• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

العقيدة الواسطية لابن تيمية (9/ 12)

العقيدة الواسطية لابن تيمية (9/ 12)
أبي أسامة الأثري جمال بن نصر عبدالسلام

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/10/2012 ميلادي - 30/11/1433 هجري

الزيارات: 18566

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العقيدة الواسطية لابن تيمية (9/ 12)


الفصل الثاني، من أصول الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة:

خلاصة مذهب أهل السُّنة في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم[1]

ومن أصول أهل السُّنة والجماعة:

سلامة قلوبِهم وألسنتِهم لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما وصَفَهم الله به في قولِه تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10][2]، وطاعة النبِيِّ في قوله: ((لا تسبُّوا أصحابِي؛ فوَالذي نفسي بيده، لو أنَّ أحدكم أنفق مثْلَ أحُدٍ ذهبًا ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفَه))[3].

 

ويَقْبلون ما جاء به الكتاب والسُّنة والإجْماع مِن فضائلهم ومراتبِهم.

 

فيُفَضِّلون مَن أنفق مِن قبل[4] الفتح - وهو صُلْح الْحُديبية -[5] وقاتَل، على مَن أنفق مِن بعده وقاتل[6].

 

ويقدِّمون الْمُهاجرين على الأنصار[7].

 

ويؤمنون بأنَّ الله قال لأهل بدر - وكانوا ثلاثَمائةٍ وبضعة عشر -: ((اعْمَلوا ما شئْتُم، فقد غفرْتُ لكم))[8].

 

وبأنَّه لا يَدْخل النارَ أحَدٌ بايع تَحْت الشَّجرة، كما أخبَر به النبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بل (قد)[9] - رَضِي الله عنهم ورَضُوا عنه -، وكانوا أكثرَ مِن ألفٍ وأربعمائة[10].

 

ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجنة[11]، كـ: العَشرة[12]، وكـ: ثابت بن قيس بن شماس[13] وغيرهم من الصحابة[14].

 

ويُقِرُّون بِما تواتر به النَّقل عن أمير المؤمنين عليِّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - وغيْرِه، من أنَّ خيْرَ هذه الأمة بعد نبيِّها: أبو بكرٍ، ثم عمر، ويثلِّثون بعثمان، ويربِّعون بعليٍّ - رضي الله عنهم - كما دلَّت عليه الآثار[15].

 

وكما أجْمَعَت الصَّحابة على تقديم عثمان في البيعة، مع أنَّ بعض أهل السُّنة كانوا قد اختلفوا في عثمان وعليٍّ - رضي الله عنهما - بعد اتِّفاقهم على تقديم أبي بكْرٍ وعُمَر، أيهما أفضل؟


فقدَّم قومٌ عثمانَ، وسكتوا، أو ربَّعوا بِعَلي، وقدَّم قومٌ عليًّا، وقومٌ توقَّفوا، لكن استقرَّ أمْرُ أهل السُّنة على تقديم عثمان[16].

 

• • •


حُكْم تقديم عليٍّ - رضي الله عنه - على غيره من الخلفاء الأربعة في الخلافة:

وإن كانت هذه المسألة - مسألة عثمانَ وعليٍّ - ليست من الأصول الَّتِي يُضلَّل الْمُخالِفُ فيها عند جمهور أهل السُّنة، لكنَّ المسألة التي يضلَّل الْمُخالف فيها "مسألة الخلافة"؛ وذلك أنَّهم يؤمنون بأنَّ الخليفة بعد رسول الله أبو بَكْر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي.

 

ومن طعَن في خلافة أحدٍ من هؤلاء الأئمَّة، فهو أضَلُّ من حِمار أهله[17].

 

مكانة أهل بيت النبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عند أهل السُّنة والجماعة[18]:

ويُحِبُّون أهْلَ بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويتولَّوْنَهم، ويَحْفظون فيهم وصيَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال يوم غَدِير خُمٍّ: ((أُذكِّركم الله في أهل بيتِي، أذكِّركم الله في أهل بيتي))[19].

 

وقال أيضًا للعبَّاس عمِّه - وقد شكا[20] إليه أنَّ بعض قريش يَجْفو بني هاشمٍ - فقال: ((والذي نفسي بيده، لا يؤمنون حتَّى يُحِبُّوكم لله ولِقَرابتي))[21].

 

وقال: ((إنَّ الله اصطفى بني إسماعيل، واصطفى مِن بني إسماعيل كنانةَ، واصطفى من كنانة قُرَيشًا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم))[22].

 

ويتولَّوْن أزواجَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمَّهاتِ المؤمنين، (ويُقِرُّون)[23] بأنَّهنَّ أزواجُه في الآخرة، خصوصًا خديجة (رضي الله عنها)[24]: أُمُّ أكثَرِ أولاده، وأوَّلُ مَن آمن به وعاضدَه على أمْرِه، وكان لَها منه الْمَنـزلة العليَّة[25]، والصدِّيقة بنت الصدِّيق (رضي الله عنهما)[26] التي قال فيها النبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((فضْلُ عائشة على النِّساء كفَضْل الثَّريد على سائر الطَّعام))[27].

 

ويتبَرَّؤون من طريقة الرَّوافض الذين يبغضون الصَّحابة ويسبُّونَهم، و(مِن)[28] طريقة النَّواصب الذين يُؤْذون أهْلَ البيت بقولٍ أو عمل[29].

 

ويُمْسِكون عمَّا شجر بيْن الصَّحابة.

 

ويقولون: إنَّ هذه الآثارَ المرويَّةَ في مساويهم منها ما هو كذب، ومنها ما قد زِيدَ فيه ونُقِص، وغُيِّر عن وجهه (الصَّريح)[30]، والصحيح منه هم فيه مَعْذورون؛ إمَّا مُجْتهدون مُصِيبون، وإمَّا مُجتهدون مُخْطِئون[31].

 

وهم مع ذلك لا يعتقدون أنَّ كل واحدٍ من الصحابة معصومٌ عن كبائر الإثم وصغائره، بل (تَجُوز)[32] عليهم الذُّنوب في الْجُملة.

 

ولهم من السَّوابق والفضائل ما يوجب مغفرةَ ما يَصْدر (منهم)[33] إنْ صدَر، حتَّى إنَّه يغفر لَهم من السيِّئات ما لا يُغفَر لِمَن بعدهم؛ لأنَّ لَهم من الحسنات التي تَمْحو السيِّئات ما ليس لِمَن بعدهم، وقد ثبت بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّهم خيْرُ القرون))، و((إنَّ الْمُدَّ من أحدهم إذا تصدَّق به كان أفضل من جبل أحُدٍ ذهبًا مِمَّن بعدهم)).

 

ثم (إذا)[34] كان قد صدر (عن)[35] أحدهم ذنْبٌ، فيكون قد تاب منه، أو أتى بِحَسنات تَمْحوه، أو غُفِر له بفضل سابقته، أو بشفاعة مُحمَّد - صلى الله عليه وسلم - الذي هم أحَقُّ الناس بشفاعته، أو ابْتُلِي ببلاءٍ في الدُّنيا كفّر به عنه.

 

فإذا[36] كان هذا في الذُّنوب المُحقَّقة، فكيف بالأمور التي كانوا فيها مُجْتهدين: إن أصابوا فلهم أجْران، وإن أخطؤوا فلهم أجْرٌ واحد، والْخَطأ مغفورٌ لَهم؟

 

ثم (إنَّ)[37] القَدْر الذي يُنْكَر مِن فعْلِ بعضهم قليلٌ نـزْرٌ، مغمورٌ في جنب فضائل القوم ومَحاسنهم؛ من الإيمان بالله ورسولِه، والجهاد في سبيلِه، والْهِجرة، والنُّصرة، والعلم النَّافع، والعمَل الصَّالِح.

 

ومَن نظر في سيرة القوم بعِلْمٍ وبصيرة، وما منَّ الله به عليهم من الفضائل، عَلِم يقينًا أنَّهم خيْرُ الْخَلق بعد الأنبياء، لا كان ولا يكون مثْلهم، وأنَّهم هم صفوة الصَّفوة من قرون هذه الأُمَّة، التي هي خيْرُ الأمم، وأكرَمُها على الله (تعالى)[38] [39].



[1] وغرض الشيخ من عَقْد هذا الفصل الردُّ على الرافضة والخوارجِ الذين يَسُبُّون الصَّحابة، ويبْغضونَهم ويَجْحدون فضائلهم، وبيانُ براءة أهل السُّنة والْجماعة من هذا المذهب الْخَبيث، وأنَّهم مع صحابة نبيِّهم.

[2] بيان هذا أن أهل السُّنة والْجماعة مُجْمِعون على أنَّ الواجب في أصحاب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - الثناءُ عليهم، والاستغفار لَهم، والترحُّمُ عليهم، والتَّرضِّي عنهم، واعتقادُ مَحبَّتِهم، وموالاتُهم، وعقوبةُ مَن أساء فيهم القول؛ فإنَّ مِن أعظَمِ خبثِ القلوب أنْ يكون في قلب العبد غِلٌّ لِخيار المؤمنين، وسادات أولياء الله بَعْد النبيِّين؛ ولِهذا لَم يَجْعل الله - تعالى - في الفيء نصيبًا لِمَن بعدهم إلاَّ الذين يقولون: ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10]، فأهل السُّنة يترحمون على الجميع، ويستغفرون لَهم كما أمرهم الله تعالى.

وقد قال كثيرٌ من السَّلَف: إن الرافضة لا حقَّ لهم من الفيء؛ لأنَّ الله إنَّما جعل الفيء للمهاجرين والأنصار ﴿ وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10]، فمن لَم يكن قلبه سليمًا لَهم، ولسانُه مستغفرًا لَهم، لم يكن من هؤلاء، ومنع الفيء عنهم عقوبة لَهم، ولا عقوبة إلا في ترك ما يجب.

وهذا أصل مطَّرِد عند أهل السُّنة والْجماعة لكلِّ مَن صَحِب النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قليلاً أو كثيرًا، فإنَّ اسم الصُّحْبة اسم جنس، يعمُّ قليل الصحبة وكثيرَها، وأدناها أن يَصْحَبه زمنًا قليلاً.

[3] وبيان هذا أنَّ سبَّ أصحاب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - حرامٌ بالكتاب والسُّنة.

أمَّا الأول؛ فلأنَّ الله يقول: ﴿ وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ﴾ [الحجرات: 12]، وأدْنَى أحوال السابِّ أن يكون مغتابًا، وقال تعالى: ﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ﴾ [الهمزة: 1]، وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 58]، وهم صدور المؤمنين، فإنَّهم الْمُواجهون بالخطاب في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ حيث ذُكِرَت، ولَم يكتسبوا ما يوجب أذاهم؛ لأنَّ الله سبحانه رضي عنهم رضًا مطلقًا بقوله تعالى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ [التوبة: 100]، فرضي عن السابقين من غير اشتراط إحسانٍ، ولَم يرض عن التابعين إلاَّ أن يتَّبِعوهم بإحسان، وقال تعالى: ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ﴾ [الفتح: 18].

وأما السُّنة، فقد نَهى النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - عن سبِّهم، ومنه قوله - صلَّى الله عليه وسلم -: ((لا تسبُّوا أصحابي))، فلا ريب أنه لا يَجوز سبُّ أحدٍ من الصحابة، وأنَّ مَن لعن أحدًا من أصحاب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - كمعاوية بن أبي سفيان، وعمرِو بن العاص، ونَحْوِهِما، ومَن هو أفضل من هؤلاء كطلحة، والزُّبَيْر، وعثمانَ، وعليِّ بن أبي طالب، وأبي بكرٍ الصدِّيق، وعمر، وعائشة أمِّ المؤمنين، وغيرِ هؤلاء من أصحاب النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - فإنه مستحِقٌّ للعقوبة البليغة باتِّفاق أئمَّة الدِّين؛ فإنَّ قوله - صلَّى الله عليه وسلم -: ((لا تسبُّوا أصحابي)) خطابٌ لكلِّ أحدٍ أن يَسُبَّ مَن انفرد عنه بِصُحبته - صلَّى الله عليه وسلم - وإن كان سببُ الحديث سبَّ خالدِ بن الوليد - رضي الله عنه - عبدَالرحمن بن عوف.

فإنَّ مَن لَم يصحبه قَطُّ نسبته إلى من صَحِبه كنِسْبة خالدٍ إلى السَّابقين وأبعد؛ وذلك أن سائر الصحابة حصل لهم بِصُحبتهم للرسول، مؤمنين به، مُجاهدين معه، إيمانٌ ويقين لَم يَشْركهم فيه من بعدهم.

ومِمَّا يؤيد هذا أنَّ الصُّحبة اسم جنس تقع على من صَحِب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قليلاً أو كثيرًا، لكنْ كلٌّ منهم له من الصُّحبة بقدر ذلك، فمن صَحِب سنَةً أو شهرًا أو يومًا أو ساعة أو رآه مؤمنًا، فله من الصُّحبة بقدر ذلك.

[4] آخر اللَّوحة (10) من المخطوط.

[5] والمراد بالفتح: فتْحُ مكَّة، والله هو الذي سماه فتحًا؛ حيث قال في كتابه الكريم: ﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ﴾ [الفتح: 1].

ولكن المراد به هنا صُلْح الحديبية، كما أشار شيخ الإسلام بقوله: "وهو صُلْح الحديبية".

عن البَراء - رضي الله عنه - قال: تعدون أنتم الفتح فتْحَ مكَّة، وقد كان فتْحُ مكَّة فتحًا، ونحن نعدُّ الفتح بيعة الرِّضوان يوم الحديبية.

أخرجه البخاريُّ في "صحيحه": كتاب المغازي، باب: غزوة الحديبية، ح 4510.

وسُمِّي يوم الحديبية فتحًا، رغم رجوع المسلمين يومَها من غير قتالٍ ولا نفْعٍ ظاهر، حتَّى إنَّ بعضهم رفض مغادرتَها، واعتبر أنَّ هذا الصُّلح بين المسلمين وقريشٍ فيه مذلَّة للمسلمين، ولكنها حصل بسببها للمسلمين نفْعٌ كثير؛ لذا سُمِّي هذا اليوم فتحًا.

[6] والدليل على تفضيل هؤلاء قولُه تعالى: ﴿ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا ﴾ [الحديد: 10]، وهؤلاء هم السَّابقون الأوَّلون من المهاجرين والأنصار، قال الله تعالى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ [التوبة: 100].

[7] والدليل على تفضيل المهاجرين على الأنصار أن الله قدَّمَهم في الذِّكْر كما قال تعالى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ ﴾ [التوبة: 100].

وقال تعالى: ﴿ لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ ﴾ [التوبة: 117]، وقال تعالى: ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ ﴾ [الحشر: 8 - 9].

[8] كما جاء في قصة حاطب بن أبي بَلْتعة المعروفة، والْمُخرجة في الصَّحيحين.

أخرجها البخاري في "صحيحِه": كتاب الجهاد والسِّيَر، باب: الجاسوس، ح 3007.

وفي: كتاب الجهاد والسِّيَر، باب: إذا اضطر الرَّجل إلى النَّظر في شعور أهل الذِّمة والمؤمنات إذا عصَيْن الله وتَجْريدهن، ح 3081.

وفي: كتاب المغازي، باب: فضل من شهد بدرًا، ح 3983.

وفي كتاب: تفسير القرآن، باب: ﴿ لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ ﴾ [الممتحنة: 1]، ح 4890.

وفي: كتاب الاستئذان، باب: من نظر في كتابِ مَن يُحْذَر على المسلمين لِيَستَبِين أمْرُه، ح 6259.

وفي: كتاب استتابة المرتدين، باب: ما جاء في المتأولين، ح 6939.

وأخرجه مسلم في "صحيحه": كتاب فضائل الصَّحابة، باب: من فضائل أهل بدر - رضي الله عنهم - وقصَّة حاطب بن أبي بلتعة، ح 161، 162.

قال العلاَّمة صالح بن فوزان الفوزان في شرح "شرح العقيدة الواسطيَّة" ص 359:

"قال ابن القيم في "الفوائد": "أُشْكِل على كثيرٍ من الناس معناه"، ثم ذكر الأقوالَ في ذلك، ثم قال: فالَّذي نظنُّ في ذلك - والله أعلم - أنَّ هذا خطابٌ لِقَوم قد علم الله سبحانه أنَّهم لا يُفارقون دينهم، بل يَمُوتون على الإسلام، وأنَّهم قد يُقارفون ما يُقارفه غيْرُهم من الذُّنوب، ولكن لا يَتْركهم سبحانه مصرِّين عليها، بل يوفِّقهم لتوبة نَصُوح واستغفارٍ وحسنات تَمْحو أثر ذلك.

ويكون تخصيصُهم بِهذا دون غيرهم؛ لأنَّه قد تحقَّق ذلك فيهم، وأنَّهم مغفورٌ لَهم، ولا يَمْنع ذلك كونَ المغفرة حصلت بأسباب تقوم بِهم، كما لا يقتضي أن يعطِّلوا الفرائض؛ وثوقًا بالمغفرة.

فلو كانت قد حصلت بدون الاستمرار على القيام بالأوامر لَما احتاجوا بعد ذلك إلى صلاةٍ، ولا حجٍّ، ولا زكاةٍ، ولا جهادٍ، وهذا مُحال"؛ اهـ.

[9] الموجود في المطبوع: (لقد).

[10] قال العلاَّمة صالح بن فوزان الفوزان في "شرح العقيدة الواسطيَّة" ص360: "هذا الكلام في شأن أهل بيعة الرِّضوان، وهي البيعة التي حصلَتْ في الحديبية حين صَدَّ المشركون رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن دخول مكَّة، كما سبق بيانه قريبًا.

وقد ذكر لهم الشَّيخُ مزِيَّتَيْن:

الأولى: أنه لا يَدْخل النارَ أحَدٌ منهم، ودليل ذلك ما في "صحيح مسلم" من حديث جابر - رضي الله عنه - أن النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: ((لا يَدْخل النَّارَ أحَدٌ بايع تحت الشَّجرة)).

الثانية: أنَّ الله قد رَضِي عنهم.

وهذا صريحُ القرآن كما في قوله تعالى: ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ﴾ [الفتح: 18]"؛ اهـ.

[11] والشهادة بالجنة نوعان: شهادة معلَّقة بوصف، وشهادة معلَّقة بالشخص:

أما المعلَّقة بالوصف، فأَنْ نشهد لكلِّ مؤمنٍ أنَّه في الجنة، وكل متَّقٍ أنه في الجنة، بدون تعيينِ شخصٍ أو أشخاص، وهذه شهادة عامَّة، يجب علينا أن نشهد بِها؛ لأنَّ الله تعالى أخبَر بِها، فقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ * خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [لقمان: 8 - 9].

وأمَّا الشهادة المعلَّقة بشخص معيَّن، فأَنْ نشهد لِفُلان أو لعددٍ معيَّن أنَّهم في الجنة، وهذه شهادة خاصَّة، فنَشْهد لِمَن شهد له الرَّسولُ - صلَّى الله عليه وسلم - سواءٌ شهد لشخصٍ معيَّن واحد، أو لأشخاص معيَّنين.

[12] والمقصود بِهم مَن جاؤوا في الحديث: عن سعيد بن زيدٍ أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: ((عشرة في الجنَّة؛ أبو بكرٍ في الجنَّة، وعُمَر في الجنة، وعثمان وعليٌّ والزُّبير وطلحة وعبدالرحمن وأبو عبيدة وسعد بن أبي وقَّاص))، قال: فعدَّ هؤلاء التسعة وسكَت عن العاشر، فقال القوم: ننشدك الله يا أبا الأعور، مَن العاشر؟ قال: نشتدموني بالله، أبو الأعور في الجنَّة.

أخرجه أبو داود في "السنن": كتاب السنة، باب: في الخلفاء، ح 4648، 4649، 4650.

وأخرجه الترمذي في "السُّنن": كتاب المناقب، باب: مناقب عبدالرحمن بن عوف، ح 3748.

وأخرجه ابن ماجه في "السُّنن": المقدمة، باب: فضائل العشرة - رضي الله عنهم - ح 133، 134.

وأحمد في "المسند": (1 /187)، بينما تفرد الترمذيُّ به عن عبدالرحمن بن عوف.

أخرجه الترمذي في "السُّنن": كتاب المناقب، باب: مناقب عبدالرحمن بن عوف، ح 3747.

[13] وهو خطيب النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - وبشارته بالجنَّة ثابتة، متَّفَق عليها في "الصحيحين".

عن أنس بن مالك أنه قال: لما نـزلت هذه الآية: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ﴾ [الحجرات: 2] إلى آخر الآية، جلس ثابتُ بن قيسٍ في بيته وقال: أنا من أهل النَّار، واحتبس عن النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - فسأل النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - سعْدَ بن معاذ فقال: ((يا أبا عمرو، ما شأن ثابتٍ؟ أشتَكى؟)) قال سعدٌ: إنَّه لَجاري، وما عَلِمْتُ له بِشَكوى، قال: فأتاه سعْدٌ، فذكر له قولَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقال ثابتٌ: أنـزلت هذه الآية، ولقد علمتم أنِّي من أرفَعِكم صوتًا على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فأنا من أهل النَّار، فذكر ذلك سعدٌ للنبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: ((بل هو من أهل الجنَّة)).

أخرجه البخاريُّ في "صحيحه": كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، ح 3613.

وفي: كتاب تفسير القرآن، باب: ﴿ لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ﴾ [الحجرات: 2]، (ح 4846)، ومسلم في "صحيحه": (كتاب الإيمان، باب: مخافة المؤمن أن يحبط عمله م ح 187، 188).

[14] كعُكَّاشة بن محصن.

عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: خرج علينا النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - يومًا فقال: ((عُرِضَتْ عليَّ الأمم، فجعل يَمُرُّ النبِيُّ معه الرجل، والنبيُّ معه الرجلان، والنبيُّ معه الرَّهط، والنبي ليس معه أحد، ورأيتُ سوادًا كثيرًا سدَّ الأفق، فرجوْتُ أن يكون أمَّتِي، فقيل: هذا موسى وقومه، ثم قيل لي: انظر، فرأيت سوادًا كثيرًا سدَّ الأفق، فقيل لي: انظر هكذا وهكذا، فرأيتُ سوادًا كثيرًا سدَّ الأفق، فقيل: هؤلاء أُمَّتُك، ومع هؤلاء سبعون ألفًا يدخلون الجنَّة بغير حساب))، فتفرَّق الناس ولم يبين لَهم، فتذاكر أصحابُ النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - فقالوا: أما نحن فوُلِدنا في الشِّرك، ولكِنَّا آمنَّا بالله ورسوله، ولكن هؤلاء هم أبناؤنا، فبلغ النبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: ((هم الذين لا يتطيَّرون، ولا يَسْتَرْقون، ولا يَكْتوون، وعلى ربِّهم يتوكَّلون))، فقام عُكَّاشة بن مِحْصن، فقال: أمِنْهم أنا يا رسول الله؟ قال: ((نعم))، فقام آخَر، فقال: أمِنْهم أنا؟ فقال: ((سبَقَك بِها عُكَّاشة))؛ متفق عليه من حديث ابن عباس.

أخرجه البخاري في "صحيحه": كتاب الطب، باب: من اكتوى أو كوى غيره، وفضل من لم يكتَوِ، ح 5705.

وفي: كتاب الطب، باب: من لم يَرْقِ، ح 5752.

وفي: كتاب الرقاق، باب: يدخل الجنة سبعون ألفًا بغير حساب، ح 6541.

وأخرجه مسلم في "صحيحه": كتاب الإيمان، باب: الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب، ح 374، 375.

قلتُ: وفي الباب عن أبي هريرة، وعمران بن حصين، وسهل بن سعد.

ومنهم أيضًا - يعني: الذين شهد لهم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم – بالجنة -: عبدالله بن سلام.

عن سعد بن أبي وقاص: قال: ما سمعت النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يقول لأحدٍ يَمْشي على الأرض: ((إنَّه من أهل الجنة))، إلاَّ لعبدالله بن سلام.

متَّفق عليه من حديث سعد بن أبي وقاص.

أخرجه البخاري في "صحيحه": كتاب مناقب الأنصار، باب: مناقب عبدالله بن سلام، ح 3712.

وعلقه في كتاب الأدب، باب: من أثنى على أخيه بِما يعلم.

وأخرجه مسلم في "صحيحه": كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل عبدالله بن سلام - رضي الله عنه - ح 147.

[15] عن محمَّد ابن الحنفيَّة قال: "قلتُ لأبي: أيُّ الناس خيْرٌ بعد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -؟ قال: أبو بَكْر، قلتُ: ثُمَّ مَن؟ قال: ثُمَّ عمر، وخشيتُ أن يقول عثمان، قلتُ: ثُمَّ أنت؟ قال: ما أنا إلاَّ رَجُل من المسلمين".

أخرجه البخاريُّ في "صحيحه": كتاب فضائل الصحابة، باب: قول النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: لو كنت متخذًا خليلاً، ح 2671.

وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: كنا نُخيِّر بين الناس في زمن النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - فنخيِّر أبا بكر، ثم عُمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفَّان - رضي الله عنهم.

أخرجه البخاري في "صحيحه": كتاب فضائل الصحابة، باب: فضل أبي بكر بعد النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ح 2655.

وفي: كتاب فضائل الصحابة، باب: مناقب عثمان بن عفان أبي عمرو القرشي - رضي الله عنه - ح 3698.

[16] قال العلاَّمة صالح بن فوزان الفوزان في "شرح العقيدة الواسطيَّة" ص365:

"هذا حاصل الخلاف في الْمَسألة: تقديم عثمان، تقديم علي، التوقُّف عن تقديم أحَدِهِما على الآخر، وأشار الشَّيخ إلى ترجيح الرَّأي الأوَّل، وهو تقديم عثمان؛ لأمور:

الأمر الأول: أنَّ هذا هو الذي دلَّت عليه الآثار الواردة في مناقب عثمان - رضي الله عنه.

الثاني: إجْماع الصحابة على تقديم عثمان في البيعة، وما ذاك إلاَّ أنَّه أفضل، فترتيبهم في الفَضْل كترتيبهم في الخلافة.

الثالث: أنه استقرَّ أمْرُ أهل السُّنة على تقديم عثمان ثُمَّ عليٍّ، كما سبق أنَّهم قدَّموه في البيعة.

قال عبدالرحمن بن عوف لعليٍّ - رضي الله عنه -: إنِّي نظرْتُ أمر الناس، فلم أرهم يَعْدِلون بِعُثمان.

قال أيُّوب: مَن لَم يقدِّم عثمان على عليٍّ، فقد أزرى بالْمُهاجرين والأنصار.

فهذا دليلٌ على أنَّ عثمان أفضل؛ لأنَّهم قدَّموه باختيارهم بعد تشاوُرِهم، وكان عليٌّ - رضي الله عنه - مِن جُمْلة مَن بايعه، وكان يقيم الحدود بيْن يدَيْه"؛ اهـ.

[17] قال العلاَّمة صالح بن فوازان الفوزان في "شرح العقيدة الواسطيَّة" ص366:

"أبدى الشَّيخ - رحمه الله - موازنةً بين الْمَسألتين: مسألة تقديم عليٍّ على عثمان في الفَضْل، ومسألة تقديم علي على غيْرِه في الخلافة، من حيث ما يترتَّب على ذلك التقديم من خطورة.

فبيَّن أنَّ مسألة تفضيل علي على عثمان لا يُضلَّل - أيْ: لا يُحْكَم بضلالِ - مَن قال بِها؛ نظرًا لوجود الخلاف فيها بين أهل السُّنة، وإن كان الراجِحُ تفضيلَ عثمان - رضي الله عنه.

"لكن التي يضلَّل الْمُخالف فيها مسألة الخلافة"؛ أيْ: يُحْكَم بضلال مَن خالف فيها، فرأى تقديمَ علي في الخلافة على عثمان، أو غيْرِه من الخلفاء الذين سبَقوه، أو قدَّم عليًّا على أبي بكرٍ وعمر في الفضيلة.

فأهل السُّنة والْجماعة يؤمنون بأنَّ الخليفة بعد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أبو بكْر الصِّدِّيق - رضي الله عنه - لِفَضْله وسابقته، وتقديمِ النبِي - صلَّى الله عليه وسلم - له على جميع الصحابة، وإجماعِ الصحابة على بيعته.

ثم الخليفة من بعد أبي بكرٍ عمرُ بن الخطاب - رضي الله عنه - لفضله وسابقته، وعهْدِ أبي بكر إليه، واتِّفاق الأُمَّة عليه بعد أبي بكر.

ثم الخليفة بعد عُمَرَ عثمانُ بن عفان - رضي الله عنه - لتقديم أهل الشُّورى له، واتِّفاق الأمَّة عليه.

ثم بعد عثمانَ الخليفة عليٌّ - رضي الله عنه - لفضله وإجْماع أهل عصره عليه.

فهؤلاء هم الْخُلفاء الأربعة الْمُشار إليهم في حديث العِرْباض بن سارية - رضي الله عنه - بقوله - صلَّى الله عليه وسلم -: ((عليكم بِسُنَّتِي وسُنَّة الخلفاء الراشدين المهديِّين من بعدي)).

ولِهَذا قال الشيخ: "ومن طعن في خلافة أحدٍ من هؤلاء"؛ يعني: الأربعة المذكورين، "فهو أضَلُّ من حِمار أهله"؛ لِمُخالفته النصَّ والإجماعَ من غيْر حُجَّة، ولا برهان، وذلك كالرافضة الذين يزعمون أنَّ الخلافة بعد النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - لعليِّ بن أبي طالب.

والحاصل في مسألة تقديم عليٍّ - رضي الله عنه - على غَيْره من الْخُلفاء الثلاثة:

1 - مَن قدَّمَه في الخلافة، فهو ضالٌّ بالاتِّفاق.

2 - من قدَّمه في الفضيلة على أبي بكر وعمر، فهو ضالٌّ أيضًا، ومن قدَّمه على عثمان في الفضيلة فلا يضلَّل، وإن كان هذا خلافَ الراجح"؛ اهـ.

[18] والمراد بأهل بيت النبي - صلَّى الله عليه وسلم - الذين تجب موالاتهم ومحبَّتُهم هم بنو هاشمٍ كلُّهم: ولَدُ العبَّاس، وولد عليٍّ، وولد الحارث بن عبدالمطَّلب، وسائر بني أبي طالب، وغيْرهم.

ولَمَّا قيل لزيد بن أرقم: ومَن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيتِه؟ قال: نِساؤُه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصَّدَقة بعْدَه، قال: ومن هم؟ قال: هم آل عليٍّ وآل عقيل وآل جعفر وآل عبَّاس، قال: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعَم.

وقد تنازعوا في بني المطلب بن عبدمنافٍ هل تَحْرم عليهم الصَّدقة، ويدخلون في آل محمَّد - صلَّى الله عليه وسلم -؟ على قولين: هُما روايتان عن أحمد.

وأمَّا زوجاته - رضي الله عنهنَّ - فقد اختلف العلماء: هل هُنَّ من أهل بيته - صلَّى الله عليه وسلم -؟ على قولَيْن هما روايتان عن أحمد:

أحدهما: أنَّهن لسْنَ من أهل البيت، ويُرْوى هذا عن زيد بن أرقم.

والثاني - وهو الصحيح -: أنَّ أزواجه من آله؛ فإنه قد ثبت في "الصَّحيحَيْن" عن النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - أنَّه علم الصَّلاة عليه: ((اللهم صلِّ على محمَّد، وأزواجه، وذرِّيَّتِه))، ولأنَّ امرأة إبراهيم من آله وأهْلِ بيته، وامرأة لوط من آله وأهلِ بيته؛ بدلالة القرآن، فكيف لا يكون أزواجُ محمد من آله وأهل بيته؟

ولقوله تعالى في خطاب نساء النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -: ﴿ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ [الأحزاب: 33]، فهذه الآية تدلُّ على أنَّهن من أهل البيت، وإلاَّ لَم يكن لذِكْر ذلك في الكلام معنًى، فنِساؤه - صلَّى الله عليه وسلم - من أهل بيته بِنَصِّ القرآن، فلهنَّ ما لأهل البيت من حقوق.

وأمَّا استدلال بعضهم بِما أخرجه مسلمٌ عن عائشة أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - خرج غداةً وعليه مِرْط مرحل من شَعرٍ أسود، فجاء الحسَنُ بن علي فأدخله، ثم جاء الْحِسين فدخل معه، ثُمَّ جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء عليٌّ فأدخله، ثم قال: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ [الأحزاب: 33].

وبِما جاء أنَّه لَمَّا نـزلت هذه الآية على النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ [الأحزاب: 33]، في بيت أُمِّ سلمة، فدعا فاطمة وحسنًا وحُسَينًا، فجلَّلهم بكساءٍ، وعليٌّ خلْفَ ظهره فجلَّلهم بكِساء، ثم قال: ((اللهم هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرِّجس وطهرهم تطهيرًا))، فهذا يدلُّ على أن عليًّا، وفاطمة، والحسن، والْحُسين كلهم من أهل البيت، وهم أخَصُّ بذلك من غيرهم؛ ولذلك خصَّهم النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - بالدُّعاء لَهم.

وهذا كما أن قوله: ﴿ لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ ﴾ [التوبة: 108]، نـزلت بسبب مسجد قباء، لكنَّ الْحُكم يتناوله ويتناول ما هو أحَقُّ منه بذلك، وهو مسجد المدينة، وهذا يوجِّه ما ثبت عن أبي سعيدٍ الْخُدري أنَّه قال: تَمارى رجلان في المسجد الذي أُسِّس على التَّقوى، فقال أحَدُهما: هو مسجد قباء، وقال الآخر: هو مسجد النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - فقال النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلم -: ((هو مسجدي هذا)).

وهكذا أزواجه، وعليٌّ، وفاطمة، والحسن، والْحُسين كلُّهم من أهل البيت، لكنَّ عليًّا وفاطمة والحسن والحسينَ أخَصُّ من أزواجه؛ ولِهَذا خصَّهم بالدُّعاء، فالتخصيص لكون الْمَخصوص أولى بالوصف، فالحديث لا يفيد - لا مفهومًا، ولا منطوقًا - أنَّ أزواجه - رضي الله عنهنَّ - لسْنَ من أهل بيته - صلَّى الله عليه وسلم.

[19] قال العلاَّمة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - في "شرح العقيدة الواسطيَّة" 2/252:

"هو اليوم الثَّامِنَ عشر من ذي الحجة، وهذا الغَدِير ينسب إلى رجُل يسمَّى "خُمّ"، وهو في الطريق الذي بين مكَّة والمدينة، قريبٌ من الجحفة، نـزل الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلم - فيه منـزلاً في رجوعه من حجَّة الوداع، وخطب الناس، وقال: ((أُذَكِّركم الله في أهل بتي))، ثلاثًا، يعني: اذْكُروا الله، اذكروا خوفه وانتقامه إنْ أضعْتُم حقَّ آل البيت، واذْكُروا رحمته وثوابَه إنْ قُمْتُم في حقِّهم"؛ اهـ.

ولفظ الحديث: عن زيد بن أرقم قال: قام رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يومًا فينا خطيبًا بماء يُدعى "خُمًّا" بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكَّر، ثم قال: ((أمَّا بعد، ألا أيُّها النَّاس، فإنَّما أنا بشَر، يوشك أن يأتي رسولُ ربِّي فأُجِيب، وأنا تارِكٌ فيكم ثَقَلَيْن، أوَّلُهما: كتاب الله فيه الْهُدى والنُّور، فخذوا بكتاب الله واستَمْسكوا به))، فحث على كتاب الله ورغَّب فيه، ثم قال: ((وأهْلُ بيتِي، أذكِّركم اللهَ في أهل بيتي، أذكِّركم الله في أهل بيتي، أذكِّركم الله في أهل بيتي)).

أخرجه مسلم في "صحيحه": (كتاب فضائل الصحابة، باب/ من فضائل علي رضي الله عنه، ح 36).

[20] الْمَوجود في الْمطبوع: "اشتكى".

[21] أخرجه أحمد في "الْمُسند": (1/ 207، 208).

ولفْظُه: عن عبدالمطَّلب بن ربيعة قال: دخل العبَّاس على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: يا رسول الله، إنَّا لنَخْرج فنرى قريشًا تَحَدَّثُ، فإذا رأونا سكَتوا، فغَضِب رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ودرَّ عِرْق بيْن عينيه، ثُمَّ قال: ((والله لا يدخل قلْبَ امرئٍ إيمانٌ حتَّى يُحِبَّكم لله ولقرابتي)).

وصححه العلاَّمة أحمد شاكر - رحمه الله - في تحقيقه للمسند.

[22] أخرجه مسلم في "صحيحه": كتاب الفضائل، باب: فضل نسَبِ النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وتسليم الْحَجر عليه قبل النبوَّة، ح 1.

[23] الموجود في المطبوع: "ويؤمنون".

[24] ما بين القوسين ساقط من المخطوط، وأثبَتُّه من أغلب المطبوع.

[25] الموجود في المطبوع: "العالية".

[26] ما بين القوسَيْن ساقِطٌ من المخطوط، وأثبتُّه من أغلب المطبوع.

[27] متفق عليه من حديث أبي موسى الأشعريِّ - رضي الله عنه.

أخرجه البخاري في "صحيحه": كتاب أحاديث الأنبياء، باب: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ ﴾ [التحريم: 11]، ح 3411.

وفي: كتاب أحاديث الأنبياء، باب: قوله تعالى: ﴿ إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ﴾ [آل عمران: 45]، ح 3434.

وفي: كتاب فضائل الصحابة، باب: فضل عائشة - رضي الله عنها - ح 3769.

وفي: كتاب الأطعمة، باب: الثريد، ح 5418. وأخرجه مسلم في "صحيحه": كتاب فضائل الصَّحابة، باب: فضائل خديجة أُمِّ المؤمنين - رضي الله عنها - ح 70.

وفي: كتاب فضائل الصحابة، باب: فضل عائشة - رضي الله عنها - ح 89.

[28] ما بين القوسَيْن ساقط من المخطوط، وأثبته من أغلب المطبوع.

[29] فالرافضة تَطْعن في جميع الصحابة إلاَّ نفرًا قليلاً، بضعة عشر، ويَجعلون النُّصوص الدالَّة على فضائل الصحابة كانت قبل رِدَّتِهم.

وأما النَّواصب، فكانوا يبغضون عليًّا وأصحابَه، بل كانوا: يكفِّرون عليًّا، أو يفسِّقونه، أو يَشُكُّون في عدالته.

فأهل السُّنة والْجماعة سالِمُون من هاتين الضَّلالتَيْن؛ لِما ثبت من فضائلهم، ولأنَّ القدح فيهم قدْحٌ في القرآن والسُّنة، وباطن هذا المسلك الطَّعن في الرِّسالة.

[30] ما بين القوسين ساقط من المخطوط، وأثبتُّه من أغلب المطبوع.

[31] فقد ثبت بقول رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أنَّهم ((خير القرون))، وأنَّ الْمُدَّ من أحَدِهم إذا تصدَّق به كان أفضلَ من جبل أحُدٍ ذهبًا مِمَّن بعْدَهم، ثُمَّ إذا كان قد صدر عن أحَدٍ منهم ذنْبٌ، فيكون قد تاب منه، أو أتى بِحَسنات تَمْحوه، أو غُفِر له بفضل سابقته، أو بشفاعة محمد - صلَّى الله عليه وسلم - الذي هم أحقُّ الناس بشفاعته، أو ابتُلِي ببلاءٍ في الدُّنيا كُفِّر به عنه، فإذا كان هذا في الذُّنوب الُمحقَّقة، فكيف الأمور التي كانوا فيها مُجْتهدين: إنْ أصابوا فلهم أجْران، وإن أخطؤوا فلهم أجْر واحد، والْخَطأ مغفور؟

ثم إنَّ القَدْر الذي يُنْكَر مِن فعل بعضهم قليلٌ، نـزر، مغمورٌ في جنب فضائل القَوْم ومَحاسنِهم؛ من الإيمان بالله ورسوله، والجهاد في سبيله، والْهِجرة، والنُّصرة، والعلم النَّافع، والعمَل الصالح.

وبيان هذا أنَّ مذهب أهل السُّنة الإمساكُ عمَّا شجَر بين الصحابة، فإنه قد ثبتَتْ فضائلهم، ووجبَتْ مُوالاتُهم ومَحبَّتُهم، وما وقع منه ما يكون لهم فيه عذر يخفى على الإنسان، ومنه ما تاب صاحِبُه منه، ومنه ما يكون مغفورًا، فالخوض فيما شجر يوقع في نفوس كثيرٍ من الناس بُغضًا وذمًّا، ويكون هو في ذلك مُخطئًا، بل عاصيًا، فيَضُر نفسه، ومَن خاض معه في ذلك، كما جرى لأكثر مَن تكلَّم في ذلك؛ فإنَّهم تكلموا بكلامٍ لا يُحِبُّه الله ولا رسولُه؛ إمَّا مِن ذمِّ مَن لا يستحقُّ الذمَّ، وإمَّا من مدح أمورٍ لا تستحِقُّ المدح؛ ولِهذا كان الإمساك طريقةَ أفاضل السَّلَف.

وليس هذا خاصًّا بِما جرى بين الصَّحابة فقط، بل ينهى عمَّا شجر بين هؤلاء، سواءٌ كانوا من الصَّحابة، أو مِمَّن بعدهم، فإذا تشاجر مُسْلِمان في قضيَّة، ومضَتْ، ولا تعلُّق للناس بها، ولا يعرفون حقيقتها، كان كلامُهم فيها كلامًا بلا عِلْم ولا عدل يتضمَّن أذاهُما بغير حقٍّ، ولو عرفوا أنَّهما مُذْنِبان أو مُخْطئان، لكان ذكر ذلك - من غير مصلحة راجحة - من باب الغيبة المذمومة.

فالواجب فيما شجر بيْن الصَّحابة - رضي الله عنهم - أن يُقال: إمَّا أن يكون عمل أحدهم سعيًا مشكورًا، أو ذنبًا مغفورًا، أو اجتهادًا قد عُفِي لصاحبه عن الخطأ فيه؛ فلهذا كان من أصول أهل العلم: أنَّه لا يُمَكَّن أحدٌ من الكلام في هؤلاء بكلامٍ يَقْدح في عدالتهم وديانَتِهم، بل يعلم أنَّهم عدولٌ مرضيُّون، لا سيَّما والمنقول عنهم من العظائم كَذِبٌ مفترًى.

ولِهذا كان الإمساك عمَّا شجر بين الصحابة خيرًا من الخوض في ذلك بغيْر علمٍ بِحَقيقة الأحوال، فمَن سلك سبيل أهل السُّنة استقام قوله، وكان من أهل الحقِّ والاستقامة والاعتدال، وإلاَّ حصل في قوله جهْلٌ وكذب وتناقُض.

[32] الموجود في المطبوع: "يَجُوز".

[33] الموجود في المطبوع: "عنهم".

[34] الموجود في المطبوع: "إنْ".

[35] الموجود في المطبوع: "مِنْ".

[36] آخر اللوحة (11) من المخطوط.

[37] ما بين القوسين ساقط من المخطوط، وأثبتُّه من أغلب المطبوع.

[38] ما بين القوسين ساقط من المخطوط، وأثبتُّه من أغلب المطبوع.

[39] قال العلاَّمة محمد خليل هراس في "شرح العقيدة الواسطيَّة" ص180:

"يريد المؤلِّف - رحمه الله - أن ينفي عن الصَّحابة - رضي الله عنهم - أن يكون أحدُهم قد مات مُصِرًّا على ما يوجب سخط الله عليه من الذُّنوب، بل إذا كان قد صدر الذَّنب من أحدهم فعلاً، فلا يَخْلو عن أحدِ هذه الأمور التي ذكرها؛ فإمَّا أن يكون قد تاب منه قبل الموت، أو أتى بحسنات تذهبه وتَمْحوه، أو غُفِر له بفضل سالِفَتِه في الإسلام، كما غُفِر لأهل بَدْر وأصحاب الشجرة، أو بشفاعةِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وهُم أسعد الناس بشفاعته، وأحَقُّهم بها، أو ابْتُلي ببلاءٍ في الدُّنيا في نفسه أو ماله أو ولَدِه، فكفر عنه به، فإذا كان هذا هو ما يجب اعتقاده فيهم بالنِّسبة إلى ما ارتكبوه من الذُّنوب المُحقَّقة، فكيف في الأمور التي هي موضع اجتهادٍ، والخطأُ فيها مغفور؟!

ثُم إذا قيس هذا الذي أخطؤوا فيه إلى جانبِ ما لَهم من مَحاسن وفضائل، لم يَعْدُ أن يكون قطرة في بَحْر.

فالله الذي اختار نبيَّه - صلَّى الله عليه وسلم - هو الذي اختار له هؤلاء الأصحاب، فهُم خيْرُ الخلق بعد الأنبياء، والصَّفوة المختارة من هذه الأُمَّة التي هي أفضل الأمم.

ومن تأمَّل كلام المؤلِّف - رحمه الله - في شأن الصَّحابة عَجِب أشدَّ العجب مِمَّا يرميه به الجهلة المتعصِّبون، وادِّعائِهم عليه أنه يتهجَّم على أقدارِهم، ويغضُّ من شأنِهم، ويخرق إجْماعَهم.. إلى آخِر ما قالوه من مَزاعِمَ ومُفْتريات"؛ اهـ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العقيدة الواسطية لابن تيمية (5/ 12)
  • العقيدة الواسطية لابن تيمية (6/ 12)
  • العقيدة الواسطية لابن تيمية (7/ 12)
  • العقيدة الواسطية لابن تيمية (8/ 12)
  • العقيدة الواسطية لابن تيمية (10/ 12)
  • العقيدة الواسطية لابن تيمية (11 /12)
  • العقيدة الواسطية لابن تيمية (12/ 12)

مختارات من الشبكة

  • من مائدة العقيدة: ثمرات العقيدة الصحيحة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مائدة العقيدة ( منزلة علم العقيدة )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العقيدة العقيدة(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • كتب تنصح اللجنة الدائمة بقراءتها في مجال العقيدة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف العقيدة ومسمياتها ومصدر تلقيها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هذه هي عقيدتنا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقوال الأئمة في العقيدة التي هي عقيدة أهل السنة والجماعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعليم العقيدة للصغار (1) من عقيدة المسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • متن العقيدة الطحاوية - عقيدة أهل السنة والجماعة - للإمام الطحاوي المصري - قراءة الشيخ فهد الحمين(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • مخطوطة عقيدة أهل السنة والجماعة (العقيدة الطحاوية) (نسخة رابعة)(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب