• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم حديث
علامة باركود

الجوهر النفيس شرح مصطلح الحديث (6)

الجوهر النفيس شرح مصطلح الحديث (6)
د. عيد نعيمي آل فيصل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/9/2012 ميلادي - 17/10/1433 هجري

الزيارات: 47909

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الجوهر النفيس شرح مصطلح الحديث (6)


إنَّ الحمدَ لله نحمدُه، ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شُرورِ أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا، مَن يَهدِه اللهُ فهو المهتدِ، ومَن يُضلِل فلن تجدَ له وليًّا مُرشدًا، وصَلِّ اللهمَّ على سيِّدنا محمدٍ وعلى آله وصحبِه وسلِّم.

 

ثم أمَّا بعدُ:

لقد شعرت بصُعوبة الكَلام على الشاذِّ والمنكر في المحاضرة السابقة؛ لذلك سوفُ أوجزُ الكلام عليهما دُون إخلالٍ بالمراد، فأقولُ وبالله التوفيقُ.

 

عند مَن لا يُفرِّقُ بين الشاذِّ والمنكر:

فالتعريف هو: تفرُّد مَن لا يحتملُ حالُه التفرُّد والمخالفة بمثل هذه الرواية، فانظُر أخي -بارك الله فيك- إلى هذا القيد؛ ألا وهو بمثل هذه الرِّواية؛ أي: "القَرائن التي احتفَّت بهذه الرواية فجعلت التفرُّد بها تفرُّدًا منكرًا".

 

ذكرنا أنَّ المتقدِّمين يسمُّون المنكر خطأً، ويسمُّون الشاذَّ خطأ، فخطأ = خطأ، إذًا المنكر = الشاذ، كما أنَّ خطأ الثقة = خطأ الضعيف؛ لأنَّ الكلَّ خطأ، والخطأ لا يتعدَّدُ.

 

عند مَن يُفرِّق بين الشاذِّ والمنكر:

الشاذ هو: مخالفة المقبول لِمَن هو أَوْلَى منه.

 

المنكر هو: مخالفة الضعيف لِمَن هو أَوْلَى منه.

 

هذا هو مبحث الشاذ والمنكر.

 

لا بُدَّ عند دراسة علم مصطلح الحديث أنْ تعرفَ اصطلاحات كلِّ عالِمٍ:

عندما تكلَّمنا سابقًا على مسألة: هل من الأفضل في شُروط الصحيح أنْ نقول: ثقة أو عدل ضابط؟ قلنا: إنَّ الأفضل أنْ نقول: عدل ضابط، رغم أنَّ ثقة تُساوي عدل ضابط في غالب الأمر، لماذا؟ لأنَّه قد ورَد عن بعض الأئمَّة استخدامُ الثقة للعدالة فقط، فإنْ لم تكن تعلم مصطلحَ العالِمِ في هذا الجانب فسوف تخطئُ.

 

فمثلاً عندما يقول ابن مَعِين عن راوٍ: إنَّه ثقة، وبِناءً على فهمك لكلمة "ثقة" قلت: إنَّه عدل ضابط؛ فتُصحِّح الحديث، فهذا خطأٌ؛ حيث إنَّ ابن مَعِين في كثيرٍ من الأحيان يطلقُ لفظ الثقة على العدالة فقط دون الضَّبط، وذكَرْنا مثال يعقوب بن شيبة؛ حيث قال في الربيع بن صبيح: إنَّه ثقة ليس بأحفظ الناس، فكيف يكونُ ثقةً وليس بأحفظ الناس؟ فيعقوب بن شيبة عندما تحدَّثَ عن الثقة فهو يقصدُ الدِّين (العدالة)؛ أي: إنَّه رجلٌ دَيِّنٌ وَرِعٌ ولم يقصد الحفظَ؛ فيجب أنْ نعلَمَ مصطلحَ كلِّ إمامٍ؛ حتى لا نُقوِّلَ الإمامَ ما لم يَقُلْ.

 

• كما أنَّ من أخطاء الإخوة الذين يعمَلُون في المصطلح أنهم يفهَمُون كلامَ الأئمَّة بِناءً على الاصطِلاح الذي فَهِموه، دون النظَر والتقيُّد بتطبيقاتهم العمليَّة[1]؛ فمثلاً عندما يأتي يحيى بن مَعِين ويقولُ: ثقة، فتقول أنت: ولقد صحَّح الحديثَ يحيى بن مَعِين، وتسكتُ، فأنت فهمتَ من كلام يحيى بن مَعِين أنَّ قوله: ثقة؛ أي: عدل ضابط، فنقلت الكلام بالمعنى فقلت: إنَّ يحيى بن مَعِين صحَّح الحديث، مع أنَّ يحيى بن مَعِين لم يقصدْ تصحيحَ الحديث، بل يقصد أنَّ الرجل هذا عدلٌ، فابحث أنت عن ضبطه.

 

• فمهمٌّ جدًّا أنْ تتقيَّد بألفاظ الأئمَّة، وكما قال الشيخ أبو معاذ طارق بن عوض الله في "لغة المحدث":

اعْلَمْ بِأَنَّ اللَّفْظَ قَدْ يُسْتَعْمَلُ
فِي غَيْرِ مَا عِلْمٍ فَلا يُسْتَشْكَلُ
فَكُلُّ عِلْمٍ وَلَهُ اصْطِلاحُهُ
مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِهِ وَشَرْحُهُ
يُدْرَى بِالاسْتِقْرَاءِ أَوْ بِنَصِّ
صَاحِبِهِ أَوْ عَالِمٍ مُخْتَصِّ
وَرُبَّمَا تَعَدَّدَتْ مَعَانِي
الاصْطِلاحِ عِنْدَ أَهْلِ الشَّانِ

 

• لذلك من الانتِقادات على كتاب الحافظ الذهبي "ميزان الاعتدال" أنَّه كان ينقلُ بالمعنى -في بعض المواضع- عن الأئمَّة، رغم أنَّ الحافظ الذهبي كان إمامًا في علم الحديث، ففهمه مُعتَبر، ومع ذلك من ضِمن الانتقادات عليه أنَّه كان ينقل بالمعنى.

 

• بهذا نكونُ أنهينا الحديث الصحيح لذاته، وننُهِي في هذه المحاضرة -بإذن الله- أقسامَ القَبول، وهي: الصحيح لغيره، والحسن لذاته، والحسن لغيره.

 

• • • •

الحديث الحسن لذاته


• المفروض أنْ نبدأ حسَب ترتيبِ شجرة الحديث بالصحيح لغيره، ولكنَّنا سوف نبدأُ -بإذن الله- بالحسن لذاته، وسنعرفُ لماذا بدأنا بالحسن لذاته.

 

• سوف نبدأ -بإذن الله- بالحسن لذاته لأنَّنا عندَ تعريفنا للحديث الصحيح لغيره سوف نقولُ: هو الحديث الحسن لذاته إذا تعدَّدت طرقُه؛ وعليه فلا بُدَّ من دِراسة الحديث الحسن لذاته أولاً.

 

• للحسن لذاته تعاريف كثيرةٌ؛ كتعريف الترمذي، والخطابي، وابن الجوزي، والتعريف الراجع للحسَن لذاته هو تعريف الحافظ ابن حجر.

 

• الفرق بين الحسن لذاته والصحيح لذاته خفَّة الضبط، حيث إنَّ الضبط في الصحيح لذاته لا بُدَّ وأنْ يكون ضبط الراوي (ضبطًا تامًّا)، أمَّا في الحسن لذاته فيكون الراوي خفيفَ الضبط.

 

• تعريف الحسن لذاته: هو ما اتَّصل سنَدُه بنقل العدل (خفيف الضبط)، وألا يكون الحديث شاذًّا ولا معلاًّ.

 

• سؤال لأحد الإخوة: التعريف السابق هل من الممكن أنْ يكون ما اتَّصل سندُه بنقل العدل خفيف الضبط (عن مثله إلى منتهاه) من غير شُذوذٍ ولا علة قادحة؟

 

• الإجابة: نعم؛ من الممكن أنْ يكون ما اتَّصل سنده بنقل العدل خفيف الضبط (عن مثله إلى منتهاه) من غير شذوذٍ ولا علة قادحة.

 

مع الأخْذ في الاعتبار أنَّ كلمة "عن مثله إلى منتهاه" توهمُ إشكالاً؛ حيث إنَّه قد يُفهَم منها أنَّ من شروط الحسن لذاته أنْ يرويَه خفيفُ الضبط عن خفيفِ الضبط، عن خفيفِ الضبط، عن خفيفِ الضبط، فهذا فهمٌ خاطئٌ، فيكفيني في طبقةٍ واحدةٍ أنْ يكون راوٍ واحد خفيفَ الضبط، ونرجع للقاعدة أنَّ الطبقة الدنيا قاضيةٌ على العُليا، وبها يُسمَّى الحديث ويُحكَم على الحديث بها، فيَكفِيني واحد فقط خفيف الضبط في أيِّ طبقةٍ، وباقي الطبقات يكونُ الضبط تامًّا، فيكون الحديث حسنًا لذاته؛ لذلك الأفضل ألا نكتبها (عن مثله إلى منتهاه)، ولا نقولها؛ لكي لا تشتبه، ولكن إذا قُلتها فلا بُدَّ أنْ أكون فاهمًا لهذا الكلام.

 

شروط الحديث الحسن لذاته خمسة وهي:

1- أن يكون الحديث متَّصل السند.

 

2- أن يكون الراوي عدلاً.

 

3- أن يكون الراوي (خفيف الضبط).

 

4- ألا يكون الحديث شاذًّا.

 

5- ألا يكون الحديث معلاًّ.

 

مثال الحديث الحسن لذاته: روى الترمذي عن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما- أنَّ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- "نهى عن تناشُد الأشعار في المسجد، وعن البيعِ والشراء فيه، وأنْ يتحلَّق الناس يوم الجمعة قبل الصلاة"، قال الترمذي: حديث حسن، فللترمذيِّ اصطلاحٌ خاصٌّ في الحسن.

 

• • • •

الحديث الصحيح لغيره


تعريف الصحيح لغيره: هو الحديث الحسن لذاته إذا تعدَّدت طرقُه.

 

أي: "حديثٌ له سند يَروِيه عدلٌ ضابط عن عدلٍ ضابط، عن عدلٍ ضابط، عن عدلٍ ضابط، عن عدل (خفيف الضبط)، فهو حديثٌ حسن لذاته؛ لوجود راوٍ خفيف الضبط في طبقةٍ واحدة، وكذلك (له سندٌ آخر) لنفس الحديث يرويه عدل (خفيف الضابط) عن عدلٍ ضابط، عن عدلٍ ضابط، عن عدلٍ ضابط، عن عدلٍ ضابط، فهو حديثٌ حسن لذاته أيضًا؛ لوجود راوٍ خفيف الضبط في طبقةٍ واحدة، فيُصبح عندنا طريقان لحديثٍ واحد، وكلُّ طريقٍ حسنٌ لذاته؛ فيرتفع الحديث، ويُصبح حديثًا صحيحًا لغيره، كأنهما اعتضدا ببعضِهما، فإذًا نفس المتن لهذا الحديث أتى بسندين، كلُّ الطبقات في السندين أئمَّةٌ حُفَّاظ ثقات؛ أي: نفس شُروط الحديث الصحيح لذاته ما عدا طبقة واحدة فيهما خفيف الضبط، فأصبح عندي سندٌ حسنٌ لذاته وسند آخَر حسنٌ لذاته لحديثٍ واحد؛ فيرتفع مباشرةً للحديث الصحيح لغيره.

 

 

تعريف آخَر للصحيح لغيره: هو ما اتَّصل سنده بنقل العدل الذي خفَّ ضبطُه، ولا يكون الحديث شاذًّا ولا مُعللاً، إذا تُوبِعَ (إذا تعدَّدت طرقُه).

 

نلاحظ أنَّ هذا التعريف يُساوي التعريف السابق، لماذا؟

لأنَّ هذا التعريف بدايةً من: "هو ما اتَّصل سنده بنقل العدل الذي خَفَّ ضبطه، ولا يكون الحديث شاذًّا ولا معلَّلاً" = الحديث الحسن لذاته؛ وعليه: لو وضَعْنا جملة "الحديث الحسن لذاته" بدلاً من: "هو ما اتَّصل سنده بنقل العدل الذي خفَّ ضبطُه، ولا يكون الحديث شاذًّا ولا معللاً"، يصبحُ تعريف الصحيح لغيره: هو الحديث الحسن لذاته إذا تعدَّدت طرقُه، وهو نفس التعريف الأوَّل.

 

لذلك نُنبِّهُ دائمًا أنَّ في علم مصطلح الحديث وجميع العلوم الشرعيَّة وجميع علوم أهل السُّنَّة والجماعة ليس فيها تعقيداتٌ، ما دامت المعلومة وصَلتْ إليك صحيحةً كما يريدُها الله ورسوله فهو الصوابُ، ولا يشترطُ التقعُّر والمصطلحات الصَّعبة، وليس معنى هذا أنَّنا لا نأخُذ باللغة العربيَّة، لا؛ فاللغة العربيَّة الفُصحى هي الأساس.

 

مثال الحديث الصحيح لغيره: عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن بن عوف، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّه قال: ((لولا أنْ أشقَّ على أمَّتي لأمرتُهم بالسواكِ عند كلِّ صلاةٍ)).

 

• محمد بن عمرو بن علقمة، هذا الراوي قال عنه العلماءُ: صالح الحديث ليس بأحفَظِ الناس؛ أي: إنَّ حاله وسطٌ من حيث الحفظ؛ أي: حديثه حسن لذاته.

 

قال الترمذي: "وإنما صحَّ الحديث لمجيئِه من طريقٍ آخر"، وكلمة "صحَّ" هنا؛ أي: الحديث صحيحٌ لغيره.

 

سؤال: لو أنَّ راويًا خفيف الضبط والرُّواة عنه كلُّهم ثقات، هل يرتقي الحديث إلى الصحيح لغيره؟

الإجابة: لا يرتقي إلا في حالاتٍ نادرةٍ جدًّا؛ مثل: أنْ يرويَ عنه يحيى بن سعيد القطَّان مع عبدالرحمن بن مهدي مع مالكٍ، فمثلاً هؤلاء لا يُحدِّثون إلا عن الثقاتِ، فلو اجتمَعُوا فعندها تقول: إنَّ هذا الحديث صحيحٌ لذاته، وهذا في حالاتٍ نادرة، وهؤلاء الثلاثة طبقةٌ واحدة؛ لأنَّ مالكًا تُوفِّي عام 179، ويحيى بن سعيد 198، وعبدالرحمن بن مهدي 198، وكانوا أصدقاء، وسبحان الله، تُوفُّوا في نفس السَّنة!

 

• • • •

 

سؤال: في الحديث الصحيح لغيره هل معنى تعدُّد الطرق أنْ يكون كلُّ طريق حسنًا لذاته، أو أن يكون فيهم طريق صحيح؟

الإجابة: لا بُدَّ أنْ يكون كلُّ طريق حسنًا لذاته، أمَّا إنْ وُجِدَ طريقٌ صحيح مع طريقٍ حسن لذاته ففي هذه الحالة نحكُم على الحديث بالصحَّة؛ لوجود طريقٍ صحيح، وتبقى موافقة الحسن لذاته للصحيح زيادة في الصحَّة.

 

سؤال: في الحديث الحسن لذاته لو أنَّ الرجل في السند الأوَّل اسمه فلان مثلاً، وكان خفيفَ الضبط، ثم الطريق الثاني الذي تبحث عنه وجدت فيه نفس الرجل، فهل يرتقي الحديث إلى الصحيح لغيره؟

الإجابة: لا يرتقي إلى الصحيح لغيره؛ لأنَّ وجود نفس الرجل في طريقين (إسنادين) يرجعُ الأمر إلى طريق واحد؛ لأنَّ نفس الراوي في الطريقين واحد؛ وعليه: يكون الحديث حسن لذاته.

 

• • • •

الحديث الضعيف: هو ما فقَدَ شرطًا من شروط الصحَّة.

 

• وقد ينتقدُ أحدٌ هذا التعريفَ ويقول: لقد فَقَدَ الحسن لذاته شرطًا من شروط الصحَّة ولم يتحوَّل إلى حديثٍ ضعيف، ولكن أصبح حديثًا حسنًا لذاته.

 

التعريف الصواب للحديث الضعيف: هو ما فقَدَ شرطًا من (شروط القبول)؛ (وذلك حتى يدخُل معنا الصحيح والحسن).

ينقسم الحديث الضعيف إلى قسمين:

 

هذه التقسيمة مهمة؛ لأنَّنا عندما سنتحدثُ عن الحسن لغيره ونقول: هو الحديث الضعيف إذا تعدَّدت طرقُه، فنقصد الضعيف ضعفًا منجبرًا، ومن هنا تعلمُ لماذا قدَّمنا الكلام على الضعيف قبل الحسن لغيره.

 

• • • •

 

الحديث الحسن لغيره: هو الحديث الضعيف ضعفًا منجبرًا إذا تعدَّدت طرقُه.

 

تعريف آخَر: هو الحديث الذي في سنَدِه راوٍ ضعيف؛ نتيجةً لسوء الحِفظ أو تدليسٍ أو جهالةٍ، أو كان الحديث مرسلاً أو منقطعًا ثم تُوبِعَ، أو جاء من طريقٍ آخَر أو تعدَّدت طرقُه.

 

نلاحظُ أنَّ هذا التعريف يُساوي التعريف السابق، لماذا؟

لأنَّ هذا التعريف بداية من: هو الحديث الذي في سنَدِه راوٍ ضعيف؛ نتيجةً لسوء الحِفظ أو تدليسٍ أو جهالةٍ، أو كان الحديث مرسلاً أو منقطعًا = الحديث الضعيف ضعفًا منجبرًا؛ لأنَّ الحديث الضعيف ضعفًا منجبرًا هو الحديث الذي في سنده راوٍ ضعيف نتيجةً لسوء الحفظ أو تدليس أو جهالة، أو كان الحديث مرسلاً أو منقطعًا؛ وعليه: لو وضعنا جملة: "الحديث الضعيف ضعفًا منجبرًا" بدلاً من: "هو الحديث الذي في سنده راوٍ ضعيف نتيجة لسوء الحفظ أو تدليس أو جهالة، أو كان الحديث مرسلاً أو منقطعًا"، يصبحُ تعريف الحسن لغيره: هو الحديث الضعيف ضعفًا منجبرًا إذا تعدَّدت طرقه، وهو نفس التعريف الأول.

 

مثالٌ للحديث الحسن لغيره: حديثٌ رواه قتادة عن عبدالله بن بريدةَ عن أبيه بريدةَ عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: (المؤمنُ يموتُ بعرقِ الجبين)، العلماء قالوا: لا نعلم لقتادة سماعًا من عبدالله بن بُريدةَ؛ فالحديث يكون منقطعًا؛ إذًا فالحديث ضعيف، ولقد حسَّنَه الترمذي رغم انقِطاعه لمجيئه من طريقٍ آخَر.

 

• • • •

الحسن عند الترمذي


قال الترمذي: "وما ذكرنا في هذا الكتاب: حديث حسن، فإنما أرَدْنا به حُسنَ إسنادِه عندنا، (كل حديث يُروَى لا يكونُ في إسناده مُتَّهَمٌ بالكذب، ولا يكون الحديث شاذًّا، ويُروَى من غير وجهٍ كذلك فهو عندنا حديث حسن)"، وقال: عندنا؛ أي: لعلَّ له اصطلاحًا خاصًّا به.

 

فتبيَّن لنا من كلام الإمام الترمذي -عليه رحمة الله- الشرائط الواجب توفُّرها في الرواية حتى تكون حسنةً بالمجموع؛ أي: حسنة إذا انضمَّ غيرها ممَّا هو مثلها أو أقوى منها إليها، فيتشكَّل الحديث الحسن من مجموع هذه الروايات:

 

فأوَّل هذه الشرائط: أنْ يكون الحديث سالمًا من أنْ يكونَ من رواية أحد المتَّهَمين بالكذب، بل لا بُدَّ أنْ يكون الراوي إمَّا من أهل الثقة أو الصدق، وأمَّا إنْ كان ضعيفًا فلا يبلُغ به الضعف إلى حدِّ أنْ يكون متَّهمًا بالكذب أو متروكَ الحديث أو ضعيفًا جدًّا، فإنْ كان كذلك فإنَّ حديثه لا ينفعُ في هذا الباب مهما انضمَّ إليه من رواياتٍ، فإنَّ الضعيف جدًّا والمتَّهم بالكذب والمتروك أحاديثهم في غاية السُّقوط، لا تنفعُ في باب الاعتبار ولا في باب الشَّواهد والمتابعات، ولا ترتقي إلى مرتبة الحسن لغيره مهما انضمَّ إليها من رواياتٍ، فهذا أوَّل شرط.

 

الشرط الثاني: متعلِّق بالرواية نفسها؛ وهو أنْ تكون هذه الرواية سالمةً من الشُّذوذ، ومعنى كونها سالمةً من الشذوذ؛ أي: تكونُ سالمة من مخالفة الأحاديث الصحيحة الثابتة التي قد فرغ منى صحَّتها وثبوتها، فهذا النوع من الأحاديث -أعنى: الأحاديث الشاذَّة- لا تنفعُ في هذا الباب أيضًا، فإذا ثَبَتَ شُذوذ الحديث -أو نكارته من باب أَوْلَى- لم يصلح لأنْ يُحسَّن، مهما انضَمَّ إليه من رواياتٍ؛ وعليه: فالشاذ والمنكر لا يصلحان في باب الاعتبار، ولا يصلح أنْ تتقوَّى بهما الرواية، ولا تنفعها الرواياتُ المتعدِّدة مهما تعدَّدت ومهما كثُرت.

 

وهذا المعنى الذي أشَرْنا إليه والذي دلَّ عليه كلام الإمام الترمذي -عليه رحمة الله- قد توارد عليه العلماء واتَّفقوا عليه من غير نكيرٍ بينهم، فها هو الإمام ابن الصَّلاح -عليه رحمة الله- يقول في "مقدمة علوم الحديث" له: "ليس كلُّ ضعيفٍ في الحديث يزولُ بمجيئِه من وُجوهٍ، بل ذلك يتفاوَتُ؛ فمنه ضعفٌ يزيلُه ذلك، ومن ذلك ضعفٌ لا يزولُ بنحو ذلك؛ لقوَّة الضعف، ولتقاعد هذه الجابر عن جيرِه ومقاومته؛ وذلك كالضعف الذي ينشأُ من كون الراوي مُتَّهمًا بالكذب، أو كون الحديث شاذًّا".

 

فانظُر إلى قول الإمام ابن الصلاح، كيف جعَل الحديث الشاذَّ كالحديث الذي اشتمَلَ على راوٍ متَّهم بالكذب!

 

وإنما لم يعتدَّ أهلُ العلم بالروايات الشاذَّة والمنكرة ولم يلتَفِتوا إلى طرقها وإن تعدَّدت لأنَّ شُذوذ الرواية ونكارتها إسنادًا أو متنًا يُحقِّق كون راويها قد أخطأ فيها، وحينئذٍ يَقوَى جانب الردِّ على جانب القبول؛ لأنَّه -والحالة هذه- لا يكونُ لهذه الرواية وجودٌ في الواقع إلا في ذهن ومخيلة ذلك الراوي الذي أخطأ فيها، فكيف يُتصوَّر أو يُعقل أنْ تتقوَّى روايةٌ بروايةٍ لا وجودَ لها في الواقع، بل وجودها وعدمها سواء؟!

 

وقد أشار إلى ذلك الشيخ الألباني -رحمة الله تعالى- في بعض ما كتَب؛ حيث ذكَر في كتاب "صلاة التراويح" حديثًا يرويه بعضُ مَن هو صدوقٌ في الأصل، إلا أنَّ روايته شاذَّة خالَفَ فيها غيرَه ممَّن هو أَوْلَى منه بالقبول والحِفظ فقال الشيخ الألباني -عليه رحمة الله- مُوضِّحًا أنَّ هذه الرواية الشاذَّة رواية في غاية الضعف والوهاء، وأنها لا تصلح لا في الاحتجاج ولا في الاعتبار، قال: "من الواضح أنَّ سبب ردِّ العلماء للشاذِّ إنما هو ظُهور خطئها بسبب المخالفة المذكورة، وما ثبت خطَؤُه فلا يُعقَل أنْ تَقوَى به روايةٌ أخرى في معناها؛ فثبت أنَّ الشاذ والمنكر ممَّا لا يُعتَدُّ به ولا يُستَشهد به، بل إنَّ وجودَه وعدمه سواء، وقال حاكيًا عن أهل العلم: "من المقرَّر في علم مصطلح الحديث أنَّ الشاذَّ والمنكر مردودٌ؛ لأنَّه خطأ، والخطأ لا يُتقوَّى به.

 

هذا، وإنما يصلحُ في هذه الباب فقط الضعف الذي يكون هينًا، أمَّا الضعف الشديد؛ كالشذوذ والنكارة والتهمة بالكذب، فهذا لا يصلحُ في هذا الباب بحالٍ من الأحوال.

 

ولله درُّ الإمام أحمد بن حنبل -عليه رحمة الله- لَمَّا سُئِلَ عن مثل هذه الأحاديث قال كلمته المشهورة: "الحديث عن الضعفاء قد يُحتاجُ إليه، والمُنكَر أبدًا مُنكَرٌ".

 

فقد بيَّن الإمام -عليه رحمة الله- أنَّ هناك فرقًا بين الضعف الذي يكونُ سببه ضعف حِفظ الراوي، والضعف الذي يكونُ سببه شذوذَ الرواية أو نكارتها، فبيَّن أنَّ النوع الأوَّل من الضعف يصلحُ في هذا الباب، وأنَّه يحتاج إليه في وقتٍ؛ أي: في باب الاعتبار، وبيَّن أيضًا أنَّ النوع الثاني من الروايات المنكرة؛ وهى التي يترجَّحُ عند أهل العلم نكارتها وخطأ الراوي فيها، لا تنفع أبدًا، وأنَّ وجودَها كعدَمِها، ولو كانت هذه الرواية من راوٍ يصلحُ حديثه للاحتجاج والاعتبار في الأصل، ولكن لَمَّا ترجَّح خطَؤُه في هذه الرواية بعينها كانت هذه الرواية ساقطةً عن حدِّ الاعتبار، لا اعتدادَ بها، ولا انشغالَ بها.

 

وهذا الشذوذ -أو النكارة- الذي يعتَرِي مثلَ هذه الروايات تارةً يكونُ في الإسناد، وتارةً يكونُ في المتن، فأمَّا ما كان منه في المتن فلا شكَّ أن يكون قد فرغ منه وسقط كليَّة؛ لأنَّ الأسانيد ما هي إلا وسيلةٌ لاعتبار المتون، والبحث عن صحيحها وسقيمها، فإذا كانت المتون نفسها في غاية النكارة أو في غاية الشُّذوذ وقد حكم الأئمَّة بشذوذها أو بنكارتها، وأنها غير صالحة بحال، فإنَّه -والحالة هذه- تكونُ قد فُرِغَ منها وأُسقِطت إلى غير رجعةٍ.

 

وهذا الرأي قصَدَه الإمام الترمذيُّ -عليه رحمة الله- حيث ذكَر أنَّ الحديث الشاذ لا يصلحُ في باب الاعتبار، إنما قصَد -بالدرجة الأولى- الشذوذ الذي يعتَرِي المتون؛ وهذا لكونها مخالفةً للأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-.

 

لكن هناك نوعٌ آخَر من أنواع الشُّذوذ والنكارة؛ وهو الذي يعتَرِي الأسانيد دُون المتون، وهذه مهمٌّ جدًّا؛ فإنَّ الراوي لا يخطئ في المتن فحسْب، بل يخطئُ في المتن ويخطئُ أيضًا في الإسناد، بل إنَّ أخطاء الأسانيد أكثرُ من أخطاء المتون؛ لأنَّ الأسانيد متشابهةٌ ومتداخلةٌ، بخِلاف المتون.

 

ولهذا تجدُ أخطاء الرُّواة في الأسانيد أكثر منها في المتون، والأسانيد هي عَصَبُ هذا العلم، وعلى أساسها يُعرَف الصحيحُ من الضعيف من المتون، فإذا عمد الباحث إلى أسانيد شاذَّة أو أسانيد مُنكَرة ثم أخَذ بضمِّ بعضها إلى بعض، ظنًّا منه أنها بذلك تتقوَّى وتدلُّ على صحَّة المتن أو على حُسنه، فيكون بذلك قد وقَع الخطأ والتناقُض؛ لأنَّ المنكر خطأ مُتحقِّق، والشاذ كذلك، فكيف نُقوِّي خطأً بخطأٍ؟ كيف نُقوِّي خطأً تحقَّقنا من كونه خطأً بخطأٍ تحقَّقنا من كونه خطأً؟

 

إنما الذي يصلحُ في هذا الباب تلك الروايات التي يحتملُ أنْ تكون صوابًا ويحتمل أيضًا أنْ تكون خطأً، فالإسناد الذي اشتَمَلَ على راوٍ ضعيفٍ هذا الراوي الضعيف ليس من شأنه أنْ يُخطئ في كلِّ أحاديثه، بل تارةً يصيبُ وتارةً يخطئُ، هذا الإسناد الذي فيه إرسالٌ فالإرسال لا يستلزمُ الضعف دائمًا، بل من المُرسَل ما هو صحيحٌ ومن المُرسَلِ ما هو غيرُ صحيح.

 

فإذا نظرنا لمثلِ هذا الضعف الهيِّن في الرواية ينبغي علينا أنْ نُعامِلَه بما يستحقُّ؛ فلا نترُك الرواية كليَّةً، كما أنَّنا لا نحتجُّ بها على سبيل الإطلاق، بل ننظُر هل لهذه الرواية من شواهد؟ هل لهذه الرواية من مُتابعات تعضدها وتُؤكِّد حفظَ الراوي لها، أو تؤكِّد أنَّ مخرجها عن ثقةٍ؟ فحينئذٍ تكون الرواية صالحةً للاحتِجاج بانضِمام الروايات الأخرى إليها.

 

إنَّ هذا الانضِمام يُقوِّي جانبَ القبول لها على جانب الردِّ، ويُرجِّح أحدَ الاحتمالين في المسألة؛ لأنَّ الرواية حيث رَواها ضعيفُ الحفظ كان يحتمل أنْ يكون أصابَ فيها، ويحتمل أنْ يكون أخطأ، فبالشواهد والمتابعات يترجَّح لدَيْنا أنَّه أصابَ، كذلك الرواية المُرسَلة يحتملُ أنْ يكون مخرجها عن ثقةٍ، ويحتمل أنْ يكون مخرجها عن غيرِ ثقةٍ، فبالشواهد والمتابعات يترجَّح لدينا أنَّ مخرجها عن ثقةٍ وليس عن ضعفٍ.

 

وينبغي أنْ يعلم أنَّ رجحانَ الخطأ في الرواية بما يوجبُ الحكم عليها بالشذوذ أو النكارة ليس دائمًا مرتبطًا بحالِ الراوي؛ فقد يكونُ الراوي ضعيفًا لكنَّ روايتَه تلك صالحةً للاعتبار؛ لكونه لم يترجَّح خطَؤُه فيها بما يوجبُ الحكمَ عليها بالشذوذ أو النكارة.

 

بل قد روَى الراوي الواحد حديثين فيُعتَبر بأحدِهما ولا يُعتَبر بالآخَر، وقد يكونُ الحديثان بإسنادٍ واحدٍ؛ وذلك أنَّه ترجَّحَ في أحدِهما كونُه خطأً فلم يُعتَبر به، ولم يترجَّح ذلك في الآخَر فاعتُبِر به.

 

فكما ترَوْنَ الأمرَ، الأمرُ ليس راجعًا إلى حال الراوي فحسْب، بل هو أيضًا راجعٌ إلى اعتبار الرواية والنظر فيها، وهل الضعف الذي اعتَراها من الضعف المحتمل، أو هو من الضعف الشديد المنكَر الذي لا يحتملُ.

 

ولا بأسَ بذِكر مثالٍ يُوضِّح كيف أنَّ الرواية المنكرة لا تصلحُ للتقوية، وإن كان الراوي نفسه الذي رواها صالحًا للاعتبار: حديث يَروِيه عبدالله بن بُدَيل -وهذا رجلٌ ضعيف- عن عمرو بن دينار، عن عبدالله عمر، أنَّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- نذَر أن يعتَكِفَ في الجاهليَّةِ ليلةً أو يومًا عند الكعبة، فسأل النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- فقال: (اعتَكِفْ وصُمْ).

 

هذا الحديث صحيحٌ عن الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- من غير ذِكر لفظ الصوم فيه والأمر به، ولكنْ هكذا روَى الحديث عبدالله بن بديل بذِكر الصوم فيه، وهذا ممَّا أنكَرَه العلماءُ على عبدالله بن بُدَيل.

 

فهو أولاً تفرَّدَ به عن عمرو بن دينار، وهذا من التفرُّد عير المحتمل؛ لأنَّ عمرو بن دينار من المكثرين حديثًا وأصحابًا، فأين كان أصحابُه عن هذا الحديث حتى لا يَروِيه عنه إلا رجلٌ ضعيفٌ.

 

ثم إنَّه لم يتفرَّدْ فحسب، بل خالَفَ أيضًا فزادَ في المتن زيادةً أنكَرَها العلماء عليه، وممَّن أنكَرَ هذه الزيادةَ في هذا الحديث الإمامُ ابن عَدِيٍّ، والإمام الدارقطني، والإمام أبو بكر النيسابوري، والإمام البيهقي أيضًا.

 

فجاء بعضُ إخواننا من المشتغِلين بالحديث فحكَم على هذه الرواية بمقتضى حالِ راويها فحسب، فاغترَّ بظاهر الإسناد وذهب إلى أنها روايةٌ صالحةٌ للاعتِبار، على أساس أنَّ عبدالله بن بُدَيل ليس متَّهمًا بكذبٍ أو فسقٍ؛ يعني: ليس ضعفُه شديدًا، وغفل هذا الفاضل عن أنَّ روايته تلك منكرة، وأنَّ الأئمَّة أنكروها عليه، بصرفِ النظَر عن حال راويها، وكما سبق: المنكر أبدًا منكرٌ.

 

ثم إنَّه جاء لها بروايةٍ أخرى، وقد اعتَبَر هذه الرواية الأخرى شاهدًا للرواية الأولى، وهذه الرواية الأخرى أيضًا منكرة، ذكر الصوم الوارد فيها خطأٌ من راويها، وقد أنكَرَه عليه أهل العلم أيضًا، هذا فضلاً عن كون ذلك الشاهد قاصرًا عن الشهادة كما سيأتي.

 

وهذا الشاهد يَروِيه سعيد بن بشير، عن عبيدالله بن عمر، وسعيد بن بشير هذا ضعيف الحِفظ، وقد تفرَّد به عن عبيدالله بن عمر، وهذا ممَّا يوجبُ التوقُّف في تفرُّده؛ لأنَّ عبيدالله بن عمر -رحمه الله- أيضًا من المكثرين حديثًا وأصحابًا، فأين كان أصحابه الثقات من هذا الحديث؟ فضلاً عن أنَّ أصحاب عبيدالله بن عمر قد روَوُا الحديث نفسَه ولم يَذكُروا فيه الصوم، فتكون رواية سعيد بن بشير هذه من قَبِيل الأحاديث المناكير.

 

سعيد بن بشير يَروِيه عن عبيدالله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنَّ عمر نذَر أنْ يعتكفَ في الشرك ويصومَ، فسأل النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- بعدَ إسلامِه فقال: (أوفِ بنذرِك)، فذكر الصوم أيضًا في حديثه؛ ومن ثَمَّ أنكر عليه الأئمَّة أيضًا هذا الحديث.

 

فأنت ترى أخي الكريم أنَّ الحديث بطريقَيْه منكر، ذِكرُ الصوم في كلِّ طريق على حِدَةٍ منكرٌ؛ إمَّا لتفرُّد الضعيف به عن إمامٍ حافظ مُكثِر له أصحاب حُفَّاظ، وهذا ممَّا لا يحتملُ، وإمَّا مع ذلك قد خالَف فروَى الحديث على خِلاف ما يَروِيه أصحاب ذلك الإمام الحافظ، فإذًا كلُّ طريقٍ على حِدَةٍ منكرٌ ذِكرُ الصوم فيه.

 

فمَن يعمدُ لتقوية المنكر الأوَّل بالمنكرِ الثاني يكونُ قد وقَع في تخبُّط وتناقُض واضح؛ لأنَّ المنكر لا يُقوِّي المنكر، بل لا يُقوِّي حتى الصحيح فكيف يُقوِّي المنكر مثلَه؟

 

ثم إنَّ رواية "سعيد" هذه لو كانت صحيحة لما صلحت لتقوية رواية عبدالله بن بُديل، فرواية عبدالله بن بديل فيها اشتراطُ الصوم للمعتكِف؛ لأنَّ الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- كما هو في الرواية - لَمَّا سأله عمرُ عن نذرِه الذي نذَرَه في الجاهليَّة هل يُوفي به؟ فقال له: (اعتَكِفْ وصُمْ)، فقد أمَرَه هاهنا بالصوم، بينما رواية سعيد بن بشير ليس فيها ما يدلُّ على اشتِراط الصوم للمعتكف، ففيها "أنَّ عمر نذَر أنْ يعتَكِفَ في الشِّرك ويصوم"، فهكذا هو عقَدَ نذرَه على الأمرين وليس على أمرٍ واحد، عقَدَ نذرَه على أنْ يعتكف وعلى أنْ يصوم، "فأمره النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنْ يوفي بنذره"؛ أي: على الصِّفة التي كان قد عقَدَ نذرَه عليها، وهذا بطبيعة الحال لا يدلُّ على اشتراط الصوم للمعتكف، وإنما أمَرَه الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- فقط بأنْ يُوفِيَ بنذره الذي نذَرَه، وقد نذَرَ - كما في رواية سعيد - أنْ يعتكف وأنْ يصوم، بينما في رواية عبدالله بن بُديل نذَر أنْ يعتكف فقط، فإذا برسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يأمره بأنْ يعتكف وفاءً بنذره، وأيضًا أنْ يضمَّ إلى ذلك الصومَ، فهذا يدلُّ على اشتراط الصوم للمعتكف، بينما رواية سعيد بن بشير لا تدلُّ على ذلك؛ وعليه: فلا تصلحُ رواية سعيد لتقوية رواية عبدالله بن بديل؛ لأنها قاصرةٌ عن المعنى الذي دلَّت عليه روايةُ ابن بُديل.

 

وهذا أمرٌ مهم جدًّا؛ فإنَّ الروايات التي يُقوِّي بعضها بعضا حتى وإنْ كانت صالحةً للتقوية لا بُدَّ أنْ يكون المعنى الذي يُراد تقويته في الروايتين قد اشتركت الراويتان جميعًا فيه، لا أنْ يكون هذا المعنى موجودًا في إحدى الروايتين دون الأخرى، فإنَّ الرواية الأخرى التي لم تشتمل ولم تتضمَّن هذا المعنى لا تصلح لتقوية الرواية التي تتضمَّنه، بل لا بُدَّ من اشتراك الروايتين في هذا المعنى واتِّفاق الروايتين على تضمُّن هذا المعنى، والله أعلم.

 

الشرط الثالث: للحديث الحسن لغيره عند الإمام الترمذي أشارَ إليه بقوله: "وأنْ يُروَى من غير وجهٍ نحو ذلك".

 

يعني: أنَّ هذا الحديث الذي سَلِمَ إسناده من راوٍ متَّهم بالكذب، والذي سَلِمَ أيضًا من أنْ يكون حديثًا شاذًّا، فهذا الحديث الذي سَلِمَ من الشُّذوذ وسَلِمَ من راوٍ متَّهم بالكذب يصلح لأنْ يتقوَّى بغيره، لكن ما صفة هذه المقوِّيات أو العواضد التي إذا ما انضمَّت إليه شكَّلت الحجَّة، وكان الحديث من القسم الحسن؟

 

إن هذا يتضمَّنه قوله: أنْ يُروى نحوُه من غير وجهٍ، فقوله: "نحوه"؛ أي: في القوِّة والمعنى؛ يعني: أنْ تجيءَ روايةٌ تكونُ مثلَ الرواية الأولى من حيث القوَّة، وأيضًا من حيث المعنى؛ بمعنى: أنْ تكونَ مُتضمِّنةً نفس المعنى الذي تضمَّنته الرواية الأولى؛ فيكون هذا المعنى اشتَركتْ فيه الروايات معًا.



[1] فكما أنَّ القواعدَ النظريَّة لهذا العِلم تُؤخَذ من أهله المتخصِّصين فيه، فكذلك ينبغي أنْ يُؤخَذ الجانب العملي منهم، لا أنْ تؤخذ منهم فقط القواعد النظريَّة، ثم يتمُّ إعمالها عمليًّا من غير معرفةٍ بطَرائِقهم في إعمالها وتطبيقها وتنزيلها على الأحاديث والرِّوايات.

فإنَّ أهل مكَّة أعلمُ بشعابها، وأهلَ الدار أدرى بما فيه، وإنَّ أفضل مَنْ يُطبِّقُ القاعدةَ مَن وضعها وحرَّرَها، ونظَم شرائطها، وحدَّد حدودها.

فكان من اللازم الرُّجوع إلى كتب علل الحديث المتخصِّصة، والبحث عن أقوال أهلِ العلم على الأحاديث؛ لمعرفة كيفيَّة تطبيقِهم هم لتلك القواعد النظريَّة، التي يقومُ عليها هذا الباب، ومعرفة كيفيَّة تنزيلها على الرِّوايات والأسانيد.

وليس هذا جُنوحًا إلى تقليدِهم، ولا دعوةً إلى تقديس أقوالهم، ولا غلقًا لباب الاجتهاد، ولا قتلاً للقُدرات والملكات، بل هي دعوةٌ إلى أخْذ العلم من أهله، ومعرفته من أربابه، ودخوله في بابه وتحمله على وجهه.

فمَن يظنُّ أنَّه بإمكانه اكتساب ملَكَةِ النقد، وقوَّة الفهم، وشفوف النظر، بعيدًا عنهم، وبمعزلٍ عن علمهم، وبمنأًى عن فهمهم - فهو ظالِمٌ لنفسه، لم يبذل لها النُّصح، ولم يبغِ لها الصلاحَ والتوفيق، ولا أنزَلَ القومَ منازلهم، ولا قَدَرَهم أقَْدارهم.

فهم أهل الفهم، وأصحاب الملكات، وذوو النظَر الثاقب، فمَن ابتغى من ذلك شيئًا فها هو عندهم، وهم أربابه، فليأْخُذه منهم، وليأخذ بحظٍّ وافر.

فمَن تضلَّع في علمهم، واستزادَ من خيرهم، وتشربهم من فِقههم، واهتدى بهديِهم، واسترشَدَ بإرشادهم، وسارَ على دربهم، وضرب على مِنوالهم - فهو الناصحُ لنفسه، المُبتغي لها الصلاحَ والتوفيق، وهو من السابقين بالخيرات - بإذن الله تعالى.

ولله دَرُّ الحافظ ابن رجب الحنبلي، حيث أوضح في كلماتٍ قلائل أنَّ سبيل تحصيل المَلَكة إنما هو مُداوَمة النظر في مُطالَعة كلام الأئمَّة العارفين، للتفقُّه بفِقههم، والتفهُّم بفهمِهم.

يقول ابن رجب: "ولا بُدَّ في هذا العلم من طُول الممارسة، وكثرة المذاكرة، فإذا عَدِمَ المذاكرةَ به، فليُكثِر طالبُه المطالعةَ في كلام الأئمَّة العارفين؛ كيحيى القطان، ومَن تلقى عنه كأحمد وابن المديني وغيرهما؛ فمَن رُزِقَ مطالعةَ ذلك وفهمَه، وفَقُهَتْ نفسه فيه، وصارت له فيه قوَّة نفس ومَلَكة - صَلُحَ له أنْ يتكلَّم فيه".

هذا، وإنَّ علامة صحَّة الاجتهاد، وعلامة أهليَّة المجتهد، هو أنْ تكونَ أغلب اجتهاداته وأحكامه وأقواله موافقةً لاجتهادات وأحكام وأقوال أهل العلم المتخصِّصين، والذين إليهم المرجعُ في هذا الباب.

وإنَّ علامة صحَّة القاعدة التي يعتمدُ عليها الباحث في بحثه، هو أنْ تكون أكثر النتائج والأحكام المتمخِّضة عنها على وفق أقوال أهل العلم وأحكامهم.

فكما أنَّ الراوي لا يكون ثقةً مُحتَجًّا به وبحديثه إلا إذا كانت أكثر أحاديثه موافقةً لأحاديث الثقات، المفروغ من ثقتهم، والمُسلَّم بحِفظهم وإتقانهم، فكذلك الباحث لا يكون حكمه على الأحاديث ذا قيمةٍ إلا إذا جاءتْ أكثرُ أحكامه على الأحاديث موافقةً لأحكام أهل العلم عليها.

وبقدرِ مخالفته لأهل العلم في أحكامه على الأحاديث يعلم قدْر الخلل في القاعدة التي اعتمد عليها، أو في تطبيقِه هو للقاعدة، وتنزيلها على الأحاديث.

فمَن وجد من نفسه مخالفةً كثيرةً لأهل العلم في الحكم على الأحاديث فليعلم أنَّ هذا إنما أُتِي من أمرين، قد يجتمعان، وقد يفترقان:

أحدهما: عدم ضبط القاعدة التي بنى عليها حكمَه على وفق ضبط أهل العلم لها.

ثانيهما: ضبط القاعدة نظريًّا فقط، وعدم التفقُّه في كيفيَّة تطبيقها، كما كان أهل العلم من الفقه والفهم والخبرة بالقدر الذي يُؤهِّلهم لمعرفة متى وأين تنزلُ القاعدة، أو لا تنزل.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الجوهر النفيس شرح مصطلح الحديث (1)
  • الجوهر النفيس شرح مصطلح الحديث (2)
  • الجوهر النفيس شرح مصطلح الحديث (3)
  • الجوهر النفيس شرح مصطلح الحديث (4)
  • الجوهر النفيس شرح مصطلح الحديث (5)
  • الجوهر النفيس شرح مصطلح الحديث (7)
  • الجوهر النفيس شرح مصطلح الحديث (8)
  • الجوهر النفيس شرح مصطلح الحديث (9)
  • الجوهر النفيس شرح مصطلح الحديث (10)

مختارات من الشبكة

  • الجوهر النفيس شرح مصطلح الحديث (11)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة عقد الجوهر الثمين في أربعين حديثا من أحاديث سيد المرسلين (النسخة 3)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة عقد الجوهر الثمين في أربعين حديثاً من أحاديث سيد المرسلين (النسخة 2)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة عقد الجوهر الثمين في أربعين حديثا من أحاديث سيد المرسلين(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة عقد الجوهر الثمين في أربعين حديثا من أحاديث سيد المرسلين(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • ديوان الشافعي المسمى الجوهر النفيس في شعر محمد بن إدريس(كتاب ناطق - المكتبة الناطقة)
  • مخطوطة حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون (نسخة ثانية)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الأبهر من (أسلاك الجوهر في نظم مجدد القرن الثالث عشر) تحقيق أحمد غانم الأسدي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الجوهر المنثور: كتاب مختصر في علم البلاغة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
1- التوفيق
دكتور / يعقوب - السودان 20-05-2015 05:14 PM

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجهم الى يوم الدين
وبعد
فإنه من نعم الله على الأمة الإسلامية أن يقيض لها من يذب عن حماها في كل وقت وحين ، ولعل اختلاف الوسائل في هذا الذود عن حمي الإسلام أهم ما نواجه به الخطر الذي يواجه الأمة الإسلامية ويستهدف عقيدتها، فمثل هذه المواقع المباركة مع ما توفره من معلومات قيمة فيما يتعلق بكافة جوانب القرآن الكريم والسنة النبوية له دوره الفعال في نشر الإسلام، وتصحيح المفاهيم المغلوطه حوله، هذا بالإضافة للكتب والمخطوطات القيمة التي تفيد الباحثين والدارسين وغيرهم؛ تعد ثروة أسهمت كثيرا في الحفاظ على تراثنا الإسلامي وتعريف الغرب وتبصيرهم بهذا الدين الحفيف. جزا الله القائمين على أمر هذا الموقع خير الجزاء وسدد بالتوفيق خطاهم، ونحن على أتم الاستعداد للتعاون معهم فيما فيه صلاح الأمة الإسلامية
أخوكم د. يعقوب محمد صالح - مدير مركز الدراسات الإسلامية والدعوية- جامعة الجنينة - السودان وأستاذ الحديث النبوي الشريف

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب