؛ أي: ولو أركب المستأجِرُ رجلاً خلفه، فعطبت الدابة ضمن نصف القيمة، وإنما قيد بالإرداف؛ لأنه لو حمله على عاتقه وهو راكب ضمن جميع القيمة؛ لأن ثقله مع ثقل المحمول على عاتقه يجتمعان في مكان واحد فيكون أشق على الدابة، كما لو حمل مثل وزن الحنطة حديدًا.

 

وضمان نصف القيمة إنما يكون في حالة ما إذا كانت الدابة تُطِيق ذلك، فإن لم تُطِق يضمن جميع قيمتها، وهذا كله مع دفع كامل الأجر إذا كان الهلاك بعد بلوغ المقصد.

 

والمستفاد من نص المؤلف:

أن المستأجر ملزَم بضمان قيمة الدابة، حتى ولو كان الذي أردفه خلفه خفيفًا، لا يؤثر في هلاك الدابة؛ لأن ركوب العالِم بكيفية الركوب على ظهر الدابة يخف عليها، وإن كان في وزنه ثقيلاً، وركوب الجاهل يضر بها وإن خف.

 

قال: "ولأن الآدمي غير موزون، فلا يمكن معرفة الوزن، فاعتبر عدد الراكب كعدد الجناة في الجنايات".

 

أما قوله: "إن الآدمي غير موزون"، فهو منتقض؛ لأن الثابتَ أن الآدمي يوزن.

 

وأما قوله: "فاعتبر عدد الراكب"؛ فإنه أراد به أن المعتبَر في الجنايات المتعددة عدد الجناة لا عدد الجنايات، حتى إن رجلاً إذا جرح آخر جراحة واحدة، والآخر عشر جراحات خطأ فمات فالدية بينهما أنصافًا؛ لأنه ربما سلِم المجروح من عشر جراحات، وهلك من جراحة واحدة.

 

وفي هذه الصورة شبهات:

الأولى: أن الأجر والضمان لا يجتمعان، وهنا قد اجتمعا؛ لأنه وجب عليه نصف الضمان مع وجوب الأجر.

 

والثانية: أنه لو استأجرها ليركبها بنفسه، فلو أركب غيره وجب عليه كلُّ القيمة، وها هنا يجب عليه النصف مع أنه ركب وأركب غيره، مع أن الضرر ها هنا أكثر، والضمان يدور مع زيادة الضرر.

 

والجواب عن الأولى: أن انتفاء الأجر عند الضمان إذا ملكه بالضمان بطريق الغصب؛ لأن الأجر في ملكه، وها هنا لم يملك شيئًا بهذا الضمان مما شغله بركوب نفسه، وجميع المسمى بمقابلة ذلك، وإنما يضمن ما شغله بركوب الغير، ولا أجر بمقابلة ذلك ليسقط عنه.

 

ويجاب عن الثانية: بأنه إذا أركب غيره فهو مخالف في الكل، وها هنا موافق فيما شغله بنفسه، مخالف فيما شغله بغيره.

 

قال: "وإن استأجرها ليحمل عليها مقدارًا من الحنطة، فحمل عليها أكثر منه، فعطبت ضمن ما زاد الثقل؛ لأنها عطبت بما هو مأذون فيه، وما هو غير مأذون فيه والسبب الثقل، فانقسم عليهما".

 

قوله: "بما زاد الثقل"؛ مقيد بما إذا كانت الزيادة من جنس المسمى، وأما إذا كانت من غير جنسه ضمن قيمتها كلها، كما لو استأجرها ليحمل عليها شعيرًا، فحمل عليها حنطة.

 

والفرق أنه في الصورة الأولى حمل عليها ما هو مأذون فيه وما هو غير مأذون فيه، فيضمن ما هو غير مأذون، ولا يضمن ما هو مأذون.

 

وفي الصورة الثانية: تحققت المخالفة في الجميع فيضمن.

قال: "إلا إذا كان حملاً لا يطيقه مثل تلك الدابة؛ فحينئذٍ يضمن كل قيمتها لعدم الإذن فيها أصلاً لخروجه عن العادة"؛ أي: لأن المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا، فكأنه شرط عليه ألا يحمل عليها ما لا تُطِيقه، فيضمن لمخالفته الشرط.

 

قال: "وإن كبح الدابة بلجامها أو ضربها فعطبت ضمن عند أبي حنيفة"؛ والمقصود بالكبح: الكبح باللجام، بأن يردها بجذبها إلى نفسه، لتقف ولا تجري، ففي حالة هلاك الدابة بسبب الكبح أو الضرب، إذا أعطبت الدابة فإنه يضمن عند أبي حنيفة؛ لأنه فعل غير مأذون فيه.

 

قال: "وقالا: لا يضمن إذا فعل فعلاً متعارفًا؛ لأن المتعارف مما يدخل تحت مطلق العقد، فكان حاصلاً بإذنه فلا يضمنه"؛ أي: إن عدم الضمان عندهما معلل بأن يفعل ما هو معتاد، والضرب في السير وكبح الجماح معتادٌ، فكان مأذونًا فيه، فلا يضمن؛ لدخوله تحت مطلق العقد، بخلاف غير المعتاد؛ لأنه غير مأذون فيه، وهذا مذهب الأئمة الثلاثة.

 

قال: "ولأبي حنيفة أن الإذن مقيد بشرط السلامة؛ إذ يتحقق السَّوق بدونهما، وهما للمبالغة فيقيد بوصف السلامة؛ كالمرور في الطريق".

 

أي إن الإذنَ هنا ليس مطلقًا، بل هو مقيَّد بوصف السلامة، والسَّوق يتحقق بدونهما وهما للمبالغة في السَّوق، والمعتاد هو السَّوق نفسه دون المبالغة فيه، فلم يَصِرِ الضربُ مأذونًا فيه فوجب الضمان عنده.

 

قال: "وإن استأجرها إلى الحِيرة فجاوز بها إلى القادسية، ثم ردها إلى الحِيرة، ثم نفقت فهو ضامن".

أي يضمن قيمتها؛ لأنه صار غاصبًا، ولا يبرأ بردها إلى الحِيرة، وهي المكان المتفق عليه أصلاً.

 

قال: "وكذلك العارية"؛ أي: إنه يضمن في العارية أيضًا إذا فعل هذا.

 

قال: "وقيل تأويل هذه المسألة إذا استأجرها ذاهبًا لا جائيًا، لينتهي العقد بالوصول إلى الحِيرة، فلا يصير بالعود مردودًا إلى يد المالك معنى، أما إذا استأجرها ذاهبًا وجائيًا يكون بمنزلة المودع إذا خالف ثم عاد إلى الوفاق".

 

أشار المصنف بهذا إلى بيان اختلاف المشايخ في تأويل المسألة المذكورة، فمنهم من قال: إن هذه المسألة فيما إذا استأجرها ذهابًا فقط؛ حيث لا يصير بالعود مردودًا إلى يد المالك؛ لأن الإجارة انتهت إلى ذلك الموضع فيضمن.

 

وأما إذا استأجرها ذاهبًا وجائيًا فهلكت بعد العود إلى الموضع المتفق عليه، فإنه لا يضمن؛ لأن يده كالمودع في الحفظ، فإذا عاد المودع إلى الوفاق عاد إلى يد المالك معنى، فيخرج بذلك عن الضمان.

 

قال: "وقيل الجواب مجرى على الإطلاق، والفرق أن المودع مأمور بالحفظ مقصودًا، فيبقي الأمر بالحفظ بعد العود إلى الوفاق، فحصل الرد إلى يد نائب المالك".

أي إن بعض مشايخ الحنفية حملوا الحكم على إطلاقه، أي سواء استأجرها ذهابًا فقط، أو ذهابًا وعودة، فأوجبوا الضمان في الصورتين بالمجاوزة عن المكان المحدد، وعدم الإبراء بالعود إليه مرة أخرى.

 

وهذا لأنه بالمجاوزة صار غاصبًا، والغاصب لا يبرأ عن الضمان إلا بالرد على المالك أو نائبه ولم يوجد، والفرق بين الوديعة حيث يبرأ المودع بالعود إلى الوفاق، وبين الإجارة والعارية - أن يد المودع يد المالك لا يد نفسه، ألا ترى أنه لا ينتفع بالوديعة، فكان العود إلى الوفاق ردًّا إلى يد نائب المالك، فكان ردًّا إلى المالك معنى.

 

وأما في الإجارة والعارية، فيد المستأجر والمستعير ليست كيدِ المالك؛ لأنه ليس نائبًا عنه، فلا يبرأ عن الضمان بالعود إلى الوفاق، إلا إذا سلمها إلى المالك؛ لأنه صار غاصبًا لا نائبًا عن المالك.

 

ولذلك قال: "وفي الإجارة والعارية يصير الحفظ مأمورًا به تبعًا للاستعمال لا مقصودًا، فإذا انقطع الاستعمال لم يبقَ هو نائبًا فلا يبرأ بالعود، وهذا أصح".

 

هذا لبيان وجه قول بعض المشايخ:

إن المستأجر والمستعير يضمنان، ولو عادا إلى المكان المقصود، سواء كان الاستئجار أو الاستعارة ذهابًا وإيابًا، أو ذهابًا فقط، خلافًا للمودع إذا عاد إلى الوفاق؛ لأنه مأمور بالحفظ مقصودًا، فيبقى الأمر بعد العود إلى الوفاق، وأما المستأجر فإنه مأمور بالحفظ تبعًا للاستعمال لا مقصودًا، فإذا انقطع الاستعمال بالتجاوز عن الموضع المسمى لم يبقَ كلٌّ من المستأجر والمستعير نائبًا، فلا يبرأ عن الضمان بالعود إلى الوفاق، والقول بالإطلاق هو ما صححه المصنف.

 

قال: "ومن اكترى حمارًا بسَرْج فنزع السَّرْج، وأسرجه بسَرْج يُسرج بمثله الحُمُر، فلا ضمان عليه؛ لأنه إذا كان يماثل الأول، يتناوله إذنُ المالك؛ إذ لا فائدة في التقييد بغيره إلا إذا كان زائدًا عليه في الوزن، فحينئذٍ يضمن الزيادة".

 

أي إنه إذا أسرجه بسَرْج آخر مساوٍ له في الوزن، فلا ضمان عليه طالما أنه يُسرج بمثله الحُمُر؛ لأنهما لا يتفاوتان في الضرر، فكان الإذنُ بأحدهما إذنًا بالآخر دلالة؛ إذ لا فائدة في التقييد بعينه.

 

وهذا بخلاف ما لو أسرجه بسَرْج يزيد عليه فهلك، حيث يضمن حينئذٍ الزيادة؛ لأن الضرر إذا كان أكثر كان إتلافًا للدابة يوجب الضمان.

 

قال: "وإن كان لا يسرج بمثله الحمر ضمن؛ لأنه لم يتناوله الإذنُ من جهته فصار مخالفًا".

 

وهذا يحدث إذا كان السَّرْج الذي أسرجه به كبيرًا كسروج البَراذِين[1]، فإذا هلك الحمار ضمن جميع قيمته؛ لأن ضرره أكبر، فكان إتلافًا للدابة بلا إذنٍ من جهة مالكها، فصار متعديًا، فيضمن.

 

قال: "وإن أوكفه بإكاف لا يوكَف بمثله الحمُر يضمن؛ لِما قلنا في السَّرْج، وهذا أَولى".

 

الوكاف: بَرْذَعة الحمار، وهي أثقل من السَّرْج، فلو أوكفه بإكاف لا يوكف بمثله يضمن كما قلنا في السَّرْج؛ حيث إن الإذن لم يتناوله، بل إن الضمان في الإكاف أولى؛ نظرًا لأنه أثقل من السَّرْج، وأما السَّرْج فإنه من نفس جنس السَّرْج، هذا إذا أوكفه بإكاف لا يوكف بمثله الحُمُر، فلو كانت الحُمُر توكف بمثله ضمن عند أبي حنيفة، وأوكفه بإكاف إلى آخره.

 

والمسألة كلها فيما إذا نزع ما عليه من سَرْج "وإن أوكفه بإكاف يُوكَف بمثله الحمُرُ يضمن عند أبي حنيفة".

 

وهل يضمن جميع القيمة، أو بقدر الزيادة؟


اختلفت الروايات في ذلك عن أبي حنيفة:

قال في الجامع الصغير: يضمن جميع القيمة، وهو اختيار شيخ الإسلام المرغيناني، كما هو واضح من عبارته، وهذه المسألة أيضًا فيما إذا نزع ما عليه من سَرْج، وأوكفه بإكاف يوكف بمثله.

 

قال: "وقالا: يضمن بحسابه؛ لأنه إذا كان يوكف بمثله الحُمُر كان هو والسَّرْج سواءً، فيكون المالك راضيًا به".

 

وهذه رواية أخرى عن أبي حنيفة، والمعنى أن السَّرْج لو كان يأخذ من ظهر الدابة قدر شِبْرَين، والإكاف قدر أربعة؛ فإنه يضمن نصف قيمتها والخفة.

 

وقيل: إن الضمان لا يكون بحسب المساحة، بل بحسب الثقل.

 

قال: "إلا إذا كان زائدًا على السرج في الوزن فيضمن الزيادة؛ لأنه لم يرضَ بالزيادة"؛ أي: إلا إذا أسرجه بسَرْج أثقل من السَّرْج الذي عليه، حيث يضمن الزيادة؛ لأن المستأجر بذلك يكون متعدِّيًا، فيضمن ما زاد من الوزن على وزن السَّرْج، حتى إنه لو كان وزن الإكاف ضعف وزن السَّرْج، ضمِن نصف قيمتها؛ لانعدام الإذن في القدر الزائد.

 

قال: "فصار كالزيادة في الحمل المسمَّى إذا كانت من جنسه"؛ كما لو حمل مكان الحِنطة المعيَّنة حِنطة أخرى مماثلة لها في الوزن؛ فإنه لا يضمن.

 

قال: "ولأبي حنيفة - رحمه الله - أن الإكاف ليس من جنس السَّرْج؛ لأنه للحمل والسَّرْج للركوب، وكذا ينبسط أحدهما على ظهر الدابة ما لا ينبسط عليه الآخر، فيكون مخالفًا".

 

ذكر الإمام في تعليله لوجوب الضمان جميعه في حالة ما إذا نَزع منه السَّرْج، ثم أوكفه بإكاف- أن الضمان ليس من جهة الثقل، بل من وجهٍ آخر، هو أنه يأخذ من ظهر الدابة أكثر مما يأخذ السَّرْج؛ ولأن الدابة التي لم تألف الإكاف يضرُّ بها الإكاف.

 

قال: "كما إذا حمل الحديد وقد شرط له الحنطة"؛ أي: إن المخالفة هنا إلى ما هو أضر بالدابة، فأشبه ما لو استأجرها ليحمل عليها حنطة فحمل عليها حديدًا.

 

قال: "وإن استأجر حمَّالاً ليحمل له طعامًا في طريق كذا، فأخذ في طريق غيره يسلكه الناس، فهلك المتاع؛ فلا ضمان عليه، وإن بلغ فله الأجر".

 

قيَّد المصنف حمله للطعام في طريق آخر بكون هذا الطريق مما يسلكه الناس؛ لأنه إذا كان لا يسلكه الناس يضمن.

 

وإنما لم يضمن إذا كان سيره من طريق يسلكه الناس؛ لأنه بذلك لم يَصِر مخالفًا؛ لعدم إرادة المستأجر لطريق بعينه، وإن بلَّغ - بتشديد اللام - المتاع إلى الموضع الذي اشترط أن يحمل إليه، ثم رجع وسلَّم الدابة إلى صاحبها، فعلى المستأجر الأجر.

 

قال: "وهذا إذا لم يكن بين الطريقين تفاوت؛ لأن عند ذلك التقييد غير مفيد"؛ أي: إنه إنما لا يضمن إذا سلك طريقًا آخر ليس بينه وبين الطريق المذكور في العقد تفاوت؛ إذ إن التقييد بطريق معيَّن في هذه الحالة غير مفيد، فكان التقييدُ غيرَ معتبر؛ لأنه لا فائدة منه.

 

قال: "أما إذا كان تفاوتٌ يضمن؛ لصحة التقييد؛ فإنه تقييد مفيد"؛ أي: إنه لا يضمن إذا كان طريقًا يسلكه الناس، ولم يكن هناك تفاوت بين الطريقين.

 

وأما إذا كان بين الطريقين تفاوت بأن يكون الطريق الذي يسلكه الناس وعرًا، أو أبعد، أو أخوف، أو أعسر؛ فإن المستأجر يضمن؛ لأن التقييد مفيد.

 

قال: "إلا أن الظاهر عدم التفاوت إذا كان طريقًا يسلكه الناس فلم يفصل".

 

هذا جواب عما قد يقال من أن الإمام محمدًا أطلق الرواية، بأنه لا ضمان عليه فيما إذا أخذ في الطريق الذي يسلكه الناس، ولم يفصِّل كما فصَّل المصنف بين المتفاوت وغير المتفاوت، فأجاب المصنف بقوله: "إن الظاهر عدم التفاوت إذا كان طريقًا يسلكه الناس"، ولذلك لم يفصِّل الإمام محمد في الطريق المسلوك بين المتفاوت وغير المتفاوت.

 

قال: "وإن كان طريقًا لا يسلكه الناس فهلك ضمن؛ لأنه صح التقييد فصار مخالفًا".

 

أي سلك طريقًا آخر لا يسلكه الناس ضمن، وإن لم يكن بين الطريقين تفاوت، بل حتى لو كان الثاني أقربَ من الأول؛ لأنه صار مخالفًا لاختلاف الطرق إلى الأماكن، فصار بسلوكه هذا مخالفًا غاصبًا، ويد الغاصب على المتاع يد ضمان على ما هو معروف.

 

قال: "وإن بلَّغ فله الأجر؛ لأنه ارتفع الخلاف معنًى، وإن بقي صورةً".

 

والمعنى أن الحمَّال إذا بلَّغ المتاع إلى ذلك الموضع الذي عيَّنه المستأجر، مع سلوكه طريقًا لا يسلكه الناس - فله الأجر؛ لأنه ارتفع الخلاف الذي هو مخالفة المستأجر للشرط من حيث المعنى، وإن بقي الخلاف من حيث الصورة؛ لسلوكه طريقًا غير ما عيَّنه المستأجر.

 

قال: "وإن حَمَله في البحر فيما يحمله الناس في البر ضمن؛ لفحش التفاوت بين البر والبحر".

 

والمراد أن المستأجر أمره بالمَسِير بالبر فسار بالبحر، فعليه الضمان؛ لفحش التفاوت بين الطريقين فصح التقييد؛ إذ السير في البحر أكثر خطورة، وأقل سلامة من السير في البر.

 

قال: "وإن بلَّغ فله الأجر؛ لحصول المقصود، وارتفاع الخلاف معنى".

 

أي إنه لَمَّا كان الأجر مقابلاً ببلوغ المكان، وكان المقصود قد حصل رغم وجود الخلاف صورة؛ فإن المستأجر ملزَم بدفع الأجرة؛ لارتفاع الخلاف معنى؛ فصار الخلاف في الصورة غير المعتبر.

 

قال: "ومَن استأجر أرضًا ليزرعها حنطة فزرعها رطبة ضمن ما نقصها؛ لأن الرطب أضر بالأرض من الحنطة؛ لانتشار عروقها فيها، وكثرة الحاجة إلى سقيها، فكان خلافًا إلى شر فيضمن ما نقصها.

 

وبالإضافة إلى ما ذكر المصنف من الضرر، فإن الرطبة مع الزرع جنسان مختلفان؛ إذ الرطبة لا نهاية لها معلومةٌ بخلاف الزرع.

 

فلو خالف بزراعة الرطبة بدلاً من الحنطة كان خلافًا إلى ما هو شر؛ لكونه أكثر ضررًا بالأرض، مع اختلاف الجنس فيجب عليه جميع النقصان.

 

قال: "ولا أجر له"؛ أي: للمؤجِّر على المستأجر.

 

قال: "لأنه غاصب للأرض على ما قررناه"؛ أي عدم وجوب الأجر؛ لكونه غاصبًا للأرض، فاستوفى المنفعة بالغصب، فلا يجب الأجرُ به؛ لأن الأجرَ والضمان لا يجتمعان.

 

وقوله: "على ما قررناه"؛ إشارة إلى أنه اعتُبر غاصبًا؛ لمخالفته إلى ما هو أضر بالأرض، بزراعة الرطب بدلاً من البُر.

 

قال: "ومن دفع إلى خياط ثوبًا ليَخِيطه قميصًا بدرهم فخاطه قَباءً، فإن شاء ضمنه قيمة الثوب، وإن شاء أخذ القباء".

 

القَبَاء يُشبِه القميص، إلا أنه مشقوق من الأمام، وهو ثوب يُلبَس فوق القميص، ويتمنطق عليه، والأتراك يستعملونه استعمال القميص[2].

 

وأما القميص، فغير مشقوق، وهو أطول من القَبَاء، فلو خالف الخيَّاط وخاط الثوب قباءً بدلاً من القميص، فصاحبُ الثوب بالخيار، إن شاء ضمنه قيمة الثوب، وإن شاء أخذ القَبَاء وأعطاه أجرة المثل لا يجاوز به ما سمى؛ لأن القَبَاء والقميص مختلفان في الانتفاع، فصار الأجير مفوِّتًا منفعة مقصودة على صاحب الثوب، فصار مكلفًا للثوب عليه، فله أن يضمنه، وله أن يأخذه ويعطيه أجر مثله، لا يجاوز به الدرهم المسمى؛ لأن المنافع عندنا لا تتقوَّم إلا بالعقد، وليس فيما وراء المسمى عقد، كما لو شرط على النسَّاج أن يَنسِجه صفيقًا فحاكه رقيقًا، أو على العكس، حيث يلزمه أجرة مثله لا يجاوز به درهمًا.

 

قال: "قيل: معناه القُرْطَق الذي هو ذو طاق واحد؛ لأنه يستعمل استعمال القَبَاء".

 

قوله: "معناه"؛ أي معنى القباء: القُرْطَق، وهو ما ذكرنا من أن الأتراك يستعملونه استعمال القميص، وهو يُلبَس كما يُلبَس القَبَاء، وتَدْخُل اليدانِ في الكمَّين كما في القَبَاء، وهو يختلف عن القميص في أنه يشق من الأمام، والقميص ليس كذلك.

 

قال: "وقيل هو مجرى على إطلاقه"؛ أي: إن لفظ القباء مجرى على إطلاقه، من غير أن يأذن أن معناه القُرْطَق.

 

قال: "لأنهما يتقاربان في المنفعة"؛ أي: إن القميص والقباء يتقاربان في منفعة اللُّبس من دفع الحر والبرد، وستر العورة.

 

قال: "وعن أبي حنيفة أنه يضمن من غير خيار؛ لأن القباء خلاف جنس القميص".

 

هذه هي رواية الحسن عن أبي حنيفة، ووجهها أنه بخياطة القباء صار مخالفًا من كل وجه، فكان غاصبًا فيضمن لتعديه.

 

قال: "ووجه الظاهر أنه قميص من وجه؛ لأنه يشد وسطه وينتفع به انتفاع القميص، فجاءت الموافقة والمخالفة، فيميل إلى أي الجهتين شاء".

 

أي إنه قميص من حيث كونه ينتفع به انتفاع القميص من دفع الحر والبرد، وستر العورة، كما أنه يشبه القميص في كونه يشد به وسطه، وهذا عن وجه الاتفاق.

 

وأما الاختلاف، فمن حيث إنه أمره بخياطة الثوب قميصًا فخاطه قباءً، فلصاحب الثوب أن يميل إلى أي الجهتين، فإن مال إلى الخلاف ضمنه قيمة الثوب، وإن مال إلى جهة الوفاق أخذ الثوب وأعطاه أجر المثل، لا يجاوز به المسمى، وهذا معنى قول المصنف:

"إلا أنه يجب أجر المِثل لقصور جهة الموافقة، ولا يجاوز به الدرهم المسمى، كما هو الحُكم في سائر الإجارات الفاسدة على ما نبينه في بابه - إن شاء الله".

 

أي حكم سائر الإجارات الفاسدة أنه يجب بها أجر المثل لا يجاوز به المسمى لِما قلنا.

 

قال: "ولو خاطه سراويل، وقد أمر بالقباء، قيل يضمن من غير خيار؛ للتفاوت في المنفعة، والأصح أنه يخيَّر للاتحاد في أصل المنفعة".

 

أي إن بعض الحنفية هنا يرون أن هذه المسألة لا يثبت فيها الخيار كالتي قبلها، بل إنه يضمن قطعًا؛ للتفاوت في المنفعة على عكس مسألة القميص الذي خاط بدلاً منه قباءً.

 

ولكن الذي صحَّحه المصنف أن الخيار يثبت هنا أيضًا؛ للاتحاد في أصل المنفعة، وهي اللبس وستر العورة.

 

قال: "وصار كما إذا أمر بضرب طَسْت من شَبْه[3] فضرب كُوزًا، فإنه يخيَّر، كذا هذا".

 

فمن دفع إلى رجل شَبْهًا ليضرب له طستًا موصوفًا معروفًا، فضرب له كُوزًا، فإن شاء ضمنه مثل شَبْهه، ويصير الكُوز للعامل، وإن شاء أخذه وأعطاه أجر مثل عمله، لا يجاوز به المسمى؛ لأن العقد وقع على الضرب، والصناعة صفة، فقد فعل المعقود عليه بأصله وخالف في وصفه، فيثبت للمستعمل الخيارُ [4].



[1] البراذين جمع بِرْذَون، وهو يطلق على غير العربي من الخيل والبِغال.

[2] المعجم الوجيز، حرف القاف مع الباء، وانظر : مجمع الأنهر 2/ 381.

[3] الشَّبْه: ضرب من النحاس؛ البناية 9/ 326.

[4] البدائع 4/ 216.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها (1)
  • في الفتاوى والأحكام .. بطلان انتقال المراصد على مذهب الحنفية
  • الإجارة
  • من أحكام عقد الإجارة
  • تأجير البيوت والمحلات لأهل الكتاب

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة سؤال عما يجوز وما لا يجوز من الاستشفاع والتوسل بالرسول(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الإجارة الموصوفة في الذمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإجارة المنتهية بالتمليك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هل يجوز استنباط الحكم من القواعد الفقهية؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم بيع رباع مكة وإجارتها(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • الحالات التي يجوز فيها إخلاف الوعد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أمور لا يجوز فيها الجدال(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحالات التي يجوز فيها الخلع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحكام الإجارة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما حكم إضافة الإجارة إلى زمن مستقبل؟(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب